الثورة وآليات النجاح


الحزب الشيوعي الثوري - مصر
2019 / 1 / 25 - 03:36     

الرفيقات والرفاق الأعزاء
تحية ثورية حمراء

• توطئة:-
إن التفكير بأن الثورة الاجتماعية ممكنة دون تناقضات ودون انفجارات ثورية يفجرها قسم من البرجوازية الصغيرة رغم كل اوهامها وخرافاتها، دون حركة تبعثها الجماهير البروليتارية وشبه البروليتارية اللاواعية ... إلخ، التفكير على هذا النحو يعني انكار الثورة الاجتماعية. فمن ينتظر ثورة اجتماعية " خالصة " لن يراها ابداً فهو ثوري قولاً ولايدرك ماهي الثورة الحقيقية .
لقد كانت الثورة الروسية عام 1905 ثورة برجوازية ديمقراطية تجسدت في سلسلة من المعارك خاضتها جميع الطبقات وجميع الفئات وجميع العناصر المستاءة، واشتركت فيها جماهير غارقة في اشد الاوهام وحشية وساعية وراء اكثر الاهداف غموضا وغرابة، وحفنات ضئيلة من المرتشين بالاموال اليابانية ومضاربون ومغامرون ... الخ. فمن الناحية الموضوعية كانت حركة الجماهير تسحق القيصيرية وتمهد السبيل امام الديمقراطية. ولهذا قادها العمال الواعون .
ان الثورة الاشتراكية في اوروبا لايمكن ان تكون سوى تفجير للنضال الجماهيري الذي يخوضه جميع المضطهدين والمستائين على اختلاف فئاتهم ولذا كان من المؤكد ان تشترك في هذه الثورة بعض فئات البرجوازية الصغيرة والعمال المتاخرين _ وبدون اشتراكهم هذا يستحيل كل نضال جماهيري وتستحيل أية ثورة, ومن المؤكد ايضا انهم سيحملون معهم الى الحركة اوهامهم واضاليلهم وتخيلاتهم الغريبة الرجعية ونواقصهم واخطائهم، ولكنهم موضوعيا سيهاجمون الراسمال، فاذا ماعبرت الطليعة الواعية للثورة _ونعني بها البروليتاريا المتقدمة_ عن الحقيقة الموضوعية لهذا النضال الجماهيري بما فيه من تباين وتنافر وتنوع وتجزوء ظاهري، استطاعت ان توحده وتوجهه وتظفر بالسلطة، وتحقق غير ذلك من التدابير الديكتاتورية التي تؤدي بجملتها الى دك البرجوازية والى انتصار الاشتراكية. مع العلم ان هذا الانتصار لن " يتطهر " دفعة واحدة من الادران البرجوازية الصغيرة .( لينين المؤلفات الكاملة المجلد 30)

• علم الثورة ومآل محتوم :-
إن ما آلت إليه إنتفاضات الشرق الأوسط _وفي القلب منها إنتفاضة يناير 2011 في مصر_ لهو مسار محتوم لكل تحرك جماهيري غير منظم، ناهيك عن كون أغلب المشاركين فيه غير واعين بالطبيعة الحقيقية للثورة.
وإن الثورة الحقيقة لهي علم وفن ينبغي علينا إدراكه والوعي به حتى نستطيع أن نحققه على أرض الواقع، وتخبرنا التجارب الثورية بذلك، فالثورة ليست نزهة يقوم بها مجموعة من الغاضبين تقوم بمجموعة من الأفعال العفوية لتنفيس الغضب الشعبي.
ويخبرنا هذا العلم بأن الثورة لابد وأن تضم فئات عريضة من الجماهير المستاءة والباحثة عن حياة أفضل مطالبة بحقوقها في السلطة والثروة، كالعمال والحرفيين والفلاحين الأجراء وصغار الملاك منهم والبرجوازية الصغرى والمثقفين الثوريين.

• الطليعة الثورية وألاعيب الثورة المضادة :-
ولكي تنجح جهود كل هؤلاء فلابد للثورة من هيئة أركان واعية ومنظمة تستطيع قيادة الجماهير وتأطير حراكها والمضي قُدماً بجهودها نحو التغيير الحقيقي، يتمثل ذلك في الطليعة الثورية التي تضمن أوسع تمثيل في منظمات الثورة الجماهيرية (لجان أحياء ومناطق – إتحادات عمالية – نقابات – إتحادات طلابية ... إلخ)، ولابد وأن تعبر تلك الطليعة عن مصالح الجماهير الطبقية، وهو ما لن يتحقق إلا بوجود حزب شيوعي حقيقي يستطيع إستلام السلطة وتنظيم شئون البلاد لكي تتمكن الجماهير تحت قيادة هذا الحزب من هدم آلة الدولة القديمة وإرساء نظام جديد يعبر عن مصالح المنتفضين، وذلك لضمان نجاح تلك الثورة ضد كل محاولات وألاعيب الثورة المضادة، سواء كانت تلك الألاعيب بجر الجماهير نحو إجراءات إصلاحية لإعادة إنتاج النظام القديم تحت مسميات جديدة بمسارات كالإنتخابات والإستفتاءات أو بتقديم تنازلات جزئية لا تؤثر على بنية النظام الرجعي القديم، أو بمواجهة الثورة مواجهة مفتوحة بالعنف الرجعي المفتوح والصريح للتنكيل بجماهير المنتفضين، وقد رأينا المسارين متزامنين يعلو أحدهما على الآخر حسب الحالة الثورية سواء كانت مد أو جذر منذ يناير 2011 وحتى الآن.
وأيضاً من ضمن أفعال الثورة المضادة أنها لا تنفك عن أن تستخدم كل ما هو ممكن في التأثير على وعي الجماهير، ولا تتورع حتى عن إستخدام أشد الأيديولوجيات رجعية وقروسطية، فتتحالف مع الكهنوت الديني من أجل إقصاء قطاعات شعبية عريضة عن النضال الثوري وتحويل الصراع من طبقي تقدمي إلى ديني رجعي متخلف، وهو ما حدث في مصر وما زال مستمر، فلا يخفى على أحد وصول الأصوليين الإسلاميين يمثلهم جماعة الإخوان إلى السلطة بتفاهمات وصفقات داخل أروقة الثورة المضادة، ولا يمكن أن نتوهم أن إقصاء هؤلاء الرجعيين الفاشيين الصرحاء عن الحكم يعني بالضرورة إنتهاء إستخدام الدين في مواجهة الثورة سواء كان ذلك من خلال بروباجندا دعوية تقوم بالتطبيل لرموز ومشروع الثورة المضادة أو بإستغلال العنف الديني الذي تقوم به جماعات الفاشية الدينية والتي يحاول بعض أشباه الثوريين فرضهم على معسكر الثورة وغسيل سمعتهم تحت مسمى جماعات الإسلام السياسي مميعين بتلك الترهات حقيقة وطبيعة الصراع سواء كانوا يعلمون أو لا يعلمون، وكذلك ما يحدث من كافة أشكال القمع السلطوي القائم على الدين ورجاله من دعوتهم لاعتقال وتجريم كل ذو رأي تقدمي يحاول أن يُخرج الجماهير من تحت عبائتهم، وإستمرار نهج محاكم التفتيش والدعوة لعدم الخروج على الحاكم ووجوب طاعته، ولا يختلف عن ذلك محاولات الكنيسة في السيطرة على أبناء الشعب المصري من أتباع ديانتها وتدجينهم، ومن أشكال ذلك محاولة فصلهم عن بقية جماهير الشعب المصري وذلك من خلال تسميتهم بشعب الكنيسة إمعاناً في تقسيم الشعب المصري لتمييع الصراع الطبقي، والمتاجرة بهم ووضعهم موضع يقومون فيه بتمثيل دور الضحية ودعوتهم لقبول الذل والقمع من أجل الخلاص كما هو حال عقيدتهم الرجعية، وترهيبهم بأن من ينضم لهذا الحراك الثوري فإنه يحكم على نفسه بالخروج من الملكوت.

• مهام البرجوازية المؤجلة وتذبذب البرجوازية الصغرى :-
وبما أن تلك الإنتفاضات الثورية تشمل بين جنباتها قطاعات مختلفة المواقع الطبقية، فهي بالأحرى أيضاً ستضم قطاع هائل من البرجوازية الصغيرة خاصةً في إقتصادات دول الشرق الأوسط المشوهة والتي لم تمر بمراحل تطور إقتصادي حقيقي حيث يتجاور فيها علاقات شبه إقطاعية جنباً إلى جنب مع علاقات الإستغلال للعمال في قلاع رأسمالية كبرى نتيجة لتخاذل الطبقة البرجوازية في بلدنا عن إنجاز مهامها الثورية وهو ما يرجع إلى نشأتها البنيوية في حضن الإقطاع، فإن تلك الطبقة البرجوازية الصغيرة تكون ذات طابع متردد ومتذبذب بين الثورة والثورة المضادة، فهي تستجيب في البداية للثورة لمواجهة الإحتكارات الكبرى خوفاً على مصالحها وأن تتغول تلك الإحتكارات حتى تقضي عليها أو أن تقذف بها إلى مواقع أدنى، وحين تلوح في الأفق أي مكاسب للثورة الحقيقية ولو كانت ضئيلة تهدد مصالح تلك الطبقة البرجوازية الصغرى والمتذبذبة فإنها سرعان ما تتمترس في جانب الثورة المضادة حفاظاً على مواقعها وأملاً في تعزيز تلك المواقع، وهنا يكمن التحدي في فهم طبيعة تلك الطبقة حتى يتم مواجهتها حال إنضمامها لمعسكر الثورة المضادة ضمن المواجهة الكلية.
وتنبأنا حركة التاريخ والتغيير في بلادنا وما ذكرناه آنفاً من خيانة البرجوازية لمهامها حتى أصبحت خارج مجرى التاريخ بفشل التجارب الثورية السابقة وتخبرنا أيضاً بنجاح إنتفاضات ثورية أخرى خارج بلادنا، وذلك الفرق يكمن في العمل على تحقيق الظرف الذاتي للثورة، فلا يكفي مجرد وجود حالة ثورية فقط من أجل إنجاح الثورة بل لابد من توافر نظرية ثورية وحزب ثوري حقيقي يحقق ذلك الشرط الذاتي للثورة حين يتوافر الظرف الموضوعي لها.

• مهامنا الملحة :-
ومن هذا المنطلق فإنما يتعين علينا أن تكون إحدى مهامنا الملحة في الوقت الحالي هي تكوين حزب ثوري حقيقي وتجذيره وسط الجماهير وعمال المصانع وحلفاؤهم من الفلاحين الأجراء لتحقيق الشرط الذاتي حتى نستفيد من دروس الماضي ونتفادى ما حدث من فشل التجارب السابقة، وعلينا أيضاً أن نضع نصب أعيننا مهام التنوير ونشر الوعي ومحاربة الأفكار الرجعية والقروسطية بين صفوف الجماهير، فتسليح الرؤوس مقدم على تسليح الأيادي، ولنعلم جيداً أن الثورة لن تنتظر حتى يصبح جميع العمال على مستوى وعي ثوري واحد بل يكفي لقيام الثورة وجود القدر الكافي لتحقيق الظرف الذاتي.
إن تحقيق شرط نجاح الثورة وهو بناء الحزب الثوري عملية شاقة وطويلة وتنطوي على الكثير من التضحيات قد تتقدم حيناً وقد تتراجع أحياناً أخرى، ولذلك علينا أن نتمسك بهذا الهدف مهما كانت التضحيات ومهما كان المناخ المحيط سواء كان مداً ثورياً أو جذراً قمعياً، فبدون الشرط الذاتي فلا أفق لنجاح أي إنتفاضة ثورية مهما تعاظم زخمها ومهما أجبرت الطبقات الحاكمة على أي تنازل.

عاشت الماركسية اللينينية
عاش الرفاق ماركس وإنجلز ولينين وستالين
عاش نضال الطبقة العاملة
عاشت الأممية الشيوعية
عاش كفاح الشيوعيين

الحزب الشيوعي الثوري – مصر
24 يناير 2019