التيار الماركسي وخط منظمة البديل الشيوعي


مؤيد احمد
2022 / 7 / 28 - 17:48     

بحث مؤيد احمد
في الاجتماع الموسع الثالث للجنة المركزية لمنظمة البديل الشيوعي في العراق
25-27 أيار 2022

الأساسيات
• ان ظهور الحركة الشيوعية تاريخيا يرجع الى ظهور نقد العمال للرأسمالية، ولنظام العمل المأجور؛ والشيوعية هي حركة ونقد واحتجاج العمال ضد النظام الرأسمالي، وهي نقد العمال لهذا النظام كتشكيلة اقتصادية واجتماعية وبناء فوقي سياسي وفكري وحقوقي، أي انها نقد لهذا النظام الذي يستند على انتاج وإعادة انتاج استعباد العامل، وفصل عمل العمل عن العامل، واغتراب العمال عن نشاطهم الانساني الذاتي ومنتوج عملهم والذي يستند على انتاج وإعادة انتاج نقيض العمل والعمال والذي هو رأس المال والرأسماليين.
• ان أفكار ونظرية ماركس وانجلز المادية الديالكتيكية التاريخية المتماسكة، ونظرية ماركس الاقتصادية الثورية ونقدها البروليتاري للمجتمع الرأسمالي، والنظرية السياسية الاشتراكية للنضال الطبقي، هي بمجملها منهج ونظرية ماركس وانجلز الثورية لتحرر الطبقة العاملة ولإيجاد عالم آخر؛ عالم خال من الطبقات وعبودية العمل المأجور والدولة ويكون فيه تحرر الفرد مشروطا بتحرر المجتمع وتحرر المجتمع مشروط بتحرر الفرد.
• لقد حدد ماركس وانجلز ما يميز الشيوعيين عن بقية الأحزاب العمالية في البيان الشيوعي بشكل دقيق، وهو لا زال أساس لتعريفنا كشيوعيين، اذ قال ان ما يميز الشيوعيين عن بقية الأحزاب العمالية هو ان الشيوعيين أمميون واشتراكيون، أي انهم يدافعون عن مصالح الحركة العمالية لجميع الشعوب والبلدان ويدافعون دائما عن المصالح العامة للحركة وأهدافها النهائية الاشتراكية.
• ان البيان الشيوعي الصادر 1848 لا يزال يشكل أسس برنامج الشيوعية في عهدنا، والأممية الأولى التي أسست 1864 حددت الخطاب البرنامجي في اجندتها؛ اذ اكدت على ان تحرر الطبقة العاملة هي من صنع الطبقة العاملة نفسها. ان منظمة البديل الشيوعي تبنت هذه الاسس في بيانها التأسيسي وتمارسها في نضالها السياسي والفكري.
• ان التأكيد على نظرية النضال الطبقي ونظرية ماركس الثورية ليس نابعا من دوافع أيديولوجية مفصولة عن الحياة المادية، بل لكونها النظرية التي تحتاجها الطبقة العاملة والمحرومون والمضطهدون في نضالهم التحرري من اغلال النظام الرأسمالي والمآسي السياسية والاجتماعية والاقتصادية الملازمة لهذا النظام. فلهذا التأكيد بحد ذاته أهمية خاصة ومعنى عملي في حياتنا اليومية ونضالاتنا الثورية.
• ان التيار الماركسي مرتبط بنضال الطبقة العاملة أي الطبقة الاجتماعية التي بحكم موقعها في الرأسمالية بإمكانها وحدها ان تقود النضال الاشتراكي لإسقاط راس المال والنظام الرأسمالي و إرساء الاشتراكية محلها. وهي التي ومن هذا الموقع بإمكانها ان تقود نضال بقية جماهير الشغيلة والمحرومين والمضطهدين للتحرر من بأس النظام الرأسمالي الاقتصادي والاجتماعي والقمع السياسي والخرافات الايديولوجية والتهميش الاجتماعي والتمييز وغيرها من المظالم و الملازمة لهذا النظام الطبقي. انها الطبقة الوحيدة التي لا يمكنها ان تحرر نفسها الا بتحرر المجتمع بمجمله من النظام الطبقي الرأسمالي. الشيوعية هي حركة هذه الطبقة الواعية والقيادية لإنجاز هذه المهمة التاريخية التحررية.
• ان الانخراط في نضال العمال المطلبي اليومي والعمل على وحدة نضال العمال في هذا الميدان، شرط ضروري للاستجابة لديناميكية حياة العمال الفعلية وتحسين وضع الطبقة العاملة المعيشي و ظروف عملها. غير ان قادة وناشطي العمال الواعين، بالإضافة الى انخراطهم في النضال الاقتصادي اليومي، ينخرطون في الوقت نفسه في النضال السياسي والفكري الطبقي.
• ان استقلال العمال كطبقة بوجه الطبقة البرجوازية يتحقق عن طريق استقلالهم السياسي. جاء في البيان الشيوعي بان” كل نضال طبقي هو نضال سياسي"، لذا فأن أهمية السياسة الشيوعية داخل الحركة العمالية جلي للعيان. كما ويؤكد انجلز على وجود الأوجه الثلاثة للنضال الطبقي للعمال وهي النضال الاقتصادي والنضال السياسي والنضال النظري وضرورة توحيدهم في نضال طبقي عمالي واحد.
• ان البحث والتعمق في معرفة تركيبة الطبقة العاملة المعاصرة وتنوع فئاتها في العالم اليوم ومن ضمنه العراق وادرك نمط توزيعها على مختلف ميادين الحياة الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والخدمية، ومن ثم مقارنتها بتركيبة الطبقة العاملة ونمط عملها في بلدان وعهود أخرى ، امر ذات أهمية خاصة بالنسبة للشيوعيين والماركسيين؛ اذ يحتاجون ذلك للرد على متطلبات وتحديات نضال العمال الجاري وحل معضلات الحركة العمالية والارتقاء بطاقات العمال في ميادين النضال الثلاثة الآنفة الذكر. وهذا عكس ما يريده المثقفون والأكاديميون البرجوازيون والتوصل اليه من خلال بحث وتعمق كهذا؛ اذ انهم يريدون بالأساس ان يصلوا الى تقليل دور هذه الطبقة التاريخي في إيجاد التغيير الثوري ونفي وجودها أصلا. وباختصار فان المثقف البرجوازي يستنتج من التغيير في تركيبة الطبقة العاملة المعاصرة انكار وجودها او التقليل من دورها، في حين ان المهمة المطروحة بالنسبة للتيار الماركسي هي الرد على متطلبات نضال العمال الجاري في مختلف القطاعات والميادين ضد مآسي النظام الرأسمالي. هذا بالإضافة الى ان الرأسماليين يدرسون وضع الطبقة العاملة وظواهر نضالها الموحد لشل الطاقة الثورية لهذه الطبقة و بسط سيطرة راس المال عليها.
• اننا نعيش الان في عهد بات التأكيد على الماركسية والبيان الشيوعي والنظرية الثورية الماركسية بحد ذاته من علامات التمييز الأساسية والفارقة عن صف عريض وطويل ممن يدّعون انفسهم ماركسيين وشيوعيين لفظا، ولكنهم مرتبطون عمليا بمئة خيط وخيط بالآفاق الفكرية والسياسية البرجوازية. ان منظمة البديل الشيوعي تجسد هذا التمييز والصفة النوعية في منهجها ومجمل نضالها.

لمحة مختصرة عن تاريخ التيار الماركسي
• ظهرت تيارات وخطوط فكرية وسياسية كثيرة ومتعددة وكلها بشكل او بآخر باسم الماركسية بعد اكثر من 174عاما من اصدار البيان الشيوعي وانتشار الماركسية في الحركة العمالية ولغاية الان. قسم منها خانت الماركسية علنية وقسم آخر حافظت على الاسم ولكنها نفذت الافاق الاجتماعية والسياسية البرجوازية ومن كل شاكلة ولون. كما ونظم التيار الماركسي، بعد ان أصبح التيار الشيوعي الرئيسي داخل الحركة العمالية والاشتراكية العالمية، صفوفه في الأممية الثانية ولغاية عام 1914. ولكن ذلك تغير بعد ان اتخذت الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية المتبنية للماركسية المواقف المعادية للطبقة العاملة والاشتراكية في الحرب العالمية الأولى والتي أدت الى إفلاس الأممية الثانية.
هذا وان الأممية الثالثة التي أسست على إثر نجاح الخط الماركسي الثوري في الحركة العمالية العالمية واتخاذ موقف ثوري اشتراكي تجاه الحرب العالمية الأولى، والذي أكد على تحويل الحرب الامبريالية العالمية الى حرب داخلية ثورية توجه من خلالها الطبقة العاملة في كل بلد راس رمح نضالها الى البرجوازية الحاكمة في بلدها. كانت عناصر الازمة الثورية الاشتراكية تتنامى باضطراد في أوروبا، اذ قاد الخط الثوري الماركسي انتفاضة الجماهير البروليتارية في روسيا الى ثورة منتصرة، وهي ثورة أكتوبر عام 1917، كما وظهرت انتفاضات ثورية اشتراكية عظيمة في أوروبا، فمن دافع عن نظرية ماركس الثورية أنداك هم الاشتراكيون الامميون الثوريون والاسماء اللامعة بينهم كانت من أمثال لينين وتروتسكي وروزا لوكسمبورغ وكارل ليكبنخت.
• ان ظهور قوى الثورة المضادة المتمثلة بالستالينية وقمعها لكل ما هو ثوري واشتراكي في الحركة الشيوعية وتصفية الماركسيين الثوريين داخل الحزب البلشفي في روسيا وفي الأممية الثالثة وذلك على اثر تراجع المد الثوري الاشتراكي للطبقة العاملة في أوروبا، وعدم قدرة هذه الطبقة وحزبها الشيوعي من إرساء الاشتراكية في روسيا، جعل الستالينية هي "الشيوعية" الرسمية وتحت يافطة الماركسية- اللينينية. وجاء كل ذلك لمصلحة الستالينية الصاعدة الممثلة للتيار القومي الروسي الذي كان يسعى لتحويل الاتحاد السوفيتي الى بلد صناعي منافس للبلدان الامبريالية الغربية وعلى حساب خنق الحركة البروليتارية الاشتراكية العالمية.
• ان تراجع الثورة الاشتراكية في اوروبا وما رافقها من صعود للفاشية في المانيا وعدد من بلدان القارة، واندلاع الحرب العالمية الثانية والمجازر التي ارتكبت بحق عشرات الملايين من البشر، والتي الحقت بالإنسانية الدمار وبالحركة الاشتراكية ضربات موجعة وبالتالي وفرت الظروف المناسبة للستالينية لتوجيه ضربات مدمرة للماركسية الثورية ولنضالات الطبقة العاملة العالمية وذلك عبر إخضاع الحركة الاشتراكية والماركسية الثورية في الكثير من بلدان العالم لخدمة المصالح البرجوازية القومية البيروقراطية الروسية، ورأسمالية الدولة الروسية، والنظام السياسي القمعي الستاليني وذلك بذريعة الدفاع عن البلد الاشتراكي و"الماركسية -اللينينية".
• في الوقت الذي كانت تصفية المخالفين لستالين والنظام الستاليني القمعي مستمرة وبالأخص بوجه أي صعود للتيار الماركسي والمعارضة الاشتراكية الثورية للستالينية وبضمنها خط تروتسكي، وقوى المعارضة اليسارية الأخرى في روسيا والتيار الماركسي في أماكن كثيرة من العالم، فإن نضال الطبقة العاملة العالمية لم يتوقف وان التيار الماركسي الثوري بدأ يدافع عن الماركسية والحركة الاشتراكية ولو بشكل مشتت وضعيف في اماكن عديدة من العالم إذ ظهرت خطوط يسارية متنوعة.
• في عهد الحرب الباردة وصعود الحركات البرجوازية القومية الساعية للاستقلال "الوطني" من الاستعمار و من ثم انتصار الصين في حربها ضد اليابان، وانشاء "جمهورية الصين الشعبية"، وظهور الماوية كخط عالمي وكوريث للماركسية -اللينينية بعد تصاعد صراعها بوجه النظام السوفياتي، اصبح التيار الماركسي يواجه مصاعب كبيرة ويعاني من تشويهات غاية في التعقيد، ولكنه بات يعيش حياته الخاصة بمعزل عن الخط السوفياتي والصيني.
• ان جملة من التيارات اليسارية التقليدية الملتفة حول احد هذين الخطين السوفياتي او الصيني باتت تظهر، كما ان جملة من الحركات القومية المناهضة للإمبريالية باسم الماركسية ادامت بعملها وانتشرت حركات الكفاح المسلح والجيفاري. وباتت تظهر في أوروبا الماركسية الغربية المناهضة للخطين العالميين الصيني والروسي وتؤلف نظرية خاصة بها باسم الماركسية، وهي مطرزة وفق الافاق الاشتراكية المرتبطة بالليبرالية في البلدان الغربية. بالإضافة الى ذلك ومع تراجع الثورة الاشتراكية في روسيا وأوروبا في أواسط العشرينيات من القرن الماضي، بدأت تيارات فكرية فلسفية كثيرة تنتقد الماركسية بشكل غامض او تعدلها وتطرح مناهج متنوعة تنتقص بشكل او باخر من الماركسية ونظرية ماركس الثورية.
• مع انهيار الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية في بداية التسعينيات من القرن الماضي بدأت طيف واسع من التيارات التي كانت تتحدث باسم الماركسية والشيوعية تتخلى وبسرعة فائقة عن كل ما هو متعلق بالماركسية والشيوعية، هذا في الوقت الذي شنت البرجوازية العالمية اكبر هجوم على الشيوعية والآمال التقدمية والتحررية للبشرية وذلك باسم الهجوم على خط النظام السوفيتي.
• ان غبار عاصفة سقوط اتحاد السوفيتي لم يدم طويلا فقد استقر بعد فترة ومنذ عام 2008 ونشوء الازمة الرأسمالية العالمية، اصبح العالم يشهد صعود الماركسية من جديد من تحت آثار كل هذا الكم الهائل من التشويهات وبشكل مترادف مع صعود الحركة العمالية ونضالات الشغيلة المتصاعدة في كل مكان من العالم.
• اليوم وبعد اكثر من أربعة عقود من انتشار وترسيخ الرأسمالية النيو ليبرالية في العالم قاطبة وتفاقم تناقضاتها، اخذت الحركة الاشتراكية والعمالية ترفع قامتها بقوة من جديد وتتصدى للبرجوازية العالمية، والبشرية في منعطف تاريخي عالمي. وها هو التيار والخط الماركسي يثبت نفسه من جديد بانه حركة حية عظيمة في قلب الاحداث التاريخية المعاصرة وفي هذه اللحظة من التاريخ العالمي.
الخط الماركسي لمنظمة البديل الشيوعي
• ان الحديث عن تيار وخط ماركسي، كحركة سياسية وتنظيمية وفكرية، هو الحديث عن ظاهرة حية ذات تاريخ؛ لها الماضي والحاضر والمستقبل، فهي ظاهرة في حركة، بمعزل عن قوتها وحجمها، وهي تتقدم و تتطور وتعيد انتاج نفسها باستمرار. لذا فإن الحديث عن التيار الماركسي لا يمكن ان يكون حول تعريف او توصيف لهيكل تنظيمي ساكن ومجموعة من المناضلين الشيوعيين يعملون داخل جدرانه بعيدا عن المجتمع والصراع الطبقي الدائر فيه.

• ان هذه الظاهرة المشخصة في العراق لم تكن شيئا خاصا بهذا البلد؛ اذ ان التيار الماركسي وبالرغم من الأشكال المختلفة التي اتخذها خلال تاريخه وفي البلدان المختلفة شكّل ولا يزال جزءا من ديناميكية الحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية للمجتمعات المعاصرة والموجود في جميع البلدان بدرجات متفاوتة من القوة والاقتدار. لذا فإن لهذا التيار وهذا التقليد السياسي والفكري تاريخ داخل هذه المجتمعات وهو جزء من النضال الطبقي للعمال والمرتبط عضويا بمسيرة تطوره عالميا. ان تاريخ التيار الماركسي في العراق لم يكن منعزلا عن تاريخه العالمي وحمل منذ البدء السمات العالمية لهذه الحركة والتيار كما وحمل السمات العالمية للتطورات الحاصلة في مسيرة تقدمه وهذا ينطبق على منظمة البديل الشيوعي حالها حال جميع الماركسيين الثوريين.

• ان لمنظمة البديل الشيوعي ماضيها وحاضرها ومستقبلها كذلك. لذا فالحديث عنها في الوقت الحاضر لا ينفصل عن تاريخها الماضي ولا عما ستواجهه مستقبلا. ان تاريخ هذا الخط وهذا النمط من الانتقاد الماركسي الثوري لا ينفصل عن ديناميكية الحياة السياسية والفكرية والاجتماعية التي عاشها العراق وفي مختلف مراحله وبالأخص منذ أواسط السبعينيات من القرن الماضي، حينما بدأ نمط معين من انتقاد المثقفين الشباب، والذي ظهر على مسرح الحياة السياسية والفكرية، مستخدما الماركسية كأداة لنقد تيارات الجناح اليساري من الحركة القومية العربية والكردية وجناح اليسار "الوطني"، المحسوب على الماركسية والشيوعية في هذا المجتمع والذي كان مساوما مع البعثيين الفاشيين. لقد شهد هذا التيار الماركسي تطورا نوعيا مع اندلاع الثورة في إيران سنة 1979 وتنامي الانتقاد الماركسي المتمثل بـ "الماركسية الثورية" في خضم هذه الثورة وتطورات هذا الانتقاد الماركسي اللاحقة. مهما كان تاريخ نضال كل واحد منا، فإننا اليوم مجتمعين حول خط وتيار شيوعي ماركسي، فإلى أي مدى نحن بالفعل نمثل هذا التيار والخط؟ والاجابة عن هذا السؤال لا تأتي مما نقوله نحن عن أنفسنا انما مما نطرحه من سياسات اشتراكية وما نقوم به من ممارسات سياسية وتنظيمية وفكرية وبالارتباط مع الصراع الطبقي العمالي والسياسي والفكري الدائر في المجتمع.

• ان الخط الماركسي والتيار الشيوعي اليوم هو وبطبيعة الحال لابد وان يرسم خطه الفاصل بينه وبين جميع التيارات التي تدعي بشكل او باخر الماركسية، ولكنها عمليا اشتراكية ديمقراطية اصلاحية او ستالينية وهي على نمط اشتراكية رأسمالية الدولة للاتحاد السوفيتي السابق. ان الخط الماركسي لا علاقة له أيضا باليسار القومي الراديكالي المعتقد بالماوية، كما انه غير مرتبط بتيارات "الماركسية" العالمثالثية للقوميين الراديكاليين والمناهضين للإمبريالية ولكن من دون مناهضة الرأسمالية، ولا علاقة لهذا الخط بنمط الماركسيين الذين يدعون الى التحالف مع البرجوازية الوطنية وجملة من تيارات وخطوط فكرية وسياسية مرتبطة باحتجاج المثقفين والطلبة الراديكاليين غير العماليين. ان التيار الماركسي لا يجمعه شيء كذلك مع اليسار الراديكالي المنعزل والهامشي عن الطبقة العاملة ونضالاتها الاجتماعية اليومية ولا بالخط "الفدائي" المسلح من الجيفاريين وغيرهم.
• أصبحت الماركسية وأفكار ماركس اليوم ترجع بقوة الى الساحة الفكرية للمجتمعات والصراع الطبقي والاجتماعي فيها على صعيد العالم، ونحن جزء من تنامي هذا التيار وفصيل من فصائله المعاصرة.
• ان البرجوازية تلجأ الى الحروب والفاشية للسيطرة على الأوضاع المتأزمة التي تواجهها الرأسمالية، ولكن الطبقة العاملة بحاجة الى نظريتها الثورية و سلاحها الفكري الماركسي لقيادة نضالها الطبقي نحو التحرر. ان هذا الصعود المتجدد للماركسية جزء من دينامية الحياة السياسية والاجتماعية للمجتمعات، وهو يجري في قلب ازمة الرأسمالية الحالية. فنحن نمر بمنعطف تاريخي كبير في العراق ولسنا بمعزل عما يجري من التحولات على صعيد العالم والمنطقة.
• ان الماركسية والخط الماركسي في العراق بإمكانه ومن حيث الأساس ان يتحول الى قوة اجتماعية وسياسية مؤثرة اذا استطاع ان يستنتج ويطبق السياسة والبرنامج النضالي والاستراتيجية الاشتراكية تجاه التحولات السياسية والمنعطفات السياسية والاجتماعية والفكرية الكبيرة التي تمر بها البلاد، واذا استطاع ان يرد على معضلات الحركة العمالية والنضال الطبقي الجاري.
• ان كل ذلك يعني ان الاستخدام الحي لنظرية ماركس الثورية هو ضرورة النضال التحرري للطبقة العاملة والمفقرين والمضطهدين ، والتي طالما تريد البرجوازية نزع هذه الوسيلة من ايديهم. نحن الشيوعيين والماركسيين الثوريين في العراق نمر عهد منعطف سياسي وازمة اجتماعية عميقة، لذا فنحن بأمس الحاجة الى احياء الماركسية بقوة إذا أردنا ان نرفع بأنفسنا الى مستوى المهام الملقاة على عاتقنا. ان الاشتراكية والتيار الماركسي ليسا شيئا غريبا على المجتمعات انما هما المنتوج الخاص لحياة هذه المجتمعات المادية.
التيار الماركسي،
والتحديات والمهام في العراق
• ان الحركة الشيوعية في العراق بحاجة الى التخلص من كل المفاهيم البرجوازية والبرجوازية الصغيرة وارتقائها الى حركة معاصرة بروليتارية متسلحة بالخط والمنهج الماركسي المتبني للبديل الاشتراكي لتقوية صفوف نضال الطبقة العاملة.
• ان نظرية المراحل للوصول الى إرساء الدولة البروليتارية الثورية وتحقيق الاشتراكية التي تبرر إعطاء الحكم للبرجوازية هي في الواقع تكملة ومشاركة في إرساء واستقرار النظام السياسي البرجوازي. ان هذه النظرية كانت ولا تزال يُروج لها داخل الحركة الشيوعية في العراق طوال سنوات وعقود عديدة وباسم الشيوعية والحركة العمالية. ان هذه النظرية والسياسة هي في التحليل الأخير إخضاع البروليتاريا للمصالح الاستراتيجية والسياسية والبرنامجية للبرجوازية ونزع السلاح من أيدي العمال والكادحين واستخدامهم كوقود للسياسات والأعمال السياسية البرجوازية.
• تلك كانت و لا تزال من اهم المسائل السياسية التي تعيق الحركة الشيوعية في العراق والتي تبرر إخضاع البروليتاريا لآفاق السياسية والبديل البرجوازي، وإبعادها عن مصالحها الحقيقية. وبالتالي أعاقة تبلور استقلال العمال والكادحين السياسي الطبقي في خضم التحولات والانعطافات السياسية والاجتماعية وإخضاعهم لمصالح الطبقات الأخرى باسم الماركسية.
• ان انتعاش الشيوعية والجواب على المسائل المعاصرة لنضال بروليتاريا الطبقي في العراق يحتاج الى التصدي لهذه التشويهات والخلاص من تجارب البرجوازية القومية والصناعية التي عملت باسم الشيوعية.
• ان رأسمالية الدولة في بلدان ما يسمى بالاشتراكية، أتت في الحقيقة على أنقاض الثورة البروليتارية والمحاولات الأولى لبناء اشتراكية أممية على الاقل في القارة الأوربية منذ أواسط العشرينات من القرن الماضي.
• الحركة الشيوعية والتيار الماركسي في العراق ومن خلال استراتيجية وسياسات وبرامج وممارسات الحزب الشيوعي العراقي وجميع التيارات الأخرى التي شوهت الماركسية والنضال الاشتراكي للطبقة العاملة، تلقت ضربات كبيرة وعانت الكثير، لذا فإن مواجهة تلك السياسات والتوجهات والنظريات من المسائل المهمة للتيار الماركسي اليوم.
• ان احدى التحديات الأخرى امام التيار الماركسي هو مواجهة أفكار البرجوازية والأفاق البرجوازية القومية والإسلامية والطائفية بوصفهم بدائل برجوازية مضادة لمصالح العمال والكادحين وبشكل مكشوف وصريح.
• ان الترويج لراديكالية عموم الجماهير والشعب واستخدام هذا الترويج لمواجهة التيار الماركسي والتنظيمي الشيوعي والاكتفاء بأحداث التغيير عن طريق المنظمات الجماهيرية العامة فقط وبدون تقوية الشيوعية والتحزب الشيوعي والماركسي في البلاد ستشارك في الإبقاء الأوضاع على حالها ولن تصب في مصلحة الحركة البروليتارية التحررية.
• التخلص من الأفكار والنظريات الشعبوية وكذلك الراديكالية السياسية المنفصلة عن نضال العمال الطبقي بالإضافة الى التخلص من الجمل الثورية غير المرتبطة بحياة جماهير العمال والكادحين ونضالاتهم.
• ان تعزيز العلاقة الشيوعية بالنضال النسوي التحرري والشبيبة وتطوير ديالكتيك العلاقة بين نضالهما، هي شرط أساس لأية خطوة جدية لتطوير النضال الاشتراكي في العراق.
• ان عدم الاهتمام بالنظرية وخلق الوعي الماركسي الثوري وعدم ايجاد صف كبير من القادة والناشطين والناشطات المتسلحين بالماركسية احدى اهم نقاط ضعف الحركة الشيوعية.
• تطبيق المنهج الماركسي على الدوام تجاه الاحداث والمنعطفات السياسية الثورية ونقد التردد الذي قد يصيب قسم ممن يتحدثون باسم الماركسية والشيوعية في هذه المنعطفات والذين ينجرون وراء الخداعات البرجوازية.
• ان بناء تنظيم سياسي مرن اجتماعيا ومتجذر في صفوف الجماهير ولكنه منظم ومنضبط و يقوم بدوره على احسن ما يرام و يضم في صفوفه ليس فقط العمال والنقابات وانما الشبيبة البروليتارية والمرأة العاملة ويمضي قدما في نضاله الاشتراكي، هو الجواب على الوضع السياسي الحالي وهو الجواب على تأمين القيادة السياسية والتنظيمية للحركة الثورية في العراق كذلك.
ان خط منظمة البديل الشيوعي بوصفه خطا ماركسيا يسعى ويناضل كي يجسد كل تلك التوجهات والسياسات والممارسات في مسيرته النضالية.
24 أيار 202