-الضّالَة- السياسية أو تسقيف الحياة السياسية..
حسن أحراث
2024 / 3 / 3 - 20:12
أولاً، ما معنى الضّالَة؟
المقصود ب"الضّالَة" هنا بالدارجة المغربية السقف الاسمنتي (الاسمنت والحديد) للبيوت وبعض الفضاءات..
وتعتبر الضّالَة عموما حاجزا صلبا يصعب اختراقه. وقد تلتقي ومعنى "الضَّلال"، أي السير في الطريق غير السوي والتصدي للسير في الطريق السديد.
ثانياً، من خلال متابعة الحياة السياسية بالمغرب، يمكن الحديث عن "ضَالتين". الضّالَة الأولى من صنع النظام القائم وزبانيته الرجعية، وهو ما يسمى ب"الخطوط الحمراء" التي يتم الضرب بالحديد والنار على أيدي من يتجاوزها. أما الضّالَة الثانية، فمن "ابتكار" القوى السياسية والنقابية والجمعوية، وهمُّها بالدرجة الأولى تكسير المعارك العمالية وإفشال نضالات عموم الشغيلة، وأيضا عزل المناضلين الثوريين ومحاصرتهم. والمقصود القوى التي قد يُصطلح عليها "إصلاحية". وتستدعي التطورات الحاصلة ببلادنا مراجعة "مُسلّمة" القوى الإصلاحية كعدو ثانوي، على الأقل لأنها لم تعُد كذلك، أي قوى إصلاحية بالمفهوم الطبقي.
وهنا تلتقي القوى المسماة إصلاحية والقوى الرجعية (وضمنها القوى الظلامية والشوفينية) والنظام بغاية اعتماد وتوظيف أدوات لعب مرسومة بعناية يلعب في خِضمِّها الإعلام والتكنولوجيا الحديثة والمتطورة أدوارا حاسمة، لتحافظ على مصالحهم الطبقية المشتركة وتسييجها، وحسب درجة القوة والضعف والكر والفر..
باختصار، هناك تواطؤ سياسي من أجل تسقيف الحياة السياسية وتكريس التردي السياسي والاقتصادي والاجتماعي المُستفحل. ونلاحظ ذلك من خلال العديد من المؤشرات، ومن بينها الشعارات الباردة المرفوعة والأشكال البهلوانية المُسمّاة جوراً "أشكالاً نضالية"، بالإضافة إلى تكسير الدينامية النضالية المتفجرة، سواء من طرف العمال أو حتى من طرف البورجوازية الصغيرة. وما يفرض ذلك ضدا على حركية الصراع الطبقي هو احترام شروط اللعبة السياسية، أي الوفاء بمتطلبات "الشرعية القانونية" والاستفادة من منافعها، سواء "الشرعية" الممنوحة أو المرتقب الحصول عليها. فأن تخضع للنظام، لا يمكن أن تتجاهل تعليماته وشروطه أو عدم التنسيق مع مختلف أجهزته.
وأمام "الضّالَتين" الخانقتين، فالمطلوب من المناضلين حقا تكسيرهما. وأي خضوع لهذه "الضَّالة" أو تلك يعتبر خيانة لقضية شعبنا وتنكُّرا فجّاً لتضحيات وبطولات الجماهير الشعبية المضطهدة.
ليس سهلا إنجاز هذه المهمة الثورية في ظل الشروط الذاتية الراهنة، خاصة وتمزُّق الذات المناضلة؛ لكن الأمر ليس مستحيلا، ف"رُبّ شرارة أحرقت سهلا..."..