الحرص على وطننا ولا ندع الناس تفقد الأمل في التغيير الشامل .
صادق محمد عبدالكريم الدبش
2022 / 8 / 7 - 07:35
لنحرص على وطننا ولا ندع الناس تفقد الأمل في التغيير الشامل .
سنوات يطويها العمر ونكاد نعدها عقود وربما قرون ، لثقلها وشدتها وحجم ألامها وبؤسها .
الشقاء الذي يعيشه شعبنا من النصف الثاني من القرن العشرين والعقدين الأخيرين من القرن الحادي والعشرين فهو كبير وكبير جدا .
رغم الجوع والحرب والحصار والاحتلال ، الذي عاشه شعبنا في هذه الفترة المظلمة ، لكنه أثبت بأنه شعب حي ، وصبور على الأهوال والظلم والجور والإرهاب والتشرد والقمع والدكتاتورية !..
رغم ذلك بقي العراقيون والعراقيات واقفون على أقدامهم بشجاعة قل نظيرها ، وواجهوا واقعهم المرير بشجاعة ولم يسقطوا . وما زالوا كذلك !..
رغم غياب أغلب مقومات الحد الأدنى للحياة في العراق ، من خدمات وصحة وتعليم وطرق وصناعة وزراعة ، وغياب الأمن وشيوع الجريمة والمخدرات والعصابات الخارجة عن القانون والميليشيات التابعة لأحزاب السلطة الحاكمة ، وتغييب للعدالة والمساواة .
هناك اليوم أكثر من عشرة ملايين عاطل ومشرد وبائس وأرملة وثكلى ومطلقة ، ناهيكم عن أصحابي الاحتياجات الخاصة ، والبطالة المقنعة ، والدولة العميقة التي ابتلعت الدولة ومؤسساتها ، بل غيبتها بشكل شبه كامل !..
انعكس هذا الواقع بشكل مريع وصادم على حياة المجتمع العراقي وخاصة الطبقات والشرائح الدنيا في المجتمع .
رغم هذه الصورة المحزنة ، والظلام والبؤس الذي يخيم على العراق من أكثر من عشرين سنة ، من فقدان الأمل والقدرة على تحسين الوضع المعاشي والخدمي في العراق ، ليستعيد العراق توازنه وتعود الحياة لطبيعتها حتى بحدودها الدنيا ، وتبدأ العجلة بالدوران مرة أخرى .
معلوم بأن الصعاب وعسر الحياة والشقاء والبؤس والفقر والظلم ، يدفع الناس ويحرك الساكن للبحث عن مخارج وسبل ، واستعادة المبادرة وخلق البدائل لانتشال العراق من أزماته واستعادة توازنه وألقه .
ونتيجة الوعي المتنامي بين صفوف الكثير من الشرائح الاجتماعية المثقفة ، والشبيبة التي تسعى لتحقيق تطلعاتها في الحياة الكريمة والمستقبل الأفضل ، فبادرت هذه الشبيبة من خلال تبني الدفاع عن مصالحهم ومصالح السواد الأعظم من الناس ، ولتحقيق طموح شعبنا في الحرية والرخاء والهناء والسعادة .
نهضت الملايين باحتجاجات واعتصامات واضرابات كبيرة واستمرت في سنوات 2010 و2015 و2018 و انتفاضة تشرين الجبارة ، مطالبين بالتغيير الجذري والشامل ، ومحاربة الفساد والطائفية السياسية والأثنية ، ومغادرة المحاصصة التي ألحقت أفدح الأضرار بالشعب والوطن ، وقدمت نتيجة ذلك الألاف من المصابين والضحايا للوقوف بوجه الفاسدين وخونة الشعب وسراق نعمه وثرواته وسعادته ، وفي سبيل استعادتها من الفاسدين والسراق والجهلة والطفيليين وسماسرة السياسة من النفعيين والوعاظ .
خلال العشرين سنة الماضية ، ورغم كل المطالبات وحجم التضحيات التي قدمها شعبنا وجماهيره المنتفضة ، المطالبة في التغيير الشامل ، واستتباب الأمن والسلام ، وبالحد الأدنى من الحياة الرخية السعيدة ، والضغط على المتنفذين الفاسدين بمغادرة السلطة طوعا أو كرها ، وكفاكم نهب وإرهاب وفساد، لنعيد بناء دولة المواطنة ، دولة التعايش والمحبة والسلام ، وتحقيق العدالة والمساواة والأمن والرخاء .
رغم ذلك تصر هذه القوى الفاسدة ، المشكوك بولائها وبانتمائها الوطني وعدائها للوطن وللمواطن وللعراق ، بوعي كان ذلك أم أنهم لا يعلمون ، تسوقهم مصالحهم الأنانية الضيقة .
تاجروا بالوطن والمواطن وبالدم العراقي ، في سبيل تحقيق أكبر قدر ممكن من المغانم والسيطرة والهيمنة على مقدرات البلاد .
عشرة أشهر مضت على انتخابات تشرين 2021 م ، وما زلنا ندور في نفس الدائرة المغلقة بفضل نهجهم ومصالحهم الضيقة ، خارقين الدستور والقانون ، والتوقيتات الدستورية والقانونية ، ومنع تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس الجمهورية ، وتعطيل عمل المؤسسات للدولة والمجتمع .
الجميع يحاج الجميع والاتهامات المتبادلة بخرق الدستور والتوقيتات الدستورية ، والتغني بالوطنية والمواطنة وادعائهم بالحرص على مصالح الفقراء والمحرومين ، وبأنهم يضعون مصلحة الوطن والمواطن بين حدقات عيونهم !..
لكن الحقيقة عكس ذلك تماما ، ولا أحد منهم ينظر إلى هؤلاء المسحوقين والبؤساء ، الذين يتعرضون لموت بطيء ، نتيجة توقف عجلة الحياة في بلد يمتلك كل مقومات العيش الكريم لو استخدمت هذه الموارد بشكل علمي ومدروس وبأيدي أمينة ونظيفة .
لكن غياب الدولة والعدل والمساواة وغياب القانون ، وسيطرة اللصوص والسراق الفاسدين والجهلة المتطفلين على السياسة ، هو السبب المباشر بالذي جرى ويجري على الأرض العراقية .لكن الفاسدين ينكرون هذه الحقيقة .
القوى المتصارعة على السلطة منذ أشهر ، ليس لهم رؤيا واضحة لإعادة الحياة لهذا البلد ، والعمل على إعادة بناء دولة المواطنة ، المخلص الحقيقي لأزمات العراق ، وللبدء في عملية إعادة مؤسسات الدولة ودوران عجلة الاقتصاد والتحليق في عالم الحرية والرخاء والأمن والسلام .
لا نستثني أحدا من المتنفذين ، من بيدهم سلطة صنع القرار ، المهيمنين على السلطة من 2006 م وحتى الأن .
هؤلاء ليس عندهم برامج وخطط يسيرون عليها ، ولا يملكون ما يقدمونه للناس غير الوعود والكذب والتظليل ، وجمعها ليس لها نصيب على أرض الواقع !..
وعند تبيان الحجج والبراهين عم فشلهم في إدارة شؤون البلاد والعباد ، وفي تحقيق طموحات شعبهم ووجوب قيام ( الدولة ومؤسساتها بواجبها كون هذه المؤسسات وجدت خادمة للشعب ) !..
يأتيك الجواب سريعا !..
( بأننا جميعا مسؤولون عن هذا الفشل ، والجميع يتحمل أخطاء المرحلة ، والجميع مسؤول عن كل الذي حدث من جرائم وهدر وسرقات !..
لماذا لا تحيلوا المسؤولين عن هذا الفشل وعن تلك الجرائم والسرقات إلى القضاء لينالوا جزائهم العادل ، سؤال نوجهه إليهم ؟..
يأتيك الجواب بأن هذا خط أحمر !..
ويدعون بأنه استهداف وتسقيط سياسي ، ونحن لن نسمح بذلك ، ويجب أن تبقى هذه ( محاسبة الفاسدين وحصر السلاح والميليشيات لحين توفر الشروط !..
العراق يمر في ظروف معقدة داخليا وإقليميا ودوليا ولا نرغب بزيادة هذه المشاكل ؟..
مضى على هذه المعزوفة ما يقرب العقدين ، ويبقى الحرامي والمجرم خارج قبضة العدالة إلى ما شاء ربكم !..
أما الناس المسحوقين يبقون وقود النار المستعرة التي يعيشها شعبنا منذ عشرين سنة ، ويستمر الفساد والمخدرات والفقر يحصد المئات يوميا .
السؤال موجه إلى الكتلة الصدرية وإلى السيد مقتدى الصدر :
بعد انسحابكم من البرلمان في أوائل تموز الماضي ، والاعتصامات والتظاهرات مستمرة ، والصلاة في مدينة الصدر وباحة مجلس النواب ، والاعتصام في سرادق مجلس النواب ومحيطه في المنطقة الخضراء مستمر ولا ندري إلى متى ؟!.. وماذا بعد ذلك ؟..
ما هي خططكم العملية للبدء في عملية الإصلاح الشامل ؟..
ومتى سيتم حل مجلس النواب ، وما هي الألية ، وكيف ستجري انتخابات حرة ونزيهة ، ومن سيشرع قانون جديد للانتخابات ومفوضية انتخابات جديدة ، ومن سيخصص الأموال اللازمة لتغطية نفقات تلك الانتخابات ؟..
قبل كل شيء الكتلة الصدرية اليوم خارج قبة البرلمان ، والكتلة الأكبر أمست كتلة الإطار التنسيقي ، التي ستسعى إلى تشكيل الكتلة الأكبر ، وفي هذه الحالة ستقوم بتشريع أي قانون انتخابات يصب في مصلحة كتلهم ، كونهم يشكلون الأكثرية ويرشحون رئيس وزراء للفترة القادمة ، وأنا هنا أتحدث بشكل قانوني ودستوري !..
الأكثر أهمية من وجهة نظر شخصية ، هناك عدم وضوح في برنامج الكتلة الصدرية ودعواتها للقوى والأحزاب والمنظمات الوطنية والديمقراطية ولثوار وثائرات تشرين المجيدة في الالتحاق بثورة عاشوراء !..
أرى الواجب يحتم عليكم في التيار الصدري وبالسيد مقتدى كونه زعيم للتيار وبيده ناصية القرار ، أن يكون هناك حوار حقيقي مع ممثلي قوى وأحزاب ونقابات واتحادات المدنيين والديمقراطيين وثوار تشرين ، وصياغة مشروع سياسي وطني لإنجاز عملية التغيير المنشود .
اعتقد بأن هذا يطمأن هذه القوى ويصب في مصلحة التغيير المرتقب ، ويقطع الطريق أمام من يحول دون تحقيق هذا المشروع الوطني ، الذي يصب في مصلحة جميع قوى الخير والتقدم والسلام ، من الوطنيين والديمقراطيين ، وهو الطريق الأقصر والأسلم لتحقيق هذا الهدف السامي .
والأمر يتعلق كذلك بالاطار التنسيقي ، المنطق يقول بأن عليهم مراجعة رؤاهم ونهجهم وسياساتهم السابقة ، التي أوقعتهم بمنعطفات ومزالق وأخطاء جسيمة ، وارتكلوا الكثير من الأخطاء والفشل الكبير في إدارة شؤون البلاد ، ويتحملون القسط الأكبر في ذلك .
السياسة تحتم المراجعة والتنقيح والتصحيح ، وبعقل الناقد الإيجابي لأي مسار يسلكه الساسة وغيرهم .
أما إذا استمر هذا الشقاق والافتراق والتباعد ، فأعتقد لم يبقى أمام القوى الساعية إلى التغيير الشامل وبرؤيا وطنية صادقة ، وخدمة للشعب والوطن !..
التوجه إلى تشكيل حكومة الإنقاذ الوطني ، وبقرار فوقي بحل البرلمان وإيقاف العمل بالدستور ، وتكليف شخصية وطنية مشهود لها بالنزاهة وأن تكون مستقلة وتمتلك الخبرة والدراية في إدارة الدولة ، يكلف بتشكيل حكومة الإنقاذ الوطني من الأكفاء الوطنيين ومن خارج الطيف الحاكم ، وتمنح هذه الحكومة فترة انتقالية أمدها سنتان أو ثلاث سنوات ، وتأخذ على عاتقها إعادة بناء دولة المواطنة ، وتنظيم الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وصياغة مسودة دستور وطني غير طائفي ، يمثل إرادة شعبنا وقواه السياسية ويحافظ على وحدة العراق السياسية والجغرافية ، ويحقق الأمن والنماء والسلام والتعايش ، وتحقيق العدالة والمساواة في عراق ديمقراطي حر مستقل .
وهذه وجهة نظر أضعها بين أيدي الجميع .
أما بقاء هذا الصراع والتنابز وتبادل الاتهامات سوف لن تنتج لنا دولة ، بل ستنتج لنا الكثير الكثير من الألم والفقر والظلم وربما الصراع و التقاتل الذي سيخسر فيه الجميع .
7/8/2021 م