آب شهر الذكرى والتذكير بشهداء الطلبة القاعديين
وديع السرغيني
2017 / 8 / 29 - 05:07
آب شهر الذكرى والتذكير بشهداء الطلبة القاعديين
هم شهداء الحركة الطلابية، وشهداء النضال الديمقراطي، من قلب الجامعة وخارجها.. دافعوا عن التعليم المجاني، ثم دافعوا عن الحريات الديمقراطية، وعن حرمة الجامعة، وعن جميع المطالب المادية للطلبة..
حيث كان لا بد من السير قدما في المعارك النضالية الدؤوبة، تجسيدا للبرنامج النضالي الذي سطرته الحركة القاعدية على طول تجربتها الوحدوية.. وحيث كان لا بد على جميع المناضلين القاعديين، أي المنتسبين لفصيل "الطلبة القاعديين"، تحمل مسؤوليتهم الميدانية والقيادية لجميع نضالات الحركة الطلابية.
ثلاثة أسماء لزعماء طلابيين غير قابلة للتقادم أو النسيان، قادوا المعارك الطلابية القوية، من أجل تحسين شروط الدراسة، ومن أجل تغيير عميق للجامعة، ولدور الجامعة، ولطبيعتها، في أفق الجامعة المنشودة، الجامعة الوطنية الديمقراطية والشعبية.. شهداء استرخصوا حياتهم من أجل هذه المطالب، وهذه الطموحات جميعها، ومن أجل أهداف نضالية ديمقراطية اقتنعوا أشد الاقتناع من أجل تحقيقها، والوصول إليها، لا بد من تنظيم الصفوف وإقناع القواعد الطلابية الجماهيرية، وتعبئتها، وتنظيمها وفق أساليب وآليات ديمقراطية وجماهيرية ناجعة، تترك لها الحق في إبداء الرأي وفي تقرير المصير، بما يحصن حقوقها، ومطالبها المشروعة..الخ
إذ لم يتخلف أي من هؤلاء، عن قناعاته ومهامه ورؤيته الشاملة للنضال الديمقراطي، الذي لا تحد طموحاته أسوار الجامعة. بل انخرطوا في جميع النضالات الجماهيرية، وشاركوا في جميع الانتفاضات الشعبية المطالبة بالشغل والمدرسة والمستشفى.. حيث كان اعتقالهم في خضم هذه الهزات الشعبية، دليلا على التزامهم هذا، وعقابا على مشاركتهم وعلى التزامهم بخط ومطالب الانتفاضة.
فلكي لا ننسى أو نتجاهل شهداء من قيمة مصطفى بلهواري وبوبكر الدريدي وعبد الحق اشباضة.. لا بد من استحضار عطاءاتهم وإنجازاتهم على الأرض.. عطاءات أطرها ووجهها تصور الطلبة القاعديين ببرنامجه الديمقراطي، وبآلياته التنظيمية الناجعة، والتي استماتوا في الدفاع عنها إلى آخر لحظة من حياتهم.. حيث عملوا بجد وإخلاص على تشكيل المجالس الطلابية القاعدية التي فتحت باب الانخراط لجميع الطلبة لتحمل المسؤولية، اهتداءا والتزاما بمبادئ إوطم الأربعة وليس إلا.. وهو عكس ما يدعيه البعض بخصوص الخط الفكري الإيديولوجي لفصيل الطلبة القاعديين، على اعتباره خطا ماركسيا لينينيا..وإن كان الفصيل لا يخلو من ماركسيين أقحاح!
كان الفصيل فصيلا ديمقراطيا مناضلا ومكافحا، عمل على تطوير أداء الحركة الطلابية الديمقراطية، وبدرجة أولى تجربة الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين مع التجاوز التنظيمي والسياسي العملي لهاته التجربة، حيث عمل الفصيل على استقطاب جميع الفعاليات الديمقراطية والجماهيرية لصفوفه وقبل ببقايا وشتات الحركة الماركسية اللينينية للعمل في صفوفه وتحت رايته والتزاما ببرنامجه، برنامج النهج الديمقراطي القاعدي، وهو برنامج لا يمت بصلة للبرنامج الذي تشتغل عليه بعض المجموعات الطلابية النشيطة في الساحة الطلابية حاليا، وهي مجموعات غيرت بشكل كلي برنامج الطلبةالقاعديين التاريخي الإستراتيجي لسنة 79 ثم المرحلي لسنة 82، معوضة إياه ببرنامج النقط الثلاثة الذي مس الفصيل القاعدي في وحدته وقلص من عمقه الطلابي الإوطمي، لتتكاثر المجموعات، وتعم الإنشقاقات لأسباب تافهة ويتدنى الوعي.. الشيئ الذي فسح المجال للعديد من الإنزلاقات والممارسات الغريبة عن المبادئ الديمقراطية التي تسمح بالتنوع والاختلاف والصراع الديمقراطي.. ليتخذ الصراع منحى دمويا واستئصاليا ضد المنافسين والمزاحمين لتجمعات "البرنامج المرحلي"، بما فيهم مناضلي الحركات الماركسية والماوية والتروتسكية والأمازيغية..الخ بطريقة فجة ولا مسؤولة.
لم يكن هؤلاء الشهداء من هذه العينة من المناضلين بتاتا، ولم يصادفوا خلال تجربتهم الغنية من يرفض في صفوفهم الإنصات للخصم السياسي، ولم يشهدوا معارك السيوف والسواطير، وجلسات التعذيب للمخالفين، وحملات حلاقة الرؤوس..الخ عاشوا ديمقراطيين مناضلين من أجل الحرية والانعتاق، رافضين للتحكم والبيروقراطية.. افتقدناهم بسبب الفراغ الذي تركوه بعد استشهادهم، مرغمين.. ولكي لا تتسخ سمعتهم بما نشهده في بعض المواقع الطلابية حاليا، لممارسات تقترفها بعض الأيادي التي تدعي الانتساب للحركة الطلابية القاعدية، وهي منها براء، حين تلمح أوتشير للارتباط بهؤلاء الشهداء وبتجربتهم.. ندعوا الرفاق الشباب المناضلين بالأوساط الطلابية أن يطلعوا جيدا على التجربة الطلابية المناضلة، وبالقلب منها تجربة "الطلبة القاعديين" كفصيل وكنهج ديمقراطي، التزم منذ تشكله بإشراك عموم الطاقات الطلابية في القرار، والتقييم والقيادة.. اعتمادا على الالتزام بمبادئ إوطم، وبالهوية التقدمية والديمقراطية، وبالاستماتة في الدفاع دون هوادة على مطالب الجماهير المادية والمعنوية.
وعسى أن يظل النقاش مفتوحا، ومثمرا، ومقدرا لتضحيات المناضلين الشهداء، نتوجه بهذه الكلمة البسيطة في حق شهداء الحركة الطلابية، تجنبا للمغالطات والمزايدات التي عجت بها مقالات وخواطر تهم تجربة هؤلاء الشهداء، وهم شهداء بسطاء نعتز بالانتماء لتجربتهم التي لا تبخس من عطاءات جميع رفاقهم في الدرب الأحياء والشهداء.
وديع السرغيني
غشت 2017