مرور 10 سنوات على رحيل المثقف و الإنسان .. شاكر الشيخ
نجيب الخنيزي
2021 / 7 / 22 - 19:39
اثر أزمة قلبية مفاجئة لم تمهله، فقد المشهد الثقافي والإعلامي في المنطقة الشرقية وعموم المملكة في14يوليو2011 ، الكاتب والشاعر والفنان الصديق شاكر الشيخ ( أبو بدر ) عن عمر ناهز الثالثة والستين .
وكان لغيابه المفاجئ وقع الصاعقة على عائلته وأصدقائه وزملائه في الوسط الثقافي والإبداعي والصحفي الذين عرفوه عن قرب ، أو زاملوه واحتكوا معه عبر تجاربه وإسهاماته المتعددة في حقول الصحافة و الثقافة والشعر، ومن خلال محطات حياته الحافلة والغنية على صعيد الحراك الثقافي والفني في المنطقة الشرقية ، و التي تبوأ فيها مناصب حساسة ومؤثرة ، ومثل على مدى عقود من الزمن جزءا فاعلا ومؤثرا بل وقياديا ضمن نسيجها الثقافي والإبداعي والاجتماعي ، وذلك منذ قدومه وهو في ريعان الشباب من مكة المكرمة حيث ولد وعاش سنواته الأولى فيها .
تسلم فقيدنا الراحل إدارة التحرير ومسؤولية رئاسة القسم الثقافي في جريدة اليوم كما كان مشرفا على إصدار ملحقها الأسبوعي ، كما عمل لفترة قصيرة رئيسا لتحرير مجلة الشروق الصادرة في الدمام ، والتي كانت بحق عاشت عصرها الذهبي تحت إدارته.
بصماته وتوجهاته الثقافية والفكرية الجادة المحتفية بالإبداع والفكر والفن والثقافة الوطنية والتقدمية والإنسانية كانت واضحة إبان رئاسته لجمعية الثقافة والفنون في الأحساء ، ثم جمعية الثقافة والفنون في الدمام ، حيث أسس اللبنات الأولى للفرق الموسيقية والمسرحية في المنطقة الشرقية ، وذلك وسط مناخ و بيئة اجتماعية محافظة تعتبر الفن و الموسيقى بدعة و رجس من عمل الشيطان .
كان شاكر الشيخ ضمن مجموعة طليعية تقدمية ضمت العديد من الكتاب والأدباء والشعراء والفنانين والمثقفين المنحدرين من مختلف أرجاء الوطن ممن تمازجت أرواحهم ، عواطفهم ، ثقافتهم ، أفكارهم ، همومهم ، وأمالهم وتطلعاتهم الوطنية والإنسانية ،على الرغم من تباين منحدراتهم المناطقية والقبلية والمذهبية ، وجسدوا ذلك في حراكهم الوطني العام وتحملوا في سبيل ذلك ما تحملوا من جهد وتضحية ، كما تمثلوها في نتاجاتهم الثقافية والفكرية والإبداعية التي تمازجت بقيم الخير والحرية والعدل والجمال ، والعمل على تخليق وتجسيد مفاهيم وطنية / تقدمية عابرة للهويات التقليدية الفرعية .
وقد أسعدني الحظ أني ارتبطت بهذه المجموعة ، وتفاعلت معها على مدى عقود من الزمن ، والمفرح إنها ظلت كالقابض على الجمر وفية لخياراتها المبدئية .
تلك المجموعة الصغيرة نسبيا في عددها،لكنها كانت كبيرة في أمالها وتطلعاتها سواء في المنطقة الشرقية أو في عموم ربوع الوطن التي ظلت صامدة على الرغم من الرياح السموم الصفراء وما شهدته بلادنا و المنطقة العربية من تكالب للفكر الظلامي ولقوى ومجاميع التطرف والإرهاب والتكفير والإقصاء، ناهيك عن تصدر العصبيات القبلية والمناطقية والمذهبية من كل حدب وصوب ، والتي جرفت معها الكثير من الناس والعقول ومن بينهم كثرة من المثقفين إلى أتونها المدمر .
فقيدنا الراحل لم يخف أبدا انحيازه للوطن وللإنسان البسيط ، و للفكر التقدمي والإنساني و قد جسده في خياراته الوطنية ، ونشير هنا إلى ارتباطه بالحركة التنويرية والتقدمية منذ الثمانينات .
في جميع نتاجه الإبداعي والشعري عبر "الشيخ " عن روحه الملتزمة بقضايا الوطن والإنسان ، وعن شاعرية جمالية تتغزل وتتغنى بالمرأة ككيان إنساني، وكمعشوقة تشكل توأمه الروحي والوجداني والعاطفي .
التزامه كان شفيفا وهادئا ولم يمنعه مطلقا عن الانفتاح على الأخر المختلف ، وكان بعيدا كل البعد طيلة حياته وعمله ومسؤولياته المتعددة عن سياسة الإقصاء والحجر على الأفكار أو الاتجاهات الأخر .
لقد جمعتني وعائلتي مع الفقيد الراحل وزوجته وعائلته على قلة لقاءاتنا وزياراتنا المتبادلة وخصوصا في السنوات الأخيرة صداقة متينة واحترام وحب متبادل ، كما شارك الفقيد الراحل من خلال ديوانية الملتقى الثقافي التي كنت أتشرف باستضافتها في عدة فعاليات فنية وشعرية ومن بينها الاحتفاء بمرور خمس سنوات على رحيل الشخصية الوطنية البارزة سيد علي العوامي ، ومرور الذكرى العاشرة على رحيل الأديب الكبير عبد العزيز مشري .
إثر تقاعده أشتغل الراحل شاكر الشيخ على مشاريع عمل فنية وموسيقية وشعرية كما ترجم بعض القصائد من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية .. وهو ما يتطلب من جمعية الثقافة والفنون العمل على جمع وطباعة واخراج تلك الأعمال لترى النور.
وقد نظمت جمعية الثقافة والفنون بالأحساء في مساء الأربعاء 14 من شهر أوغسطس 2013 ، ليلة الوفاء للشاعر والفنان والإعلامي الكبير الأستاذ شاكر الشيخ ( أبو بدر ) الذي رحل قبل عامين ونيف ، عن عمر ناهز الثالثة والستين . . وكان لغيابه المفاجئ وقع الصاعقة على عائلته و أصدقائه وزملائه في الوسط الثقافي والإبداعي والصحفي الذين عرفوه عن قرب ، أو زاملوه واحتكوا معه عبر تجاربه وإسهاماته المتعددة في حقول الصحافة و الثقافة والشعر، ومن خلال محطات حياته الحافلة والغنية على صعيد الحراك الثقافي والفني في المنطقة الشرقية ، و التي تبوأ فيها مناصب حساسة ومؤثرة ، ومثّل على مدى عقود من الزمن جزءا فاعلا ومؤثرا بل وقياديا ضمن نسيجها الثقافي والإبداعي والاجتماعي ، وذلك منذ قدومه وهو في ريعان الشباب من مكة المكرمة حيث ولد وعاش سنواته الأولى فيها .
كان لافتا في الاحتفالية التي جرت بقاعة الفنان والمخرج الراحل عبد الرحمن المريخي حضور عشرات الفنانين والكتاب والمثقفين من مختلف أرجاء الوطن ، فضلا عن أصدقائه ومحبيه وأفراد عائلته ، والذين غصت بهم القاعة عن أخرها .
قبل كل شيء يتعين الإشادة والتقدير لمبادرة جمعية الثقافة والفنون بالأحساء في تنظيم تلك الأمسية المؤثرة والحميمية لأحد رموز الفن والصحافة والشعر في بلادنا ، كما هو المؤسس وأول رئيس لجمعية الثقافة والفنون بالأحساء .
اللوحة الشاملة أو البانوراما التي عرضت على شاشة المسرح ، ومن على منصته تضمنت سيرة مركزة عن محطات حياته المهنية والإبداعية والشخصية، بما في ذلك قصائده الشعرية وألحانه الموسيقية ، وكذلك شهادات زملائه ورفاق دربه الفني والمهني والإنساني ولبعض أفراد عائلته . كما أصدرت جمعية الثقافة والفنون بالأحساء كتيبا خاصا بالمناسبة قامت بإعداده وإخراجه الأستاذة أميرة ابنة الصديق الفنان الكبير عبد الرحمن الحمد .
حضور ومشاركة رئيس إدارة الجمعية السعودية للثقافة والفنون الصديق العزيز الأستاذ سلطان البازعي ( أبو بدر ) في تلك الأمسية وتكريمه للفقيد الراحل ( الذي عمل معه في جريدة اليوم حين كان البازعي رئيسا للتحرير فيها ) وللمساهمين في إدارة وإخراج أمسية الوفاء لاقى ارتياحا وتقديرا عاليا من الحضور و العاملين في المجالين الثقافي والفني
لقد تحقق العديد من أحلام وتطلعات شاكر الشيخ في السنوات الأخيرة ،حيث تحققت خطوات مهمة على صعيد الانفتاح الاجتماعي ،ومن بينها حق قيادة المرأة للسيارة ورفع وصاية الرجل عنها في مجالات عدة ، وكذلك السماح بفتح قاعات وصالات المسرح والسينما والموسيقى، والتصريح بتأسيس معاهد الفنون والموسيقى ، بل وإدراج مادة الفلسفة في المناهج الدراسية