تشيلي اهزموا كاست في الشوارع وفي صناديق الاقتراع! الثقة معدومة في بوريك!
تامر خرمه
2021 / 12 / 15 - 22:08
كاست وبوريك يمثلان مشاريع سياسية مختلفة. إنهما ليسا متماثلين، رغم أن كلاهما في نهاية المطاف يدافع عن ذات النظام الرأسمالي. كاست يدافع عن تعميق ما يحدث اليوم. وفقا له ولأتباعه، فإن كل شيء على ما يرام، والآلاف الذين نزلوا إلى الشوارع مخطؤون ومنحرفون. إننا نرفض معجزات تشيلي “المتطورة” و”الحديثة” كما هي موجودة اليوم. ليس لدى كاست أي فكرة عما يمر به العمال، لأنه جزء من النخبة التي ليس لديها مشكلة إذا كان العمال يعانون: أجور فظيعة، وأيام عمل طويلة، وأوضاع معيشية مكتظة.
كاست يريد توسيع الرأسمالية التشيلية النيوليبرالية، والحفاظ على نظام المعاشات التقاعدية، ونهب معاشات العمال. إنه يريد الحفاظ على هشاشة العمال من خلال قانون العمل الحالي، الذي وضعه معلمه خوسيه بينييرا ونفذته الديكتاتورية. إنه يقترح توسيع استخراج الموارد الطبيعية، وتصدير المواد الخام مع القليل من السلع الصناعية. إننا نعلم بالفعل عواقب هذا النموذج: دمار بيئي هائل، وجفاف لمناطق بأكملها، وتلوث مجتمعي، وعمل محفوف بالمخاطر، واستحالة التطور العلمي والتكنولوجي، والقائمة تطول. كل هذا حتى تستمر الشركات الوطنية والدولية في إثراء ذاتها، ونهب المنتجات المصنوعة بأيدينا وأرضنا وبحرنا. وفيما يتعلق بأغنى الصناعات، صناعة النحاس، يذهب كاست إلى أبعد من ذلك باقتراح خصخصة القليل الذي لايزال في أيدي الدولة عبر شركة كوديلكو الوطنية. اقتراحه لخصخصة كوديلكو يتعارض مع كل ما تحتاجه هذه الدولة. بينما يطالب معظم الناس بمزيد من الحقوق في الدستور الجديد، يريد كاست أن يضمن عدم ذهاب الأموال لتمويل الإسكان والصحة والتعليم.
علاوة على ذلك، فإن اقتراحه المتعلق بالنساء والمثليين وثنائيي الميل الجنسي والعابرين جنسيا والكويريين يمثل خطوة كبيرة إلى الوراء في التقدم الصغير الذي تم إحرازه. يقترح إنهاء الحق في الإجهاض بما يشمل حالات الاغتصاب، وإجبار النساء على إنجاب الأطفال في أسوأ الظروف. يريد سحب حقوق الكويريين وتعميق التمييز ضد التنوع الجنسي.
في النهاية، إنه يريد إنهاء الإمكانيات السياسية التي فتحها المؤتمر الدستوري. استجابته للمطالب الشعبية جعلت حياة الجماهير أسوأ، وإذا اشتكى أحد، أرسل الشرطة والجيش لقمعه. إنه من نفس طينة بينوشيه، يريد اضطهاد النشطاء الاجتماعيين ووضعهم في السجن، وتوسيع نطاق اضطهاد الدولة ضد شعوب المابوتشي، والشباب، والطبقة العاملة المنظمة.
لهذه الأسباب، ندعو الطبقة العاملة والشباب إلى عدم التصويت لصالح كاست وإلى النضال ضد ترشيحه. من الأساسي أن نواجه مقترحات كاست الرجعية ومقترحات الشركات الضخمة بالتعبئة والتصويت ضد كاست في الجولة الثانية.
رغم أن كاست لديه برنامج مرعب واستبدادي، إلا أننا لا نعتقد أنه يمثل حركة فاشية. “الفاشية” يتم استخدامها كمفهوم بشكل مفرط داخل دوائر النشطاء، وبشكل عام يتم استخدامها بشكل مرادف لمصطلح “الاستبداد”. الاستبداد والفاشية شيئان مختلفان. الفاشية هي حركة رجعية تمول من رأس المال الكبير وتدعمها قطاعات معبأة ومعسكرة من البروليتاريا الهشة والبرجوازية الصغيرة المفقرة. وتستخدم أساليب الحرب الأهلية لإنهاء المنظمات الشعبية والعمالية. وقد أدى هذا بشكل فعال إلى تمهيد الحركات الشعبية وحراكات الطبقة العاملة في إيطاليا موسوليني وفي ألمانيا النازية. قد يكون للأحزاب والحركات حول كاست ميول فاشية جنينية، لكن لم يتم تطويرها بشكل كامل. واليوم لايزال كاست يحاول التحرك نحو الوسط، وجعل خطابه معتدلا لكسب أصوات القطاعات “الديمقراطية” في المجتمع. هذا لا يعني أن كاست ليس خطيرا، وأن حكومته لن تكون أكثر قمعية من حكومة بينييرا. ومع ذلك، يجب أن نفهم من يكون العدو لنكون قادرين على مواجهته.
وهنا نواجه معضلة أخرى: كيف نواجه كاست؟ هل يكفي مجرد التصويت لبوريك؟
في الجولة الثانية من التصويت، نقترح التصويت لصالح بوريك حتى لا يفوز كاست بالترشيح. ومع ذلك، فإننا لا نثق في مشروع بوريك وحزبه، أبريبو ديجنداد، لأن استراتيجيتهم المقترحة ستؤدي إلى هزيمة الحركة الجماهيرية التي بدأت في تشرين الأول (أكتوبر) 2019.
بوريك يقترح إصلاحات بنقاط تقدمية مختلفة، انبثقت عن الحراكات الشعبية: إنهاء نظام التقاعد، وزيادة المعاشات، وتقليل ساعات العمل، والحق في الإجهاض، وما إلى ذلك. ولكن المشكلة الكبرى مع بوريك هي استراتيجية تحالفاته. يجادل بوريك والجبهة المتحدة والحزب الشيوعي بأنه من الممكن الفوز بإصلاحات للطبقة العاملة من خلال التفاوض مع الشركات الكبرى واحترام المؤسسات كما هي موجودة حاليا، حتى عندما تكون هذه المؤسسات في خدمة أولئك الذين يديرون البلاد. (الكونجرس، نظام العدالة، إلخ). يريدون منا أن نصدق أنه من الممكن تغيير تشيلي، وحل نزاع قبائل المابوتشي، ومشاكل العمل، والبيئة من خلال الإصلاحات التي تم التفاوض عليها مع الشركات الكبرى. كاست ينتقد بوريك والحزب الشيوعي لكونهما شيوعيين. إنهم لا يستحقون هذا اللقب. بوريك والحزب الشيوعي إصلاحيون، واقتراحهم، الذي جوهره جمع المزيد من الضرائب من الأغنياء لتمويل الصالح الاجتماعي، يبقى ضمن حدود الرأسمالية.
هذه الاستراتيجية فشلت بالفعل مع الائتلاف السابق لأحزاب يسار الوسط (الكونسرتاسيون السابق)، وستفشل مرة أخرى. كيف يعتقد بوريك أنه سيتمكن من تمرير إصلاحاته في الكونجرس الحالي؟ كيف ستكتب الجبهة المتحدة دستورا يحدث تحولات جذرية في البلاد إذا كان عليها التفاوض مع اليمين والكونسرتاسيون السابق للفوز بأغلبية الثلثين؟ كيف سيغيرون النموذج الاستخراجي من خلال احترام اتفاقية التجارة الحرة التي لا تسمح حتى بالإشارة إلى السيادة الوطنية؟
الاستدارة نحو اليمين بالنسبة لبوريك باتت واضحة بشكل متزايد. في الأيام الأخيرة، ألقى بوريك كلمات نموذجية لمرشحي اليمين، قائلا إنه سيكون حازما ضد مهربي المخدرات، وقام بإثارة تساؤلات حول تحرير السجناء السياسيين من السجن. علاوة على ذلك، قام بتعيين شخصيات مهمة من الكونسرتاسيون السابق ضمن سلسلة تعييناته. كل هذا يشير إلى أنه يحاول كسب أصوات عالم الأعمال التي ستساعده على الفوز بالرئاسة.
إذا، لماذا ندعو للتصويت لبوريك؟
لأننا نعتقد أن فوز كاست سيكون انتصارا كبيرا لطبقة الشركات، وسيجعلنا في وضع أسوأ فيما يتعلق بنضالات الطبقة العاملة المستقبلية. انتصار بوريك قد يولد المزيد من التعبئة الاجتماعية للضغط على الحكومة للوفاء بالوعود الانتخابية، ودفع النضال الطبقي إلى أبعد من ذلك، حتى مع عقبات الحزب الشيوعي والجبهة المتحدة (جبهة أمبليا).
اقرأ أيضا: يجب أن يعترف الدستور الجديد بالنحاس والليثيوم والماء باعتبارها من حقوق الشعب التشيلي
The New Constitution Must Recognize Chileans’ Rights to Copper, Lithium, and Water
علينا بناء مشروع سياسي جديد للطبقة العاملة والشعب
في الانتخابات الحالية، ليس لدينا مرشح يمثل المصالح المباشرة للطبقة العاملة. يجب على الشعب التشيلي، والشباب والطبقة العاملة، بناء مشروع سياسي يغير النظام الرأسمالي النيوليبرالي جذريا، ويقترح استراتيجية لتدمير طبقة الشركات، وإعادة ثروة البلاد إلى أيدي غالبية السكان، دون الاستغلال المفرط المستمر للبيئة. تشيلي يمكنها أن تكون نموذجا للعالم كله لما يبدو عليه تحرير بلد من النظام الرأسمالي.
الناس الذين يعيشون في تشيلي و”والمابو” (اسم إقليم أسلاف شعب المابوتشي باللغة الأصلية)
عليهم إنشاء برنامج يستعيد الموارد الرئيسية للبلاد، بحيث يمكن إدارتها من قبل الطبقة العاملة والمجتمعات المنظمة. وهذا يتجاوز مجرد تأميم الشركات الإستراتيجية الكبرى في البلاد، والتي تضمن اليوم النهب القومي من قبل القلة. لا بد من تأميم شركات النحاس والليثيوم وشركات التشجير ونظام التقاعد والبنوك. يجب أن تكون جهودنا في خدمة الطبقة العاملة، وأن تتضمن اقتراح اقتصاد مخطط يلبي احتياجات الناس ويسمح بالتعافي البيئي. يجب إنهاء نهب بلدنا الاستخراجي، ووقف الاستغلال غير العقلاني للمعادن والغابات والبحر. علينا إنهاء المشاريع الاستخراجية الكبرى، وتنويع الاقتصاد، ليكون منسجما مع الطبيعة التي نحن جزء منها.
لهذه الأسباب، ستقوم رفيقتنا ماريا ريفيرا ومختلف المنظمات النقابية والاجتماعية بتقديم مشروع للدستور الجديد، بحيث يقترح تأميم النحاس والليثيوم والماء، كخطوة أولى نحو استعادة ثروة البلاد. إننا نعلم أن معظم الأحزاب السياسية في الجمعية التأسيسية لا تدعم هذا المشروع، لأنها تخدم في المقام الأول الشركات الكبرى عبر الوطنية وليس الشعب. لذا، نعتقد أنه لا بد من إنشاء حركة عمالية وشعبية كبيرة، حتى يحترم المشرعون والدولة إرادة الشعب.
لمواجهة كاست (وحتى بوريك)، لا بد للطبقة العاملة من استعادة مسار التعبئة المنظمة. علينا إعادة بناء المجالس الإقليمية، واستعادة النقابات في أيدي العمال، وتعزيز المنظمات التي تناضل من أجل النساء والشباب وضد التمييز الجنسي والجنساني. الذهاب للتصويت في التاسع عشر من كانون الأول هو جزء من هذا النضال، لكنه ليس الجزء الأكثر جوهرية.
إننا في الحركة الأممية للعمال في خدمة تنظيم الطبقة العاملة والشباب لمحاربة كاست، وضد كافة الحكومات الرأسمالية. يجب أن يكون الهدف النهائي لهذا النضال بناء مجتمع خال من الاستغلال، واللامساواة، والاضطهاد. ندعو كل المنخرطين في هذا النضال للتعرف على الحركة، ومساعدتنا في هذا الجهد.
ترجمة تامر خرمه
مراجعة فيكتوريوس بيان شمس