غروب ايديولوجيا الراسمالية النيو ليبرالية وتنامي عنصر الوعي الاممي والاشتراكي اثر كورونا


مؤيد احمد
2020 / 3 / 29 - 03:21     

غروب ايديولوجيا الراسمالية النيو ليبرالية
وتنامي عنصر الوعي الاممي والاشتراكي اثر كورونا

مع وصول اصابات بفايروس كورونا- كوفيد -19 في العالم اليوم، 28 آذار 2020 ، الى اكثر من 605 الف اصابة وعدد الوفيات بسببها الى اكثر من 27600 حسب معلومات جامعة جونز هوبكينز الامريكية وانتشار الوباء في اكثرمن 200 بلد، نرى بوضوح باننا نعيش منذ فترة لحظات كارثة انسانية كبيرة.
ان انتشار هذا الوباء وفتكه بالبشرية بهذه الدرجة من السرعة والقسوة وعجز الدول الراسمالية، بالرغم من امكانياتها المادية وقدراتها الصناعية الهائلة، عن توفير ليس فقط الوسائل العلاجية والمستشفيات و السرائر الكافية لمن هم في حالة خطر، بل عن توفير الوسائل الوقائية لمن يعملون في الخدمات الصحية، جعلت المواطنين على الاقل في هذه البلدان امام تساؤلات جدية خاصة بالنظام الراسمالي ونمطه الاقتصادي النيو ليبرالي. لقد لجئت بعض المستشفيات في ايطاليا واسبانيا نتيجة لعدم توفر الوسائل و المعدات العلاجية الى ترك المرضى يموتون وهم وحيدون في تلك المستشفيات.
ما يحدث اليوم جريمة كبيرة بكل المقاييس وعار منقوش على ناصية النظام الراسمالي العالمي المعاصر تضاف الى ما سجلها هذا النظام من جرائم الابادة الجماعية للانسان اثر حروبه المستمرة وتجويعه وسلبه الصحة وحتى المياه الصالحة للشرب من مئات الملايين من سكان الكرة الارضية وتدميره لبيئة هذا الكوكب الجميل. ان الاوبئة ستبقى، حتى وان تمت السيطرة على وباء كورنا الحالي، ولكن البشرية لم تعد تتحمل ولم يعد يتوفر لها الترف من ان تواجه الاوبئة و الكوارث البيئية وهي تحمل على كاهلها ثقل النظام الطبقي الراسمالي الغارق في الاجرام.
منذ اكثر من ثلاثة اشهر وبالاخص منذ ان كشف اول اصابة بهذا المرض في منطقة ووهان في الصين يوم 31 كانون الاول 2019 اصبح مؤكدا بان البشرية تواجه تفشي هذا الوباء عالميا. بالرغم من ذلك، لم تتخذ دولة الصين وهيئاتها الحاكمة الاجراءات الضرورية على وجه السرعة لمنع انتشارها واخفت حقائق هذا المرض لفترة حتى عن المواطنين الصينين. كما، وتماطلت الطبقة الراسمالية الحاكمة ودولها على صعيد العالم عن اتخاذ الاجراءات الوقائية الضرورية وتوفير الوسائل العلاجية الفعالة للسيطرة على هذا الوباء والحد منه.
ان الراسمالية المعاصرة، راسمالية الامبرالية النيو ليبرالية شنت هجوما متواصلا خلال العقود الاربعة الماضية على كل ما هو متعلق بالقيم الجماعية وبالمجتمع ومؤسساته الاجتماعية وخدماته الصحية والتعليمية العامة المجانية. انها دمرت، ولا تزال، خدمات النظام الصحي العام المجاني في اكثرية بلدان العالم، من ضمنهم العراق، النظام الذي بني اثر نضال العمال والكادحين والمحرومين في هذه البلدان، واضعفت قابلية الانظمة الصحية العامة في العالم واستعداداتها لمواجهات مخاطر كمرض كورونا وحرمتها من ان تكون في حوزتها الوسائل والمعدات الكافية لمكافحة وعلاج هذا الوباء.
كما، واخضعت هذه الراسمالية صناعة الادوية والاجهزة الطبية والابحاث العلمية الى متطلبات ربح الشركات الاحتكارية الكبرى على حساب سلب حق المريض في التعافي وحق البشرية في توفير العلاج حسب اولويات الحفاظ على حياة الانسان. هذا، بالاضافة الى الحروب والدمار والافقار وصرف ثروات خيالية على الترسانات العسكرية للادامة بالصراعات وتامين الابقاء على هذا النظام الطبقي البرجوازي.
ان وباء كورنا غير اوضاع العالم اذ انه ليس فقط اودى بحياة عشرات الآلاف من سكان هذا الكوكب ووضع البشرية امام مخاطر كبيرة، انما وضع حياة المليارات من العمال والكادحين وعوائلهم امام الهلاك والفقر والبؤس الاقتصادي. لقد عجزت الراسمالية المعاصرة عن مواجهة هذا الوباء وسلبت من البشرية الوسائل والامكانيات عن مواجهة هذه الكارثة.
ان ما نجم عن هذا الوباء وجه ضربة قاصمة لايديولوجيا الراسمالية والممثلين الايديولوجيين لهذا النظام البربري ليس على نطاق ضيق انما على مستوى المجتمعات، على مستوى العالم. ان نظام الصحي العام والخدمات الصحية العامة المجانية بدات تتلقى التصفيق من قبل المواطنين في بلدان عديدة. ان المكونات الايديولوجية للراسمالية النيوليبرالية من "ترشيق" الدولة الى تحويل حياة الانسان ومصيره الى آليات السوق بدأت تفقد بريقها امام انظارالمليارات من البشر وان كون البشرية بحاجة الى الاشتراكية وتلاحم اممي بات يدخل كعنصر وعي معاصرفي حياة الاجتماعية والثقافية للبشرية.