قرود الاوهام الطائرة
وليد عبدالحسين جبر
2024 / 4 / 8 - 18:28
لا أدري هل من باب المصادفة ام حسن الحظ ، تزامن مشاهدتي لحلقة د. هاشم العقابي الاسبوع الماضي التي كانت بعنوان قرود الاحزاب الطائرة مستعينا برواية ليمان فرانك بام " ساحر اوز العجيب " وكيف كانت العجوز الساحرة ترسل قرودها الطائرة لتقتل خصومها نيابة عنها ، و طبّق نتائج هذه الرواية على ما يقوم به كثير من اتباع الاحزاب وانصارها وما يعتبرون انفسهم إعلاميها والمدافعين عنها حينما يتعرض حزبهم يفّضل قادة الحزب الكبار على التغافل ونسيان ما وجّه اليهم او الى حزبهم من نقد ، وينبري صغار الحزبيين الى الهجوم واستخدام كل الفاظ البذاءة والسوء تجاه من انتقد حزبهم ، فأعتبر هؤلاء الاقزام الحزبيين قرود طائرة يُرسلون ولو من تلقاء انفسهم لقتل من انتقد عجوزهم ولو بدون توجيه منها !
وهذه ظاهرة تكاد تلّف كل الاحزاب نجح العقابي في رصدها ودراستها وبيان نتائجها بدقة .
في ذات الوقت وانا استمع لهذا الحديث القيّم ، كتبتُ مقالاً بعنوان المجاهد الذي لم يتحول الى مقاول حكيت فيه قصة رجل بذل اعز سنوات شبابه في سبيل جهة سياسية وتعرض ما تعرض نتيجة ذلك الى ملاحقات ومطاردات ومواجهات ، ثم في نهاية المطاف اقتنع انه يسير نحو سراب لا حد له ، ففضل ترك العمل والانتماء الى هذه الجهة ولم ينخرط شأن كثير من رجالاتها في اعمال المقاولات والمزايدات والاستثمار.
طبعا قرأ مقالي اغلب المجاهدين التجار ! الذين تركوا ماضيهم التعيس وتحولوا جهارا نهارا الى تجار يزايدون التجار الاخرين على فرص الاستثمار التجاري واعمال المقاولات وسائر الاعمال التي يحصلوا عليها بأسم عنوانهم الجهادي !
الا ان هؤلاء المتاجرين بالجهاد لم يردوا على ما كتبت وانما تكّفل بالرد والهجوم قرود اسميتهم في مقالي بقرود الاوهام الطائرة لأن هؤلاء الجهلة الذين لم يفهموا مقالي جيدا ولم يدققوا فيها ولو قرأوه قراءة عميقة لوجدوا فيها دفاع عن حزبهم وجهتهم ودعوة الى تخليصها من الانتهازيين والنفعيين الذين يصعدون على ظهورهم ويأخذون بعنوانهم ما يشبع مصالحهم الخاصة ، غير انهم ولكونهم يتبعون وهم هذه الجهة ولم ينخرطوا في صفوفها قناعة بفكر او هدف وانما هم مجرد قرود مسّيرة ولو بدون شعور منها لمواجهة كل ناقد لمسيرة الجهة التي يرتبطون بها عن جهل ، فما هم الا قرود وهم لا علاقة للحزبية بهم ولا يعرفهم قادة حزبهم اصلا ولا يقيموا لهم وزنا بل انهم تطوعوا للدفاع عن الفاسدين الذين قتلوا ولا زالوا عنوان حزبهم ومرغوه في اوحال التاريخ !
ان الخطر الحقيقي الذي يتعرض له الحزب بكل تأكيد لا يتأتى من خصومه من اتباع الاحزاب الاخرى بل ان الانتقادات او حتى المواجهات الحزبية التي تطال الحزب قد تقّويه و تؤدي بقادته الى تصحيح كثير من مسارات حزبهم ولكن الضرر كل الضرر يصيب الحزب من تجاره الذين بأسم الحزب يعملون لمصالحهم الشخصية و يفعلوا كل شيء في سبيلها ولو كان عنوان وتاريخ الحزب نفسه ! ومن قروده الطائرة التي تهاجم الناس غير المنتمين للحزب وبالتالي تضّيق من توسيع دائرة انصار الحزب و تبّغضه في نفوس غير انصاره مما يصاب الحزب بالانكماش والانغلاق ولا يكون سوى دائرة صغيرة مسجلة بأسم مالكها قائد الحزب لا حياة فيها لفكر او ابداع او تطور سوى مجموعة من القرود والاغنام يقودهم صوت الوهم!