ما بين اسرائيل و الإمارات ليس مجرد حبر على ورق بل على نهج مد يد السلام، و أستقبال يد السلام (اللهم أنت السلام ومنك السلام).
عبير سويكت
2024 / 1 / 30 - 02:06
كمراقبين لتطورات الأحداث فى منطقة الشرق الأوسط بصفةً خاصة، لاحظنا انه منذ اندلاع الأزمة بين اسرائيل و فلسطين، و بعد دخول الحرب فى شهرها الرابع، مع احتقان الموقف و تأزمه، تعالت أصوات عربية و اسلامية تدعو لقطع العلاقات مع اسرائيل و سحب السفراء. إضافة الى ان هناك من كانوا يأملون فى ان تلعب محكمة الجنائيات الدولية دورًا فى الضغط على اسرائيل لوقف اطلاق النار نهائيا و لكن أتى قرار المحكمة على خلاف ما توقعوا . فتفاقم الوضع و ارتفعت أصوات تطالب بالغاء اتفاقيات السلام المعقدة بين اسرائيل و مصر و الاردن، كما ذهبت جهات اخرى تدعوا لحث الدول العربية على قطع العلاقات مع اسرائيل و الرجوع عن اتفاقية التطبيع الابراهيمية.
و أخيرًا عندما تسربت اخبار من موقع أكسيوس" الأمريكي تشير الى إن سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات ، رفض طلباً قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي السيد بنيامين نتنياهو -خلال اتصال هاتفي بينهما- بأن يدفع رواتب البطالة للعمال الفلسطينيين الممنوعين من دخول "إسرائيل" منذ أحداث 7 أكتوبر. كما اضاف الموقع ان بن زايد "أصيب بالذهول" عندما سأله نتنياهو عما إذا كانت أبوظبي راغبة بدفع أجور العمال الفلسطينيين الممنوعين من دخول "إسرائيل" في أعقاب 7 أكتوبر 2023. و اوضح الموقع أن محمد بن زايد قال لنتنياهو إنه "لا يستطيع فعل ذلك"، مقترحًا عليه أن يطلب ذلك من الرئيس الاوكرانى فولوديمير زيلينسكي الذي "يحصل على أموال كثيرة من عدة دول".
و ان لم يعلق الجانبين حتى الان على هذه التسريبات إلا ان صحفية تايمز اوف اسرائيل نشرت الخبر.
المؤسف فى الأمر هى تلك الأصوات التى تعالت فى الوسط الخليجي بصورة خاصة و العالم العربي بصورة عامة مطالبة من الرئيس محمد بن زايد إنتهاز هذه الفرصة و التخلص من ما أسموه "عار التطبيع" بقطع العلاقات مع اسرائيل و طرد سفيرها.
و كدعاة سلام نقول لهم "ما هكذا تورد الابل"، حيث يمكن النظر لطلب نتانياهو من بن زايد على انه توسم خيرا فى الإمارات فى إمكانية تقديم المساعدة فى هذه الفترة الحساسة، من جانب لان الحرب التى تدخل فى شهرها الرابع لابد انها اثرت فى الميزانية المالية الاسرائلية، و من جانب أخر لان الإمارات وضعها المالي أفضل من الدول العربية الأخرى، و قد يكون لان الإمارات هى الأقرب لاسرائيل من بقية الدول العربية الأخرى. هى مجرد احتمالات قد تصيب او تخطئ، و لكن نوصي الإمارات حكومةً و شعبًا بالتعامل بحكمة و تفهم تأثر وضع اسرائيل المالي بسبب الحرب، و الحرص على شعرة معاوية.
و نتمنى ان لا تنجرف الإمارات وراء الموجة الغاضبة التى تطالب بقطع العلاقات مع اسرائيل، لان ما بين اسرائيل و الإمارات ليس مجرد اتفاقيات حبر على ورق، بل علاقات أسمى و أعظم، و ان لا ينسى الاماراتين ان الراحل المقيم الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان كان حلمه هو تحقيق سلام شامل كامل فى الشرق الأوسط ، و انه كأحد أهم حكماء منطقة الخليج الإستراتيجية و من المؤمنين بالسلام و السلم الدوليين، كان يرى ان منطقة الخليج ستلعب دورًا مهمًا فى أمن واستقرار المنطقة، و امان و إستقرار العالم بأكمله، كما كان يؤمن بأن السلام هو الطريق و السبيل الأمثل لبسط الامن و الأمان فى المنطقة، و حفظ السلم و الاستقرار.
و أتمنى ان لا ينسى الاماراتين أقواله المعروفة بان السلام يحتاج إلى شجاعة، وصناعة المستقبل تحتاج إلى معرفة، والنهوض بالأمم يحتاج إلى إخلاص ومثابرة، و ان أى خيار غير السلام يعني دماراً وفقراً ومعاناة إنسانية للمنطقة كلها، و أن البحث عن السلم مبدأ أصيل، و المبادئ تتحقق فعلاً عندما تتحول إلى أفعال، بمد يد السلام، و أستقبال يد السلام، إيمانًا منه بى (اللهم أنت السلام ومنك السلام).
كما و نأمل فى ان يتمسك الاماراتين برؤيته الشجاعة الثابتة لدعم و تعزيز لغة الحوار الإنسانى العقلانى الحكيم، و الدعوة للتعايش السلمي، و نبذ العنف والارهاب، و الكراهية و البغضاء، و الدعوة لتقبل الآخر، تلك الرؤية الإنسانية الحكيمة التى أسس لها لتشكيل مستقبل وأعد فى منطقة الشرق الأوسط ، لشروق شمس السلام و السلم ، و لخلق مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً، تلك الرؤية التى بالفعل غيرت وجه الخليج دوليًا ، و بعثت الأمل حول العالم، تلك الرؤية الإنسانية النبيلة التى وجدت منا دعاة السلام كل الترحاب و المساندة دعمًا لتعزيز السلم و السلام الدوليين.
و نوصي الاماراتين بان يقفوا سداً منيعًا و حصنًا حصين لحماية إتفاقيات السلام و الحفاظ على العلاقات والتبادلات الاقتصادية من اجل النهضة الاقتصادية، فقد كان حكيمهم من رواد التنمية المستدامة في منطقة الشرق الأوسط فى جميع مجالات التنمية التى ساهمت فى نهضة و تنمية و إزدهار الخليج، و حققت الرفاهية لشعبه.
و ان يستمروا على درب السلام، فهو كان من دعاة السلام و من أصحاب الأيادى البيضاء فى حل النزاعات فى المنطقة، و فى دول أخرى، عن طريق آليات الحوار العقلانى الحكيم، والطرق السلمية.
كما و عرف عنه دومًا مناصرته لقضايا السلام و الحق والعدل، و عبر مبادرات و مجهودات مختلفة لعب دورًا فعالًا فى الإسهام في دعم الاستقرار والسلم الدوليين، وتعزيز التعايش الإنساني السلمي .
فقد كان حلم الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان نحو تحقيق سلام شامل كامل فى المنطقة ، و ان يشرق ذاك الأمل و يتلألأ فى سماء الشرق الأوسط، بتضافر و تكافل و تضامن جهود جميع المؤمنين بالسلم و السلام فى المنطقة و العالم باجمعه.
ختامًا، كلنا ثقة فى حكمة سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة خير خلف لخير سلف.