FNE والتنسيقيات، أي علاقة؟!
أحمد بيان
2023 / 12 / 20 - 02:48
الجامعة الوطنية للتعليم، التوجه الديمقراطي (FNE)، نقابة تعليمية قطاعية، لا تنتمي لأي مركزية نقابية. وتعتبر ضمن النقابات التعليمية ذات التمثيلية (5)، كما هو محدد حسب رغبة ورؤية مهندسي الحياة السياسية والنقابية، إلى جانب كل من النقابة الوطنية للتعليم (CDT) والجامعة الوطنية للتعليم(UMT) والنقابة الوطنية للتعليم (FDT) والجامعة الحرة للتعليم ( UGTM).
وبعد انطلاق معركة الشغيلة التعليمية إثر صدور النظام الأساسي (نظام المآسي)، التزمت النقابات الأربع الأخيرة، أو للدقة فرضت مسافة كبيرة على هذه النقابات في علاقتها بالتنسيقيات التعليمية؛ وذلك بسبب ضلوعها في حبك خيوط مؤامرة نظام المآسي وخسارتها لثقة واحترام الشغيلة التعليمية.
ورغم محاولات استقطاب هذه التنسيقية أو تلك، حافظت على كونها مؤسسات قانونية مرحب بها للتفاوض والحوار، سواء مع السلطة الوصية على القطاع أو مع التمثيلية الحكومية (وزارة التربية الوطنية والتعليم الاولي والرياضة ووزير الادماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات وممثل الوزارة المنتدبة لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية).
أما FNE، فبسبب عزلتها بعد انسحابها أو إقصائها إثر عدم توقيعها على اتفاق 14 يناير 2023 ورهانها على التوسع في ظل المعركة الراهنة، ارتمت في خضم التنسيق الوطني لقطاع التعليم الذي يضم الى جانبها أربع وعشرين (24) تنسيقية، خاصة والحساسية المفرطة في صفوف التنسيقيات، بما في ذلك التنسيقية الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي والتنسيقية الموحدة لهيئة التدريس وأطر الدعم بالمغرب، إلى جانب الأيادي السياسية الخفية التي تسعى إلى خلط الأوراق والتوجيه بما يخدم مصالحها السياسوية. ولا يجب هنا استبعاد اختراق النظام لقيادات التنسيقيات. لقد وضعت FNE نفسها في مأزق لا تحسد عليه، وجعلها ذلك عاجزة عن التخلص منه بدون خسارة، وصارت كمن "يريد كل شيء، فخسر كل شيء". والمسؤولية هنا نقابية وسياسية أيضا.
وإنها بذلك، ارتكبت خطأ فادحا. وأبانت قيادتها عن قصور تجربتها ومحدودية إبداعها أو ذكائها النقابي/السياسي؛ فحتى الرهان على الاستقطاب والاستقواء بالعدد يفشلهما تهمة الانتماء أو التبعية إلى حزب النهج الديمقراطي العمالي، وهذه التهمة كلعنة لصيقة بها من منطلق انتماء جل قيادتها إلى نفس الحزب.
وكذلك، فشعار "الديمقراطية" لم يشفع لها أمام مسؤوليتها كنقابة من المفروض أن تدبر كافة قضايا الشغيلة التعليمية، بدل الاصطفاف أو الانحياز إلى فئة دون أخرى أو تغليب كفة هذه التنسيقية أو تلك.
لقد وضعت نفسها أمام سهام كل الأطراف، ومنها النقابات الأربع التي تكن لها الكثير من الحقد بسبب الانتقاد و"التجريح" الصادرين عن المنتسبين إليها، أي إلىFNE .
ويلاحظ أنها سقطت في ورطة عانت منها سابقا، أي الإقصاء من طرف الوزارة. فهل مطلوب منها أن تحدد التمثيلية للتنسيقيات (QUOTAS) لخوض الحوار؟!!
كان من باب احترام العلاقة النضالية بالتنسيقيات الدفاع عن حق هذه الأخيرة في اعتماد وفودها المحاورة بإرادتها، وتلقي بالتالي الكرة في مرمى الوزارة، هذه الأخيرة التي بدون شك لا ثقة فيها، أي لا مجال للجوء الى شعار "حسن النية". إن العامل الذي يحسم الصراع هو موازين القوى. وما سد باب الحوار في وجه FNE مرة أخرى إلا صفعة كان من المفروض أن توجه الى الوزارة لو تم رفض الحوار المغشوش (حوار الوقت الميت) واعتماد نفس صيغة الاحتجاج الى جانب التنسيقيتين.
لقد كان بإمكانها خوض المعركة بتنسيق مع التنسيقيات كافة ودون الانخراط في أي تنسيق، أي الحفاظ على نفس المسافة مع كل التنسيقيات، خاصة أن لديها رغبة كبيرة في مواصلة الحوار مع الوزارة (رسالتها إلى بنموسى وأخنوش). وفي هذه الحالة، يمكنها أن تحاور أو أن تجتمع كنقابة ذات التمثيلية وأن تطرح كل الملفات الفئوية بتنسيق مع التنسيقيات. ومن واجبها النضالي أيضا الدفاع عن حق التنسيقيات في الحوار المباشر مع الوزارة، سواء إلى جانبها (وليس تحت عباءتها) أو بمفردها. أما اشتراط كوطا تحت ضغط التمثيلية الحكومية (اللجنة الثلاثية) كمهمة قذرة من أجل مواصلة الحوار، فليس من مسؤوليتها. إنها بيروقراطية ووصاية مرفوضتان.
والغريب أن تتبخر حكاية التشبث بالدعوة الرسمية للحوار بين عشية وضحاها، وأن يلتقي الكاتب العام السابق (نائب الكاتب العام حاليا) بوزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ويتم الحوار بالشكل الذي تم به!!!
متى كان التواصل/الجلوس مع الجهات الرسمية يتم من طرف شخص واحد وباسم إطار زاده شعار "الديمقراطية" (التوجه الديمقراطي)، ولو يكن ذلك الشخص"SUPERMAN"؟
لقد أضحت FNE في مواجهة تهم جديدة، من بينها السقوط في فخ نفس الممارسة التي كانت تلوم عليها النقابات الأربع.
إن معركة الشغيلة التعليمية بما لها وما عليها، ورغم بعدها عن معارك الطبقة العاملة، درس من واقع الصراع الطبقي للمناضلين الثوريين المقتنعين بالتغيير الجذري.
وأخيرا، وكمؤشر من بين مؤشرات "لا تحصى" على تواطؤ القيادات النقابية البيروقراطية مع النظام هو عدم انخراط الأحزاب أو الأطراف "القريبة" منها في هذه المعركة التي تهم المجتمع برمته، وبالمقابل تجندها لتنزيل المخططات الطبقية المسطرة من طرف صندوق النقد الدولي والبنك العالمي بجميع القطاعات...
ومن باب "تفسير الواضحات من المفضحات"، ماذا نتوقع من الجامعة الحرة للتعليم المنضوية في الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الذراع النقابي لحزب الاستقلال العضو في الحكومة، ومن النقابات الأخرى المتحالفة معها؟
وهي نفس حالة الجامعة الوطنية لموظفي التعليم المنضوية في الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الذراع النقابي لحزب العدالة والتنمية المتورط بدوره في العديد من الجرائم التي يعاني من الشعب المغربي، علما أنها أشركت في الحوار رغم كونها غير ذات التمثيلية!