الاعلاء الوهمي للذات العراقية
وليد عبدالحسين جبر
2024 / 3 / 22 - 14:03
يقدم المفكر المصري يوسف زيدان خلال هذه الايام يومياً عبر صفحته في الفيس بوك حديث لايف مباشر عن العبارات والاشارات المحورية التي كررها في كتاباته واحاديثه موضحا لها مجيبا عن تساؤلات المتابعين عنها ، وتناول في الحلقة الثانية من احاديثه موضوعا هاماً جدا كان بعنوان " الاعلاء الوهمي للذات " ناقش فيه الاعلاء الوهمي للذات المصرية الذي بدأ بعد نكسة حزيران ١٩٦٧ واثاره في الاغاني المصرية التي اخذت تؤثر في ثقافة الشاب والشارع المصري ويضرب مثلا عن اغاني المغني المصري المعروف باستسهال الاغنية المصرية " احمد عدوية " حينما يغني اغاني مليئة بإعلاء وهمي للذات " لو الباب يخبط نعرف احنا مين " او المغني " حمو بيكا " حينما يغني " رب الكون ميزنا بميزه .. قبل ما معانا تتكلم فتح وشوف مين يمعلم " ووصل هذا الاعلاء حتى الى اغاني الحب والرومانسية فيضرب لذلك مثل بأغنية اصالة نصري " لو ما ارجعتش ليه بقلبك تاني هنا .. ولو ما احلفتش ان الثانية في بعدي سنة ... ولو ما امنتش ان الجنة في حظني انا ما بقاش انا " الى غير ذلك من الاغاني والمغنين الذين ضرب زيدان بأغانيهم المثل عن ثقافة الاعلاء الوهمي للذات المصرية نتيجة التدهور والذي يؤدي الى زراعة الكراهية ونشرها مما حذر يوسف زيدان من هذا المرض المنتشر في ثقافة الجيل الجديد .
وانا استمع لحديثه تذكرت ان الواقع العراقي شبيه بالواقع المصري في هذا الجانب ، فمراجعة بسيطة لحقبة نظام صدام حسين وما خاضه من حروب ادت الى تدهور الاقتصاد العراقي وبالتالي التعليم وانهيار منظومة المجتمع الاخلاقية وجدنا ان الغناء العراقي انتقل من مرحلة الغناء الجميل الذي يعكس ثقافة بغداد والريف الجنوبي و قبلية المحافظات الغربية الى غناء ملئ بالإعلاء الوهمي للذات ، ولا احتاج الى ذكر نماذج من اغاني حاتم العراقي و قاسم السلطان وحتى مطربين كبار امثال كاظم الساهر و ياس خضر و حسين نعمة و سعدون جابر حينما قدموا اغاني الى شخص الرئيس السابق مليئة بالإعلاء الوهمي او ب" الحماوة " بتعبير العراقيين واذا بممدوحهم اعني صدام حسين الذي كان يهدد اسرائيل و يتحدث عن تحرير فلسطين وعن صموده وشجاعته ووو يختفي في نقرة ويمسك من قبل الجيش الامريكي و يعدم !
الطامة الكبرى ليست هنا ، وانما انتقل هذا الاعلاء الوهمي الى ما يسمى بالأناشيد الدينية التي يقدمها منشدين الى بعض الاحزاب والحركات الاسلامية وفيها ما فيها من اعلاء وهمي وشعارات وصناعة كراهية فيوميا يطالعنا اليوتيوب والتيك توك والفيس بوك بأنشودة جديدة تمحي اسرائيل و تنهي امريكا وتدخل قائد الحزب او الحركة التي يغني لها المنشد التاريخ من اوسع ابوابه ولم نر طيلة العشرين السنة التي ازدهرت فيها هذه الاناشيد بعد زوال اغاني صدام سوى التدهور والتشتت والكراهية بين ابناء المذهب الواحد والدين الواحد والمنطقة الواحدة بل بين ابناء حتى الحزب او الحركة نفسهم !
وكم ملئت اذاننا بأناشيد واغاني تزمجر لتحرير فلسطين وانهاء اسرائيل و لم ترمي حركات وفصائل هذه الاغاني العفو الاناشيد ولا طلقة واحدة في غزة !
الادهى ان هذا المرض النفسي انتقل الى نفوس بسطاء الناس لا فقط القادة فراح مرشحي الانتخابات و شيوخ العشائر والمحامين والمعلمين واي ناشر في الفيس بوك او التيك توك يضع الاغنية او الانشودة المليئة بالوهم على مقطع فيديو له و يتصور نفسه هو المقصود فيها وهو القائد الاوحد و تسمع اثناء نشره الفيديو مع حركات جسمه انه سارج الخيل لفلسطين وصاحب طوفان الاقصى وهذا اليمشي بالابهر وما الى ذلك من اغاني علي الدلفي و احمد الساعدي ومهدي العبودي و عادل الساعدي وووو من منشدين ما بعد ٢٠٠٣ الذين استبدلوا الاغنية او الانشودة من مدح صدام حسين والاعلاء الوهمي لحزب البعث الى مدح قادة الاحزاب الدينية واعلاء وهمي لهم!
تنبه يوسف زيدان في مصر الى هكذا مرض اجتماعي ودعا الى علاجه قبل ان ينهي الاجيال المصرية الشابة لما يخلق فيهم من وهم وكراهية وبعد عن العلم والمعرفة ، متى يتنبه قادة وعلماء العراق الى هذا المرض في العراق فنحافظ على شبابنا لنجعل منهم قادة وعلماء في ميادين المعرفة و ننقذهم من اعلاء وهمي انتهى في زمن حكم البعث الى هروب قائدهم في جحر وقد ينتهي الان الى سيناريو مشابه فيما بعد !