في ضيافة -بيتنا الثقافي-
جاسم الحلوائي
2016 / 4 / 12 - 23:22
في ضيافة "بيتنا الثقافي"
جاسم الحلوائي يقدم "دراسات جديدة حول مسيرة الشيوعيين النضالية"
بغداد - عبد العزيز لازم
بحضور الرفيقين رائد فهمي نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي وحسان عاكف عضو المكتب السياسي للحزب، ضيّف منتدى "بيتنا الثقافي"، أخيرا، الرفيق جاسم الحلوائي (ابو شروق) ليوقع كتابة الموسوم "موضوعات سياسية وفكرية معاصرة" بعد ان حضر من منفاه ليستعرض حصيلة عقود من النضال المشرف.
حرص الرفيق حسان عاكف على تقديم الرفيق المحتفى به واستعراض كتابه الجديد المكون من ست عشرة دراسة، معتذرا عن الثغرات المحتملة في عرضه الكتاب بسبب تعدد موضوعاته، لكنه بسبب اطلاعه الدقيق على تفاصيل التاريخ النضالي للحزب عرض تفاصيل ذات طبيعة حوارية مع ما تضمنه الكتاب ومؤلفه. فبعد ان قرأ السيرة الذاتية للمؤلف المولود في كربلاء والذي انهى دراسته الابتدائية هناك ثم تخرج من معهد العلوم الاجتماعية في موسكو، أشار إلى انه عضو نقابة الصحفيين العراقيين ونقابة الصحفيين العالميين سابقا، وقد نشرت له "دار الرواد المزدهرة" في بغداد كتاب "الحقيقة كما عشتها"وكتاب "محطات مهمة في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي". وبعد عرض اشكال القمع الذي تعرض له المؤلف منذ العهد الملكي مرورا بعهود الدكتاتورية اللاحقة استعرض الرفيق حسان عاكف محتويات كتاب الرفيق جاسم الحلوائي.
في استعراضه لفصول الكتاب ركز الرفيق حسان على الفصل المعنون "المؤتمر الخامس مؤتمر الديمقراطية والتجديد 1993" منوها باعجاب الرفيق المؤلف بنتائج هذا المؤتمر الذي كان عضوا فيه وبأهميته التاريخية. "فسيظل هذا المؤتمر علامة مضيئة في تاريخ الحزب لأنه حرره من الجمود العقائدي والنصية" - كما جاء في الكتاب. "وكان المؤتمر محطة مهمة في تجديد ايديولوجية الحزب ومرجعيته السياسية والفكرية وتوسيع قاعدته الاجتماعية الطبقية".
وأضاف الرفيق عاكف انه في مجال الديمقراطية تمت الاشارة إلى المواد والآليات الجديدة التي تضمنها النظام الداخلي للحزب، والتي تؤكد المزيد من اشاعة الديمقراطية في حياة الحزب الداخلية، وتعميق دور عموم رفاق الحزب وهيئاته في رسم سياسة الحزب ومتابعة تطبيقها.
واصل الرفيق حسان عاكف استعراض الموضوعات والدراسات التي احتواها الكتاب مثل "تجارب الحزب الشيوعي العراقي في مجال التحالفات السياسية"، وتساؤل عن طبيعة ثورة الرابع عشر من تموز "أثورة كانت أم انقلابا عسكريا" ودراسة حول مؤامرة الشواف في الموصل آذار 1959 اضافة الى أحداث كركوك في تموز 1959 ثم انقلاب شباط الفاشي 1963 ودراسة موسومة بـ "من الذي يدفع تعويضات خسائر الحرب العراقية الايرانية" وغيرها من الدراسات، اضافة الى مقابلة واحدة مع المؤلف أجراها الاعلامي داود أمين .
عاد الرفيق حسان عاكف للحديث عن رأي الرفيق جاسم الحلوائي في المؤتمر الخامس الذي استطاع الحزب من خلاله التحرر من الجمود العقائدي والتخلص من ازمة كادت تعصف بكيانه. لكن الرفيق عاكف اشار الى ان هناك اوضاعا صعبة احاطت بالحزب ادت الى تحجيم الممارسة الديمقراطية في الحياة الداخلية للحزب، في مقدمتها ظروف العمل السري المرتبطة بطبيعة الانظمة الدكتاتورية البوليسية، موضحا ان عبارة "الحزب جدد ايديولوجيته" الواردة في الدراسة قد تعطي الانطباع ان الحزب تخلى عن ايديولوجيته ، والادق ربما القول ان الحزب وسع من مصادره ومنابعه الفكرية ، كذلك تحتاج عبارة " صحح " التي استخدمها المؤلف الى المزيد من التدقيق كي تناسب واقع الحزب .
وبيّن الرفيق عاكف ان الرفيق الحلوائي أوضح في كتابه طبيعة التجديد بالقول ان الحزب تأخر في التفاعل مع البيروسترويكا السوفيتية، حيث تطرقت اليها قيادة الحزب عام 1989 بينما طرحها السوفييت عام 1985 . وقد أشار الرفيق عاكف إلى ان جميع الأحزاب الشيوعية في العالم تابعت تطور مسار البيروسترويكا التي اكتنفها الكثير من الالتباس والتشوش ، وبهذا ربما يكون تمهل الحزب في دراسته للظاهرة له ما يبرره، خصوصا وان الحزب في حينها كان يمر في ظروف قاسية. ثم اشار الى اهمية الاطلاع على تقرير اجتماع اللجنة المركزية عام 1990 وعلاقته بمحتويات برنامج الحزب ونظامه الداخلي، وتوقف امام الفقرتين الاولى والثانية في البرنامج ، اللتين تؤكدان ان الحزب يسترشد بالفكر الماركسي، ويستوحي التراث الوطني والفكر التقدمي للأقوام العراقية في وضع سياساته وصياغة مواقفه . وفي هذا السياق القى الرفيق حسان عاكف المزيد من الضوء على مفهوم الحضارة العربية الاسلامية، موضحا ان هذا المفهوم ارتبط بكون معنى العلوم والثقافة والفلسفة في هذه الحضارة، والذين كانوا يعيشون في حواضر الدولة الاسلامية كانوا خليطا من المسلمين وغير المسلمين ومن العرب وغير العرب .
ولفت الرفيق عاكف إلى ان المؤتمر الخامس تبنى مصطلح الماركسية لشموليته لعموم مصادر الفكر الاشتراكي الى جانب الدروس التي افرزها النضال من اجل الاشتراكية وكذلك تجارب البناء الاشتراكي في انتصاراتها واخفاقاتها ، واشار الى ان طروحات التطور اللارأسمالي لم تكن مناسبة للواقع العراقي لان البرجوازية الوطنية المنتجة ما زالت تمتلك قدراتها في تطوير الاقتصاد الوطني .
وأضاف قائلا: "لقد اتجه الحزب نحو تبني تأسيس دولة ديمقراطية فدرالية وهذه من انجازات المؤتمر الوطني الخامس كما ورد في كتاب الرفيق الحلوائي"، متابعا قوله: "على صعيد التمثيل الاجتماعي-الطبقي يرى المؤلف ان الحزب تبنى مصطلح العمال والفلاحين وشغيلة اليد والفكر، الى جانب التخلي عن مصطلح ديكتاتورية البروليتاريا كما فعلت اغلب الاحزاب الشيوعية"، موضحا ان الحديث عن الديكتاتورية مرتبط بالحديث عن العنف ، لذلك توجه الحزب الى تبني نهجا سلميا بعيدا عن الجملة الثورية.
كما بيّن الرفيق عاكف ان مؤتمرات الحزب والاجتماعات الاستشارية توالت بانتظام بعد المؤتمر الخامس واصبحت اللجان المحلية مرتبطة مباشرة باللجنة المركزية وتم تقليص صلاحيات سكرتير اللجنة المركزية ، مضيفا ان الترشيح في المؤتمر الخامس جرى عن طريق الاسلوب الفردي لأول مرة وليس عن طريق القوائم التي كانت تقدمها اللجان المركزية السابقة.
وعقب الرفيق جاسم الحلوائي على حديث الرفيق حسان عاكف مشيرا إلى انه يعتقد ان التجديد هو الذي ساعد على إنقاذ الحزب من مآزق كثيرة كان يمكن ان تمنعه من المشاركة في العملية السياسية.
وفي سياق اشارته الى الجبهات السياسية وبعد تعريفه للجبهة اكد الرفيق الحلوائي ان الحزب ظل محافظا على استقلاله الفكري والتنظيمي والسياسي في تعامله مع الجبهات ومع القوى الاخرى طيلة مراحل نضاله، ولم يتم تشكيل الجبهة الوطنية في ظل قيادة الرفيق فهد لأن الحزب رفض حل تنظيماته تمهيدا لتشكيل حزب واحد كما كانت تطرحه الاحزاب الاخرى.
الرفيق حسان عاكف من جهته أضاف الى ان الكاتب لم يشر الى شعار الحزب الرئيس "قووا تنظيم حزبكم ، قووا تنظيم الحركة الوطنية" رغم انه شعار مرتبط ارتباطا قويا بالتحالفات واقامة الجبهات الوطنية ، ثم استعرض سياسة الحزب التحالفية في العهد الملكي، كما ورد في الكتاب، والتحالفات التي رافقت انتفاضات الشعب آنذاك عام 1948 1952 و 1954 حيث استطاعت القوى الوطنية بفضل النهج التحالفي إيصال 11 نائبا الى البرلمان، ما ارعب الانجليز والسلطة الرجعية ، ثم انبثقت جبهة الاتحاد الوطني عام 1957 التي كانت قاعدة سياسية لثورة الرابع عشر من تموز مشيرا الى ان الاقتصادي الوطني الراحل ابراهيم كبه هو الذي كتب برنامج جبهة الاتحاد الوطني.
انتقل الرفيق حسان عاكف بعد ذلك الى استعراض ظروف تشكيل "الجبهة الوطنية والقومية التقدمية" التي ظهرت بوادر انهيارها حسب كتاب الرفيق الحلوائي منذ عام 1974 اي بعد عام واحد من عقدها مع حزب البعث حيث حول البعث ميثاقه الخاص الذي اصدره مؤتمره الثامن الى قانون عام للدولة.
وتعرض الرفيق جاسم الحلوائي في كتابه الى قضية ارتباط الحزب في جبهتي "جوقد" في دمشق و"جود" في كردستان مبينا خطأ ذلك الارتباط في ظل النزاع المحتدم بين الحزبين الكرديين الرئيسين، حيث وضع الحزب نفسه في موقف محرج، مشيرا الى عدم ارتياح كلا الحزبين منه . ويشير الكتاب أيضا الى لجنة العمل المشترك عشية انتفاضة آذار 1991 التي عقدت في بيروت .
وحول ما إذا كانت ثورة الرابع عشر من تموز انقلابا ام ثورة يؤكد الحلوائي انها ثورة، وبعد ان يحدد الفروقات الجوهرية بين الثورة والانقلاب، يطرح المبررات السياسية والاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بانجازات14 تموز لاعتبارها ثورة .
كذلك جرى في الكتاب الاستشهاد بآراء المفكر حنا بطاطو الذي يعتقد ان أحداث كركوك هي من سبب اكبر الاذى للحزب ، لكن الرفيق حسان عاكف يضيف إن احداث الموصل هي ايضا سببت نفس الاذى للحزب، ويخلص الى رأي مفاده ان الحزب بحاجة الى جهد اضافي لتوضيح حقيقة مواقفه اتجاه هذه الاحداث ودوره فيها، و التي تتحمل القوى اليمينية والرجعية المسؤولية الاساسية في اثارتها وتفجيرها.
وفي مقالة اخرى يشير الكتاب الى المواقف البطولية للشيوعيين والمواطنين في الوقوف بوجه السلطة الفاشية التي أتى بها انقلاب شباط الدموي وإن حركة حسن سريع اثبتت عجز الانقلابيين عن كسر شوكة الحزب والشعب ورفعت من شأن الحزب وهيبته، رغم ان الحركة شابها التسرع اذ لم يكن الحزب مستعدا للتعاطي معها . وتجلت بطولة الشيوعيين واصدقائهم في مواقف معتقلي قطار الموت وموقف الناس التضامني معهم .
وفي موضوع القضية الكردية استعرض الرفيق حسان عاكف ما ورد في الكتاب حول موقف الحزب التضامني مع تلك القضية مركزا على الشعار الذي اطلقه الحزب "الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان العراق". واشار الى الاخطاء التي وقع فيها قادة الحركة في مراحل نضالية مختلفة.
بعد الاستعراض الذي قدمه الرفيق حسان عاكف عقب الرفيق الحلوائي شاكرا الحضور، ومثنيا على الرفيق عاكف على حسن تقديمه لمحتويات الكتاب ومؤلفه، ثم شارك العديد من الرفاق في تقديم مداخلات مستمدة من تجاربهم الطويلة في صفوف الحزب.
بعد ذلك اوضح الرفيق الحلوائي ان الكتاب لا يتناول كل تاريخ الحزب، بل هو مجموعة دراسات تستند إلى تاريخ الحزب، مبينا انه "بالنسبة للعلاقة مع الاتحاد السوفيتي لم تكن علاقة تابع ومتبوع ولم نستلم تعليمات منهم بل ان هناك مواقف اختلفنا بها معهم على سبيل المثال كان السوفييت يرغبون بعودة العلاقة مع البعث بعد انسحاب صدام من الأراضي الإيرنية في عام 1982 ولكن اللجنة المركزية رفضت ذلك. وبالنسبة لاستلام السلطة من قبل الحزب كان هناك تداخل بين قوى الحزب وقوى عبد الكريم قاسم. وكان هناك انقسام داخل الحزب في الموقف من عبد الكريم قاسم بين تأييده ومعارضته، وفي تلك الفترة غلب الحزب مواقفه الوطنية على مواقفه المطالبة بالديمقراطية".
واضاف الرفيق الحلوائي ان من الخطأ الفصل بين القضية الوطنية والديمقراطية ، فلا تستطيع حماية الوطنية بدون الديمقراطية . وعما طرح حول “الماركسية” و”الماركسية اللينينية” اوضح الرفيق اعجاب الشيوعيين بالماركسية اللينينية المفرط قائلا "كنا لينينيين اكثر مما كنا ماركسيين”.
وتوجت الفعالية بتقديم باقة ورد للرفيق جاسم الحلوائي باسم الحزب الشيوعي العراق قدمها الرفيق صباح المندلاوي عضو اللجنة المركزية، وقدمت له كذلك شهادة تقديرية من منتدى بيتنا الثقافي قدمها الرفيق مفيد الجزائري عضو اللجنة المركزية ورئيس تحرير جريدة "طريق الشعب".
يشار إلى ان اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة كربلاء، احتفت في وقت سابق بالرفيق المناضل جاسم الحلوائي، الذي تحدث عن كتابه المذكور آنفا. وقد حضر الجلسة جمع كبير من الشيوعيين وأصدقائهم، وأدارها سكرتير اللجنة المحلية الرفيق سلام القريني، والرفيق إبراهيم حلاوي الذي قدم السيرة الذاتية للمحتفى به.