عرض موجز لتاريخ الرابطة الأمميّة للعمال _ الأمميّة الرابعة
الرابطة الأممية للعمال
2019 / 7 / 6 - 09:11
مقدمة
منذ الأربعينيات ونحن نخوض معركة طويلة وضارية لبناء أحزاب ثورية ذات تأثير جماهيري، في كل البلدان، ومن أجل بناء الأمميّة. فهمنا نضالنا على أنه استمرار لذلك الذي بادر به ماركس، وأنجلز، وروزا ليكسمبورغ، وكارل ليبكنخت[1]، ولينين[2]، وتروتسكي[3] لبناء الأمميات الأولى، والثانية، والثالثة، والرابعة.
نعترف بالأمميتين الأولى[4]، والثانية[5] كجزء من تاريخنا، ولكن حزبنا الأممي النموذجي هو الأمميّة الثالثة[6]، والذي تحدد على أنه الأمميّة الشيوعية. لقد استجاب لاحتياجات العصر الإمبريالي الذي نعيش فيه اليوم، سواء بالطروحات البرامجية لمؤتمراته الأربعة الأولى، أو في تنظيمه الداخلي: المركزية الديمقراطية.
الأمميّة الثالثة تحللت وتلاشت بسبب الستالينية. المعارضة اليسارية ومن ثم الأمميّة الرابعة[7] جذبا معا الثوريين الذين كانوا الأكثر مبدئية، والذين قادوا كفاحا مستمرا ضدّ التحلل الستاليني. كثير من المنظمات تطالب اليوم بالانتماء للأممية الرابعة. يعقدون منتديات وأعمال مشتركة، ولكن الأمميّة الرابعة كمنظمة مركزية لم تعد موجودة. الأمميّة الرابعة تحطمت بسبب الهزائم المتعلقة بالصراع الطبقي، وكذلك انحراف القيادات بعد وفاة تروتسكي، لهذا إننا نكافح من أجل إعادة تأسيسها.
يسألنا الكثيرون: “لماذا علينا استعادة الأمميّة الرابعة طالما أنها بالكاد رمزا للتروتسكية؟”. اليوم، لنكون منصفين، التروتسكية موجودة كتيار منفصل، لأنها جاءت كدلالة على النضال المستمر ضدّ البيروقراطية، ومن أجل الديمقراطية العمالية. تروتسكي كان دائما ضدّ استخدام مصطلح “تروتسكيّ” لأنه لا يعتبر نفسه مختلفا عن الماركسية واللينينية. كانت الستالينية هي التي اخترعت مصطلح “التروتسكيّين” –واستخدمته للقول بأنهم لم يكونوا لينينيين- وأطلقته على أولئك الذين يدعمون تروتسكي في مواجهة ستالين. الاتجاه التروتسكي يدعو نفسه بالبلاشفة اللينينيين. كان هذا هو الاتجاه الذي خلق المعارضة اليسارية، ولاحقا الأمميّة الرابعة. لقد انبرى للدفاع عن مبادئ الأمميّة الماركسية- اللينينية -والديمقراطية العمالية وسلطة العمال- ولتقديم برنامج هجومي يمكن من خلاله مواجهة النازية والحرب العالمية الثانية بعد تخاذل ستالين.
الأمميّة الرابعة هي استمرار للثالثة، عندما كان لينين يتولى القيادة. وتمثل النضال الواعي الذي برز بعد الثورة الستالينية المضادة. من الضرورة إعادة بناء الأمميّة الرابعة، وليس بناء شيء مختلف بكليّته، لأن مبادئ وأسس النظريّة والبرنامج التي عبّر عنها في البرنامج الإنتقالي مازالت صالحة، بصرف النظر عن أيّة تحديثات واضحة ينبغي إجراؤها.
البرنامج الانتقالي منهج قرارات المؤتمرات الأربعة الأولى للأمميّة الثالثة: النضال ضدّ الطائفيّة والانتهازيّة، والمواقف المتعلّقة بالبرلمان، وتجاه الجنسيّات المضطهدة، وسلطة العمّال، وجبهة العمّال الموحّدة، والميليشيات، والسوفييتات، وحكومات العمّال والفلّاحين، وديكتاتوريّة البروليتاريا. إلى جانب هذا فإنّها تطرح الحاجة إلى القيام بثورة جديدة في الاتّحاد السوفييتي، ثورة ضدّ البيروقراطيّة. البرنامج الانتقالي، متّبعا توجّه المؤتمر الرابع للأمميّة الثالثة، تجاوز التقسيم بين برنامج الحدّ الأدنى والحدّ الأعلى. لقد قدّم الوسيلة لرفع الجماهير لبرنامج ثورة إشتراكيّة جديدة، عبر إعدادهم لنظام مطالب انتقاليّة تنبع من الحاجة والمستوى الحالي لوعي الجماهير، ما يقود إلى انتزاع السلطة عبر البروليتاريا.
نظريّة الثورة الدائمة تبيّن بوضوح أنّه خلال العمليّة الثوريّة، فإنّ المهمّات الديمقراطيّة والإشتراكيّة تجتمع معا. إنّها تسلّط الضوء على حاجة الطبقة العاملة لقيادة العمليّة، ونشرها عبر العالم بأسره.
صلاحيّة هذه المقدّمات المنطقيّة تجعل من المستحيل بناء برنامج ثوريّ دون أن ينبع من البرنامج الإنتقاليّ ونظريّة الثورة المستمرّة. لذا فإن أيّ ثوريّ، بصرف النظر عن أصوله، يأمل بالكفاح من أجل هزيمة الإمبرياليّة والبيروقراطيّة، ومن أجل انتصار الإشتراكيّة في كلّ أنحاء العالم، إنّما يناضل –حتى دون أن يعي- في سبيل المواقف المركزيّة للأمميّة الرابعة.
اليوم، وأمام النضالات الثوريّة في أميركا اللاتينيّة (الاكوادور عام 2000، والأرجنتين عام 2001، وفنزويلا عام 2002، وبوليفيا عام 2003 و2005، والتعبئة الجماهيريّة في أوروبا والولايات المتّحدة ضدّ الحرب عام 2003، والمقاومة البطوليّة للشعبين العراقي والأفغاني نشعر بالخسارة لعدم امتلاكنا لحزب ثوري عالمي لتوجيه هذه النضالات إلى كفاح موحّد ضدّ الإمبرياليّة، وكفاح من أجل انتزاع السلطة في البلدان المختلفة. يمكننا استخلاص استنتاجات مماثلة حول العمليّة الثوريّة للعام 1989، و90، و91، والتي حطّمت أنظمة الحزب الواحد في الاتّحاد السوفييتي السابق وأوروبا الشرقيّة. في غياب القيادة الثوريّة كانوا غير قادرين على التصدّي لعمليّة استعادة الرأسماليّة. لذا فإن تشييد الأمميّة الرابعة مهمّة مركزيّة للتقدّم في النضال ضدّ الإمبرياليّة.
إعادة التأسيس هذه ليست مهمّة من يدعون بـ “التروتسكيين” وحدهم، إنّها مهمّة كلّ أولئك الذين يتّفقون مع تأسيس البرنامج. تروتسكي عالج مهمّة بناء الأمميّة الرابعة، ليس فقط كمهمّة للمعارضة اليساريّة (“تروتسكيّي” تلك الأيّام) بل لكلّ أولئك الذين يتّفقون مع المبادئ اللينينيّة والحاجة إلى خوض معركة حتّى الموت ضدّ الإمبرياليّة، والبرجوازيّات القوميّة، والبيروقراطيّات. في الثلاثينيّات قاد تقدّم النازيّة والستالينيّة إلى استسلام منظّمات وقيادات كان يعمل معها تروتسكي من أجل بناء أمميّة جديدة. بسبب ذلك، وبسبب الحاجة الملحّة لتشييد منظّمة مركزيّة تقاتل في سبيل المبادئ الماركسيّة الثوريّة، قام أعضاء المعارضة اليساريّة الأمميّة ببناء الأمميّة الرابعة. رغم كلّ شيء، لم يتخلّ تروتسكي أبداً عن الكفاح من أجل بناء أمميّة الجماهير، والتي سيكون فيها “التروتسكيّون” أقليّة.
إننا لا نعتبر أنفسنا الثوريّون الوحيدون على الأرض. كما أنّنا لا نعتقد أن حلّ أزمة القيادة الثوريّة يكمن فقط في تنامي توجّهنا. على العكس، فلطالما كافحنا لخلق اتفاقيّات ثوريّة، سواء على الصعيد الوطني أو الأممي، لذا فإن تاريخنا هو تاريخ محاولات اندماج وكذلك تاريخ الانشقاقات التي تسبّبت بها الأحداث الأكثر أهميّة في الصراع الطبقي.
في هذه المعركة الطويلة الشاقّة لبناء الأمميّة، قمنا ببضعة أشياء جيّدة، ولكنّنا أيضا ارتكبنا العديد من الأخطاء. في كانون الثاني عام 1982، عندما كانت الرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة في طور التأسيس، قال نويل مورينو: “قادة الحركة التروتسكيّة ظنّوا أنّهم كانوا عمالقة، لا يخطئون أبداً، التروتسكيّة تحت قيادتهم كانت، رغم هذا، يؤسف لها”. “هذه التجربة للعمل الدائم مع “العباقرة” قادتنا، بشكل غير مباشر، لخلق بروباغاندا لقواعدنا لإقناعهم بأنّنا اقترفنا الكثير من الأخطاء، وأنّه ينبغي عليهم أن يتعلّموا كيف يفكّرون لأنفسهم، لأن قيادتنا ليست ضمانة للكمال. بقدر الإمكان، نريد أن نغرس النقد الذاتي، والروح الماركسيّة، وليس إيماناً دينيّا بقيادة محدودة، ضيّقة في تشكيلها، وغير مشذّبة في ثقافتها. لذا، فإنّنا نؤمن بالديمقراطيّة الداخليّة، وهذا هو السبب الذي يجعلنا نرى بأنّها ضرورة لا تحتمل التسوية. مضينا قدماً عبر أخطاء ونكسات، ولا نخجل من قول ذلك”.
“المسألة تكمن في اقتراف أخطاء أقلّ، سواء فيما يتعلّق بعددها أو بأهميّتها. برأيي، الميل لاقتراف أقلّ الأخطاء إذا ما كنّا في منظّمة أمميّة، يستند إلى المركزيّة الديمقراطيّة. بالنسبة لي هذا واقع. يمكنني القول بلا شكّ إن أيّ حزب وطني ليس ضمن الأمميّة البلشفيّة، بقيادة أمميّة، يميل لاقتراف المزيد من الأخطاء: لأنه أن تكون تروتسكيّاً قوميّا يعني أن ينتهي بك الأمر حتماً إلى التنكّر للأمميّة الرابعة وتبنّي مواقف انتهازيّة أو طائفيّة متعصّبة، وببساطة أن تختفي في نهاية الأمر”.
أصولنا
الاتجاه المعروف اليوم بالرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة كان قد تحوّل إلى توجّه أمميّ منذ 1953، وقد عرف بأسماء مختلفة. على المستوى القومي ظهر في العام 1944 في الأرجنتين، كمجموعة صغيرة بقيادة مورينو: مجموعة العمّال الماركسيّة. هدفها المركزيّ كان الوصول للطبقة العاملة، ومحاولة تجاوز الأصل الهامشي والبوهيمي والفكري للحركة التروتسكيّة الأرجنتينيّة.
خلال السنوات المبكّرة عانينا من الانحراف العمّالي الطائفي والدعائي. لم ينجز أيّ عمل بين الطلبة، والفرض الرئيسي للنشطاء الحزبيّين تمثّل في محاضرات حول “البيان الشيوعي”، وبعض النصوص الكلاسيكيّة الأخرى. ما بين 1944- 1948 كان لدينا أيضاً انحرافا تروتسكيّا قوميّا، والذي يقول: اعتقدنا أن هنالك حلّ لكلّ معضلات التروتسكيّة ضمن الحدود الخاصّة ببلدنا. فقط عام 1948 بدأنا بالمشاركة في الحياة الأمميّة، عبر حضور مؤتمرها الثاني.
عبر تدخّلنا في نضالات العمّال وفي الأمميّة، تمكنّا من تجاوز هذه الانحرافات، وتعزّزت المجموعة. في 1945 شاركنا بالإضراب الكبير لعمّال تعبئة اللحوم. في ذلك الوقت كان القطاع الرئيسي للطبقة العاملة موجودا في الأرجنتين. كان لهم أهميّة كبرى، وأتاحوا لنا تعبئة كل الرفاق في تجمّع العاملين في قطاع الضيافة تقريبا. تجاوزنا طائفيّتنا وميلنا البروباغاندي، ولكنّنا وقعنا في انحراف نقابي- اتّحاديّ، والذي في المقابل تمّ تجاوزه، بفضل مشاركتنا في الأمميّة، ببطء، ولكن حتماً بدأت قوّتنا بالتنامي. قمنا بقيادة مصانع تنتج أنابيب الاسمنت، والمنتجات الجلديّة، ومن ثمّ نادي حيّ الطبقة العاملة (فيلا بوبلادوفا). ورغم أنّنا كنّا مجموعة صغيرة، نحو 100 مناضل، تجذّرنا بعمق في الطبقة العاملة، وبنينا كادرنا البروليتاري المبدئي. خير مثال كان إلياس رودريجيوز، والذي يعدّ اليوم مثالا لتيّارنا. الحزب الأرجنتيني بات أكثر الأحزاب بروليتاريّة في الحركة التروتسكيّة، مع حزب العمّال الإشتراكي[8]، والذي تمّ بناؤه بتوجيه تروتسكي الشخصيّ.
مشاركتنا في الأمميّة الرابعة
بعد الحرب العالميّة الثانية كان قادة الأمميّة الرابعة، المؤلّفة من حزب العمّال الإشتراكي (الولايات المتّحدة)، وبابلو (اليونان)، ومانديل (بلجيكيا)، وفرانك (فرنسا)[9] في بدايات الشباب ويفتقدون إلى الخبرة، ولم يتمكنوا من التغلّب على الضعف النوعي الذي نجم عن اغتيال تروتسكي عام 1940. الخاصيّة الجوهريّة للأمميّة الرابعة لتلك الأيّام كانت انعزاليتها. مؤتمرها الثاني كان مثالا على ذلك. لقد عقد عام 1948، وسط تغيّرات كبرى: في الصين كانت الثورة قيد التنفيذ وحقّقت النصر بعد سنة من ذلك، وفي تشيكوسلوفاكيا تمّ كنس الوزراء البرجوازيّين إلى خارج الحكومة، كما تمّ تجريد البرجوازيّة من ممتلكاتها، سيرورة كانت تحدث في يوغوسلافيا منذ 1947. المؤتمر تجاهل هذه الأحداث، وركّز نقاشاته عوضا عنها حول السمة الطبقيّة للاتّحاد السوفياتي وما إذا كانت تنبغي حمايته من الهجمات الإمبرياليّة. هذا النقاش كانت قد تمّت معالجته في الحزب الأميركي خلال حياة تروتسكي في 1939- 1940.
رغم السمة الطائفيّة والدعائيّة للمؤتمر، إلاّ أن مشاركتنا به كانت في غاية الأهميّة لمجموعة العمّال الماركسيّين. منذ تلك اللحظة، بدأنا بالعمل في إطار أممي. أولينا الكثير من الإهتمام لصياغة تحليلنا السياسي للإمبرياليّة وعلاقاتها مع البرجوازيّات القوميّة. كان هناك أيضا نقاشا مستفيضا حول مواقفنا الأمميّة، كالموقف الذي اتّخذته مجموعة العمّال الماركسيّين –كجزء من الأمميّة الرابعة- عندما دافعت عن كوريا الشماليّة في مواجهتها مع كوريا الجنوبيّة. مورينو كان دائما يسلّط الضوء على أهميّة الإنضمام إلى الأمميّة الرابعة حتّى لو لم يتمّ الإعتراف بمجموعتنا كقطاع رسمي. في ذلك الوقت كان القطاع الرسمي هو المجموعة التي يقودها بوسادس.[10]
النقاش حول الدول الجديدة في أوروبا الشرقيّة
في 1949، بدأ النقاش حول السمة الطبقيّة لتلك الدول. مورينو دافع عن الأسلوب الذي تم خوض هذا النقاش به كمثال رائع للديمقراطيّة المركزيّة. كان هنالك موقفين أساسيّين. وفقا لمندل (بلجيكا) وكانون (الولايات المتّحدة) فإن تلك الدول كانت رأسماليّة. الرأي الذي دفع به بابلو (اليونان)، والذي دعمته بعض الإعتراضات من قبل هانسين (الولايات المتّحدة) ومورينو، يقول إن دول العمّال الجديدة قد بزغت. النقاش استقرّ بشكل سريع نسبيّا. مانديل وكانون اعترفا بوجود عمليّة ثوريّة حقيقيّة في أوروبا الشرقيّة، وبأن دول عمّال متحلّلة جديدة قد ظهرت. هذا النجاح السياسي رفع من مكانة بابلو في الصفوف الأمميّة، وبهذا وصلنا عام 1951 إلى المؤتمر الثالث.
الصراع ضد “البابلويّة”
عام 1951، تماما في منتصف الحرب الباردة، كان كل المعلّقين الأمميّين ينطقون بحتميّة النزاع المسلّح بين الولايات المتّحدة والإتّحاد السوفييتي. بابلو ومندل، مُضَلَّلَين بالصحافة البرجوازيّة، وصلا إلى استنتاج أثبت هلاك الأمميّة: برأيهما كانت الحرب العالميّة الثالثة حتميّة. في مواجهة هذا كانت الأحزاب الشيوعيّة، المتحمّسة للدفاع عن الاتّحاد السوفييتي، ستتبنّى أساليب عنيفة لمواجهة الإمبرياليّة والاستيلاء على السلطة. الشيء ذاته كان يفترض أن يحدث مع الأحزاب القوميّة البرجوازيّة في البلدان غير المستقلّة.
استنادا إلى هذا التحليل، روّج بابلو ومندل لتسربات في الأحزاب الشيوعيّة وتلك القوميّة البرجوازيّة. كان من المتوقّع أن نتبعهم دون أيّ نقد حتّى استلام السلطة. معظم التروتسكيّين الأمميّين، متّبعين قيادة القطاع الفرنسي، رفضوا المضي في هذه السياسة. ونحن في حزب العمّال الثوري (الإسم الجديد لمجموعة العمّال الماركسيّين) ندّدنا بهذا الموقف لأنّه يعني التخلّي عن تعريف البيروقراطيّة الستالينيّة بأنّها ثورة مضادّة والتخلّي عن النضال ضدّها. لقد كان ذلك تغييرا كاملاً للنقاط الجوهريّة للبرنامج التروتسكي. لقد أكّدنا أن تلك المواقف برزت بسبب البرجوازيّة الصغيرة، والسمة الإنطباعيّة والفكريّة للقادة الأوروبيّين.
الثورة البوليفيّة والإنقسام في الأمميّة الرابعة
مواقف قادة الأمميّة الرابعة كان لها تداعيات سياسيّة هامّة. بسبب هذا الموقف، رفض بابلو المطالبة بانسحاب الدبّابات الروسيّة التي كانت تواجه انتفاضة العمّال في برلين عام 1953. ما كان يعنيه هذا حقّاً هو تأييد البيروقراطيّة السوفييتيّة. ولكن التداعيات الأكثر مأساويّة لهذه السياسة كانت خيانة الثورة البوليفيّة.
في 1952، اندلعت ثورة عمّاليّة كلاسيكيّة في بوليفيا. العمّال، منظّمون في ميليشيات، هزموا الشرطة والجيش عسكريّاً. فيدراليّة العمّال البوليفيّين برزت كمنظّمة قوّة مزدوجة. في 1953، بدأت ثورة الفلاّحين باجتياح مناطق شاسعة وباحتلال الأرض. أحد أولى المكاسب كان تأميم المناجم. حتى 1954، كانت القوات المسلّحة الرئيسيّة في بوليفيا هي ميليشيات العمّال تحت قيادة الفيدراليّة.
حتى بعد الأربعينيّات كانت المنظّمة التروتسكيّة البوليفيّة (حزب العمّال الثوري) تكتسب تأثيراً هائلاً في أوساط الحركة العمّاليّة. عضويّتها اشتملت على قادة مهمّين من عمّال المناجم، والمصانع، والفلاّحين. قائدها الأساسي غيليرمو لورا[11]، كتب فرضيّة البلاكايو، كتعديل للبرنامج الإنتقالي بما يتناسب مع الواقع البوليفي، وتم تبنّيه من قبل فدراليّة عمّال المناجم. في انتخابات العام 1946، تم انتخاب لورا كسيناتور من قبل تحالف بقيادة الإتحاد العمالي. في ثورة 1952، كان حزب العمّال الثوري يمثّل قيادة مشاركة للميلشيا ومؤسّساً مشاركا لاتحاد العمال البوليفيّين. حزب العمّال الثوري كان لديه تأثيرا عظيما بين الجماهير.
لسوء الحظّ، السكريتاريا الأمميّة للأمميّة الرابعة، بقيادة بابلو، لم تدعُ اتحاد العمّال البوليفيّين لاستلام السلطة، بل منحت عوضا عن ذلك دعما مبنيّا على النقد للحكومة البرجوازيّة (حركة القوميّين اليرجوازيّة). دون توجّه ثوري، بدأ الجماهير تدريجيّاً يفقدون سلاحهم وتعبئتهم. بعد بضعة سنوات تمّ سحق الثورة تماما. ونتيجة لهذه الخيانة باتت التروتسكيّة البوليفيّة في غاية الانحلال وبدأت عمليّة انقسامات متتالية.
بالتوازي مع هذه السياسة، قامت القيادة الأمميّة، بزعامة بابلو، بتوظيف استراتيجيّة قاتلة: تدخّلوا في الحزب الفرنسي لتدمير القيادة التي لا تتفق مع سياستهم، كما حاولوا تشكيل مجموعة سريّة داخل حزب العمّال الإشتراكي في الولايات المتّحدة.
رفضا للتسلّل، قام معظم التروتسكيّين الفرنسيّين (بقيادة لامبيرت[12])، والتروتسكيّين البريطانيّين (بقيادة هيلي[13])، وحزب العمّال الإشتراكي (الولايات المتّحدة)، والتروتسكيّين الأميركيّين الجنوبيّين بالإنشقاق عن السكرتاريا الأمميّة التي يقودها بابلو. عام 1953، ابتدعنا اللجنة الأمميّة.
سكرتاريا أميركا اللاتينيّة للتروتسكيّة الأرثوذوكسيّة: ثورة البيرو
في أميركا اللاتينيّة، قام حزب العمّال الثوري الأرجنتيني، إلى جانب تروتسكيّين من تشيلي والبيرو، بقيادة حملة عنيفة ضدّ السياسة المتعلّقة ببوليفيا. في نيسان 1953، كتب نويل مورينو نصّا بعنوان “مبدأين توجيهيّين”، معلنا أن سياسة التأييد النقدي لحزب الحركة الوطنيّة الثوريّة البرجوازي كانت خيانة، وأنّه كان عليهم المناداة بكلّ السلطة لفيدراليّة العمّال البوليفيّين. في ذات الوقت طالبنا بأن تتصرّف اللجنة الأمميّة (الأمميّة الرابعة) كمنظّمة مركزيّة، لأن هذا كان الطريق الوحيد لهزيمة التحريفيّة البابلويّة. الرفض الذي أبدته معظم القوى في اللجنة الأمميّة للتصرّف بشكل مركزي، إلى جانب السياسة العدائيّة، أتاحا تقدّما أكبر للمواقف البابلويّة، رغم أن معظم التروتسكيّين كانوا ضدّهم. عندما فشلت جهودنا في حمل اللجنة الأمميّة على التصرّف بمركزيّة، بدأنا بالتصرّف كميل أممي. عام 1957، مع قيادات من تشيلي والبيرو، قمنا بتشكيل “سلاتو” (سكرتاريا أميركا اللاتينيّة للتروتسكيّة الأرثوذكسيّة).
في 1962، أتاح لنا وجود السكرتاريا التدخّل المركزي في سيرورة ثورة المزارعين في البيرو. أرسلنا هيوجو بلانكو[14]، طالب من البيرو ومناضل في الأرجنتين، للمشاركة في عمليّة مدينة كوزكو. وتبعا لميل السكرتاريا قاد هيوجو بلانكو عمليّة تجريد ملكيّة الأراضي، ونشر المنظّمات النقابيّة في الريف. السكرتاريا أرسلت العديد من الكوادر لدعم هذا العمل. وهكذا تمكنّا من بناء جبهة اليسار الثوريّة. الجبهة كان يقودها تروتسكيّون وشكّلت أساس ما بات اليوم قطاعنا في البيرو.
في 1963، قبض الجيش على هيوغو بلانكو. ما بين 1963 و1967، أُبقي عليه معزولا. في 1967، تمّت محاكمته أمام محكمة عسكريّة. كان هنالك احتمال لإصدار حكم الإعدام بحقّه، لذا قمنا بتدشين حملة أمميّة نالت دعما هائلا من أشخاص مشهورين كسارتر، وسيمون دو بوفوار، وإساك دوستشر، والنقابات الفرنسيّة، والبريطانيّة، والهنديّة، وأعضاء برلمان فرنسيّين وبريطانيّين وغيرهم. وبفضل هذه الحملة حكم عليه بالسجن 25 سنة عوضا عن الإعدام. ولكن الكفاح لم ينته هنا، وأفضت حملة أخرى إلى إطلاق سراحه عام 1970. خلال كل تلك السنوات، استمرّ انتخاب هيوغو بلانكو في كونغرس الفلاّحين بالبيرو كقائد رئيسي للفلاّحين.
الثورة الكوبيّة ووحدة 1963
الاعتراف بالثورة الكوبيّة ودعمها شكلا أساس إعادة الوحدة للأمميّة الرابعة عام 1963. وهكذا تشكّلت السكرتاريا الموحّدة[15]. كان يقودها إرنست مندل وحزب العمّال الإشتراكي (بابلو غادر الأمميّة الرابعة ليصبح مستشارا لدى إدارة بن بيلا[16] البرجوازيّة في الجزائر). كل القوى التروتسكيّة التي رأت في كوبا دولة عمّال جديدة انضمّت إلى السكرتاريا الموحّدة. التروتسكيون البريطانيّون والفرنسيّون لم ينضموا لأنّهم لم يتّفقوا مع هذا الموقف حول الثورة الكوبيّة.
انتظرنا لسنة قبل الإنضمام لأننا طالبنا في البدء برؤية تقييمهم للاستراتيجيّة غير المدروسة (سيّئة الدراسة) والتي قادت إلى غدر الثورة البوليفيّة، كطريقة لمنع انقسامات مماثلة من الحدوث مستقبلا. ورغم أنّهم لم يصدروا ورقة نقد ذاتي، قرّرنا الانضمام في 1964. كنّا مقتنعين، رغم خلافاتنا، أن الوحدة المبنيّة على الثورة كانت شيئا إيجابيّا. رأينا أن هذا سيضعنا في موقف أفضل للتدخّل بقوّة أكبر في الهبّات المستقبليّة التي كنّا نتوقّعها.
النضال ضد انحراف حرب العصابات، وتطوّر الحزب الأرجنتيني، والثورة البرتغاليّة
الثورة الكوبيّة كان لها تأثير قوي على الطليعة الأمميّة، خاصّة في أميركا اللاّتينيّة. في الأرجنتين، خلال الستّينيّات، توازى هذا مع تراجع نضال العمّال. التأثير الكاستروي كان له تداعيات خطيرة على مجموعتنا.
منذ 1957 حتّى 1964، قامت منظّمتنا (تعرف اليوم بـ “بالابرا أوبريرا” –كلمة العمّال- من اسم دوريّتها) باستخدام تكتيك التسلّل (الإختراق) في 62 منظّمة بيرونيّة (اتّحادات)[17]، كطريقة للبقاء على اتّصال بالقطاعات الأفضل والأكثر تقدّما للمقاومة ضدّ الدكتاتوريّة العسكريّة. خلال ذلك الوقت، قامت مجموعتنا ببناء روابط وثيقة مع حراك العمّال، أوثق ممّا يمكن لأية منظّمة يساريّة أخرى بناؤه في الأرجنتين. بات هذا بمثابة السمة المميّزة لتيّارنا. لكن في 1964، دخلنا في أزمة عميقة عندما قام فاسكو بينغوتشيا[18]، الذي كان، إلى جانب مورينو، أحد القادة الأساسيّين لمنظّمتنا، بمغادرتنا للانضمام إلى القادة الكوبيّين. بعد بضعة سنوات، في 1968، شهدنا انشقاقا كبيرا خسرنا فيه بعض كادرنا الرئيسي الذي فاز من أجل دعم مواقف “الفوكيستا”[19]. القائد الأساسي للانشقاق كان روبيرتو سانتوشو، الذي اجتمعنا به في 1965، والذي أصبح بعد ذلك القائد الرئيسي لـلجيش الشعبي الثوري (E. R. P).[20]
ولكن آثار ضغط “الفوكسيّة” امتدّت إلى ما هو أبعد من مجموعتنا الأرجنتينيّة، قادة الأمميّة الرابعة تأثروا بها أيضا. لم نتمكّن من هزيمة وتجاوز منهجيّة مندل فقيرة التفكير والانطباعيّة. في أواخر الستّينيّات أدّى استمرار استخدام تلك المنهجيّة إلى استسلام جديد، هذه المرّة للمفهوم الكاستروي المتعلّق بحرب العصابات حول “الفوكسمو” (التركيز). المؤتمر التاسع للأمميّة الرابعة (1969) صوّت على تبنّي تكتيك حرب العصابات في أميركا اللاّتينيّة. بالتناغم مع هذا، أصبح حزب سانتتشو (حزب المقاتل) معترفاً به كفرع رسمي للأمميّة الرابعة. منظّمتنا (الحقيقة) بقيت القطاع المتعاطف.
حزب العمّال الإشتراكيين الأميركي، وحزب العمّال الإشتراكي الأرجنتيني، (نفس الإسم الذي تبنّاه قطاعنا بعد الإندماج مع جوان كارلوس كورال، انشقاق من حزب العمّال)[21] وكلّ مجموعات أميركا الجنوبيّة شكّلوا توجّهاً قاد معركة ضارية ضدّ هذه المواقف. قلنا إن نظريّة “الفوكو” (تكثيف حرب العصابات لإشعال ثورة- المترجم) كانت سياسة نخبويّة، معزولة عن حركة الجماهير. وقلنا إنّها قد تكون كارثيّة. مع الأسف، أثبت الواقع أنّنا كنّا على صواب. التروتسكيّة خسرت عدداً لا يحصى من الميليشيات القيّمة، عموماً في الأرجنتين، ولكن أيضاً في بلدان أخرى، عبر اتّباع هذه السياسة الخاطئة. منذ تلك اللحظة، بدأت السكرتاريا الموحّدة بالتصرّف كفيدراليّة ميول، يطبّق فيها كلّ اتّجاه سياسته الخاصّة.
وجود المنظّمة الأمميّة الموحّدة (السكرتاريا الموحّدة) قدّم إمكانيّة الاستفادة من الفرص الجديدة التي لاحت مع النضالات المتسارعة في 1968. مثلا، في فرنسا، حيث كانت التروتسكيّة تمتلك كلّ شيء ولكنّها اختفت بفضل الإختراقات، خلقت العصبة الشيوعيّة الثوريّة[22] وتمكّنت من تنظيم 5000 مناضل، وإصدار صحيفة يوميّة. في أميركا اللاتينيّة، شهدنا تناميا هائلا لحزب العمّال الإشتراكي الأرجنتيني. في الولايات المتّحدة، أصبح حزب العمّال الإشتراكي أكثر قوّة عبر مشاركته وتدخّله في الحراك ضدّ حرب فيتنام.
ولكن لأنّنا لم نكن قادرين أبداً على هزيمة انحراف حرب العصابات، واجهنا في السبعينيات استسلامات جديدة لمندل، هذه المرّة كانت للطليعة الجماهيريّة التي برزت منذ أيّار 68 في فرنسا، والتي كانت تحت تأثير الماويّة. اختلافنا مع مندل حول هذه القضيّة تطوّر إلى كتاب لمورينو بعنوان: “الحزب والثورة”.
في غضون هذا النضال ضدّ الميل لحرب العصابات وضدّ الطلائعيّة، حزبنا الأرجنتيني، حزب العمّال الإشتراكي (الذي ظهر من الإندماج بالقطاع الذي انشقّ عن الإشتراكيّة الديمقراطيّة)، تطوّر إلى حزب طليعي قوي. وكان قادرا على بناء قوّته عبر تطبيق سياسة مختلفة تماماً عن تلك التي اتّخذها مندل: سياسة المشاركة في النضالات المستجدّة، والتي بلغت ذروتها بالعصيان الجزئي المعروف بـ “كوردوبازو”[23]، والمشاركة في العمليّة الانتخابيّة. كانت تلك هي الفترة التي قمنا خلالها بتنظيم أحزابنا في الأورغواي وفنزويلا.
عام 1974، عندما اندلعت الثورة البرتغاليّة، أرسل حزب العمّال الإشتراكي كوادر للمشاركة في تلك العمليّة. دفعنا بسياسة تقدّم النضال على أساس استلام السلطة، عبر تطوّر ومركزة المنظّمات ثنائيّة السلطة التي برزت. لذا قمنا بتجنيد قطاع طلبة المدارس الثانويّة وبتنظيم الحزب البرتغالي، الذي وفّر كوادر هامّة للأمميّة الرابعة.
الثورة أدّت إلى استسلام آخر لمندل. متّبعا موقف الماويّين، قام بدعم حركة القوّات المسلّحة[24]، التي كانت في الواقع الحاكم الشريك للإمبراطوريّة البرتغاليّة. وقد تسبّبت هذه العمليّة أيضا بانشقاق 1975 في التيّار اللينيني التروتسكي (الفصيل الذي قمنا بتأليفه مع حزب العمّال الإشتراكي لمواجهة المندليّة)[25]، لأنّنا لم نكن قادرين على الاتّفاق على سياسة مشتركة للثورة. ظنّوا أن المهمّة المركزيّة هي رفع المطالب الديمقراطيّة ونشر أعمال تروتسكي.
غالبيّة منظّمات وميليشيات كولومبيا، والبرازيل، والمكسيك، والأورغواي، والبرتغال، وأسبانيا، وإيطاليا، والبيرو تركت الفصيل اللينيني التروتسكي، وبدأت توجّهاً سرعان ما أصبح جزءاً من السكرتاريا الموحّدة، الفصيل البلشفي[26]، الذي سيقود لاحقا لولادة الرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة.
مشاركتنا في الثورة البرتغاليّة، وجدلنا مع المندليّة وحزب العمّال الإشتراكي (الأميركي)، ساعدانا على تطوير فهمنا النظري حول إنشاء الأحزاب خلال عمليّات ثوريّة تمّ شرحها لاحقا في “الثورة والثورة المضادّة في البرتغال”.
الحزب في البرازيل
مجموعة من الشباب البرازيليّين المنفيّين في تشيلي تواصلت مع تيّارنا. بعد انقلاب بينوشيه، غادروا إلى الأرجنتين وبدأوا بتنظيم حزب العمّال الإشتراكي. في 1974 عادوا إلى البرازيل لبناء الحزب. لذا تمّ تأسيس رابطة العمّال[27]، ولاحقا التجمّع الإشتراكي[28]. بدأت المجموعة بتطوير نفسها، وبالتواصل مع قادة الفصيل البلشفي قامت بتحسين برنامج يدعو لتأسيس حزب العمّال.
المنظّمة البرازيليّة الشابّة طوّرت التسلّل (الإختراق) على مدى الـ 12 سنة المقبلة، دون أن تتحلّل أو تستسلم للقيادة البيروقراطيّة لحزب العمّال. كان هذا ممكنا فقط لأنهم كانوا ينتمون إلى تيّار أممي ساعد على توجيه وإدارة التسلّل في حزب العمّال، وتركيز العمل في تكتّل المعارضة باتّحادات الفدراليّة المركزيّة الموحّدة للعمّال[29]، وتوفير إيضاحات حول السمة البيروقراطيّة لقيادة لولا.
بهذه الطريقة، تمكّن التجمّع الإشتراكي من الإنفصال عن حزب العمّال بعد 12 سنة[30]، وبات أقوى ممّا كان عليه عند انضمامه، وبسياسة بناء جبهة ثوريّة موحّدة استهدفت القطاعات الطليعيّة التي كانت تنجرف خارج حزب لولا.
الحزب الكولومبي
الانقلاب العسكري لعام 1976 في الأرجنتين أنتج ديكتاتورية فيديلا الشبه فاشيّة. كان على حزب العمّال الإشتراكي إخلاء كوادر هامّة من البلاد، وضع قمنا باستغلاله لتعزيز عملنا الأممي. كانت تلك هي الفترة التي بنينا خلالها منظّماتنا في بوليفيا، وتشيلي، والاكوادور، وكوستاريكا، وبنما، والتي عززنا فيها عملنا في البرتغال وإسبانيا. ولكن السيرورة الأكثر أهميّة كانت في كولومبيا، حيث تواصلنا مع الكتلة الإشتراكية، منظّمة تندفع باتّجاه مواقف ثوريّة بكوادر جاءت من الكاسترويّة ومن الكنيسة. هكذا تأسّس حزب العمّال الإشتراكي الكولومبي[31]. تبلور بسرعة وأصبح أحد الركيزتين اللتين يستند إليهما عملنا الأممي.
النضال ضد الديكتاتوريّة الأرجنتينيّة
في ذات الوقت، كان حزب العمّال الإشتراكي الأرجنتيني يلعب دورا بطوليّا في المقاومة ضدّ ديكتاتوريّة الإبادة الجماعيّة في الأرجنتين. نحو 250 مناضلا في الحزب تمّ سجنهم، وأكثر من 100 تمّ قتلهم أو اختفوا. بالعمل تحت أكثر الظروف سريّة على الإطلاق، استمرّ الحزب بإصدار صحيفته وطوّر العمل بين العمّال، والشباب، والمثقّفين.
في بداية حرب فوكلاند، قمنا بتطوير سياسة مبدئيّة لتعريف ومهاجمة الاجتياح الإمبريالي كعدو رئيسي، رغم الكراهية الشديدة للديكتاتوريّة. منذ اللحظة الأولى، ودون أي تبلّد في استنكارنا للديكتاتوريّة، وقف حزب العمّال الإشتراكي إلى جانب الميليشيات الأرجنتينيّة التي تنظّمت لهزيمة الإمبرياليّة. بالخروج من الديكتاتوريّة، اكتسب حز العمّال الإشتراكي احتراما كبيرا بين الطليعة، ودمج 800 كادرا قويّاً وصلبا. هؤلاء المناضلون الـ 800 بدأوا بالعمل لبناء الحركة من أجل الإشتراكيّة، وتجنيد مجموعة من الكوادر التي خرجت من اتّجاهات إشتراكيّة أخرى للمساعدة في هذا المشروع.
ثورة نيكاراغوا: فرقة سيمون بوليفار
في 1979، عندما بدأت ثورة نيكاراغوا، قرّر اتّجاهنا، رغم اختلافاتنا مع الساندينيّة، المشاركة الفعليّة في النضال ضدّ سوموزا. عبر حزب العمّال الإشتراكي الكولومبي، تمّ تدشين حملة جماهيريّة لبناء فرقة سيمون بوليفار. لقد تمّ إنشاء الفرقة لميليشياتنا وللثوّار المستقلّين من كولومبيا، وبنما، وكوستاريكا، والولايات المتّحدة، والأرجنتين. ومع الحفاظ على استقلاليّة سياسيّة تامّة، انضمّت الفرقة إلى الساندينيين ولعبت دورا بطوليّا في تحرير المنطقة الجنوبيّة لنيكاراغوا، بعد أن كلّفها ذلك الكثير من القتلى والإصابات. عندما انتصرت الثورة، استقبلت الفرقة استقبال الأبطال في ماناغوا. كنّا نطالب بانشقاق الساندينيّين عن البرجوازيّة وانتزاع السلطة مع اتّحادات النقابات العمّاليّة. ولكن الساندينيّين، متّبعين لسياسة كاسترو، شكّلوا حكومة ائتلاف مع فيوليتا تشامورو. الفرقة بدأت بالعمل في التنظيم النقاببي، وتمكّنت خلال أسبوع واحد من تنظيم ما يزيد عن الـ 70 اتّحاداً. أزعج هذا القيادة الساندينيّة وقرّروا نفي الفرقة من نيكاراغوا. وقد تمّ سجن العديد من أعضاء الفرقة وتعذيبهم من قبل البوليس البنمي، المتحالف مع الساندينيّين.
السكرتاريا الموحّدة أرسلت بعثة إلى ماناغوا لإخبارنا أنّنا كنّا مجموعة يساريّة متطرّفة، لا يريدون أيّة علاقة بها، وذهبوا إلى أبعد من ذلك عبر قرار منع إنشاء أحزاب مستقلّة عن الساندينيّين. رفضهم للدفاع عن ميليشيات ثوريّة تعذّبت من قبل البرجوازيّة كان نتيجة التصويت على قرار داخلي، كان عمليّا، حكما بطرد اتّجاهنا، ما أرغمنا على الانشقاق عن السكرتاريا الموحّدة نهائيّا.
هذه الأحداث كشفت اختلافاتنا الحقيقيّة عن السكرتاريا الموحّدة. دافعنا عن الحاجة لبناء أحزاب ثوريّة في نيكاراغوا، ولم يوافقوا. كان هذا النقاش مماثلا لذلك حول كوبا، بقدر ما كان تأسيس الحزب مهمّا مع الحاجة إلى ثورة سياسيّة. كلّ شيء كان يشير إلى استسلام السكيرتاريا للكاسترويّة والساندينيّين.
علاقتنا باللامبيرتية
الاتّجاه التروتسكي الذي قاده بيار لامبيرت لم يتضامن مع فرقة سيمون بوليفار. وهكذا بدأت علاقتنا باللامبيرتيّة، الاتّجاه الذي لم نتواصل معه منذ 1963. بدأنا عمليّة نقاش، باتّفاقيّات مبدئيّة واتّفاقات تتعلّق بالبرنامج الذي عبّرت عنه فرضيّة حول البرنامج الإنتقالي لليوم، لنويل مورينو. في ذلك النص، قام مورينو بتطوير تعريف سياسي للستالينيّة والكاسترويّة كثورات مضادّة، ولسيرورات فترة ما بعد الحرب (أوروبا الشرقيّة، والصين، وكوبا) كعمليّات ثوريّة رغم حقيقة أنّها لم تكن بقيادة الطبقة العاملة أو حزب ثوري.
في ذات الوقت، يجادل النص بضرورة الدفع قدما بثورة سياسيّة في دول العمّال المتحلّلة التي ظهرت من هذه السيرورات. إنّها تقدّم تحليلاً لنضالات حرب العصابات والسياسات الانتهازيّة لقياداتها. النصّ يولي أهميّة خاصّة للدفاع عن حقّ تقرير المصير للجنسيّات المضطهدة وللمهام الديمقراطيّة. إنّه يحدّد بداية سيرورة الأزمة في أجهزة الثورة المضادّة، خاصّة الستالينيّة، ما أنتج إمكانيّة الكفاح للأحزاب التروتسكيّة والأمميّة الرابعة بتأثير جماهيري.
قاموا بتشكيل لجنة المساواة التي أدّت، عام 1980، إلى تشكيل منظّمة مشتركة: الأمميّة الرابعة، اللجنة الأمميّة. وهكذا مضينا في حملة الدعم و”التضامن” في بولندا. كلّ شيء كان يشير إلى أنّنا أصبحنا قادرين لاتّخاذ خطوة واسعة قدما نحو إعادة تأسيس الأمميّة الرابعة.
لكن هذا المشروع توقّف لأن حضورنا الضعيف في أوروبا قادنا إلى ارتكاب أخطاء جمّة. لم ندرك أن اللامبيرتيّة كان لديها ارتباطات وثيقة بالبيروقراطيّة النقابيّة، ما قاد لامبيرت في النهاية إلى الاستسلام لإدارة الجبهة الشعبيّة عندما فاز ميتران بالإنتخابات في فرنسا. لامبيرت رفض مناقشة السياسة في فرنسا، وبدأ بطرد الميليشيات التي كانت تعارض تلك السياسة. وقد أنتج هذا الانشقاق الأمميّة الرابعة- اللجنة الأمميّة.
هذا الخلاف مع اللامبيرتيّة حملنا على الارتقاء في إعدادنا النظري حول الجبهات الشعبيّة، ما أدّى إلى نشر مؤلّف “خيانة اللجنة الأمميّة للعمّال” لنويل مورينو.
تأسيس الرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة
في كانون الثاني 1982، عقد اجتماع أممي لأحزاب الفصيل البلشفي وقائدين لامبيرتيّين هامّين: ريكاردو نابوري من البيرو، وألبيرتو فرانسيتشي من فنزويلا. إحدى النقاط المركزيّة للاجتماع كانت تنظيم حملة دفاع عن القيم الثوريّة لنابوري، الذي هاجمه لامبيرت لتعبيره عن اختلافات سياسيّة معه. نقطة هامّة أخرى كانت كيفيّة التقدّم في تشييد الأمميّة.
إستعادة الوحدة، بالإضافة إلى قرار تدشين الحملة، تمّ الإجماع عليهما ليصبح هذا المؤتمر، هو المؤتمر التأسيسي للمنظّمة الأمميّة الجديدة. لقد صوّتوا ووافقوا على الأطروحة التأسيسيّة وتشريعات الرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة، ما دفع قدما باستراتيجيّة إنشاء أمميّة رابعة بتأثير جماهيري. لم يكن هذا ببساطة الفصيل البلشفي بإسم آخر، الآن بعد ضمّ فرانسيتشي وحزبه، انفصلت حركة اليسار الثوريّة عن اللامبيرتيّة. وبعد قليل من الوقت انضمّ نابوري مع نصف أعضاء حزب البيرو، الذي انشقّ أيضاً عن لامبيرت.
في 1985، انضمّ الحزب الدومينيكاني للرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة. هذه المجموعة لم تأت من التروتسكيّة بل من انشقاق عن الكنيسة. في 1987، انضمّت مجموعة بيل هانتر من بريطانيا[32]، أيضا لم تكن ناشئة عن التقاليد المورينيّة، وكذلك قامت مجموعة من التروتسكيّين الشباب المستقلّين بتأسيس حزب العمّال الباراغواياني، أكبر الأحزاب اليساريّة في ذلك البلد.
في 1985، صوّت المؤتمر الأوّل للرابطة الأمميّة للعمّال – الأمميّة الرابعة لصالح مانفيستو يطوّر تحليلا سياسيّا للوضع الدولي الراهن كوضع ثوري. وعلاوة على ذلك، دعا المانفيستو إلى تأسيس جبهة ثوريّة موحّدة استنادا إلى برنامج الحدّ الأدنى الثوري لمواجهة جبهة الثورة الإمبرياليّة المضادّة، والبرجوازيّة القوميّة، والكنيسة، والستالينيّة، والكاسترويّة، والساندينيّة، والبيروقراطيّات النقابيّة. كان البرناج هو الدفع قدما بتأسيس أحزاب وطنيّة ثوريّة وأمميّة بتأثير جماهيريّ.
الحملات السياسيّة الرئيسيّة للرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة
أولى حملاتنا كانت لانتصار الأرجنتين في حرب المالفيناس (فوكلاند)[33]. عبر هذه الحملة، قمنا بتطوير تدخّل في عمليّة مناهضة الإمبرياليّة في أميركا اللاتينيّة. حملة تسديد الديون الخارجيّة منحتنا فرصة الاتّحاد بالتعبئة الجماهيريّة في بوليفيا، ما أرغم حكومة جبهة سيليس سوازو[34] الشعبيّة على تعليق دفع الديون. وكانت هنالك حملة هامّة ضدّ اتّفاقيّات إسكويبولاس وكونتادورا[35]، والتي كانت مبادرة إمبرياليّة حظيت بتأييد الكاسترويّين والساندينيّين لإعاقة العمليّة الثوريّة في أميركا الوسطى. وفي 1991، مضينا في حملة لهزيمة الإمبرياليّة في حرب الخليج.
إنشاء الحركة من أجل الإشتراكيّة في الأرجنتين
بعد سقوط الديكتاتوريّة عام 1982، عزمت قيادة الرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة على إعطاء الأولويّة للعمل في الأرجنتين، حيث تتوفّر الإمكانيّات الموضوعيّة والذاتيّة لتصبح الحركة من أجل الإشتراكيّة حزبا بتأثير جماهيري. في نضالات حركة الجماهير وعبر المشاركة في العمليّة الإنتخابيّة، باتت الحركة هي الحزب الأقوى في اليسار الأرجنتيني. ضرب الحزب جذورا عميقة في المصانع الرئيسيّة ومناطق الطبقة العاملة، وتصدّر قوائم المعارضة في النقابات، وعقد تجمّعات بـ 20000- 30000 من الحضور. وبفضل هذا العمل، فاز أوّل مرشّح تروتسكي بمقعد في البرلمان الأرجنتيني، وكان الحزب قادرا على تنظيم وتوجيه 100000 في معارضة الحكومة.
في 1987، في منتصف العمليّة، تلقّت الرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة ضربة فظيعة: وفاة مؤسّسها وقائدها الرئيسي نويل مورينو. غيابه تسبّب في ضعف نوعي لقيادتنا الأمميّة، ولعب دورا كبيرا في تطوير مخرجات الأزمة التي قادت إلى دمار أمميّتنا.
أزمة التسعينيّات
في السنوات الأولى للتسعينيّات، كانت هناك أزمة كبيرة في تيّارنا الأممي. تغيّرات كبرى كانت تحدث في العالم مع سقوط جدار برلين، والتي كان لها تداعياتها عبر الكرة الأرضيّة. سيرورات ثوريّة هامّة دمّرت الأجهزة المركزيّة للستالينيّة، وحرّرت في سياقها حركة العمّال الأمميّة من نير العبوديّة الذي كان يكبحها لعقود. ولكن الإفتقار إلى قيادة ثوريّة أمميّة حال دون تمكّن هذه السيرورة من التصدي لاستعادة الرأسماليّة التي كانت البيروقراطيّة تنسّقها. وقد خلق هذا مدخلا لهجمات إمبرياليّة سياسيّة، وعسكريّة، وأيديولوجيّة.
في تلك الفترة ظهرت أزمة الرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة، أزمة ستقودها عمليّاً إلى نقطة الدمار. القيادة الجديدة للرابطة ارتكبت كثيرا من الأخطاء عبر الاستجابة الخاطئة لأحداث 1989- 1990. لقد كانوا محقّين في فهمها على أنّها عمليّة ثوريّة، ولكنّهم فشلوا في تحديد كثير من التناقضات المبدئيّة، لذا قاموا بكثير من التوصيفات الأحاديّة. لهذا كان الفهم الذي طوّروه حول أوروبا الشرقيّة وكلّ دول العمّال السابقة إعلانا ذاتيّا. قاموا بتطوير سياسة بملامح انتهازيّة للاستسلام للارتكاس الديمقراطي[36].
وفي ذات الوقت، وقعنا بالأرجنتين في انحراف تروتسكي- قومي: القيادة الأمميّة كانت فعليّا حكرا على قيادة الحزب الأقوى، الأرجنتيني، الذي بدأ بالتصرّف على أنّه الحزب الأم ولم يستجب للتحديات الكبرى المطروحة في البلاد على نحو صحيح.
كلّ هذا تسبّب بأعمق أزمة في تاريخنا. وما لبث أن قاد الأمر إلى انشقاقات في الحزب الأرجنتيني وخسارة للعضويّة، وانشقاق في الحزب الإسباني، كما قام الحزب الكولومبي بترك الأمميّة. كان هنالك أيضا انشقاق داخل الحزب البرازيلي. في هذه العمليّة قام 40% من الحزب الأرجنتيني، وحزب العمّال الإشتراكي البنمي، ونصف حزب العمّال الإشتراكي في البيرو، وقطاع حزب العمّال الإشتراكي في المكسيك، ونصف قطاع الاكوادور، وأجزاء من الأحزاب التشيليّة، والألمانيّة، والبرتغاليّة بترك الرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة. رسميّا، استمرّ وجود الرابطة. استمرّت في امتلاكها لقيادة أمميّة، وفي تنظيم اجتماعات أمميّة، وفي إصدار نشرة أمميّة. ولكنّها كانت أكثر فأكثر مجرّد أممية شكليّة. الرابطة امتلكت كلّ شيء، ولكنّها بلغت مرحلة الدمار.
مسبّبات الأزمة
مزيج من العوامل الموضوعيّة والذاتيّة يساعد على شرح هذه الأزمة. ولكن كان للعوامل الموضوعيّة تأثير أكثر أهميّة، تأثير امتدّ إلى ما وراء أمميّتنا. في الواقع هذه العمليّة أثّرت على كلّ منظّمات اليسار، الإصلاحيّة وكذلك الثوريّة. وهذا دليل على أهميّة تلك العوامل الموضوعيّة.
بعد الهزيمة العسكريّة في فيتنام، في منتصف السبعينيّات، قامت الإمبرياليّة الأميركيّة بتغيير استراتيجيّتها حول مواجهة العمليّات الثوريّة، لتركّز الآن على احتوائها عبر مؤسّسات وميكانيكيّات الديمقراطيّة البرجوازيّة. مورينو وصّف هذه العمليّة بـ “الارتكاس الديمقراطي”. هذه السياسة حقّقت نجاحا كبيرا في احتواء سيرورات ثوريّة هامّة. في ذات الوقت أثّرت على غالبيّة اليسار في المستوى الأممي: م. ت. ف تخلّت عن الكفاح من أجل تدمير اسرائيل، الساندينيّين وجبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني كلاهما دمجا نفسيهما في الأنظمة البرجوازيّة، ناهيك بتحويل الأحزاب الشيوعيّة إلى ديمقراطيّة إشتراكيّة، وإندماج غالبيّة اليسار البرازيلي في الحكومة عبر حزب العمّال.. الخ. لكن هذه العمليّة لاستسلام اليسار المناهض للإمبرياليّة القديم شهدت طفرة بعد استعادة الرأسماليّة في دول العمّال. وهذه المرّة تأثّرت المنظّمات التروتسكيّة أيضا.
المشكلة المركزيّة أن استعادة الرأسماليّة لم تمض قدما عبر المسار الذي تنبّأ به تروتسكي، وهو انقلاب الثورة المضادّة، بل باسم الحقوق الديمقراطيّة وعبر المؤسّسات البرجوازيّة. غياب القيادة الثوريّة قاد جزء من السكّان إلى تطوير أوهام حول مؤسّسات استعادة الرأسماليّة.
بسبب هذا، وبسبب الحملة الإمبرياليّة لـ “تفوّق الرأسماليّة”، تخلّت الغالبيّة العظمى لليسار عن التصوّر الإشتراكي وعن النضال لاستلام السلطة. انحلّت الكثير من الأحزاب، آلاف وآلاف توقّفوا عن التنظيم وأولئك الذين كانوا لايزالون نشطاء بدأوا بالبحث عن اتّجاهات جديدة.. وبما أنّهم كانوا “غير قادرين” أو غير راغبين في استلام السلطة، بدأوا بالبحث عن طريقة لاكتساب “مساحات قوّة”. ظهرت كثير من الأفكار الجديدة: أن الطبقة العاملة تختفي، وأن علينا البحث عن مواضيع اجتماعيّة جديدة، وأن الستالينيّة هي امتداد للّينينيّة، وأن المركزيّة الديمقراطيّة تقود إلى البيروقراطيّة، وأن كلّ شيء ينبغي عمله بشكل أفقي، وأن كلّ أنواع السلطة تفسد، وأنّه يمكن للعمّال حلّ مشاكلهم دون الاستيلاء على السلطة.. بهذه الطريقة بدأوا بتطوير نمط جديد للإصلاحيّة، إصلاحيّة دون أيّة إصلاحات.
“موجة المدّ الانتهازيّة” هذه، والتي ضربت اليسار بأسره، بما فيه المنظّمات التروتسكيّة، ضربت أيضا الرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة. وقد انعكس هذا، مبدئياً، في السياسات الخاطئة التي استخدمتها القيادة الأرجنتينيّة للاستجابة للتحديات الكبرى التي فرضها عليهم الواقع.
على خطى تروتسكي، كان مورينو دائما يقول إنّه لمواجهة التغيّرات الكبرى والأزمات التي تنتجها، يجب أن نعود أكثر من أيّ شيء إلى الطبقة العاملة، إلى النظريّة الماركسيّة، وإلى الأمميّة.
القيادة الأرجنتينيّة بالعكس، وقعت في الانحراف الانتخابي الذي أولت فيه أهميّة ثانويّة للتأسيس داخل الطبقة العاملة. عوضاً عن استناد سياستها إلى نظريّة ماركسيّة، قاموا بتطوير نظريّات جديدة لتبرير سياساتهم. بسبب الإنتصارات الظرفيّة والنمو الكبير، اعتبروا أن هذا العمل كاف ووقعوا في انحراف تروتسكي قومي.
الفرق بين ماحدث في الرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة وبين المنظّمات الأخرى أنّه كان هناك قطاعات مقاومة لهذه العمليّة في داخل الرابطة. لهذا السبب، بعكس السكرتاريا الموحّدة، لم تبلغ الرابطة أبدا نقطة الاستسلام الكلّي للظروف الجديدة. بل إن “موجة المدّ الإنتهازيّة” أثارت في الرابطة أزمات وانشقاقات، حتّى قمنا في النهاية بعكس العمليّة وإيجاد طريقنا.
المؤتمر الأممي الخامس للرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة
أولى الخطوات لعكس العمليّة تمّ اتّخاذها في المؤتمر الخامس للرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة (تموز 1994). وضع موضوعي ملائم (تشياباس، ومقاومة الشعب البوسني، الانتفاضة في سانتياغو ديل استيرو- الأرجنتين، هبّة نضالات الطبقة العاملة في أوروبا، عمليّة إعادة التنظيم في البرازيل والتي انبثق عنها حزب العمّال الإشتراكي الموحّد) إلى جانب قابليّة القادة لبذل كل جهد من أجل انتشال المنظّمة من شللها.
المؤتمر أنتج حلاّ لاستئناف حملة مساعدة العمّال في البوسنة[37]، ولتسوية المراسلات الأمميّة، وبناء سكرتاريا أمميّة بقادة من بلدان مختلفة، بأولويّة قصوى تتمثّل بالعمل في البرازيل وأوروبا. وعلاوة على ذلك، قرّروا تشجيع سيرورة العمل على النظريّة والسياسات وإعادة تسليح أنفسنا ببرنامج. كلّ هذه الخطوات دفعت قدما بإعادة إنشاء الرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة، والتي قادت في المقابل مهمّة إعادة تشييد الأمميّة الرابعة.
ارتباطا بهذه المهمّة الإستراتيجيّة، اتّخذ المؤتمر خطوة المبادرة بالتصويت لصالح تشكيل لجنة ارتباط مع أمميّة العمّال (منظّمة بقطاعات في إنجلترا، وجنوب إفريقيا، وناميبيا، وبعض بلدان أوروبا الشرقيّة)[38]. الحملة المنتصرة للمساعدات العمّاليّة للبوسنة، ومشاركتنا في العمليّة الثوريّة في المكسيك، وفي تأسيس حزب عمّال أممي ثوري في أوكرانيا، واندماج حزبنا في إسبانيا، وتسوية أوضاع مجلّتنا الأمميّة بالإسبانيّة والإنجليزيّة والبرتغاليّة، والريادة في تأسيس حزب العمّال الإشتراكي الموحّد، وتعزيز عملنا في أوروبا، وحقيقة أنّنا قدّمنا برنامجا مقترحا للجنة الإرتباط مع أمميّة العمّال، وأنّنا كنّا نتقدّم بعملنا في كوبا، والبوسنة، وجنوب أفريقيا، والنقاش حول أشكال جديدة للعمل، وحول دول أوروبا الشرقيّة… كلّ هذا أثبت أنّنا كنّا قادرين على المضي بحلول المؤتمر العالمي. وأن الرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة تتقدّم في معركتها ضدّ الشلل وأنّها تتّخذ أولى الخطوات لتجاوز الأزمة التي بدأت عام 1990.
الواقع الجديد للرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة
بعد الخروج من المؤتمر الخامس، بدأت عمليّة جراحيّة بطيئة لإعادة التأسيس. هذه العمليّة كانت صعبة للغاية بسبب الصيغة التي تمّت خلالها. لم تكن تلك المرّة الأولى، في تاريخ الأمميّات، التي كان لابدّ فيها من مواجهة التحريفيّة. حدث هذا أيضا في الأمميّة الثانية، ولكن القتال هناك تزعمه جزء من القادة الرئيسيّين: كاوتسكي، وروزا ليكسمبورغ، وليبكنخت في البداية، وبعد 1914 تولاّه كل من ليكسمبورغ، ولينين، وتروتسكي، وليبكنخت. في الأمميّة الثالثة، قاد تروتسكي هذا الصراع. في حزب العمّال الإشتراكي- الولايات المتّحدة، تروتسكي وكانون قادا معا النضال ضدّ أولئك الذين يعارضون الدفاع عن الاتّحاد السوفييتي.
في الرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة، كان الأمر مختلفا للغاية. القادة الرئيسيّون، أولئك الذين عملوا وكانوا قريبين من مورينو، الأشخاص الأكثر خبرة واحتراما، سقطوا واحدا تلو الآخر أمام “موجة المدّ الإنتهازيّة”. بدأوا واحداً تلو الآخر بتبنّي مواقف تحريفيّة، أو أنّهم تركوا النضال وتخلّوا عنه. لذا، كان يجب تولّي هذا الصراع من قبل قادة الصفوف الثانية أو الثالثة، الذين ليس لديهم خبرة في القيادة الأمميّة أو في النضال النظري والبرامجي. لهذا السبب، مع مصاعب عديدة، بدأوا بإعادة إنشاء المنظّمات وعبر هذا بدأوا يتقدّمون في فهمهم المشترك للعالم.
وهكذا، شيءً فشيءً، باتوا قادرين على استعادة التقاليد النظريّة والسياسيّة والمنهجيّة. بدأوا بتطوير استجابات سياسيّة للأوضاع الجديدة: الحرب في البوسنة، و”العولمة” الرأسماليّة، وإعادة الهيكلة الإنتاجيّة. كنّا قادرين على تطوير تفسيرات نظريّة للاستعادة الرأسماليّة في دول العمّال المتحلّلة السابقة. أحزاب الرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة تدخّلت في العمليّة الثوريّة في أميركا اللاتينيّة، وقمنا بتطوير برنامج مبدئي للمواجهة مع الجبهة الشعبيّة الجديدة والحكومات الشعبيّة التي نشأت في العمليّة.
عبر مشاركتنا في هذه العمليّات، بدأت الرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة بإعادة تأسيس نفسها، ليس نظريّا، وبرامجيّا، ومنهجيّا، وقيميّا فقط، ولكن أيضا تنظيميّا. التقدّم التنظيمي الأكبر حدث في البرازيل، بتأسيس حزب العمّال الإشتراكي الموحّد، الذي جعل من نفسه مرجعا لا جدال فيه للنضالات والنشاط في البرازيل.
ولكن هذا لم يكن التقدّم الوحيد. قطاعات الرابطة استمرّت في التعمّق في حراكات الجماهير. القطاع الأرجنتيني بدأ بإعادة بناء نفسه، وبنينا قطاعات جديدة في الاكوادور وكوستاريكا، وحزب العمّال الأممي في روسيا انضمّ للرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة. كنّا ننشر المراسلات الأمميّة والنشرات الماركسيّة الحيّة دوريّا، وعبرها قمنا بنشر فهمنا السياسي للوقائع الرئيسيّة للصراع الطبقي، وتقدّمنا في إعداداتنا النظريّة- البرامجيّة. منذ ذلك، أحداث جديدة أكّدت هذا التعريف: الوحدة مع المركز الأممي للتروتسكيّة الأرثوذوكسيّة[39]، والتي كانت تعني إعادة اندماج حزب العمّال الإشتراكي الكولومبي، والمنظّمات في الكوادر والبيرو، وكوستاريكا، والأرجنتين. التطوّر المستمر لحزب العمّال الإشتراكي الموحّد، وموقفه الصائب في المعارضة الكاملة لجبهة لولا الشعبيّة وحكومتها، والنجاح في بناء التنسيقيّة الوطنيّة للنضال كميليشيا عمّاليّة، ومركز شعبي، وبديل[40]، ودخول الحزب الإيطالي في الرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة، وبناء القطاع الفنزويلي، وتطوّر العمل في أميركا الوسطى، وتأسيس القطاع البلجيكي. وكان هنالك أيضاً بعض الأحداث التي أشارت إلى العكس: انسحاب حزب العمّال الإشتراكي المكسيكي، وحركة العمّال الإشتراكيّة البوليفيّة، وحزب العمّال الإشتراكي الدومينيكاني[41]. ولكن هذه التطوّرات السلبيّة لا تغيّر من اللحظة الجيّدة عموما التي تختبرها الرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة الآن. بل إنّها آثار الأزمة القديمة وردّات فعل لعمليّات الدمج والبلشفة التي ندفع بها قدما.
برنامجنا الإستراتيجي: إعادة تشييد الأمميّة الرابعة
الواقع الجديد للرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة يتقاطع مع الواقع الجديد في الصراع الطبقي على مستوى كل من أميركا اللاتينيّة والعالم. الحالة الثوريّة للعالم ولأميركا اللاتينيّة التي بدأت تفرض نفسها بقوّة في بداية القرن الحادي والعشرين، تعبر الآن مرحلة جديدة.
المقاومة العراقيّة تبيّن وجود إمكانيّة لهزيمة عسكريّة جديدة للإمبرياليّة الأميركيّة. خطط الولايات المتّحدة لاستقرار الشرق الأوسط لا تجري على ما يرام، كما يمكن أن نرى من هزيمة الجيش الاسرائيلي في لبنان. هيبة بوش شهدت سقطة مدوية. في البلدان الإمبرياليّة، أثارت الاستجابات للأزمة الاقتصاديّة ردّة فعل العمّال، بالإضافة إلى النضالات العنيفة للعمالة المهاجرة. في حالة الولايات المتّحدة، الأمر يعني أنّهم يبنون جسرا مع النضالات في أميركا اللاتينيّة.
ولكن الهجمة الإمبرياليّة استمرّت. في أميركا اللاتينيّة الهجمات الإمبرياليّة الكولونياليّة، وسلب الموارد الطبيعيّة، والإصرار على سياسات تسوية من أجل تسديد الدين الخارجي، كل هذا يتزايد وتزداد حدّته اليوم كنتيجة للأزمة الإقتصاديّة العالميّة. استجابة الجماهير لهذا السلب الدائم أيضا مستمرّة. الفرق أن الهبّات العماليّة والشعبيّة اليوم بدأت تصبح مباشرة ضدّ أولئك الذين يفرضون المخطّطات، أي ضدّ الحكومات الجديدة التي ظهرت لاحتواء أو منع الهبّات: لولا، وتشافيز، وإيفو، وكريشنر، وتاباري…
بلا شك، هذا الواقع يظهر بوضوح الحاجة العاجلة للتقدّم في حلّ أزمة القيادة الثوريّة، عبر تأسيس قيادة أمميّة ثوريّة. في ذات الوقت، فإن هذه الفترة الجديدة للوضع الدولي تنتج تغيّرات هامّة في وعي حركة الجماهير الذين هم أنفسهم من يسهّل هذه المهمّة. مع ظهور هذه الحكومات، يمكننا أن نشهد التعبير الأقصى لتأثيرات “موجة المدّ الإنتهازيّة” تلك. غالبيّة التيّارات في اليسار، بما فيها أولئك الذين يعتبرون أنفسهم تروتسكيّين، استسلمت لهم. ولكن هذا الواقع الجديد، الذي بلغ ذروة تجلّياته في الهزيمة الانتخابيّة لاستفتاء تشافيز، ينتج انشقاقات قطاعات باتجاه اليسار داخل تلك المنظّمات والتي تبحث عن مرجعيّات وطنيّة وأمميّة جديدة.
بالعودة إلى المقدّمة، أمام هذا الوضع تعيد الرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة تأكيد مشروعها الاستراتيجي –إعادة تشييد الأمميّة الرابعة- والدعوة إلى الوحدة حول برنامج ثوري يتأمّل ليس فقط في الحل السياسي للحقائق المبدئيّة للصراع الطبقي، ولجذب العمّال إلى النضال من أجل انتزاع السلطة، بل أيضا جوانب مفهوم الحزب والمنهجيّة والقيم الثوريّة.
لإعادة بناء الأمميّة الرابعة، نقترح تطبيق نفس النهج الذي استخدمه تروتسكي في بنائها. بالدرجة الأولى، هذا يعني دعوة ليس فقط أولئك المنحدرين من تراث تروتسكيّ، بل أيضا كافّة الثوريّين الذين لدينا معهم اتّفاق برامجي، بصرف النظر عن أصولهم.
ثانيا، يعني هذا عدم توجيه النداء لكلّ أولئك الذين يعتبرون أنفسهم تروتسكيّين. من جهة، بسبب وجود منظّمات تدعو نفسها بالتروتسكيّة ولكنّها تخلّت عن البرنامج الثوري لدعم أو المشاركة في حكومات برجوازيّة. ومن جهة أخرى، لأنّها طوائف معلنة ذاتيّا، رغم تلاوتها للبرنامج، تستخدم وسائل فصائليّة وغادرة تلعب دورا تدميريّا للغاية.
ثالثا، يعني هذا اقتراح الوحدة ليس عبر مؤتمرات مفتوحة وأحداث كبرى، بل عبر نقاش برامجي عميق وتدخلات مشتركة في الصراع الطبقي. هذا سوف يسمح بالتقدّم على أساس اتّفاقيّات صلبة وعلاقات وفاء ثوري.
نظرا للتدهور الذي أنتجته “موجة المدّ الإنتهازيّة”، لا بدّ من أن نؤكّد ونوضّح بعض النقاط الهامّة:
الدفاع عن الاستقلال الطبقي ضدّ كلّ الحكومات البرجوازيّة، بما فيها الجبهة الشعبيّة والحكومات الشعبويّة. وكذلك عدم دعم تلك السياسات. معارضة كاملة لهم جميعا.
دعم نضال الطبقة العاملة وحلفائها.
النضال ضدّ البيروقراطيّة ومن أجل ديمقراطيّة عمّاليّة في كلّ منظّمات الطبقة العاملة.
اتّخاذ النضال ضدّ الإمبرياليّة في كلّ تجلّياتها كمهمّة مركزيّة.
هدفنا هو تدمير الدولة البرجوازيّة وقوّاتها المسلّحة، وبناء دولة عمّال جديدة، قائمة على هيئات ديمقراطيّة للطبقة العاملة، تدفع قدما بالثورة الإشتراكيّة الأمميّة.
الدفاع عن القيم الثوريّة ورفض وسائل “الغاية تبرّر الوسيلة”، والعنف الجسدي، والتشهير، والغدر، والاتّفاقيّات غير المنجزة.
إعادة التأكيد على دور الطبقة العاملة كموضوع اجتماعي للثورة.
الدفاع عن الحاجة لبناء أحزاب بروليتاريّة ثوريّة ديمقراطيّة- مركزيّة.
الدفاع عن الحاجة الملحّة لبناء أمميّة ثوريّة ديمقراطيّة- مركزيّة.
هذا العرض الموجز لتاريخنا هدفه إظهار الجوانب المركزيّة لتاريخ بنائنا الطويل، وبيان إنجازاتنا، وقوّتنا، وضعفنا، وانحرافاتنا، وأزماتنا. وكما قال مورينو: “إنّنا نمضي قدما عبر الأخطاء والنكسات، ولا نخجل من قول ذلك”. ارتباطنا الوثيق بالطبقة العاملة وعلاقتنا الدائمة مع الأمميّة هو ما أتاح لنا دوما تجاوز الأخطاء المرتكبة عبر تاريخنا. بعيدا عن ذلك، خاصيّة اتّجاهنا كانت دوما المرونة الفائقة، طالما كانت التكتيكات موضع الاهتمام والصلابة القصوى في القضايا المبدئية.
ومازلنا مستمرّين بالبحث عن الطريقة الأفضل لتأسيس علاقات مع حركة الجماهير، والعمل على مطالبنا آخذين بعين الإعتبار درجة الوعي الموجودة من أجل دفع التعبئة قدما. ولكننا في ذات الوقت لن نخفّف على الإطلاق برنامجنا إلى ما هو أدنى ولا نخشى مواجهة المستوى الموجود للوعي عندما تتعلّق المسألة بالدفاع عن سياسة مبدئيّة.
لهذا، رغم كلّ الأخطاء المرتكبة، فإنّنا فخورون بتاريخنا. من الواضح أنّنا لا نتظاهر بأن كلّ مناضلي الرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة يتّفقون مع كلّ ما فعلناه على مدار الخمسين سنة الأخيرة. جئنا من خلفيّات مختلفة، ولدينا تفسيرات مختلفة لكثير من الأحداث. وبالتأكيد ستكون هناك أيضا اختلافات في بعض التعاريف النظريّة، لأن الأحداث التي وقعت غيّرت وجه الأرض وتنتج مناظرات كبرى داخل الأمميّة الماركسيّة. بعيدا عن ذلك، إنّنا لا نريد أمميّة يكون فيها إجماع على كلّ شيء. نريد منظّمة مركزيّة طالما أن القضايا المركزيّة للبرنامج موضع اهتمام، ولكنّه يجب أن يكون برنامجاً حيّا، مع نقاش مفتوح حول جوانب النظريّة والسياسات من أجل السماح بتحسين مستمرّ.
اليوم، وبعد سنوات كثيرة على الأزمة والاضطرابات، نعيش واقعا جديدا. إنّنا نشهد عمليّة تقوية تضعنا في ظروف أفضل للدفع قدما بهذا البرنامج الإستراتيجي. لدينا تاريخ، والكثير من الخبرة المتراكمة، وبرنامج نستمر في تأسيسه، وهيكليّة لقطاعاتنا، ومنشورات، وقاعدة متينة من الكادر الذي وضعناه تحت تصرّف الجماهير الكادحة للتقدّم نحو إعادة تشييد الأمميّة الرابعة.
أأأاا
[1] روزا ليكسمبورغ وكارل ليبكنيخت كانا قياديين في الجناح اليساري للديمقراطية الإشتراكية الألمانية، والتي عرفت لاحقا برابطة سبارتاكوست. اتخذا موقفا ثوريا ضد الحرب العالمية الأولى انطلاقا من كونها حربا إمبريالية. كلاهما قتل على يد الإشتراكيين الديمقراطيين عام 1918.
[2] فلاديمير إليتش إليانوف –لينين- كان القائد الرئيسي للحزب البلشفي والثورة الروسية. لقد كان مؤسس الأممية الثالثة.
[3] إلى جانب لينين، كان تروتسكي قائدا للثورة الروسية. كان قائد الجيش الأحمر الروسي، وقد قاد النضال ضد فرض البيروقراطية على الحزب الشيوعي، والأممية الثالثة، والاتحاد السوفياتي. كان مؤسس الأممية الرابعة.
[4] الأممية الأولى _ جمعية العاملين الأممية، تأسست على يد كارل ماركس عام 1864، لتوحد مجموعات العمال، والاتحادات، والأحزاب من عدة دول، وتحديدا الأوروبية.
[5] الأممية الثانية _ الحزب الإشتراكي الديمقراطي. تأسس على يد فريدريك أنجلز عام 1889. فقد تماما سمته الثورية خلال الحرب العالمية الأولى بعد دعم جهود الحرب لكل برجوازية قومية.
[6] الأممية الثالثة _ الحزب الثوري العالمي الذي تأسس على يد لينين وتروتسكي عام 1919. كان يروج للنضالات والثورات في كل أنحاء العالم، ولكنه فقد سمته الثورية بعد المؤتمر الرابع بسبب حكم ستالين.
[7] الأممية الرابعة _ الحزب الثوري العالمي، تأسس على يد تروتسكي عام 1938، لاستعادة استمرارية الأممية الأولى، والثانية، والمؤتمرات الأربعة الأولى للأممية الثالثة. البرنامج الإنتقالي تم تبنيه كبرنامجه الخاص في مؤتمره التأسيسي.
[8] حزب العمّال الإشتراكي. القسم الأميركي للمعارضة اليساريّة ومن ثم للأمميّة الرابعة. بقيادة جيمس كانون كان أكثر القطاعات تبلورا في الأمميّة الرابعة وتأسيسها. انفصل عن التروتسكيّة وعن الأمميّة الرابعة في الثمانينيّات تحت قيادة جاك بارنيس.
[9] ميشيل بابلو، وإيرنست ماندل، وبيير فرانك كانوا القادة الأوروبيّين الرئيسيّين للأمميّة الرابعة بعد الحرب العالميّة الثانية.
[10] جوان بوساداس كان الحليف الأساسي لميشيل بابلو في أميركا اللاتينيّة. إنفصل عن الأمميّة الرابعة عام 1962، مؤسّسا أمميّته الخاصّة. سياسيّا أذعن للمجموعات القوميّة والإصلاحيّة وقادتها.
[11] غيليرمو لورا كان القائد الرئيسي لحزب العمّال الثوري البوليفي، وأحد قادة الثورة البوليفيّة عام 1952، حتى استسلم، مقدّما تأييدا نقديّا للحكومة البرجوازيّة القوميّة.
[12] بيير لامبيرت كان قائد الحزب الشيوعي الأممي، الفرع الفرنسي للأممية الرابعة. في 1953 انضمّ الحزب للّجنة الأمميّة للأمميّة الرابعة. نقدا للثورة الكوبيّة، قام الحزب (وقد غيّر اسمه إلى المنظّمة الشيوعيّة الأمميّة) بالوقوف إلى جانب جيري هيلي، قائد رابطة العمّال الإشتراكيّة، من 1963 إلى 1971. المنظّمة كان لديها وحدة موجزة مع ميل نويل مورينو منذ 1979 إلى 1981، حتى قاد دعمه المؤسّس على النقد لحكومة ميتيراند إلى الانشقاق.
[13] جيري هيلي، كان قائد رابطة العمّال الإشتراكيّين، والتي تغيّر اسمها إلى حزب العمّال الثوري، في الثمانينيّات تدمّر الحزب بعد كشف ارتباطات ماليّة وسياسيّة مع الحكومتين الليبيّة والعراقيّة، إلى جانب اتّهامات بالتحرّش الجنسي.
[14] هيوغو بلانكو قام لاحقا بالانفصال سياسيّا عن الاتّجاه الذي يقوده مورينو، والتحق بمواقف حزب العمّال الإشتراكي الأميركي.
[15] السكرتاريا الموحّدة للأمميّة الرابعة تأسّست عام 1963، بعد اندماج السكرتاريا الأمميّة بقيادة مندل وحزب العمّال الإشتراكي. المجموعة التي يقودها مورينو انضمّت في 1964 وانفصلت في 1979، بعد أن دعمت السكرتاريا الموحّدة قمع الساندينيين ضد عضويّة فرقة سيمون بوليفار (تشكّلت من قبل جزء البلاشفة للقتال في نيكاراغوا). حزب العمّال الإشتراكي انفصل أيضا في الثمانينيّات بعد أن هجر التروتسكيّة رسميّا.
[16] بن بيلا كان قائد جبهة التحرير الوطني الوطنيّة التي قادت الثورة الجزائريّة. بعد الثورة المظفّرة أصبح رئيس وزراء لحكومة برجوازيّة.
[17] الـ 62 منظّمة كانت 62 نقابة قاتلت انقلاب العام 1955 ضدّ الرئيس البرجوازي القومي جوان بيرون. نظّموا مسيرات، وإضرابات، واعتصامات. بعد ذلك مضوا في عمليّة فرض البيروقراطيّة تحت قيادة أوغستو فاندور، رئيس الاتّحاد الأكبر، عمّال المعادن.
[18] فاسكو بينغوتشيا وروبيرتو سانتتشو كانا عضوين قياديين لحزب العمّال الثوري الأرجنتيني. انفصلا عن اللينينيّة لينضمّا إلى جهود حرب العصابات، التي كانت نتيجة إلهام الثورة الكوبيّة.
[19] الفوكسيّة هي استراتيجيّة طليعيّة ألهمت من قبل تجربة تشي غيفارا. تتألّف من شنّ حرب عصابات مركّزة كطريقة لتفجير ثورة.
[20] ج ش ث هي اختصار لجيش الشعب الثوري، أحد أهمّ مجموعات حرب العصابات في الأرجنتين بالسبعينيّات، بعد المونتونيروس (عصابات بيرونيّة يساريّة).
[21] حزب العمّال الإشتراكي هو منظّمة كان يقودها مورينو وقد انطلقت عام 1973بعد اندماج حزب العمّال الثوري والحقيقة والانشقاق الذي قاده جوان كورال من الحزب الإشتراكي. عرف بأنه كان يقاوم تحت وطأة ديكتاتوريّة عسكريّة قاسية (1976- 1983)، حيث قتل 100 من أعضائه. بعد ذلك تحوّل إلى الحركة الإشتراكيّة، الفرع الأرجنتيني للرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة.
[22] العصبة الشيوعيّة الثوريّة الفرنسيّة تمثّل القطاع الأكبر للسكرتاريا الموحّدة.
[23] كوردوبازو كان انتفاضة عمّاليّة وشعبيّة في مدينة كوردوبا بالأرجنتين في أيّار 1969 ضدّ الديكتاتوريّة. كانت مؤثّرة للغاية، قادت إلى تشكيل ميل اتّحادي قومي قوي وذو اتّجاه متعلّق بالصراع الطبقي (اتّجاه طبقي) وزاد من مجموعات العمّال والطلبة الذين يحملون توجّها تحالفيّاً في الجامعات.
[24] حركة القوّات المسلّحة كانت القوّة القياديّة في بداية الثورة البرتغاليّة. عارضت استقلال المستعمرات، كما عارضت وجهة النظر الإشتراكيّة.
[25] التيّار اللينيني التروتسكي الذي أصبح لاحقا فصيلا داخل السكرتاريا الموحّدة، كان يقوده حزب العمّال الإشتراكي الأميركي، وحزب العمّال الإشتراكي الأرجنتيني لمواجهة انحراف حرب العصابات والطلائعيّة للأغلبيّة في السكرتاريا الموحّدة بقيادة مندل.
[26] الميل البلشفي، ومن ثم الفصيل البلشفي داخل السكرتاريا الموحّدة، كان يقوده حزب العمّال الإشتراكي الأرجنتيني، جامعا غالبيّة تروتسكيّي أميركا اللاتينيّة.
[27] رابطة العمّال تشكّلت من مجموعة نقطة الإنطلاق على يد خمسة نشطاء برازيليّين منفيّين في تشيلي عام 1972، بتقييم نقدي لتكتيك “الفوكسمو” لحرب العصابات في البرازيل. وقفوا مع بناء أحزاب لينينيّة النمط، وارتبطوا بالأمميّة الرابعة منذ تشكيلها.
[28] التجمّع الإشتراكي كان أحد المجموعات التروتسكيّة القليلة التي نجت من اختراق حزب العمّال البرازيلي. الديمقراطيّة الإشتراكيّة، قطاع السكرتاريا الموحّدة، استسلمت بالكامل، وانضمت لإدارة لولا البرجوازيّة بوزير معيّن، وانفصلت لاحقاً عن الأمميّة الرابعة. حزب العمل، منظّمة لامبرت في البرازيل، بعد مقاربة طائفيّة أوليّة نحو حزب العمّال، انضمّت له واستسلمت لقيادة لولا. في 1986، خسروا غالبيّة قيادتهم، التي انفصلت عن الأمميّة الرابعة للالتحاق بمجموعة لولا. حاليّا يمتلكون 10% من القوّة التي كانوا يمتلكونها في نهاية السبعينيّات، عندما قادوا الميليشيا والميل الطلاّبي القوي. فهمهم الراهن أن حزب العمّال هو حزب “استراتيجي” يشكّلون معه ميلا داخليّا أخويّا. إنّهم مؤيّدون لإدارة لولا البرجوازيّة.
[29] الفدراليّة المركزيّة الموحّدة للعمّال، هي اتّحاد العمّال الرئيسي في البرازيل، تأسّس عام 1983. التجمّع الإشتراكي تطوّر كجزء من يسار قوي قائم بشكل أساسي في تكتّل المعارضة، بعضهم تمكّن من إسقاط القادة البيروقراطيّين في اتّحادات هامّة كعمّال المعادن في بيلو هوريزونتي وساو جوسيه دو كامبوس، وعمّال البنوك في ريو دي جينيرو.
[30] التجمّع الإشتراكي فصل من حزب العمّال في أيّار 1992 بعد أن أيّد علنا الإسقاط الفوري للرئيس كوللور دي ميللو، الذي تمّ خلعه بعد عدّة شهور. في حزيران 1994، قام أعضاء التكنّل، مع نحو 40 منظّمة مناطقية من حزب العمّال عموما، بتأسيس الحزب الإشتراكي للعمّال المتّحدين، حزب قوي على النمط اللينيني، ضمّ 2000 عضواً. بعد سنة، بات الحزب يمثّل القطاع البرازيلي للرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة، سامحا لأعضاء المنظّمات الأمميّة الأخرى بالبقاء في الحزب. ومع ذلك غادر 1% من أعضاء الحزب لتشكيل قطاع للجنة العمّال الأمميّة.
[31] تأسّس عام 1977، وبات حزب العمّال الإشتراكي الكولومبي مركزا لاتّجاه مورينو الأممي في السكرتاريا الموحّدة (اتّجاه بلشفي وجزء بلشفي- اتّجاه بلشفي تحوّل إلى فصيل). لعبوا دورا حاسما في مناطق مختلفة، منها نقد حرب العصابات، والعمل في أوساط عمّال الصناعة، وتشكيل فرقة سيمون بوليفار الأمميّة للقتال في ثورة نيكاراغوا، وتأسيس قلم الإفتتاحيّة- التي نشرت النسخة الوحيدة بالأسبانيّة لكتابات تروتسكي.
[32] المجموعة البريطانيّة بقيادة بيل هانتر، والتي يعود تاريخ اشتباكها في الحركة التروتسكيّة إلى الحرب العالميّة الثانية، جاءت من تقاليد هيلايت. إلتزامه بالرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة كان نقديّاً لاجتذاب التقاليد القويّة لحركة العمّال البريطانيّين للأمميّة التي تأسّست مؤخّرا.
[33] حرب المالفيناس (وأيضا تدعى بحرب فوكلاند من قبل البريطانيّين) وقعت عام 1982 في جنوب المحيط الأطلسي. من آثار العهد الكولونيالي، أرادت الإمبرياليّة البريطانيّة الاحتفاظ بهذه البقعة لأسباب اقتصاديّة وجيوسياسيّة، حيث لاح في الأفق وجود نفط في قاع البحر. الديكتاتوريّة الأرجنتينيّة حاولت أن تناور لحرف وإعادة توجيه اهتمام العمّال من نضالاتهم إلى الجهود الحربيّة. في النهاية، هزمت البحريّة البريطانيّة بدعم الإمبرياليّة الأميركيّة القوى الأرجنتينيّة التي كانت أضعف بكثير، والتي فرضت على قوّتها حدود من قبل المجلس العسكري. حزب العمّال الإشتراكي دفع بحملة عنيفة مطالبا الجيش بتوفير السلاح والتدريب العسكري في أماكن العمل خلال أوقات العمل وتحت سيطرة العمّال، وبتأميم كلّ الممتلكات البريطانيّة والأميركيّة، وبالدعوة إلى اتّفاقيّة دفاع لبلدان الأميركيّتين لتقديم الدعم لأي عضو تحت الهجوم العسكري، إلى جانب مطالب أخرى. وبما أنّ الجيش لم يلبّ هذه المطالب، سوّق الحزب لـ “عدم ثقته بالديكتاتوريّة” وتدريجيّا لـ “إسقاط الديكتاتوريّة”. بعد سنة على الهزيمة، كانت الديكتاتوريّة قد سقطت.
[34] سيليس سوازو كان الرئيس البرجوازي لبوليفيا من 1982- 1985، قام في مواجهة التضخّم الهائل، ونقص الإحتياطي، وموجة الإضرابات العنيفة بتعليق دفع الدين الخارجي.
[35] اتّفاقيّات إسكويبولاس وكونتادورا كانت قد تقرّرت في المدن المعنيّة في غواتيمالا وبنما من قبل الحكومات البرجوازيّة، بدعم من قادة حرب العصابات وفيديل كاسترو لنزع سلاح المقاومة المسلّحة، وتقديم حلّ للعمليّة الثوريّة في المنطقة من خلال المؤسّسات الديمقراطيّة البرجوازيّة.
[36] الارتكاس الديمقراطي كان نفس الإسم الذي تمّ توظيفه في الرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة لوصف السياسة التفضيليّة الجديدة للإمبرياليّة الأميركيّة بعد هزيمتها في فيتنام عام 1974. عوضا عن العصا الغليظة (التدخّل العسكري وتعزيز الديكتاتوريّات)، تحدّثت إدارة كارتر حول حقوق الإنسان، وإيثار استخدام مؤسّسات الديمقراطيّة البرجوازيّة، كالعمليّات الانتخابيّة، والاتفاقيّات/ المحادثات، لجذب قادة اليسار للاستسلام، ولمنع السيرورات الثوريّة. لاحقاً، لجأ رونالد ريغان إلى نفس الأداة، رغم المزيد من الخطابات العدائيّة والتهديدات.
[37] مساعدات العمّال للبوسنة كانت حملة قادتها لجنة الإرتباط بين أمميّة العمّال والرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة، استندت بقوّة إلى جهود حزب العمّال الثوري البريطاني (حزب العمّال)، وحزب العمّال الإشتراكي الأسباني (قطاع الرابطة الأمميّة)، حيث نظّموا تضامنا مع العمّال البوسنيّين، تحت هجوم كل من الجيشين القوميين الصربي والكرواتي. وفي قمّة بناء التضامن السياسي، قاموا بتنظيم عشر قوافل تحمل الغذاء، والتي تمّ تسليمها داخل البوسنة لاتّحاد عمّال المناجم في توزلا خلال حرب الثلاث سنوات (1993- 1996).
[38] أمميّة العمّال هي أمميّة تأسست عام 1990، تمركزت حول حزب العمّال الثوري البريطاني (مطبعة العمّال) بقيادة كليف سلاوتر. حزب العمّال الثوري، الذي كان سابقا رابطة العمّال الإشتراكيّة، جاء من التقاليد الهيلايتية. في 1985 طرد هيلي وعانى الحزب من عمليّة تجزئة. فصيل يقوده بيل هانتر انشق عام 1987 وانضمّ للرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة.
[39] المركز الأممي للتروتسكيّة الأرثوذكسيّة تأسّس عام 1994، بمنتصف أزمة الرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة. كان انشقاقا بقيادة حزب العمّال الإشتراكي البوليفي (أحد قطاعات الرابطة الأساسيّة تاريخيّا) وقطاع هام من الحركة من أجل الإشتراكيّة (القطاع الأرجنتيني) وقد جمع دعم الكوادر وقطاعات عديدة أخرى، لتحديدا في البيرو وأميركا الوسطى. في 2005 تشكّلت لجنة ارتباط بين الرابطة الأمميّة للعمّال- الأميّة الرابعة والمركز الأممي للتروتسكيّة الأرثوذوكسيّة، وفي 2008 أعيد دمج المركز رسميّا في الأمميّة.
[40] التنسيقيّة الوطنيّة للنضالات ميليشيا عمّاليّة جديدة وفيدراليّة شعبيّة تشكّلت بعد اتّحاد العمّال البرازيلي العام. المكتب المركزي للعمال انحاز إلى جانب إدارة لولا ضد عمّال القطاع العام الذين مضوا في إضراب لمدّة 40 يوما ضدّ تعديلات المعاشات. مؤتمرها الأخير جمع نحو 2000 مبعوثا يمثّلون نحو مليوني عامل.
[41] حزب العمّال الإشتراكي المكسيكي، وحركة العمّال الإشتراكيّة البوليفيّة، ورابطة العمّال الإشتراكيّة الدومينيكانيّة كانت القطاعات الرسميّة للرابطة الأمميّة للعمّال- الأمميّة الرابعة في تلك البلدان. حاليّا، منظّمات قطاعات الرابطة في بوليفيا والمكسيك تحت التأسيس.