الثامن من آذار.. نكافح من أجل عالم دون جائحة، ودون تمييز جنسي، ودون رأسمالية

الرابطة الأممية للعمال
2021 / 3 / 9 - 00:35     




في كل ثامن من آذار، نخرج إلى الشوارع لنصرة النضال من أجل حقوق المرأة. في العام 2021، سيكون اليوم العالمي للمرأة العاملة مختلفا للغاية. جائحة كوفيد_19 مازالت مستمرة منذ سنة حتى الآن دون حل. الوفيات التي تجاوزت الـ 2,500,000 حالة حول العالم، وإصابة 113 مليون شخص (وفقا للأرقام الرسمية، رغم أن الدراسات المستقلة تشير إلى ضعف هذه الأرقام أو أكثر)، تكشف عن مذبحة لانهائية في الأفق.

بقلم “الرابطة الأممية للعمال_ الأممية الرابعة”_ 3 آذار 2021



هذه الأزمة الصحية غير المسبوقة، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي كانت بالفعل تؤثر على الناس الأكثر فقرا في العالم، تبينان بوضوح أن اللامساواة الرأسمالية تولد حالة اضطهاد هي أكثر خنقا للنساء العاملات والفقيرات.

الواقع كان أكثر قسوة مما توقعناه. كانت ضربة الوباء التي تلقيناها أكثر قسوة لأن الحكومات بكافة أنواعها أعطت الأولوية لامتيازات الرأسماليين وأرباحهم، عوضا عن الدفاع عن الصحة العامة وأرواح الملايين. لم يقوموا بفعل شي تقريبا لنا أو للبشرية جمعاء.

يسموننا أساسيين، لكنهم يريدون جعلنا غير مرئيين!



الإحصاءات مرعبة. فقدان الوظائف في العالم هائل، والنساء هن الأكثر تضررا. في نيسان 2020 كان 55% من الوظائف الـ 20,5 مليون المفقودة في الولايات المتحدة تشغلها النساء. كان العاملون في مجالي الصحة والرعاية الصحية الاجتماعية، ومعظمهم من النساء، هم الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس، بساعات عمل شاقة وضئيلة الأجور.

نحن النساء نشكل الأغلبية في الاقتصاد غير الرسمي. لذا، فإن الحجر الإجباري والتراجع الرهيب للاقتصاد ألقيا بنا إلى المزيد من الهشاشة، والبطالة، أو مباشرة إلى البؤس؛ عمال المنازل، ومقدموا الرعاية، أرغموا على التعرض للإصابة، في حالة من الهشاشة المطلقة، وما تبع ذلك من أيام عمل مضاعفة، طغت على غالبية النساء هذه السنة الماضية.

من بين النساء اللواتي فقدن وظائفهن، تخلى نصفهن عن البحث، واضطررن الآن إلى تكريس أنفسهن للمنزل.

مهمات تقديم الرعاية تزايدت ألف مرة بسرعة فائقة. عبء التعليم، وتزايد أعداد المرضى في العائلات، والرعاية الضرورية لكبار السن، تقع على عاتقنا.

الحاجة إلى التعقيم المستمر للمنازل والأشياء اليومية فاقمت العبودية المنزلية. هذا الوضع ازداد سوءاً لدى الأسر الأكثر فقرا، التي لا سبيل لها إلى خدمات الإسكان الأساسية أو مياه الشرب، والتي باتت أيضا معتمدة على الأجور المقلصة أو المساعدات الحكومية غير الكافية، والتي بدأ الآن سحبها في كثير من البلدان.

النساء اللواتي استطعن ​​الحفاظ على وظائفهن من خلال العمل عن بعد من المنزل، ضاعفن ساعات عملهن ثلاث مرات، في حالة من الإجهاد والضغط الزائد، مع مهام الرعاية المنزلية، التي ليس لها حدود أو جداول زمنية واضحة.

وكأن هذا لم يكن كافيا! فوفقا لتقرير النساء والأطفال في أوقات كوفيد https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/WeWorld-Index-en-2020.pdf

الصادر عن “وي وورد”، ازداد العنف ضد النساء بنسبة 25% أثناء أوقات الحجر.. ازدادت حالات قتل النساء حول العالم، والأطفال تم إجبارهم على الحجر مع المعتدين عليهم، وتخفيض الميزانية في مجالات التعامل مع العنف قادت إلى إغلاق الملاجئ ودور الأمان.

هذه الجائحة كشفت العمل الإجرامي المتعلق بالرعاية الصحية، حيث حكمت بالموت على ملايين الأشخاص الذين لا سبيل لديهم لحقوق باتت امتيازات. والشيء ذاته حدث فيما يتعلق بالحصول على اللقاح، الذي بقي في أيدي البلدان الغنية والصناعة الدوائية.

الحاجة إلى منح الأولوية للجائحة تؤخر الرعاية الطبية العامة، وتحكم على الآلاف بالإصابة بسرطان الثدي والرحم نتيجة التأخير في الفحوصات السنوية. مثلما لا ينظر إلى الصحة العقلية كحق ضروري.

صحتنا الجنسية والإنجابية أيضا يتم إهمالها، حيث لا يتم اعتبارها “رعاية صحية أساسية”، والوصول إلى وسائل منع الحمل أو انقطاع الحمل الطوعي تم تعليقه، والعنف المتعلق بالولادة ازداد مع خطابات “تطبيق البروتوكول”. في العام 2021 من المتوقع حدوث مليون حالة حمل غير مرغوب فيه. وعدة آلاف من وفيات الأمهات الإضافية التي كان يمكن الحيلولة دونها.

المهاجرات، والمنفصلات، والنساء من السكان الأصليين، والمثليات والمثليين، ومزدوجات الميل الجنسي، ومغايرات الهوية الجنسانية، وثنائيات الجنس يتحملن العبء الأكبر، بل ويتعرضن للاضطهاد، ويُجبَرن على المرض والموت جوعا بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة.

مستقبل المساواة بين الجنسين في عالم كوفيد_19

شعار الأمم المتحدة للثامن من آذار هذا العام هو: “القيادات النسائية: من أجل مستقبل المساواة الجنسية في عالم كوفيد_19”. كما يجادل أبعد من ذلك في أن “الحل” يكمن في وجود المزيد من النساء في المناصب الحكومية، واضعا رئيسات الدول النساء حاليا كأمثلة للإدارة، بسبب “طريقتهن الكريمة في إيصال بيانات الصحة العامة المستندة إلى الحقائق”.

البيانات الواردة أعلاه تبين مغالطة وكذب هذه الادعاءات. “قائدات” العالم بوصفهن رئيسات للدول، ونواب الرؤساء، والوزيرات، والبرلمانيات، هن جزء من السياسة الإجرامية للحكومات. أنجيلا ميركل، إحدى القيادات التي تمجدهن الأمم المتحدة، تعارض إصدار براءات اختراع للقاحات يمكن أن تنقذ حياة الملايين في البلدان الفقيرة.

رغم أنهن يستخدمن كلمات أكثر “نعومة”، فإن أولئك النساء في السلطة يعطين الأولوية لأرباح الشركات متعددة الجنسية على حساب صحة الإنسانية. إنهن يعطين الأولوية لوضعهن الطبقي، وليس لجنسهن الأنثوي. بينما تولت كامالا هاريس منصب نائب الرئيس الأميركي، كان آلاف النساء الفقيرات يمتن اختناقا بسبب نقص الأكسجين في منطقة الأمازون، وآلاف النساء في هاييتي استمرت معاناتهن من كافة أشكال العنف، في الوقت الذي كان فيه كبار قادة الحزب الديمقراطي يربحون عبر استغلالهم للنساء العاملات في مناطق التجارة الحرة لتلك الأماكن.

القيادات النسوية السائدة بقيت صامتة خلال الجائحة، ودعون إلى الثقة بتلك القيادات أو إلى التصويت لبرلمانيات بينما كان الأكثر فقرا يموتون بالآلاف يوميا. أولئك اللواتي يدعين تمثيل الحركة النسائية أصبحن الجناح النسوي للحكومات التي تتظاهر بأنها بدائل أو التي تقوم بالاستنكار الجامد للحكومات الأخرى. والتي تعمد إلى استدامة خطاب التمكين الفردي كطريقة للخروج من هذا الوضع الذي من الواضح أنه مشكلة اجتماعية وجماعية.

لتلك القيادات النسوية نقول بوضوح إنه: على الرغم من استعدادنا لأوسع وحدة عمل في المطالبة بمزيد من اللقاحات أو المزيد من الموارد ضد العنف الذكوري، إلا أن النساء البرجوازيات لن يكن أبدا حليفات لنساء الطبقة العاملة.

بالنسبة لنا لا يوجد حل جوهري للاضطهاد في إطار الرأسمالية، سواء من خلال إصلاحات جذرية كبرت أو صغرت، أو عبر القيادات النسوية، فإننا لن نحقق تحررنا الكامل. لكي نكون أحرارا حقا فإننا نحتاج إلى هزيمة النظام الرأسمالي العالمي، وانتزاع المجتمع الاشتراكي.

الحكومات تستفيد



في خضم هذا الوضع، تقوم قطاعات اليمين المتطرف، بدعم من المنظمات الأصولية الدولية، والكنائس والفصائل الدينية، بالترويج لهجمة أيديولوجية رجعية، عمادها التعصب، وكراهية حقوق الإنسان، وكراهية المساواة الجنسية، وكراهية الكفاح ضد العنصرية، ورهاب المثلية.

في ذات الوقت، تستخدم الحكومات القومية المتطرفة الجائحة كذريعة لمهاجمة الحريات والحقوق الديمقراطية، مثال ذلك تقييد الإجهاض في بولندا وهندوراس، وحظر التبني على الأزواج المثليين في المجر.. الخ.

عبر العالم، تستفيد الحكومات المختلفة من القيود والتدابير الضرورية للتباعد الاجتماعي لحظر وتجريم تعبئة الطبقة العاملة والنساء عندما نخرج للمطالبة بخطة طوارئ اجتماعية وصحية.

بخطابات الكراهية أو بلغة تقدمية يحاولون تقسيم الطبقة العاملة وإضعافها. يلمحون إلى الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت بالجائحة، لتبرير سحب مساعدات الدولة للقطاعات الأكثر معاناة من الاضطهاد، في الوقت التي هي في أمس الحاجة لتلك المساعدات، مقابل زيادة المعونات المالية لكبرى الشركات متعددة الجنسية.

ضد الجائحة ورغما عنها، نحن النساء سنواصل الكفاح!



لكن النساء لسن مجرد ضحايا عاجزات، فإننا في طليعة العديد من عمليات النضال، في ميانمار، تشكل النساء خط المواجهة الأول ضد الانقلاب العسكري في مطلع شباط. وفي بولندا قاومن ومنعن إلغاء قانون الإجهاض. وفي الأرجنتين حققن انتصارا تاريخيا بإقرار قانون الإجهاض، رغم قيادات الحراكات. النساء الأمريكيات من أصول إفريقية إلى جانب إخوتهن في الطبقة نزلن إلى الشوارع الأمريكية مع الجماهير. والنساء في بيلاروس في طليعة التعبئة ضد الاستبداد.

المعلمات والبروفيسورات يقضين بإضرابات وخطط نضالية في عدة بلدان، دفاعا عن حيواتهن وأرواح عائلاتهن. وقد ولّد التنديد بالذكورية تعبئة عفوية واسعة للغاية، كما هو الحال في كوستاريكا وتشيلي.

في تشيلي، رفيقتنا ماريا ريفيرا، المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان والثورية، هي مثال على أولئك النساء اللواتي يمضين في الكفاح ويتم قمعهن جراء ذلك. وهي الآن متهمة جنائيا لأنها طلبت من “الكارابينيروس” (الشرطة الوطنية التشيلية)، عدم إطلاق النار على المتظاهرين. كان اضطهادا أن يتم منعها من الترشح للجمعية التأسيسية، لكنهم لن يوقفونا!

من أجل إنهاء الذكورية، قاتل ضد الرأسمالية!



في كافة أنحاء العالم، خطط الملايين العديدة من الدولارات، والتي قدمتها الحكومات البرجوازية بكل أنواعها، تتزايد خمسة، أو عشرة، أو عشرين ضعفا من الأموال التي كرست لإنقاذ الشركات متعددة الجنسية، عوضا عن إنقاذ حياة الناس وصحتهم. لا يمكننا القبول بخسارة حياة واحدة أخرى! لم يعد بإمكاننا تحمل الاستمرار في دفن أحبتنا!

يجب أن ننتزع براءات الاختراع من أيدي الشركات متعددة الجنسية، ونرغم الحكومات على تطبيق خطة تطعيم حقيقية تصل إلى كل ركن في العالم، حتى يتوقف الوباء عن كونه يشكل تهديدا.

متخذين كافة الإجراءات الصحية الضرورية وتدابير التباعد الاجتماعي، سنخرج إلى الشوارع مجددا، حيثما أمكن ذلك، في هذا الثامن من آذار، ونريد لهذا اليوم أن يكون مساعدا على تعزيز نضال الطبقة العاملة بأسرها.

من أجل تحقيق مطالبنا، نحتاج إلى توحيد الطبقة العاملة بأكملها ولأن نقاتل من أجل الاشتراكية. لكن توحيد الطبقة العاملة غير ممكن عندما يتم ذبح النساء، وعندما يكون رفاقنا هم من ينتجون الاضطهاد ويعيدون إنتاجه. في هذا الثامن من آذار ندعوا رفاقنا إلى الانفصال عن ذكوريتهم والقتال معنا من أجل مطالبنا.

إننا نناضل من أجل عالم دون أوبئة، ودون ذكورية، ودون رأسمالية. نريد إشعال ثورة اشتراكية تجتاح العالم حتى يكون حرا.

حياتنا مهمة! التنازل عن حقوق براءات الاختراع واللقاحات للجميع!

لا للمزيد من العنف الذكوري الشوفيني!

لا للمزيد من الاضطهاد والاستغلال!

ترجمة تامر خرمه