من هم الشيوعيون؟
عادل احمد
2015 / 9 / 29 - 00:48
من هم الشيوعيون هذا السؤال يطرح دائما؟ وما هو المعيار والمقياس بأن تكون شيوعيا؟ هل يكفي الايمان بالنظرية الماركسية كي تصبح شيوعيا؟ ام ماذا؟ وهل يكفي بان تكون عضوا في احد الاحزاب الشيوعية كي تصبح شيوعيا؟ من صاحب الحق في ان يسمى الناس شيوعيين او لا؟ احاول بقدر الامكان وحسب مفهومي للشيوعية والماركسية ان اجيب على بعض هذه التساؤلات.
عنما قامت البرجوازية بثورتها وخاصة بشكلها الرسمي والتقليدي كما في الثورة الفرنسية، نضجت معها الطبقة العاملة كطبقة منتجة في المجتمع الراسمالي المعاصر. وبدأت الطبقة العاملة تنتقد شيئا فشيئا النظام الجديد وتكرست لديها فكرة بأنها من يخلق كل ثروة المجتمع بيديها وبجهدها وطاقاتها وفي النهاية لا تحصل على شيء الا تعبها وبقائها على قيد الحياة. وكانت يسأل نفسها دائما بأنها كل يوم تخلق هذه الثروة عن طريق انتاج البضائع والمتطلبات وحاجيات الانسانية في المجتمع وتبادلها في الاسواق، ومقابل هذا فأن ما تتقاضاه من أجور هي ليس حق عملها بالكامل وانما حق استرجاع قوة عملها (حق الاكل والملبس والمسكن) وحق بقائها على قيد الحياةا. وان النظر الى المقابل اي صاحب الملكية (الملكية البرجوازية) ركزت بيديه كم هائل من الثروة. وان هذه الثروة المتراكمة هي من صنع العمال انفسهم وبقوة عملهم. اذن ان اول شيء بدأ في الذهن هو العداء لهذه الملكية وبصورة مباشرة الالة ومصانع الرأسماليين. ولكن سرعان ما ادركت بأن ليس الالات والمصانع نفسها هي السبب لفقرهم وحرمانهم، بل هو شكل الملكية لهذه الالات والمصانع، وان هذا الشكل من الملكية هو الملكية البرجوازية لوسائل الانتاج. وبدأت الاحتجاجات العمالية بالضد من هذه الملكية والتي تعيش على اساس جهد وقوة العمال. وان اول حركة نشأت بالضد من الملكية هي حركة اشاعة الالات والمصانع وتحويلها الى ملكية جماعية للعمال انفسهم ومن خلاله الغاء الاجرة مقابل عملهم. وجاءت هذه الفكرة بناء على الفطرة، ان كل الثروات في المجتمع سوى الموارد ظاهريا في الطبيعة ام الموارد من تحت الارض هي ملك للمجتمع، وبما ان العمال ايضا جزء من المجتمع فأن هذه الملكية تخصهم ايضا كباقي افراد المجتمع.
بدأت الحركة الشيوعية من فئة من العمال الواعين لمصالح كل الطبقة العاملة ونشأت حركتهم بأعتراضات يومية، وفي بعض الاحيان قاموا بثورات عظيمة في فرنسا في بداية القرن التاسع عشر وفي المانيا في اواسط نفس القرن. واكملت هذه الحركة تصوراتها بعد تجارب هذه الثورات حتى جاءت الماركسية وكملتها نظريا من الناحية العلمية في مجال الفلسفة والاقتصاد والتدخل في مجال السياسية، واسست عصبة الشيوعيين والاممية الاولى للحركة العمالية. اذن الشيوعية لم تكن شيئا الا تعبيرا عن الغاء الملكية الخاصة للبرجوازية ونظام العمل المأجور. وان من كان يعتقد بهذه الاسس ومن كان يعتقد بأمكانية زوال هذا النظام عن ظريق الثورة الاجتماعية للطبقة العاملة يعتبر شيوعيا. وعلى هذا الاساس يعرف كارل ماركس الشيوعيون في بيان الحزب الشيوعي بأن "الشيوعيون عمليّا هم الفريق الأكثر حزما من الأحزاب العمالية في جميع البلدان، والدافع دوما إلى الأمام، ونظريا هم متميزون عن سائر جُموع البروليتاريا، بالتبصّر في وضع الحركة البروليتارية، في مسيرتها ونتائجها العامّة". او يقول "والحالة هذه يستطيع الشيوعيون أن يلخّصوا نظريتهم بعبارة وحيدة: إلغاء الملكية الخاصة".
ان تعريف الشيوعيين له هذا المعنى فقط اي الايمان بالغاء الملكية الخاصة للبرجوازية والقضاء على العمل المأجور والرأسمال. وان في يومنا هذا لسؤ الحظ يوجد انواع واشكال من الشيوعيين. القوميين والليبراليين ومنتقدي العولمة وحركة 99% ومنتقدي الاسواق الحرة والمعدومين والطبقات المثقفة والبرجوازية الصغيرة في بلدان العالم الثالث وو.. الكل يدعي بأنه شيوعي ولكن في الحقيقة لا صلة لهم لا بالشيوعية ولا بالحركة الشيوعية.
ان تعريف الشيوعيين والماركسيين من هنا تنطبق عليهم وليس شيء اخر. ليس كل من يقول عن نفسه او يدعي بأنه شيوعي سيكون شيوعيا. المعيار الشيوعي هو الايمان والعمل من اجل الغاء العمل المأجور والغاء الملكية الخاصة للبرجوازية. وهذا ينطبق على الاحزاب ايضا.
وان الشيوعيين في المجتمع غير مفصولين عن الشيوعيين داخل الطبقة العاملة، انهم مترابطون باوثق الصلات مع بعضهم البعض، ويناضلون معا في حزب واحد ويتحدثون عن نفس الالام والمعانات ونفس الاهداف ويتجمعون حول خطة واحدة للقيام بالثورات او الانقلابات الاجتماعية. لا يمكن فصل الشيوعيين عن الطبقة العاملة ولا يمكن فصل الطبقة العاملة عن الشيوعيين.
ان فكرة الشيوعية هي التعبير عن النمط الفكري المعاصر للحقبة التاريخية ما قبل الطبقات اي المشاعية البدائية. وان في المشاعية البدائية كل شئ ملك للجميع مثل ادوات الصيد والزراعة واواني الطبخ ووسائل البناء. وكان الانتاج الحاصل من هذه الادوات من صيد الحيونات والزراعة تقسم بين افراد العائلة او القبيلة او شعب ما ولم تكن هناك ملكية فردية خاصة. الادوات والوسائل للجميع والانتاج للجميع وكانت تقسم بين افراد المجتمع بالتساوي. وان رجوع البشرية الى هذا النوع من العلاقات بعد الاف السنين جاء بعد ان نشأت الملكية الفردية وشكلت انظمة سياسية واقتصادية مختلفة، مثل الملكية العبودية والاقطاعية حتى اكتملت بشكل نهائي في النظام الرأسمالي المعاصر. وان هذا الشكل من الملكية هو عائق امام تطور البشرية في الوقت الحاضر وهو في تناقض مستمر مع القوة المنتجة في المجتمع وهي الطبقة العاملة. كلما تطورت وسائل القوة المنتجة من التكنلوجيا والعلوم كلما تأخر المجتمع.. ويعاد أنتاج الحروب والقتل الوحشي وسلطة المال الطاغية التي تخنق المجتمع. ان سلطة المال الطاغية في دول العالم الصناعية المتطورة تجعل العمال عبيدا للرأسمالية ولكن بشكل متحضر. اصبح كل شيء يدور في حلقة من اجل الربح الرأسمالي. ليسوا قليلون في العالم من الشيوعيين اللذين ينادون بالقضاء على نظام العمل المأجور والقضاء على الملكية الخاصة للبرجوازية.