لنجعل الاول من ايار لكل ايام السنة
سامان كريم
2016 / 5 / 2 - 02:04
سؤال: الأول من آيار يوم واحد في السنة أعتمد كيوم عالمي للعمال.. الأستغلال والأضطهاد والأفقار وسلب الحقوق يمارس كل يوم وكل ساعة لا بل في كل لحضة بحق العمال وفي كل مكان من العالم.. حتى في نفس هذا اليوم المخصص للعمال لن يتوقف فيه القهر والأستغلال والأضطهاد بحقهم.. مجلس محافظة كربلاء وفي يوم 28 / 4 / 2016 اي قبل ثلاثة ايام من الأول من آيار لهذا العام، اصدر قرار ضد عمال الأجور اليومية يضعهم أمام خياران لاثالث لهما، وهو أما أن يعملوا دون المطالبة بمستحقاتهم المالية اي العمل بدون أجر أو الطرد تحت مسمى الأجازة المفتوحة.. أكثر من ألف عامل بأجر يومي ترمي بهم أدارة محافظة كربلاء بكل وضاعة واستهتار في أتون الجوع والفقر أو البطالة. هذا الأستهتار وتلك الوضاعة ليس فقط في العراق بل في كل مكان بالعالم.. في الكويت صدر الجمعة قرار بابعاد 41 ألف عامل بحجة مخالفة شروط الأقامة وفي نفس اليوم تم تسريح 50 ألف عامل في شركات بن لادن في السعودية وتقرر ترحيلهم قبل أن يستلموا مستحقاتهم.. وقبل ايام قليلة اصدرت الكثير من الدول الأوربية المتبجحة بالأنسان وحقوقه قرارات ضد العمال المهاجرين بتشديد اجراءات قبول توطينهم، وحين يتظاهرون بقوة وبعزم بوجه الرأسمال وحكوماته بصورة يومية وفي كل لحظة يواجهون بالعنف والغاز المسيل للدموع والقاء القبض عليهم وضربهم، كما يحصل في اكثرية التظاهرات العمالية، وقد شاهدنا في الاسابيع الاخيرة تظاهرات عمالية وطلابية مقتدرة في فرنسا, واجهتها الحكومة "اليمينية" بقيادة هولاند بعنف كبير, تظاهرات ضد الاصلاحات البرجوازية التي ترمي الى اطالة "ساعات يوم العمل" وتسهيل "طرد العمال".. يوم واحد في السنة للعمال وسنة كاملة بكل تفاصليها للقهر والأستغلال والأضطهاد.. الحروب وقودها العمال وعائلاتهم.. التهجير والتشريد والأفقار والتجويع هو من نصيب العمال وعائلاتهم.. الأمن والأمان والحياة الرغيدة لرأس المال وحكوماته.. هل قضية الاول من ايار هي قضية مدة زمنية ليوم واحد كيوم للعمال ام القضية تتعدى المدة والزمن, ماذا يعني هذا اليوم في هذه المرحلة التي تغيب فيها الطبقة العاملة كقوة سياسية مقتدرة على الصعيد العالمي او الاقليمي او في العراق؟..
سامان كريم: المسألة الرئيسة للأول من أيار, يوم العمال العالمي, يوم الطبقة العاملة, قبل كل شئ برهان على ان الطبقة العاملة صاحبة المجتمع, هي من تبنى الحياة الاجتماعية, ببهائها وجمالها. الطبقة العاملة تعلن في هذا اليوم إنها تناضل في سبيل استرجاع هذا الحق. هذه هي القضية وهي ببساطة تعني: محو البرجوزاية كطبقة اجتماعية وبناء مجتمع خال من الطبقات, بالتالي محو ذاتها كطبقة ايضا. هذه القضية, من هنا يأتي خوف البرجوازي وسلطاته من هذا اليوم في كل انحاء العالم.
يوم الطبقة العاملة برهان على ان وقف عجلة الانتاج والخدمات الاجتماعية وصيرورة الحياة الأجتماعية مرهونة بعمل الطبقة العاملة بتعبها وعرق جبينها, حين يقرر العمال ان يوقفوا هذه العجلة ستقف لا محال, من هنا تبرز وتظهر وبشكل واضح ان البرجوازية هي طبقة زائدة ولا يحتاجها المجتمع من الناحية الواقعية، وان نظامها الرأسمالي كنظام سياسي - إجتماعي نظام مرفوض وفرض بقوة العسكر والأعلام لتحميق الطبقة العاملة والناس عموما.
يوم العمال العالمي رمز ويوم نضالي عالمي موحد بوجه النظام الرأسمالي, بوجه الطبقة البرجوازية وسننها السياسية والادارية والقانونية. نضال موحد بوجه الطبقة البرجوازية كطبقة حاكمة, تقود نظام راسمالي كنظام سياسي اجتماعي. في هذا المعترك النضالي العظيم.. تفند الطبقة العاملة كل ادعاءات البرجوازية: ساساتها وحكامها, مفكريها ومحلليها وصحفيها واعلامها المنافق والمضلل والكاذب, حول "ازلية النظام الراسمالي" وحول التقسيمات التي قسمت بها الطبقة العاملة على اساسها: الحدود بين الدول والهويات القومية والدينية والطائفية ولون البشرة. مثلا في العراق الهويات الشيعية والسنية والكردية والعربية... ستفندها العمال نضاليا وعمليا بإتحادها على الصعيد المحلي والعالمي بوجه نظام راسمالي عالمي ايضا.
من الناحية الموضوعية ان كل أيام السنة وكل لحظاتنا في الحياة وديمومتها, حين تكون طفلا او شابا او شيخأ, مريضا او في حالة صحية جيدة.. في كل هذه الحالات المجتمع يعيش بسواعد وعمل العمال.. بدون العمل الدؤب للطبقة العاملة ليس بالامكان استمرار الحياة الاجتماعية... الكهرباء والنظافة "البلدية", الغذاء الصناعي والزراعي, الاتصالات وتصنيع وسائلها اللازمة, النقل وتصنيع السيارات والقطارات والطيارات وسفن الفضاء... الصحة والمستشفيات, مياه الشرب والصرف الصحي... كل امور الحياة تصنعها الطبقة العاملة وتقدمها للمجتمع البشري بارقى صورها. هكذا ارى ان كل ايام السنة هي ايام الطبقة العاملة بالمعنى الاجتماعي والموضوعي, خارج عن اطار السياسة والتنظيم. وهذا هو الاهم لحياتنا الاجتماعية.
مشكلة الطبقة العاملة وطبعا عائقها الرئيس هي لا تعلن حكمها وسلطتها ومقدرتها كل يوم وتحولها الى الثورة الاجتماعية الجبارة، التي تقضي على الرأسمالية كما تعلنها في اليوم العالمي للعمال, وقبر النظام الراسمالي وأعلان نهاية الماساة الانسانية والحروب والاتجار بالبشر وتدمير البيئة والتشرد... هذا هو الفرق والفرق شاسع وكبير, فجوة كبيرة تملئ بعمل سياسي وفكري وتنظيمي كبير. والقضية "تعلن او لاتعلن" هي قضية موضوعية, موضوعيتها هي عدم وصول الطبقة العاملة, وبالتحديد التيار الشيوعي في صفوف الطبقة وقادتها الى هذا الادراك الطبقي والوعي الطبقي اللازم لهذه المهمة. هذا قضية موضوعية وعملية بحتة ايضا. تتطلب عملا جبارا كما قلت انفأ. تحزب الطبقة العاملة وبناء صرحها الحزبي من اولويات أملاء هذا النقص.
في هذه المرحلة التي تغيب فيها الطبقة العاملة كحركة سياسية مقتدرة لها احزابها المقتدرة, هي من اصعب مراحل تاريخ النضال الطبقي منذ نشؤء الرأسمالية. تواجه الطبقة العاملة هجوم برجوازي كاسح على كافة الجبهات النضالية وكافة ساحات النضال والقتال. الهجوم على المكتسبات التأريخية للطبقة العاملة ما نراه اليوم في تظاهرات العمال في فرنسا واوروبا وامريكا بصورة عامة, هل يعقل وفي فرنسا بؤرة الافكار والثورات في العالم, أن تتجرأ البرجوازية الحقيرة الطامعة والجشعة, بـ"أطالة ساعات العمل الى 12 ساعة في اليوم", وتتتجرأ بطرح موضوعة مثل موضع "طرد العمال" بمجرد عدم رضى صاحب العمل منهم وصلاحية "خفص الراتب".. هذا ناهيك عن تقليل وسحب الخدمات الاجتماعية رويدا رويدا وتحويل الخدمات الاجتماعية كافة، بما فيها المياه الصالحة للشرب ومياه الصرف الصحي والصحة والتعليم.. الى الخصخصة والقطاع الخاص.. نرى ذلك في العراق حيث كل هذه التظاهرات التي عمت العراق بقيادة الصدر وتياره، وبمشاركة الحزب الشيوعي العراقي وتياره المدني, منذ تموز الماضي ولحد الان.. هي التظاهرات التي قدمت للبرجوازية على طبق من ذهب الدعم الشعبي اللازم لاضطهاد الشعب ولمسعى البرجوازية هذا, ولطرد العمال ولخصخصة الشركات والخدمات الاجتماعية كافة وقطع البطاقة التموينية وانجاز سياسة التجويع والبطالة وتطبيق قرار التمويل الذاتي للشركات الصناعية.. عبر سياسة الترشيق والتقشف.. اعلنها العبادي في بغداد ونيجرفان البرزاني في اربيل.. نرى ذلك في مصر وفي الصين وفي بريطانيا وفي تونس والجزائر وروسيا ونرى ذلك في السعودية وفق رؤية "2030" لإبن الملك المدلل.. هذا هو واقع حالنا وحال الطبقة العاملة.
على صعيد السياسي تمر الطبقة العاملة بأصعب مراحلها التأريخية, حيث الحروب الإرهابية والطائفية والدينية، التي تقودها البرجوازية في هذه المرحلة من التاريخ في سبيل اعادة تقسيم القوى بين اقطاب الراسمالية العالمية. الحروب الارهابية التي يقودها ارهاب الدولة الامريكية وحلفائها من جانب وارهاب الاسلام السياسي من الجانب الاخر، ناهيك عن الصراع بين القوى الرأسمالية الكبرى وبين اقطاب الراسمال العالمي.. الحروب التي عمت الشرق الاوسط واسيا وافريقيا.. كل هذه الامور ادت الى تشرذم كبير داخل الصف الطبقي العمالي... حيث اصبحت الطائفية الدينية عنوانا وهوية مصطنعة جديدة, في الشرق الاوسط بعد أن كانت الهوية القومية المصطنعة هي السائدة لأكثر من ستة عقود..
امام هذا الواقع الموضوعي, امام قادة الطبقة العاملة وتيارها الشيوعي وكل مناضل شيوعي على مسار ماركس.. ليس هناك عمل او نضال غير املاء هذا الفراغ الكبير. هذا اليوم هو اعلان اتحاد الطبقة العاملة على الصعيد العالمي.. في هذه المرحلة براي يوم لاعلان هذا المسعى السياسي الكبير, يوم لاعلان نهاية الحقبة الماضية وبداية لحقبة جديدة, الحقبة التي تناضل الطبقة العاملة بصورة مباشرة كقوة مقتدرة سياسية تصارع على السلطة السياسية وحينذاك في كل ايام السنة لدينا ستكون الاول من ايار. ولنجعل الاول من ايار لكل ايام السنة..