ما هي ضمانات عدم قصف تجمُّع -حزب الله-؟!
حسن أحراث
2023 / 11 / 4 - 20:48
ألقى حسن نصر الله خطابا في تجمُّع حاشد لأتباعه من "حزب الله". وكان ذلك مكشوفا ومغطّى مباشرة على الهواء من طرف قناة الجزيرة ومن خلال وسائل إعلام أخرى بدون شك. ولا يجب أن ننسى أن قناة الجزيرة المتصهينة تُسوِّق من خلال متابعتها لما يجري بغزة الكثير من المغالطات، ومنها تضخيم قوة "حماس" العسكرية والسياسية والتعتيم على تضحيات وأثر أطراف أخرى في صفوف المقاومة، وخاصة منها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين..
طُرحت عدة أسئلة قبل الخطاب وبعده؛ وأُعطِي للأمر هالة كبيرة، خاصة إبان لحظات الترقّب؛ وكأن الأمين العام لحزب الله" سيعلن الحرب على الكيان الصهيوني..
أُلقِي الخطاب بأنغام عاطفية وانتهت المراسيم في أمن وأمان، ولم يحدث شيء مما كان متوقعا، مثل إعلان الحرب أو على الأقل الانخراط في معارك المقاومة بغزة..
كانت الرسائل الواردة في الخطاب موجهة الى الجميع وإلى "لا أحد". والخلاصة العملية تمثّلت في "إنا هنا قاعدون، والسلام عليكم"..
ما أثارني في الموضوع ليس مضمون الخطاب أو رسائله المُشفّرة والصريحة، لأني لم أكن أتوقع منه جديدا؛ لقد أثارني حقا عدم قصف الكيان الصهيوني للتجمع الخطابي ل"حزب الله"؟!
وبصيغة أخرى، ما هي الضمانات لدى حزب الله بعدم تعرض "المهرجان" للقصف أو التشويش أو الإزعاج بطريقة ما؟!!
إنه من الثابت أن جرائم الكيان الصهيوني لا حدود لها، ماضيا وحاضرا؛ ويحظى بكل الدعم من الامبريالية والرجعية. فلن تعجِزه "جعجعة" الأنظمة الرجعية ولا الاتفاقيات والالتزامات الدولية أو شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان لاقتراف أبشع الجرائم كما يحصل الآن أمام أعين العالم بغزة، وكما حصل إبان اجتياح بيروت سنة 1982 (مجازر صبرا وشاتيلا) وقبل ذلك وبعده من مذبحة دير ياسين الى مذابح أخرى لا تقل همجية ودموية.. وهناك من قد يصفق ل"جرأته" (وقاحته/فظاعته) تشفيا في "حزب الله" وفي حلفائه وخاصة النظام الإيراني. وليس ذلك بغريب عن الكتائب المتصهينة (الشوفينية والمرتزقة...)..
مرة أخرى، كيف يُنظَّم تجمعٌ حاشد قرب أنف الكيان الصهيوني، هذا الأخير الذي يبيد الأطفال والنساء والرجال والشيوخ واليابس والأخضر؟!
أشك في أن قوة "حزب الله" قد حالت دون ذلك. وإنْ قوة "حزب الله" بهذا المستوى، لماذا عدم إعمالها لوقف أو للحيلولة دون ارتكاب الجرائم الفظيعة بغزة؟! ونفس السؤال بالنسبة للنظام الإيراني، لماذا الاقتصار على الاستنكار والتنديد؟!
وإنْ كان للنظام الإيراني أو ل"حزب الله" مساهمة إلى جانب "حماس"، لماذا الوقوف في منتصف الطريق أمام هول الدمار في صفوف الشعب الفلسطيني؟!
إن هذه الأسئلة المباشرة وأخرى، تؤكد أن "حزب الله" كان يتوفر على ضمانات من خلال النظام الإيراني وباقي حلفائه بأن "خرجته" الكبرى ستكون تحت حماية ورعاية "عفريت". وذلك ما كان. علما أن أخبارا تسربت حول اجتماعات سرية بين النظام الإيراني و"حلف الشر" بمشاركة الكيان الصهيوني وتحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية..
أما معاناة الشعب الفلسطيني فستستمر بدون أوهام مادامت الرجعية والصهيونية والامبريالية جاثمة على أنفاسه ومادامت موازين القوى لفائدة هذه الأخيرة، تماما كما ستستمر مقاومته رغم حروب الإبادة والاجتثاث. فإرادة الشعوب في التحرر والانعتاق لا تُقهر..
وما يتأكد للشعوب المضطهدة وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني وباستمرار ان الرجعية، أنظمة أو قوى سياسية، لن تصنع التحرر والمستقبل المنشودين؛ لأن مصالحها في خندق الصهيونية والامبريالية. كما أن الرهان على التوازنات الدولية اعتمادا على روسيا مثلا أو الصين يبقى رهانا خاسرا في ظل التواطؤ والتوافقات الفجة القائمة على المصالح المتبادلة..
إن تقرير مصير الشعوب بيدها الى جانب القوى الثورية عبر العالم المخلصة لقضيتها بالأمس واليوم وغدا..
وتضامن أي جهة لا تناهض النظام القائم في بلدها سيكون أثره محدودا وفي حالة كونه تضامنا صادقا ومبدئيا، وليس مناسباتيا لقضاء "مآرب سياسية وأخرى"..
لقد أغرقتنا القوى الظلامية في مستنقعات الدموع، دموع التماسيح، امتصاصا للغضب الشعبي وتطبيعا سلسا مع الإجرام الصهيوني اليومي..
والثابت الآن، أن الكيان الصهيوني لم يقصف حسن نصر الله؛ لكن "قصف" حسن أحراث وارد لمجرد التعبير عن رأي!!
النصر للشعب الفلسطيني والمجد لشهدائه..
سنقولها اليوم وغدا ودائما..