نظرية اللعبة


محمد وهاب عبود
2019 / 5 / 13 - 02:26     


نظرية اللعبة هي نظرية رياضية للاستراتيجيات ، والتي تفترض أن هناك لاعبَين على الأقل ويتم تحديد نتيجة اللعبة باختيارهم. وفي حال تعارضت تفضيلات اللاعبين ، فلا يجب أن يكون هذا التعارض قطعياً ، فإذا فاز أحد اللاعبين ، لا يتحول اللاعب الآخر بالضرورة إلى خاسر. يمكن أن يكون تضارب المصالح جزئيًا ، ويمكن لكل من اللاعبين الاثنين الفوز والخسارة في نفس الوقت. تركز نظرية اللعبة على استراتيجيات توازن اللاعبين
في كتابهما ، صمم فون نيومان ومورغنستيرن نسخة مبسطة من لعبة البوكر وقاموا بتحليل الاستراتيجيات المثلى التي يختارها اللاعبون. ولكن بعد سنوات ، وجد الكثير من الباحثين ان أفكارهم مفيدة للاقتصاد ، وعلم الأحياء ، وخاصة للعلوم السياسية.
بدأت نظرية الألعاب تطبق في الرياضة وحتى في تخصصات مثل الفلسفة. توفر نظرية الألعاب الية للتقاسم/التحاصص في حالات الصراع وتضارب المصالح كذلك خفض مستوى التنافس في الألعاب التي يشارك فيها لاعبان أو أكثر

اللعبة هي موقف يوجد فيه ترابط بين المشاركين أو اللاعبين فإذا كان هناك لاعبان ، فإن ما تفعله يعتمد على ما يقوم به اللاعب الآخر ، وماذا يفعل اللاعب الآخر يعتمد على ما تقوم به. والنتيجة تعتمد على اختيار كلا اللاعبين. لكن يمكن أن تحتوي اللعبة على أكثر من لاعبين. في هذه الحالة ، يجتمع اللاعبون غالبًا في تحالفات
يختار أحد اللاعبين إستراتيجية تعتبر ، في رأيه ، مربحة بالنسبة له ، والآخر يفعل الشيء نفسه وسيخسر اللاعب الذي يحيد عن استراتيجيته. وهذا ما يسمى "نتيجة التوازن"

قصة نظرية اللعبة لا تتعلق فقط باختيار الاستراتيجيات المثلى ، ولكن أيضًا بتقييم الفوائد , يمكن أن يكون المال مفيدًا ، ولكن بالإضافة إلى ذلك ، ثمة أشياء أخرى مفيدة قد يرغب اللاعبون فيها. والسؤال هو كيفية توزيع الفوائد. وغالبا ما تثار مسألة العدالة في نظرية اللعبة. كيفية توزيع الفوائد لجميع اللاعبين؟ هناك حل وسط يرضي اللاعبين بالنتيجة المستحصلة. يسمى هذا الحل او الجزء من نظرية اللعبة ب "اللعبة التعاونية"..

أوجز جون ناش هذا الفرق بين نهجين مختلفين في مقالاته الأولى في الخمسينات. وقدم مساهمة أساسية في تطوير النظرية. وفي النصف الثاني من القرن العشرين ، تطورت نظرية اللعبة غير التعاونية بقوة أيضا ، حيث يبحث اللاعبون عن استراتيجيات مثلى ومستقرة تؤدي إلى نتيجة متوازنة. لكن نظرية اللعبة التعاونية مثيرة للاهتمام أيضا ، خاصة للفلاسفة الذين يبحثون في قضايا عدالة النتيجة
يتم تعريف توازن "ناش" على أنه نتيجة حيث هناك لاعبان ، ولا يتخلى أي من اللاعبين عن استراتيجيته لأنه خلاف ذلك سوف يتضرر. ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن هناك نتيجة مواتية لكلا اللاعبين.
هناك لعبة مشهورة تدعى "معضلة المتهم" في هذه اللعبة يوجد لاعبان اثنان اختارا أفضل استراتيجية ، ولكن النتيجة ليست مربحة جدا. وفي حال هناك نتيجة أفضل لكلا اللاعبين لكنها غير مستقرة فلا تندرج في توازن ناش بسبب التضارب بين اختيار أفضل استراتيجية والحصول على أفضل النتائج

قصة معضلة المتهم هي كما يلي. متهمان في غرف منفصلة. سُئلا عما اذا كانا مذنبين باقتراف جريمة معينة. فإذا اعترف كلاهما أنهما مذنبان ، فسيحصل كل منهما على عقوبة شديدة نسبيًا - على سبيل المثال ، خمس سنوات في السجن. لكن إذا رفض كلاهما الاعتراف بالذنب ، فسيحصلان على نتيجة جيدة نسبيًا - على سبيل المثال ، سنة واحدة في السجن. لكن إذا اعترف أحد السجناء بالذنب ، ولم يعترف الآخر ، فستكون النتيجة حزينة للغاية بالنسبة للشخص الذي اعترف بالذنب - عشر سنوات في السجن. تم إدانته ، وسيتم إطلاق سراح المتهم الثاني لمساعدته في التعرف على الجاني الحقيقي.
ويتلقى كلا المتهمين منفعة نسبية (نتيجة تعاونية - السجن لمدة عام واحد) إذا لم يعترف اي أحد منهما. ولكن الجميع لديه إغراء لخيانة سجين آخر. إذا اعترف أحدهم ، ولم يعترف الآخر ، فإن الشخص الذي يعترف سيهرب من العقوبة ، بينما سيحصل الثاني على 10 سنوات في السجن. ولكن إذا اعترف كلاهما ، فسيكونان أيضًا سيئين (لعبة غير تعاونية - السجن لمدة 5 سنوات). وهذا ما يسمى معضلة. ليس من الواضح ما الذي يجب على السجناء فعله: هل يجب أن يختاروا لعبة غير تعاونية ويعترفون بها ، أم يجب أن يجربوا حظهم ولا يعترفوا ، ويخاطرون كثيراً؟

يبدو أن الحل الأكثر منطقية للاعبين هو التعاون. لكن هذه نتيجة غير مستقرة ، لأن كل لاعب لديه حافز على عدم التعاون ، بل على العكس من ذلك ، لخيانة لاعب آخر.

أنت لست بحاجة إلى أن تكون خبيرا في نظرية اللعبة لتطبيق بعض مبادئ هذه النظرية. على سبيل المثال ، لم تدرس الطبقة السياسية الحاكمة في العراق نظرية اللعبة مطلقًا ، ولكنها عرفت كيفية تطبيقها عمليا كما يمكن أن يكون فهم نظرية اللعبة مفيدًا عند تحليل المواقف التي تعتمد على النتائج من وراء تشكيل التحالفات ودوافع التفاعلات بين شخصين أو أكثر.