الرغبة القومية والمطلب الاوليكارشية - الجزء الثامن -عملية تحقيق المساوات في حقوق القوميات


نجم الدين فارس
2023 / 8 / 15 - 02:55     

الرغبة القومية والمطلب الأوليكارشي
الجزء الثامن
عملية تحقيق المساواة في حقوق القوميات
هناك أراء ووجهات نظرمتباينة حول الحقوق المتساويةللقوميات.وهذه الأراء تتعلق بالمنزلة الإجتماعية والإقتصاديةومصالحهما المختلفة. لأن كل رأي ووجهة نظر نابع من مستوى صاحبه وتصنيفه الطبقي. ومن هذا الطريق يُحَدد كيفية الدفاع عن تلك الحقوق ويقوم بتجسيدها . فالماكسيون يختلفون كثيراً عن البورجوازيين والرأسماليين وأحزابهم في مواقفهم تجاه التساوي في حقوق القوميات وتعاملهم في تحقيق هذا التساوي. لأن حق المساوات بين القوميات عند الماركسين يعني التساوي بين افراد المجتمع جميعهم من كافة الأوجهه الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. وهذا الأمر إن لم يتحقق في مرحلة الدكتاتورية البروليتارية التي هي مرحلة انتقالية ينتقل المجتمع الرأسمالي فيها الى الإشتراكية والشيوعية العلمية. وفي هذه المرحلة- آي: مرحلة الإشتراكية و الشيوعية العلمية لايبقى اي وجود للمكّونات الدينية والإثنية والعرقية ولايقُومُ لها ايّ قائم. ويجرد الإنسان عن التباهي بالمكانة الإقتصادية والإجتماعية والقومية و الدينية والمذهبية ولون البشرة وضخامة الجسد وصغره . لأنَّ المكانة الإقتصادية و الملكية الخاصة والسيادة الطبقية منذ بداية وجودها هي المصدر الأساسي لإنتهاك حقوق الإنسان والإستغلاله وعدم التساوي بين أفراد الناس. وكذلك فإنّها المُصَمِمّة الأساسية للسلطات والصلاحيات المختلفة. إِنَّ السلطات المتباينة والمختلفة بين الدول والقوميات , تعني التمييز والفوارق و المعاداة ومحاولة مجموعة التسلط على مجموعة وقومية أخرى. وهذا هو الطبيعة الدائمة والمستمرة للسلطة الطبقية ونظامها, ومن أجل ذلك تسلك هذه السلطة جميع الطرق , ويخلق الفوارق الجندرية والتمييز القومي والمناطقي ولون البشرة , وصغر و ضغامة حجم النفوذ والسلطة, تقوم بإدامة نظامها الإقتصادي والسياسي والإجتماعي , وتَرتسخ دعائمه. و من ناحية أخرى فإنَّ وُجهة نظر برجوازي ورأسمالي القومية المتسلطة فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات سلبية تجاه الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية للطبقة نفسها للقومية الخاضعة تحت سيطرتها. لذا فهؤلاء حتى في تأسيس الدولة وانفصال القومية الواقعة تحت سيطرة وقبضة القومية المتسلطة, لايمنحون الحقوق المتساوية لأفراد قوميتهم, ولاينهون إضطهاد صاحب العمال وذوي النفوذ لكدح عمال وشغيلة قوميتهم. وهذه النظرة تفترق كثيراً عن النظرة الإشتراكية العلمية و الماركسية. فهما موقفان ونوعا تباين تجسيد حقوق تساوي القوميات. وهكذا فإنَّ هؤلاء في الدول الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية وديمقراطياتها يجدون أنفسهم في عملية نشوء الدولة القومية. ولايستطيعون بحسب ظروف وأحوال القومية التي تحدد من الناحية الجيوسياسية والجيوإقتصادية ونظام الإنتاج و القدرات العسكرية, أن يحققوا الحقوق المتساوية للقوميات. ولكون برجوازيي و رأسماليي كل قومية يجدون مصالحهم في المشكلات و النزاعات القائمة بين القوميات, أو في الاغلب وفي أوقات مختلفة يستفيدون من الصراعات التي تدور بين العمال بإسم للقوميات المختلفة. إنَّ البرجوازيين وأصحاب الأموال يحاولون دائماً مواصلة سيطرتهم على الطبقات الخاضعة لهم بتكديس أموالهم من قوة عمل العمال والكادحين واضطهاد محكوميهم حتى يؤمنوا لأنفسهم ولنظرائهم حياة سعيدة ويتمتعوا بعيش رغيد. وهكذا فإنَّ الدولة الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية و الدكتاتورية وديمقراطيتها, لاتستطيع أن تمنح الحقوق المتساوية للقوميات . إنَّ الدولة تعني سيطرة طبقة على طبقة أخُرى, وتعني التباين بين مصلحة المتسلط والراضخ, وتعني وجود الطبقات المتباينة. وبخلاف ذلك فإنَّ الإشتراكية و الشيوعية العلمية هي الضمانة الوحيدة للحصول على الحقوق المتساوية للقوميات. لأنها- آي الإشتراكية و الشيوعية العلمية- المصدر الأساسي للخلاص من الفروقات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والطبقية. ولأنَّ هذه الفروقات الطبقية في المجتمع هي مصدرومنشأ جميع انواع الإضتهاد بين بني البشر. إنَّ الجزء الكبير وجميع مشكلات المجتمع والفروقات على مستوى وجه الدنيا متعلق بوجود الطبقات. وتُعَدُّ المصالح الإقتصادية و الإجتماعية المختلفة , مصدر خلق المشكلات القومية والحروب الدموية الكبيرة, وتزرع الاحقاد و الضغائن بين الأقوام, وهذه الاوضاع و الظروف تُفيد المتسلطين من أصحاب الرأسمال , وهناك جزء آخر من الصراعات والنزاعات الدولية ترجع جذورها إلى الفروقات الطبقية. إذ تحدث الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية من أجل مصالحها ثغرات بين علاقات الدول وأقوامها.
إنَّ المصالح الإقتصادية والعلاقات القائمة بين الناس عامل مهم لتحديد الحقوق المتساوية للقوميات. وكما قال (لينين)لايجوز أنَّ لايؤخذ بنظر الاعتبار السبب الإقتصادي القوي في المسألة القومية لدى الماركسيين, لأنَّ الإشتراكية نضع يدها باكتظاظ على الجانب الإقتصادي . ولاتستطيع أنَّ لاتضع في نظر اعتبارها الجانب الإقتصادي في علاقات التساوي بين الناس. فالإشتراكية هي الجانب الئيس في تحديد الحقوق المتساوية للقوميات والطبقات, وفي الأصل فإنَّ القاعدة والأساس هنا عبارة عن الإنتاج وعملية التوزيع و الحقوق الإقتصادية الإشتراكية , وتكون على أساس تنظيم حُرّ ومُتساوٍ."وكذلك تستطيع الإنسانية أنَّ تقضي على الطبقات, وذلك بعد اجتيازها مرحلة انتقالية هي مرحلة ديكتاتورية الطبقة المُضطهَدة, وكذلك تستطيع الوصول إلى توحيد القوميات وذلك باجتيازها مرحلة انتقالية, هي مرحلة تحرر جميع القوميات المُضطهَدة بأكملها, أي: مرحلة تأخذ فيها حق الإنفصال."(71) إنَّ الظروف والأوضاع العملية التي يتطلع اليسار إليها في الإقليم وايران بتوجيه من غيرهم وبمعرفتهم, ليس تطلعهم إلاَّ التخلّي عن مُهمة وظيفية لابُدّ من الإقدام عليها من أجل القضاء على الفروقات القومية والاضطهاد القومي. فهؤلاء يبعدون انفسهم عن عملية ويتخلون عنها , كان المفروض القيام بها, فأفكار هؤلاء ومايذهبون إليه نابعة من الفكر الإشتراكي الليبرالي في أوروبا. وبناءً على ذلك فإنَّ هؤلاء من أهل اليسار إقاهم أصحاب نوع من عدم المعرفة وقد وضعواهذه المهمة على نحو مُربك ومُشوّش في خارطة عملهم, وإمّا يعيدون أنفسهم أصحاب القضية ويريدون عدم تنفيذها, أي أنّهم في كل الأحوال يتعاملون ديماغوجياً مع هذه القضية , لأنَّ جميع أعمالهم هذه لاتستطيع أنَّ تجيب عن أسئلة الشيوعيين العلميين عملياً فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات, لذا إنَّ توجهاتهم ترادف التوجهات السياسية لأوليكارشية أحزاب الأقليم.
إنَّ مامَرّ ذكره سبق أن ادّعاه اليسار الكوردستاني في العراق وايران في الماضي ومايزال يّدعيه اليوم ويفكربه حين يقول:( في الواقع العملي إنَّ السياسة التي ينتهجها يسار كوردستان العراق وايران لاتعني إدارة حركة ذي نهج مستقل. فهذا الشعار ينبغي أن يحتل زاوية من زوايا البديل العملي ل (حزب الشيوعي العمالي-ح.ك.ك-) وحركة الشورى في كوردستان العراق. إنَّ الإطار العملي لهذا الشعار في توقعاتنا و توجهاتنا(نظر الشيوعية العمالية) هو:أولاً: إنَّ الإستفتاء والرجوع الى آراء الناس يجب أن يكون باتفاق مع(مصدر أممي رسمي) حتى نحّقق نتائج الإستفتاء أكثر ولكن الى حَدّ تحقيق هذه العملية فالمفروض أن نطالب باستفتاء حُرّ من أجل تثبيت أوضاع كوردستان, ففي نظرنا(نظر الشيوعية العمالية) أنَّ إرادة الناس وإبداء أرائهم لها اعتبارات. ففي استفتاء كهذا يجب ندعو الى دولة مستقلة.(72) إنَّ توجهات وأنظار اليسار حول التطبيق العملي نوعان: أحدهما : التحدث عن التحرر الوطني واستقلال الرأسمالية الوطنية كما تدّعيه البرجوازية الوطنية. ويطالبون من البرجوازية المتسلطة والمُضطهِدة بعلاقات حَرّة وإطلاق الحريات السياسية والإقتصادية البرجوازية القومية. وهذه الفروقات تنتج العنجهية و المغالات في التعصب القومي, لأنَّ البرجوازية القومية تحصل على امتيازاتها من الفروق القومية والصراع القومي فتسعى إلى السيطرة على مصادر اقتصاد البلاده تحت اسم حماية البلاد والأمة ومصادرهما الإقتصادية و مواردهما الطبيعية, وبهذا فإنها تقوّي الفروقات القومية مع الآخرين وتعمقّها, وتحاول إيصال تلك الفروقات إلى حَدّ التعصب والكراهية وخلق روح الإنانية وعبادة النفس في صفوف العمال. أما الفروقات الآخرى فهي تخالف كثيراً الفروقات التي تدعو اليها البرجوازية, لذا ينبغي للعمال والشيوعيين أن تكون لديهم الرغبة في التزام الفروقات المغايرة لمايسلكه البرجوازيين والرأسماليين.
من تباين وفروق بين الكورد والقوميات الآخرى, ولكي نستطيع أنَّ نطوّر العلاقات الأممية بين العمال والشغيلة علينا تجسيدها في دستور العمل حتى نتمكن من القضاء على النزعات السياسية الشوفينية لدى العمال ويكون همهم الوحيد مساندة ومؤازرة رفاقهم في النضال من عمال وشغيلة القوميات الآخرى في التصدّي لأصحاب رؤوس الأموال. والوقوف معا ضّد سياسة البرجوازيين الليبراليين, وذلك في المناطق والبلدان التي
تسكنها القوميات المختلفة. فإذا وصلت علاقاتها إلى مستوى العنف و الاضطراب, فإنَّ التأريخ يسجل عملية انفصالها. وتأريخ العلاقات بين القوميات , ويُنتج انفصال بعضها عن بعض. إنَّ النصائح التي يقدمها يسار ايران ليسار كوردستان و العراق وقدمها سلفاً. ويدفع حركة الِورى في كوردستان( إن وجدت) إلى القيام بوضع حَدّ للأوضاع و الظروف الأتية. ويرى أنَّ إعادة كوردستان إلى العراق و ضّمه إليه من الواجبات العملية لتلك الحركة. إنَّ الوجه العملي لتلك التوجهات والأراء فيستند إلى نظرية تمتع الكورد بحق تقرير المصير أو البقاء ضمن عراق فدرالي متّحد – أي:إِنَّ ماسّموه بالفراغ السياسي و الإداري في الماضي وفي الحاضر وكانوا يُناقشون بسببها أوضاع و ظروف كوردستان والعراق والعلاقات بين القوميات والأديان والمذاهب المختلفة. فهؤلاء كانوا يحملون الافكار نفسها التي كان اليمينيون يعتقدون بها ، فكانوا بذلك الوجه الآخر لليسار، وكانوا مع هؤلاء متشابهين و متكافئين في الاعتقاد و المواقف. وبدائلهم كانوا يعتقدون بأفكار اليمينين نفسها و يتخذون مواقفهم انفسها. وهذه التوجهات و الافكار تتوافق مع مواقف و توجهات الاحزاب الكوردية و زعمائها ألاوليكارشيين ولا تعارض بينهما. ولم يستطع هؤلاء من مدّعي اليسار الخروج عن توجهات و أفكار الاحزاب الكوردية ألاوليكارشية الكاذبة و الخادعة. فجهة ترى في الاستفتاء الحَلّ و تقرير المصير، وجهة اخرى تعود الى المركز و ترى الحَلّ في ذلك. وبعضٌ من هذه الجهات لاتحم أفكاراً واضحة و صريحة فلا يستطيع أحد تحديد مواقفهم و اتجاهاتهم. وكذلك عندما يضع عملية عدم تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات على عاتق السياسة و أهداف الدول ألامبرياليه و العظى للتهرب من مسؤلية يجب عليه ألالتزام به من أجل إيجاد حق المساواة بين القوميات. وفي مسألة الاعتراف بانفصال عمال الكورد عن العمال العرب و الفرس و الترك وحتى في تأسيس دولتهم المستقلة نجد أن وجهات نظر اليمين و اليسار و مواقفهما مختلفتان باستثناء الدعوة الى تأسيس دولة مستقلة فهما متوافقان بصددها لكن بصورة غير منتظمة بغية إحداث تشتيت الفكر و إقلاق الراحة. ففيما يخص الدولة المستقلة فإنهم الآن يقولون كما إعتقدوا سابقاً أيضاً (إن شعارنا ليس تأسيس دوله كوردية وأن تكون للكورد دولة مستقلة ، فنحن نريد لتقرير مصير كوردستان حتى للاستقلال أن يُجرى إستفتاء شعبي بين سكان و قاطني كوردستان بغض النظر عن انتمائهم القومي).(73).
إنً يساريي إيران و العراق لايستطيعون إخفاء مواقفهم الكاذبة و شعاراتهم بين طيّات آرائهم و توجهاتهم المتضادة وأن يطبقوها على أرض الواقع. فشعاراتهم هذه ماتزال الشعارات الموضوعة على اللافتات و المكتوبة في بياناتهم. فهي لايتمكنون من القيام بحل المسألة القومية للكوردية بطريقة ثورية ويضمنوا بها حقوق المساواة بين القوميات. إن الواجب يفرض على ألاشتراكية المنتصرة إذا إكتسبت الديمقراطية الصحيحة ألا تكون جهودها مقصورة على تحقيق المساواة الكاملة بين القوميات، وإنما عليها القيام بإقرار حقوق ألامم المظلومة و المحرومة في تقرير مصيرها. اي: ان تكون حُرّةً في إختيارها الانفصال السياسي. وإذا لم تستطع ألاحزاب ألاشتراكية بكل أنشطتها الآن وفي حال قيام الثورة وبعد ألانتصار أن تثبت أنها تحرر ألامم المظلومة، وتقيم علاقات معها على أساس حرية التوحيد (مع معرفة أنَّ حرية التوحيد بمفردها شعار زائف دون حرية ألانفصال) وحينئذ تخون هذه ألاحزاب ألاشتراكية. ولاريب أنَّ الديمقراطية التي هي نوع من انواع الدولة قد تضمحل بإضمحلال الدولة فيكون الثبات و الرسوخ للشيوعية الكاملة بعد الانتقال من الاشتراكية الناجحة.(74).
وهذه المسألة تحتاج الى جواب وهو انَّ الشيوعيين إن لم يكونوا مهيمنين فتأسيس الدولة الكوردية و إنشاؤها الى الحصول على اجوبتهم. ولا يعني هذا أن تخلى الساحة للبرجوازيين و أصحاب رؤوس الاموال و أحزاب كوردستان الاخرى وأن يُرخى لهم العنان فيما يقومون به من القمع و الاضطهاد و نهب أموال و خيرات البلاد. وأن يُسلَّمَ المجتمع لمجموعة سياسية أوليكارشية تتصف بصفات عصابات الجريمة المنظمة و قطاع الطرق و القراصنة. فلليسار أحاديث و أقاويل باطلة لاطائل فيها، ولمصلحة شعاراته يقول (يجب أن يكون اليسار مندوباً عن حدوث المصير- ويقصد بذلك المأساة(التراجيديا)- فهذا الشعار يساند ادارة هذا الدور... وينير و يضيء الطرح الثالث لاستقلال نقطة غير معينة في اذهان أغلبية الناس. وهكذا فإن هذا الشعار فضلاً عن كونه عملياً او غير عملي دفع العمال و الكادحين الى ميادين العمل وجعلهم متفائلين بتمكنهم من تقرير مصيرهم بأنفسهم)(75). ولايجوز للشيوعية رفع شعار لايمكنهم تحقيقه، أو أنَّ تحقيقه يمنحنا نتاجاً برجوازياً، وبناء على ذلك لايجوز أن ترفع الشعارات من أجل تفاؤل العمال بأمنية لايمكن تحقيقها. أو صهرهم في بودقة الموهوبة وينبغي أن ترفع الشعارات من أجل توضيح العمل المطلوب منك في اليوم والوقت المحدد ويكون مناسباً للتطبيق. والشعار الذي يحتاج التأريخ إلى تطبيقة عمليا مهم جداً, وهومن جانب النضال الطبقي مفيد للواجب و العمل التأريخي للطبقة العاملة, ومعلوم أنَّ أحد الواجبات التأريخية للطبقة العاملة هو العمل من أجل تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات والأمم من أجل القضاء على الميول وألأفكار الشوفينية بين الأمم و الأقوام واجتثاث جذورها ورفع شأن آراء وأفكار الطبقة العاملة والكادحة للأمم والقوميات المختلفة وإعلائها. وهذه الجهود كلها لاتبذل من أجل إبعاد وتبديد المضايقات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية للطبقة البرجوازية في المناطق المختلفة.
ففي المناطق المختلفة وفي كل بلد ومنطقة كانت ساحة وميداناً لكفاح ونضال الطبقة العاملة والشيوعيين أصبحت المسألة القومية عائقة وعقبة أمام هذا النضال وحاولت كثيراً تمزيقهذا النضال و ارهاقه.وينبغي العمل وبذل الجهود من أجل " الاعتراف بحقوق الإنفصال للجميع واعلاء كل مسألة وقضية متعلقة بالإنفصال, من منظار يكون بعيداً عن التقصير في المساواة و التمييز الطبقي و التسلط."(76)
وهذه العملية محاولة لإزدهار وتطوير النضال الطبقي للطبقة العاملة, وتطبيقها مفيد ونافع لتأريخ نضال البروليتاريا ضد الرأسمالية ونظامها. فإذا صيغ من الناحية النظرية شعار ورفع هذا الشعار ولم يطبق على أرض الواقع, فإنَّ هذا يجعل الطبقة الثورية متردداً ومتشككاً في نضاله ويدفعها إلى تعليق آماله الثورية بمستقبل غير واضح. وينبغي أنَّ يكون شعار الدفاع عن حقوق المساواة بين القوميات أحد الشعارات الواضحة والصادقة لنضال الطبقة العاملة و الشيوعيين وذلك من أجل تحقيق الأهداف التأريخية الطبقية للطبقة الثورية في هذا العصر. لكن اليسار واليمين إلى حَدّ الأن يرفعان معاً شعاراً عمليا مضاداً وغير مناسب من أجل ماذكرنا.
فهما بذلك قد أبعدا العمال وطبقة البرولتاريا عن سياسة وأهداف التغيير العملي, ويحاولان إخراج هذه الطبقة عن طريقها الصحيح. باقتران أهدافها وسياستها بأهداف وسياسة الإشتراكيين الليبراليين والإشتراكيين الديمقراطيين والبرجوازية القومية. إنَّ الأخذ بيد الطبقة العاملة ودعوتها إلى المطالبة بتساوي الحقوق بين القوميات و الدعوة إلى تحقيق تلك المساواة, قد تحدد تأريخ تلك العلاقة التي تربط بين قوميتين أو أكثر مضطهدتين ومحرومتين من أبسط الحقوق. أي أنَّ تسلّط برجوازية قوميةما على عمال وكادحي وبرجوازية قومية أُخرى, يخلق الرغبة إلى التحرر و الإنفصال و الدعوة إليهما لدى أبناء القومية الخاضعة و المضطَهَدة. إنَّ تعطيل العمل بكل هدف من أهداف عملية النضال والكفاح له عواقب وخيمة وتترك آثاراً سيئة على هذه العملية كابتعاد الطبقة العاملة عن الواجبات و الأهداف الواقعة على عاتقها تأريخياً. إنَّ عملية حَل حَق التساوي بين القوميات , وعملية تحقيق هذا الحَق, عملية تكتيكية ثورية للطبقة العاملة والشيوعيين ضد الأهداف و الرغبات السياسية والإجتماعية والإقتصادية للدول الإمبريالية و الكبرى والبرجوازية و الرأسمالية المحلية. وفي الختام ينبغي لنا أنَّ ننهي بحثنا بإحدى مقولات ماركس وهي "كل أمة تضطهِد أمة أخرى, لايمكن أن تكون حُرّة ."
نجم الدين فارس 28-1-2018

المصادر:
(71)- لينين :مسئل السياسة القومية والاممية البروليتارية, دار التقدم, موسكو, 1969, ص174.
(72)- منصور حكمت: في الدفاع........,الى الأمام , العدد21,ص5 .(باللغة الكردية)
(73)- المصدر نفسه ,ص5.
(74)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص168-169.
(75)- منصور حكمت: المصدر السابق ذكره, ص5.
(76)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص92.



الرغبة القومية والمطلب الأوليكارشي
الجزء الثامن
عملية تحقيق المساواة في حقوق القوميات
هناك أراء ووجهات نظرمتباينة حول الحقوق المتساويةللقوميات.وهذه الأراء تتعلق بالمنزلة الإجتماعية والإقتصاديةومصالحهما المختلفة. لأن كل رأي ووجهة نظر نابع من مستوى صاحبه وتصنيفه الطبقي. ومن هذا الطريق يُحَدد كيفية الدفاع عن تلك الحقوق ويقوم بتجسيدها . فالماكسيون يختلفون كثيراً عن البورجوازيين والرأسماليين وأحزابهم في مواقفهم تجاه التساوي في حقوق القوميات وتعاملهم في تحقيق هذا التساوي. لأن حق المساوات بين القوميات عند الماركسين يعني التساوي بين افراد المجتمع جميعهم من كافة الأوجهه الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. وهذا الأمر إن لم يتحقق في مرحلة الدكتاتورية البروليتارية التي هي مرحلة انتقالية ينتقل المجتمع الرأسمالي فيها الى الإشتراكية والشيوعية العلمية. وفي هذه المرحلة- آي: مرحلة الإشتراكية و الشيوعية العلمية لايبقى اي وجود للمكّونات الدينية والإثنية والعرقية ولايقُومُ لها ايّ قائم. ويجرد الإنسان عن التباهي بالمكانة الإقتصادية والإجتماعية والقومية و الدينية والمذهبية ولون البشرة وضخامة الجسد وصغره . لأنَّ المكانة الإقتصادية و الملكية الخاصة والسيادة الطبقية منذ بداية وجودها هي المصدر الأساسي لإنتهاك حقوق الإنسان والإستغلاله وعدم التساوي بين أفراد الناس. وكذلك فإنّها المُصَمِمّة الأساسية للسلطات والصلاحيات المختلفة. إِنَّ السلطات المتباينة والمختلفة بين الدول والقوميات , تعني التمييز والفوارق و المعاداة ومحاولة مجموعة التسلط على مجموعة وقومية أخرى. وهذا هو الطبيعة الدائمة والمستمرة للسلطة الطبقية ونظامها, ومن أجل ذلك تسلك هذه السلطة جميع الطرق , ويخلق الفوارق الجندرية والتمييز القومي والمناطقي ولون البشرة , وصغر و ضغامة حجم النفوذ والسلطة, تقوم بإدامة نظامها الإقتصادي والسياسي والإجتماعي , وتَرتسخ دعائمه. و من ناحية أخرى فإنَّ وُجهة نظر برجوازي ورأسمالي القومية المتسلطة فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات سلبية تجاه الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية للطبقة نفسها للقومية الخاضعة تحت سيطرتها. لذا فهؤلاء حتى في تأسيس الدولة وانفصال القومية الواقعة تحت سيطرة وقبضة القومية المتسلطة, لايمنحون الحقوق المتساوية لأفراد قوميتهم, ولاينهون إضطهاد صاحب العمال وذوي النفوذ لكدح عمال وشغيلة قوميتهم. وهذه النظرة تفترق كثيراً عن النظرة الإشتراكية العلمية و الماركسية. فهما موقفان ونوعا تباين تجسيد حقوق تساوي القوميات. وهكذا فإنَّ هؤلاء في الدول الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية وديمقراطياتها يجدون أنفسهم في عملية نشوء الدولة القومية. ولايستطيعون بحسب ظروف وأحوال القومية التي تحدد من الناحية الجيوسياسية والجيوإقتصادية ونظام الإنتاج و القدرات العسكرية, أن يحققوا الحقوق المتساوية للقوميات. ولكون برجوازيي و رأسماليي كل قومية يجدون مصالحهم في المشكلات و النزاعات القائمة بين القوميات, أو في الاغلب وفي أوقات مختلفة يستفيدون من الصراعات التي تدور بين العمال بإسم للقوميات المختلفة. إنَّ البرجوازيين وأصحاب الأموال يحاولون دائماً مواصلة سيطرتهم على الطبقات الخاضعة لهم بتكديس أموالهم من قوة عمل العمال والكادحين واضطهاد محكوميهم حتى يؤمنوا لأنفسهم ولنظرائهم حياة سعيدة ويتمتعوا بعيش رغيد. وهكذا فإنَّ الدولة الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية و الدكتاتورية وديمقراطيتها, لاتستطيع أن تمنح الحقوق المتساوية للقوميات . إنَّ الدولة تعني سيطرة طبقة على طبقة أخُرى, وتعني التباين بين مصلحة المتسلط والراضخ, وتعني وجود الطبقات المتباينة. وبخلاف ذلك فإنَّ الإشتراكية و الشيوعية العلمية هي الضمانة الوحيدة للحصول على الحقوق المتساوية للقوميات. لأنها- آي الإشتراكية و الشيوعية العلمية- المصدر الأساسي للخلاص من الفروقات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والطبقية. ولأنَّ هذه الفروقات الطبقية في المجتمع هي مصدرومنشأ جميع انواع الإضتهاد بين بني البشر. إنَّ الجزء الكبير وجميع مشكلات المجتمع والفروقات على مستوى وجه الدنيا متعلق بوجود الطبقات. وتُعَدُّ المصالح الإقتصادية و الإجتماعية المختلفة , مصدر خلق المشكلات القومية والحروب الدموية الكبيرة, وتزرع الاحقاد و الضغائن بين الأقوام, وهذه الاوضاع و الظروف تُفيد المتسلطين من أصحاب الرأسمال , وهناك جزء آخر من الصراعات والنزاعات الدولية ترجع جذورها إلى الفروقات الطبقية. إذ تحدث الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية من أجل مصالحها ثغرات بين علاقات الدول وأقوامها.
إنَّ المصالح الإقتصادية والعلاقات القائمة بين الناس عامل مهم لتحديد الحقوق المتساوية للقوميات. وكما قال (لينين)لايجوز أنَّ لايؤخذ بنظر الاعتبار السبب الإقتصادي القوي في المسألة القومية لدى الماركسيين, لأنَّ الإشتراكية نضع يدها باكتظاظ على الجانب الإقتصادي . ولاتستطيع أنَّ لاتضع في نظر اعتبارها الجانب الإقتصادي في علاقات التساوي بين الناس. فالإشتراكية هي الجانب الئيس في تحديد الحقوق المتساوية للقوميات والطبقات, وفي الأصل فإنَّ القاعدة والأساس هنا عبارة عن الإنتاج وعملية التوزيع و الحقوق الإقتصادية الإشتراكية , وتكون على أساس تنظيم حُرّ ومُتساوٍ."وكذلك تستطيع الإنسانية أنَّ تقضي على الطبقات, وذلك بعد اجتيازها مرحلة انتقالية هي مرحلة ديكتاتورية الطبقة المُضطهَدة, وكذلك تستطيع الوصول إلى توحيد القوميات وذلك باجتيازها مرحلة انتقالية, هي مرحلة تحرر جميع القوميات المُضطهَدة بأكملها, أي: مرحلة تأخذ فيها حق الإنفصال."(71) إنَّ الظروف والأوضاع العملية التي يتطلع اليسار إليها في الإقليم وايران بتوجيه من غيرهم وبمعرفتهم, ليس تطلعهم إلاَّ التخلّي عن مُهمة وظيفية لابُدّ من الإقدام عليها من أجل القضاء على الفروقات القومية والاضطهاد القومي. فهؤلاء يبعدون انفسهم عن عملية ويتخلون عنها , كان المفروض القيام بها, فأفكار هؤلاء ومايذهبون إليه نابعة من الفكر الإشتراكي الليبرالي في أوروبا. وبناءً على ذلك فإنَّ هؤلاء من أهل اليسار إقاهم أصحاب نوع من عدم المعرفة وقد وضعواهذه المهمة على نحو مُربك ومُشوّش في خارطة عملهم, وإمّا يعيدون أنفسهم أصحاب القضية ويريدون عدم تنفيذها, أي أنّهم في كل الأحوال يتعاملون ديماغوجياً مع هذه القضية , لأنَّ جميع أعمالهم هذه لاتستطيع أنَّ تجيب عن أسئلة الشيوعيين العلميين عملياً فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات, لذا إنَّ توجهاتهم ترادف التوجهات السياسية لأوليكارشية أحزاب الأقليم.
إنَّ مامَرّ ذكره سبق أن ادّعاه اليسار الكوردستاني في العراق وايران في الماضي ومايزال يّدعيه اليوم ويفكربه حين يقول:( في الواقع العملي إنَّ السياسة التي ينتهجها يسار كوردستان العراق وايران لاتعني إدارة حركة ذي نهج مستقل. فهذا الشعار ينبغي أن يحتل زاوية من زوايا البديل العملي ل (حزب الشيوعي العمالي-ح.ك.ك-) وحركة الشورى في كوردستان العراق. إنَّ الإطار العملي لهذا الشعار في توقعاتنا و توجهاتنا(نظر الشيوعية العمالية) هو:أولاً: إنَّ الإستفتاء والرجوع الى آراء الناس يجب أن يكون باتفاق مع(مصدر أممي رسمي) حتى نحّقق نتائج الإستفتاء أكثر ولكن الى حَدّ تحقيق هذه العملية فالمفروض أن نطالب باستفتاء حُرّ من أجل تثبيت أوضاع كوردستان, ففي نظرنا(نظر الشيوعية العمالية) أنَّ إرادة الناس وإبداء أرائهم لها اعتبارات. ففي استفتاء كهذا يجب ندعو الى دولة مستقلة.(72) إنَّ توجهات وأنظار اليسار حول التطبيق العملي نوعان: أحدهما : التحدث عن التحرر الوطني واستقلال الرأسمالية الوطنية كما تدّعيه البرجوازية الوطنية. ويطالبون من البرجوازية المتسلطة والمُضطهِدة بعلاقات حَرّة وإطلاق الحريات السياسية والإقتصادية البرجوازية القومية. وهذه الفروقات تنتج العنجهية و المغالات في التعصب القومي, لأنَّ البرجوازية القومية تحصل على امتيازاتها من الفروق القومية والصراع القومي فتسعى إلى السيطرة على مصادر اقتصاد البلاده تحت اسم حماية البلاد والأمة ومصادرهما الإقتصادية و مواردهما الطبيعية, وبهذا فإنها تقوّي الفروقات القومية مع الآخرين وتعمقّها, وتحاول إيصال تلك الفروقات إلى حَدّ التعصب والكراهية وخلق روح الإنانية وعبادة النفس في صفوف العمال. أما الفروقات الآخرى فهي تخالف كثيراً الفروقات التي تدعو اليها البرجوازية, لذا ينبغي للعمال والشيوعيين أن تكون لديهم الرغبة في التزام الفروقات المغايرة لمايسلكه البرجوازيين والرأسماليين.
من تباين وفروق بين الكورد والقوميات الآخرى, ولكي نستطيع أنَّ نطوّر العلاقات الأممية بين العمال والشغيلة علينا تجسيدها في دستور العمل حتى نتمكن من القضاء على النزعات السياسية الشوفينية لدى العمال ويكون همهم الوحيد مساندة ومؤازرة رفاقهم في النضال من عمال وشغيلة القوميات الآخرى في التصدّي لأصحاب رؤوس الأموال. والوقوف معا ضّد سياسة البرجوازيين الليبراليين, وذلك في المناطق والبلدان التي
تسكنها القوميات المختلفة. فإذا وصلت علاقاتها إلى مستوى العنف و الاضطراب, فإنَّ التأريخ يسجل عملية انفصالها. وتأريخ العلاقات بين القوميات , ويُنتج انفصال بعضها عن بعض. إنَّ النصائح التي يقدمها يسار ايران ليسار كوردستان و العراق وقدمها سلفاً. ويدفع حركة الِورى في كوردستان( إن وجدت) إلى القيام بوضع حَدّ للأوضاع و الظروف الأتية. ويرى أنَّ إعادة كوردستان إلى العراق و ضّمه إليه من الواجبات العملية لتلك الحركة. إنَّ الوجه العملي لتلك التوجهات والأراء فيستند إلى نظرية تمتع الكورد بحق تقرير المصير أو البقاء ضمن عراق فدرالي متّحد – أي:إِنَّ ماسّموه بالفراغ السياسي و الإداري في الماضي وفي الحاضر وكانوا يُناقشون بسببها أوضاع و ظروف كوردستان والعراق والعلاقات بين القوميات والأديان والمذاهب المختلفة. فهؤلاء كانوا يحملون الافكار نفسها التي كان اليمينيون يعتقدون بها ، فكانوا بذلك الوجه الآخر لليسار، وكانوا مع هؤلاء متشابهين و متكافئين في الاعتقاد و المواقف. وبدائلهم كانوا يعتقدون بأفكار اليمينين نفسها و يتخذون مواقفهم انفسها. وهذه التوجهات و الافكار تتوافق مع مواقف و توجهات الاحزاب الكوردية و زعمائها ألاوليكارشيين ولا تعارض بينهما. ولم يستطع هؤلاء من مدّعي اليسار الخروج عن توجهات و أفكار الاحزاب الكوردية ألاوليكارشية الكاذبة و الخادعة. فجهة ترى في الاستفتاء الحَلّ و تقرير المصير، وجهة اخرى تعود الى المركز و ترى الحَلّ في ذلك. وبعضٌ من هذه الجهات لاتحم أفكاراً واضحة و صريحة فلا يستطيع أحد تحديد مواقفهم و اتجاهاتهم. وكذلك عندما يضع عملية عدم تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات على عاتق السياسة و أهداف الدول ألامبرياليه و العظى للتهرب من مسؤلية يجب عليه ألالتزام به من أجل إيجاد حق المساواة بين القوميات. وفي مسألة الاعتراف بانفصال عمال الكورد عن العمال العرب و الفرس و الترك وحتى في تأسيس دولتهم المستقلة نجد أن وجهات نظر اليمين و اليسار و مواقفهما مختلفتان باستثناء الدعوة الى تأسيس دولة مستقلة فهما متوافقان بصددها لكن بصورة غير منتظمة بغية إحداث تشتيت الفكر و إقلاق الراحة. ففيما يخص الدولة المستقلة فإنهم الآن يقولون كما إعتقدوا سابقاً أيضاً (إن شعارنا ليس تأسيس دوله كوردية وأن تكون للكورد دولة مستقلة ، فنحن نريد لتقرير مصير كوردستان حتى للاستقلال أن يُجرى إستفتاء شعبي بين سكان و قاطني كوردستان بغض النظر عن انتمائهم القومي).(73).
إنً يساريي إيران و العراق لايستطيعون إخفاء مواقفهم الكاذبة و شعاراتهم بين طيّات آرائهم و توجهاتهم المتضادة وأن يطبقوها على أرض الواقع. فشعاراتهم هذه ماتزال الشعارات الموضوعة على اللافتات و المكتوبة في بياناتهم. فهي لايتمكنون من القيام بحل المسألة القومية للكوردية بطريقة ثورية ويضمنوا بها حقوق المساواة بين القوميات. إن الواجب يفرض على ألاشتراكية المنتصرة إذا إكتسبت الديمقراطية الصحيحة ألا تكون جهودها مقصورة على تحقيق المساواة الكاملة بين القوميات، وإنما عليها القيام بإقرار حقوق ألامم المظلومة و المحرومة في تقرير مصيرها. اي: ان تكون حُرّةً في إختيارها الانفصال السياسي. وإذا لم تستطع ألاحزاب ألاشتراكية بكل أنشطتها الآن وفي حال قيام الثورة وبعد ألانتصار أن تثبت أنها تحرر ألامم المظلومة، وتقيم علاقات معها على أساس حرية التوحيد (مع معرفة أنَّ حرية التوحيد بمفردها شعار زائف دون حرية ألانفصال) وحينئذ تخون هذه ألاحزاب ألاشتراكية. ولاريب أنَّ الديمقراطية التي هي نوع من انواع الدولة قد تضمحل بإضمحلال الدولة فيكون الثبات و الرسوخ للشيوعية الكاملة بعد الانتقال من الاشتراكية الناجحة.(74).
وهذه المسألة تحتاج الى جواب وهو انَّ الشيوعيين إن لم يكونوا مهيمنين فتأسيس الدولة الكوردية و إنشاؤها الى الحصول على اجوبتهم. ولا يعني هذا أن تخلى الساحة للبرجوازيين و أصحاب رؤوس الاموال و أحزاب كوردستان الاخرى وأن يُرخى لهم العنان فيما يقومون به من القمع و الاضطهاد و نهب أموال و خيرات البلاد. وأن يُسلَّمَ المجتمع لمجموعة سياسية أوليكارشية تتصف بصفات عصابات الجريمة المنظمة و قطاع الطرق و القراصنة. فلليسار أحاديث و أقاويل باطلة لاطائل فيها، ولمصلحة شعاراته يقول (يجب أن يكون اليسار مندوباً عن حدوث المصير- ويقصد بذلك المأساة(التراجيديا)- فهذا الشعار يساند ادارة هذا الدور... وينير و يضيء الطرح الثالث لاستقلال نقطة غير معينة في اذهان أغلبية الناس. وهكذا فإن هذا الشعار فضلاً عن كونه عملياً او غير عملي دفع العمال و الكادحين الى ميادين العمل وجعلهم متفائلين بتمكنهم من تقرير مصيرهم بأنفسهم)(75). ولايجوز للشيوعية رفع شعار لايمكنهم تحقيقه، أو أنَّ تحقيقه يمنحنا نتاجاً برجوازياً، وبناء على ذلك لايجوز أن ترفع الشعارات من أجل تفاؤل العمال بأمنية لايمكن تحقيقها. أو صهرهم في بودقة الموهوبة وينبغي أن ترفع الشعارات من أجل توضيح العمل المطلوب منك في اليوم والوقت المحدد ويكون مناسباً للتطبيق. والشعار الذي يحتاج التأريخ إلى تطبيقة عمليا مهم جداً, وهومن جانب النضال الطبقي مفيد للواجب و العمل التأريخي للطبقة العاملة, ومعلوم أنَّ أحد الواجبات التأريخية للطبقة العاملة هو العمل من أجل تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات والأمم من أجل القضاء على الميول وألأفكار الشوفينية بين الأمم و الأقوام واجتثاث جذورها ورفع شأن آراء وأفكار الطبقة العاملة والكادحة للأمم والقوميات المختلفة وإعلائها. وهذه الجهود كلها لاتبذل من أجل إبعاد وتبديد المضايقات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية للطبقة البرجوازية في المناطق المختلفة.
ففي المناطق المختلفة وفي كل بلد ومنطقة كانت ساحة وميداناً لكفاح ونضال الطبقة العاملة والشيوعيين أصبحت المسألة القومية عائقة وعقبة أمام هذا النضال وحاولت كثيراً تمزيقهذا النضال و ارهاقه.وينبغي العمل وبذل الجهود من أجل " الاعتراف بحقوق الإنفصال للجميع واعلاء كل مسألة وقضية متعلقة بالإنفصال, من منظار يكون بعيداً عن التقصير في المساواة و التمييز الطبقي و التسلط."(76)
وهذه العملية محاولة لإزدهار وتطوير النضال الطبقي للطبقة العاملة, وتطبيقها مفيد ونافع لتأريخ نضال البروليتاريا ضد الرأسمالية ونظامها. فإذا صيغ من الناحية النظرية شعار ورفع هذا الشعار ولم يطبق على أرض الواقع, فإنَّ هذا يجعل الطبقة الثورية متردداً ومتشككاً في نضاله ويدفعها إلى تعليق آماله الثورية بمستقبل غير واضح. وينبغي أنَّ يكون شعار الدفاع عن حقوق المساواة بين القوميات أحد الشعارات الواضحة والصادقة لنضال الطبقة العاملة و الشيوعيين وذلك من أجل تحقيق الأهداف التأريخية الطبقية للطبقة الثورية في هذا العصر. لكن اليسار واليمين إلى حَدّ الأن يرفعان معاً شعاراً عمليا مضاداً وغير مناسب من أجل ماذكرنا.
فهما بذلك قد أبعدا العمال وطبقة البرولتاريا عن سياسة وأهداف التغيير العملي, ويحاولان إخراج هذه الطبقة عن طريقها الصحيح. باقتران أهدافها وسياستها بأهداف وسياسة الإشتراكيين الليبراليين والإشتراكيين الديمقراطيين والبرجوازية القومية. إنَّ الأخذ بيد الطبقة العاملة ودعوتها إلى المطالبة بتساوي الحقوق بين القوميات و الدعوة إلى تحقيق تلك المساواة, قد تحدد تأريخ تلك العلاقة التي تربط بين قوميتين أو أكثر مضطهدتين ومحرومتين من أبسط الحقوق. أي أنَّ تسلّط برجوازية قوميةما على عمال وكادحي وبرجوازية قومية أُخرى, يخلق الرغبة إلى التحرر و الإنفصال و الدعوة إليهما لدى أبناء القومية الخاضعة و المضطَهَدة. إنَّ تعطيل العمل بكل هدف من أهداف عملية النضال والكفاح له عواقب وخيمة وتترك آثاراً سيئة على هذه العملية كابتعاد الطبقة العاملة عن الواجبات و الأهداف الواقعة على عاتقها تأريخياً. إنَّ عملية حَل حَق التساوي بين القوميات , وعملية تحقيق هذا الحَق, عملية تكتيكية ثورية للطبقة العاملة والشيوعيين ضد الأهداف و الرغبات السياسية والإجتماعية والإقتصادية للدول الإمبريالية و الكبرى والبرجوازية و الرأسمالية المحلية. وفي الختام ينبغي لنا أنَّ ننهي بحثنا بإحدى مقولات ماركس وهي "كل أمة تضطهِد أمة أخرى, لايمكن أن تكون حُرّة ."
نجم الدين فارس 28-1-2018

المصادر:
(71)- لينين :مسئل السياسة القومية والاممية البروليتارية, دار التقدم, موسكو, 1969, ص174.
(72)- منصور حكمت: في الدفاع........,الى الأمام , العدد21,ص5 .(باللغة الكردية)
(73)- المصدر نفسه ,ص5.
(74)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص168-169.
(75)- منصور حكمت: المصدر السابق ذكره, ص5.
(76)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص92.



الرغبة القومية والمطلب الأوليكارشي
الجزء الثامن
عملية تحقيق المساواة في حقوق القوميات
هناك أراء ووجهات نظرمتباينة حول الحقوق المتساويةللقوميات.وهذه الأراء تتعلق بالمنزلة الإجتماعية والإقتصاديةومصالحهما المختلفة. لأن كل رأي ووجهة نظر نابع من مستوى صاحبه وتصنيفه الطبقي. ومن هذا الطريق يُحَدد كيفية الدفاع عن تلك الحقوق ويقوم بتجسيدها . فالماكسيون يختلفون كثيراً عن البورجوازيين والرأسماليين وأحزابهم في مواقفهم تجاه التساوي في حقوق القوميات وتعاملهم في تحقيق هذا التساوي. لأن حق المساوات بين القوميات عند الماركسين يعني التساوي بين افراد المجتمع جميعهم من كافة الأوجهه الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. وهذا الأمر إن لم يتحقق في مرحلة الدكتاتورية البروليتارية التي هي مرحلة انتقالية ينتقل المجتمع الرأسمالي فيها الى الإشتراكية والشيوعية العلمية. وفي هذه المرحلة- آي: مرحلة الإشتراكية و الشيوعية العلمية لايبقى اي وجود للمكّونات الدينية والإثنية والعرقية ولايقُومُ لها ايّ قائم. ويجرد الإنسان عن التباهي بالمكانة الإقتصادية والإجتماعية والقومية و الدينية والمذهبية ولون البشرة وضخامة الجسد وصغره . لأنَّ المكانة الإقتصادية و الملكية الخاصة والسيادة الطبقية منذ بداية وجودها هي المصدر الأساسي لإنتهاك حقوق الإنسان والإستغلاله وعدم التساوي بين أفراد الناس. وكذلك فإنّها المُصَمِمّة الأساسية للسلطات والصلاحيات المختلفة. إِنَّ السلطات المتباينة والمختلفة بين الدول والقوميات , تعني التمييز والفوارق و المعاداة ومحاولة مجموعة التسلط على مجموعة وقومية أخرى. وهذا هو الطبيعة الدائمة والمستمرة للسلطة الطبقية ونظامها, ومن أجل ذلك تسلك هذه السلطة جميع الطرق , ويخلق الفوارق الجندرية والتمييز القومي والمناطقي ولون البشرة , وصغر و ضغامة حجم النفوذ والسلطة, تقوم بإدامة نظامها الإقتصادي والسياسي والإجتماعي , وتَرتسخ دعائمه. و من ناحية أخرى فإنَّ وُجهة نظر برجوازي ورأسمالي القومية المتسلطة فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات سلبية تجاه الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية للطبقة نفسها للقومية الخاضعة تحت سيطرتها. لذا فهؤلاء حتى في تأسيس الدولة وانفصال القومية الواقعة تحت سيطرة وقبضة القومية المتسلطة, لايمنحون الحقوق المتساوية لأفراد قوميتهم, ولاينهون إضطهاد صاحب العمال وذوي النفوذ لكدح عمال وشغيلة قوميتهم. وهذه النظرة تفترق كثيراً عن النظرة الإشتراكية العلمية و الماركسية. فهما موقفان ونوعا تباين تجسيد حقوق تساوي القوميات. وهكذا فإنَّ هؤلاء في الدول الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية وديمقراطياتها يجدون أنفسهم في عملية نشوء الدولة القومية. ولايستطيعون بحسب ظروف وأحوال القومية التي تحدد من الناحية الجيوسياسية والجيوإقتصادية ونظام الإنتاج و القدرات العسكرية, أن يحققوا الحقوق المتساوية للقوميات. ولكون برجوازيي و رأسماليي كل قومية يجدون مصالحهم في المشكلات و النزاعات القائمة بين القوميات, أو في الاغلب وفي أوقات مختلفة يستفيدون من الصراعات التي تدور بين العمال بإسم للقوميات المختلفة. إنَّ البرجوازيين وأصحاب الأموال يحاولون دائماً مواصلة سيطرتهم على الطبقات الخاضعة لهم بتكديس أموالهم من قوة عمل العمال والكادحين واضطهاد محكوميهم حتى يؤمنوا لأنفسهم ولنظرائهم حياة سعيدة ويتمتعوا بعيش رغيد. وهكذا فإنَّ الدولة الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية و الدكتاتورية وديمقراطيتها, لاتستطيع أن تمنح الحقوق المتساوية للقوميات . إنَّ الدولة تعني سيطرة طبقة على طبقة أخُرى, وتعني التباين بين مصلحة المتسلط والراضخ, وتعني وجود الطبقات المتباينة. وبخلاف ذلك فإنَّ الإشتراكية و الشيوعية العلمية هي الضمانة الوحيدة للحصول على الحقوق المتساوية للقوميات. لأنها- آي الإشتراكية و الشيوعية العلمية- المصدر الأساسي للخلاص من الفروقات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والطبقية. ولأنَّ هذه الفروقات الطبقية في المجتمع هي مصدرومنشأ جميع انواع الإضتهاد بين بني البشر. إنَّ الجزء الكبير وجميع مشكلات المجتمع والفروقات على مستوى وجه الدنيا متعلق بوجود الطبقات. وتُعَدُّ المصالح الإقتصادية و الإجتماعية المختلفة , مصدر خلق المشكلات القومية والحروب الدموية الكبيرة, وتزرع الاحقاد و الضغائن بين الأقوام, وهذه الاوضاع و الظروف تُفيد المتسلطين من أصحاب الرأسمال , وهناك جزء آخر من الصراعات والنزاعات الدولية ترجع جذورها إلى الفروقات الطبقية. إذ تحدث الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية من أجل مصالحها ثغرات بين علاقات الدول وأقوامها.
إنَّ المصالح الإقتصادية والعلاقات القائمة بين الناس عامل مهم لتحديد الحقوق المتساوية للقوميات. وكما قال (لينين)لايجوز أنَّ لايؤخذ بنظر الاعتبار السبب الإقتصادي القوي في المسألة القومية لدى الماركسيين, لأنَّ الإشتراكية نضع يدها باكتظاظ على الجانب الإقتصادي . ولاتستطيع أنَّ لاتضع في نظر اعتبارها الجانب الإقتصادي في علاقات التساوي بين الناس. فالإشتراكية هي الجانب الئيس في تحديد الحقوق المتساوية للقوميات والطبقات, وفي الأصل فإنَّ القاعدة والأساس هنا عبارة عن الإنتاج وعملية التوزيع و الحقوق الإقتصادية الإشتراكية , وتكون على أساس تنظيم حُرّ ومُتساوٍ."وكذلك تستطيع الإنسانية أنَّ تقضي على الطبقات, وذلك بعد اجتيازها مرحلة انتقالية هي مرحلة ديكتاتورية الطبقة المُضطهَدة, وكذلك تستطيع الوصول إلى توحيد القوميات وذلك باجتيازها مرحلة انتقالية, هي مرحلة تحرر جميع القوميات المُضطهَدة بأكملها, أي: مرحلة تأخذ فيها حق الإنفصال."(71) إنَّ الظروف والأوضاع العملية التي يتطلع اليسار إليها في الإقليم وايران بتوجيه من غيرهم وبمعرفتهم, ليس تطلعهم إلاَّ التخلّي عن مُهمة وظيفية لابُدّ من الإقدام عليها من أجل القضاء على الفروقات القومية والاضطهاد القومي. فهؤلاء يبعدون انفسهم عن عملية ويتخلون عنها , كان المفروض القيام بها, فأفكار هؤلاء ومايذهبون إليه نابعة من الفكر الإشتراكي الليبرالي في أوروبا. وبناءً على ذلك فإنَّ هؤلاء من أهل اليسار إقاهم أصحاب نوع من عدم المعرفة وقد وضعواهذه المهمة على نحو مُربك ومُشوّش في خارطة عملهم, وإمّا يعيدون أنفسهم أصحاب القضية ويريدون عدم تنفيذها, أي أنّهم في كل الأحوال يتعاملون ديماغوجياً مع هذه القضية , لأنَّ جميع أعمالهم هذه لاتستطيع أنَّ تجيب عن أسئلة الشيوعيين العلميين عملياً فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات, لذا إنَّ توجهاتهم ترادف التوجهات السياسية لأوليكارشية أحزاب الأقليم.
إنَّ مامَرّ ذكره سبق أن ادّعاه اليسار الكوردستاني في العراق وايران في الماضي ومايزال يّدعيه اليوم ويفكربه حين يقول:( في الواقع العملي إنَّ السياسة التي ينتهجها يسار كوردستان العراق وايران لاتعني إدارة حركة ذي نهج مستقل. فهذا الشعار ينبغي أن يحتل زاوية من زوايا البديل العملي ل (حزب الشيوعي العمالي-ح.ك.ك-) وحركة الشورى في كوردستان العراق. إنَّ الإطار العملي لهذا الشعار في توقعاتنا و توجهاتنا(نظر الشيوعية العمالية) هو:أولاً: إنَّ الإستفتاء والرجوع الى آراء الناس يجب أن يكون باتفاق مع(مصدر أممي رسمي) حتى نحّقق نتائج الإستفتاء أكثر ولكن الى حَدّ تحقيق هذه العملية فالمفروض أن نطالب باستفتاء حُرّ من أجل تثبيت أوضاع كوردستان, ففي نظرنا(نظر الشيوعية العمالية) أنَّ إرادة الناس وإبداء أرائهم لها اعتبارات. ففي استفتاء كهذا يجب ندعو الى دولة مستقلة.(72) إنَّ توجهات وأنظار اليسار حول التطبيق العملي نوعان: أحدهما : التحدث عن التحرر الوطني واستقلال الرأسمالية الوطنية كما تدّعيه البرجوازية الوطنية. ويطالبون من البرجوازية المتسلطة والمُضطهِدة بعلاقات حَرّة وإطلاق الحريات السياسية والإقتصادية البرجوازية القومية. وهذه الفروقات تنتج العنجهية و المغالات في التعصب القومي, لأنَّ البرجوازية القومية تحصل على امتيازاتها من الفروق القومية والصراع القومي فتسعى إلى السيطرة على مصادر اقتصاد البلاده تحت اسم حماية البلاد والأمة ومصادرهما الإقتصادية و مواردهما الطبيعية, وبهذا فإنها تقوّي الفروقات القومية مع الآخرين وتعمقّها, وتحاول إيصال تلك الفروقات إلى حَدّ التعصب والكراهية وخلق روح الإنانية وعبادة النفس في صفوف العمال. أما الفروقات الآخرى فهي تخالف كثيراً الفروقات التي تدعو اليها البرجوازية, لذا ينبغي للعمال والشيوعيين أن تكون لديهم الرغبة في التزام الفروقات المغايرة لمايسلكه البرجوازيين والرأسماليين.
من تباين وفروق بين الكورد والقوميات الآخرى, ولكي نستطيع أنَّ نطوّر العلاقات الأممية بين العمال والشغيلة علينا تجسيدها في دستور العمل حتى نتمكن من القضاء على النزعات السياسية الشوفينية لدى العمال ويكون همهم الوحيد مساندة ومؤازرة رفاقهم في النضال من عمال وشغيلة القوميات الآخرى في التصدّي لأصحاب رؤوس الأموال. والوقوف معا ضّد سياسة البرجوازيين الليبراليين, وذلك في المناطق والبلدان التي
تسكنها القوميات المختلفة. فإذا وصلت علاقاتها إلى مستوى العنف و الاضطراب, فإنَّ التأريخ يسجل عملية انفصالها. وتأريخ العلاقات بين القوميات , ويُنتج انفصال بعضها عن بعض. إنَّ النصائح التي يقدمها يسار ايران ليسار كوردستان و العراق وقدمها سلفاً. ويدفع حركة الِورى في كوردستان( إن وجدت) إلى القيام بوضع حَدّ للأوضاع و الظروف الأتية. ويرى أنَّ إعادة كوردستان إلى العراق و ضّمه إليه من الواجبات العملية لتلك الحركة. إنَّ الوجه العملي لتلك التوجهات والأراء فيستند إلى نظرية تمتع الكورد بحق تقرير المصير أو البقاء ضمن عراق فدرالي متّحد – أي:إِنَّ ماسّموه بالفراغ السياسي و الإداري في الماضي وفي الحاضر وكانوا يُناقشون بسببها أوضاع و ظروف كوردستان والعراق والعلاقات بين القوميات والأديان والمذاهب المختلفة. فهؤلاء كانوا يحملون الافكار نفسها التي كان اليمينيون يعتقدون بها ، فكانوا بذلك الوجه الآخر لليسار، وكانوا مع هؤلاء متشابهين و متكافئين في الاعتقاد و المواقف. وبدائلهم كانوا يعتقدون بأفكار اليمينين نفسها و يتخذون مواقفهم انفسها. وهذه التوجهات و الافكار تتوافق مع مواقف و توجهات الاحزاب الكوردية و زعمائها ألاوليكارشيين ولا تعارض بينهما. ولم يستطع هؤلاء من مدّعي اليسار الخروج عن توجهات و أفكار الاحزاب الكوردية ألاوليكارشية الكاذبة و الخادعة. فجهة ترى في الاستفتاء الحَلّ و تقرير المصير، وجهة اخرى تعود الى المركز و ترى الحَلّ في ذلك. وبعضٌ من هذه الجهات لاتحم أفكاراً واضحة و صريحة فلا يستطيع أحد تحديد مواقفهم و اتجاهاتهم. وكذلك عندما يضع عملية عدم تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات على عاتق السياسة و أهداف الدول ألامبرياليه و العظى للتهرب من مسؤلية يجب عليه ألالتزام به من أجل إيجاد حق المساواة بين القوميات. وفي مسألة الاعتراف بانفصال عمال الكورد عن العمال العرب و الفرس و الترك وحتى في تأسيس دولتهم المستقلة نجد أن وجهات نظر اليمين و اليسار و مواقفهما مختلفتان باستثناء الدعوة الى تأسيس دولة مستقلة فهما متوافقان بصددها لكن بصورة غير منتظمة بغية إحداث تشتيت الفكر و إقلاق الراحة. ففيما يخص الدولة المستقلة فإنهم الآن يقولون كما إعتقدوا سابقاً أيضاً (إن شعارنا ليس تأسيس دوله كوردية وأن تكون للكورد دولة مستقلة ، فنحن نريد لتقرير مصير كوردستان حتى للاستقلال أن يُجرى إستفتاء شعبي بين سكان و قاطني كوردستان بغض النظر عن انتمائهم القومي).(73).
إنً يساريي إيران و العراق لايستطيعون إخفاء مواقفهم الكاذبة و شعاراتهم بين طيّات آرائهم و توجهاتهم المتضادة وأن يطبقوها على أرض الواقع. فشعاراتهم هذه ماتزال الشعارات الموضوعة على اللافتات و المكتوبة في بياناتهم. فهي لايتمكنون من القيام بحل المسألة القومية للكوردية بطريقة ثورية ويضمنوا بها حقوق المساواة بين القوميات. إن الواجب يفرض على ألاشتراكية المنتصرة إذا إكتسبت الديمقراطية الصحيحة ألا تكون جهودها مقصورة على تحقيق المساواة الكاملة بين القوميات، وإنما عليها القيام بإقرار حقوق ألامم المظلومة و المحرومة في تقرير مصيرها. اي: ان تكون حُرّةً في إختيارها الانفصال السياسي. وإذا لم تستطع ألاحزاب ألاشتراكية بكل أنشطتها الآن وفي حال قيام الثورة وبعد ألانتصار أن تثبت أنها تحرر ألامم المظلومة، وتقيم علاقات معها على أساس حرية التوحيد (مع معرفة أنَّ حرية التوحيد بمفردها شعار زائف دون حرية ألانفصال) وحينئذ تخون هذه ألاحزاب ألاشتراكية. ولاريب أنَّ الديمقراطية التي هي نوع من انواع الدولة قد تضمحل بإضمحلال الدولة فيكون الثبات و الرسوخ للشيوعية الكاملة بعد الانتقال من الاشتراكية الناجحة.(74).
وهذه المسألة تحتاج الى جواب وهو انَّ الشيوعيين إن لم يكونوا مهيمنين فتأسيس الدولة الكوردية و إنشاؤها الى الحصول على اجوبتهم. ولا يعني هذا أن تخلى الساحة للبرجوازيين و أصحاب رؤوس الاموال و أحزاب كوردستان الاخرى وأن يُرخى لهم العنان فيما يقومون به من القمع و الاضطهاد و نهب أموال و خيرات البلاد. وأن يُسلَّمَ المجتمع لمجموعة سياسية أوليكارشية تتصف بصفات عصابات الجريمة المنظمة و قطاع الطرق و القراصنة. فلليسار أحاديث و أقاويل باطلة لاطائل فيها، ولمصلحة شعاراته يقول (يجب أن يكون اليسار مندوباً عن حدوث المصير- ويقصد بذلك المأساة(التراجيديا)- فهذا الشعار يساند ادارة هذا الدور... وينير و يضيء الطرح الثالث لاستقلال نقطة غير معينة في اذهان أغلبية الناس. وهكذا فإن هذا الشعار فضلاً عن كونه عملياً او غير عملي دفع العمال و الكادحين الى ميادين العمل وجعلهم متفائلين بتمكنهم من تقرير مصيرهم بأنفسهم)(75). ولايجوز للشيوعية رفع شعار لايمكنهم تحقيقه، أو أنَّ تحقيقه يمنحنا نتاجاً برجوازياً، وبناء على ذلك لايجوز أن ترفع الشعارات من أجل تفاؤل العمال بأمنية لايمكن تحقيقها. أو صهرهم في بودقة الموهوبة وينبغي أن ترفع الشعارات من أجل توضيح العمل المطلوب منك في اليوم والوقت المحدد ويكون مناسباً للتطبيق. والشعار الذي يحتاج التأريخ إلى تطبيقة عمليا مهم جداً, وهومن جانب النضال الطبقي مفيد للواجب و العمل التأريخي للطبقة العاملة, ومعلوم أنَّ أحد الواجبات التأريخية للطبقة العاملة هو العمل من أجل تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات والأمم من أجل القضاء على الميول وألأفكار الشوفينية بين الأمم و الأقوام واجتثاث جذورها ورفع شأن آراء وأفكار الطبقة العاملة والكادحة للأمم والقوميات المختلفة وإعلائها. وهذه الجهود كلها لاتبذل من أجل إبعاد وتبديد المضايقات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية للطبقة البرجوازية في المناطق المختلفة.
ففي المناطق المختلفة وفي كل بلد ومنطقة كانت ساحة وميداناً لكفاح ونضال الطبقة العاملة والشيوعيين أصبحت المسألة القومية عائقة وعقبة أمام هذا النضال وحاولت كثيراً تمزيقهذا النضال و ارهاقه.وينبغي العمل وبذل الجهود من أجل " الاعتراف بحقوق الإنفصال للجميع واعلاء كل مسألة وقضية متعلقة بالإنفصال, من منظار يكون بعيداً عن التقصير في المساواة و التمييز الطبقي و التسلط."(76)
وهذه العملية محاولة لإزدهار وتطوير النضال الطبقي للطبقة العاملة, وتطبيقها مفيد ونافع لتأريخ نضال البروليتاريا ضد الرأسمالية ونظامها. فإذا صيغ من الناحية النظرية شعار ورفع هذا الشعار ولم يطبق على أرض الواقع, فإنَّ هذا يجعل الطبقة الثورية متردداً ومتشككاً في نضاله ويدفعها إلى تعليق آماله الثورية بمستقبل غير واضح. وينبغي أنَّ يكون شعار الدفاع عن حقوق المساواة بين القوميات أحد الشعارات الواضحة والصادقة لنضال الطبقة العاملة و الشيوعيين وذلك من أجل تحقيق الأهداف التأريخية الطبقية للطبقة الثورية في هذا العصر. لكن اليسار واليمين إلى حَدّ الأن يرفعان معاً شعاراً عمليا مضاداً وغير مناسب من أجل ماذكرنا.
فهما بذلك قد أبعدا العمال وطبقة البرولتاريا عن سياسة وأهداف التغيير العملي, ويحاولان إخراج هذه الطبقة عن طريقها الصحيح. باقتران أهدافها وسياستها بأهداف وسياسة الإشتراكيين الليبراليين والإشتراكيين الديمقراطيين والبرجوازية القومية. إنَّ الأخذ بيد الطبقة العاملة ودعوتها إلى المطالبة بتساوي الحقوق بين القوميات و الدعوة إلى تحقيق تلك المساواة, قد تحدد تأريخ تلك العلاقة التي تربط بين قوميتين أو أكثر مضطهدتين ومحرومتين من أبسط الحقوق. أي أنَّ تسلّط برجوازية قوميةما على عمال وكادحي وبرجوازية قومية أُخرى, يخلق الرغبة إلى التحرر و الإنفصال و الدعوة إليهما لدى أبناء القومية الخاضعة و المضطَهَدة. إنَّ تعطيل العمل بكل هدف من أهداف عملية النضال والكفاح له عواقب وخيمة وتترك آثاراً سيئة على هذه العملية كابتعاد الطبقة العاملة عن الواجبات و الأهداف الواقعة على عاتقها تأريخياً. إنَّ عملية حَل حَق التساوي بين القوميات , وعملية تحقيق هذا الحَق, عملية تكتيكية ثورية للطبقة العاملة والشيوعيين ضد الأهداف و الرغبات السياسية والإجتماعية والإقتصادية للدول الإمبريالية و الكبرى والبرجوازية و الرأسمالية المحلية. وفي الختام ينبغي لنا أنَّ ننهي بحثنا بإحدى مقولات ماركس وهي "كل أمة تضطهِد أمة أخرى, لايمكن أن تكون حُرّة ."
نجم الدين فارس 28-1-2018

المصادر:
(71)- لينين :مسئل السياسة القومية والاممية البروليتارية, دار التقدم, موسكو, 1969, ص174.
(72)- منصور حكمت: في الدفاع........,الى الأمام , العدد21,ص5 .(باللغة الكردية)
(73)- المصدر نفسه ,ص5.
(74)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص168-169.
(75)- منصور حكمت: المصدر السابق ذكره, ص5.
(76)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص92.
















الرغبة القومية والمطلب الأوليكارشي
الجزء الثامن
عملية تحقيق المساواة في حقوق القوميات
هناك أراء ووجهات نظرمتباينة حول الحقوق المتساويةللقوميات.وهذه الأراء تتعلق بالمنزلة الإجتماعية والإقتصاديةومصالحهما المختلفة. لأن كل رأي ووجهة نظر نابع من مستوى صاحبه وتصنيفه الطبقي. ومن هذا الطريق يُحَدد كيفية الدفاع عن تلك الحقوق ويقوم بتجسيدها . فالماكسيون يختلفون كثيراً عن البورجوازيين والرأسماليين وأحزابهم في مواقفهم تجاه التساوي في حقوق القوميات وتعاملهم في تحقيق هذا التساوي. لأن حق المساوات بين القوميات عند الماركسين يعني التساوي بين افراد المجتمع جميعهم من كافة الأوجهه الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. وهذا الأمر إن لم يتحقق في مرحلة الدكتاتورية البروليتارية التي هي مرحلة انتقالية ينتقل المجتمع الرأسمالي فيها الى الإشتراكية والشيوعية العلمية. وفي هذه المرحلة- آي: مرحلة الإشتراكية و الشيوعية العلمية لايبقى اي وجود للمكّونات الدينية والإثنية والعرقية ولايقُومُ لها ايّ قائم. ويجرد الإنسان عن التباهي بالمكانة الإقتصادية والإجتماعية والقومية و الدينية والمذهبية ولون البشرة وضخامة الجسد وصغره . لأنَّ المكانة الإقتصادية و الملكية الخاصة والسيادة الطبقية منذ بداية وجودها هي المصدر الأساسي لإنتهاك حقوق الإنسان والإستغلاله وعدم التساوي بين أفراد الناس. وكذلك فإنّها المُصَمِمّة الأساسية للسلطات والصلاحيات المختلفة. إِنَّ السلطات المتباينة والمختلفة بين الدول والقوميات , تعني التمييز والفوارق و المعاداة ومحاولة مجموعة التسلط على مجموعة وقومية أخرى. وهذا هو الطبيعة الدائمة والمستمرة للسلطة الطبقية ونظامها, ومن أجل ذلك تسلك هذه السلطة جميع الطرق , ويخلق الفوارق الجندرية والتمييز القومي والمناطقي ولون البشرة , وصغر و ضغامة حجم النفوذ والسلطة, تقوم بإدامة نظامها الإقتصادي والسياسي والإجتماعي , وتَرتسخ دعائمه. و من ناحية أخرى فإنَّ وُجهة نظر برجوازي ورأسمالي القومية المتسلطة فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات سلبية تجاه الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية للطبقة نفسها للقومية الخاضعة تحت سيطرتها. لذا فهؤلاء حتى في تأسيس الدولة وانفصال القومية الواقعة تحت سيطرة وقبضة القومية المتسلطة, لايمنحون الحقوق المتساوية لأفراد قوميتهم, ولاينهون إضطهاد صاحب العمال وذوي النفوذ لكدح عمال وشغيلة قوميتهم. وهذه النظرة تفترق كثيراً عن النظرة الإشتراكية العلمية و الماركسية. فهما موقفان ونوعا تباين تجسيد حقوق تساوي القوميات. وهكذا فإنَّ هؤلاء في الدول الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية وديمقراطياتها يجدون أنفسهم في عملية نشوء الدولة القومية. ولايستطيعون بحسب ظروف وأحوال القومية التي تحدد من الناحية الجيوسياسية والجيوإقتصادية ونظام الإنتاج و القدرات العسكرية, أن يحققوا الحقوق المتساوية للقوميات. ولكون برجوازيي و رأسماليي كل قومية يجدون مصالحهم في المشكلات و النزاعات القائمة بين القوميات, أو في الاغلب وفي أوقات مختلفة يستفيدون من الصراعات التي تدور بين العمال بإسم للقوميات المختلفة. إنَّ البرجوازيين وأصحاب الأموال يحاولون دائماً مواصلة سيطرتهم على الطبقات الخاضعة لهم بتكديس أموالهم من قوة عمل العمال والكادحين واضطهاد محكوميهم حتى يؤمنوا لأنفسهم ولنظرائهم حياة سعيدة ويتمتعوا بعيش رغيد. وهكذا فإنَّ الدولة الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية و الدكتاتورية وديمقراطيتها, لاتستطيع أن تمنح الحقوق المتساوية للقوميات . إنَّ الدولة تعني سيطرة طبقة على طبقة أخُرى, وتعني التباين بين مصلحة المتسلط والراضخ, وتعني وجود الطبقات المتباينة. وبخلاف ذلك فإنَّ الإشتراكية و الشيوعية العلمية هي الضمانة الوحيدة للحصول على الحقوق المتساوية للقوميات. لأنها- آي الإشتراكية و الشيوعية العلمية- المصدر الأساسي للخلاص من الفروقات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والطبقية. ولأنَّ هذه الفروقات الطبقية في المجتمع هي مصدرومنشأ جميع انواع الإضتهاد بين بني البشر. إنَّ الجزء الكبير وجميع مشكلات المجتمع والفروقات على مستوى وجه الدنيا متعلق بوجود الطبقات. وتُعَدُّ المصالح الإقتصادية و الإجتماعية المختلفة , مصدر خلق المشكلات القومية والحروب الدموية الكبيرة, وتزرع الاحقاد و الضغائن بين الأقوام, وهذه الاوضاع و الظروف تُفيد المتسلطين من أصحاب الرأسمال , وهناك جزء آخر من الصراعات والنزاعات الدولية ترجع جذورها إلى الفروقات الطبقية. إذ تحدث الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية من أجل مصالحها ثغرات بين علاقات الدول وأقوامها.
إنَّ المصالح الإقتصادية والعلاقات القائمة بين الناس عامل مهم لتحديد الحقوق المتساوية للقوميات. وكما قال (لينين)لايجوز أنَّ لايؤخذ بنظر الاعتبار السبب الإقتصادي القوي في المسألة القومية لدى الماركسيين, لأنَّ الإشتراكية نضع يدها باكتظاظ على الجانب الإقتصادي . ولاتستطيع أنَّ لاتضع في نظر اعتبارها الجانب الإقتصادي في علاقات التساوي بين الناس. فالإشتراكية هي الجانب الئيس في تحديد الحقوق المتساوية للقوميات والطبقات, وفي الأصل فإنَّ القاعدة والأساس هنا عبارة عن الإنتاج وعملية التوزيع و الحقوق الإقتصادية الإشتراكية , وتكون على أساس تنظيم حُرّ ومُتساوٍ."وكذلك تستطيع الإنسانية أنَّ تقضي على الطبقات, وذلك بعد اجتيازها مرحلة انتقالية هي مرحلة ديكتاتورية الطبقة المُضطهَدة, وكذلك تستطيع الوصول إلى توحيد القوميات وذلك باجتيازها مرحلة انتقالية, هي مرحلة تحرر جميع القوميات المُضطهَدة بأكملها, أي: مرحلة تأخذ فيها حق الإنفصال."(71) إنَّ الظروف والأوضاع العملية التي يتطلع اليسار إليها في الإقليم وايران بتوجيه من غيرهم وبمعرفتهم, ليس تطلعهم إلاَّ التخلّي عن مُهمة وظيفية لابُدّ من الإقدام عليها من أجل القضاء على الفروقات القومية والاضطهاد القومي. فهؤلاء يبعدون انفسهم عن عملية ويتخلون عنها , كان المفروض القيام بها, فأفكار هؤلاء ومايذهبون إليه نابعة من الفكر الإشتراكي الليبرالي في أوروبا. وبناءً على ذلك فإنَّ هؤلاء من أهل اليسار إقاهم أصحاب نوع من عدم المعرفة وقد وضعواهذه المهمة على نحو مُربك ومُشوّش في خارطة عملهم, وإمّا يعيدون أنفسهم أصحاب القضية ويريدون عدم تنفيذها, أي أنّهم في كل الأحوال يتعاملون ديماغوجياً مع هذه القضية , لأنَّ جميع أعمالهم هذه لاتستطيع أنَّ تجيب عن أسئلة الشيوعيين العلميين عملياً فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات, لذا إنَّ توجهاتهم ترادف التوجهات السياسية لأوليكارشية أحزاب الأقليم.
إنَّ مامَرّ ذكره سبق أن ادّعاه اليسار الكوردستاني في العراق وايران في الماضي ومايزال يّدعيه اليوم ويفكربه حين يقول:( في الواقع العملي إنَّ السياسة التي ينتهجها يسار كوردستان العراق وايران لاتعني إدارة حركة ذي نهج مستقل. فهذا الشعار ينبغي أن يحتل زاوية من زوايا البديل العملي ل (حزب الشيوعي العمالي-ح.ك.ك-) وحركة الشورى في كوردستان العراق. إنَّ الإطار العملي لهذا الشعار في توقعاتنا و توجهاتنا(نظر الشيوعية العمالية) هو:أولاً: إنَّ الإستفتاء والرجوع الى آراء الناس يجب أن يكون باتفاق مع(مصدر أممي رسمي) حتى نحّقق نتائج الإستفتاء أكثر ولكن الى حَدّ تحقيق هذه العملية فالمفروض أن نطالب باستفتاء حُرّ من أجل تثبيت أوضاع كوردستان, ففي نظرنا(نظر الشيوعية العمالية) أنَّ إرادة الناس وإبداء أرائهم لها اعتبارات. ففي استفتاء كهذا يجب ندعو الى دولة مستقلة.(72) إنَّ توجهات وأنظار اليسار حول التطبيق العملي نوعان: أحدهما : التحدث عن التحرر الوطني واستقلال الرأسمالية الوطنية كما تدّعيه البرجوازية الوطنية. ويطالبون من البرجوازية المتسلطة والمُضطهِدة بعلاقات حَرّة وإطلاق الحريات السياسية والإقتصادية البرجوازية القومية. وهذه الفروقات تنتج العنجهية و المغالات في التعصب القومي, لأنَّ البرجوازية القومية تحصل على امتيازاتها من الفروق القومية والصراع القومي فتسعى إلى السيطرة على مصادر اقتصاد البلاده تحت اسم حماية البلاد والأمة ومصادرهما الإقتصادية و مواردهما الطبيعية, وبهذا فإنها تقوّي الفروقات القومية مع الآخرين وتعمقّها, وتحاول إيصال تلك الفروقات إلى حَدّ التعصب والكراهية وخلق روح الإنانية وعبادة النفس في صفوف العمال. أما الفروقات الآخرى فهي تخالف كثيراً الفروقات التي تدعو اليها البرجوازية, لذا ينبغي للعمال والشيوعيين أن تكون لديهم الرغبة في التزام الفروقات المغايرة لمايسلكه البرجوازيين والرأسماليين.
من تباين وفروق بين الكورد والقوميات الآخرى, ولكي نستطيع أنَّ نطوّر العلاقات الأممية بين العمال والشغيلة علينا تجسيدها في دستور العمل حتى نتمكن من القضاء على النزعات السياسية الشوفينية لدى العمال ويكون همهم الوحيد مساندة ومؤازرة رفاقهم في النضال من عمال وشغيلة القوميات الآخرى في التصدّي لأصحاب رؤوس الأموال. والوقوف معا ضّد سياسة البرجوازيين الليبراليين, وذلك في المناطق والبلدان التي
تسكنها القوميات المختلفة. فإذا وصلت علاقاتها إلى مستوى العنف و الاضطراب, فإنَّ التأريخ يسجل عملية انفصالها. وتأريخ العلاقات بين القوميات , ويُنتج انفصال بعضها عن بعض. إنَّ النصائح التي يقدمها يسار ايران ليسار كوردستان و العراق وقدمها سلفاً. ويدفع حركة الِورى في كوردستان( إن وجدت) إلى القيام بوضع حَدّ للأوضاع و الظروف الأتية. ويرى أنَّ إعادة كوردستان إلى العراق و ضّمه إليه من الواجبات العملية لتلك الحركة. إنَّ الوجه العملي لتلك التوجهات والأراء فيستند إلى نظرية تمتع الكورد بحق تقرير المصير أو البقاء ضمن عراق فدرالي متّحد – أي:إِنَّ ماسّموه بالفراغ السياسي و الإداري في الماضي وفي الحاضر وكانوا يُناقشون بسببها أوضاع و ظروف كوردستان والعراق والعلاقات بين القوميات والأديان والمذاهب المختلفة. فهؤلاء كانوا يحملون الافكار نفسها التي كان اليمينيون يعتقدون بها ، فكانوا بذلك الوجه الآخر لليسار، وكانوا مع هؤلاء متشابهين و متكافئين في الاعتقاد و المواقف. وبدائلهم كانوا يعتقدون بأفكار اليمينين نفسها و يتخذون مواقفهم انفسها. وهذه التوجهات و الافكار تتوافق مع مواقف و توجهات الاحزاب الكوردية و زعمائها ألاوليكارشيين ولا تعارض بينهما. ولم يستطع هؤلاء من مدّعي اليسار الخروج عن توجهات و أفكار الاحزاب الكوردية ألاوليكارشية الكاذبة و الخادعة. فجهة ترى في الاستفتاء الحَلّ و تقرير المصير، وجهة اخرى تعود الى المركز و ترى الحَلّ في ذلك. وبعضٌ من هذه الجهات لاتحم أفكاراً واضحة و صريحة فلا يستطيع أحد تحديد مواقفهم و اتجاهاتهم. وكذلك عندما يضع عملية عدم تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات على عاتق السياسة و أهداف الدول ألامبرياليه و العظى للتهرب من مسؤلية يجب عليه ألالتزام به من أجل إيجاد حق المساواة بين القوميات. وفي مسألة الاعتراف بانفصال عمال الكورد عن العمال العرب و الفرس و الترك وحتى في تأسيس دولتهم المستقلة نجد أن وجهات نظر اليمين و اليسار و مواقفهما مختلفتان باستثناء الدعوة الى تأسيس دولة مستقلة فهما متوافقان بصددها لكن بصورة غير منتظمة بغية إحداث تشتيت الفكر و إقلاق الراحة. ففيما يخص الدولة المستقلة فإنهم الآن يقولون كما إعتقدوا سابقاً أيضاً (إن شعارنا ليس تأسيس دوله كوردية وأن تكون للكورد دولة مستقلة ، فنحن نريد لتقرير مصير كوردستان حتى للاستقلال أن يُجرى إستفتاء شعبي بين سكان و قاطني كوردستان بغض النظر عن انتمائهم القومي).(73).
إنً يساريي إيران و العراق لايستطيعون إخفاء مواقفهم الكاذبة و شعاراتهم بين طيّات آرائهم و توجهاتهم المتضادة وأن يطبقوها على أرض الواقع. فشعاراتهم هذه ماتزال الشعارات الموضوعة على اللافتات و المكتوبة في بياناتهم. فهي لايتمكنون من القيام بحل المسألة القومية للكوردية بطريقة ثورية ويضمنوا بها حقوق المساواة بين القوميات. إن الواجب يفرض على ألاشتراكية المنتصرة إذا إكتسبت الديمقراطية الصحيحة ألا تكون جهودها مقصورة على تحقيق المساواة الكاملة بين القوميات، وإنما عليها القيام بإقرار حقوق ألامم المظلومة و المحرومة في تقرير مصيرها. اي: ان تكون حُرّةً في إختيارها الانفصال السياسي. وإذا لم تستطع ألاحزاب ألاشتراكية بكل أنشطتها الآن وفي حال قيام الثورة وبعد ألانتصار أن تثبت أنها تحرر ألامم المظلومة، وتقيم علاقات معها على أساس حرية التوحيد (مع معرفة أنَّ حرية التوحيد بمفردها شعار زائف دون حرية ألانفصال) وحينئذ تخون هذه ألاحزاب ألاشتراكية. ولاريب أنَّ الديمقراطية التي هي نوع من انواع الدولة قد تضمحل بإضمحلال الدولة فيكون الثبات و الرسوخ للشيوعية الكاملة بعد الانتقال من الاشتراكية الناجحة.(74).
وهذه المسألة تحتاج الى جواب وهو انَّ الشيوعيين إن لم يكونوا مهيمنين فتأسيس الدولة الكوردية و إنشاؤها الى الحصول على اجوبتهم. ولا يعني هذا أن تخلى الساحة للبرجوازيين و أصحاب رؤوس الاموال و أحزاب كوردستان الاخرى وأن يُرخى لهم العنان فيما يقومون به من القمع و الاضطهاد و نهب أموال و خيرات البلاد. وأن يُسلَّمَ المجتمع لمجموعة سياسية أوليكارشية تتصف بصفات عصابات الجريمة المنظمة و قطاع الطرق و القراصنة. فلليسار أحاديث و أقاويل باطلة لاطائل فيها، ولمصلحة شعاراته يقول (يجب أن يكون اليسار مندوباً عن حدوث المصير- ويقصد بذلك المأساة(التراجيديا)- فهذا الشعار يساند ادارة هذا الدور... وينير و يضيء الطرح الثالث لاستقلال نقطة غير معينة في اذهان أغلبية الناس. وهكذا فإن هذا الشعار فضلاً عن كونه عملياً او غير عملي دفع العمال و الكادحين الى ميادين العمل وجعلهم متفائلين بتمكنهم من تقرير مصيرهم بأنفسهم)(75). ولايجوز للشيوعية رفع شعار لايمكنهم تحقيقه، أو أنَّ تحقيقه يمنحنا نتاجاً برجوازياً، وبناء على ذلك لايجوز أن ترفع الشعارات من أجل تفاؤل العمال بأمنية لايمكن تحقيقها. أو صهرهم في بودقة الموهوبة وينبغي أن ترفع الشعارات من أجل توضيح العمل المطلوب منك في اليوم والوقت المحدد ويكون مناسباً للتطبيق. والشعار الذي يحتاج التأريخ إلى تطبيقة عمليا مهم جداً, وهومن جانب النضال الطبقي مفيد للواجب و العمل التأريخي للطبقة العاملة, ومعلوم أنَّ أحد الواجبات التأريخية للطبقة العاملة هو العمل من أجل تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات والأمم من أجل القضاء على الميول وألأفكار الشوفينية بين الأمم و الأقوام واجتثاث جذورها ورفع شأن آراء وأفكار الطبقة العاملة والكادحة للأمم والقوميات المختلفة وإعلائها. وهذه الجهود كلها لاتبذل من أجل إبعاد وتبديد المضايقات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية للطبقة البرجوازية في المناطق المختلفة.
ففي المناطق المختلفة وفي كل بلد ومنطقة كانت ساحة وميداناً لكفاح ونضال الطبقة العاملة والشيوعيين أصبحت المسألة القومية عائقة وعقبة أمام هذا النضال وحاولت كثيراً تمزيقهذا النضال و ارهاقه.وينبغي العمل وبذل الجهود من أجل " الاعتراف بحقوق الإنفصال للجميع واعلاء كل مسألة وقضية متعلقة بالإنفصال, من منظار يكون بعيداً عن التقصير في المساواة و التمييز الطبقي و التسلط."(76)
وهذه العملية محاولة لإزدهار وتطوير النضال الطبقي للطبقة العاملة, وتطبيقها مفيد ونافع لتأريخ نضال البروليتاريا ضد الرأسمالية ونظامها. فإذا صيغ من الناحية النظرية شعار ورفع هذا الشعار ولم يطبق على أرض الواقع, فإنَّ هذا يجعل الطبقة الثورية متردداً ومتشككاً في نضاله ويدفعها إلى تعليق آماله الثورية بمستقبل غير واضح. وينبغي أنَّ يكون شعار الدفاع عن حقوق المساواة بين القوميات أحد الشعارات الواضحة والصادقة لنضال الطبقة العاملة و الشيوعيين وذلك من أجل تحقيق الأهداف التأريخية الطبقية للطبقة الثورية في هذا العصر. لكن اليسار واليمين إلى حَدّ الأن يرفعان معاً شعاراً عمليا مضاداً وغير مناسب من أجل ماذكرنا.
فهما بذلك قد أبعدا العمال وطبقة البرولتاريا عن سياسة وأهداف التغيير العملي, ويحاولان إخراج هذه الطبقة عن طريقها الصحيح. باقتران أهدافها وسياستها بأهداف وسياسة الإشتراكيين الليبراليين والإشتراكيين الديمقراطيين والبرجوازية القومية. إنَّ الأخذ بيد الطبقة العاملة ودعوتها إلى المطالبة بتساوي الحقوق بين القوميات و الدعوة إلى تحقيق تلك المساواة, قد تحدد تأريخ تلك العلاقة التي تربط بين قوميتين أو أكثر مضطهدتين ومحرومتين من أبسط الحقوق. أي أنَّ تسلّط برجوازية قوميةما على عمال وكادحي وبرجوازية قومية أُخرى, يخلق الرغبة إلى التحرر و الإنفصال و الدعوة إليهما لدى أبناء القومية الخاضعة و المضطَهَدة. إنَّ تعطيل العمل بكل هدف من أهداف عملية النضال والكفاح له عواقب وخيمة وتترك آثاراً سيئة على هذه العملية كابتعاد الطبقة العاملة عن الواجبات و الأهداف الواقعة على عاتقها تأريخياً. إنَّ عملية حَل حَق التساوي بين القوميات , وعملية تحقيق هذا الحَق, عملية تكتيكية ثورية للطبقة العاملة والشيوعيين ضد الأهداف و الرغبات السياسية والإجتماعية والإقتصادية للدول الإمبريالية و الكبرى والبرجوازية و الرأسمالية المحلية. وفي الختام ينبغي لنا أنَّ ننهي بحثنا بإحدى مقولات ماركس وهي "كل أمة تضطهِد أمة أخرى, لايمكن أن تكون حُرّة ."
نجم الدين فارس 28-1-2018

المصادر:
(71)- لينين :مسئل السياسة القومية والاممية البروليتارية, دار التقدم, موسكو, 1969, ص174.
(72)- منصور حكمت: في الدفاع........,الى الأمام , العدد21,ص5 .(باللغة الكردية)
(73)- المصدر نفسه ,ص5.
(74)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص168-169.
(75)- منصور حكمت: المصدر السابق ذكره, ص5.
(76)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص92.

الرغبة القومية والمطلب الأوليكارشي
الجزء الثامن
عملية تحقيق المساواة في حقوق القوميات
هناك أراء ووجهات نظرمتباينة حول الحقوق المتساويةللقوميات.وهذه الأراء تتعلق بالمنزلة الإجتماعية والإقتصاديةومصالحهما المختلفة. لأن كل رأي ووجهة نظر نابع من مستوى صاحبه وتصنيفه الطبقي. ومن هذا الطريق يُحَدد كيفية الدفاع عن تلك الحقوق ويقوم بتجسيدها . فالماكسيون يختلفون كثيراً عن البورجوازيين والرأسماليين وأحزابهم في مواقفهم تجاه التساوي في حقوق القوميات وتعاملهم في تحقيق هذا التساوي. لأن حق المساوات بين القوميات عند الماركسين يعني التساوي بين افراد المجتمع جميعهم من كافة الأوجهه الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. وهذا الأمر إن لم يتحقق في مرحلة الدكتاتورية البروليتارية التي هي مرحلة انتقالية ينتقل المجتمع الرأسمالي فيها الى الإشتراكية والشيوعية العلمية. وفي هذه المرحلة- آي: مرحلة الإشتراكية و الشيوعية العلمية لايبقى اي وجود للمكّونات الدينية والإثنية والعرقية ولايقُومُ لها ايّ قائم. ويجرد الإنسان عن التباهي بالمكانة الإقتصادية والإجتماعية والقومية و الدينية والمذهبية ولون البشرة وضخامة الجسد وصغره . لأنَّ المكانة الإقتصادية و الملكية الخاصة والسيادة الطبقية منذ بداية وجودها هي المصدر الأساسي لإنتهاك حقوق الإنسان والإستغلاله وعدم التساوي بين أفراد الناس. وكذلك فإنّها المُصَمِمّة الأساسية للسلطات والصلاحيات المختلفة. إِنَّ السلطات المتباينة والمختلفة بين الدول والقوميات , تعني التمييز والفوارق و المعاداة ومحاولة مجموعة التسلط على مجموعة وقومية أخرى. وهذا هو الطبيعة الدائمة والمستمرة للسلطة الطبقية ونظامها, ومن أجل ذلك تسلك هذه السلطة جميع الطرق , ويخلق الفوارق الجندرية والتمييز القومي والمناطقي ولون البشرة , وصغر و ضغامة حجم النفوذ والسلطة, تقوم بإدامة نظامها الإقتصادي والسياسي والإجتماعي , وتَرتسخ دعائمه. و من ناحية أخرى فإنَّ وُجهة نظر برجوازي ورأسمالي القومية المتسلطة فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات سلبية تجاه الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية للطبقة نفسها للقومية الخاضعة تحت سيطرتها. لذا فهؤلاء حتى في تأسيس الدولة وانفصال القومية الواقعة تحت سيطرة وقبضة القومية المتسلطة, لايمنحون الحقوق المتساوية لأفراد قوميتهم, ولاينهون إضطهاد صاحب العمال وذوي النفوذ لكدح عمال وشغيلة قوميتهم. وهذه النظرة تفترق كثيراً عن النظرة الإشتراكية العلمية و الماركسية. فهما موقفان ونوعا تباين تجسيد حقوق تساوي القوميات. وهكذا فإنَّ هؤلاء في الدول الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية وديمقراطياتها يجدون أنفسهم في عملية نشوء الدولة القومية. ولايستطيعون بحسب ظروف وأحوال القومية التي تحدد من الناحية الجيوسياسية والجيوإقتصادية ونظام الإنتاج و القدرات العسكرية, أن يحققوا الحقوق المتساوية للقوميات. ولكون برجوازيي و رأسماليي كل قومية يجدون مصالحهم في المشكلات و النزاعات القائمة بين القوميات, أو في الاغلب وفي أوقات مختلفة يستفيدون من الصراعات التي تدور بين العمال بإسم للقوميات المختلفة. إنَّ البرجوازيين وأصحاب الأموال يحاولون دائماً مواصلة سيطرتهم على الطبقات الخاضعة لهم بتكديس أموالهم من قوة عمل العمال والكادحين واضطهاد محكوميهم حتى يؤمنوا لأنفسهم ولنظرائهم حياة سعيدة ويتمتعوا بعيش رغيد. وهكذا فإنَّ الدولة الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية و الدكتاتورية وديمقراطيتها, لاتستطيع أن تمنح الحقوق المتساوية للقوميات . إنَّ الدولة تعني سيطرة طبقة على طبقة أخُرى, وتعني التباين بين مصلحة المتسلط والراضخ, وتعني وجود الطبقات المتباينة. وبخلاف ذلك فإنَّ الإشتراكية و الشيوعية العلمية هي الضمانة الوحيدة للحصول على الحقوق المتساوية للقوميات. لأنها- آي الإشتراكية و الشيوعية العلمية- المصدر الأساسي للخلاص من الفروقات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والطبقية. ولأنَّ هذه الفروقات الطبقية في المجتمع هي مصدرومنشأ جميع انواع الإضتهاد بين بني البشر. إنَّ الجزء الكبير وجميع مشكلات المجتمع والفروقات على مستوى وجه الدنيا متعلق بوجود الطبقات. وتُعَدُّ المصالح الإقتصادية و الإجتماعية المختلفة , مصدر خلق المشكلات القومية والحروب الدموية الكبيرة, وتزرع الاحقاد و الضغائن بين الأقوام, وهذه الاوضاع و الظروف تُفيد المتسلطين من أصحاب الرأسمال , وهناك جزء آخر من الصراعات والنزاعات الدولية ترجع جذورها إلى الفروقات الطبقية. إذ تحدث الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية من أجل مصالحها ثغرات بين علاقات الدول وأقوامها.
إنَّ المصالح الإقتصادية والعلاقات القائمة بين الناس عامل مهم لتحديد الحقوق المتساوية للقوميات. وكما قال (لينين)لايجوز أنَّ لايؤخذ بنظر الاعتبار السبب الإقتصادي القوي في المسألة القومية لدى الماركسيين, لأنَّ الإشتراكية نضع يدها باكتظاظ على الجانب الإقتصادي . ولاتستطيع أنَّ لاتضع في نظر اعتبارها الجانب الإقتصادي في علاقات التساوي بين الناس. فالإشتراكية هي الجانب الئيس في تحديد الحقوق المتساوية للقوميات والطبقات, وفي الأصل فإنَّ القاعدة والأساس هنا عبارة عن الإنتاج وعملية التوزيع و الحقوق الإقتصادية الإشتراكية , وتكون على أساس تنظيم حُرّ ومُتساوٍ."وكذلك تستطيع الإنسانية أنَّ تقضي على الطبقات, وذلك بعد اجتيازها مرحلة انتقالية هي مرحلة ديكتاتورية الطبقة المُضطهَدة, وكذلك تستطيع الوصول إلى توحيد القوميات وذلك باجتيازها مرحلة انتقالية, هي مرحلة تحرر جميع القوميات المُضطهَدة بأكملها, أي: مرحلة تأخذ فيها حق الإنفصال."(71) إنَّ الظروف والأوضاع العملية التي يتطلع اليسار إليها في الإقليم وايران بتوجيه من غيرهم وبمعرفتهم, ليس تطلعهم إلاَّ التخلّي عن مُهمة وظيفية لابُدّ من الإقدام عليها من أجل القضاء على الفروقات القومية والاضطهاد القومي. فهؤلاء يبعدون انفسهم عن عملية ويتخلون عنها , كان المفروض القيام بها, فأفكار هؤلاء ومايذهبون إليه نابعة من الفكر الإشتراكي الليبرالي في أوروبا. وبناءً على ذلك فإنَّ هؤلاء من أهل اليسار إقاهم أصحاب نوع من عدم المعرفة وقد وضعواهذه المهمة على نحو مُربك ومُشوّش في خارطة عملهم, وإمّا يعيدون أنفسهم أصحاب القضية ويريدون عدم تنفيذها, أي أنّهم في كل الأحوال يتعاملون ديماغوجياً مع هذه القضية , لأنَّ جميع أعمالهم هذه لاتستطيع أنَّ تجيب عن أسئلة الشيوعيين العلميين عملياً فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات, لذا إنَّ توجهاتهم ترادف التوجهات السياسية لأوليكارشية أحزاب الأقليم.
إنَّ مامَرّ ذكره سبق أن ادّعاه اليسار الكوردستاني في العراق وايران في الماضي ومايزال يّدعيه اليوم ويفكربه حين يقول:( في الواقع العملي إنَّ السياسة التي ينتهجها يسار كوردستان العراق وايران لاتعني إدارة حركة ذي نهج مستقل. فهذا الشعار ينبغي أن يحتل زاوية من زوايا البديل العملي ل (حزب الشيوعي العمالي-ح.ك.ك-) وحركة الشورى في كوردستان العراق. إنَّ الإطار العملي لهذا الشعار في توقعاتنا و توجهاتنا(نظر الشيوعية العمالية) هو:أولاً: إنَّ الإستفتاء والرجوع الى آراء الناس يجب أن يكون باتفاق مع(مصدر أممي رسمي) حتى نحّقق نتائج الإستفتاء أكثر ولكن الى حَدّ تحقيق هذه العملية فالمفروض أن نطالب باستفتاء حُرّ من أجل تثبيت أوضاع كوردستان, ففي نظرنا(نظر الشيوعية العمالية) أنَّ إرادة الناس وإبداء أرائهم لها اعتبارات. ففي استفتاء كهذا يجب ندعو الى دولة مستقلة.(72) إنَّ توجهات وأنظار اليسار حول التطبيق العملي نوعان: أحدهما : التحدث عن التحرر الوطني واستقلال الرأسمالية الوطنية كما تدّعيه البرجوازية الوطنية. ويطالبون من البرجوازية المتسلطة والمُضطهِدة بعلاقات حَرّة وإطلاق الحريات السياسية والإقتصادية البرجوازية القومية. وهذه الفروقات تنتج العنجهية و المغالات في التعصب القومي, لأنَّ البرجوازية القومية تحصل على امتيازاتها من الفروق القومية والصراع القومي فتسعى إلى السيطرة على مصادر اقتصاد البلاده تحت اسم حماية البلاد والأمة ومصادرهما الإقتصادية و مواردهما الطبيعية, وبهذا فإنها تقوّي الفروقات القومية مع الآخرين وتعمقّها, وتحاول إيصال تلك الفروقات إلى حَدّ التعصب والكراهية وخلق روح الإنانية وعبادة النفس في صفوف العمال. أما الفروقات الآخرى فهي تخالف كثيراً الفروقات التي تدعو اليها البرجوازية, لذا ينبغي للعمال والشيوعيين أن تكون لديهم الرغبة في التزام الفروقات المغايرة لمايسلكه البرجوازيين والرأسماليين.
من تباين وفروق بين الكورد والقوميات الآخرى, ولكي نستطيع أنَّ نطوّر العلاقات الأممية بين العمال والشغيلة علينا تجسيدها في دستور العمل حتى نتمكن من القضاء على النزعات السياسية الشوفينية لدى العمال ويكون همهم الوحيد مساندة ومؤازرة رفاقهم في النضال من عمال وشغيلة القوميات الآخرى في التصدّي لأصحاب رؤوس الأموال. والوقوف معا ضّد سياسة البرجوازيين الليبراليين, وذلك في المناطق والبلدان التي
تسكنها القوميات المختلفة. فإذا وصلت علاقاتها إلى مستوى العنف و الاضطراب, فإنَّ التأريخ يسجل عملية انفصالها. وتأريخ العلاقات بين القوميات , ويُنتج انفصال بعضها عن بعض. إنَّ النصائح التي يقدمها يسار ايران ليسار كوردستان و العراق وقدمها سلفاً. ويدفع حركة الِورى في كوردستان( إن وجدت) إلى القيام بوضع حَدّ للأوضاع و الظروف الأتية. ويرى أنَّ إعادة كوردستان إلى العراق و ضّمه إليه من الواجبات العملية لتلك الحركة. إنَّ الوجه العملي لتلك التوجهات والأراء فيستند إلى نظرية تمتع الكورد بحق تقرير المصير أو البقاء ضمن عراق فدرالي متّحد – أي:إِنَّ ماسّموه بالفراغ السياسي و الإداري في الماضي وفي الحاضر وكانوا يُناقشون بسببها أوضاع و ظروف كوردستان والعراق والعلاقات بين القوميات والأديان والمذاهب المختلفة. فهؤلاء كانوا يحملون الافكار نفسها التي كان اليمينيون يعتقدون بها ، فكانوا بذلك الوجه الآخر لليسار، وكانوا مع هؤلاء متشابهين و متكافئين في الاعتقاد و المواقف. وبدائلهم كانوا يعتقدون بأفكار اليمينين نفسها و يتخذون مواقفهم انفسها. وهذه التوجهات و الافكار تتوافق مع مواقف و توجهات الاحزاب الكوردية و زعمائها ألاوليكارشيين ولا تعارض بينهما. ولم يستطع هؤلاء من مدّعي اليسار الخروج عن توجهات و أفكار الاحزاب الكوردية ألاوليكارشية الكاذبة و الخادعة. فجهة ترى في الاستفتاء الحَلّ و تقرير المصير، وجهة اخرى تعود الى المركز و ترى الحَلّ في ذلك. وبعضٌ من هذه الجهات لاتحم أفكاراً واضحة و صريحة فلا يستطيع أحد تحديد مواقفهم و اتجاهاتهم. وكذلك عندما يضع عملية عدم تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات على عاتق السياسة و أهداف الدول ألامبرياليه و العظى للتهرب من مسؤلية يجب عليه ألالتزام به من أجل إيجاد حق المساواة بين القوميات. وفي مسألة الاعتراف بانفصال عمال الكورد عن العمال العرب و الفرس و الترك وحتى في تأسيس دولتهم المستقلة نجد أن وجهات نظر اليمين و اليسار و مواقفهما مختلفتان باستثناء الدعوة الى تأسيس دولة مستقلة فهما متوافقان بصددها لكن بصورة غير منتظمة بغية إحداث تشتيت الفكر و إقلاق الراحة. ففيما يخص الدولة المستقلة فإنهم الآن يقولون كما إعتقدوا سابقاً أيضاً (إن شعارنا ليس تأسيس دوله كوردية وأن تكون للكورد دولة مستقلة ، فنحن نريد لتقرير مصير كوردستان حتى للاستقلال أن يُجرى إستفتاء شعبي بين سكان و قاطني كوردستان بغض النظر عن انتمائهم القومي).(73).
إنً يساريي إيران و العراق لايستطيعون إخفاء مواقفهم الكاذبة و شعاراتهم بين طيّات آرائهم و توجهاتهم المتضادة وأن يطبقوها على أرض الواقع. فشعاراتهم هذه ماتزال الشعارات الموضوعة على اللافتات و المكتوبة في بياناتهم. فهي لايتمكنون من القيام بحل المسألة القومية للكوردية بطريقة ثورية ويضمنوا بها حقوق المساواة بين القوميات. إن الواجب يفرض على ألاشتراكية المنتصرة إذا إكتسبت الديمقراطية الصحيحة ألا تكون جهودها مقصورة على تحقيق المساواة الكاملة بين القوميات، وإنما عليها القيام بإقرار حقوق ألامم المظلومة و المحرومة في تقرير مصيرها. اي: ان تكون حُرّةً في إختيارها الانفصال السياسي. وإذا لم تستطع ألاحزاب ألاشتراكية بكل أنشطتها الآن وفي حال قيام الثورة وبعد ألانتصار أن تثبت أنها تحرر ألامم المظلومة، وتقيم علاقات معها على أساس حرية التوحيد (مع معرفة أنَّ حرية التوحيد بمفردها شعار زائف دون حرية ألانفصال) وحينئذ تخون هذه ألاحزاب ألاشتراكية. ولاريب أنَّ الديمقراطية التي هي نوع من انواع الدولة قد تضمحل بإضمحلال الدولة فيكون الثبات و الرسوخ للشيوعية الكاملة بعد الانتقال من الاشتراكية الناجحة.(74).
وهذه المسألة تحتاج الى جواب وهو انَّ الشيوعيين إن لم يكونوا مهيمنين فتأسيس الدولة الكوردية و إنشاؤها الى الحصول على اجوبتهم. ولا يعني هذا أن تخلى الساحة للبرجوازيين و أصحاب رؤوس الاموال و أحزاب كوردستان الاخرى وأن يُرخى لهم العنان فيما يقومون به من القمع و الاضطهاد و نهب أموال و خيرات البلاد. وأن يُسلَّمَ المجتمع لمجموعة سياسية أوليكارشية تتصف بصفات عصابات الجريمة المنظمة و قطاع الطرق و القراصنة. فلليسار أحاديث و أقاويل باطلة لاطائل فيها، ولمصلحة شعاراته يقول (يجب أن يكون اليسار مندوباً عن حدوث المصير- ويقصد بذلك المأساة(التراجيديا)- فهذا الشعار يساند ادارة هذا الدور... وينير و يضيء الطرح الثالث لاستقلال نقطة غير معينة في اذهان أغلبية الناس. وهكذا فإن هذا الشعار فضلاً عن كونه عملياً او غير عملي دفع العمال و الكادحين الى ميادين العمل وجعلهم متفائلين بتمكنهم من تقرير مصيرهم بأنفسهم)(75). ولايجوز للشيوعية رفع شعار لايمكنهم تحقيقه، أو أنَّ تحقيقه يمنحنا نتاجاً برجوازياً، وبناء على ذلك لايجوز أن ترفع الشعارات من أجل تفاؤل العمال بأمنية لايمكن تحقيقها. أو صهرهم في بودقة الموهوبة وينبغي أن ترفع الشعارات من أجل توضيح العمل المطلوب منك في اليوم والوقت المحدد ويكون مناسباً للتطبيق. والشعار الذي يحتاج التأريخ إلى تطبيقة عمليا مهم جداً, وهومن جانب النضال الطبقي مفيد للواجب و العمل التأريخي للطبقة العاملة, ومعلوم أنَّ أحد الواجبات التأريخية للطبقة العاملة هو العمل من أجل تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات والأمم من أجل القضاء على الميول وألأفكار الشوفينية بين الأمم و الأقوام واجتثاث جذورها ورفع شأن آراء وأفكار الطبقة العاملة والكادحة للأمم والقوميات المختلفة وإعلائها. وهذه الجهود كلها لاتبذل من أجل إبعاد وتبديد المضايقات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية للطبقة البرجوازية في المناطق المختلفة.
ففي المناطق المختلفة وفي كل بلد ومنطقة كانت ساحة وميداناً لكفاح ونضال الطبقة العاملة والشيوعيين أصبحت المسألة القومية عائقة وعقبة أمام هذا النضال وحاولت كثيراً تمزيقهذا النضال و ارهاقه.وينبغي العمل وبذل الجهود من أجل " الاعتراف بحقوق الإنفصال للجميع واعلاء كل مسألة وقضية متعلقة بالإنفصال, من منظار يكون بعيداً عن التقصير في المساواة و التمييز الطبقي و التسلط."(76)
وهذه العملية محاولة لإزدهار وتطوير النضال الطبقي للطبقة العاملة, وتطبيقها مفيد ونافع لتأريخ نضال البروليتاريا ضد الرأسمالية ونظامها. فإذا صيغ من الناحية النظرية شعار ورفع هذا الشعار ولم يطبق على أرض الواقع, فإنَّ هذا يجعل الطبقة الثورية متردداً ومتشككاً في نضاله ويدفعها إلى تعليق آماله الثورية بمستقبل غير واضح. وينبغي أنَّ يكون شعار الدفاع عن حقوق المساواة بين القوميات أحد الشعارات الواضحة والصادقة لنضال الطبقة العاملة و الشيوعيين وذلك من أجل تحقيق الأهداف التأريخية الطبقية للطبقة الثورية في هذا العصر. لكن اليسار واليمين إلى حَدّ الأن يرفعان معاً شعاراً عمليا مضاداً وغير مناسب من أجل ماذكرنا.
فهما بذلك قد أبعدا العمال وطبقة البرولتاريا عن سياسة وأهداف التغيير العملي, ويحاولان إخراج هذه الطبقة عن طريقها الصحيح. باقتران أهدافها وسياستها بأهداف وسياسة الإشتراكيين الليبراليين والإشتراكيين الديمقراطيين والبرجوازية القومية. إنَّ الأخذ بيد الطبقة العاملة ودعوتها إلى المطالبة بتساوي الحقوق بين القوميات و الدعوة إلى تحقيق تلك المساواة, قد تحدد تأريخ تلك العلاقة التي تربط بين قوميتين أو أكثر مضطهدتين ومحرومتين من أبسط الحقوق. أي أنَّ تسلّط برجوازية قوميةما على عمال وكادحي وبرجوازية قومية أُخرى, يخلق الرغبة إلى التحرر و الإنفصال و الدعوة إليهما لدى أبناء القومية الخاضعة و المضطَهَدة. إنَّ تعطيل العمل بكل هدف من أهداف عملية النضال والكفاح له عواقب وخيمة وتترك آثاراً سيئة على هذه العملية كابتعاد الطبقة العاملة عن الواجبات و الأهداف الواقعة على عاتقها تأريخياً. إنَّ عملية حَل حَق التساوي بين القوميات , وعملية تحقيق هذا الحَق, عملية تكتيكية ثورية للطبقة العاملة والشيوعيين ضد الأهداف و الرغبات السياسية والإجتماعية والإقتصادية للدول الإمبريالية و الكبرى والبرجوازية و الرأسمالية المحلية. وفي الختام ينبغي لنا أنَّ ننهي بحثنا بإحدى مقولات ماركس وهي "كل أمة تضطهِد أمة أخرى, لايمكن أن تكون حُرّة ."
نجم الدين فارس 28-1-2018

المصادر:
(71)- لينين :مسئل السياسة القومية والاممية البروليتارية, دار التقدم, موسكو, 1969, ص174.
(72)- منصور حكمت: في الدفاع........,الى الأمام , العدد21,ص5 .(باللغة الكردية)
(73)- المصدر نفسه ,ص5.
(74)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص168-169.
(75)- منصور حكمت: المصدر السابق ذكره, ص5.
(76)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص92.

الرغبة القومية والمطلب الأوليكارشي
الجزء الثامن
عملية تحقيق المساواة في حقوق القوميات
هناك أراء ووجهات نظرمتباينة حول الحقوق المتساويةللقوميات.وهذه الأراء تتعلق بالمنزلة الإجتماعية والإقتصاديةومصالحهما المختلفة. لأن كل رأي ووجهة نظر نابع من مستوى صاحبه وتصنيفه الطبقي. ومن هذا الطريق يُحَدد كيفية الدفاع عن تلك الحقوق ويقوم بتجسيدها . فالماكسيون يختلفون كثيراً عن البورجوازيين والرأسماليين وأحزابهم في مواقفهم تجاه التساوي في حقوق القوميات وتعاملهم في تحقيق هذا التساوي. لأن حق المساوات بين القوميات عند الماركسين يعني التساوي بين افراد المجتمع جميعهم من كافة الأوجهه الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. وهذا الأمر إن لم يتحقق في مرحلة الدكتاتورية البروليتارية التي هي مرحلة انتقالية ينتقل المجتمع الرأسمالي فيها الى الإشتراكية والشيوعية العلمية. وفي هذه المرحلة- آي: مرحلة الإشتراكية و الشيوعية العلمية لايبقى اي وجود للمكّونات الدينية والإثنية والعرقية ولايقُومُ لها ايّ قائم. ويجرد الإنسان عن التباهي بالمكانة الإقتصادية والإجتماعية والقومية و الدينية والمذهبية ولون البشرة وضخامة الجسد وصغره . لأنَّ المكانة الإقتصادية و الملكية الخاصة والسيادة الطبقية منذ بداية وجودها هي المصدر الأساسي لإنتهاك حقوق الإنسان والإستغلاله وعدم التساوي بين أفراد الناس. وكذلك فإنّها المُصَمِمّة الأساسية للسلطات والصلاحيات المختلفة. إِنَّ السلطات المتباينة والمختلفة بين الدول والقوميات , تعني التمييز والفوارق و المعاداة ومحاولة مجموعة التسلط على مجموعة وقومية أخرى. وهذا هو الطبيعة الدائمة والمستمرة للسلطة الطبقية ونظامها, ومن أجل ذلك تسلك هذه السلطة جميع الطرق , ويخلق الفوارق الجندرية والتمييز القومي والمناطقي ولون البشرة , وصغر و ضغامة حجم النفوذ والسلطة, تقوم بإدامة نظامها الإقتصادي والسياسي والإجتماعي , وتَرتسخ دعائمه. و من ناحية أخرى فإنَّ وُجهة نظر برجوازي ورأسمالي القومية المتسلطة فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات سلبية تجاه الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية للطبقة نفسها للقومية الخاضعة تحت سيطرتها. لذا فهؤلاء حتى في تأسيس الدولة وانفصال القومية الواقعة تحت سيطرة وقبضة القومية المتسلطة, لايمنحون الحقوق المتساوية لأفراد قوميتهم, ولاينهون إضطهاد صاحب العمال وذوي النفوذ لكدح عمال وشغيلة قوميتهم. وهذه النظرة تفترق كثيراً عن النظرة الإشتراكية العلمية و الماركسية. فهما موقفان ونوعا تباين تجسيد حقوق تساوي القوميات. وهكذا فإنَّ هؤلاء في الدول الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية وديمقراطياتها يجدون أنفسهم في عملية نشوء الدولة القومية. ولايستطيعون بحسب ظروف وأحوال القومية التي تحدد من الناحية الجيوسياسية والجيوإقتصادية ونظام الإنتاج و القدرات العسكرية, أن يحققوا الحقوق المتساوية للقوميات. ولكون برجوازيي و رأسماليي كل قومية يجدون مصالحهم في المشكلات و النزاعات القائمة بين القوميات, أو في الاغلب وفي أوقات مختلفة يستفيدون من الصراعات التي تدور بين العمال بإسم للقوميات المختلفة. إنَّ البرجوازيين وأصحاب الأموال يحاولون دائماً مواصلة سيطرتهم على الطبقات الخاضعة لهم بتكديس أموالهم من قوة عمل العمال والكادحين واضطهاد محكوميهم حتى يؤمنوا لأنفسهم ولنظرائهم حياة سعيدة ويتمتعوا بعيش رغيد. وهكذا فإنَّ الدولة الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية و الدكتاتورية وديمقراطيتها, لاتستطيع أن تمنح الحقوق المتساوية للقوميات . إنَّ الدولة تعني سيطرة طبقة على طبقة أخُرى, وتعني التباين بين مصلحة المتسلط والراضخ, وتعني وجود الطبقات المتباينة. وبخلاف ذلك فإنَّ الإشتراكية و الشيوعية العلمية هي الضمانة الوحيدة للحصول على الحقوق المتساوية للقوميات. لأنها- آي الإشتراكية و الشيوعية العلمية- المصدر الأساسي للخلاص من الفروقات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والطبقية. ولأنَّ هذه الفروقات الطبقية في المجتمع هي مصدرومنشأ جميع انواع الإضتهاد بين بني البشر. إنَّ الجزء الكبير وجميع مشكلات المجتمع والفروقات على مستوى وجه الدنيا متعلق بوجود الطبقات. وتُعَدُّ المصالح الإقتصادية و الإجتماعية المختلفة , مصدر خلق المشكلات القومية والحروب الدموية الكبيرة, وتزرع الاحقاد و الضغائن بين الأقوام, وهذه الاوضاع و الظروف تُفيد المتسلطين من أصحاب الرأسمال , وهناك جزء آخر من الصراعات والنزاعات الدولية ترجع جذورها إلى الفروقات الطبقية. إذ تحدث الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية من أجل مصالحها ثغرات بين علاقات الدول وأقوامها.
إنَّ المصالح الإقتصادية والعلاقات القائمة بين الناس عامل مهم لتحديد الحقوق المتساوية للقوميات. وكما قال (لينين)لايجوز أنَّ لايؤخذ بنظر الاعتبار السبب الإقتصادي القوي في المسألة القومية لدى الماركسيين, لأنَّ الإشتراكية نضع يدها باكتظاظ على الجانب الإقتصادي . ولاتستطيع أنَّ لاتضع في نظر اعتبارها الجانب الإقتصادي في علاقات التساوي بين الناس. فالإشتراكية هي الجانب الئيس في تحديد الحقوق المتساوية للقوميات والطبقات, وفي الأصل فإنَّ القاعدة والأساس هنا عبارة عن الإنتاج وعملية التوزيع و الحقوق الإقتصادية الإشتراكية , وتكون على أساس تنظيم حُرّ ومُتساوٍ."وكذلك تستطيع الإنسانية أنَّ تقضي على الطبقات, وذلك بعد اجتيازها مرحلة انتقالية هي مرحلة ديكتاتورية الطبقة المُضطهَدة, وكذلك تستطيع الوصول إلى توحيد القوميات وذلك باجتيازها مرحلة انتقالية, هي مرحلة تحرر جميع القوميات المُضطهَدة بأكملها, أي: مرحلة تأخذ فيها حق الإنفصال."(71) إنَّ الظروف والأوضاع العملية التي يتطلع اليسار إليها في الإقليم وايران بتوجيه من غيرهم وبمعرفتهم, ليس تطلعهم إلاَّ التخلّي عن مُهمة وظيفية لابُدّ من الإقدام عليها من أجل القضاء على الفروقات القومية والاضطهاد القومي. فهؤلاء يبعدون انفسهم عن عملية ويتخلون عنها , كان المفروض القيام بها, فأفكار هؤلاء ومايذهبون إليه نابعة من الفكر الإشتراكي الليبرالي في أوروبا. وبناءً على ذلك فإنَّ هؤلاء من أهل اليسار إقاهم أصحاب نوع من عدم المعرفة وقد وضعواهذه المهمة على نحو مُربك ومُشوّش في خارطة عملهم, وإمّا يعيدون أنفسهم أصحاب القضية ويريدون عدم تنفيذها, أي أنّهم في كل الأحوال يتعاملون ديماغوجياً مع هذه القضية , لأنَّ جميع أعمالهم هذه لاتستطيع أنَّ تجيب عن أسئلة الشيوعيين العلميين عملياً فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات, لذا إنَّ توجهاتهم ترادف التوجهات السياسية لأوليكارشية أحزاب الأقليم.
إنَّ مامَرّ ذكره سبق أن ادّعاه اليسار الكوردستاني في العراق وايران في الماضي ومايزال يّدعيه اليوم ويفكربه حين يقول:( في الواقع العملي إنَّ السياسة التي ينتهجها يسار كوردستان العراق وايران لاتعني إدارة حركة ذي نهج مستقل. فهذا الشعار ينبغي أن يحتل زاوية من زوايا البديل العملي ل (حزب الشيوعي العمالي-ح.ك.ك-) وحركة الشورى في كوردستان العراق. إنَّ الإطار العملي لهذا الشعار في توقعاتنا و توجهاتنا(نظر الشيوعية العمالية) هو:أولاً: إنَّ الإستفتاء والرجوع الى آراء الناس يجب أن يكون باتفاق مع(مصدر أممي رسمي) حتى نحّقق نتائج الإستفتاء أكثر ولكن الى حَدّ تحقيق هذه العملية فالمفروض أن نطالب باستفتاء حُرّ من أجل تثبيت أوضاع كوردستان, ففي نظرنا(نظر الشيوعية العمالية) أنَّ إرادة الناس وإبداء أرائهم لها اعتبارات. ففي استفتاء كهذا يجب ندعو الى دولة مستقلة.(72) إنَّ توجهات وأنظار اليسار حول التطبيق العملي نوعان: أحدهما : التحدث عن التحرر الوطني واستقلال الرأسمالية الوطنية كما تدّعيه البرجوازية الوطنية. ويطالبون من البرجوازية المتسلطة والمُضطهِدة بعلاقات حَرّة وإطلاق الحريات السياسية والإقتصادية البرجوازية القومية. وهذه الفروقات تنتج العنجهية و المغالات في التعصب القومي, لأنَّ البرجوازية القومية تحصل على امتيازاتها من الفروق القومية والصراع القومي فتسعى إلى السيطرة على مصادر اقتصاد البلاده تحت اسم حماية البلاد والأمة ومصادرهما الإقتصادية و مواردهما الطبيعية, وبهذا فإنها تقوّي الفروقات القومية مع الآخرين وتعمقّها, وتحاول إيصال تلك الفروقات إلى حَدّ التعصب والكراهية وخلق روح الإنانية وعبادة النفس في صفوف العمال. أما الفروقات الآخرى فهي تخالف كثيراً الفروقات التي تدعو اليها البرجوازية, لذا ينبغي للعمال والشيوعيين أن تكون لديهم الرغبة في التزام الفروقات المغايرة لمايسلكه البرجوازيين والرأسماليين.
من تباين وفروق بين الكورد والقوميات الآخرى, ولكي نستطيع أنَّ نطوّر العلاقات الأممية بين العمال والشغيلة علينا تجسيدها في دستور العمل حتى نتمكن من القضاء على النزعات السياسية الشوفينية لدى العمال ويكون همهم الوحيد مساندة ومؤازرة رفاقهم في النضال من عمال وشغيلة القوميات الآخرى في التصدّي لأصحاب رؤوس الأموال. والوقوف معا ضّد سياسة البرجوازيين الليبراليين, وذلك في المناطق والبلدان التي
تسكنها القوميات المختلفة. فإذا وصلت علاقاتها إلى مستوى العنف و الاضطراب, فإنَّ التأريخ يسجل عملية انفصالها. وتأريخ العلاقات بين القوميات , ويُنتج انفصال بعضها عن بعض. إنَّ النصائح التي يقدمها يسار ايران ليسار كوردستان و العراق وقدمها سلفاً. ويدفع حركة الِورى في كوردستان( إن وجدت) إلى القيام بوضع حَدّ للأوضاع و الظروف الأتية. ويرى أنَّ إعادة كوردستان إلى العراق و ضّمه إليه من الواجبات العملية لتلك الحركة. إنَّ الوجه العملي لتلك التوجهات والأراء فيستند إلى نظرية تمتع الكورد بحق تقرير المصير أو البقاء ضمن عراق فدرالي متّحد – أي:إِنَّ ماسّموه بالفراغ السياسي و الإداري في الماضي وفي الحاضر وكانوا يُناقشون بسببها أوضاع و ظروف كوردستان والعراق والعلاقات بين القوميات والأديان والمذاهب المختلفة. فهؤلاء كانوا يحملون الافكار نفسها التي كان اليمينيون يعتقدون بها ، فكانوا بذلك الوجه الآخر لليسار، وكانوا مع هؤلاء متشابهين و متكافئين في الاعتقاد و المواقف. وبدائلهم كانوا يعتقدون بأفكار اليمينين نفسها و يتخذون مواقفهم انفسها. وهذه التوجهات و الافكار تتوافق مع مواقف و توجهات الاحزاب الكوردية و زعمائها ألاوليكارشيين ولا تعارض بينهما. ولم يستطع هؤلاء من مدّعي اليسار الخروج عن توجهات و أفكار الاحزاب الكوردية ألاوليكارشية الكاذبة و الخادعة. فجهة ترى في الاستفتاء الحَلّ و تقرير المصير، وجهة اخرى تعود الى المركز و ترى الحَلّ في ذلك. وبعضٌ من هذه الجهات لاتحم أفكاراً واضحة و صريحة فلا يستطيع أحد تحديد مواقفهم و اتجاهاتهم. وكذلك عندما يضع عملية عدم تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات على عاتق السياسة و أهداف الدول ألامبرياليه و العظى للتهرب من مسؤلية يجب عليه ألالتزام به من أجل إيجاد حق المساواة بين القوميات. وفي مسألة الاعتراف بانفصال عمال الكورد عن العمال العرب و الفرس و الترك وحتى في تأسيس دولتهم المستقلة نجد أن وجهات نظر اليمين و اليسار و مواقفهما مختلفتان باستثناء الدعوة الى تأسيس دولة مستقلة فهما متوافقان بصددها لكن بصورة غير منتظمة بغية إحداث تشتيت الفكر و إقلاق الراحة. ففيما يخص الدولة المستقلة فإنهم الآن يقولون كما إعتقدوا سابقاً أيضاً (إن شعارنا ليس تأسيس دوله كوردية وأن تكون للكورد دولة مستقلة ، فنحن نريد لتقرير مصير كوردستان حتى للاستقلال أن يُجرى إستفتاء شعبي بين سكان و قاطني كوردستان بغض النظر عن انتمائهم القومي).(73).
إنً يساريي إيران و العراق لايستطيعون إخفاء مواقفهم الكاذبة و شعاراتهم بين طيّات آرائهم و توجهاتهم المتضادة وأن يطبقوها على أرض الواقع. فشعاراتهم هذه ماتزال الشعارات الموضوعة على اللافتات و المكتوبة في بياناتهم. فهي لايتمكنون من القيام بحل المسألة القومية للكوردية بطريقة ثورية ويضمنوا بها حقوق المساواة بين القوميات. إن الواجب يفرض على ألاشتراكية المنتصرة إذا إكتسبت الديمقراطية الصحيحة ألا تكون جهودها مقصورة على تحقيق المساواة الكاملة بين القوميات، وإنما عليها القيام بإقرار حقوق ألامم المظلومة و المحرومة في تقرير مصيرها. اي: ان تكون حُرّةً في إختيارها الانفصال السياسي. وإذا لم تستطع ألاحزاب ألاشتراكية بكل أنشطتها الآن وفي حال قيام الثورة وبعد ألانتصار أن تثبت أنها تحرر ألامم المظلومة، وتقيم علاقات معها على أساس حرية التوحيد (مع معرفة أنَّ حرية التوحيد بمفردها شعار زائف دون حرية ألانفصال) وحينئذ تخون هذه ألاحزاب ألاشتراكية. ولاريب أنَّ الديمقراطية التي هي نوع من انواع الدولة قد تضمحل بإضمحلال الدولة فيكون الثبات و الرسوخ للشيوعية الكاملة بعد الانتقال من الاشتراكية الناجحة.(74).
وهذه المسألة تحتاج الى جواب وهو انَّ الشيوعيين إن لم يكونوا مهيمنين فتأسيس الدولة الكوردية و إنشاؤها الى الحصول على اجوبتهم. ولا يعني هذا أن تخلى الساحة للبرجوازيين و أصحاب رؤوس الاموال و أحزاب كوردستان الاخرى وأن يُرخى لهم العنان فيما يقومون به من القمع و الاضطهاد و نهب أموال و خيرات البلاد. وأن يُسلَّمَ المجتمع لمجموعة سياسية أوليكارشية تتصف بصفات عصابات الجريمة المنظمة و قطاع الطرق و القراصنة. فلليسار أحاديث و أقاويل باطلة لاطائل فيها، ولمصلحة شعاراته يقول (يجب أن يكون اليسار مندوباً عن حدوث المصير- ويقصد بذلك المأساة(التراجيديا)- فهذا الشعار يساند ادارة هذا الدور... وينير و يضيء الطرح الثالث لاستقلال نقطة غير معينة في اذهان أغلبية الناس. وهكذا فإن هذا الشعار فضلاً عن كونه عملياً او غير عملي دفع العمال و الكادحين الى ميادين العمل وجعلهم متفائلين بتمكنهم من تقرير مصيرهم بأنفسهم)(75). ولايجوز للشيوعية رفع شعار لايمكنهم تحقيقه، أو أنَّ تحقيقه يمنحنا نتاجاً برجوازياً، وبناء على ذلك لايجوز أن ترفع الشعارات من أجل تفاؤل العمال بأمنية لايمكن تحقيقها. أو صهرهم في بودقة الموهوبة وينبغي أن ترفع الشعارات من أجل توضيح العمل المطلوب منك في اليوم والوقت المحدد ويكون مناسباً للتطبيق. والشعار الذي يحتاج التأريخ إلى تطبيقة عمليا مهم جداً, وهومن جانب النضال الطبقي مفيد للواجب و العمل التأريخي للطبقة العاملة, ومعلوم أنَّ أحد الواجبات التأريخية للطبقة العاملة هو العمل من أجل تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات والأمم من أجل القضاء على الميول وألأفكار الشوفينية بين الأمم و الأقوام واجتثاث جذورها ورفع شأن آراء وأفكار الطبقة العاملة والكادحة للأمم والقوميات المختلفة وإعلائها. وهذه الجهود كلها لاتبذل من أجل إبعاد وتبديد المضايقات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية للطبقة البرجوازية في المناطق المختلفة.
ففي المناطق المختلفة وفي كل بلد ومنطقة كانت ساحة وميداناً لكفاح ونضال الطبقة العاملة والشيوعيين أصبحت المسألة القومية عائقة وعقبة أمام هذا النضال وحاولت كثيراً تمزيقهذا النضال و ارهاقه.وينبغي العمل وبذل الجهود من أجل " الاعتراف بحقوق الإنفصال للجميع واعلاء كل مسألة وقضية متعلقة بالإنفصال, من منظار يكون بعيداً عن التقصير في المساواة و التمييز الطبقي و التسلط."(76)
وهذه العملية محاولة لإزدهار وتطوير النضال الطبقي للطبقة العاملة, وتطبيقها مفيد ونافع لتأريخ نضال البروليتاريا ضد الرأسمالية ونظامها. فإذا صيغ من الناحية النظرية شعار ورفع هذا الشعار ولم يطبق على أرض الواقع, فإنَّ هذا يجعل الطبقة الثورية متردداً ومتشككاً في نضاله ويدفعها إلى تعليق آماله الثورية بمستقبل غير واضح. وينبغي أنَّ يكون شعار الدفاع عن حقوق المساواة بين القوميات أحد الشعارات الواضحة والصادقة لنضال الطبقة العاملة و الشيوعيين وذلك من أجل تحقيق الأهداف التأريخية الطبقية للطبقة الثورية في هذا العصر. لكن اليسار واليمين إلى حَدّ الأن يرفعان معاً شعاراً عمليا مضاداً وغير مناسب من أجل ماذكرنا.
فهما بذلك قد أبعدا العمال وطبقة البرولتاريا عن سياسة وأهداف التغيير العملي, ويحاولان إخراج هذه الطبقة عن طريقها الصحيح. باقتران أهدافها وسياستها بأهداف وسياسة الإشتراكيين الليبراليين والإشتراكيين الديمقراطيين والبرجوازية القومية. إنَّ الأخذ بيد الطبقة العاملة ودعوتها إلى المطالبة بتساوي الحقوق بين القوميات و الدعوة إلى تحقيق تلك المساواة, قد تحدد تأريخ تلك العلاقة التي تربط بين قوميتين أو أكثر مضطهدتين ومحرومتين من أبسط الحقوق. أي أنَّ تسلّط برجوازية قوميةما على عمال وكادحي وبرجوازية قومية أُخرى, يخلق الرغبة إلى التحرر و الإنفصال و الدعوة إليهما لدى أبناء القومية الخاضعة و المضطَهَدة. إنَّ تعطيل العمل بكل هدف من أهداف عملية النضال والكفاح له عواقب وخيمة وتترك آثاراً سيئة على هذه العملية كابتعاد الطبقة العاملة عن الواجبات و الأهداف الواقعة على عاتقها تأريخياً. إنَّ عملية حَل حَق التساوي بين القوميات , وعملية تحقيق هذا الحَق, عملية تكتيكية ثورية للطبقة العاملة والشيوعيين ضد الأهداف و الرغبات السياسية والإجتماعية والإقتصادية للدول الإمبريالية و الكبرى والبرجوازية و الرأسمالية المحلية. وفي الختام ينبغي لنا أنَّ ننهي بحثنا بإحدى مقولات ماركس وهي "كل أمة تضطهِد أمة أخرى, لايمكن أن تكون حُرّة ."
نجم الدين فارس 28-1-2018

المصادر:
(71)- لينين :مسئل السياسة القومية والاممية البروليتارية, دار التقدم, موسكو, 1969, ص174.
(72)- منصور حكمت: في الدفاع........,الى الأمام , العدد21,ص5 .(باللغة الكردية)
(73)- المصدر نفسه ,ص5.
(74)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص168-169.
(75)- منصور حكمت: المصدر السابق ذكره, ص5.
(76)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص92.

الرغبة القومية والمطلب الأوليكارشي
الجزء الثامن
عملية تحقيق المساواة في حقوق القوميات
هناك أراء ووجهات نظرمتباينة حول الحقوق المتساويةللقوميات.وهذه الأراء تتعلق بالمنزلة الإجتماعية والإقتصاديةومصالحهما المختلفة. لأن كل رأي ووجهة نظر نابع من مستوى صاحبه وتصنيفه الطبقي. ومن هذا الطريق يُحَدد كيفية الدفاع عن تلك الحقوق ويقوم بتجسيدها . فالماكسيون يختلفون كثيراً عن البورجوازيين والرأسماليين وأحزابهم في مواقفهم تجاه التساوي في حقوق القوميات وتعاملهم في تحقيق هذا التساوي. لأن حق المساوات بين القوميات عند الماركسين يعني التساوي بين افراد المجتمع جميعهم من كافة الأوجهه الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. وهذا الأمر إن لم يتحقق في مرحلة الدكتاتورية البروليتارية التي هي مرحلة انتقالية ينتقل المجتمع الرأسمالي فيها الى الإشتراكية والشيوعية العلمية. وفي هذه المرحلة- آي: مرحلة الإشتراكية و الشيوعية العلمية لايبقى اي وجود للمكّونات الدينية والإثنية والعرقية ولايقُومُ لها ايّ قائم. ويجرد الإنسان عن التباهي بالمكانة الإقتصادية والإجتماعية والقومية و الدينية والمذهبية ولون البشرة وضخامة الجسد وصغره . لأنَّ المكانة الإقتصادية و الملكية الخاصة والسيادة الطبقية منذ بداية وجودها هي المصدر الأساسي لإنتهاك حقوق الإنسان والإستغلاله وعدم التساوي بين أفراد الناس. وكذلك فإنّها المُصَمِمّة الأساسية للسلطات والصلاحيات المختلفة. إِنَّ السلطات المتباينة والمختلفة بين الدول والقوميات , تعني التمييز والفوارق و المعاداة ومحاولة مجموعة التسلط على مجموعة وقومية أخرى. وهذا هو الطبيعة الدائمة والمستمرة للسلطة الطبقية ونظامها, ومن أجل ذلك تسلك هذه السلطة جميع الطرق , ويخلق الفوارق الجندرية والتمييز القومي والمناطقي ولون البشرة , وصغر و ضغامة حجم النفوذ والسلطة, تقوم بإدامة نظامها الإقتصادي والسياسي والإجتماعي , وتَرتسخ دعائمه. و من ناحية أخرى فإنَّ وُجهة نظر برجوازي ورأسمالي القومية المتسلطة فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات سلبية تجاه الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية للطبقة نفسها للقومية الخاضعة تحت سيطرتها. لذا فهؤلاء حتى في تأسيس الدولة وانفصال القومية الواقعة تحت سيطرة وقبضة القومية المتسلطة, لايمنحون الحقوق المتساوية لأفراد قوميتهم, ولاينهون إضطهاد صاحب العمال وذوي النفوذ لكدح عمال وشغيلة قوميتهم. وهذه النظرة تفترق كثيراً عن النظرة الإشتراكية العلمية و الماركسية. فهما موقفان ونوعا تباين تجسيد حقوق تساوي القوميات. وهكذا فإنَّ هؤلاء في الدول الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية وديمقراطياتها يجدون أنفسهم في عملية نشوء الدولة القومية. ولايستطيعون بحسب ظروف وأحوال القومية التي تحدد من الناحية الجيوسياسية والجيوإقتصادية ونظام الإنتاج و القدرات العسكرية, أن يحققوا الحقوق المتساوية للقوميات. ولكون برجوازيي و رأسماليي كل قومية يجدون مصالحهم في المشكلات و النزاعات القائمة بين القوميات, أو في الاغلب وفي أوقات مختلفة يستفيدون من الصراعات التي تدور بين العمال بإسم للقوميات المختلفة. إنَّ البرجوازيين وأصحاب الأموال يحاولون دائماً مواصلة سيطرتهم على الطبقات الخاضعة لهم بتكديس أموالهم من قوة عمل العمال والكادحين واضطهاد محكوميهم حتى يؤمنوا لأنفسهم ولنظرائهم حياة سعيدة ويتمتعوا بعيش رغيد. وهكذا فإنَّ الدولة الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية و الدكتاتورية وديمقراطيتها, لاتستطيع أن تمنح الحقوق المتساوية للقوميات . إنَّ الدولة تعني سيطرة طبقة على طبقة أخُرى, وتعني التباين بين مصلحة المتسلط والراضخ, وتعني وجود الطبقات المتباينة. وبخلاف ذلك فإنَّ الإشتراكية و الشيوعية العلمية هي الضمانة الوحيدة للحصول على الحقوق المتساوية للقوميات. لأنها- آي الإشتراكية و الشيوعية العلمية- المصدر الأساسي للخلاص من الفروقات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والطبقية. ولأنَّ هذه الفروقات الطبقية في المجتمع هي مصدرومنشأ جميع انواع الإضتهاد بين بني البشر. إنَّ الجزء الكبير وجميع مشكلات المجتمع والفروقات على مستوى وجه الدنيا متعلق بوجود الطبقات. وتُعَدُّ المصالح الإقتصادية و الإجتماعية المختلفة , مصدر خلق المشكلات القومية والحروب الدموية الكبيرة, وتزرع الاحقاد و الضغائن بين الأقوام, وهذه الاوضاع و الظروف تُفيد المتسلطين من أصحاب الرأسمال , وهناك جزء آخر من الصراعات والنزاعات الدولية ترجع جذورها إلى الفروقات الطبقية. إذ تحدث الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية من أجل مصالحها ثغرات بين علاقات الدول وأقوامها.
إنَّ المصالح الإقتصادية والعلاقات القائمة بين الناس عامل مهم لتحديد الحقوق المتساوية للقوميات. وكما قال (لينين)لايجوز أنَّ لايؤخذ بنظر الاعتبار السبب الإقتصادي القوي في المسألة القومية لدى الماركسيين, لأنَّ الإشتراكية نضع يدها باكتظاظ على الجانب الإقتصادي . ولاتستطيع أنَّ لاتضع في نظر اعتبارها الجانب الإقتصادي في علاقات التساوي بين الناس. فالإشتراكية هي الجانب الئيس في تحديد الحقوق المتساوية للقوميات والطبقات, وفي الأصل فإنَّ القاعدة والأساس هنا عبارة عن الإنتاج وعملية التوزيع و الحقوق الإقتصادية الإشتراكية , وتكون على أساس تنظيم حُرّ ومُتساوٍ."وكذلك تستطيع الإنسانية أنَّ تقضي على الطبقات, وذلك بعد اجتيازها مرحلة انتقالية هي مرحلة ديكتاتورية الطبقة المُضطهَدة, وكذلك تستطيع الوصول إلى توحيد القوميات وذلك باجتيازها مرحلة انتقالية, هي مرحلة تحرر جميع القوميات المُضطهَدة بأكملها, أي: مرحلة تأخذ فيها حق الإنفصال."(71) إنَّ الظروف والأوضاع العملية التي يتطلع اليسار إليها في الإقليم وايران بتوجيه من غيرهم وبمعرفتهم, ليس تطلعهم إلاَّ التخلّي عن مُهمة وظيفية لابُدّ من الإقدام عليها من أجل القضاء على الفروقات القومية والاضطهاد القومي. فهؤلاء يبعدون انفسهم عن عملية ويتخلون عنها , كان المفروض القيام بها, فأفكار هؤلاء ومايذهبون إليه نابعة من الفكر الإشتراكي الليبرالي في أوروبا. وبناءً على ذلك فإنَّ هؤلاء من أهل اليسار إقاهم أصحاب نوع من عدم المعرفة وقد وضعواهذه المهمة على نحو مُربك ومُشوّش في خارطة عملهم, وإمّا يعيدون أنفسهم أصحاب القضية ويريدون عدم تنفيذها, أي أنّهم في كل الأحوال يتعاملون ديماغوجياً مع هذه القضية , لأنَّ جميع أعمالهم هذه لاتستطيع أنَّ تجيب عن أسئلة الشيوعيين العلميين عملياً فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات, لذا إنَّ توجهاتهم ترادف التوجهات السياسية لأوليكارشية أحزاب الأقليم.
إنَّ مامَرّ ذكره سبق أن ادّعاه اليسار الكوردستاني في العراق وايران في الماضي ومايزال يّدعيه اليوم ويفكربه حين يقول:( في الواقع العملي إنَّ السياسة التي ينتهجها يسار كوردستان العراق وايران لاتعني إدارة حركة ذي نهج مستقل. فهذا الشعار ينبغي أن يحتل زاوية من زوايا البديل العملي ل (حزب الشيوعي العمالي-ح.ك.ك-) وحركة الشورى في كوردستان العراق. إنَّ الإطار العملي لهذا الشعار في توقعاتنا و توجهاتنا(نظر الشيوعية العمالية) هو:أولاً: إنَّ الإستفتاء والرجوع الى آراء الناس يجب أن يكون باتفاق مع(مصدر أممي رسمي) حتى نحّقق نتائج الإستفتاء أكثر ولكن الى حَدّ تحقيق هذه العملية فالمفروض أن نطالب باستفتاء حُرّ من أجل تثبيت أوضاع كوردستان, ففي نظرنا(نظر الشيوعية العمالية) أنَّ إرادة الناس وإبداء أرائهم لها اعتبارات. ففي استفتاء كهذا يجب ندعو الى دولة مستقلة.(72) إنَّ توجهات وأنظار اليسار حول التطبيق العملي نوعان: أحدهما : التحدث عن التحرر الوطني واستقلال الرأسمالية الوطنية كما تدّعيه البرجوازية الوطنية. ويطالبون من البرجوازية المتسلطة والمُضطهِدة بعلاقات حَرّة وإطلاق الحريات السياسية والإقتصادية البرجوازية القومية. وهذه الفروقات تنتج العنجهية و المغالات في التعصب القومي, لأنَّ البرجوازية القومية تحصل على امتيازاتها من الفروق القومية والصراع القومي فتسعى إلى السيطرة على مصادر اقتصاد البلاده تحت اسم حماية البلاد والأمة ومصادرهما الإقتصادية و مواردهما الطبيعية, وبهذا فإنها تقوّي الفروقات القومية مع الآخرين وتعمقّها, وتحاول إيصال تلك الفروقات إلى حَدّ التعصب والكراهية وخلق روح الإنانية وعبادة النفس في صفوف العمال. أما الفروقات الآخرى فهي تخالف كثيراً الفروقات التي تدعو اليها البرجوازية, لذا ينبغي للعمال والشيوعيين أن تكون لديهم الرغبة في التزام الفروقات المغايرة لمايسلكه البرجوازيين والرأسماليين.
من تباين وفروق بين الكورد والقوميات الآخرى, ولكي نستطيع أنَّ نطوّر العلاقات الأممية بين العمال والشغيلة علينا تجسيدها في دستور العمل حتى نتمكن من القضاء على النزعات السياسية الشوفينية لدى العمال ويكون همهم الوحيد مساندة ومؤازرة رفاقهم في النضال من عمال وشغيلة القوميات الآخرى في التصدّي لأصحاب رؤوس الأموال. والوقوف معا ضّد سياسة البرجوازيين الليبراليين, وذلك في المناطق والبلدان التي
تسكنها القوميات المختلفة. فإذا وصلت علاقاتها إلى مستوى العنف و الاضطراب, فإنَّ التأريخ يسجل عملية انفصالها. وتأريخ العلاقات بين القوميات , ويُنتج انفصال بعضها عن بعض. إنَّ النصائح التي يقدمها يسار ايران ليسار كوردستان و العراق وقدمها سلفاً. ويدفع حركة الِورى في كوردستان( إن وجدت) إلى القيام بوضع حَدّ للأوضاع و الظروف الأتية. ويرى أنَّ إعادة كوردستان إلى العراق و ضّمه إليه من الواجبات العملية لتلك الحركة. إنَّ الوجه العملي لتلك التوجهات والأراء فيستند إلى نظرية تمتع الكورد بحق تقرير المصير أو البقاء ضمن عراق فدرالي متّحد – أي:إِنَّ ماسّموه بالفراغ السياسي و الإداري في الماضي وفي الحاضر وكانوا يُناقشون بسببها أوضاع و ظروف كوردستان والعراق والعلاقات بين القوميات والأديان والمذاهب المختلفة. فهؤلاء كانوا يحملون الافكار نفسها التي كان اليمينيون يعتقدون بها ، فكانوا بذلك الوجه الآخر لليسار، وكانوا مع هؤلاء متشابهين و متكافئين في الاعتقاد و المواقف. وبدائلهم كانوا يعتقدون بأفكار اليمينين نفسها و يتخذون مواقفهم انفسها. وهذه التوجهات و الافكار تتوافق مع مواقف و توجهات الاحزاب الكوردية و زعمائها ألاوليكارشيين ولا تعارض بينهما. ولم يستطع هؤلاء من مدّعي اليسار الخروج عن توجهات و أفكار الاحزاب الكوردية ألاوليكارشية الكاذبة و الخادعة. فجهة ترى في الاستفتاء الحَلّ و تقرير المصير، وجهة اخرى تعود الى المركز و ترى الحَلّ في ذلك. وبعضٌ من هذه الجهات لاتحم أفكاراً واضحة و صريحة فلا يستطيع أحد تحديد مواقفهم و اتجاهاتهم. وكذلك عندما يضع عملية عدم تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات على عاتق السياسة و أهداف الدول ألامبرياليه و العظى للتهرب من مسؤلية يجب عليه ألالتزام به من أجل إيجاد حق المساواة بين القوميات. وفي مسألة الاعتراف بانفصال عمال الكورد عن العمال العرب و الفرس و الترك وحتى في تأسيس دولتهم المستقلة نجد أن وجهات نظر اليمين و اليسار و مواقفهما مختلفتان باستثناء الدعوة الى تأسيس دولة مستقلة فهما متوافقان بصددها لكن بصورة غير منتظمة بغية إحداث تشتيت الفكر و إقلاق الراحة. ففيما يخص الدولة المستقلة فإنهم الآن يقولون كما إعتقدوا سابقاً أيضاً (إن شعارنا ليس تأسيس دوله كوردية وأن تكون للكورد دولة مستقلة ، فنحن نريد لتقرير مصير كوردستان حتى للاستقلال أن يُجرى إستفتاء شعبي بين سكان و قاطني كوردستان بغض النظر عن انتمائهم القومي).(73).
إنً يساريي إيران و العراق لايستطيعون إخفاء مواقفهم الكاذبة و شعاراتهم بين طيّات آرائهم و توجهاتهم المتضادة وأن يطبقوها على أرض الواقع. فشعاراتهم هذه ماتزال الشعارات الموضوعة على اللافتات و المكتوبة في بياناتهم. فهي لايتمكنون من القيام بحل المسألة القومية للكوردية بطريقة ثورية ويضمنوا بها حقوق المساواة بين القوميات. إن الواجب يفرض على ألاشتراكية المنتصرة إذا إكتسبت الديمقراطية الصحيحة ألا تكون جهودها مقصورة على تحقيق المساواة الكاملة بين القوميات، وإنما عليها القيام بإقرار حقوق ألامم المظلومة و المحرومة في تقرير مصيرها. اي: ان تكون حُرّةً في إختيارها الانفصال السياسي. وإذا لم تستطع ألاحزاب ألاشتراكية بكل أنشطتها الآن وفي حال قيام الثورة وبعد ألانتصار أن تثبت أنها تحرر ألامم المظلومة، وتقيم علاقات معها على أساس حرية التوحيد (مع معرفة أنَّ حرية التوحيد بمفردها شعار زائف دون حرية ألانفصال) وحينئذ تخون هذه ألاحزاب ألاشتراكية. ولاريب أنَّ الديمقراطية التي هي نوع من انواع الدولة قد تضمحل بإضمحلال الدولة فيكون الثبات و الرسوخ للشيوعية الكاملة بعد الانتقال من الاشتراكية الناجحة.(74).
وهذه المسألة تحتاج الى جواب وهو انَّ الشيوعيين إن لم يكونوا مهيمنين فتأسيس الدولة الكوردية و إنشاؤها الى الحصول على اجوبتهم. ولا يعني هذا أن تخلى الساحة للبرجوازيين و أصحاب رؤوس الاموال و أحزاب كوردستان الاخرى وأن يُرخى لهم العنان فيما يقومون به من القمع و الاضطهاد و نهب أموال و خيرات البلاد. وأن يُسلَّمَ المجتمع لمجموعة سياسية أوليكارشية تتصف بصفات عصابات الجريمة المنظمة و قطاع الطرق و القراصنة. فلليسار أحاديث و أقاويل باطلة لاطائل فيها، ولمصلحة شعاراته يقول (يجب أن يكون اليسار مندوباً عن حدوث المصير- ويقصد بذلك المأساة(التراجيديا)- فهذا الشعار يساند ادارة هذا الدور... وينير و يضيء الطرح الثالث لاستقلال نقطة غير معينة في اذهان أغلبية الناس. وهكذا فإن هذا الشعار فضلاً عن كونه عملياً او غير عملي دفع العمال و الكادحين الى ميادين العمل وجعلهم متفائلين بتمكنهم من تقرير مصيرهم بأنفسهم)(75). ولايجوز للشيوعية رفع شعار لايمكنهم تحقيقه، أو أنَّ تحقيقه يمنحنا نتاجاً برجوازياً، وبناء على ذلك لايجوز أن ترفع الشعارات من أجل تفاؤل العمال بأمنية لايمكن تحقيقها. أو صهرهم في بودقة الموهوبة وينبغي أن ترفع الشعارات من أجل توضيح العمل المطلوب منك في اليوم والوقت المحدد ويكون مناسباً للتطبيق. والشعار الذي يحتاج التأريخ إلى تطبيقة عمليا مهم جداً, وهومن جانب النضال الطبقي مفيد للواجب و العمل التأريخي للطبقة العاملة, ومعلوم أنَّ أحد الواجبات التأريخية للطبقة العاملة هو العمل من أجل تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات والأمم من أجل القضاء على الميول وألأفكار الشوفينية بين الأمم و الأقوام واجتثاث جذورها ورفع شأن آراء وأفكار الطبقة العاملة والكادحة للأمم والقوميات المختلفة وإعلائها. وهذه الجهود كلها لاتبذل من أجل إبعاد وتبديد المضايقات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية للطبقة البرجوازية في المناطق المختلفة.
ففي المناطق المختلفة وفي كل بلد ومنطقة كانت ساحة وميداناً لكفاح ونضال الطبقة العاملة والشيوعيين أصبحت المسألة القومية عائقة وعقبة أمام هذا النضال وحاولت كثيراً تمزيقهذا النضال و ارهاقه.وينبغي العمل وبذل الجهود من أجل " الاعتراف بحقوق الإنفصال للجميع واعلاء كل مسألة وقضية متعلقة بالإنفصال, من منظار يكون بعيداً عن التقصير في المساواة و التمييز الطبقي و التسلط."(76)
وهذه العملية محاولة لإزدهار وتطوير النضال الطبقي للطبقة العاملة, وتطبيقها مفيد ونافع لتأريخ نضال البروليتاريا ضد الرأسمالية ونظامها. فإذا صيغ من الناحية النظرية شعار ورفع هذا الشعار ولم يطبق على أرض الواقع, فإنَّ هذا يجعل الطبقة الثورية متردداً ومتشككاً في نضاله ويدفعها إلى تعليق آماله الثورية بمستقبل غير واضح. وينبغي أنَّ يكون شعار الدفاع عن حقوق المساواة بين القوميات أحد الشعارات الواضحة والصادقة لنضال الطبقة العاملة و الشيوعيين وذلك من أجل تحقيق الأهداف التأريخية الطبقية للطبقة الثورية في هذا العصر. لكن اليسار واليمين إلى حَدّ الأن يرفعان معاً شعاراً عمليا مضاداً وغير مناسب من أجل ماذكرنا.
فهما بذلك قد أبعدا العمال وطبقة البرولتاريا عن سياسة وأهداف التغيير العملي, ويحاولان إخراج هذه الطبقة عن طريقها الصحيح. باقتران أهدافها وسياستها بأهداف وسياسة الإشتراكيين الليبراليين والإشتراكيين الديمقراطيين والبرجوازية القومية. إنَّ الأخذ بيد الطبقة العاملة ودعوتها إلى المطالبة بتساوي الحقوق بين القوميات و الدعوة إلى تحقيق تلك المساواة, قد تحدد تأريخ تلك العلاقة التي تربط بين قوميتين أو أكثر مضطهدتين ومحرومتين من أبسط الحقوق. أي أنَّ تسلّط برجوازية قوميةما على عمال وكادحي وبرجوازية قومية أُخرى, يخلق الرغبة إلى التحرر و الإنفصال و الدعوة إليهما لدى أبناء القومية الخاضعة و المضطَهَدة. إنَّ تعطيل العمل بكل هدف من أهداف عملية النضال والكفاح له عواقب وخيمة وتترك آثاراً سيئة على هذه العملية كابتعاد الطبقة العاملة عن الواجبات و الأهداف الواقعة على عاتقها تأريخياً. إنَّ عملية حَل حَق التساوي بين القوميات , وعملية تحقيق هذا الحَق, عملية تكتيكية ثورية للطبقة العاملة والشيوعيين ضد الأهداف و الرغبات السياسية والإجتماعية والإقتصادية للدول الإمبريالية و الكبرى والبرجوازية و الرأسمالية المحلية. وفي الختام ينبغي لنا أنَّ ننهي بحثنا بإحدى مقولات ماركس وهي "كل أمة تضطهِد أمة أخرى, لايمكن أن تكون حُرّة ."
نجم الدين فارس 28-1-2018

المصادر:
(71)- لينين :مسئل السياسة القومية والاممية البروليتارية, دار التقدم, موسكو, 1969, ص174.
(72)- منصور حكمت: في الدفاع........,الى الأمام , العدد21,ص5 .(باللغة الكردية)
(73)- المصدر نفسه ,ص5.
(74)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص168-169.
(75)- منصور حكمت: المصدر السابق ذكره, ص5.
(76)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص92.

الرغبة القومية والمطلب الأوليكارشي
الجزء الثامن
عملية تحقيق المساواة في حقوق القوميات
هناك أراء ووجهات نظرمتباينة حول الحقوق المتساويةللقوميات.وهذه الأراء تتعلق بالمنزلة الإجتماعية والإقتصاديةومصالحهما المختلفة. لأن كل رأي ووجهة نظر نابع من مستوى صاحبه وتصنيفه الطبقي. ومن هذا الطريق يُحَدد كيفية الدفاع عن تلك الحقوق ويقوم بتجسيدها . فالماكسيون يختلفون كثيراً عن البورجوازيين والرأسماليين وأحزابهم في مواقفهم تجاه التساوي في حقوق القوميات وتعاملهم في تحقيق هذا التساوي. لأن حق المساوات بين القوميات عند الماركسين يعني التساوي بين افراد المجتمع جميعهم من كافة الأوجهه الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. وهذا الأمر إن لم يتحقق في مرحلة الدكتاتورية البروليتارية التي هي مرحلة انتقالية ينتقل المجتمع الرأسمالي فيها الى الإشتراكية والشيوعية العلمية. وفي هذه المرحلة- آي: مرحلة الإشتراكية و الشيوعية العلمية لايبقى اي وجود للمكّونات الدينية والإثنية والعرقية ولايقُومُ لها ايّ قائم. ويجرد الإنسان عن التباهي بالمكانة الإقتصادية والإجتماعية والقومية و الدينية والمذهبية ولون البشرة وضخامة الجسد وصغره . لأنَّ المكانة الإقتصادية و الملكية الخاصة والسيادة الطبقية منذ بداية وجودها هي المصدر الأساسي لإنتهاك حقوق الإنسان والإستغلاله وعدم التساوي بين أفراد الناس. وكذلك فإنّها المُصَمِمّة الأساسية للسلطات والصلاحيات المختلفة. إِنَّ السلطات المتباينة والمختلفة بين الدول والقوميات , تعني التمييز والفوارق و المعاداة ومحاولة مجموعة التسلط على مجموعة وقومية أخرى. وهذا هو الطبيعة الدائمة والمستمرة للسلطة الطبقية ونظامها, ومن أجل ذلك تسلك هذه السلطة جميع الطرق , ويخلق الفوارق الجندرية والتمييز القومي والمناطقي ولون البشرة , وصغر و ضغامة حجم النفوذ والسلطة, تقوم بإدامة نظامها الإقتصادي والسياسي والإجتماعي , وتَرتسخ دعائمه. و من ناحية أخرى فإنَّ وُجهة نظر برجوازي ورأسمالي القومية المتسلطة فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات سلبية تجاه الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية للطبقة نفسها للقومية الخاضعة تحت سيطرتها. لذا فهؤلاء حتى في تأسيس الدولة وانفصال القومية الواقعة تحت سيطرة وقبضة القومية المتسلطة, لايمنحون الحقوق المتساوية لأفراد قوميتهم, ولاينهون إضطهاد صاحب العمال وذوي النفوذ لكدح عمال وشغيلة قوميتهم. وهذه النظرة تفترق كثيراً عن النظرة الإشتراكية العلمية و الماركسية. فهما موقفان ونوعا تباين تجسيد حقوق تساوي القوميات. وهكذا فإنَّ هؤلاء في الدول الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية وديمقراطياتها يجدون أنفسهم في عملية نشوء الدولة القومية. ولايستطيعون بحسب ظروف وأحوال القومية التي تحدد من الناحية الجيوسياسية والجيوإقتصادية ونظام الإنتاج و القدرات العسكرية, أن يحققوا الحقوق المتساوية للقوميات. ولكون برجوازيي و رأسماليي كل قومية يجدون مصالحهم في المشكلات و النزاعات القائمة بين القوميات, أو في الاغلب وفي أوقات مختلفة يستفيدون من الصراعات التي تدور بين العمال بإسم للقوميات المختلفة. إنَّ البرجوازيين وأصحاب الأموال يحاولون دائماً مواصلة سيطرتهم على الطبقات الخاضعة لهم بتكديس أموالهم من قوة عمل العمال والكادحين واضطهاد محكوميهم حتى يؤمنوا لأنفسهم ولنظرائهم حياة سعيدة ويتمتعوا بعيش رغيد. وهكذا فإنَّ الدولة الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية و الدكتاتورية وديمقراطيتها, لاتستطيع أن تمنح الحقوق المتساوية للقوميات . إنَّ الدولة تعني سيطرة طبقة على طبقة أخُرى, وتعني التباين بين مصلحة المتسلط والراضخ, وتعني وجود الطبقات المتباينة. وبخلاف ذلك فإنَّ الإشتراكية و الشيوعية العلمية هي الضمانة الوحيدة للحصول على الحقوق المتساوية للقوميات. لأنها- آي الإشتراكية و الشيوعية العلمية- المصدر الأساسي للخلاص من الفروقات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والطبقية. ولأنَّ هذه الفروقات الطبقية في المجتمع هي مصدرومنشأ جميع انواع الإضتهاد بين بني البشر. إنَّ الجزء الكبير وجميع مشكلات المجتمع والفروقات على مستوى وجه الدنيا متعلق بوجود الطبقات. وتُعَدُّ المصالح الإقتصادية و الإجتماعية المختلفة , مصدر خلق المشكلات القومية والحروب الدموية الكبيرة, وتزرع الاحقاد و الضغائن بين الأقوام, وهذه الاوضاع و الظروف تُفيد المتسلطين من أصحاب الرأسمال , وهناك جزء آخر من الصراعات والنزاعات الدولية ترجع جذورها إلى الفروقات الطبقية. إذ تحدث الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية من أجل مصالحها ثغرات بين علاقات الدول وأقوامها.
إنَّ المصالح الإقتصادية والعلاقات القائمة بين الناس عامل مهم لتحديد الحقوق المتساوية للقوميات. وكما قال (لينين)لايجوز أنَّ لايؤخذ بنظر الاعتبار السبب الإقتصادي القوي في المسألة القومية لدى الماركسيين, لأنَّ الإشتراكية نضع يدها باكتظاظ على الجانب الإقتصادي . ولاتستطيع أنَّ لاتضع في نظر اعتبارها الجانب الإقتصادي في علاقات التساوي بين الناس. فالإشتراكية هي الجانب الئيس في تحديد الحقوق المتساوية للقوميات والطبقات, وفي الأصل فإنَّ القاعدة والأساس هنا عبارة عن الإنتاج وعملية التوزيع و الحقوق الإقتصادية الإشتراكية , وتكون على أساس تنظيم حُرّ ومُتساوٍ."وكذلك تستطيع الإنسانية أنَّ تقضي على الطبقات, وذلك بعد اجتيازها مرحلة انتقالية هي مرحلة ديكتاتورية الطبقة المُضطهَدة, وكذلك تستطيع الوصول إلى توحيد القوميات وذلك باجتيازها مرحلة انتقالية, هي مرحلة تحرر جميع القوميات المُضطهَدة بأكملها, أي: مرحلة تأخذ فيها حق الإنفصال."(71) إنَّ الظروف والأوضاع العملية التي يتطلع اليسار إليها في الإقليم وايران بتوجيه من غيرهم وبمعرفتهم, ليس تطلعهم إلاَّ التخلّي عن مُهمة وظيفية لابُدّ من الإقدام عليها من أجل القضاء على الفروقات القومية والاضطهاد القومي. فهؤلاء يبعدون انفسهم عن عملية ويتخلون عنها , كان المفروض القيام بها, فأفكار هؤلاء ومايذهبون إليه نابعة من الفكر الإشتراكي الليبرالي في أوروبا. وبناءً على ذلك فإنَّ هؤلاء من أهل اليسار إقاهم أصحاب نوع من عدم المعرفة وقد وضعواهذه المهمة على نحو مُربك ومُشوّش في خارطة عملهم, وإمّا يعيدون أنفسهم أصحاب القضية ويريدون عدم تنفيذها, أي أنّهم في كل الأحوال يتعاملون ديماغوجياً مع هذه القضية , لأنَّ جميع أعمالهم هذه لاتستطيع أنَّ تجيب عن أسئلة الشيوعيين العلميين عملياً فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات, لذا إنَّ توجهاتهم ترادف التوجهات السياسية لأوليكارشية أحزاب الأقليم.
إنَّ مامَرّ ذكره سبق أن ادّعاه اليسار الكوردستاني في العراق وايران في الماضي ومايزال يّدعيه اليوم ويفكربه حين يقول:( في الواقع العملي إنَّ السياسة التي ينتهجها يسار كوردستان العراق وايران لاتعني إدارة حركة ذي نهج مستقل. فهذا الشعار ينبغي أن يحتل زاوية من زوايا البديل العملي ل (حزب الشيوعي العمالي-ح.ك.ك-) وحركة الشورى في كوردستان العراق. إنَّ الإطار العملي لهذا الشعار في توقعاتنا و توجهاتنا(نظر الشيوعية العمالية) هو:أولاً: إنَّ الإستفتاء والرجوع الى آراء الناس يجب أن يكون باتفاق مع(مصدر أممي رسمي) حتى نحّقق نتائج الإستفتاء أكثر ولكن الى حَدّ تحقيق هذه العملية فالمفروض أن نطالب باستفتاء حُرّ من أجل تثبيت أوضاع كوردستان, ففي نظرنا(نظر الشيوعية العمالية) أنَّ إرادة الناس وإبداء أرائهم لها اعتبارات. ففي استفتاء كهذا يجب ندعو الى دولة مستقلة.(72) إنَّ توجهات وأنظار اليسار حول التطبيق العملي نوعان: أحدهما : التحدث عن التحرر الوطني واستقلال الرأسمالية الوطنية كما تدّعيه البرجوازية الوطنية. ويطالبون من البرجوازية المتسلطة والمُضطهِدة بعلاقات حَرّة وإطلاق الحريات السياسية والإقتصادية البرجوازية القومية. وهذه الفروقات تنتج العنجهية و المغالات في التعصب القومي, لأنَّ البرجوازية القومية تحصل على امتيازاتها من الفروق القومية والصراع القومي فتسعى إلى السيطرة على مصادر اقتصاد البلاده تحت اسم حماية البلاد والأمة ومصادرهما الإقتصادية و مواردهما الطبيعية, وبهذا فإنها تقوّي الفروقات القومية مع الآخرين وتعمقّها, وتحاول إيصال تلك الفروقات إلى حَدّ التعصب والكراهية وخلق روح الإنانية وعبادة النفس في صفوف العمال. أما الفروقات الآخرى فهي تخالف كثيراً الفروقات التي تدعو اليها البرجوازية, لذا ينبغي للعمال والشيوعيين أن تكون لديهم الرغبة في التزام الفروقات المغايرة لمايسلكه البرجوازيين والرأسماليين.
من تباين وفروق بين الكورد والقوميات الآخرى, ولكي نستطيع أنَّ نطوّر العلاقات الأممية بين العمال والشغيلة علينا تجسيدها في دستور العمل حتى نتمكن من القضاء على النزعات السياسية الشوفينية لدى العمال ويكون همهم الوحيد مساندة ومؤازرة رفاقهم في النضال من عمال وشغيلة القوميات الآخرى في التصدّي لأصحاب رؤوس الأموال. والوقوف معا ضّد سياسة البرجوازيين الليبراليين, وذلك في المناطق والبلدان التي
تسكنها القوميات المختلفة. فإذا وصلت علاقاتها إلى مستوى العنف و الاضطراب, فإنَّ التأريخ يسجل عملية انفصالها. وتأريخ العلاقات بين القوميات , ويُنتج انفصال بعضها عن بعض. إنَّ النصائح التي يقدمها يسار ايران ليسار كوردستان و العراق وقدمها سلفاً. ويدفع حركة الِورى في كوردستان( إن وجدت) إلى القيام بوضع حَدّ للأوضاع و الظروف الأتية. ويرى أنَّ إعادة كوردستان إلى العراق و ضّمه إليه من الواجبات العملية لتلك الحركة. إنَّ الوجه العملي لتلك التوجهات والأراء فيستند إلى نظرية تمتع الكورد بحق تقرير المصير أو البقاء ضمن عراق فدرالي متّحد – أي:إِنَّ ماسّموه بالفراغ السياسي و الإداري في الماضي وفي الحاضر وكانوا يُناقشون بسببها أوضاع و ظروف كوردستان والعراق والعلاقات بين القوميات والأديان والمذاهب المختلفة. فهؤلاء كانوا يحملون الافكار نفسها التي كان اليمينيون يعتقدون بها ، فكانوا بذلك الوجه الآخر لليسار، وكانوا مع هؤلاء متشابهين و متكافئين في الاعتقاد و المواقف. وبدائلهم كانوا يعتقدون بأفكار اليمينين نفسها و يتخذون مواقفهم انفسها. وهذه التوجهات و الافكار تتوافق مع مواقف و توجهات الاحزاب الكوردية و زعمائها ألاوليكارشيين ولا تعارض بينهما. ولم يستطع هؤلاء من مدّعي اليسار الخروج عن توجهات و أفكار الاحزاب الكوردية ألاوليكارشية الكاذبة و الخادعة. فجهة ترى في الاستفتاء الحَلّ و تقرير المصير، وجهة اخرى تعود الى المركز و ترى الحَلّ في ذلك. وبعضٌ من هذه الجهات لاتحم أفكاراً واضحة و صريحة فلا يستطيع أحد تحديد مواقفهم و اتجاهاتهم. وكذلك عندما يضع عملية عدم تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات على عاتق السياسة و أهداف الدول ألامبرياليه و العظى للتهرب من مسؤلية يجب عليه ألالتزام به من أجل إيجاد حق المساواة بين القوميات. وفي مسألة الاعتراف بانفصال عمال الكورد عن العمال العرب و الفرس و الترك وحتى في تأسيس دولتهم المستقلة نجد أن وجهات نظر اليمين و اليسار و مواقفهما مختلفتان باستثناء الدعوة الى تأسيس دولة مستقلة فهما متوافقان بصددها لكن بصورة غير منتظمة بغية إحداث تشتيت الفكر و إقلاق الراحة. ففيما يخص الدولة المستقلة فإنهم الآن يقولون كما إعتقدوا سابقاً أيضاً (إن شعارنا ليس تأسيس دوله كوردية وأن تكون للكورد دولة مستقلة ، فنحن نريد لتقرير مصير كوردستان حتى للاستقلال أن يُجرى إستفتاء شعبي بين سكان و قاطني كوردستان بغض النظر عن انتمائهم القومي).(73).
إنً يساريي إيران و العراق لايستطيعون إخفاء مواقفهم الكاذبة و شعاراتهم بين طيّات آرائهم و توجهاتهم المتضادة وأن يطبقوها على أرض الواقع. فشعاراتهم هذه ماتزال الشعارات الموضوعة على اللافتات و المكتوبة في بياناتهم. فهي لايتمكنون من القيام بحل المسألة القومية للكوردية بطريقة ثورية ويضمنوا بها حقوق المساواة بين القوميات. إن الواجب يفرض على ألاشتراكية المنتصرة إذا إكتسبت الديمقراطية الصحيحة ألا تكون جهودها مقصورة على تحقيق المساواة الكاملة بين القوميات، وإنما عليها القيام بإقرار حقوق ألامم المظلومة و المحرومة في تقرير مصيرها. اي: ان تكون حُرّةً في إختيارها الانفصال السياسي. وإذا لم تستطع ألاحزاب ألاشتراكية بكل أنشطتها الآن وفي حال قيام الثورة وبعد ألانتصار أن تثبت أنها تحرر ألامم المظلومة، وتقيم علاقات معها على أساس حرية التوحيد (مع معرفة أنَّ حرية التوحيد بمفردها شعار زائف دون حرية ألانفصال) وحينئذ تخون هذه ألاحزاب ألاشتراكية. ولاريب أنَّ الديمقراطية التي هي نوع من انواع الدولة قد تضمحل بإضمحلال الدولة فيكون الثبات و الرسوخ للشيوعية الكاملة بعد الانتقال من الاشتراكية الناجحة.(74).
وهذه المسألة تحتاج الى جواب وهو انَّ الشيوعيين إن لم يكونوا مهيمنين فتأسيس الدولة الكوردية و إنشاؤها الى الحصول على اجوبتهم. ولا يعني هذا أن تخلى الساحة للبرجوازيين و أصحاب رؤوس الاموال و أحزاب كوردستان الاخرى وأن يُرخى لهم العنان فيما يقومون به من القمع و الاضطهاد و نهب أموال و خيرات البلاد. وأن يُسلَّمَ المجتمع لمجموعة سياسية أوليكارشية تتصف بصفات عصابات الجريمة المنظمة و قطاع الطرق و القراصنة. فلليسار أحاديث و أقاويل باطلة لاطائل فيها، ولمصلحة شعاراته يقول (يجب أن يكون اليسار مندوباً عن حدوث المصير- ويقصد بذلك المأساة(التراجيديا)- فهذا الشعار يساند ادارة هذا الدور... وينير و يضيء الطرح الثالث لاستقلال نقطة غير معينة في اذهان أغلبية الناس. وهكذا فإن هذا الشعار فضلاً عن كونه عملياً او غير عملي دفع العمال و الكادحين الى ميادين العمل وجعلهم متفائلين بتمكنهم من تقرير مصيرهم بأنفسهم)(75). ولايجوز للشيوعية رفع شعار لايمكنهم تحقيقه، أو أنَّ تحقيقه يمنحنا نتاجاً برجوازياً، وبناء على ذلك لايجوز أن ترفع الشعارات من أجل تفاؤل العمال بأمنية لايمكن تحقيقها. أو صهرهم في بودقة الموهوبة وينبغي أن ترفع الشعارات من أجل توضيح العمل المطلوب منك في اليوم والوقت المحدد ويكون مناسباً للتطبيق. والشعار الذي يحتاج التأريخ إلى تطبيقة عمليا مهم جداً, وهومن جانب النضال الطبقي مفيد للواجب و العمل التأريخي للطبقة العاملة, ومعلوم أنَّ أحد الواجبات التأريخية للطبقة العاملة هو العمل من أجل تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات والأمم من أجل القضاء على الميول وألأفكار الشوفينية بين الأمم و الأقوام واجتثاث جذورها ورفع شأن آراء وأفكار الطبقة العاملة والكادحة للأمم والقوميات المختلفة وإعلائها. وهذه الجهود كلها لاتبذل من أجل إبعاد وتبديد المضايقات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية للطبقة البرجوازية في المناطق المختلفة.
ففي المناطق المختلفة وفي كل بلد ومنطقة كانت ساحة وميداناً لكفاح ونضال الطبقة العاملة والشيوعيين أصبحت المسألة القومية عائقة وعقبة أمام هذا النضال وحاولت كثيراً تمزيقهذا النضال و ارهاقه.وينبغي العمل وبذل الجهود من أجل " الاعتراف بحقوق الإنفصال للجميع واعلاء كل مسألة وقضية متعلقة بالإنفصال, من منظار يكون بعيداً عن التقصير في المساواة و التمييز الطبقي و التسلط."(76)
وهذه العملية محاولة لإزدهار وتطوير النضال الطبقي للطبقة العاملة, وتطبيقها مفيد ونافع لتأريخ نضال البروليتاريا ضد الرأسمالية ونظامها. فإذا صيغ من الناحية النظرية شعار ورفع هذا الشعار ولم يطبق على أرض الواقع, فإنَّ هذا يجعل الطبقة الثورية متردداً ومتشككاً في نضاله ويدفعها إلى تعليق آماله الثورية بمستقبل غير واضح. وينبغي أنَّ يكون شعار الدفاع عن حقوق المساواة بين القوميات أحد الشعارات الواضحة والصادقة لنضال الطبقة العاملة و الشيوعيين وذلك من أجل تحقيق الأهداف التأريخية الطبقية للطبقة الثورية في هذا العصر. لكن اليسار واليمين إلى حَدّ الأن يرفعان معاً شعاراً عمليا مضاداً وغير مناسب من أجل ماذكرنا.
فهما بذلك قد أبعدا العمال وطبقة البرولتاريا عن سياسة وأهداف التغيير العملي, ويحاولان إخراج هذه الطبقة عن طريقها الصحيح. باقتران أهدافها وسياستها بأهداف وسياسة الإشتراكيين الليبراليين والإشتراكيين الديمقراطيين والبرجوازية القومية. إنَّ الأخذ بيد الطبقة العاملة ودعوتها إلى المطالبة بتساوي الحقوق بين القوميات و الدعوة إلى تحقيق تلك المساواة, قد تحدد تأريخ تلك العلاقة التي تربط بين قوميتين أو أكثر مضطهدتين ومحرومتين من أبسط الحقوق. أي أنَّ تسلّط برجوازية قوميةما على عمال وكادحي وبرجوازية قومية أُخرى, يخلق الرغبة إلى التحرر و الإنفصال و الدعوة إليهما لدى أبناء القومية الخاضعة و المضطَهَدة. إنَّ تعطيل العمل بكل هدف من أهداف عملية النضال والكفاح له عواقب وخيمة وتترك آثاراً سيئة على هذه العملية كابتعاد الطبقة العاملة عن الواجبات و الأهداف الواقعة على عاتقها تأريخياً. إنَّ عملية حَل حَق التساوي بين القوميات , وعملية تحقيق هذا الحَق, عملية تكتيكية ثورية للطبقة العاملة والشيوعيين ضد الأهداف و الرغبات السياسية والإجتماعية والإقتصادية للدول الإمبريالية و الكبرى والبرجوازية و الرأسمالية المحلية. وفي الختام ينبغي لنا أنَّ ننهي بحثنا بإحدى مقولات ماركس وهي "كل أمة تضطهِد أمة أخرى, لايمكن أن تكون حُرّة ."
نجم الدين فارس 28-1-2018

المصادر:
(71)- لينين :مسئل السياسة القومية والاممية البروليتارية, دار التقدم, موسكو, 1969, ص174.
(72)- منصور حكمت: في الدفاع........,الى الأمام , العدد21,ص5 .(باللغة الكردية)
(73)- المصدر نفسه ,ص5.
(74)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص168-169.
(75)- منصور حكمت: المصدر السابق ذكره, ص5.
(76)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص92.

الرغبة القومية والمطلب الأوليكارشي
الجزء الثامن
عملية تحقيق المساواة في حقوق القوميات
هناك أراء ووجهات نظرمتباينة حول الحقوق المتساويةللقوميات.وهذه الأراء تتعلق بالمنزلة الإجتماعية والإقتصاديةومصالحهما المختلفة. لأن كل رأي ووجهة نظر نابع من مستوى صاحبه وتصنيفه الطبقي. ومن هذا الطريق يُحَدد كيفية الدفاع عن تلك الحقوق ويقوم بتجسيدها . فالماكسيون يختلفون كثيراً عن البورجوازيين والرأسماليين وأحزابهم في مواقفهم تجاه التساوي في حقوق القوميات وتعاملهم في تحقيق هذا التساوي. لأن حق المساوات بين القوميات عند الماركسين يعني التساوي بين افراد المجتمع جميعهم من كافة الأوجهه الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. وهذا الأمر إن لم يتحقق في مرحلة الدكتاتورية البروليتارية التي هي مرحلة انتقالية ينتقل المجتمع الرأسمالي فيها الى الإشتراكية والشيوعية العلمية. وفي هذه المرحلة- آي: مرحلة الإشتراكية و الشيوعية العلمية لايبقى اي وجود للمكّونات الدينية والإثنية والعرقية ولايقُومُ لها ايّ قائم. ويجرد الإنسان عن التباهي بالمكانة الإقتصادية والإجتماعية والقومية و الدينية والمذهبية ولون البشرة وضخامة الجسد وصغره . لأنَّ المكانة الإقتصادية و الملكية الخاصة والسيادة الطبقية منذ بداية وجودها هي المصدر الأساسي لإنتهاك حقوق الإنسان والإستغلاله وعدم التساوي بين أفراد الناس. وكذلك فإنّها المُصَمِمّة الأساسية للسلطات والصلاحيات المختلفة. إِنَّ السلطات المتباينة والمختلفة بين الدول والقوميات , تعني التمييز والفوارق و المعاداة ومحاولة مجموعة التسلط على مجموعة وقومية أخرى. وهذا هو الطبيعة الدائمة والمستمرة للسلطة الطبقية ونظامها, ومن أجل ذلك تسلك هذه السلطة جميع الطرق , ويخلق الفوارق الجندرية والتمييز القومي والمناطقي ولون البشرة , وصغر و ضغامة حجم النفوذ والسلطة, تقوم بإدامة نظامها الإقتصادي والسياسي والإجتماعي , وتَرتسخ دعائمه. و من ناحية أخرى فإنَّ وُجهة نظر برجوازي ورأسمالي القومية المتسلطة فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات سلبية تجاه الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية للطبقة نفسها للقومية الخاضعة تحت سيطرتها. لذا فهؤلاء حتى في تأسيس الدولة وانفصال القومية الواقعة تحت سيطرة وقبضة القومية المتسلطة, لايمنحون الحقوق المتساوية لأفراد قوميتهم, ولاينهون إضطهاد صاحب العمال وذوي النفوذ لكدح عمال وشغيلة قوميتهم. وهذه النظرة تفترق كثيراً عن النظرة الإشتراكية العلمية و الماركسية. فهما موقفان ونوعا تباين تجسيد حقوق تساوي القوميات. وهكذا فإنَّ هؤلاء في الدول الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية وديمقراطياتها يجدون أنفسهم في عملية نشوء الدولة القومية. ولايستطيعون بحسب ظروف وأحوال القومية التي تحدد من الناحية الجيوسياسية والجيوإقتصادية ونظام الإنتاج و القدرات العسكرية, أن يحققوا الحقوق المتساوية للقوميات. ولكون برجوازيي و رأسماليي كل قومية يجدون مصالحهم في المشكلات و النزاعات القائمة بين القوميات, أو في الاغلب وفي أوقات مختلفة يستفيدون من الصراعات التي تدور بين العمال بإسم للقوميات المختلفة. إنَّ البرجوازيين وأصحاب الأموال يحاولون دائماً مواصلة سيطرتهم على الطبقات الخاضعة لهم بتكديس أموالهم من قوة عمل العمال والكادحين واضطهاد محكوميهم حتى يؤمنوا لأنفسهم ولنظرائهم حياة سعيدة ويتمتعوا بعيش رغيد. وهكذا فإنَّ الدولة الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية و الدكتاتورية وديمقراطيتها, لاتستطيع أن تمنح الحقوق المتساوية للقوميات . إنَّ الدولة تعني سيطرة طبقة على طبقة أخُرى, وتعني التباين بين مصلحة المتسلط والراضخ, وتعني وجود الطبقات المتباينة. وبخلاف ذلك فإنَّ الإشتراكية و الشيوعية العلمية هي الضمانة الوحيدة للحصول على الحقوق المتساوية للقوميات. لأنها- آي الإشتراكية و الشيوعية العلمية- المصدر الأساسي للخلاص من الفروقات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والطبقية. ولأنَّ هذه الفروقات الطبقية في المجتمع هي مصدرومنشأ جميع انواع الإضتهاد بين بني البشر. إنَّ الجزء الكبير وجميع مشكلات المجتمع والفروقات على مستوى وجه الدنيا متعلق بوجود الطبقات. وتُعَدُّ المصالح الإقتصادية و الإجتماعية المختلفة , مصدر خلق المشكلات القومية والحروب الدموية الكبيرة, وتزرع الاحقاد و الضغائن بين الأقوام, وهذه الاوضاع و الظروف تُفيد المتسلطين من أصحاب الرأسمال , وهناك جزء آخر من الصراعات والنزاعات الدولية ترجع جذورها إلى الفروقات الطبقية. إذ تحدث الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية من أجل مصالحها ثغرات بين علاقات الدول وأقوامها.
إنَّ المصالح الإقتصادية والعلاقات القائمة بين الناس عامل مهم لتحديد الحقوق المتساوية للقوميات. وكما قال (لينين)لايجوز أنَّ لايؤخذ بنظر الاعتبار السبب الإقتصادي القوي في المسألة القومية لدى الماركسيين, لأنَّ الإشتراكية نضع يدها باكتظاظ على الجانب الإقتصادي . ولاتستطيع أنَّ لاتضع في نظر اعتبارها الجانب الإقتصادي في علاقات التساوي بين الناس. فالإشتراكية هي الجانب الئيس في تحديد الحقوق المتساوية للقوميات والطبقات, وفي الأصل فإنَّ القاعدة والأساس هنا عبارة عن الإنتاج وعملية التوزيع و الحقوق الإقتصادية الإشتراكية , وتكون على أساس تنظيم حُرّ ومُتساوٍ."وكذلك تستطيع الإنسانية أنَّ تقضي على الطبقات, وذلك بعد اجتيازها مرحلة انتقالية هي مرحلة ديكتاتورية الطبقة المُضطهَدة, وكذلك تستطيع الوصول إلى توحيد القوميات وذلك باجتيازها مرحلة انتقالية, هي مرحلة تحرر جميع القوميات المُضطهَدة بأكملها, أي: مرحلة تأخذ فيها حق الإنفصال."(71) إنَّ الظروف والأوضاع العملية التي يتطلع اليسار إليها في الإقليم وايران بتوجيه من غيرهم وبمعرفتهم, ليس تطلعهم إلاَّ التخلّي عن مُهمة وظيفية لابُدّ من الإقدام عليها من أجل القضاء على الفروقات القومية والاضطهاد القومي. فهؤلاء يبعدون انفسهم عن عملية ويتخلون عنها , كان المفروض القيام بها, فأفكار هؤلاء ومايذهبون إليه نابعة من الفكر الإشتراكي الليبرالي في أوروبا. وبناءً على ذلك فإنَّ هؤلاء من أهل اليسار إقاهم أصحاب نوع من عدم المعرفة وقد وضعواهذه المهمة على نحو مُربك ومُشوّش في خارطة عملهم, وإمّا يعيدون أنفسهم أصحاب القضية ويريدون عدم تنفيذها, أي أنّهم في كل الأحوال يتعاملون ديماغوجياً مع هذه القضية , لأنَّ جميع أعمالهم هذه لاتستطيع أنَّ تجيب عن أسئلة الشيوعيين العلميين عملياً فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات, لذا إنَّ توجهاتهم ترادف التوجهات السياسية لأوليكارشية أحزاب الأقليم.
إنَّ مامَرّ ذكره سبق أن ادّعاه اليسار الكوردستاني في العراق وايران في الماضي ومايزال يّدعيه اليوم ويفكربه حين يقول:( في الواقع العملي إنَّ السياسة التي ينتهجها يسار كوردستان العراق وايران لاتعني إدارة حركة ذي نهج مستقل. فهذا الشعار ينبغي أن يحتل زاوية من زوايا البديل العملي ل (حزب الشيوعي العمالي-ح.ك.ك-) وحركة الشورى في كوردستان العراق. إنَّ الإطار العملي لهذا الشعار في توقعاتنا و توجهاتنا(نظر الشيوعية العمالية) هو:أولاً: إنَّ الإستفتاء والرجوع الى آراء الناس يجب أن يكون باتفاق مع(مصدر أممي رسمي) حتى نحّقق نتائج الإستفتاء أكثر ولكن الى حَدّ تحقيق هذه العملية فالمفروض أن نطالب باستفتاء حُرّ من أجل تثبيت أوضاع كوردستان, ففي نظرنا(نظر الشيوعية العمالية) أنَّ إرادة الناس وإبداء أرائهم لها اعتبارات. ففي استفتاء كهذا يجب ندعو الى دولة مستقلة.(72) إنَّ توجهات وأنظار اليسار حول التطبيق العملي نوعان: أحدهما : التحدث عن التحرر الوطني واستقلال الرأسمالية الوطنية كما تدّعيه البرجوازية الوطنية. ويطالبون من البرجوازية المتسلطة والمُضطهِدة بعلاقات حَرّة وإطلاق الحريات السياسية والإقتصادية البرجوازية القومية. وهذه الفروقات تنتج العنجهية و المغالات في التعصب القومي, لأنَّ البرجوازية القومية تحصل على امتيازاتها من الفروق القومية والصراع القومي فتسعى إلى السيطرة على مصادر اقتصاد البلاده تحت اسم حماية البلاد والأمة ومصادرهما الإقتصادية و مواردهما الطبيعية, وبهذا فإنها تقوّي الفروقات القومية مع الآخرين وتعمقّها, وتحاول إيصال تلك الفروقات إلى حَدّ التعصب والكراهية وخلق روح الإنانية وعبادة النفس في صفوف العمال. أما الفروقات الآخرى فهي تخالف كثيراً الفروقات التي تدعو اليها البرجوازية, لذا ينبغي للعمال والشيوعيين أن تكون لديهم الرغبة في التزام الفروقات المغايرة لمايسلكه البرجوازيين والرأسماليين.
من تباين وفروق بين الكورد والقوميات الآخرى, ولكي نستطيع أنَّ نطوّر العلاقات الأممية بين العمال والشغيلة علينا تجسيدها في دستور العمل حتى نتمكن من القضاء على النزعات السياسية الشوفينية لدى العمال ويكون همهم الوحيد مساندة ومؤازرة رفاقهم في النضال من عمال وشغيلة القوميات الآخرى في التصدّي لأصحاب رؤوس الأموال. والوقوف معا ضّد سياسة البرجوازيين الليبراليين, وذلك في المناطق والبلدان التي
تسكنها القوميات المختلفة. فإذا وصلت علاقاتها إلى مستوى العنف و الاضطراب, فإنَّ التأريخ يسجل عملية انفصالها. وتأريخ العلاقات بين القوميات , ويُنتج انفصال بعضها عن بعض. إنَّ النصائح التي يقدمها يسار ايران ليسار كوردستان و العراق وقدمها سلفاً. ويدفع حركة الِورى في كوردستان( إن وجدت) إلى القيام بوضع حَدّ للأوضاع و الظروف الأتية. ويرى أنَّ إعادة كوردستان إلى العراق و ضّمه إليه من الواجبات العملية لتلك الحركة. إنَّ الوجه العملي لتلك التوجهات والأراء فيستند إلى نظرية تمتع الكورد بحق تقرير المصير أو البقاء ضمن عراق فدرالي متّحد – أي:إِنَّ ماسّموه بالفراغ السياسي و الإداري في الماضي وفي الحاضر وكانوا يُناقشون بسببها أوضاع و ظروف كوردستان والعراق والعلاقات بين القوميات والأديان والمذاهب المختلفة. فهؤلاء كانوا يحملون الافكار نفسها التي كان اليمينيون يعتقدون بها ، فكانوا بذلك الوجه الآخر لليسار، وكانوا مع هؤلاء متشابهين و متكافئين في الاعتقاد و المواقف. وبدائلهم كانوا يعتقدون بأفكار اليمينين نفسها و يتخذون مواقفهم انفسها. وهذه التوجهات و الافكار تتوافق مع مواقف و توجهات الاحزاب الكوردية و زعمائها ألاوليكارشيين ولا تعارض بينهما. ولم يستطع هؤلاء من مدّعي اليسار الخروج عن توجهات و أفكار الاحزاب الكوردية ألاوليكارشية الكاذبة و الخادعة. فجهة ترى في الاستفتاء الحَلّ و تقرير المصير، وجهة اخرى تعود الى المركز و ترى الحَلّ في ذلك. وبعضٌ من هذه الجهات لاتحم أفكاراً واضحة و صريحة فلا يستطيع أحد تحديد مواقفهم و اتجاهاتهم. وكذلك عندما يضع عملية عدم تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات على عاتق السياسة و أهداف الدول ألامبرياليه و العظى للتهرب من مسؤلية يجب عليه ألالتزام به من أجل إيجاد حق المساواة بين القوميات. وفي مسألة الاعتراف بانفصال عمال الكورد عن العمال العرب و الفرس و الترك وحتى في تأسيس دولتهم المستقلة نجد أن وجهات نظر اليمين و اليسار و مواقفهما مختلفتان باستثناء الدعوة الى تأسيس دولة مستقلة فهما متوافقان بصددها لكن بصورة غير منتظمة بغية إحداث تشتيت الفكر و إقلاق الراحة. ففيما يخص الدولة المستقلة فإنهم الآن يقولون كما إعتقدوا سابقاً أيضاً (إن شعارنا ليس تأسيس دوله كوردية وأن تكون للكورد دولة مستقلة ، فنحن نريد لتقرير مصير كوردستان حتى للاستقلال أن يُجرى إستفتاء شعبي بين سكان و قاطني كوردستان بغض النظر عن انتمائهم القومي).(73).
إنً يساريي إيران و العراق لايستطيعون إخفاء مواقفهم الكاذبة و شعاراتهم بين طيّات آرائهم و توجهاتهم المتضادة وأن يطبقوها على أرض الواقع. فشعاراتهم هذه ماتزال الشعارات الموضوعة على اللافتات و المكتوبة في بياناتهم. فهي لايتمكنون من القيام بحل المسألة القومية للكوردية بطريقة ثورية ويضمنوا بها حقوق المساواة بين القوميات. إن الواجب يفرض على ألاشتراكية المنتصرة إذا إكتسبت الديمقراطية الصحيحة ألا تكون جهودها مقصورة على تحقيق المساواة الكاملة بين القوميات، وإنما عليها القيام بإقرار حقوق ألامم المظلومة و المحرومة في تقرير مصيرها. اي: ان تكون حُرّةً في إختيارها الانفصال السياسي. وإذا لم تستطع ألاحزاب ألاشتراكية بكل أنشطتها الآن وفي حال قيام الثورة وبعد ألانتصار أن تثبت أنها تحرر ألامم المظلومة، وتقيم علاقات معها على أساس حرية التوحيد (مع معرفة أنَّ حرية التوحيد بمفردها شعار زائف دون حرية ألانفصال) وحينئذ تخون هذه ألاحزاب ألاشتراكية. ولاريب أنَّ الديمقراطية التي هي نوع من انواع الدولة قد تضمحل بإضمحلال الدولة فيكون الثبات و الرسوخ للشيوعية الكاملة بعد الانتقال من الاشتراكية الناجحة.(74).
وهذه المسألة تحتاج الى جواب وهو انَّ الشيوعيين إن لم يكونوا مهيمنين فتأسيس الدولة الكوردية و إنشاؤها الى الحصول على اجوبتهم. ولا يعني هذا أن تخلى الساحة للبرجوازيين و أصحاب رؤوس الاموال و أحزاب كوردستان الاخرى وأن يُرخى لهم العنان فيما يقومون به من القمع و الاضطهاد و نهب أموال و خيرات البلاد. وأن يُسلَّمَ المجتمع لمجموعة سياسية أوليكارشية تتصف بصفات عصابات الجريمة المنظمة و قطاع الطرق و القراصنة. فلليسار أحاديث و أقاويل باطلة لاطائل فيها، ولمصلحة شعاراته يقول (يجب أن يكون اليسار مندوباً عن حدوث المصير- ويقصد بذلك المأساة(التراجيديا)- فهذا الشعار يساند ادارة هذا الدور... وينير و يضيء الطرح الثالث لاستقلال نقطة غير معينة في اذهان أغلبية الناس. وهكذا فإن هذا الشعار فضلاً عن كونه عملياً او غير عملي دفع العمال و الكادحين الى ميادين العمل وجعلهم متفائلين بتمكنهم من تقرير مصيرهم بأنفسهم)(75). ولايجوز للشيوعية رفع شعار لايمكنهم تحقيقه، أو أنَّ تحقيقه يمنحنا نتاجاً برجوازياً، وبناء على ذلك لايجوز أن ترفع الشعارات من أجل تفاؤل العمال بأمنية لايمكن تحقيقها. أو صهرهم في بودقة الموهوبة وينبغي أن ترفع الشعارات من أجل توضيح العمل المطلوب منك في اليوم والوقت المحدد ويكون مناسباً للتطبيق. والشعار الذي يحتاج التأريخ إلى تطبيقة عمليا مهم جداً, وهومن جانب النضال الطبقي مفيد للواجب و العمل التأريخي للطبقة العاملة, ومعلوم أنَّ أحد الواجبات التأريخية للطبقة العاملة هو العمل من أجل تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات والأمم من أجل القضاء على الميول وألأفكار الشوفينية بين الأمم و الأقوام واجتثاث جذورها ورفع شأن آراء وأفكار الطبقة العاملة والكادحة للأمم والقوميات المختلفة وإعلائها. وهذه الجهود كلها لاتبذل من أجل إبعاد وتبديد المضايقات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية للطبقة البرجوازية في المناطق المختلفة.
ففي المناطق المختلفة وفي كل بلد ومنطقة كانت ساحة وميداناً لكفاح ونضال الطبقة العاملة والشيوعيين أصبحت المسألة القومية عائقة وعقبة أمام هذا النضال وحاولت كثيراً تمزيقهذا النضال و ارهاقه.وينبغي العمل وبذل الجهود من أجل " الاعتراف بحقوق الإنفصال للجميع واعلاء كل مسألة وقضية متعلقة بالإنفصال, من منظار يكون بعيداً عن التقصير في المساواة و التمييز الطبقي و التسلط."(76)
وهذه العملية محاولة لإزدهار وتطوير النضال الطبقي للطبقة العاملة, وتطبيقها مفيد ونافع لتأريخ نضال البروليتاريا ضد الرأسمالية ونظامها. فإذا صيغ من الناحية النظرية شعار ورفع هذا الشعار ولم يطبق على أرض الواقع, فإنَّ هذا يجعل الطبقة الثورية متردداً ومتشككاً في نضاله ويدفعها إلى تعليق آماله الثورية بمستقبل غير واضح. وينبغي أنَّ يكون شعار الدفاع عن حقوق المساواة بين القوميات أحد الشعارات الواضحة والصادقة لنضال الطبقة العاملة و الشيوعيين وذلك من أجل تحقيق الأهداف التأريخية الطبقية للطبقة الثورية في هذا العصر. لكن اليسار واليمين إلى حَدّ الأن يرفعان معاً شعاراً عمليا مضاداً وغير مناسب من أجل ماذكرنا.
فهما بذلك قد أبعدا العمال وطبقة البرولتاريا عن سياسة وأهداف التغيير العملي, ويحاولان إخراج هذه الطبقة عن طريقها الصحيح. باقتران أهدافها وسياستها بأهداف وسياسة الإشتراكيين الليبراليين والإشتراكيين الديمقراطيين والبرجوازية القومية. إنَّ الأخذ بيد الطبقة العاملة ودعوتها إلى المطالبة بتساوي الحقوق بين القوميات و الدعوة إلى تحقيق تلك المساواة, قد تحدد تأريخ تلك العلاقة التي تربط بين قوميتين أو أكثر مضطهدتين ومحرومتين من أبسط الحقوق. أي أنَّ تسلّط برجوازية قوميةما على عمال وكادحي وبرجوازية قومية أُخرى, يخلق الرغبة إلى التحرر و الإنفصال و الدعوة إليهما لدى أبناء القومية الخاضعة و المضطَهَدة. إنَّ تعطيل العمل بكل هدف من أهداف عملية النضال والكفاح له عواقب وخيمة وتترك آثاراً سيئة على هذه العملية كابتعاد الطبقة العاملة عن الواجبات و الأهداف الواقعة على عاتقها تأريخياً. إنَّ عملية حَل حَق التساوي بين القوميات , وعملية تحقيق هذا الحَق, عملية تكتيكية ثورية للطبقة العاملة والشيوعيين ضد الأهداف و الرغبات السياسية والإجتماعية والإقتصادية للدول الإمبريالية و الكبرى والبرجوازية و الرأسمالية المحلية. وفي الختام ينبغي لنا أنَّ ننهي بحثنا بإحدى مقولات ماركس وهي "كل أمة تضطهِد أمة أخرى, لايمكن أن تكون حُرّة ."
نجم الدين فارس 28-1-2018

المصادر:
(71)- لينين :مسئل السياسة القومية والاممية البروليتارية, دار التقدم, موسكو, 1969, ص174.
(72)- منصور حكمت: في الدفاع........,الى الأمام , العدد21,ص5 .(باللغة الكردية)
(73)- المصدر نفسه ,ص5.
(74)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص168-169.
(75)- منصور حكمت: المصدر السابق ذكره, ص5.
(76)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص92.
الرغبة القومية والمطلب الأوليكارشي
الجزء الثامن
عملية تحقيق المساواة في حقوق القوميات
هناك أراء ووجهات نظرمتباينة حول الحقوق المتساويةللقوميات.وهذه الأراء تتعلق بالمنزلة الإجتماعية والإقتصاديةومصالحهما المختلفة. لأن كل رأي ووجهة نظر نابع من مستوى صاحبه وتصنيفه الطبقي. ومن هذا الطريق يُحَدد كيفية الدفاع عن تلك الحقوق ويقوم بتجسيدها . فالماكسيون يختلفون كثيراً عن البورجوازيين والرأسماليين وأحزابهم في مواقفهم تجاه التساوي في حقوق القوميات وتعاملهم في تحقيق هذا التساوي. لأن حق المساوات بين القوميات عند الماركسين يعني التساوي بين افراد المجتمع جميعهم من كافة الأوجهه الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. وهذا الأمر إن لم يتحقق في مرحلة الدكتاتورية البروليتارية التي هي مرحلة انتقالية ينتقل المجتمع الرأسمالي فيها الى الإشتراكية والشيوعية العلمية. وفي هذه المرحلة- آي: مرحلة الإشتراكية و الشيوعية العلمية لايبقى اي وجود للمكّونات الدينية والإثنية والعرقية ولايقُومُ لها ايّ قائم. ويجرد الإنسان عن التباهي بالمكانة الإقتصادية والإجتماعية والقومية و الدينية والمذهبية ولون البشرة وضخامة الجسد وصغره . لأنَّ المكانة الإقتصادية و الملكية الخاصة والسيادة الطبقية منذ بداية وجودها هي المصدر الأساسي لإنتهاك حقوق الإنسان والإستغلاله وعدم التساوي بين أفراد الناس. وكذلك فإنّها المُصَمِمّة الأساسية للسلطات والصلاحيات المختلفة. إِنَّ السلطات المتباينة والمختلفة بين الدول والقوميات , تعني التمييز والفوارق و المعاداة ومحاولة مجموعة التسلط على مجموعة وقومية أخرى. وهذا هو الطبيعة الدائمة والمستمرة للسلطة الطبقية ونظامها, ومن أجل ذلك تسلك هذه السلطة جميع الطرق , ويخلق الفوارق الجندرية والتمييز القومي والمناطقي ولون البشرة , وصغر و ضغامة حجم النفوذ والسلطة, تقوم بإدامة نظامها الإقتصادي والسياسي والإجتماعي , وتَرتسخ دعائمه. و من ناحية أخرى فإنَّ وُجهة نظر برجوازي ورأسمالي القومية المتسلطة فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات سلبية تجاه الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية للطبقة نفسها للقومية الخاضعة تحت سيطرتها. لذا فهؤلاء حتى في تأسيس الدولة وانفصال القومية الواقعة تحت سيطرة وقبضة القومية المتسلطة, لايمنحون الحقوق المتساوية لأفراد قوميتهم, ولاينهون إضطهاد صاحب العمال وذوي النفوذ لكدح عمال وشغيلة قوميتهم. وهذه النظرة تفترق كثيراً عن النظرة الإشتراكية العلمية و الماركسية. فهما موقفان ونوعا تباين تجسيد حقوق تساوي القوميات. وهكذا فإنَّ هؤلاء في الدول الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية وديمقراطياتها يجدون أنفسهم في عملية نشوء الدولة القومية. ولايستطيعون بحسب ظروف وأحوال القومية التي تحدد من الناحية الجيوسياسية والجيوإقتصادية ونظام الإنتاج و القدرات العسكرية, أن يحققوا الحقوق المتساوية للقوميات. ولكون برجوازيي و رأسماليي كل قومية يجدون مصالحهم في المشكلات و النزاعات القائمة بين القوميات, أو في الاغلب وفي أوقات مختلفة يستفيدون من الصراعات التي تدور بين العمال بإسم للقوميات المختلفة. إنَّ البرجوازيين وأصحاب الأموال يحاولون دائماً مواصلة سيطرتهم على الطبقات الخاضعة لهم بتكديس أموالهم من قوة عمل العمال والكادحين واضطهاد محكوميهم حتى يؤمنوا لأنفسهم ولنظرائهم حياة سعيدة ويتمتعوا بعيش رغيد. وهكذا فإنَّ الدولة الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية و الدكتاتورية وديمقراطيتها, لاتستطيع أن تمنح الحقوق المتساوية للقوميات . إنَّ الدولة تعني سيطرة طبقة على طبقة أخُرى, وتعني التباين بين مصلحة المتسلط والراضخ, وتعني وجود الطبقات المتباينة. وبخلاف ذلك فإنَّ الإشتراكية و الشيوعية العلمية هي الضمانة الوحيدة للحصول على الحقوق المتساوية للقوميات. لأنها- آي الإشتراكية و الشيوعية العلمية- المصدر الأساسي للخلاص من الفروقات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والطبقية. ولأنَّ هذه الفروقات الطبقية في المجتمع هي مصدرومنشأ جميع انواع الإضتهاد بين بني البشر. إنَّ الجزء الكبير وجميع مشكلات المجتمع والفروقات على مستوى وجه الدنيا متعلق بوجود الطبقات. وتُعَدُّ المصالح الإقتصادية و الإجتماعية المختلفة , مصدر خلق المشكلات القومية والحروب الدموية الكبيرة, وتزرع الاحقاد و الضغائن بين الأقوام, وهذه الاوضاع و الظروف تُفيد المتسلطين من أصحاب الرأسمال , وهناك جزء آخر من الصراعات والنزاعات الدولية ترجع جذورها إلى الفروقات الطبقية. إذ تحدث الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية من أجل مصالحها ثغرات بين علاقات الدول وأقوامها.
إنَّ المصالح الإقتصادية والعلاقات القائمة بين الناس عامل مهم لتحديد الحقوق المتساوية للقوميات. وكما قال (لينين)لايجوز أنَّ لايؤخذ بنظر الاعتبار السبب الإقتصادي القوي في المسألة القومية لدى الماركسيين, لأنَّ الإشتراكية نضع يدها باكتظاظ على الجانب الإقتصادي . ولاتستطيع أنَّ لاتضع في نظر اعتبارها الجانب الإقتصادي في علاقات التساوي بين الناس. فالإشتراكية هي الجانب الئيس في تحديد الحقوق المتساوية للقوميات والطبقات, وفي الأصل فإنَّ القاعدة والأساس هنا عبارة عن الإنتاج وعملية التوزيع و الحقوق الإقتصادية الإشتراكية , وتكون على أساس تنظيم حُرّ ومُتساوٍ."وكذلك تستطيع الإنسانية أنَّ تقضي على الطبقات, وذلك بعد اجتيازها مرحلة انتقالية هي مرحلة ديكتاتورية الطبقة المُضطهَدة, وكذلك تستطيع الوصول إلى توحيد القوميات وذلك باجتيازها مرحلة انتقالية, هي مرحلة تحرر جميع القوميات المُضطهَدة بأكملها, أي: مرحلة تأخذ فيها حق الإنفصال."(71) إنَّ الظروف والأوضاع العملية التي يتطلع اليسار إليها في الإقليم وايران بتوجيه من غيرهم وبمعرفتهم, ليس تطلعهم إلاَّ التخلّي عن مُهمة وظيفية لابُدّ من الإقدام عليها من أجل القضاء على الفروقات القومية والاضطهاد القومي. فهؤلاء يبعدون انفسهم عن عملية ويتخلون عنها , كان المفروض القيام بها, فأفكار هؤلاء ومايذهبون إليه نابعة من الفكر الإشتراكي الليبرالي في أوروبا. وبناءً على ذلك فإنَّ هؤلاء من أهل اليسار إقاهم أصحاب نوع من عدم المعرفة وقد وضعواهذه المهمة على نحو مُربك ومُشوّش في خارطة عملهم, وإمّا يعيدون أنفسهم أصحاب القضية ويريدون عدم تنفيذها, أي أنّهم في كل الأحوال يتعاملون ديماغوجياً مع هذه القضية , لأنَّ جميع أعمالهم هذه لاتستطيع أنَّ تجيب عن أسئلة الشيوعيين العلميين عملياً فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات, لذا إنَّ توجهاتهم ترادف التوجهات السياسية لأوليكارشية أحزاب الأقليم.
إنَّ مامَرّ ذكره سبق أن ادّعاه اليسار الكوردستاني في العراق وايران في الماضي ومايزال يّدعيه اليوم ويفكربه حين يقول:( في الواقع العملي إنَّ السياسة التي ينتهجها يسار كوردستان العراق وايران لاتعني إدارة حركة ذي نهج مستقل. فهذا الشعار ينبغي أن يحتل زاوية من زوايا البديل العملي ل (حزب الشيوعي العمالي-ح.ك.ك-) وحركة الشورى في كوردستان العراق. إنَّ الإطار العملي لهذا الشعار في توقعاتنا و توجهاتنا(نظر الشيوعية العمالية) هو:أولاً: إنَّ الإستفتاء والرجوع الى آراء الناس يجب أن يكون باتفاق مع(مصدر أممي رسمي) حتى نحّقق نتائج الإستفتاء أكثر ولكن الى حَدّ تحقيق هذه العملية فالمفروض أن نطالب باستفتاء حُرّ من أجل تثبيت أوضاع كوردستان, ففي نظرنا(نظر الشيوعية العمالية) أنَّ إرادة الناس وإبداء أرائهم لها اعتبارات. ففي استفتاء كهذا يجب ندعو الى دولة مستقلة.(72) إنَّ توجهات وأنظار اليسار حول التطبيق العملي نوعان: أحدهما : التحدث عن التحرر الوطني واستقلال الرأسمالية الوطنية كما تدّعيه البرجوازية الوطنية. ويطالبون من البرجوازية المتسلطة والمُضطهِدة بعلاقات حَرّة وإطلاق الحريات السياسية والإقتصادية البرجوازية القومية. وهذه الفروقات تنتج العنجهية و المغالات في التعصب القومي, لأنَّ البرجوازية القومية تحصل على امتيازاتها من الفروق القومية والصراع القومي فتسعى إلى السيطرة على مصادر اقتصاد البلاده تحت اسم حماية البلاد والأمة ومصادرهما الإقتصادية و مواردهما الطبيعية, وبهذا فإنها تقوّي الفروقات القومية مع الآخرين وتعمقّها, وتحاول إيصال تلك الفروقات إلى حَدّ التعصب والكراهية وخلق روح الإنانية وعبادة النفس في صفوف العمال. أما الفروقات الآخرى فهي تخالف كثيراً الفروقات التي تدعو اليها البرجوازية, لذا ينبغي للعمال والشيوعيين أن تكون لديهم الرغبة في التزام الفروقات المغايرة لمايسلكه البرجوازيين والرأسماليين.
من تباين وفروق بين الكورد والقوميات الآخرى, ولكي نستطيع أنَّ نطوّر العلاقات الأممية بين العمال والشغيلة علينا تجسيدها في دستور العمل حتى نتمكن من القضاء على النزعات السياسية الشوفينية لدى العمال ويكون همهم الوحيد مساندة ومؤازرة رفاقهم في النضال من عمال وشغيلة القوميات الآخرى في التصدّي لأصحاب رؤوس الأموال. والوقوف معا ضّد سياسة البرجوازيين الليبراليين, وذلك في المناطق والبلدان التي
تسكنها القوميات المختلفة. فإذا وصلت علاقاتها إلى مستوى العنف و الاضطراب, فإنَّ التأريخ يسجل عملية انفصالها. وتأريخ العلاقات بين القوميات , ويُنتج انفصال بعضها عن بعض. إنَّ النصائح التي يقدمها يسار ايران ليسار كوردستان و العراق وقدمها سلفاً. ويدفع حركة الِورى في كوردستان( إن وجدت) إلى القيام بوضع حَدّ للأوضاع و الظروف الأتية. ويرى أنَّ إعادة كوردستان إلى العراق و ضّمه إليه من الواجبات العملية لتلك الحركة. إنَّ الوجه العملي لتلك التوجهات والأراء فيستند إلى نظرية تمتع الكورد بحق تقرير المصير أو البقاء ضمن عراق فدرالي متّحد – أي:إِنَّ ماسّموه بالفراغ السياسي و الإداري في الماضي وفي الحاضر وكانوا يُناقشون بسببها أوضاع و ظروف كوردستان والعراق والعلاقات بين القوميات والأديان والمذاهب المختلفة. فهؤلاء كانوا يحملون الافكار نفسها التي كان اليمينيون يعتقدون بها ، فكانوا بذلك الوجه الآخر لليسار، وكانوا مع هؤلاء متشابهين و متكافئين في الاعتقاد و المواقف. وبدائلهم كانوا يعتقدون بأفكار اليمينين نفسها و يتخذون مواقفهم انفسها. وهذه التوجهات و الافكار تتوافق مع مواقف و توجهات الاحزاب الكوردية و زعمائها ألاوليكارشيين ولا تعارض بينهما. ولم يستطع هؤلاء من مدّعي اليسار الخروج عن توجهات و أفكار الاحزاب الكوردية ألاوليكارشية الكاذبة و الخادعة. فجهة ترى في الاستفتاء الحَلّ و تقرير المصير، وجهة اخرى تعود الى المركز و ترى الحَلّ في ذلك. وبعضٌ من هذه الجهات لاتحم أفكاراً واضحة و صريحة فلا يستطيع أحد تحديد مواقفهم و اتجاهاتهم. وكذلك عندما يضع عملية عدم تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات على عاتق السياسة و أهداف الدول ألامبرياليه و العظى للتهرب من مسؤلية يجب عليه ألالتزام به من أجل إيجاد حق المساواة بين القوميات. وفي مسألة الاعتراف بانفصال عمال الكورد عن العمال العرب و الفرس و الترك وحتى في تأسيس دولتهم المستقلة نجد أن وجهات نظر اليمين و اليسار و مواقفهما مختلفتان باستثناء الدعوة الى تأسيس دولة مستقلة فهما متوافقان بصددها لكن بصورة غير منتظمة بغية إحداث تشتيت الفكر و إقلاق الراحة. ففيما يخص الدولة المستقلة فإنهم الآن يقولون كما إعتقدوا سابقاً أيضاً (إن شعارنا ليس تأسيس دوله كوردية وأن تكون للكورد دولة مستقلة ، فنحن نريد لتقرير مصير كوردستان حتى للاستقلال أن يُجرى إستفتاء شعبي بين سكان و قاطني كوردستان بغض النظر عن انتمائهم القومي).(73).
إنً يساريي إيران و العراق لايستطيعون إخفاء مواقفهم الكاذبة و شعاراتهم بين طيّات آرائهم و توجهاتهم المتضادة وأن يطبقوها على أرض الواقع. فشعاراتهم هذه ماتزال الشعارات الموضوعة على اللافتات و المكتوبة في بياناتهم. فهي لايتمكنون من القيام بحل المسألة القومية للكوردية بطريقة ثورية ويضمنوا بها حقوق المساواة بين القوميات. إن الواجب يفرض على ألاشتراكية المنتصرة إذا إكتسبت الديمقراطية الصحيحة ألا تكون جهودها مقصورة على تحقيق المساواة الكاملة بين القوميات، وإنما عليها القيام بإقرار حقوق ألامم المظلومة و المحرومة في تقرير مصيرها. اي: ان تكون حُرّةً في إختيارها الانفصال السياسي. وإذا لم تستطع ألاحزاب ألاشتراكية بكل أنشطتها الآن وفي حال قيام الثورة وبعد ألانتصار أن تثبت أنها تحرر ألامم المظلومة، وتقيم علاقات معها على أساس حرية التوحيد (مع معرفة أنَّ حرية التوحيد بمفردها شعار زائف دون حرية ألانفصال) وحينئذ تخون هذه ألاحزاب ألاشتراكية. ولاريب أنَّ الديمقراطية التي هي نوع من انواع الدولة قد تضمحل بإضمحلال الدولة فيكون الثبات و الرسوخ للشيوعية الكاملة بعد الانتقال من الاشتراكية الناجحة.(74).
وهذه المسألة تحتاج الى جواب وهو انَّ الشيوعيين إن لم يكونوا مهيمنين فتأسيس الدولة الكوردية و إنشاؤها الى الحصول على اجوبتهم. ولا يعني هذا أن تخلى الساحة للبرجوازيين و أصحاب رؤوس الاموال و أحزاب كوردستان الاخرى وأن يُرخى لهم العنان فيما يقومون به من القمع و الاضطهاد و نهب أموال و خيرات البلاد. وأن يُسلَّمَ المجتمع لمجموعة سياسية أوليكارشية تتصف بصفات عصابات الجريمة المنظمة و قطاع الطرق و القراصنة. فلليسار أحاديث و أقاويل باطلة لاطائل فيها، ولمصلحة شعاراته يقول (يجب أن يكون اليسار مندوباً عن حدوث المصير- ويقصد بذلك المأساة(التراجيديا)- فهذا الشعار يساند ادارة هذا الدور... وينير و يضيء الطرح الثالث لاستقلال نقطة غير معينة في اذهان أغلبية الناس. وهكذا فإن هذا الشعار فضلاً عن كونه عملياً او غير عملي دفع العمال و الكادحين الى ميادين العمل وجعلهم متفائلين بتمكنهم من تقرير مصيرهم بأنفسهم)(75). ولايجوز للشيوعية رفع شعار لايمكنهم تحقيقه، أو أنَّ تحقيقه يمنحنا نتاجاً برجوازياً، وبناء على ذلك لايجوز أن ترفع الشعارات من أجل تفاؤل العمال بأمنية لايمكن تحقيقها. أو صهرهم في بودقة الموهوبة وينبغي أن ترفع الشعارات من أجل توضيح العمل المطلوب منك في اليوم والوقت المحدد ويكون مناسباً للتطبيق. والشعار الذي يحتاج التأريخ إلى تطبيقة عمليا مهم جداً, وهومن جانب النضال الطبقي مفيد للواجب و العمل التأريخي للطبقة العاملة, ومعلوم أنَّ أحد الواجبات التأريخية للطبقة العاملة هو العمل من أجل تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات والأمم من أجل القضاء على الميول وألأفكار الشوفينية بين الأمم و الأقوام واجتثاث جذورها ورفع شأن آراء وأفكار الطبقة العاملة والكادحة للأمم والقوميات المختلفة وإعلائها. وهذه الجهود كلها لاتبذل من أجل إبعاد وتبديد المضايقات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية للطبقة البرجوازية في المناطق المختلفة.
ففي المناطق المختلفة وفي كل بلد ومنطقة كانت ساحة وميداناً لكفاح ونضال الطبقة العاملة والشيوعيين أصبحت المسألة القومية عائقة وعقبة أمام هذا النضال وحاولت كثيراً تمزيقهذا النضال و ارهاقه.وينبغي العمل وبذل الجهود من أجل " الاعتراف بحقوق الإنفصال للجميع واعلاء كل مسألة وقضية متعلقة بالإنفصال, من منظار يكون بعيداً عن التقصير في المساواة و التمييز الطبقي و التسلط."(76)
وهذه العملية محاولة لإزدهار وتطوير النضال الطبقي للطبقة العاملة, وتطبيقها مفيد ونافع لتأريخ نضال البروليتاريا ضد الرأسمالية ونظامها. فإذا صيغ من الناحية النظرية شعار ورفع هذا الشعار ولم يطبق على أرض الواقع, فإنَّ هذا يجعل الطبقة الثورية متردداً ومتشككاً في نضاله ويدفعها إلى تعليق آماله الثورية بمستقبل غير واضح. وينبغي أنَّ يكون شعار الدفاع عن حقوق المساواة بين القوميات أحد الشعارات الواضحة والصادقة لنضال الطبقة العاملة و الشيوعيين وذلك من أجل تحقيق الأهداف التأريخية الطبقية للطبقة الثورية في هذا العصر. لكن اليسار واليمين إلى حَدّ الأن يرفعان معاً شعاراً عمليا مضاداً وغير مناسب من أجل ماذكرنا.
فهما بذلك قد أبعدا العمال وطبقة البرولتاريا عن سياسة وأهداف التغيير العملي, ويحاولان إخراج هذه الطبقة عن طريقها الصحيح. باقتران أهدافها وسياستها بأهداف وسياسة الإشتراكيين الليبراليين والإشتراكيين الديمقراطيين والبرجوازية القومية. إنَّ الأخذ بيد الطبقة العاملة ودعوتها إلى المطالبة بتساوي الحقوق بين القوميات و الدعوة إلى تحقيق تلك المساواة, قد تحدد تأريخ تلك العلاقة التي تربط بين قوميتين أو أكثر مضطهدتين ومحرومتين من أبسط الحقوق. أي أنَّ تسلّط برجوازية قوميةما على عمال وكادحي وبرجوازية قومية أُخرى, يخلق الرغبة إلى التحرر و الإنفصال و الدعوة إليهما لدى أبناء القومية الخاضعة و المضطَهَدة. إنَّ تعطيل العمل بكل هدف من أهداف عملية النضال والكفاح له عواقب وخيمة وتترك آثاراً سيئة على هذه العملية كابتعاد الطبقة العاملة عن الواجبات و الأهداف الواقعة على عاتقها تأريخياً. إنَّ عملية حَل حَق التساوي بين القوميات , وعملية تحقيق هذا الحَق, عملية تكتيكية ثورية للطبقة العاملة والشيوعيين ضد الأهداف و الرغبات السياسية والإجتماعية والإقتصادية للدول الإمبريالية و الكبرى والبرجوازية و الرأسمالية المحلية. وفي الختام ينبغي لنا أنَّ ننهي بحثنا بإحدى مقولات ماركس وهي "كل أمة تضطهِد أمة أخرى, لايمكن أن تكون حُرّة ."
نجم الدين فارس 28-1-2018

المصادر:
(71)- لينين :مسئل السياسة القومية والاممية البروليتارية, دار التقدم, موسكو, 1969, ص174.
(72)- منصور حكمت: في الدفاع........,الى الأمام , العدد21,ص5 .(باللغة الكردية)
(73)- المصدر نفسه ,ص5.
(74)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص168-169.
(75)- منصور حكمت: المصدر السابق ذكره, ص5.
(76)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص92.
الرغبة القومية والمطلب الأوليكارشي
الجزء الثامن
عملية تحقيق المساواة في حقوق القوميات
هناك أراء ووجهات نظرمتباينة حول الحقوق المتساويةللقوميات.وهذه الأراء تتعلق بالمنزلة الإجتماعية والإقتصاديةومصالحهما المختلفة. لأن كل رأي ووجهة نظر نابع من مستوى صاحبه وتصنيفه الطبقي. ومن هذا الطريق يُحَدد كيفية الدفاع عن تلك الحقوق ويقوم بتجسيدها . فالماكسيون يختلفون كثيراً عن البورجوازيين والرأسماليين وأحزابهم في مواقفهم تجاه التساوي في حقوق القوميات وتعاملهم في تحقيق هذا التساوي. لأن حق المساوات بين القوميات عند الماركسين يعني التساوي بين افراد المجتمع جميعهم من كافة الأوجهه الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. وهذا الأمر إن لم يتحقق في مرحلة الدكتاتورية البروليتارية التي هي مرحلة انتقالية ينتقل المجتمع الرأسمالي فيها الى الإشتراكية والشيوعية العلمية. وفي هذه المرحلة- آي: مرحلة الإشتراكية و الشيوعية العلمية لايبقى اي وجود للمكّونات الدينية والإثنية والعرقية ولايقُومُ لها ايّ قائم. ويجرد الإنسان عن التباهي بالمكانة الإقتصادية والإجتماعية والقومية و الدينية والمذهبية ولون البشرة وضخامة الجسد وصغره . لأنَّ المكانة الإقتصادية و الملكية الخاصة والسيادة الطبقية منذ بداية وجودها هي المصدر الأساسي لإنتهاك حقوق الإنسان والإستغلاله وعدم التساوي بين أفراد الناس. وكذلك فإنّها المُصَمِمّة الأساسية للسلطات والصلاحيات المختلفة. إِنَّ السلطات المتباينة والمختلفة بين الدول والقوميات , تعني التمييز والفوارق و المعاداة ومحاولة مجموعة التسلط على مجموعة وقومية أخرى. وهذا هو الطبيعة الدائمة والمستمرة للسلطة الطبقية ونظامها, ومن أجل ذلك تسلك هذه السلطة جميع الطرق , ويخلق الفوارق الجندرية والتمييز القومي والمناطقي ولون البشرة , وصغر و ضغامة حجم النفوذ والسلطة, تقوم بإدامة نظامها الإقتصادي والسياسي والإجتماعي , وتَرتسخ دعائمه. و من ناحية أخرى فإنَّ وُجهة نظر برجوازي ورأسمالي القومية المتسلطة فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات سلبية تجاه الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية للطبقة نفسها للقومية الخاضعة تحت سيطرتها. لذا فهؤلاء حتى في تأسيس الدولة وانفصال القومية الواقعة تحت سيطرة وقبضة القومية المتسلطة, لايمنحون الحقوق المتساوية لأفراد قوميتهم, ولاينهون إضطهاد صاحب العمال وذوي النفوذ لكدح عمال وشغيلة قوميتهم. وهذه النظرة تفترق كثيراً عن النظرة الإشتراكية العلمية و الماركسية. فهما موقفان ونوعا تباين تجسيد حقوق تساوي القوميات. وهكذا فإنَّ هؤلاء في الدول الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية وديمقراطياتها يجدون أنفسهم في عملية نشوء الدولة القومية. ولايستطيعون بحسب ظروف وأحوال القومية التي تحدد من الناحية الجيوسياسية والجيوإقتصادية ونظام الإنتاج و القدرات العسكرية, أن يحققوا الحقوق المتساوية للقوميات. ولكون برجوازيي و رأسماليي كل قومية يجدون مصالحهم في المشكلات و النزاعات القائمة بين القوميات, أو في الاغلب وفي أوقات مختلفة يستفيدون من الصراعات التي تدور بين العمال بإسم للقوميات المختلفة. إنَّ البرجوازيين وأصحاب الأموال يحاولون دائماً مواصلة سيطرتهم على الطبقات الخاضعة لهم بتكديس أموالهم من قوة عمل العمال والكادحين واضطهاد محكوميهم حتى يؤمنوا لأنفسهم ولنظرائهم حياة سعيدة ويتمتعوا بعيش رغيد. وهكذا فإنَّ الدولة الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية و الدكتاتورية وديمقراطيتها, لاتستطيع أن تمنح الحقوق المتساوية للقوميات . إنَّ الدولة تعني سيطرة طبقة على طبقة أخُرى, وتعني التباين بين مصلحة المتسلط والراضخ, وتعني وجود الطبقات المتباينة. وبخلاف ذلك فإنَّ الإشتراكية و الشيوعية العلمية هي الضمانة الوحيدة للحصول على الحقوق المتساوية للقوميات. لأنها- آي الإشتراكية و الشيوعية العلمية- المصدر الأساسي للخلاص من الفروقات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والطبقية. ولأنَّ هذه الفروقات الطبقية في المجتمع هي مصدرومنشأ جميع انواع الإضتهاد بين بني البشر. إنَّ الجزء الكبير وجميع مشكلات المجتمع والفروقات على مستوى وجه الدنيا متعلق بوجود الطبقات. وتُعَدُّ المصالح الإقتصادية و الإجتماعية المختلفة , مصدر خلق المشكلات القومية والحروب الدموية الكبيرة, وتزرع الاحقاد و الضغائن بين الأقوام, وهذه الاوضاع و الظروف تُفيد المتسلطين من أصحاب الرأسمال , وهناك جزء آخر من الصراعات والنزاعات الدولية ترجع جذورها إلى الفروقات الطبقية. إذ تحدث الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية من أجل مصالحها ثغرات بين علاقات الدول وأقوامها.
إنَّ المصالح الإقتصادية والعلاقات القائمة بين الناس عامل مهم لتحديد الحقوق المتساوية للقوميات. وكما قال (لينين)لايجوز أنَّ لايؤخذ بنظر الاعتبار السبب الإقتصادي القوي في المسألة القومية لدى الماركسيين, لأنَّ الإشتراكية نضع يدها باكتظاظ على الجانب الإقتصادي . ولاتستطيع أنَّ لاتضع في نظر اعتبارها الجانب الإقتصادي في علاقات التساوي بين الناس. فالإشتراكية هي الجانب الئيس في تحديد الحقوق المتساوية للقوميات والطبقات, وفي الأصل فإنَّ القاعدة والأساس هنا عبارة عن الإنتاج وعملية التوزيع و الحقوق الإقتصادية الإشتراكية , وتكون على أساس تنظيم حُرّ ومُتساوٍ."وكذلك تستطيع الإنسانية أنَّ تقضي على الطبقات, وذلك بعد اجتيازها مرحلة انتقالية هي مرحلة ديكتاتورية الطبقة المُضطهَدة, وكذلك تستطيع الوصول إلى توحيد القوميات وذلك باجتيازها مرحلة انتقالية, هي مرحلة تحرر جميع القوميات المُضطهَدة بأكملها, أي: مرحلة تأخذ فيها حق الإنفصال."(71) إنَّ الظروف والأوضاع العملية التي يتطلع اليسار إليها في الإقليم وايران بتوجيه من غيرهم وبمعرفتهم, ليس تطلعهم إلاَّ التخلّي عن مُهمة وظيفية لابُدّ من الإقدام عليها من أجل القضاء على الفروقات القومية والاضطهاد القومي. فهؤلاء يبعدون انفسهم عن عملية ويتخلون عنها , كان المفروض القيام بها, فأفكار هؤلاء ومايذهبون إليه نابعة من الفكر الإشتراكي الليبرالي في أوروبا. وبناءً على ذلك فإنَّ هؤلاء من أهل اليسار إقاهم أصحاب نوع من عدم المعرفة وقد وضعواهذه المهمة على نحو مُربك ومُشوّش في خارطة عملهم, وإمّا يعيدون أنفسهم أصحاب القضية ويريدون عدم تنفيذها, أي أنّهم في كل الأحوال يتعاملون ديماغوجياً مع هذه القضية , لأنَّ جميع أعمالهم هذه لاتستطيع أنَّ تجيب عن أسئلة الشيوعيين العلميين عملياً فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات, لذا إنَّ توجهاتهم ترادف التوجهات السياسية لأوليكارشية أحزاب الأقليم.
إنَّ مامَرّ ذكره سبق أن ادّعاه اليسار الكوردستاني في العراق وايران في الماضي ومايزال يّدعيه اليوم ويفكربه حين يقول:( في الواقع العملي إنَّ السياسة التي ينتهجها يسار كوردستان العراق وايران لاتعني إدارة حركة ذي نهج مستقل. فهذا الشعار ينبغي أن يحتل زاوية من زوايا البديل العملي ل (حزب الشيوعي العمالي-ح.ك.ك-) وحركة الشورى في كوردستان العراق. إنَّ الإطار العملي لهذا الشعار في توقعاتنا و توجهاتنا(نظر الشيوعية العمالية) هو:أولاً: إنَّ الإستفتاء والرجوع الى آراء الناس يجب أن يكون باتفاق مع(مصدر أممي رسمي) حتى نحّقق نتائج الإستفتاء أكثر ولكن الى حَدّ تحقيق هذه العملية فالمفروض أن نطالب باستفتاء حُرّ من أجل تثبيت أوضاع كوردستان, ففي نظرنا(نظر الشيوعية العمالية) أنَّ إرادة الناس وإبداء أرائهم لها اعتبارات. ففي استفتاء كهذا يجب ندعو الى دولة مستقلة.(72) إنَّ توجهات وأنظار اليسار حول التطبيق العملي نوعان: أحدهما : التحدث عن التحرر الوطني واستقلال الرأسمالية الوطنية كما تدّعيه البرجوازية الوطنية. ويطالبون من البرجوازية المتسلطة والمُضطهِدة بعلاقات حَرّة وإطلاق الحريات السياسية والإقتصادية البرجوازية القومية. وهذه الفروقات تنتج العنجهية و المغالات في التعصب القومي, لأنَّ البرجوازية القومية تحصل على امتيازاتها من الفروق القومية والصراع القومي فتسعى إلى السيطرة على مصادر اقتصاد البلاده تحت اسم حماية البلاد والأمة ومصادرهما الإقتصادية و مواردهما الطبيعية, وبهذا فإنها تقوّي الفروقات القومية مع الآخرين وتعمقّها, وتحاول إيصال تلك الفروقات إلى حَدّ التعصب والكراهية وخلق روح الإنانية وعبادة النفس في صفوف العمال. أما الفروقات الآخرى فهي تخالف كثيراً الفروقات التي تدعو اليها البرجوازية, لذا ينبغي للعمال والشيوعيين أن تكون لديهم الرغبة في التزام الفروقات المغايرة لمايسلكه البرجوازيين والرأسماليين.
من تباين وفروق بين الكورد والقوميات الآخرى, ولكي نستطيع أنَّ نطوّر العلاقات الأممية بين العمال والشغيلة علينا تجسيدها في دستور العمل حتى نتمكن من القضاء على النزعات السياسية الشوفينية لدى العمال ويكون همهم الوحيد مساندة ومؤازرة رفاقهم في النضال من عمال وشغيلة القوميات الآخرى في التصدّي لأصحاب رؤوس الأموال. والوقوف معا ضّد سياسة البرجوازيين الليبراليين, وذلك في المناطق والبلدان التي
تسكنها القوميات المختلفة. فإذا وصلت علاقاتها إلى مستوى العنف و الاضطراب, فإنَّ التأريخ يسجل عملية انفصالها. وتأريخ العلاقات بين القوميات , ويُنتج انفصال بعضها عن بعض. إنَّ النصائح التي يقدمها يسار ايران ليسار كوردستان و العراق وقدمها سلفاً. ويدفع حركة الِورى في كوردستان( إن وجدت) إلى القيام بوضع حَدّ للأوضاع و الظروف الأتية. ويرى أنَّ إعادة كوردستان إلى العراق و ضّمه إليه من الواجبات العملية لتلك الحركة. إنَّ الوجه العملي لتلك التوجهات والأراء فيستند إلى نظرية تمتع الكورد بحق تقرير المصير أو البقاء ضمن عراق فدرالي متّحد – أي:إِنَّ ماسّموه بالفراغ السياسي و الإداري في الماضي وفي الحاضر وكانوا يُناقشون بسببها أوضاع و ظروف كوردستان والعراق والعلاقات بين القوميات والأديان والمذاهب المختلفة. فهؤلاء كانوا يحملون الافكار نفسها التي كان اليمينيون يعتقدون بها ، فكانوا بذلك الوجه الآخر لليسار، وكانوا مع هؤلاء متشابهين و متكافئين في الاعتقاد و المواقف. وبدائلهم كانوا يعتقدون بأفكار اليمينين نفسها و يتخذون مواقفهم انفسها. وهذه التوجهات و الافكار تتوافق مع مواقف و توجهات الاحزاب الكوردية و زعمائها ألاوليكارشيين ولا تعارض بينهما. ولم يستطع هؤلاء من مدّعي اليسار الخروج عن توجهات و أفكار الاحزاب الكوردية ألاوليكارشية الكاذبة و الخادعة. فجهة ترى في الاستفتاء الحَلّ و تقرير المصير، وجهة اخرى تعود الى المركز و ترى الحَلّ في ذلك. وبعضٌ من هذه الجهات لاتحم أفكاراً واضحة و صريحة فلا يستطيع أحد تحديد مواقفهم و اتجاهاتهم. وكذلك عندما يضع عملية عدم تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات على عاتق السياسة و أهداف الدول ألامبرياليه و العظى للتهرب من مسؤلية يجب عليه ألالتزام به من أجل إيجاد حق المساواة بين القوميات. وفي مسألة الاعتراف بانفصال عمال الكورد عن العمال العرب و الفرس و الترك وحتى في تأسيس دولتهم المستقلة نجد أن وجهات نظر اليمين و اليسار و مواقفهما مختلفتان باستثناء الدعوة الى تأسيس دولة مستقلة فهما متوافقان بصددها لكن بصورة غير منتظمة بغية إحداث تشتيت الفكر و إقلاق الراحة. ففيما يخص الدولة المستقلة فإنهم الآن يقولون كما إعتقدوا سابقاً أيضاً (إن شعارنا ليس تأسيس دوله كوردية وأن تكون للكورد دولة مستقلة ، فنحن نريد لتقرير مصير كوردستان حتى للاستقلال أن يُجرى إستفتاء شعبي بين سكان و قاطني كوردستان بغض النظر عن انتمائهم القومي).(73).
إنً يساريي إيران و العراق لايستطيعون إخفاء مواقفهم الكاذبة و شعاراتهم بين طيّات آرائهم و توجهاتهم المتضادة وأن يطبقوها على أرض الواقع. فشعاراتهم هذه ماتزال الشعارات الموضوعة على اللافتات و المكتوبة في بياناتهم. فهي لايتمكنون من القيام بحل المسألة القومية للكوردية بطريقة ثورية ويضمنوا بها حقوق المساواة بين القوميات. إن الواجب يفرض على ألاشتراكية المنتصرة إذا إكتسبت الديمقراطية الصحيحة ألا تكون جهودها مقصورة على تحقيق المساواة الكاملة بين القوميات، وإنما عليها القيام بإقرار حقوق ألامم المظلومة و المحرومة في تقرير مصيرها. اي: ان تكون حُرّةً في إختيارها الانفصال السياسي. وإذا لم تستطع ألاحزاب ألاشتراكية بكل أنشطتها الآن وفي حال قيام الثورة وبعد ألانتصار أن تثبت أنها تحرر ألامم المظلومة، وتقيم علاقات معها على أساس حرية التوحيد (مع معرفة أنَّ حرية التوحيد بمفردها شعار زائف دون حرية ألانفصال) وحينئذ تخون هذه ألاحزاب ألاشتراكية. ولاريب أنَّ الديمقراطية التي هي نوع من انواع الدولة قد تضمحل بإضمحلال الدولة فيكون الثبات و الرسوخ للشيوعية الكاملة بعد الانتقال من الاشتراكية الناجحة.(74).
وهذه المسألة تحتاج الى جواب وهو انَّ الشيوعيين إن لم يكونوا مهيمنين فتأسيس الدولة الكوردية و إنشاؤها الى الحصول على اجوبتهم. ولا يعني هذا أن تخلى الساحة للبرجوازيين و أصحاب رؤوس الاموال و أحزاب كوردستان الاخرى وأن يُرخى لهم العنان فيما يقومون به من القمع و الاضطهاد و نهب أموال و خيرات البلاد. وأن يُسلَّمَ المجتمع لمجموعة سياسية أوليكارشية تتصف بصفات عصابات الجريمة المنظمة و قطاع الطرق و القراصنة. فلليسار أحاديث و أقاويل باطلة لاطائل فيها، ولمصلحة شعاراته يقول (يجب أن يكون اليسار مندوباً عن حدوث المصير- ويقصد بذلك المأساة(التراجيديا)- فهذا الشعار يساند ادارة هذا الدور... وينير و يضيء الطرح الثالث لاستقلال نقطة غير معينة في اذهان أغلبية الناس. وهكذا فإن هذا الشعار فضلاً عن كونه عملياً او غير عملي دفع العمال و الكادحين الى ميادين العمل وجعلهم متفائلين بتمكنهم من تقرير مصيرهم بأنفسهم)(75). ولايجوز للشيوعية رفع شعار لايمكنهم تحقيقه، أو أنَّ تحقيقه يمنحنا نتاجاً برجوازياً، وبناء على ذلك لايجوز أن ترفع الشعارات من أجل تفاؤل العمال بأمنية لايمكن تحقيقها. أو صهرهم في بودقة الموهوبة وينبغي أن ترفع الشعارات من أجل توضيح العمل المطلوب منك في اليوم والوقت المحدد ويكون مناسباً للتطبيق. والشعار الذي يحتاج التأريخ إلى تطبيقة عمليا مهم جداً, وهومن جانب النضال الطبقي مفيد للواجب و العمل التأريخي للطبقة العاملة, ومعلوم أنَّ أحد الواجبات التأريخية للطبقة العاملة هو العمل من أجل تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات والأمم من أجل القضاء على الميول وألأفكار الشوفينية بين الأمم و الأقوام واجتثاث جذورها ورفع شأن آراء وأفكار الطبقة العاملة والكادحة للأمم والقوميات المختلفة وإعلائها. وهذه الجهود كلها لاتبذل من أجل إبعاد وتبديد المضايقات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية للطبقة البرجوازية في المناطق المختلفة.
ففي المناطق المختلفة وفي كل بلد ومنطقة كانت ساحة وميداناً لكفاح ونضال الطبقة العاملة والشيوعيين أصبحت المسألة القومية عائقة وعقبة أمام هذا النضال وحاولت كثيراً تمزيقهذا النضال و ارهاقه.وينبغي العمل وبذل الجهود من أجل " الاعتراف بحقوق الإنفصال للجميع واعلاء كل مسألة وقضية متعلقة بالإنفصال, من منظار يكون بعيداً عن التقصير في المساواة و التمييز الطبقي و التسلط."(76)
وهذه العملية محاولة لإزدهار وتطوير النضال الطبقي للطبقة العاملة, وتطبيقها مفيد ونافع لتأريخ نضال البروليتاريا ضد الرأسمالية ونظامها. فإذا صيغ من الناحية النظرية شعار ورفع هذا الشعار ولم يطبق على أرض الواقع, فإنَّ هذا يجعل الطبقة الثورية متردداً ومتشككاً في نضاله ويدفعها إلى تعليق آماله الثورية بمستقبل غير واضح. وينبغي أنَّ يكون شعار الدفاع عن حقوق المساواة بين القوميات أحد الشعارات الواضحة والصادقة لنضال الطبقة العاملة و الشيوعيين وذلك من أجل تحقيق الأهداف التأريخية الطبقية للطبقة الثورية في هذا العصر. لكن اليسار واليمين إلى حَدّ الأن يرفعان معاً شعاراً عمليا مضاداً وغير مناسب من أجل ماذكرنا.
فهما بذلك قد أبعدا العمال وطبقة البرولتاريا عن سياسة وأهداف التغيير العملي, ويحاولان إخراج هذه الطبقة عن طريقها الصحيح. باقتران أهدافها وسياستها بأهداف وسياسة الإشتراكيين الليبراليين والإشتراكيين الديمقراطيين والبرجوازية القومية. إنَّ الأخذ بيد الطبقة العاملة ودعوتها إلى المطالبة بتساوي الحقوق بين القوميات و الدعوة إلى تحقيق تلك المساواة, قد تحدد تأريخ تلك العلاقة التي تربط بين قوميتين أو أكثر مضطهدتين ومحرومتين من أبسط الحقوق. أي أنَّ تسلّط برجوازية قوميةما على عمال وكادحي وبرجوازية قومية أُخرى, يخلق الرغبة إلى التحرر و الإنفصال و الدعوة إليهما لدى أبناء القومية الخاضعة و المضطَهَدة. إنَّ تعطيل العمل بكل هدف من أهداف عملية النضال والكفاح له عواقب وخيمة وتترك آثاراً سيئة على هذه العملية كابتعاد الطبقة العاملة عن الواجبات و الأهداف الواقعة على عاتقها تأريخياً. إنَّ عملية حَل حَق التساوي بين القوميات , وعملية تحقيق هذا الحَق, عملية تكتيكية ثورية للطبقة العاملة والشيوعيين ضد الأهداف و الرغبات السياسية والإجتماعية والإقتصادية للدول الإمبريالية و الكبرى والبرجوازية و الرأسمالية المحلية. وفي الختام ينبغي لنا أنَّ ننهي بحثنا بإحدى مقولات ماركس وهي "كل أمة تضطهِد أمة أخرى, لايمكن أن تكون حُرّة ."
نجم الدين فارس 28-1-2018

المصادر:
(71)- لينين :مسئل السياسة القومية والاممية البروليتارية, دار التقدم, موسكو, 1969, ص174.
(72)- منصور حكمت: في الدفاع........,الى الأمام , العدد21,ص5 .(باللغة الكردية)
(73)- المصدر نفسه ,ص5.
(74)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص168-169.
(75)- منصور حكمت: المصدر السابق ذكره, ص5.
(76)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص92.
الرغبة القومية والمطلب الأوليكارشي
الجزء الثامن
عملية تحقيق المساواة في حقوق القوميات
هناك أراء ووجهات نظرمتباينة حول الحقوق المتساويةللقوميات.وهذه الأراء تتعلق بالمنزلة الإجتماعية والإقتصاديةومصالحهما المختلفة. لأن كل رأي ووجهة نظر نابع من مستوى صاحبه وتصنيفه الطبقي. ومن هذا الطريق يُحَدد كيفية الدفاع عن تلك الحقوق ويقوم بتجسيدها . فالماكسيون يختلفون كثيراً عن البورجوازيين والرأسماليين وأحزابهم في مواقفهم تجاه التساوي في حقوق القوميات وتعاملهم في تحقيق هذا التساوي. لأن حق المساوات بين القوميات عند الماركسين يعني التساوي بين افراد المجتمع جميعهم من كافة الأوجهه الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. وهذا الأمر إن لم يتحقق في مرحلة الدكتاتورية البروليتارية التي هي مرحلة انتقالية ينتقل المجتمع الرأسمالي فيها الى الإشتراكية والشيوعية العلمية. وفي هذه المرحلة- آي: مرحلة الإشتراكية و الشيوعية العلمية لايبقى اي وجود للمكّونات الدينية والإثنية والعرقية ولايقُومُ لها ايّ قائم. ويجرد الإنسان عن التباهي بالمكانة الإقتصادية والإجتماعية والقومية و الدينية والمذهبية ولون البشرة وضخامة الجسد وصغره . لأنَّ المكانة الإقتصادية و الملكية الخاصة والسيادة الطبقية منذ بداية وجودها هي المصدر الأساسي لإنتهاك حقوق الإنسان والإستغلاله وعدم التساوي بين أفراد الناس. وكذلك فإنّها المُصَمِمّة الأساسية للسلطات والصلاحيات المختلفة. إِنَّ السلطات المتباينة والمختلفة بين الدول والقوميات , تعني التمييز والفوارق و المعاداة ومحاولة مجموعة التسلط على مجموعة وقومية أخرى. وهذا هو الطبيعة الدائمة والمستمرة للسلطة الطبقية ونظامها, ومن أجل ذلك تسلك هذه السلطة جميع الطرق , ويخلق الفوارق الجندرية والتمييز القومي والمناطقي ولون البشرة , وصغر و ضغامة حجم النفوذ والسلطة, تقوم بإدامة نظامها الإقتصادي والسياسي والإجتماعي , وتَرتسخ دعائمه. و من ناحية أخرى فإنَّ وُجهة نظر برجوازي ورأسمالي القومية المتسلطة فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات سلبية تجاه الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية للطبقة نفسها للقومية الخاضعة تحت سيطرتها. لذا فهؤلاء حتى في تأسيس الدولة وانفصال القومية الواقعة تحت سيطرة وقبضة القومية المتسلطة, لايمنحون الحقوق المتساوية لأفراد قوميتهم, ولاينهون إضطهاد صاحب العمال وذوي النفوذ لكدح عمال وشغيلة قوميتهم. وهذه النظرة تفترق كثيراً عن النظرة الإشتراكية العلمية و الماركسية. فهما موقفان ونوعا تباين تجسيد حقوق تساوي القوميات. وهكذا فإنَّ هؤلاء في الدول الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية وديمقراطياتها يجدون أنفسهم في عملية نشوء الدولة القومية. ولايستطيعون بحسب ظروف وأحوال القومية التي تحدد من الناحية الجيوسياسية والجيوإقتصادية ونظام الإنتاج و القدرات العسكرية, أن يحققوا الحقوق المتساوية للقوميات. ولكون برجوازيي و رأسماليي كل قومية يجدون مصالحهم في المشكلات و النزاعات القائمة بين القوميات, أو في الاغلب وفي أوقات مختلفة يستفيدون من الصراعات التي تدور بين العمال بإسم للقوميات المختلفة. إنَّ البرجوازيين وأصحاب الأموال يحاولون دائماً مواصلة سيطرتهم على الطبقات الخاضعة لهم بتكديس أموالهم من قوة عمل العمال والكادحين واضطهاد محكوميهم حتى يؤمنوا لأنفسهم ولنظرائهم حياة سعيدة ويتمتعوا بعيش رغيد. وهكذا فإنَّ الدولة الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية و الدكتاتورية وديمقراطيتها, لاتستطيع أن تمنح الحقوق المتساوية للقوميات . إنَّ الدولة تعني سيطرة طبقة على طبقة أخُرى, وتعني التباين بين مصلحة المتسلط والراضخ, وتعني وجود الطبقات المتباينة. وبخلاف ذلك فإنَّ الإشتراكية و الشيوعية العلمية هي الضمانة الوحيدة للحصول على الحقوق المتساوية للقوميات. لأنها- آي الإشتراكية و الشيوعية العلمية- المصدر الأساسي للخلاص من الفروقات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والطبقية. ولأنَّ هذه الفروقات الطبقية في المجتمع هي مصدرومنشأ جميع انواع الإضتهاد بين بني البشر. إنَّ الجزء الكبير وجميع مشكلات المجتمع والفروقات على مستوى وجه الدنيا متعلق بوجود الطبقات. وتُعَدُّ المصالح الإقتصادية و الإجتماعية المختلفة , مصدر خلق المشكلات القومية والحروب الدموية الكبيرة, وتزرع الاحقاد و الضغائن بين الأقوام, وهذه الاوضاع و الظروف تُفيد المتسلطين من أصحاب الرأسمال , وهناك جزء آخر من الصراعات والنزاعات الدولية ترجع جذورها إلى الفروقات الطبقية. إذ تحدث الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية من أجل مصالحها ثغرات بين علاقات الدول وأقوامها.
إنَّ المصالح الإقتصادية والعلاقات القائمة بين الناس عامل مهم لتحديد الحقوق المتساوية للقوميات. وكما قال (لينين)لايجوز أنَّ لايؤخذ بنظر الاعتبار السبب الإقتصادي القوي في المسألة القومية لدى الماركسيين, لأنَّ الإشتراكية نضع يدها باكتظاظ على الجانب الإقتصادي . ولاتستطيع أنَّ لاتضع في نظر اعتبارها الجانب الإقتصادي في علاقات التساوي بين الناس. فالإشتراكية هي الجانب الئيس في تحديد الحقوق المتساوية للقوميات والطبقات, وفي الأصل فإنَّ القاعدة والأساس هنا عبارة عن الإنتاج وعملية التوزيع و الحقوق الإقتصادية الإشتراكية , وتكون على أساس تنظيم حُرّ ومُتساوٍ."وكذلك تستطيع الإنسانية أنَّ تقضي على الطبقات, وذلك بعد اجتيازها مرحلة انتقالية هي مرحلة ديكتاتورية الطبقة المُضطهَدة, وكذلك تستطيع الوصول إلى توحيد القوميات وذلك باجتيازها مرحلة انتقالية, هي مرحلة تحرر جميع القوميات المُضطهَدة بأكملها, أي: مرحلة تأخذ فيها حق الإنفصال."(71) إنَّ الظروف والأوضاع العملية التي يتطلع اليسار إليها في الإقليم وايران بتوجيه من غيرهم وبمعرفتهم, ليس تطلعهم إلاَّ التخلّي عن مُهمة وظيفية لابُدّ من الإقدام عليها من أجل القضاء على الفروقات القومية والاضطهاد القومي. فهؤلاء يبعدون انفسهم عن عملية ويتخلون عنها , كان المفروض القيام بها, فأفكار هؤلاء ومايذهبون إليه نابعة من الفكر الإشتراكي الليبرالي في أوروبا. وبناءً على ذلك فإنَّ هؤلاء من أهل اليسار إقاهم أصحاب نوع من عدم المعرفة وقد وضعواهذه المهمة على نحو مُربك ومُشوّش في خارطة عملهم, وإمّا يعيدون أنفسهم أصحاب القضية ويريدون عدم تنفيذها, أي أنّهم في كل الأحوال يتعاملون ديماغوجياً مع هذه القضية , لأنَّ جميع أعمالهم هذه لاتستطيع أنَّ تجيب عن أسئلة الشيوعيين العلميين عملياً فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات, لذا إنَّ توجهاتهم ترادف التوجهات السياسية لأوليكارشية أحزاب الأقليم.
إنَّ مامَرّ ذكره سبق أن ادّعاه اليسار الكوردستاني في العراق وايران في الماضي ومايزال يّدعيه اليوم ويفكربه حين يقول:( في الواقع العملي إنَّ السياسة التي ينتهجها يسار كوردستان العراق وايران لاتعني إدارة حركة ذي نهج مستقل. فهذا الشعار ينبغي أن يحتل زاوية من زوايا البديل العملي ل (حزب الشيوعي العمالي-ح.ك.ك-) وحركة الشورى في كوردستان العراق. إنَّ الإطار العملي لهذا الشعار في توقعاتنا و توجهاتنا(نظر الشيوعية العمالية) هو:أولاً: إنَّ الإستفتاء والرجوع الى آراء الناس يجب أن يكون باتفاق مع(مصدر أممي رسمي) حتى نحّقق نتائج الإستفتاء أكثر ولكن الى حَدّ تحقيق هذه العملية فالمفروض أن نطالب باستفتاء حُرّ من أجل تثبيت أوضاع كوردستان, ففي نظرنا(نظر الشيوعية العمالية) أنَّ إرادة الناس وإبداء أرائهم لها اعتبارات. ففي استفتاء كهذا يجب ندعو الى دولة مستقلة.(72) إنَّ توجهات وأنظار اليسار حول التطبيق العملي نوعان: أحدهما : التحدث عن التحرر الوطني واستقلال الرأسمالية الوطنية كما تدّعيه البرجوازية الوطنية. ويطالبون من البرجوازية المتسلطة والمُضطهِدة بعلاقات حَرّة وإطلاق الحريات السياسية والإقتصادية البرجوازية القومية. وهذه الفروقات تنتج العنجهية و المغالات في التعصب القومي, لأنَّ البرجوازية القومية تحصل على امتيازاتها من الفروق القومية والصراع القومي فتسعى إلى السيطرة على مصادر اقتصاد البلاده تحت اسم حماية البلاد والأمة ومصادرهما الإقتصادية و مواردهما الطبيعية, وبهذا فإنها تقوّي الفروقات القومية مع الآخرين وتعمقّها, وتحاول إيصال تلك الفروقات إلى حَدّ التعصب والكراهية وخلق روح الإنانية وعبادة النفس في صفوف العمال. أما الفروقات الآخرى فهي تخالف كثيراً الفروقات التي تدعو اليها البرجوازية, لذا ينبغي للعمال والشيوعيين أن تكون لديهم الرغبة في التزام الفروقات المغايرة لمايسلكه البرجوازيين والرأسماليين.
من تباين وفروق بين الكورد والقوميات الآخرى, ولكي نستطيع أنَّ نطوّر العلاقات الأممية بين العمال والشغيلة علينا تجسيدها في دستور العمل حتى نتمكن من القضاء على النزعات السياسية الشوفينية لدى العمال ويكون همهم الوحيد مساندة ومؤازرة رفاقهم في النضال من عمال وشغيلة القوميات الآخرى في التصدّي لأصحاب رؤوس الأموال. والوقوف معا ضّد سياسة البرجوازيين الليبراليين, وذلك في المناطق والبلدان التي
تسكنها القوميات المختلفة. فإذا وصلت علاقاتها إلى مستوى العنف و الاضطراب, فإنَّ التأريخ يسجل عملية انفصالها. وتأريخ العلاقات بين القوميات , ويُنتج انفصال بعضها عن بعض. إنَّ النصائح التي يقدمها يسار ايران ليسار كوردستان و العراق وقدمها سلفاً. ويدفع حركة الِورى في كوردستان( إن وجدت) إلى القيام بوضع حَدّ للأوضاع و الظروف الأتية. ويرى أنَّ إعادة كوردستان إلى العراق و ضّمه إليه من الواجبات العملية لتلك الحركة. إنَّ الوجه العملي لتلك التوجهات والأراء فيستند إلى نظرية تمتع الكورد بحق تقرير المصير أو البقاء ضمن عراق فدرالي متّحد – أي:إِنَّ ماسّموه بالفراغ السياسي و الإداري في الماضي وفي الحاضر وكانوا يُناقشون بسببها أوضاع و ظروف كوردستان والعراق والعلاقات بين القوميات والأديان والمذاهب المختلفة. فهؤلاء كانوا يحملون الافكار نفسها التي كان اليمينيون يعتقدون بها ، فكانوا بذلك الوجه الآخر لليسار، وكانوا مع هؤلاء متشابهين و متكافئين في الاعتقاد و المواقف. وبدائلهم كانوا يعتقدون بأفكار اليمينين نفسها و يتخذون مواقفهم انفسها. وهذه التوجهات و الافكار تتوافق مع مواقف و توجهات الاحزاب الكوردية و زعمائها ألاوليكارشيين ولا تعارض بينهما. ولم يستطع هؤلاء من مدّعي اليسار الخروج عن توجهات و أفكار الاحزاب الكوردية ألاوليكارشية الكاذبة و الخادعة. فجهة ترى في الاستفتاء الحَلّ و تقرير المصير، وجهة اخرى تعود الى المركز و ترى الحَلّ في ذلك. وبعضٌ من هذه الجهات لاتحم أفكاراً واضحة و صريحة فلا يستطيع أحد تحديد مواقفهم و اتجاهاتهم. وكذلك عندما يضع عملية عدم تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات على عاتق السياسة و أهداف الدول ألامبرياليه و العظى للتهرب من مسؤلية يجب عليه ألالتزام به من أجل إيجاد حق المساواة بين القوميات. وفي مسألة الاعتراف بانفصال عمال الكورد عن العمال العرب و الفرس و الترك وحتى في تأسيس دولتهم المستقلة نجد أن وجهات نظر اليمين و اليسار و مواقفهما مختلفتان باستثناء الدعوة الى تأسيس دولة مستقلة فهما متوافقان بصددها لكن بصورة غير منتظمة بغية إحداث تشتيت الفكر و إقلاق الراحة. ففيما يخص الدولة المستقلة فإنهم الآن يقولون كما إعتقدوا سابقاً أيضاً (إن شعارنا ليس تأسيس دوله كوردية وأن تكون للكورد دولة مستقلة ، فنحن نريد لتقرير مصير كوردستان حتى للاستقلال أن يُجرى إستفتاء شعبي بين سكان و قاطني كوردستان بغض النظر عن انتمائهم القومي).(73).
إنً يساريي إيران و العراق لايستطيعون إخفاء مواقفهم الكاذبة و شعاراتهم بين طيّات آرائهم و توجهاتهم المتضادة وأن يطبقوها على أرض الواقع. فشعاراتهم هذه ماتزال الشعارات الموضوعة على اللافتات و المكتوبة في بياناتهم. فهي لايتمكنون من القيام بحل المسألة القومية للكوردية بطريقة ثورية ويضمنوا بها حقوق المساواة بين القوميات. إن الواجب يفرض على ألاشتراكية المنتصرة إذا إكتسبت الديمقراطية الصحيحة ألا تكون جهودها مقصورة على تحقيق المساواة الكاملة بين القوميات، وإنما عليها القيام بإقرار حقوق ألامم المظلومة و المحرومة في تقرير مصيرها. اي: ان تكون حُرّةً في إختيارها الانفصال السياسي. وإذا لم تستطع ألاحزاب ألاشتراكية بكل أنشطتها الآن وفي حال قيام الثورة وبعد ألانتصار أن تثبت أنها تحرر ألامم المظلومة، وتقيم علاقات معها على أساس حرية التوحيد (مع معرفة أنَّ حرية التوحيد بمفردها شعار زائف دون حرية ألانفصال) وحينئذ تخون هذه ألاحزاب ألاشتراكية. ولاريب أنَّ الديمقراطية التي هي نوع من انواع الدولة قد تضمحل بإضمحلال الدولة فيكون الثبات و الرسوخ للشيوعية الكاملة بعد الانتقال من الاشتراكية الناجحة.(74).
وهذه المسألة تحتاج الى جواب وهو انَّ الشيوعيين إن لم يكونوا مهيمنين فتأسيس الدولة الكوردية و إنشاؤها الى الحصول على اجوبتهم. ولا يعني هذا أن تخلى الساحة للبرجوازيين و أصحاب رؤوس الاموال و أحزاب كوردستان الاخرى وأن يُرخى لهم العنان فيما يقومون به من القمع و الاضطهاد و نهب أموال و خيرات البلاد. وأن يُسلَّمَ المجتمع لمجموعة سياسية أوليكارشية تتصف بصفات عصابات الجريمة المنظمة و قطاع الطرق و القراصنة. فلليسار أحاديث و أقاويل باطلة لاطائل فيها، ولمصلحة شعاراته يقول (يجب أن يكون اليسار مندوباً عن حدوث المصير- ويقصد بذلك المأساة(التراجيديا)- فهذا الشعار يساند ادارة هذا الدور... وينير و يضيء الطرح الثالث لاستقلال نقطة غير معينة في اذهان أغلبية الناس. وهكذا فإن هذا الشعار فضلاً عن كونه عملياً او غير عملي دفع العمال و الكادحين الى ميادين العمل وجعلهم متفائلين بتمكنهم من تقرير مصيرهم بأنفسهم)(75). ولايجوز للشيوعية رفع شعار لايمكنهم تحقيقه، أو أنَّ تحقيقه يمنحنا نتاجاً برجوازياً، وبناء على ذلك لايجوز أن ترفع الشعارات من أجل تفاؤل العمال بأمنية لايمكن تحقيقها. أو صهرهم في بودقة الموهوبة وينبغي أن ترفع الشعارات من أجل توضيح العمل المطلوب منك في اليوم والوقت المحدد ويكون مناسباً للتطبيق. والشعار الذي يحتاج التأريخ إلى تطبيقة عمليا مهم جداً, وهومن جانب النضال الطبقي مفيد للواجب و العمل التأريخي للطبقة العاملة, ومعلوم أنَّ أحد الواجبات التأريخية للطبقة العاملة هو العمل من أجل تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات والأمم من أجل القضاء على الميول وألأفكار الشوفينية بين الأمم و الأقوام واجتثاث جذورها ورفع شأن آراء وأفكار الطبقة العاملة والكادحة للأمم والقوميات المختلفة وإعلائها. وهذه الجهود كلها لاتبذل من أجل إبعاد وتبديد المضايقات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية للطبقة البرجوازية في المناطق المختلفة.
ففي المناطق المختلفة وفي كل بلد ومنطقة كانت ساحة وميداناً لكفاح ونضال الطبقة العاملة والشيوعيين أصبحت المسألة القومية عائقة وعقبة أمام هذا النضال وحاولت كثيراً تمزيقهذا النضال و ارهاقه.وينبغي العمل وبذل الجهود من أجل " الاعتراف بحقوق الإنفصال للجميع واعلاء كل مسألة وقضية متعلقة بالإنفصال, من منظار يكون بعيداً عن التقصير في المساواة و التمييز الطبقي و التسلط."(76)
وهذه العملية محاولة لإزدهار وتطوير النضال الطبقي للطبقة العاملة, وتطبيقها مفيد ونافع لتأريخ نضال البروليتاريا ضد الرأسمالية ونظامها. فإذا صيغ من الناحية النظرية شعار ورفع هذا الشعار ولم يطبق على أرض الواقع, فإنَّ هذا يجعل الطبقة الثورية متردداً ومتشككاً في نضاله ويدفعها إلى تعليق آماله الثورية بمستقبل غير واضح. وينبغي أنَّ يكون شعار الدفاع عن حقوق المساواة بين القوميات أحد الشعارات الواضحة والصادقة لنضال الطبقة العاملة و الشيوعيين وذلك من أجل تحقيق الأهداف التأريخية الطبقية للطبقة الثورية في هذا العصر. لكن اليسار واليمين إلى حَدّ الأن يرفعان معاً شعاراً عمليا مضاداً وغير مناسب من أجل ماذكرنا.
فهما بذلك قد أبعدا العمال وطبقة البرولتاريا عن سياسة وأهداف التغيير العملي, ويحاولان إخراج هذه الطبقة عن طريقها الصحيح. باقتران أهدافها وسياستها بأهداف وسياسة الإشتراكيين الليبراليين والإشتراكيين الديمقراطيين والبرجوازية القومية. إنَّ الأخذ بيد الطبقة العاملة ودعوتها إلى المطالبة بتساوي الحقوق بين القوميات و الدعوة إلى تحقيق تلك المساواة, قد تحدد تأريخ تلك العلاقة التي تربط بين قوميتين أو أكثر مضطهدتين ومحرومتين من أبسط الحقوق. أي أنَّ تسلّط برجوازية قوميةما على عمال وكادحي وبرجوازية قومية أُخرى, يخلق الرغبة إلى التحرر و الإنفصال و الدعوة إليهما لدى أبناء القومية الخاضعة و المضطَهَدة. إنَّ تعطيل العمل بكل هدف من أهداف عملية النضال والكفاح له عواقب وخيمة وتترك آثاراً سيئة على هذه العملية كابتعاد الطبقة العاملة عن الواجبات و الأهداف الواقعة على عاتقها تأريخياً. إنَّ عملية حَل حَق التساوي بين القوميات , وعملية تحقيق هذا الحَق, عملية تكتيكية ثورية للطبقة العاملة والشيوعيين ضد الأهداف و الرغبات السياسية والإجتماعية والإقتصادية للدول الإمبريالية و الكبرى والبرجوازية و الرأسمالية المحلية. وفي الختام ينبغي لنا أنَّ ننهي بحثنا بإحدى مقولات ماركس وهي "كل أمة تضطهِد أمة أخرى, لايمكن أن تكون حُرّة ."
نجم الدين فارس 28-1-2018

المصادر:
(71)- لينين :مسئل السياسة القومية والاممية البروليتارية, دار التقدم, موسكو, 1969, ص174.
(72)- منصور حكمت: في الدفاع........,الى الأمام , العدد21,ص5 .(باللغة الكردية)
(73)- المصدر نفسه ,ص5.
(74)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص168-169.
(75)- منصور حكمت: المصدر السابق ذكره, ص5.
(76)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص92.
















الرغبة القومية والمطلب الأوليكارشي
الجزء الثامن
عملية تحقيق المساواة في حقوق القوميات
هناك أراء ووجهات نظرمتباينة حول الحقوق المتساويةللقوميات.وهذه الأراء تتعلق بالمنزلة الإجتماعية والإقتصاديةومصالحهما المختلفة. لأن كل رأي ووجهة نظر نابع من مستوى صاحبه وتصنيفه الطبقي. ومن هذا الطريق يُحَدد كيفية الدفاع عن تلك الحقوق ويقوم بتجسيدها . فالماكسيون يختلفون كثيراً عن البورجوازيين والرأسماليين وأحزابهم في مواقفهم تجاه التساوي في حقوق القوميات وتعاملهم في تحقيق هذا التساوي. لأن حق المساوات بين القوميات عند الماركسين يعني التساوي بين افراد المجتمع جميعهم من كافة الأوجهه الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. وهذا الأمر إن لم يتحقق في مرحلة الدكتاتورية البروليتارية التي هي مرحلة انتقالية ينتقل المجتمع الرأسمالي فيها الى الإشتراكية والشيوعية العلمية. وفي هذه المرحلة- آي: مرحلة الإشتراكية و الشيوعية العلمية لايبقى اي وجود للمكّونات الدينية والإثنية والعرقية ولايقُومُ لها ايّ قائم. ويجرد الإنسان عن التباهي بالمكانة الإقتصادية والإجتماعية والقومية و الدينية والمذهبية ولون البشرة وضخامة الجسد وصغره . لأنَّ المكانة الإقتصادية و الملكية الخاصة والسيادة الطبقية منذ بداية وجودها هي المصدر الأساسي لإنتهاك حقوق الإنسان والإستغلاله وعدم التساوي بين أفراد الناس. وكذلك فإنّها المُصَمِمّة الأساسية للسلطات والصلاحيات المختلفة. إِنَّ السلطات المتباينة والمختلفة بين الدول والقوميات , تعني التمييز والفوارق و المعاداة ومحاولة مجموعة التسلط على مجموعة وقومية أخرى. وهذا هو الطبيعة الدائمة والمستمرة للسلطة الطبقية ونظامها, ومن أجل ذلك تسلك هذه السلطة جميع الطرق , ويخلق الفوارق الجندرية والتمييز القومي والمناطقي ولون البشرة , وصغر و ضغامة حجم النفوذ والسلطة, تقوم بإدامة نظامها الإقتصادي والسياسي والإجتماعي , وتَرتسخ دعائمه. و من ناحية أخرى فإنَّ وُجهة نظر برجوازي ورأسمالي القومية المتسلطة فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات سلبية تجاه الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية للطبقة نفسها للقومية الخاضعة تحت سيطرتها. لذا فهؤلاء حتى في تأسيس الدولة وانفصال القومية الواقعة تحت سيطرة وقبضة القومية المتسلطة, لايمنحون الحقوق المتساوية لأفراد قوميتهم, ولاينهون إضطهاد صاحب العمال وذوي النفوذ لكدح عمال وشغيلة قوميتهم. وهذه النظرة تفترق كثيراً عن النظرة الإشتراكية العلمية و الماركسية. فهما موقفان ونوعا تباين تجسيد حقوق تساوي القوميات. وهكذا فإنَّ هؤلاء في الدول الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية وديمقراطياتها يجدون أنفسهم في عملية نشوء الدولة القومية. ولايستطيعون بحسب ظروف وأحوال القومية التي تحدد من الناحية الجيوسياسية والجيوإقتصادية ونظام الإنتاج و القدرات العسكرية, أن يحققوا الحقوق المتساوية للقوميات. ولكون برجوازيي و رأسماليي كل قومية يجدون مصالحهم في المشكلات و النزاعات القائمة بين القوميات, أو في الاغلب وفي أوقات مختلفة يستفيدون من الصراعات التي تدور بين العمال بإسم للقوميات المختلفة. إنَّ البرجوازيين وأصحاب الأموال يحاولون دائماً مواصلة سيطرتهم على الطبقات الخاضعة لهم بتكديس أموالهم من قوة عمل العمال والكادحين واضطهاد محكوميهم حتى يؤمنوا لأنفسهم ولنظرائهم حياة سعيدة ويتمتعوا بعيش رغيد. وهكذا فإنَّ الدولة الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية و الدكتاتورية وديمقراطيتها, لاتستطيع أن تمنح الحقوق المتساوية للقوميات . إنَّ الدولة تعني سيطرة طبقة على طبقة أخُرى, وتعني التباين بين مصلحة المتسلط والراضخ, وتعني وجود الطبقات المتباينة. وبخلاف ذلك فإنَّ الإشتراكية و الشيوعية العلمية هي الضمانة الوحيدة للحصول على الحقوق المتساوية للقوميات. لأنها- آي الإشتراكية و الشيوعية العلمية- المصدر الأساسي للخلاص من الفروقات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والطبقية. ولأنَّ هذه الفروقات الطبقية في المجتمع هي مصدرومنشأ جميع انواع الإضتهاد بين بني البشر. إنَّ الجزء الكبير وجميع مشكلات المجتمع والفروقات على مستوى وجه الدنيا متعلق بوجود الطبقات. وتُعَدُّ المصالح الإقتصادية و الإجتماعية المختلفة , مصدر خلق المشكلات القومية والحروب الدموية الكبيرة, وتزرع الاحقاد و الضغائن بين الأقوام, وهذه الاوضاع و الظروف تُفيد المتسلطين من أصحاب الرأسمال , وهناك جزء آخر من الصراعات والنزاعات الدولية ترجع جذورها إلى الفروقات الطبقية. إذ تحدث الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية من أجل مصالحها ثغرات بين علاقات الدول وأقوامها.
إنَّ المصالح الإقتصادية والعلاقات القائمة بين الناس عامل مهم لتحديد الحقوق المتساوية للقوميات. وكما قال (لينين)لايجوز أنَّ لايؤخذ بنظر الاعتبار السبب الإقتصادي القوي في المسألة القومية لدى الماركسيين, لأنَّ الإشتراكية نضع يدها باكتظاظ على الجانب الإقتصادي . ولاتستطيع أنَّ لاتضع في نظر اعتبارها الجانب الإقتصادي في علاقات التساوي بين الناس. فالإشتراكية هي الجانب الئيس في تحديد الحقوق المتساوية للقوميات والطبقات, وفي الأصل فإنَّ القاعدة والأساس هنا عبارة عن الإنتاج وعملية التوزيع و الحقوق الإقتصادية الإشتراكية , وتكون على أساس تنظيم حُرّ ومُتساوٍ."وكذلك تستطيع الإنسانية أنَّ تقضي على الطبقات, وذلك بعد اجتيازها مرحلة انتقالية هي مرحلة ديكتاتورية الطبقة المُضطهَدة, وكذلك تستطيع الوصول إلى توحيد القوميات وذلك باجتيازها مرحلة انتقالية, هي مرحلة تحرر جميع القوميات المُضطهَدة بأكملها, أي: مرحلة تأخذ فيها حق الإنفصال."(71) إنَّ الظروف والأوضاع العملية التي يتطلع اليسار إليها في الإقليم وايران بتوجيه من غيرهم وبمعرفتهم, ليس تطلعهم إلاَّ التخلّي عن مُهمة وظيفية لابُدّ من الإقدام عليها من أجل القضاء على الفروقات القومية والاضطهاد القومي. فهؤلاء يبعدون انفسهم عن عملية ويتخلون عنها , كان المفروض القيام بها, فأفكار هؤلاء ومايذهبون إليه نابعة من الفكر الإشتراكي الليبرالي في أوروبا. وبناءً على ذلك فإنَّ هؤلاء من أهل اليسار إقاهم أصحاب نوع من عدم المعرفة وقد وضعواهذه المهمة على نحو مُربك ومُشوّش في خارطة عملهم, وإمّا يعيدون أنفسهم أصحاب القضية ويريدون عدم تنفيذها, أي أنّهم في كل الأحوال يتعاملون ديماغوجياً مع هذه القضية , لأنَّ جميع أعمالهم هذه لاتستطيع أنَّ تجيب عن أسئلة الشيوعيين العلميين عملياً فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات, لذا إنَّ توجهاتهم ترادف التوجهات السياسية لأوليكارشية أحزاب الأقليم.
إنَّ مامَرّ ذكره سبق أن ادّعاه اليسار الكوردستاني في العراق وايران في الماضي ومايزال يّدعيه اليوم ويفكربه حين يقول:( في الواقع العملي إنَّ السياسة التي ينتهجها يسار كوردستان العراق وايران لاتعني إدارة حركة ذي نهج مستقل. فهذا الشعار ينبغي أن يحتل زاوية من زوايا البديل العملي ل (حزب الشيوعي العمالي-ح.ك.ك-) وحركة الشورى في كوردستان العراق. إنَّ الإطار العملي لهذا الشعار في توقعاتنا و توجهاتنا(نظر الشيوعية العمالية) هو:أولاً: إنَّ الإستفتاء والرجوع الى آراء الناس يجب أن يكون باتفاق مع(مصدر أممي رسمي) حتى نحّقق نتائج الإستفتاء أكثر ولكن الى حَدّ تحقيق هذه العملية فالمفروض أن نطالب باستفتاء حُرّ من أجل تثبيت أوضاع كوردستان, ففي نظرنا(نظر الشيوعية العمالية) أنَّ إرادة الناس وإبداء أرائهم لها اعتبارات. ففي استفتاء كهذا يجب ندعو الى دولة مستقلة.(72) إنَّ توجهات وأنظار اليسار حول التطبيق العملي نوعان: أحدهما : التحدث عن التحرر الوطني واستقلال الرأسمالية الوطنية كما تدّعيه البرجوازية الوطنية. ويطالبون من البرجوازية المتسلطة والمُضطهِدة بعلاقات حَرّة وإطلاق الحريات السياسية والإقتصادية البرجوازية القومية. وهذه الفروقات تنتج العنجهية و المغالات في التعصب القومي, لأنَّ البرجوازية القومية تحصل على امتيازاتها من الفروق القومية والصراع القومي فتسعى إلى السيطرة على مصادر اقتصاد البلاده تحت اسم حماية البلاد والأمة ومصادرهما الإقتصادية و مواردهما الطبيعية, وبهذا فإنها تقوّي الفروقات القومية مع الآخرين وتعمقّها, وتحاول إيصال تلك الفروقات إلى حَدّ التعصب والكراهية وخلق روح الإنانية وعبادة النفس في صفوف العمال. أما الفروقات الآخرى فهي تخالف كثيراً الفروقات التي تدعو اليها البرجوازية, لذا ينبغي للعمال والشيوعيين أن تكون لديهم الرغبة في التزام الفروقات المغايرة لمايسلكه البرجوازيين والرأسماليين.
من تباين وفروق بين الكورد والقوميات الآخرى, ولكي نستطيع أنَّ نطوّر العلاقات الأممية بين العمال والشغيلة علينا تجسيدها في دستور العمل حتى نتمكن من القضاء على النزعات السياسية الشوفينية لدى العمال ويكون همهم الوحيد مساندة ومؤازرة رفاقهم في النضال من عمال وشغيلة القوميات الآخرى في التصدّي لأصحاب رؤوس الأموال. والوقوف معا ضّد سياسة البرجوازيين الليبراليين, وذلك في المناطق والبلدان التي
تسكنها القوميات المختلفة. فإذا وصلت علاقاتها إلى مستوى العنف و الاضطراب, فإنَّ التأريخ يسجل عملية انفصالها. وتأريخ العلاقات بين القوميات , ويُنتج انفصال بعضها عن بعض. إنَّ النصائح التي يقدمها يسار ايران ليسار كوردستان و العراق وقدمها سلفاً. ويدفع حركة الِورى في كوردستان( إن وجدت) إلى القيام بوضع حَدّ للأوضاع و الظروف الأتية. ويرى أنَّ إعادة كوردستان إلى العراق و ضّمه إليه من الواجبات العملية لتلك الحركة. إنَّ الوجه العملي لتلك التوجهات والأراء فيستند إلى نظرية تمتع الكورد بحق تقرير المصير أو البقاء ضمن عراق فدرالي متّحد – أي:إِنَّ ماسّموه بالفراغ السياسي و الإداري في الماضي وفي الحاضر وكانوا يُناقشون بسببها أوضاع و ظروف كوردستان والعراق والعلاقات بين القوميات والأديان والمذاهب المختلفة. فهؤلاء كانوا يحملون الافكار نفسها التي كان اليمينيون يعتقدون بها ، فكانوا بذلك الوجه الآخر لليسار، وكانوا مع هؤلاء متشابهين و متكافئين في الاعتقاد و المواقف. وبدائلهم كانوا يعتقدون بأفكار اليمينين نفسها و يتخذون مواقفهم انفسها. وهذه التوجهات و الافكار تتوافق مع مواقف و توجهات الاحزاب الكوردية و زعمائها ألاوليكارشيين ولا تعارض بينهما. ولم يستطع هؤلاء من مدّعي اليسار الخروج عن توجهات و أفكار الاحزاب الكوردية ألاوليكارشية الكاذبة و الخادعة. فجهة ترى في الاستفتاء الحَلّ و تقرير المصير، وجهة اخرى تعود الى المركز و ترى الحَلّ في ذلك. وبعضٌ من هذه الجهات لاتحم أفكاراً واضحة و صريحة فلا يستطيع أحد تحديد مواقفهم و اتجاهاتهم. وكذلك عندما يضع عملية عدم تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات على عاتق السياسة و أهداف الدول ألامبرياليه و العظى للتهرب من مسؤلية يجب عليه ألالتزام به من أجل إيجاد حق المساواة بين القوميات. وفي مسألة الاعتراف بانفصال عمال الكورد عن العمال العرب و الفرس و الترك وحتى في تأسيس دولتهم المستقلة نجد أن وجهات نظر اليمين و اليسار و مواقفهما مختلفتان باستثناء الدعوة الى تأسيس دولة مستقلة فهما متوافقان بصددها لكن بصورة غير منتظمة بغية إحداث تشتيت الفكر و إقلاق الراحة. ففيما يخص الدولة المستقلة فإنهم الآن يقولون كما إعتقدوا سابقاً أيضاً (إن شعارنا ليس تأسيس دوله كوردية وأن تكون للكورد دولة مستقلة ، فنحن نريد لتقرير مصير كوردستان حتى للاستقلال أن يُجرى إستفتاء شعبي بين سكان و قاطني كوردستان بغض النظر عن انتمائهم القومي).(73).
إنً يساريي إيران و العراق لايستطيعون إخفاء مواقفهم الكاذبة و شعاراتهم بين طيّات آرائهم و توجهاتهم المتضادة وأن يطبقوها على أرض الواقع. فشعاراتهم هذه ماتزال الشعارات الموضوعة على اللافتات و المكتوبة في بياناتهم. فهي لايتمكنون من القيام بحل المسألة القومية للكوردية بطريقة ثورية ويضمنوا بها حقوق المساواة بين القوميات. إن الواجب يفرض على ألاشتراكية المنتصرة إذا إكتسبت الديمقراطية الصحيحة ألا تكون جهودها مقصورة على تحقيق المساواة الكاملة بين القوميات، وإنما عليها القيام بإقرار حقوق ألامم المظلومة و المحرومة في تقرير مصيرها. اي: ان تكون حُرّةً في إختيارها الانفصال السياسي. وإذا لم تستطع ألاحزاب ألاشتراكية بكل أنشطتها الآن وفي حال قيام الثورة وبعد ألانتصار أن تثبت أنها تحرر ألامم المظلومة، وتقيم علاقات معها على أساس حرية التوحيد (مع معرفة أنَّ حرية التوحيد بمفردها شعار زائف دون حرية ألانفصال) وحينئذ تخون هذه ألاحزاب ألاشتراكية. ولاريب أنَّ الديمقراطية التي هي نوع من انواع الدولة قد تضمحل بإضمحلال الدولة فيكون الثبات و الرسوخ للشيوعية الكاملة بعد الانتقال من الاشتراكية الناجحة.(74).
وهذه المسألة تحتاج الى جواب وهو انَّ الشيوعيين إن لم يكونوا مهيمنين فتأسيس الدولة الكوردية و إنشاؤها الى الحصول على اجوبتهم. ولا يعني هذا أن تخلى الساحة للبرجوازيين و أصحاب رؤوس الاموال و أحزاب كوردستان الاخرى وأن يُرخى لهم العنان فيما يقومون به من القمع و الاضطهاد و نهب أموال و خيرات البلاد. وأن يُسلَّمَ المجتمع لمجموعة سياسية أوليكارشية تتصف بصفات عصابات الجريمة المنظمة و قطاع الطرق و القراصنة. فلليسار أحاديث و أقاويل باطلة لاطائل فيها، ولمصلحة شعاراته يقول (يجب أن يكون اليسار مندوباً عن حدوث المصير- ويقصد بذلك المأساة(التراجيديا)- فهذا الشعار يساند ادارة هذا الدور... وينير و يضيء الطرح الثالث لاستقلال نقطة غير معينة في اذهان أغلبية الناس. وهكذا فإن هذا الشعار فضلاً عن كونه عملياً او غير عملي دفع العمال و الكادحين الى ميادين العمل وجعلهم متفائلين بتمكنهم من تقرير مصيرهم بأنفسهم)(75). ولايجوز للشيوعية رفع شعار لايمكنهم تحقيقه، أو أنَّ تحقيقه يمنحنا نتاجاً برجوازياً، وبناء على ذلك لايجوز أن ترفع الشعارات من أجل تفاؤل العمال بأمنية لايمكن تحقيقها. أو صهرهم في بودقة الموهوبة وينبغي أن ترفع الشعارات من أجل توضيح العمل المطلوب منك في اليوم والوقت المحدد ويكون مناسباً للتطبيق. والشعار الذي يحتاج التأريخ إلى تطبيقة عمليا مهم جداً, وهومن جانب النضال الطبقي مفيد للواجب و العمل التأريخي للطبقة العاملة, ومعلوم أنَّ أحد الواجبات التأريخية للطبقة العاملة هو العمل من أجل تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات والأمم من أجل القضاء على الميول وألأفكار الشوفينية بين الأمم و الأقوام واجتثاث جذورها ورفع شأن آراء وأفكار الطبقة العاملة والكادحة للأمم والقوميات المختلفة وإعلائها. وهذه الجهود كلها لاتبذل من أجل إبعاد وتبديد المضايقات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية للطبقة البرجوازية في المناطق المختلفة.
ففي المناطق المختلفة وفي كل بلد ومنطقة كانت ساحة وميداناً لكفاح ونضال الطبقة العاملة والشيوعيين أصبحت المسألة القومية عائقة وعقبة أمام هذا النضال وحاولت كثيراً تمزيقهذا النضال و ارهاقه.وينبغي العمل وبذل الجهود من أجل " الاعتراف بحقوق الإنفصال للجميع واعلاء كل مسألة وقضية متعلقة بالإنفصال, من منظار يكون بعيداً عن التقصير في المساواة و التمييز الطبقي و التسلط."(76)
وهذه العملية محاولة لإزدهار وتطوير النضال الطبقي للطبقة العاملة, وتطبيقها مفيد ونافع لتأريخ نضال البروليتاريا ضد الرأسمالية ونظامها. فإذا صيغ من الناحية النظرية شعار ورفع هذا الشعار ولم يطبق على أرض الواقع, فإنَّ هذا يجعل الطبقة الثورية متردداً ومتشككاً في نضاله ويدفعها إلى تعليق آماله الثورية بمستقبل غير واضح. وينبغي أنَّ يكون شعار الدفاع عن حقوق المساواة بين القوميات أحد الشعارات الواضحة والصادقة لنضال الطبقة العاملة و الشيوعيين وذلك من أجل تحقيق الأهداف التأريخية الطبقية للطبقة الثورية في هذا العصر. لكن اليسار واليمين إلى حَدّ الأن يرفعان معاً شعاراً عمليا مضاداً وغير مناسب من أجل ماذكرنا.
فهما بذلك قد أبعدا العمال وطبقة البرولتاريا عن سياسة وأهداف التغيير العملي, ويحاولان إخراج هذه الطبقة عن طريقها الصحيح. باقتران أهدافها وسياستها بأهداف وسياسة الإشتراكيين الليبراليين والإشتراكيين الديمقراطيين والبرجوازية القومية. إنَّ الأخذ بيد الطبقة العاملة ودعوتها إلى المطالبة بتساوي الحقوق بين القوميات و الدعوة إلى تحقيق تلك المساواة, قد تحدد تأريخ تلك العلاقة التي تربط بين قوميتين أو أكثر مضطهدتين ومحرومتين من أبسط الحقوق. أي أنَّ تسلّط برجوازية قوميةما على عمال وكادحي وبرجوازية قومية أُخرى, يخلق الرغبة إلى التحرر و الإنفصال و الدعوة إليهما لدى أبناء القومية الخاضعة و المضطَهَدة. إنَّ تعطيل العمل بكل هدف من أهداف عملية النضال والكفاح له عواقب وخيمة وتترك آثاراً سيئة على هذه العملية كابتعاد الطبقة العاملة عن الواجبات و الأهداف الواقعة على عاتقها تأريخياً. إنَّ عملية حَل حَق التساوي بين القوميات , وعملية تحقيق هذا الحَق, عملية تكتيكية ثورية للطبقة العاملة والشيوعيين ضد الأهداف و الرغبات السياسية والإجتماعية والإقتصادية للدول الإمبريالية و الكبرى والبرجوازية و الرأسمالية المحلية. وفي الختام ينبغي لنا أنَّ ننهي بحثنا بإحدى مقولات ماركس وهي "كل أمة تضطهِد أمة أخرى, لايمكن أن تكون حُرّة ."
نجم الدين فارس 28-1-2018

المصادر:
(71)- لينين :مسئل السياسة القومية والاممية البروليتارية, دار التقدم, موسكو, 1969, ص174.
(72)- منصور حكمت: في الدفاع........,الى الأمام , العدد21,ص5 .(باللغة الكردية)
(73)- المصدر نفسه ,ص5.
(74)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص168-169.
(75)- منصور حكمت: المصدر السابق ذكره, ص5.
(76)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص92.

الرغبة القومية والمطلب الأوليكارشي
الجزء الثامن
عملية تحقيق المساواة في حقوق القوميات
هناك أراء ووجهات نظرمتباينة حول الحقوق المتساويةللقوميات.وهذه الأراء تتعلق بالمنزلة الإجتماعية والإقتصاديةومصالحهما المختلفة. لأن كل رأي ووجهة نظر نابع من مستوى صاحبه وتصنيفه الطبقي. ومن هذا الطريق يُحَدد كيفية الدفاع عن تلك الحقوق ويقوم بتجسيدها . فالماكسيون يختلفون كثيراً عن البورجوازيين والرأسماليين وأحزابهم في مواقفهم تجاه التساوي في حقوق القوميات وتعاملهم في تحقيق هذا التساوي. لأن حق المساوات بين القوميات عند الماركسين يعني التساوي بين افراد المجتمع جميعهم من كافة الأوجهه الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. وهذا الأمر إن لم يتحقق في مرحلة الدكتاتورية البروليتارية التي هي مرحلة انتقالية ينتقل المجتمع الرأسمالي فيها الى الإشتراكية والشيوعية العلمية. وفي هذه المرحلة- آي: مرحلة الإشتراكية و الشيوعية العلمية لايبقى اي وجود للمكّونات الدينية والإثنية والعرقية ولايقُومُ لها ايّ قائم. ويجرد الإنسان عن التباهي بالمكانة الإقتصادية والإجتماعية والقومية و الدينية والمذهبية ولون البشرة وضخامة الجسد وصغره . لأنَّ المكانة الإقتصادية و الملكية الخاصة والسيادة الطبقية منذ بداية وجودها هي المصدر الأساسي لإنتهاك حقوق الإنسان والإستغلاله وعدم التساوي بين أفراد الناس. وكذلك فإنّها المُصَمِمّة الأساسية للسلطات والصلاحيات المختلفة. إِنَّ السلطات المتباينة والمختلفة بين الدول والقوميات , تعني التمييز والفوارق و المعاداة ومحاولة مجموعة التسلط على مجموعة وقومية أخرى. وهذا هو الطبيعة الدائمة والمستمرة للسلطة الطبقية ونظامها, ومن أجل ذلك تسلك هذه السلطة جميع الطرق , ويخلق الفوارق الجندرية والتمييز القومي والمناطقي ولون البشرة , وصغر و ضغامة حجم النفوذ والسلطة, تقوم بإدامة نظامها الإقتصادي والسياسي والإجتماعي , وتَرتسخ دعائمه. و من ناحية أخرى فإنَّ وُجهة نظر برجوازي ورأسمالي القومية المتسلطة فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات سلبية تجاه الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية للطبقة نفسها للقومية الخاضعة تحت سيطرتها. لذا فهؤلاء حتى في تأسيس الدولة وانفصال القومية الواقعة تحت سيطرة وقبضة القومية المتسلطة, لايمنحون الحقوق المتساوية لأفراد قوميتهم, ولاينهون إضطهاد صاحب العمال وذوي النفوذ لكدح عمال وشغيلة قوميتهم. وهذه النظرة تفترق كثيراً عن النظرة الإشتراكية العلمية و الماركسية. فهما موقفان ونوعا تباين تجسيد حقوق تساوي القوميات. وهكذا فإنَّ هؤلاء في الدول الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية وديمقراطياتها يجدون أنفسهم في عملية نشوء الدولة القومية. ولايستطيعون بحسب ظروف وأحوال القومية التي تحدد من الناحية الجيوسياسية والجيوإقتصادية ونظام الإنتاج و القدرات العسكرية, أن يحققوا الحقوق المتساوية للقوميات. ولكون برجوازيي و رأسماليي كل قومية يجدون مصالحهم في المشكلات و النزاعات القائمة بين القوميات, أو في الاغلب وفي أوقات مختلفة يستفيدون من الصراعات التي تدور بين العمال بإسم للقوميات المختلفة. إنَّ البرجوازيين وأصحاب الأموال يحاولون دائماً مواصلة سيطرتهم على الطبقات الخاضعة لهم بتكديس أموالهم من قوة عمل العمال والكادحين واضطهاد محكوميهم حتى يؤمنوا لأنفسهم ولنظرائهم حياة سعيدة ويتمتعوا بعيش رغيد. وهكذا فإنَّ الدولة الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية و الدكتاتورية وديمقراطيتها, لاتستطيع أن تمنح الحقوق المتساوية للقوميات . إنَّ الدولة تعني سيطرة طبقة على طبقة أخُرى, وتعني التباين بين مصلحة المتسلط والراضخ, وتعني وجود الطبقات المتباينة. وبخلاف ذلك فإنَّ الإشتراكية و الشيوعية العلمية هي الضمانة الوحيدة للحصول على الحقوق المتساوية للقوميات. لأنها- آي الإشتراكية و الشيوعية العلمية- المصدر الأساسي للخلاص من الفروقات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والطبقية. ولأنَّ هذه الفروقات الطبقية في المجتمع هي مصدرومنشأ جميع انواع الإضتهاد بين بني البشر. إنَّ الجزء الكبير وجميع مشكلات المجتمع والفروقات على مستوى وجه الدنيا متعلق بوجود الطبقات. وتُعَدُّ المصالح الإقتصادية و الإجتماعية المختلفة , مصدر خلق المشكلات القومية والحروب الدموية الكبيرة, وتزرع الاحقاد و الضغائن بين الأقوام, وهذه الاوضاع و الظروف تُفيد المتسلطين من أصحاب الرأسمال , وهناك جزء آخر من الصراعات والنزاعات الدولية ترجع جذورها إلى الفروقات الطبقية. إذ تحدث الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية من أجل مصالحها ثغرات بين علاقات الدول وأقوامها.
إنَّ المصالح الإقتصادية والعلاقات القائمة بين الناس عامل مهم لتحديد الحقوق المتساوية للقوميات. وكما قال (لينين)لايجوز أنَّ لايؤخذ بنظر الاعتبار السبب الإقتصادي القوي في المسألة القومية لدى الماركسيين, لأنَّ الإشتراكية نضع يدها باكتظاظ على الجانب الإقتصادي . ولاتستطيع أنَّ لاتضع في نظر اعتبارها الجانب الإقتصادي في علاقات التساوي بين الناس. فالإشتراكية هي الجانب الئيس في تحديد الحقوق المتساوية للقوميات والطبقات, وفي الأصل فإنَّ القاعدة والأساس هنا عبارة عن الإنتاج وعملية التوزيع و الحقوق الإقتصادية الإشتراكية , وتكون على أساس تنظيم حُرّ ومُتساوٍ."وكذلك تستطيع الإنسانية أنَّ تقضي على الطبقات, وذلك بعد اجتيازها مرحلة انتقالية هي مرحلة ديكتاتورية الطبقة المُضطهَدة, وكذلك تستطيع الوصول إلى توحيد القوميات وذلك باجتيازها مرحلة انتقالية, هي مرحلة تحرر جميع القوميات المُضطهَدة بأكملها, أي: مرحلة تأخذ فيها حق الإنفصال."(71) إنَّ الظروف والأوضاع العملية التي يتطلع اليسار إليها في الإقليم وايران بتوجيه من غيرهم وبمعرفتهم, ليس تطلعهم إلاَّ التخلّي عن مُهمة وظيفية لابُدّ من الإقدام عليها من أجل القضاء على الفروقات القومية والاضطهاد القومي. فهؤلاء يبعدون انفسهم عن عملية ويتخلون عنها , كان المفروض القيام بها, فأفكار هؤلاء ومايذهبون إليه نابعة من الفكر الإشتراكي الليبرالي في أوروبا. وبناءً على ذلك فإنَّ هؤلاء من أهل اليسار إقاهم أصحاب نوع من عدم المعرفة وقد وضعواهذه المهمة على نحو مُربك ومُشوّش في خارطة عملهم, وإمّا يعيدون أنفسهم أصحاب القضية ويريدون عدم تنفيذها, أي أنّهم في كل الأحوال يتعاملون ديماغوجياً مع هذه القضية , لأنَّ جميع أعمالهم هذه لاتستطيع أنَّ تجيب عن أسئلة الشيوعيين العلميين عملياً فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات, لذا إنَّ توجهاتهم ترادف التوجهات السياسية لأوليكارشية أحزاب الأقليم.
إنَّ مامَرّ ذكره سبق أن ادّعاه اليسار الكوردستاني في العراق وايران في الماضي ومايزال يّدعيه اليوم ويفكربه حين يقول:( في الواقع العملي إنَّ السياسة التي ينتهجها يسار كوردستان العراق وايران لاتعني إدارة حركة ذي نهج مستقل. فهذا الشعار ينبغي أن يحتل زاوية من زوايا البديل العملي ل (حزب الشيوعي العمالي-ح.ك.ك-) وحركة الشورى في كوردستان العراق. إنَّ الإطار العملي لهذا الشعار في توقعاتنا و توجهاتنا(نظر الشيوعية العمالية) هو:أولاً: إنَّ الإستفتاء والرجوع الى آراء الناس يجب أن يكون باتفاق مع(مصدر أممي رسمي) حتى نحّقق نتائج الإستفتاء أكثر ولكن الى حَدّ تحقيق هذه العملية فالمفروض أن نطالب باستفتاء حُرّ من أجل تثبيت أوضاع كوردستان, ففي نظرنا(نظر الشيوعية العمالية) أنَّ إرادة الناس وإبداء أرائهم لها اعتبارات. ففي استفتاء كهذا يجب ندعو الى دولة مستقلة.(72) إنَّ توجهات وأنظار اليسار حول التطبيق العملي نوعان: أحدهما : التحدث عن التحرر الوطني واستقلال الرأسمالية الوطنية كما تدّعيه البرجوازية الوطنية. ويطالبون من البرجوازية المتسلطة والمُضطهِدة بعلاقات حَرّة وإطلاق الحريات السياسية والإقتصادية البرجوازية القومية. وهذه الفروقات تنتج العنجهية و المغالات في التعصب القومي, لأنَّ البرجوازية القومية تحصل على امتيازاتها من الفروق القومية والصراع القومي فتسعى إلى السيطرة على مصادر اقتصاد البلاده تحت اسم حماية البلاد والأمة ومصادرهما الإقتصادية و مواردهما الطبيعية, وبهذا فإنها تقوّي الفروقات القومية مع الآخرين وتعمقّها, وتحاول إيصال تلك الفروقات إلى حَدّ التعصب والكراهية وخلق روح الإنانية وعبادة النفس في صفوف العمال. أما الفروقات الآخرى فهي تخالف كثيراً الفروقات التي تدعو اليها البرجوازية, لذا ينبغي للعمال والشيوعيين أن تكون لديهم الرغبة في التزام الفروقات المغايرة لمايسلكه البرجوازيين والرأسماليين.
من تباين وفروق بين الكورد والقوميات الآخرى, ولكي نستطيع أنَّ نطوّر العلاقات الأممية بين العمال والشغيلة علينا تجسيدها في دستور العمل حتى نتمكن من القضاء على النزعات السياسية الشوفينية لدى العمال ويكون همهم الوحيد مساندة ومؤازرة رفاقهم في النضال من عمال وشغيلة القوميات الآخرى في التصدّي لأصحاب رؤوس الأموال. والوقوف معا ضّد سياسة البرجوازيين الليبراليين, وذلك في المناطق والبلدان التي
تسكنها القوميات المختلفة. فإذا وصلت علاقاتها إلى مستوى العنف و الاضطراب, فإنَّ التأريخ يسجل عملية انفصالها. وتأريخ العلاقات بين القوميات , ويُنتج انفصال بعضها عن بعض. إنَّ النصائح التي يقدمها يسار ايران ليسار كوردستان و العراق وقدمها سلفاً. ويدفع حركة الِورى في كوردستان( إن وجدت) إلى القيام بوضع حَدّ للأوضاع و الظروف الأتية. ويرى أنَّ إعادة كوردستان إلى العراق و ضّمه إليه من الواجبات العملية لتلك الحركة. إنَّ الوجه العملي لتلك التوجهات والأراء فيستند إلى نظرية تمتع الكورد بحق تقرير المصير أو البقاء ضمن عراق فدرالي متّحد – أي:إِنَّ ماسّموه بالفراغ السياسي و الإداري في الماضي وفي الحاضر وكانوا يُناقشون بسببها أوضاع و ظروف كوردستان والعراق والعلاقات بين القوميات والأديان والمذاهب المختلفة. فهؤلاء كانوا يحملون الافكار نفسها التي كان اليمينيون يعتقدون بها ، فكانوا بذلك الوجه الآخر لليسار، وكانوا مع هؤلاء متشابهين و متكافئين في الاعتقاد و المواقف. وبدائلهم كانوا يعتقدون بأفكار اليمينين نفسها و يتخذون مواقفهم انفسها. وهذه التوجهات و الافكار تتوافق مع مواقف و توجهات الاحزاب الكوردية و زعمائها ألاوليكارشيين ولا تعارض بينهما. ولم يستطع هؤلاء من مدّعي اليسار الخروج عن توجهات و أفكار الاحزاب الكوردية ألاوليكارشية الكاذبة و الخادعة. فجهة ترى في الاستفتاء الحَلّ و تقرير المصير، وجهة اخرى تعود الى المركز و ترى الحَلّ في ذلك. وبعضٌ من هذه الجهات لاتحم أفكاراً واضحة و صريحة فلا يستطيع أحد تحديد مواقفهم و اتجاهاتهم. وكذلك عندما يضع عملية عدم تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات على عاتق السياسة و أهداف الدول ألامبرياليه و العظى للتهرب من مسؤلية يجب عليه ألالتزام به من أجل إيجاد حق المساواة بين القوميات. وفي مسألة الاعتراف بانفصال عمال الكورد عن العمال العرب و الفرس و الترك وحتى في تأسيس دولتهم المستقلة نجد أن وجهات نظر اليمين و اليسار و مواقفهما مختلفتان باستثناء الدعوة الى تأسيس دولة مستقلة فهما متوافقان بصددها لكن بصورة غير منتظمة بغية إحداث تشتيت الفكر و إقلاق الراحة. ففيما يخص الدولة المستقلة فإنهم الآن يقولون كما إعتقدوا سابقاً أيضاً (إن شعارنا ليس تأسيس دوله كوردية وأن تكون للكورد دولة مستقلة ، فنحن نريد لتقرير مصير كوردستان حتى للاستقلال أن يُجرى إستفتاء شعبي بين سكان و قاطني كوردستان بغض النظر عن انتمائهم القومي).(73).
إنً يساريي إيران و العراق لايستطيعون إخفاء مواقفهم الكاذبة و شعاراتهم بين طيّات آرائهم و توجهاتهم المتضادة وأن يطبقوها على أرض الواقع. فشعاراتهم هذه ماتزال الشعارات الموضوعة على اللافتات و المكتوبة في بياناتهم. فهي لايتمكنون من القيام بحل المسألة القومية للكوردية بطريقة ثورية ويضمنوا بها حقوق المساواة بين القوميات. إن الواجب يفرض على ألاشتراكية المنتصرة إذا إكتسبت الديمقراطية الصحيحة ألا تكون جهودها مقصورة على تحقيق المساواة الكاملة بين القوميات، وإنما عليها القيام بإقرار حقوق ألامم المظلومة و المحرومة في تقرير مصيرها. اي: ان تكون حُرّةً في إختيارها الانفصال السياسي. وإذا لم تستطع ألاحزاب ألاشتراكية بكل أنشطتها الآن وفي حال قيام الثورة وبعد ألانتصار أن تثبت أنها تحرر ألامم المظلومة، وتقيم علاقات معها على أساس حرية التوحيد (مع معرفة أنَّ حرية التوحيد بمفردها شعار زائف دون حرية ألانفصال) وحينئذ تخون هذه ألاحزاب ألاشتراكية. ولاريب أنَّ الديمقراطية التي هي نوع من انواع الدولة قد تضمحل بإضمحلال الدولة فيكون الثبات و الرسوخ للشيوعية الكاملة بعد الانتقال من الاشتراكية الناجحة.(74).
وهذه المسألة تحتاج الى جواب وهو انَّ الشيوعيين إن لم يكونوا مهيمنين فتأسيس الدولة الكوردية و إنشاؤها الى الحصول على اجوبتهم. ولا يعني هذا أن تخلى الساحة للبرجوازيين و أصحاب رؤوس الاموال و أحزاب كوردستان الاخرى وأن يُرخى لهم العنان فيما يقومون به من القمع و الاضطهاد و نهب أموال و خيرات البلاد. وأن يُسلَّمَ المجتمع لمجموعة سياسية أوليكارشية تتصف بصفات عصابات الجريمة المنظمة و قطاع الطرق و القراصنة. فلليسار أحاديث و أقاويل باطلة لاطائل فيها، ولمصلحة شعاراته يقول (يجب أن يكون اليسار مندوباً عن حدوث المصير- ويقصد بذلك المأساة(التراجيديا)- فهذا الشعار يساند ادارة هذا الدور... وينير و يضيء الطرح الثالث لاستقلال نقطة غير معينة في اذهان أغلبية الناس. وهكذا فإن هذا الشعار فضلاً عن كونه عملياً او غير عملي دفع العمال و الكادحين الى ميادين العمل وجعلهم متفائلين بتمكنهم من تقرير مصيرهم بأنفسهم)(75). ولايجوز للشيوعية رفع شعار لايمكنهم تحقيقه، أو أنَّ تحقيقه يمنحنا نتاجاً برجوازياً، وبناء على ذلك لايجوز أن ترفع الشعارات من أجل تفاؤل العمال بأمنية لايمكن تحقيقها. أو صهرهم في بودقة الموهوبة وينبغي أن ترفع الشعارات من أجل توضيح العمل المطلوب منك في اليوم والوقت المحدد ويكون مناسباً للتطبيق. والشعار الذي يحتاج التأريخ إلى تطبيقة عمليا مهم جداً, وهومن جانب النضال الطبقي مفيد للواجب و العمل التأريخي للطبقة العاملة, ومعلوم أنَّ أحد الواجبات التأريخية للطبقة العاملة هو العمل من أجل تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات والأمم من أجل القضاء على الميول وألأفكار الشوفينية بين الأمم و الأقوام واجتثاث جذورها ورفع شأن آراء وأفكار الطبقة العاملة والكادحة للأمم والقوميات المختلفة وإعلائها. وهذه الجهود كلها لاتبذل من أجل إبعاد وتبديد المضايقات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية للطبقة البرجوازية في المناطق المختلفة.
ففي المناطق المختلفة وفي كل بلد ومنطقة كانت ساحة وميداناً لكفاح ونضال الطبقة العاملة والشيوعيين أصبحت المسألة القومية عائقة وعقبة أمام هذا النضال وحاولت كثيراً تمزيقهذا النضال و ارهاقه.وينبغي العمل وبذل الجهود من أجل " الاعتراف بحقوق الإنفصال للجميع واعلاء كل مسألة وقضية متعلقة بالإنفصال, من منظار يكون بعيداً عن التقصير في المساواة و التمييز الطبقي و التسلط."(76)
وهذه العملية محاولة لإزدهار وتطوير النضال الطبقي للطبقة العاملة, وتطبيقها مفيد ونافع لتأريخ نضال البروليتاريا ضد الرأسمالية ونظامها. فإذا صيغ من الناحية النظرية شعار ورفع هذا الشعار ولم يطبق على أرض الواقع, فإنَّ هذا يجعل الطبقة الثورية متردداً ومتشككاً في نضاله ويدفعها إلى تعليق آماله الثورية بمستقبل غير واضح. وينبغي أنَّ يكون شعار الدفاع عن حقوق المساواة بين القوميات أحد الشعارات الواضحة والصادقة لنضال الطبقة العاملة و الشيوعيين وذلك من أجل تحقيق الأهداف التأريخية الطبقية للطبقة الثورية في هذا العصر. لكن اليسار واليمين إلى حَدّ الأن يرفعان معاً شعاراً عمليا مضاداً وغير مناسب من أجل ماذكرنا.
فهما بذلك قد أبعدا العمال وطبقة البرولتاريا عن سياسة وأهداف التغيير العملي, ويحاولان إخراج هذه الطبقة عن طريقها الصحيح. باقتران أهدافها وسياستها بأهداف وسياسة الإشتراكيين الليبراليين والإشتراكيين الديمقراطيين والبرجوازية القومية. إنَّ الأخذ بيد الطبقة العاملة ودعوتها إلى المطالبة بتساوي الحقوق بين القوميات و الدعوة إلى تحقيق تلك المساواة, قد تحدد تأريخ تلك العلاقة التي تربط بين قوميتين أو أكثر مضطهدتين ومحرومتين من أبسط الحقوق. أي أنَّ تسلّط برجوازية قوميةما على عمال وكادحي وبرجوازية قومية أُخرى, يخلق الرغبة إلى التحرر و الإنفصال و الدعوة إليهما لدى أبناء القومية الخاضعة و المضطَهَدة. إنَّ تعطيل العمل بكل هدف من أهداف عملية النضال والكفاح له عواقب وخيمة وتترك آثاراً سيئة على هذه العملية كابتعاد الطبقة العاملة عن الواجبات و الأهداف الواقعة على عاتقها تأريخياً. إنَّ عملية حَل حَق التساوي بين القوميات , وعملية تحقيق هذا الحَق, عملية تكتيكية ثورية للطبقة العاملة والشيوعيين ضد الأهداف و الرغبات السياسية والإجتماعية والإقتصادية للدول الإمبريالية و الكبرى والبرجوازية و الرأسمالية المحلية. وفي الختام ينبغي لنا أنَّ ننهي بحثنا بإحدى مقولات ماركس وهي "كل أمة تضطهِد أمة أخرى, لايمكن أن تكون حُرّة ."
نجم الدين فارس 28-1-2018

المصادر:
(71)- لينين :مسئل السياسة القومية والاممية البروليتارية, دار التقدم, موسكو, 1969, ص174.
(72)- منصور حكمت: في الدفاع........,الى الأمام , العدد21,ص5 .(باللغة الكردية)
(73)- المصدر نفسه ,ص5.
(74)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص168-169.
(75)- منصور حكمت: المصدر السابق ذكره, ص5.
(76)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص92.


هناك أراء ووجهات نظرمتباينة حول الحقوق المتساويةللقوميات.وهذه الأراء تتعلق بالمنزلة الإجتماعية والإقتصاديةومصالحهما المختلفة. لأن كل رأي ووجهة نظر نابع من مستوى صاحبه وتصنيفه الطبقي. ومن هذا الطريق يُحَدد كيفية الدفاع عن تلك الحقوق ويقوم بتجسيدها . فالماكسيون يختلفون كثيراً عن البورجوازيين والرأسماليين وأحزابهم في مواقفهم تجاه التساوي في حقوق القوميات وتعاملهم في تحقيق هذا التساوي. لأن حق المساوات بين القوميات عند الماركسين يعني التساوي بين افراد المجتمع جميعهم من كافة الأوجهه الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. وهذا الأمر إن لم يتحقق في مرحلة الدكتاتورية البروليتارية التي هي مرحلة انتقالية ينتقل المجتمع الرأسمالي فيها الى الإشتراكية والشيوعية العلمية. وفي هذه المرحلة- آي: مرحلة الإشتراكية و الشيوعية العلمية لايبقى اي وجود للمكّونات الدينية والإثنية والعرقية ولايقُومُ لها ايّ قائم. ويجرد الإنسان عن التباهي بالمكانة الإقتصادية والإجتماعية والقومية و الدينية والمذهبية ولون البشرة وضخامة الجسد وصغره . لأنَّ المكانة الإقتصادية و الملكية الخاصة والسيادة الطبقية منذ بداية وجودها هي المصدر الأساسي لإنتهاك حقوق الإنسان والإستغلاله وعدم التساوي بين أفراد الناس. وكذلك فإنّها المُصَمِمّة الأساسية للسلطات والصلاحيات المختلفة. إِنَّ السلطات المتباينة والمختلفة بين الدول والقوميات , تعني التمييز والفوارق و المعاداة ومحاولة مجموعة التسلط على مجموعة وقومية أخرى. وهذا هو الطبيعة الدائمة والمستمرة للسلطة الطبقية ونظامها, ومن أجل ذلك تسلك هذه السلطة جميع الطرق , ويخلق الفوارق الجندرية والتمييز القومي والمناطقي ولون البشرة , وصغر و ضغامة حجم النفوذ والسلطة, تقوم بإدامة نظامها الإقتصادي والسياسي والإجتماعي , وتَرتسخ دعائمه. و من ناحية أخرى فإنَّ وُجهة نظر برجوازي ورأسمالي القومية المتسلطة فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات سلبية تجاه الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية للطبقة نفسها للقومية الخاضعة تحت سيطرتها. لذا فهؤلاء حتى في تأسيس الدولة وانفصال القومية الواقعة تحت سيطرة وقبضة القومية المتسلطة, لايمنحون الحقوق المتساوية لأفراد قوميتهم, ولاينهون إضطهاد صاحب العمال وذوي النفوذ لكدح عمال وشغيلة قوميتهم. وهذه النظرة تفترق كثيراً عن النظرة الإشتراكية العلمية و الماركسية. فهما موقفان ونوعا تباين تجسيد حقوق تساوي القوميات. وهكذا فإنَّ هؤلاء في الدول الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية وديمقراطياتها يجدون أنفسهم في عملية نشوء الدولة القومية. ولايستطيعون بحسب ظروف وأحوال القومية التي تحدد من الناحية الجيوسياسية والجيوإقتصادية ونظام الإنتاج و القدرات العسكرية, أن يحققوا الحقوق المتساوية للقوميات. ولكون برجوازيي و رأسماليي كل قومية يجدون مصالحهم في المشكلات و النزاعات القائمة بين القوميات, أو في الاغلب وفي أوقات مختلفة يستفيدون من الصراعات التي تدور بين العمال بإسم للقوميات المختلفة. إنَّ البرجوازيين وأصحاب الأموال يحاولون دائماً مواصلة سيطرتهم على الطبقات الخاضعة لهم بتكديس أموالهم من قوة عمل العمال والكادحين واضطهاد محكوميهم حتى يؤمنوا لأنفسهم ولنظرائهم حياة سعيدة ويتمتعوا بعيش رغيد. وهكذا فإنَّ الدولة الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية و الدكتاتورية وديمقراطيتها, لاتستطيع أن تمنح الحقوق المتساوية للقوميات . إنَّ الدولة تعني سيطرة طبقة على طبقة أخُرى, وتعني التباين بين مصلحة المتسلط والراضخ, وتعني وجود الطبقات المتباينة. وبخلاف ذلك فإنَّ الإشتراكية و الشيوعية العلمية هي الضمانة الوحيدة للحصول على الحقوق المتساوية للقوميات. لأنها- آي الإشتراكية و الشيوعية العلمية- المصدر الأساسي للخلاص من الفروقات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والطبقية. ولأنَّ هذه الفروقات الطبقية في المجتمع هي مصدرومنشأ جميع انواع الإضتهاد بين بني البشر. إنَّ الجزء الكبير وجميع مشكلات المجتمع والفروقات على مستوى وجه الدنيا متعلق بوجود الطبقات. وتُعَدُّ المصالح الإقتصادية و الإجتماعية المختلفة , مصدر خلق المشكلات القومية والحروب الدموية الكبيرة, وتزرع الاحقاد و الضغائن بين الأقوام, وهذه الاوضاع و الظروف تُفيد المتسلطين من أصحاب الرأسمال , وهناك جزء آخر من الصراعات والنزاعات الدولية ترجع جذورها إلى الفروقات الطبقية. إذ تحدث الرأسمالية و البرجوازية الليبرالية من أجل مصالحها ثغرات بين علاقات الدول وأقوامها.
إنَّ المصالح الإقتصادية والعلاقات القائمة بين الناس عامل مهم لتحديد الحقوق المتساوية للقوميات. وكما قال (لينين)لايجوز أنَّ لايؤخذ بنظر الاعتبار السبب الإقتصادي القوي في المسألة القومية لدى الماركسيين, لأنَّ الإشتراكية نضع يدها باكتظاظ على الجانب الإقتصادي . ولاتستطيع أنَّ لاتضع في نظر اعتبارها الجانب الإقتصادي في علاقات التساوي بين الناس. فالإشتراكية هي الجانب الئيس في تحديد الحقوق المتساوية للقوميات والطبقات, وفي الأصل فإنَّ القاعدة والأساس هنا عبارة عن الإنتاج وعملية التوزيع و الحقوق الإقتصادية الإشتراكية , وتكون على أساس تنظيم حُرّ ومُتساوٍ."وكذلك تستطيع الإنسانية أنَّ تقضي على الطبقات, وذلك بعد اجتيازها مرحلة انتقالية هي مرحلة ديكتاتورية الطبقة المُضطهَدة, وكذلك تستطيع الوصول إلى توحيد القوميات وذلك باجتيازها مرحلة انتقالية, هي مرحلة تحرر جميع القوميات المُضطهَدة بأكملها, أي: مرحلة تأخذ فيها حق الإنفصال."(71) إنَّ الظروف والأوضاع العملية التي يتطلع اليسار إليها في الإقليم وايران بتوجيه من غيرهم وبمعرفتهم, ليس تطلعهم إلاَّ التخلّي عن مُهمة وظيفية لابُدّ من الإقدام عليها من أجل القضاء على الفروقات القومية والاضطهاد القومي. فهؤلاء يبعدون انفسهم عن عملية ويتخلون عنها , كان المفروض القيام بها, فأفكار هؤلاء ومايذهبون إليه نابعة من الفكر الإشتراكي الليبرالي في أوروبا. وبناءً على ذلك فإنَّ هؤلاء من أهل اليسار إقاهم أصحاب نوع من عدم المعرفة وقد وضعواهذه المهمة على نحو مُربك ومُشوّش في خارطة عملهم, وإمّا يعيدون أنفسهم أصحاب القضية ويريدون عدم تنفيذها, أي أنّهم في كل الأحوال يتعاملون ديماغوجياً مع هذه القضية , لأنَّ جميع أعمالهم هذه لاتستطيع أنَّ تجيب عن أسئلة الشيوعيين العلميين عملياً فيما يخص الحقوق المتساوية للقوميات, لذا إنَّ توجهاتهم ترادف التوجهات السياسية لأوليكارشية أحزاب الأقليم.
إنَّ مامَرّ ذكره سبق أن ادّعاه اليسار الكوردستاني في العراق وايران في الماضي ومايزال يّدعيه اليوم ويفكربه حين يقول:( في الواقع العملي إنَّ السياسة التي ينتهجها يسار كوردستان العراق وايران لاتعني إدارة حركة ذي نهج مستقل. فهذا الشعار ينبغي أن يحتل زاوية من زوايا البديل العملي ل (حزب الشيوعي العمالي-ح.ك.ك-) وحركة الشورى في كوردستان العراق. إنَّ الإطار العملي لهذا الشعار في توقعاتنا و توجهاتنا(نظر الشيوعية العمالية) هو:أولاً: إنَّ الإستفتاء والرجوع الى آراء الناس يجب أن يكون باتفاق مع(مصدر أممي رسمي) حتى نحّقق نتائج الإستفتاء أكثر ولكن الى حَدّ تحقيق هذه العملية فالمفروض أن نطالب باستفتاء حُرّ من أجل تثبيت أوضاع كوردستان, ففي نظرنا(نظر الشيوعية العمالية) أنَّ إرادة الناس وإبداء أرائهم لها اعتبارات. ففي استفتاء كهذا يجب ندعو الى دولة مستقلة.(72) إنَّ توجهات وأنظار اليسار حول التطبيق العملي نوعان: أحدهما : التحدث عن التحرر الوطني واستقلال الرأسمالية الوطنية كما تدّعيه البرجوازية الوطنية. ويطالبون من البرجوازية المتسلطة والمُضطهِدة بعلاقات حَرّة وإطلاق الحريات السياسية والإقتصادية البرجوازية القومية. وهذه الفروقات تنتج العنجهية و المغالات في التعصب القومي, لأنَّ البرجوازية القومية تحصل على امتيازاتها من الفروق القومية والصراع القومي فتسعى إلى السيطرة على مصادر اقتصاد البلاده تحت اسم حماية البلاد والأمة ومصادرهما الإقتصادية و مواردهما الطبيعية, وبهذا فإنها تقوّي الفروقات القومية مع الآخرين وتعمقّها, وتحاول إيصال تلك الفروقات إلى حَدّ التعصب والكراهية وخلق روح الإنانية وعبادة النفس في صفوف العمال. أما الفروقات الآخرى فهي تخالف كثيراً الفروقات التي تدعو اليها البرجوازية, لذا ينبغي للعمال والشيوعيين أن تكون لديهم الرغبة في التزام الفروقات المغايرة لمايسلكه البرجوازيين والرأسماليين.
من تباين وفروق بين الكورد والقوميات الآخرى, ولكي نستطيع أنَّ نطوّر العلاقات الأممية بين العمال والشغيلة علينا تجسيدها في دستور العمل حتى نتمكن من القضاء على النزعات السياسية الشوفينية لدى العمال ويكون همهم الوحيد مساندة ومؤازرة رفاقهم في النضال من عمال وشغيلة القوميات الآخرى في التصدّي لأصحاب رؤوس الأموال. والوقوف معا ضّد سياسة البرجوازيين الليبراليين, وذلك في المناطق والبلدان التي
تسكنها القوميات المختلفة. فإذا وصلت علاقاتها إلى مستوى العنف و الاضطراب, فإنَّ التأريخ يسجل عملية انفصالها. وتأريخ العلاقات بين القوميات , ويُنتج انفصال بعضها عن بعض. إنَّ النصائح التي يقدمها يسار ايران ليسار كوردستان و العراق وقدمها سلفاً. ويدفع حركة الِورى في كوردستان( إن وجدت) إلى القيام بوضع حَدّ للأوضاع و الظروف الأتية. ويرى أنَّ إعادة كوردستان إلى العراق و ضّمه إليه من الواجبات العملية لتلك الحركة. إنَّ الوجه العملي لتلك التوجهات والأراء فيستند إلى نظرية تمتع الكورد بحق تقرير المصير أو البقاء ضمن عراق فدرالي متّحد – أي:إِنَّ ماسّموه بالفراغ السياسي و الإداري في الماضي وفي الحاضر وكانوا يُناقشون بسببها أوضاع و ظروف كوردستان والعراق والعلاقات بين القوميات والأديان والمذاهب المختلفة. فهؤلاء كانوا يحملون الافكار نفسها التي كان اليمينيون يعتقدون بها ، فكانوا بذلك الوجه الآخر لليسار، وكانوا مع هؤلاء متشابهين و متكافئين في الاعتقاد و المواقف. وبدائلهم كانوا يعتقدون بأفكار اليمينين نفسها و يتخذون مواقفهم انفسها. وهذه التوجهات و الافكار تتوافق مع مواقف و توجهات الاحزاب الكوردية و زعمائها ألاوليكارشيين ولا تعارض بينهما. ولم يستطع هؤلاء من مدّعي اليسار الخروج عن توجهات و أفكار الاحزاب الكوردية ألاوليكارشية الكاذبة و الخادعة. فجهة ترى في الاستفتاء الحَلّ و تقرير المصير، وجهة اخرى تعود الى المركز و ترى الحَلّ في ذلك. وبعضٌ من هذه الجهات لاتحم أفكاراً واضحة و صريحة فلا يستطيع أحد تحديد مواقفهم و اتجاهاتهم. وكذلك عندما يضع عملية عدم تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات على عاتق السياسة و أهداف الدول ألامبرياليه و العظى للتهرب من مسؤلية يجب عليه ألالتزام به من أجل إيجاد حق المساواة بين القوميات. وفي مسألة الاعتراف بانفصال عمال الكورد عن العمال العرب و الفرس و الترك وحتى في تأسيس دولتهم المستقلة نجد أن وجهات نظر اليمين و اليسار و مواقفهما مختلفتان باستثناء الدعوة الى تأسيس دولة مستقلة فهما متوافقان بصددها لكن بصورة غير منتظمة بغية إحداث تشتيت الفكر و إقلاق الراحة. ففيما يخص الدولة المستقلة فإنهم الآن يقولون كما إعتقدوا سابقاً أيضاً (إن شعارنا ليس تأسيس دوله كوردية وأن تكون للكورد دولة مستقلة ، فنحن نريد لتقرير مصير كوردستان حتى للاستقلال أن يُجرى إستفتاء شعبي بين سكان و قاطني كوردستان بغض النظر عن انتمائهم القومي).(73).
إنً يساريي إيران و العراق لايستطيعون إخفاء مواقفهم الكاذبة و شعاراتهم بين طيّات آرائهم و توجهاتهم المتضادة وأن يطبقوها على أرض الواقع. فشعاراتهم هذه ماتزال الشعارات الموضوعة على اللافتات و المكتوبة في بياناتهم. فهي لايتمكنون من القيام بحل المسألة القومية للكوردية بطريقة ثورية ويضمنوا بها حقوق المساواة بين القوميات. إن الواجب يفرض على ألاشتراكية المنتصرة إذا إكتسبت الديمقراطية الصحيحة ألا تكون جهودها مقصورة على تحقيق المساواة الكاملة بين القوميات، وإنما عليها القيام بإقرار حقوق ألامم المظلومة و المحرومة في تقرير مصيرها. اي: ان تكون حُرّةً في إختيارها الانفصال السياسي. وإذا لم تستطع ألاحزاب ألاشتراكية بكل أنشطتها الآن وفي حال قيام الثورة وبعد ألانتصار أن تثبت أنها تحرر ألامم المظلومة، وتقيم علاقات معها على أساس حرية التوحيد (مع معرفة أنَّ حرية التوحيد بمفردها شعار زائف دون حرية ألانفصال) وحينئذ تخون هذه ألاحزاب ألاشتراكية. ولاريب أنَّ الديمقراطية التي هي نوع من انواع الدولة قد تضمحل بإضمحلال الدولة فيكون الثبات و الرسوخ للشيوعية الكاملة بعد الانتقال من الاشتراكية الناجحة.(74).
وهذه المسألة تحتاج الى جواب وهو انَّ الشيوعيين إن لم يكونوا مهيمنين فتأسيس الدولة الكوردية و إنشاؤها الى الحصول على اجوبتهم. ولا يعني هذا أن تخلى الساحة للبرجوازيين و أصحاب رؤوس الاموال و أحزاب كوردستان الاخرى وأن يُرخى لهم العنان فيما يقومون به من القمع و الاضطهاد و نهب أموال و خيرات البلاد. وأن يُسلَّمَ المجتمع لمجموعة سياسية أوليكارشية تتصف بصفات عصابات الجريمة المنظمة و قطاع الطرق و القراصنة. فلليسار أحاديث و أقاويل باطلة لاطائل فيها، ولمصلحة شعاراته يقول (يجب أن يكون اليسار مندوباً عن حدوث المصير- ويقصد بذلك المأساة(التراجيديا)- فهذا الشعار يساند ادارة هذا الدور... وينير و يضيء الطرح الثالث لاستقلال نقطة غير معينة في اذهان أغلبية الناس. وهكذا فإن هذا الشعار فضلاً عن كونه عملياً او غير عملي دفع العمال و الكادحين الى ميادين العمل وجعلهم متفائلين بتمكنهم من تقرير مصيرهم بأنفسهم)(75). ولايجوز للشيوعية رفع شعار لايمكنهم تحقيقه، أو أنَّ تحقيقه يمنحنا نتاجاً برجوازياً، وبناء على ذلك لايجوز أن ترفع الشعارات من أجل تفاؤل العمال بأمنية لايمكن تحقيقها. أو صهرهم في بودقة الموهوبة وينبغي أن ترفع الشعارات من أجل توضيح العمل المطلوب منك في اليوم والوقت المحدد ويكون مناسباً للتطبيق. والشعار الذي يحتاج التأريخ إلى تطبيقة عمليا مهم جداً, وهومن جانب النضال الطبقي مفيد للواجب و العمل التأريخي للطبقة العاملة, ومعلوم أنَّ أحد الواجبات التأريخية للطبقة العاملة هو العمل من أجل تحقيق الحقوق المتساوية للقوميات والأمم من أجل القضاء على الميول وألأفكار الشوفينية بين الأمم و الأقوام واجتثاث جذورها ورفع شأن آراء وأفكار الطبقة العاملة والكادحة للأمم والقوميات المختلفة وإعلائها. وهذه الجهود كلها لاتبذل من أجل إبعاد وتبديد المضايقات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية للطبقة البرجوازية في المناطق المختلفة.
ففي المناطق المختلفة وفي كل بلد ومنطقة كانت ساحة وميداناً لكفاح ونضال الطبقة العاملة والشيوعيين أصبحت المسألة القومية عائقة وعقبة أمام هذا النضال وحاولت كثيراً تمزيقهذا النضال و ارهاقه.وينبغي العمل وبذل الجهود من أجل " الاعتراف بحقوق الإنفصال للجميع واعلاء كل مسألة وقضية متعلقة بالإنفصال, من منظار يكون بعيداً عن التقصير في المساواة و التمييز الطبقي و التسلط."(76)
وهذه العملية محاولة لإزدهار وتطوير النضال الطبقي للطبقة العاملة, وتطبيقها مفيد ونافع لتأريخ نضال البروليتاريا ضد الرأسمالية ونظامها. فإذا صيغ من الناحية النظرية شعار ورفع هذا الشعار ولم يطبق على أرض الواقع, فإنَّ هذا يجعل الطبقة الثورية متردداً ومتشككاً في نضاله ويدفعها إلى تعليق آماله الثورية بمستقبل غير واضح. وينبغي أنَّ يكون شعار الدفاع عن حقوق المساواة بين القوميات أحد الشعارات الواضحة والصادقة لنضال الطبقة العاملة و الشيوعيين وذلك من أجل تحقيق الأهداف التأريخية الطبقية للطبقة الثورية في هذا العصر. لكن اليسار واليمين إلى حَدّ الأن يرفعان معاً شعاراً عمليا مضاداً وغير مناسب من أجل ماذكرنا.
فهما بذلك قد أبعدا العمال وطبقة البرولتاريا عن سياسة وأهداف التغيير العملي, ويحاولان إخراج هذه الطبقة عن طريقها الصحيح. باقتران أهدافها وسياستها بأهداف وسياسة الإشتراكيين الليبراليين والإشتراكيين الديمقراطيين والبرجوازية القومية. إنَّ الأخذ بيد الطبقة العاملة ودعوتها إلى المطالبة بتساوي الحقوق بين القوميات و الدعوة إلى تحقيق تلك المساواة, قد تحدد تأريخ تلك العلاقة التي تربط بين قوميتين أو أكثر مضطهدتين ومحرومتين من أبسط الحقوق. أي أنَّ تسلّط برجوازية قوميةما على عمال وكادحي وبرجوازية قومية أُخرى, يخلق الرغبة إلى التحرر و الإنفصال و الدعوة إليهما لدى أبناء القومية الخاضعة و المضطَهَدة. إنَّ تعطيل العمل بكل هدف من أهداف عملية النضال والكفاح له عواقب وخيمة وتترك آثاراً سيئة على هذه العملية كابتعاد الطبقة العاملة عن الواجبات و الأهداف الواقعة على عاتقها تأريخياً. إنَّ عملية حَل حَق التساوي بين القوميات , وعملية تحقيق هذا الحَق, عملية تكتيكية ثورية للطبقة العاملة والشيوعيين ضد الأهداف و الرغبات السياسية والإجتماعية والإقتصادية للدول الإمبريالية و الكبرى والبرجوازية و الرأسمالية المحلية. وفي الختام ينبغي لنا أنَّ ننهي بحثنا بإحدى مقولات ماركس وهي "كل أمة تضطهِد أمة أخرى, لايمكن أن تكون حُرّة ."
28-1-2018

المصادر:
(71)- لينين :مسئل السياسة القومية والاممية البروليتارية, دار التقدم, موسكو, 1969, ص174.
(72)- منصور حكمت: في الدفاع........,الى الأمام , العدد21,ص5 .(باللغة الكردية)
(73)- المصدر نفسه ,ص5.
(74)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص168-169.
(75)- منصور حكمت: المصدر السابق ذكره, ص5.
(76)- لينين :المصدر السابق ذكره, ص92.