كلمة حول أزمة القوى اليسارية وابعادها ازمة الواقع ام النظرية والتنظيم
عواد احمد صالح
2020 / 4 / 9 - 03:13
كلمة حول أزمة القوى اليسارية وابعادها
ازمة الواقع ام النظرية والتنظيم
عواد احمد
ازمة منظمات واحزاب الطبقة العاملة عموما وفي المقام الاول ليست غياب النظرية الثورية بل ان هناك جملة اسباب موضوعية وذاتية افرزتها المراحل التاريخية السابقة والحالية فالرأسمالية تمكنت من ابعاد الحل الاشتراكي لأزماتها المستعصية عن اذهان الغالبية العظمى من العمال والجماهير على نطاق العالم فاليسار خاصة اليسار الجديد العمالي والثوري والاجتماعي ليس رهين ازماته الذاتية (النظرية والتنظيمية ) فقط بل هو اسير واقع موضوعي معقد وقاسي مليء بالتحولات والتغيرات المادية والفكرية والحروب التي سببتها الرأسمالية والانظمة القمعية والتي سببت ضغط هائل على نضال القوى اليسارية وادت الى تقلصيه وانحساره الى حدود ضيقة ومحدودة .. وربما ادت الى نوع من ( الضياع ) الايديولوجي في تفسير مختلف التحولات والظواهر والتحديات التي تقف امام عمل ونضال القوى اليسارية وكانت الانشقاقات اهم الظواهر التي نجمت عن تلك التحديات والمشاكل التي واجهت القوى اليسارية .
فبدلا من الاستفادة من العولمة والتوسع الاعلامي وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي والميديا في مزيد من الفهم والتصورات للتحولات الحاصلة على مستوى العالم ، نرى كل يوم مجموعات واحزاب يسارية تستغرق في العصبوية كل واحد منها يدعي انه يمثل التوجه الثوري الصحيح. في واقع الامر تمثل حالات الانقسام والتشتت في صفوف اليسار خدمة كبيرة للرأسمالية وبقاءها واستمرارها. في نفس الوقت تتسبب في تشويه صورة قوى اليسار ذاتها امام الجماهير التي فقدت الثقة بها . ومع انه لا يجب ان نقلل من ضرورة واهمية الخط السياسي الثوري والجذري المتمثل بالنظرية الثورية والبرنامج والتنظيم الثوري والتحزب الجدي. هناك مجموعة عوامل يمكن من خلالها معرفة اسباب ابتعاد العمال والجماهير عن قوى اليسار ورفض التنظيم والتحزب. وفي الوقت نفسه اسباب التمزق والتشتت الذي ينتاب مختلف المجموعات اليسارية .
اولها ان الوعي الطبقي غائب في صفوف الطبقة العاملة اليوم ، هنالك انفصال بين الافكار الماركسية والطبقة العاملة انفصال كبير واقعي وتاريخي بدأ منذ الثلاثينات للقرن الماضي بل قبل ذلك بكثير لأسباب متعددة ، منها العثرات والمشاكل التي واجهت تجربة ثورة اكتوبر الاشتراكية وتعاظم الدعاية البرجوازية المضادة والمغرضة لتشويه الافكار الماركسية والاشتراكية .
تخريب الوعي الطبقي بواسطة مختلف اشكال الدعاية القومية الدينية والمذهبية. واليوم يتم بعث الصراعات الطائفية المذهبية العرقية والعنصرية والحروب الارهابية في كل مكان من العالم.
هناك سور صيني بين العمال والشيوعية صنعته الايديولوجيا البرجوازية عبر ما يقرب من قرن من الزمن بواسطة التظليل الفكري والاعلامي ، اضافة الى ذلك حدوت تحولات عميقة في العلاقات الطبقية والتوازنات على صعيد العالم. والصراع بين الدول الرأسمالية وضغطها المتواصل لاستنزاف وتخريب حياة الشعوب في اقطار المحيط الرأسمالي عن طريق الحروب والارهاب واستنزاف الثروات .
ويجب ان لا ننسى التأثير العميق لانهيار التجارب التي كانت تمثل الاشتراكية والشيوعية وخاصة انهيار الاتحاد السوفييتي او انحراف ما بقي منها تحت تأثير وضغط النظام الرأسمالي العالمي.
قضية بناء الحزب العمالي الماركسي الطبقي الخالص لا تحلها التنظيرات او الانقسامات بل تستلزم قراءة دقيقة للظروف الموضوعية وتحويلها الى ظروف مناسبة وملائمة للعمل الثوري وينبغي ان اندرك انه لا بد من تسخين الصراع الطبقي بشكل مستمر من خلال النضالات الجماهيرية المطلبية على مستوى بلدان الشرق الاوسط والعالم بما يفضي الى تغيير حاسم في موازين القوى الطبقية وفي مزاج الجماهير وتصوراتها السياسية وفي اندفاعها نحو تغيير اوضاعها القديمة وايجاد اوضاع جديدة افضل .اوضاع مرتبطة بالتصورات الاشتراكية واعادة الاعتبار للاشتراكية وتنقيتها مما علق به من تشويهات وادران علقت بها في المراحل السابقة والتجارب السابقة .
في هذا الوقت تعمل الرأسمالية على اغراق البشرية في اتون صراعات وازمات وحروب وكوارث صحية وبيئية تستلب وعي الناس وتدمر حياتهم وارادتهم الحرة.
وفي ظل وجود تيارات ماركسية متعددة ومختلفة واحيانا متناقضة، كثير منها تمتلك رؤى وبرامج سياسية واقعية وفهم عميق للواقع الراهن خاصة في أوربا وبعض بلداننا العربية يصعب تسويق عمل سياسي جديد نخبوي في اي مكان في اي بلد لا يشكل اضافة سياسية عملية حقيقية الى ما هو قائم دون ان يكون منغرسا بين صفوف الجماهير ويعبر عن ارادتها ويطرح حلولا جذرية واقعية ملموسة لازمة الحركة الثورية عموما .
7/ 4 / 2020