المراحل التاريخية لتطور طقوس وطرق الزواج في المملكة السويدية. - الحلقة الثانية والأخيرة -
حبيب محمد تقي
2024 / 1 / 6 - 23:18
- الحلقة الثانية والأخيرة -
مع أوائل القرن الحادي عشر الميلادي، الذي شاعت فيه الديانة المسيحية، وإعتناقها كدين جديد، في عموم السويد، بعد تبني أوساط الفئات الحاكمة ذات السلطة والنفوذ، لهذا الدين الجديد أولاً، ومن ثم الغالبية من عامة الشعب لاحقاً.
ساهمت الديانة الجديدة، التي أزاحت الديانة الوثنية النوردية القديمة، من طريقها. تلك الديانة الجديدة التي أعتنقتها الغالبية من شعب السويد، ساهمت بشكل فاعل، في أزالة الفوارق الجهوية والمناطقية، وجعلت من السويد، مملكة أكثر تجانساً من ناحية، ووجهة الهوية الثقافية، الموحدة والواحدة، وإلى حد ما نسبياً.
وأنعكس هذا التطور في الهوية الثقافية الموحدة لعموم السويد، على حالة المرأة وحقوقها في عموم البلاد.
وتجلى هذا التطور، بصدور عدد غير قليل من التشريعات القانونية، والتي بدورها مثلت نقلة نوعية لوضع المرأة السويدية وضمان حقوقها. ومن تلك التشريعات، قانون الكنيسة السويدية لعام ١٦٨٦م، الذي ألزم كل أبرشية، سواء في المدينة أوفي الريف السويدي، بتوفير التعليم الابتدائي لجميع الأطفال بغض النظر عن جنسهم، ذكور أم إناث.
و بصدور القانون المدني لاحقاً ولأول مرة، الذي شُرع وإعتمد في المملكة السويدية عام ١٧٣٤،والتعديلات والأضافات التي إلحقت به، فيما بعد تباعاً، يعد حجر الزاوية الذي وضعت فيه ، اللبنات الأساسية، لمجتمع مدني متحضر.
وجاء لاحقاً عصر التنوير، والمعروف أيضًا باسم (عصر المنطق) كحركة فكرية وفلسفية هيمنت على عالم الأفكار في القارة الأوروبية ومنها السويد، خلال القرن الثامن عشر. ليمنح مكانة حقوقية أكبر للنساء في السويد، وليساهم أسهام فاعل ومؤثر، في معالجة مظلوميتهنَّ المتراكمة كماً ونوعاً، عبر القرون الخوالي.
وخصاً، في موضوع التشريعات والقوانين الخاصة بأحوالهنَّ الشخصية، وتحديداً منها، الزواج.
الذي كانت للأديان الإبراهيمية، دور أساسي في تنظيمه ( أي الزواج)، ووضع ضوابطه الدينية الإبتدائية والبدائية له. ليدوزن فيما بعد، من خلال الأخذ والعمل، بالقوانين المدنية الرومانية، و قانون نابليون الذي بُدئ به سنة ١٨٠٤م، والذي ضم في ثناياه الأحوال الشخصية، ومنها التشريعات الخاصة بالزواج.
وشهد تاريخ السويد الحديث، بعد حركة التنوير التي تأثرت بها عموم دول اوربا ومنها السويد، بنجاحها في الفصل بين الكنيسة والدولة. فصار لا تشريع في الدولة إلا تشريعها ، ولا نظام إلا نظامها ، ولا محكمة إلا محكمتها ، وذلك في مختلف الشؤون التي عالجتها القوانين المدنية والأحوال الشخصية، التي اعتمدتها المملكة السويدية، ومنها طبعاً الزواج.
ومن هنا أنبثق، وظهر الزواج المدني، وجرى العمل به في عموم المملكة السويدية. جنب الى جنب، مع الزواج الديني، ومنه الكنيسي المسيحي. شريطة عدم تعارضه، مع القوانين المدنية السارية والمعمول بها في المملكة.
فالزواج في المملكة السويدية اليوم، يخضع لقواعد وقانون مدني خاص به، يطلق عليه قانون الزواج.
والذي فيه جملة إشتراطات:
- أولها سن البلوغ، لا يقل عن ثمانية عشر عام للطرفين.
- الحصول على وثيقة خلوّ من موانع الزواج لدى مصلحة الضرائب.
- لا يحق للمأذون الشرعي، من أي طائفة دينية كانت، أن يقوم بأجراءات مراسيم عقد الزواج دون إبراز وثيقتي عدم وجود موانع الزواج وشهادة الزواج الصادرة من دائرة الضرائب المسؤولة عن صحائف الأحوال الشخصية للطرفين.
- يلزم المأذون بتوقيع شهادة الزواج وإرسالها إلى مصلحة الضرائب حيث يتم إعتماد وتسجيل الزواج في قيد النفوس المدني.
تشريعات وقوانين موانع الزواج في السويد.
- القاصر والقاصرة لا يحق لهما الزواج.
- القرابة وصلة الدم الوثيقة لا يحق لهما الزواج. بمعنى لا يسمح القانون بزواج المحارم.
- لا يسمح بالزواج ممن على ذمته زوج أو زوجة.
- ممانعة الأهل لا تصنف كمانع من موانع الزواج.
- الإكراه، يعد مانعاً من موانع الزواج.
- إختلاف الدين، واختلاف اللون أو الجنسية أو العرق، أو المكانة الإجتماعية ، أو الطبقية، لا يعد مانعاً من موانع الزوج.
ونفس القانون المدني أعلاه، يتيح للطرفين، الطلاق والإنفصال المباشر عن بعضمها. في حال عدم وجود أطفال رضع أو قصر.
ففي حال وجودهما، يمنح الطرفين، فترة تأني وتفكير، لا تتجاوز الست أشهر. بعدها يتم أعتماد طلاقهما في حال تمسكهما بالطلاق والإنفصال.
وليس من الضروري أن يكون كلا الشريكين متفقين على طلب الطلاق حتى تتم معالجته، إذ يكفي طلب احدهما للطلاق/ وحل الشراكة.
وما يترتب على الطلاق/ وحل الشراكة، والذي هو من إختصاص المحكمة الابتدائية للبت فيه بعد تقديم طلب رسمي موجه لها خصيصاً. والذي يعتمد فيما بعد، من دائرة الضرائب، المسؤولة عن سجل الأحوال المدنية.
يتم تقسيم كل ما يسمى بالممتلكات الزوجية بالتساوي بين الشريكين المطلقين عادة، ويشمل ذلك الممتلكات والسيارات والأموال الموجودة في الحسابات المصرفية وغيرها من الأشياء التي تم شراؤها لكلاً من الشريكين، ويجري هذا الأمر بغض النظر، عن المبلغ الذي دفعه كل شريك بمقابل هذه الأمور، أو النسبة التي يمتلكها منها، وإذا احتفظ أحد الشركاء بالممتلكات فإن الوضع الافتراضي أنه يجب عليهم بعد ذلك دفع 50% من القيمة السوقية للشريك الآخر.
أما ما يخص حفل الزفاف
فجرت العادة لدى الأغلبية ، أن يقوموا بإحتفال رمزي كنيسي مجاني، في الكنيسة السويدية إذا كان أحد الشريكين أو كلاهما عضواً في الكنيسة السويدية. والبعض القليل يختار احتفالات فخمة وسط البذخ والأزياء الغالية، سيما المتجنسين بالمواطنة السويدية منهم.