الماركسية والعلم والصراع الطبقي 1
طلال الربيعي
2024 / 2 / 11 - 10:29
الماركسية والعلم والصراع الطبقي: الأساس العلمي لمفهوم الحزب الطليعي للبروليتاريا
بقلم: بهمن آزاد Bahman Azad, وهو ناشط سلام وعدالة إيراني أمريكي يعيش في الولايات المتحدة. حصل على درجة الماجستير في الاقتصاد والدكتوراه في علم الاجتماع من الجامعات الأمريكية. خدم في القوات الجوية الإيرانية برتبة ملازم ثاني بين عامي 1971 و1973. وهو مدير سابق بالإنابة لمركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة روتجرز. وهو حاليًا أستاذ الاقتصاد وعلم الاجتماع في كلية بيركلي في نيوجيرسي.
ترجمة: طلال الربيعي
----------
كان الطابع العلمي لمفهوم ماركس وإنجلز المادي للتاريخ مبنيا على فرضيتهما القائلة بوجود توافق جدلي (ديالكتيكي) بين العمليات المادية للطبيعة وعملية التطور التاريخي للمجتمع البشري. وبعبارة أخرى، فإن الأساس المعرفي للمادية التاريخية - أي ادعائها بالطابع العلمي لمفاهيمها - يقوم على الحجة القائلة بأن كلا من الطبيعة والتاريخ يخضعان لنفس القوانين الجدلية للحركة والتغيير، وأنهما يمكن فهمهما من قبل الإنسان. إن كتاب إنجلز "ديالكتيك الطبيعة" يشكل في الواقع محاولة لصياغة الأساس المعرفي العام للمادية التاريخية من خلال إظهار أن قوانين الديالكتيك متأصلة في كل الواقع الموضوعي، بما في ذلك العمليات الطبيعية والاجتماعية والمعرفية. العالم الموضوعي يخضع لنفس القوانين، وبالتالي أيضًا، في التحليل النهائي، لا يمكنهما أن يتعارضا في نتائجهما، بل يجب أن يتطابقا، وهو ما يحكم تفكيرنا النظري بأكمله بشكل مطلق. إنها المقدمة اللاواعية وغير المشروطة للفكر النظري. بهذه الطريقة، تفترض نظرية المعرفة الماركسية والوضع العلمي للمفهوم المادي للتاريخ وجود وحدة جدلية للطبيعة بأكملها. إن البنية المشتركة للفكر والطبيعة تضمن إمكانية وجود علم يؤدي إلى معرفة حقيقية بالطبيعة والتاريخ. ومع ذلك، فإن هذا المفهوم الجدلي للطبيعة والعالم، والذي يشكل في الواقع الأساس الحقيقي لنظرية المعرفة الماركسية، أصبح فيما بعد مصدرًا لكثير من الجدل بين مختلف المذاهب وأدى إلى ظهور الانقسامات داخل الماركسية. بدأ الجدل عندما استخدم كاوتسكي وهيلفردينج وبرنشتاين وغيرهم من قادة الأممية الثانية حجج إنجلز المعرفية حول جدلية الطبيعة، وقبل كل شيء (كتاب أنجلز. ط.ا) "ضد دوهرينغ"، لتحويل الفلسفة الماركسية ونظرية المعرفة إلى ميتافيزيقا حتمية تعمل على تبرير سياساتهم الإصلاحية. لقد ارتكزت إصلاحيتهم على فرضية مفادها أن قوانين الطبيعة الجدلية ستقود حتما المجتمع البشري إلى الاشتراكية. وينعكس هذا الموقف القدري بوضوح في كتابات كل من كاوتسكي وهيلفردينج. على سبيل المثال، رأى كاوتسكي انهيار المجتمع الرأسمالي كظاهرة طبيعية حتمية لا تتطلب تدخلا ثوريا من جانب الماركسيين. بل بالنسبة له، كانت نتيجة الصراع الطبقي محددة سلفا بقوانين التاريخ. وأفضل توضيح لحتميته هو المقطع التالي، الذي يعفي فيه الماركسيين من مهمة تنظيم ثورة بروليتارية ضد النظام الرأسمالي المحتضر بالفعل.
"لقد فشل المجتمع الرأسمالي؛ وحله مسألة وقت. إن التطور الاقتصادي الذي لا يقاوم يؤدي بالضرورة الطبيعية إلى إفلاس نمط الإنتاج الرأسمالي. لقد أصبح إنشاء شكل جديد للمجتمع بدلاً من الشكل الحالي أمرًا لا مفر منه." (مقتبس في Colletti 1972, 55-56) بل إن هيلفردينج ذهب خطوة أبعد من كاوتسكي. وقال إن الطابع العلمي للمادية التاريخية ليس له علاقة جوهرية بالصراع الطبقي ومحاولة تأسيس مجتمع اشتراكي. (انها حتمية ميكانيكية وعلم نيوتن: الجاذبية تفعل فعلها سواء اراد البشر ام لا. وجود حزب ماركسي ثوري من عدمه سيان: القضية قضية وقت وما علينا سوى الانتظار لتفعل الحتمية التاريخية فعلها. ما فرق الحتمية التاريخية اذن عن مفهوم المسيح المنقذ او المهدي المنتظر ؟ .ط.ا)
ومن وجهة نظره
"...غير صحيح...مساواة (هدف) الماركسية بالاشتراكية. إذا نظرنا إليها منطقيا كنظام علمي وحده... فالماركسية ليست سوى نظرية لقوانين حركة المجتمع.... والاعتراف بصلاحية الماركسية... ليس بأي حال من الأحوال مهما من وجهة نظر التقييم، ناهيك عن كونه المؤشر إلى خط السلوك العملي. إن إدراك الضرورة شيء، ووضع النفس في خدمة تلك الضرورة شيء آخر تمامًا. (مقتبس في Colletti 1972، 74). وهكذا فإن الصراع الطبقي، الذي كان في نظر ماركس وإنجلز عملية موضوعية تقوم على علاقات الإنتاج الاجتماعية المتضادة، قد تم اختزاله على أيدي قادة الأممية الثانية إلى عنصر ذاتي وأخلاقي بحت من البنية الفوقية. ونتيجة لذلك، تم تطوير عقيدة اقتصادية مبنية على فرضية الانعكاس المباشر والفوري لتناقضات العلاقات الاقتصادية على الهياكل الفوقية السياسية والأيديولوجية. في هذه الأرثوذكسية الاقتصادية، تم القضاء على دور النشاط الإنساني، الذي كان يشكل جوهر المفهوم المادي للتاريخ عند ماركس وإنجلز، من الناحية النظرية والتطبيقية. وقد انكشفت الممارسة الإصلاحية التي انطوت عليها نتيجة لأزمة عام 1914. اضطر الماركسيون إلى الاختيار بين سياسات الأممية الثانية، التي دعت إلى دعم دولهم الرأسمالية في حروبها الإمبريالية، والحركة العمالية الدولية. ومع ذلك، تضمنت الأزمة السياسية أزمة فلسفية أعمق. إن رفض التفسير الميكانيكي للعلاقة بين العلم الماركسي والصراع الطبقي أدى إلى ضرورة إعادة تفسير الماركسية على ضوء خطوط يمكن أن تفسر علميا دور العناصر الذاتية – أي العناصر السياسية والأيديولوجية – في سياق التطور التاريخي للمجتمع البشري. في الواقع، في سياق البحث عن إجابات لمسألة العلاقة بين العلم الماركسي وممارسته الطبقية، ظهر انقسام بين اللينينية والماركسية الغربية، وخاصة الماركسية الهيغلية أو "المدرسة التطبيقية" "praxis school."
ومن خلال فهم المصطلحات المادية الجدلية والتاريخية، فإن الخطأ الكبير الذي ارتكبه ماركسيو الأممية الثانية هو أنهم خلطوا بين العلاقة المادية الجدلية بين البشر والطبيعة عند نقطة الإنتاج، والتي تنطوي على تطور تدريجي لقوى الإنتاج، والتي من خلال أنماط إنتاج مختلفة، من ناحية، والعمليات المادية التاريخية القائمة على التناقضات العدائية للعلاقات داخل نمط إنتاج معين، من ناحية أخرى. لقد تصوروا التاريخ باعتباره تسلسلًا محددًا مسبقًا لظهور أنماط إنتاج مختلفة في استجابة تلقائية لتطور القوى المنتجة. ومن هذا المنطلق، تحول دور الصراع الطبقي التاريخي إلى مجرد تنفيذ لقوانين التاريخ. بمعنى آخر، قام ماركسيو الأممية الثانية باختزال مستوى الوساطة الاجتماعية إلى مستوى الوساطة التاريخية. ونتيجة لذلك، مُنحت القوى الإنتاجية قوة جوهرية للتنمية الذاتية مستقلة عن العنصر الأساسي في هذه العملية الجدلية، ومنفصلة عنه، أي العمل البشري الحي. وهكذا فقد العمل البشري الحي دوره الوسيط في التاريخ على أيدي منظري الأممية الثانية. وكان من المفترض أيضًا أن المعرفة التي تم تطويرها بهذه الطريقة تعكس على الفور العمليات الجدلية داخل الطبيعة وليس كعمليات تتم عبر التناقضات الاجتماعية. لقد تغيرت مهمة العلماء الماركسيين إلى "التنبؤ" بالظهور الحتمي للمجتمع الاشتراكي وإظهار كيفية عمل قوى الطبيعة العمياء في المجتمع البشري. وهكذا تم تأسيس علاقة فورباخية (ميكانيكية. ط.ا ) بين البشر والطبيعة في شكل توافق سلبي مع القوانين الطبيعية. لقد تحول التاريخ إلى ملعب للقوانين الطبيعية، وتحول البشر مرة أخرى إلى منفذين لمصيرهم المحدد سلفًا.
ردا على هذا التفسير الميكانيكي للتاريخ، مع اختزاله للعملية الديالكتيكية للوساطة المزدوجة في عملية واحدة عمياء، أصدر الماركسيون الثوريون دعوة للعودة إلى هيجل. وكان هدف هذا الاتجاه الجديد هو إعادة ترسيخ التكامل الديالكتيكي للماركسية. وارتكزت الدعوة على إدراك الحاجة إلى صياغة صحيحة للعلاقة بين العمليتين الوساطيتين في التاريخ وفي المجتمع. وبشكل أكثر تحديدا، أصبح السؤال هو تحديد العلاقة بين العلم الماركسي (المادية الجدلية)، من ناحية. وممارستها الطبقية السياسية من جهة أخرى.
المدرسة التطبيقية والتفسير "التاريخي" للماركسية
أدى انتصار البلاشفة في عام 1917 إلى ظهور تيار نظري جديد بين الماركسيين ضد الماركسية "الأرثوذكسية" والميتافيزيقية للأممية الثانية. بالنسبة لمؤيدي هذا التيار النظري، الذي ترتبط به أسماء جورج لوكاش، وأنطونيو جرامشي، وكارل كورش، فإن انتصار البلاشفة "يمثل انتصار الوعي والعمل والتنظيم على قوانين التاريخ الحديدية" (Callinicos 1976, 70). ). لقد أثبت الانتصار البلشفي بالنسبة لهم عدم كفاية المادية الميكانيكية لمنظري الأممية الثانية، وبالتالي أثبت الحاجة إلى إعادة صياغة مبادئ المادية التاريخية بطريقة جدلية غير تطورية. كان العنصر الأساسي في حجج هؤلاء المنظرين هو الرفض القاطع للحتمية الطبيعية التي ميزت كلاً من المقدمات النظرية والسياسية لـ "الأرثوذكسية"، و"العودة إلى الجدلية الهيغلي.
(بالنسبة لماركس، الشكل الأساسي للوساطة هو العمل، الذي يشكل علاقة جدلية بين جسد العامل وطبيعته. وهكذا يتوسط العمل بين البشر والعالم الطبيعي.ط.ا)
ومع ذلك، فإن الماركسيين الهيغليين لم يوجهوا انتقاداتهم إلى قادة الأممية الثانية، مثل كاوتسكي، بقدر ما وجهوا انتقاداتهم إلى فلسفة إنجلز الجدلية حول الطبيعة. على عكس لينين، الذي دافع عن مفهوم إنجلز الديالكتيكي للطبيعة باعتباره الأساس المعرفي للعلم الماركسي وممارسة الطبقة السياسية، اعتبر الماركسيون الهيغليون فكرة جدلية الطبيعة ذاتها مصدرًا لكل الحتمية والإصلاحية لقادة الأممية الثانية. في جوهر الأمر، حاول الماركسيون الهيغليون إعادة تفسير المادية التاريخية على طول خطوط مناهضة للطبيعة anti-naturalist lines (Callinicos 1983, 72). كان أساس حجج مناهضي الطبيعة هو إنكار "نظرية انعكاس المعرفة" التي دافع عنها إنجلز في كتابه ضد دوهرينغ واعتمدها لينين في كتابه المادية والنقد التجريبي. تعتمد "نظرية انعكاس المعرفة" على الحجة القائلة بأنه "من الواضح أن منتجات الدماغ البشري، التي هي في التحليل الأخير أيضًا منتجات الطبيعة، لا تتعارض مع بقية عمليات الطبيعة ولكنها تتوافق معها" . في هذا الصدد، تعرض كتاب المادية والنقد التجريبي للينين لانتقادات شديدة من قبل الماركسيين الهيغليين ومنظري التطبيق العملي، الذين وصفوا التأكيد الديالكتيكي لإنجلز ولينين بأن نظرية الانعكاس تشكل جوهر الفلسفة الماركسية، وكذلك مصدرها، باعتباره "ميكانيكيًا" و"دوغمائيًا" و"ميتافيزيقيًا"، وعلى حد تعبير بيتروفيتش Petrovic، "يتعارض مع تصور ماركس للإنسان باعتباره كائنًا مبدعًا في التطبيق العملي". وكان لوكاش، من جانبه، مقتنعًا بأن "القدرية الميكانيكية" "هي نتيجة منطقية لنظرية الانعكاس، وأن هذه النظرية تؤدي إلى سلبية "بغيضة للغاية" في مواجهة الأحداث الخارجية. ووفقا له، فإن وجهة النظر القائلة بأن الأفكار تعكس عمليات الواقع تقوض "الوحدة الجدلية للفكر والوجود التي تقوم عليها النظرية الماركسية؛ وأولوية الوجود للوعي التي تفترضها نظرية الانعكاس تحرم الإنسان من الدور الإبداعي والناشط الذي هو بالتأكيد جوهر الماركسية" ( Hoffman, 1975، 74). إن رفض غرامشي لنظرية الانعكاس يذهب إلى أبعد من ذلك. فهو ينفي وجود حقيقة مستقلة عن الوعي والنشاط الإنساني.
(غرامشي وعموم المدرسة التطبيقية بوعي او بدونه بتفقان هنا مع التجربة الخيالية المسماة القطة (السوداء) لعالم فيزياء الكم ارفين شرودنغر. قطة شرودنجر: يتم وضع قطة وقارورة سم ومصدر مشع متصل بعداد جيجر في صندوق مغلق. كما هو موضح، فإن الأشياء غير محددة: القطة حية ام ميتة؟ يمكن للمشاهد فقط تحديد ما إذا كانت حيًة أم ميتًة.
What Is Schrödinger’s Cat?)
https://builtin.com/software-engineering-perspectives/schrodingers-cat
ط.ا.)
النظريات العلمية، وفقًا لغرامشي، ليس لها أي قيمة حقيقة مستقلة عن ظروف صياغتها (Gramsci 1976, 367-68, 440-48). ويرتكز هذا على قناعة غرامشي، التي شاركها مع بقية منظري المدرسة التطبيقية ، بأن الظواهر الاجتماعية والثقافية لا يمكن تفسيرها بقوانين سببية عالمية-شمولية. مثل الماركسيين الهيغليين الآخرين، أصر هو على أن الظواهر الاجتماعية والثقافية هي تجارب فريدة ومحددة تاريخيًا ولا يمكن تضمينها في الأنظمة الاستنتاجية للعلوم الطبيعية. فالعلم الطبيعي، في نظره، لا يمكن أن يمتد إلى دراسة البشر وعالمهم الاجتماعي والثقافي، لأننا نواجه في الأخير إبداعات الإنسان وليس الظواهر الطبيعية (Callinicos 1983, 71-72).
بهذه الطريقة، تم رفض الديالكتيك، باعتباره "القوانين العامة لحركة وتطور الطبيعة والمجتمع الإنساني والفكر" (1976أ، 131) من قبل منظري التطبيق العملي. ولا يمكن أن يكون بمثابة الأساس المعرفي للعلم الماركسي. بالنسبة للوكاتش والمنظرين الآخرين في مدرسة التطبيق العملي، تم اختزال الديالكتيك إلى طريقة لا تنطبق إلا على المجتمع البشري والممارسة. وهكذا، في كتابه التاريخ والوعي الطبقي، ذكر لوكاش أن المنهج الجدلي يجب أن يقتصر على عالم التاريخ والمجتمع: «إن سوء الفهم الذي ينشأ من تفسير إنجلز للديالكتيك يمكن إرجاعه بشكل رئيسي إلى حقيقة أن إنجلز - متبعًا قيادة هيجل الخاطئة - وسّع المنهج ليطبق أيضًا على الطبيعة" (1971، 24)."
العودة إلى هيجل": البروليتاريا وهوية الذات والموضوع
لأن منظري التطبيق العملي رفضوا جدلية الطبيعة باعتبارها الأساس المعرفي للعلم الماركسي، أصبح الطابع العلمي للمادية التاريخية هو المشكلة المركزية التي كان عليهم إيجاد حل لها. بعد إنكار وجود أساس جدلي في الطبيعة، كان على العلم الماركسي أن يجد قاعدة معرفية جديدة. وقد تم تحقيق ذلك من خلال العودة إلى هيغل. أعاد الماركسيون الهيغليون إحياء مفهوم هيغل عن هوية الذات والموضوع كأساس لكل الواقع الاجتماعي. لقد استخدموا هذا المفهوم كوسيلة يمكن من خلالها النظر إلى المشكلتين الرئيسيتين اللتين شكلتا المشاكل الأساسية للفلسفة الماركسية بعد انهيار الأممية الثانية: العلاقة بين النظرية والممارسة، والعلاقة بين العلم الماركسي والواقع الذي يسعى إلى تفسيره. بمعنى آخر، أثاروا مسألة مبرر تسمية الماركسية لنفسها بالاشتراكية العلمية (Callinicos 1976, 17). هذا هو السؤال الأخير الذي يهمنا هنا. باتباع هيجل، جادل لوكاش وغيره من منظري التطبيق العملي بأن الشيء المنفصل تمامًا عن الذات غير مفهوم. لكي تكون المعرفة حقيقية، إذن، يجب أن توجد وحدة أساسية بين الذات والموضوع، عندما تستطيع الذات أن ترى الموضوع باعتباره من صنعها. وكما قال كورش Korsch، فإن المعرفة الحقيقية تتطلب تزامن coincidence “بين الوعي والواقع” ( (1970, 77).
ومع ذلك، بالنسبة للوكاتش، فإن مجرد هوية الذات والموضوع في حد ذاتها لم تكن كافية للفهم العلمي للعالم. بل إن هذا الفهم نتج عندما تم إدراك الواقع باعتباره كليًة totality. وكما قال هو نفسه، فإن ترك المظاهر المباشرة و"الواقع التجريبي" وراءنا لا يعني إلا أن موضوعات العالم التجريبي يجب أن تُفهم باعتبارها جوانب من كلية، أي باعتبارها جوانب من وضع اجتماعي كامل محصور في عملية التغيير التاريخي" (لوكاش 1971، 162). إن حقيقة المعرفة تستمد من كونها تنظر إلى الظواهر باعتبارها أجزاء من كل اجتماعي، وهذا ينطبق أيضا على الماركسية. ليست أولوية الدوافع الاقتصادية في التفسير التاريخي هي التي تشكل الفرق الحاسم بين الماركسية والفكر البرجوازي، بل النقطة المهمة هي: وجهة نظر الكلية.... أولوية فئة الكلية هي حاملة مبدأ الثورة في العلم
The primacy of the category of totality is the bearer of the principle of revolution in science
يتبع
------
ستذكر المصادر في نهاية المقالة!