هل يتعرض راشد الغنوشى لمحاكمة سياسية ؟
أحمد الحباسى
2023 / 6 / 17 - 17:19
هل يتعرض راشد الغنوشى لمحاكمة سياسية ؟ بقلم أحمدالحباسى كاتب و ناشط سياسي .
ما تعج به الساحة السياسية حاليا من هرج و مرج مقصود و مخطط له بعناية في الغرف المظلمة لبعض أجهزة المخابرات العربية و الغربية المتآمرة على تونس ، ما تبثّه قنوات معروفة مثل " الجزيرة " و " فرنسا الدولية و " الحرّة " هو نتاج لما يتسرب عن هذه المخابرات من معلومات تضليلية مختلفة المآرب و الاتجاهات لتمرير الأجندات السياسية و تشويش الرأي العام و دفعه إلى الاعتقاد بكون الأشخاص المعتقلين و التابعين لبعض الأحزاب مثل راشد الغنوشى و جور بن مبارك و غازي الشواشى و على لعريض و نورالدين البحيرى على سبيل الذكر لا الحصر هم من المعارضين و أنهم يتعرضون للتنكيل بهم فقط و لا غير إلا لكونهم معارضين "لانقلاب " الرئيس قيس سعيد و أن هذه المحاكمات مسيّسة و تتمّ بواسطة الجهاز القضائي للرئيس . لعلّه من الغباء السياسي و الفكري أن نقبل بأن هؤلاء الموقوفين على ذمة قضايا أمن دولة و قضايا حق عام تنطبق عليهم صفة المعارضين السياسيين أو لعلّه من الجبن أن لا نجاهر بأن محاكمة هؤلاء المشتبه بهم قد طالت و تأخرت حتى فقد الكثيرون الثقة في العدالة .
لنتذكر مثلا أن من ذكرتهم بالاسم قد كانوا إلى حين صعود الرئيس قيس سعيد جزءا من الحكم بحيث لا تنطبق عليهم صفة المعارضين حتى بالحدّ الأدنى المطلوب و إلى ساعات قليلة قبل تغيّر موقف الرئيس و انقلابه على الدستور و استفراده بالحكم كانوا جزءا من المنظومة و مما يسمى بحكومات الثورة بل لنذكر البعض أن السيد راشد الغنوشى لا يزال يتحرك تحت الحماية و المرافقة الأمنية بصفته رئيس مجلس النواب المجمّد . من المغالطات الكبرى أن تتحدث قنوات التضليل المذكورة على أن إيقاف هؤلاء المشتبه بهم تتم على خلفية آرائهم السياسية و خلفياتهم الإيديولوجية و نقدهم للنظام الحاكم فهذه أيضا كذبة مفضوحة لان أقصى ما عرف على هؤلاء هو ولائهم للخارج و طمعهم في السلطة و كونهم قد كانوا جزءا من منظومة الإرهاب و الفساد و خدمة لوبيات التهريب . من المغالطات الكبرى أيضا توصيف حركة النهضة بكونها حزب سياسي من الأساس فالجميع على علم أنها مجرد تنظيم و ميليشيا أفكار متطرفة تابعة لتنظيم الإخوان المسلمين في العالم غير قابلة بالديمقراطية و بمفهوم الدولة و بالتداول السلمي على السلطة عبر الانتخابات النزيهة .
تريد وسائل إعلام التضليل أن نصل إلى قناعة راسخة بأن محاكمة هؤلاء المشتبه بهم و الذين نعلم ما ارتكبوه من جرائم و خيانة للوطن ستزيد من شعبيتهم و الحال أن كل المؤشرات تؤكد العكس إلى حد الآن بسبب حالة النفور و التقزز التي يحملها المواطن بعد أن عاين طيلة أكثر من عشرية من الزمن كيفية استغلالهم لمناصبهم للسطو على ثروات البلاد و بيع خيراتها و مصالحها لدول متآمرة مثل تركيا و قطر. مغالطات أخرى تبثها بعض الدكاكين الناعقة التي تزعم صلتها بالدفاع عن حرية الرأي و الحال أنها دكاكين تمولها المخابرات الأمريكية للقيام بأدوار معينة تخدم مصالحها أو مصالح إسرائيل في المنطقة العربية و ذلك بواسطة كوادر يتم تدريبهم للغرض في عديد دول أوروبا الشرقية من باب التضليل و التخفي . لنتساءل هل خرجت مظاهرات الدعم و الاستنكار حين تم إسقاط السيد راشد الغنوشى من سدة مجلس النواب أو حين اقتيد للتحقيق أو حين تم إيداعه السجن ؟ هل خرجت الآلاف لتساند بقية الموقوفين و هل ضغطت قطر و تركيا و فرنسا لإنقاذ الموقوفين ؟ هل استطاع إعلام الشفط و التضليل وقف المحاكمات ؟.
بالمحصلة ما يحدث هي محاكمة قضائية عادية لمجرمين قطاع خاص ارتكبوا كل الجرائم المخلة بالشرف و التي تجعلهم في مرتبة دنيا بحيث لن ينظر إليهم لا بعين الاحترام و لا بالتقدير والجهات الوحيدة التي ربما ستقدر خدماتهم و عمالتهم هي أجهزة مخابرات دولية متآمرة على تونس . ربما لا ينام الشيخ راشد الغنوشى في زنزانته دون أن تعود به الذاكرة إلى أيام ممارسة الإرهاب و رعاية أبناءه القتلة الذين يذكرونه في شبابه و مساندات ميليشيات الغدر و السحل الداعشية التي اعتبرها ممثلة لما سماه بالإسلام الغاضب ، سيتذكر شيخ الفتنة من أمر بقتلهم لمجرد أنهم يدافعون عن وطن لا يراه هذا الشيخ إلا سكنا لا وطن . ستخترق دموع عائلات الضحايا جدران الصوت لتجعل من ليل عمامة الشر كوابيسا مرهقة لأعصابه التالفة و سيتقن الرجل يوما بعد يوما أنه لا يتمتع بأية شعبية و لا يذكر له أحد جميلا و أن ما يحمله الناس له من ضغينة و نفور لا يقاس و أنه قد أضاع سنوات عمره في بناء قصور من الرمال هدمتها دموع و آهات من كان وراء ذبح أبناءهم دون أن يرفّ له جفن . لقد انتهى بالنسبة لهؤلاء الموقوفين زمن الإنكار و جاء زمن الحقيقة .