سقوط الإخوان في إمتحان الديمقراطية!!!!
عدنان كريم
الحوار المتمدن
-
العدد: 4211 - 2013 / 9 / 10 - 13:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
" دلالات و عبر"
ربما کانت أحدي النتائج الجوهرية للربيع العربي تربع حرکة الإخوان المسلمين علي السلطة في غير بلد عربي. فقد تولى الإخوان السلطة في کل من مصر و تونس في إنتخابات لم يشوبها شوائب جوهرية يذکر. کما خرجت الحرکة متصدرة المشهد السياسي في ليبيا و اليمن مثلما يلعب الإخوان في سوريا منذ اکثر من سنتين دورا رياديا في الحرکة السياسية والمسلحة الجاريي في البلاد. إلا إن تبوأ الإخوان للسلطة في مصر وسقوطهم المدوي اللاحق يبقى أحد أهم الأحداث التي شهدها البلاد منذ ثورة يوليو ١-;-ي٩-;-ي٥-;-ي٢-;-يواکثرها مدعاة للتأمل.
وربما لا نأت بجديد عندما نقول بأن التيارات الإسلامية و خاصة الإخوان المسلمين يقومون بتوظيف "المقدس" الديني في خدمة مرامي سياسية دنيوية بحتة. ليس ذلک بأمر جديد أو بدعة إخوانية خاصة فقد سخر الرئيس المصري الراحل أنور السادات في مصر و صدام حسين في العراق ، يضا ، وعلي سبيل المثال فقط وليس حصرا، المشروع الديني الإسلامي بشقيها الإخواني و الجهادي من أجل صالحهما و صالح الحرکة القومية العروبية في کل من العراق و مصر. ودون أن نبتعد عن صلب الموضوع لا بد من التأکيد بأن المقدس الديني تم تسخيره لغيات سياسية في الغرب وفي مرحلة الحرب الباردة يصا حيث لعب البابا بولص الثاني وبتشجيع أمريکي ظاهر دورا لا يستهان به في قلب النظام الشيوعي في بولندة أولا ثم في سائر دول المعسکر الإشتراکي لاحقا. کما لم يکن من الممکن ولادة القاعدة في ثمانينات القرن الماضي بدون الدور المکشوف الذي لعبه المخابرات المرکزية الأمريکية کقابلة و ثم حاضنة لها.
وقد راهنت أمريکا ولا تزال ، کما هو جار في مصر، علي نموذج "الأسلام المعتدل" ولم يکن ذلك إلا إسما رمزيا ثانيا للإخوان المسلمين بعدما زعموا بأنهم تصالحوا مع الديمقراطية وما علي المشککين سوي مراجعة النموذج الترکي للتوأمة بين الديمقراطية و الأسلام. وکانت الإدارة الأمريکية الجديدة برئاسة باراك أوباما علي أحر من الجمر لتلقف تلك الرسالة من الإخوان حيث وضع في صدر أولوياته بعد التورط الأمريکي في العراق و افغانستان مسألة السعي نحو يجاد مخرج آمن من مستنقع الورطتين وکذلك نحو إجراء تعديل علي سبل و أساليب مواجهة الإرهاب المتمثل اساسا بتنظيم القاعدة و محاربة التيارات الإسلامية المتطرفة و إحداث نقلة نوعية في کيفية التعاطي مع ملف الإسلام السياسي الشائك. ولم تأت زيارة باراك أوباما للقاهرة و خطابه في جامعة القاهرة سوي اليذان بالشروع بهذه الستراتيجية الجديدة. هکذا أتت الشراکة الأمريکية الجديدة مع الاخوان ضمن هذه الستراتيجية الشاملة. ولم يتردد الإخوان في الإستجابة العاجلة لمتطلبات المشروع الأمريکي الجديد بل تلقفوها وسعوا نعو إنطلاقة جديدة و بزخم جديد حيث قرأوا فحوي المشروع بدقة ساعين نحوقص الأجنحة الزائدة ليس من الإخوان بصورته الراهنة بل حاولوا يضا تلطيف صورها القديمة بوصفها المعطف الدي خرج منه سائر القوي المتطرفة بل و حتي الإرهابية.
کانت أمريکا تعد نفسها لإستقبال المولود العربي الجديد ، أي الربيع العربي وکان الإخوان يضا يعدون العدة ، ولکن بصورتهم البراغماتيکية ، للمرحلة المقبلة دون أن يقطعوا کل الجسور مع النظام السابق حيث کانوا مشارکين بزخم قوي في اللعبة البرلمانية البائسة لنظام مبارك.
لم يخف الإخوان و منذ تأسيس حرکتهم قبل ٨-;-ي٥-;-ي عاما هدفهم الستراتيجي والمتمثل بتطبيق الشريعة الإسلامية و جعلها منهجا للسلطة و الحکم بل للحياة و تکريسها کالمرجع الوحيد لسائر القوانين في البلاد. وقد بروا بوعدهم ووفوا بها بعد فوزهم في الإنتخابات العامة في مصر التي جرت بعيد ثورة ينير ٢-;-ي٠-;-ي١-;-ي١-;-ي حيث سعي الإخوان في الشروع بأسلمة شتي مناحي الحياة في خضم أزمة سياسية حادة نتجت عن معارضة قوية عمت مختلف فئات الشعب المصري و إنتهت بسقوط الإخوان بصورة مدوية لم يتوقع أحد سرعتها و زخمها. ولم يجد المساعي الحثيثة التي بذلها الإخوان للنأي بأنفسهم عن التيارات السلفية و الجهادية الإسلامية في البلاد نفعا حيث بات في وعي المصريين بمثابة الفولکلور بأن الإختلاف بين الإخوان و السلفيين لا تعدو کونها إختلافا شکليا ينحصر في إطار الشکليات ولا يمس جوهر الهدف ألا وهو تطبيق الشريعة الإسلامة کالهدف الأسمي للطرفين. إن ما يسمي بالمنهج الإصلاحي لتيار الإخوان المسلمون خلافا للمنهج الراديکالي للتيارات الأخري ينطلق من مقدمة مختلفة فقط و نتيجة مشترکة حيث يٶ-;-يمن الإخوان بأن المجتمع المصري و غيره من المجتمعات المسماة بالإسلامية مازالت غير مٶ-;-يهلة بما يکفي لتطبيق الشريعة بصورة شاملة لذا ينبغي الأخذ بمنهج التدرج و أسلمتها بصورة تدريجية ريثما تکون جاهزة بما يکفي لتطبيق الشرع الإسلامي بحذافيره لاحقا.
وفيما يخص الأساس الفکري للشريعة يتفق الإخوان مع السلفيين و التيارات الإسلامية الراديکالية بأن الديمقراطية تجعل من الشعب مصدرا للسلطات وإن وجود سلطة تشريعية تسن القوانين بخلاف الإسلام هو تجاوز علي الإسلام إذ لا سلطان للبشر في حق التشريع لأن ذلك حق إلهي حصرا لا يحق لأي کان الدنو منه .
يقول الدکتور عمر عبدالرحمن في کتابه ( کلمة حق ) : " فالناس ليس لهم حق التشريع إبتداء و کل مالهم هو مزاولة التطبيق لما شرعه الله ، أو الإستنباط والقياس علي أحکام الله فيما لم يرد فيه نص ".
کما تنادي الديمقراطية بالمساواة بين البشر بغض النظر عن مذاهبهم و أديانهم و معتقداتهم إذ تجعل المواطنة اساسا لتعريف الحقوق و الواجبات وکل ذلك بعکس الشريعة الإسلامية إذ يقول القرآن " أفمن کان مٶ-;-يمنا کمن کان فاسقا ؟ لا يستوون". فغير المسلم ، وليس الکافر أو الملحد فقط ، لا يجوز وليته مثلما علي الکتابي دفع الجزية للدولة المسلمة .
ولا يختلف ماهية الأمر في مجال الحريات العامة فالديمقراطية تنطلق منها دون قيود ولکل المواطنين حيث لا يقر الديمقراطية و لا تنطلق من محاباة دين و تحبيذ مذهب علي آخر . فالديمقراطيات الغربية تقر في دساتيرها الإلحاد کحق شخصي جنبا مع اليمان و من شأن ي مواطن أن يرتد عن الدين ومنها الإسلام دون وازع أو رادع بعکس الشريعة التي تنطلق في هذا الصدد من الحديث النبوي القائل " من بدل دينه فقد کفر" و حکم الکافر معروف للقاصي و الداني في الإسلام.
وطبقا للشريعة الأسلامية ، بوصفها الأطار الفکري و الفلسفي للقوانين في برنامج الإخوان المسلمين، فإن السعي لتغيير النظام القائم تدخل في خانة الإرتداد حيث يسارع اهل الحکم لمد يديهم لجعبة القرآن والسنة النبوية حيث " إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله ويسعون في الارض فسادا ان يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع يديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم ".
في مسعي غير موفق حاول الإخوان المسلمون عن طريق تأسيس حزب الحرية و العدالة أن يمحو من ذاکرة المصريين عقودا من الشك و الريبة و الخوف في صفوفهم من شبح الإخوان. وحوي برنامج الحزب موادا ذا دلالة يتناقض مع تطلعات الشعب المصري وثورته العارمة في ينير ٢-;-ي٠-;-ي١-;-ي١-;-ي . فتحت بند " السياسات و الاستراتيجيات " يقدم الحزب تصوره لأعلي سلطة في البلاد حيث يدعون لقيام " هيئة من کبار علماء الدين" يتم إنتخابهم بصورة حرة و مباشرة من قبل علماء الدين". و کما يبدو من نصوص برنامج الحزب فإن هذه الهيئة غير خاضعة لية سلطة و حتي للبرلمان بوصفها أعلي سلطة منتخبة من الشعب حيث يٶ-;-يکد الحزب في برنامجه بأن هذه الهيئة تملك " إستقلالا تاما و حقيقيا " عن السلطات جميعها. وخلافا لکل القيم الديمقراطية يٶ-;-يکد البرنامج بشکل صريح بأن " علي البرلمان المصري إستشارة هذه الهيئة والأخذ بريها في کل ما يتعلق بالشريعة الإسلامية کالمصدر الأساسي للدستور و القوانين في البلاد. کما ينبغي ، ووفقا لبرنامج الحزب دائما، علي رئيس الجمهورية أن يتخذ موافقة " العلماء عند إصداره قرارات بقوة القانون " .
وهکذا فإن سياسة " إخونة " الدولة المصرية و أسلمتها کان عقب آخيل الإخوان المسلمون و تعبيرا عن عجزهم الکامل عن فهم متطلبات وأهداف الثورة المصرية .فالرئيس المصري والذي له مکانة قيادية في صفوف الإخوان لم يحکم البلاد کالرئيس الفعلي للدولة بل سعي بکل ما أوتي من قوة لحکم مصر کإمارة إسلامية. وقد دخل في معارک شرسة مع سائر مٶ-;-يسسات الدولة المصرية کممثل لحزب الحرية والعدالة حيث کان يدعو في مقابل المظاهرات التي کانت تنظمها قوي المعارضة بالرد عليها بمظاهرات مماثلة للقوي الإسلامية . ولم يکن تعامله مع مٶ-;-يسسة الجيش يختلف عن تعامله مع سائر مٶ-;-يسسات الدولة الأخري کالقضاء و السلطة التنفيذية و البرلمان الذي جعله أنصاره معقلا للصلاة و العبادة . وکما قال وزير الدفاع المصري عبدالفتاح السيسي " عندما يدخل الرئيس في صراع مع کل مٶ-;-يسسات الدولة هذه فإن فرصة نجاح مثل هذا الرئيس تکون ضئيلة جدا. ومن ناحية أخري ، فإن الرئيس ، من جانبه ، کان يحاول إستدعاء انصاره من الجماعات الدينية ".
وبدلا من إقامة حکم المٶ-;-يسسات و تثبيت مبدأ حکم القانون والفصل بين السلطات والعمل علي ضوئها لجأ الإخوان و رئيسهم محمد مرسي إلي سياسة التحالف مع التنظيمات الإسلامية المتذرفة الأخري حيث قاموا بتقسيم مقاعد البرلمان . ولم يقف الرئيس عند ذا الحد بل دفعه المرشد العام للإخوان للتوغل أکثر في غيه حيث وفي مواجهة إشتداد المعارضة السياسية للمعارضة والجماهير الشعبية لجأ الإخوان إلي سياسة إنزالا الميليشيات الإخوانية والإسلامية إلي الشارع دافعين البلاد نحو حافة الحرب الأهلية.
وعندما إشتد أوار المعارضة الشعبية لنظام الإخوان وقال المحيطين بالرئيس بأن المليين ينادون برحيله في ساحة التحرير لم يفيق الرئيس من سکرة النصر الأخواني المزعوم فرد بجملته الشهيرة : " ما يتعدوش المية و ستين الفا ".
ويبدو جليا من ذلك بأن المأزق و الشقاق الحاد بين الشعب المصري و الإخوان و الرئيس المعزول نشأ نتيجة لمفهوم الإخوان المسلمين عن الدولة وعمل المٶ-;-يسسات الدستورية کما عن اليديولوجيا التي تبناها حزب الحرية والعدالة والرئيس المصري المعزول بصدد بناء الدولة وإدارة شٶ-;-يون الحکم والتي رمت لإستعادة الإمبراطورية الدينية الإسلامية ليس إلا. وکل ذلک جعل من مرسي رئيسا لجماعة معينة وليس رئيسا يمثل کل المصريين.
وکانت قضية التعاطي مع الأقباط يضا مقتلا آخر لمحمد مرسي و حزب الحرية والعدالة وسببا آخر لسقوطهم. بدءا کان الرئيس المعزول و حزبه يطلقون تسمية "غير المسلمين" علي هذه الفئة من مواطني مصر. وکل من له ذرة من الخبرة بالثقافة الإسلامية وما إکتسبتها من زخم قوي بعد أحداث الربيع العربي يعلم ما لهذه التسمية من ثقل و مدلول سلبي في عقول و أفئدة جماهير التيارات الإسلامية بصورة خاصة. فتفريق المواطنين وتمييزهم حسب أديانهم و مذاهبهم اولا ومن ثم ترميزهم بعبارات يعرف کل منتم بسيط لحزب الحرية و العدالة فحواها السلبي الحاد لا ينجم عنها سوي تجييش مشاعر الکراهية والحقد و البغضاء تجاه هذه الفئة من أبناء الشعب الذين لا ذنب لهم سوي ولادتهم علي دين آخر و ربما لا يٶ-;-يمن أوساط غفيرة منهم بما جاء في کتبهم " المقدسة " و تعاليمه الدينية. إن إستعمال عبارة غير المسلم ، عدا کونها عنصرية ، فإنها تحمل مدلولا تکفيريا وإقصائيا مباشرا لجأت إليها حزب الحرية والعدالة الإخوانية عن سابق قصد و عمد من أجل شحذ الوعي الديني الإسلامي و إعادة إنتاجها و تفعيلها في صفوف المصريين لإحکام قبضة الإخوان علي السلطة لأطول مدة زمنية ممکنة.
کما يبرز وظيفة جوهرية أخري لذلک التمييز الديني بين المسلم و القبطي في هدف آخر سعي إليه الإخوان. ف"غير المسلم " ، وفقا للشريعة الإسلامية کما لبرنامج حزب الحرية و العدالة لا يحق له تبوء المراکز السيادية العليا کرئاسة الدولة و رئاسة الحکومة و العديد غيرها من المناصب الحساسة طالما بقيت وظيفة الدولة وظيفة دينية وليست مدنية .
يطلق برنامج حزب الحرية والعدالة المصري تسمية " الأقلية " علي المواطنين المصريين من أصل قبطي. وليس ذلک سوي وسيلة إخوانية أخري لتمييز هذه الفئة من المواطنهن کمقدمة لإخضاعهم " للأکثرية " حسب مفهومهم و هم " المسلمين".وهنا و عدا عن کون هذه التعاريف و التسميات تمييزية اساسا و يأتي في سياق أخونة الدولة و المٶ-;-يسسات ، فإنها عنصرية حسب القوانين الدولية و لا تٶ-;-يول سوي نحو مآل واحد وحيد: تعريف العلاقة بين الدولة و المواطن ککتل بشرية و فئات دينية وتحديد حقوقهم ووظائفهم طبقا لذلك. وفي ظل تعريف الدولة المصرية في مقدمة الدستور الإخواني بأنها " تستند في قوانينها علي القرآن و الشريعة الإسلامية کالمصدر الوحيد " فنعلم حينذاك ماذا تعني النتيجة العملية لکل ذلک : فکل مواطن قبطي هو ذمي ذو مرتبة أدني من المواطن المسلم الذي يسکن بجواره!!!!.
وفي مسعي شکلي باهت لا طعم له ولا رائحة عين الإخوان شخصية قبطية مستشارا للرئيس مرسي للشٶ-;-يون الديمقراطية حيث شبه ذلك المصريين المولعين بالسخرية والتنکيت کوسيلة للتعبير عن کبتهم السياسي بما قاله الممثل المصري الکوميدي المغمور سمير صالح حينما ضبطته زوجته في السرير مع إمرأة أخري : ما تفهمينيش غلط !!!!.
ولا يختلف مفهوم الإخوان بصدد المرأة عن المنهچ ذاته. فوضع فئة إجتماعية مٶ-;-يثرة من المواطنين بسبب جنسهم تحت بند " الأقليات " ليس إلا بدعة إخوانية أخري. ولم يقف الطرح الإخواني لقضية المرأة المصرية عند هذا الحد بل جاء تناولها التفصيلي بمفارقات أکثر. لقد ورد في برنامج حزب الحرية و العدالة بصدد المرأة المصرية بعد ذکر التحدي الإسرائيلي ما يلي " کما ينبغي ذکر المشروعات و الخطط الأمريکية المتتالية للشرق الأوسط بإستغلال ورقة حقوق الإنسان وخصوصا ورقة الأقليات و المرأة ". کما لا يتواني حزب الحرية الإخواني في التمادي أکثر في إزدراء المرأة فبعد وضع مسألة المرأة في خانة " التحديات الخارجية " نري الفکر الإخواني يتفتق عن إبداع جديد حيث يعيد الحزب إدراج تلك المسألة تحت بند " قضيا و مشکلات ". وبدلا من ذکر حقوق المرأة التي ينبغي إقرارها وفقا للمعيير و المواثيق الدولية المعمول بها ها هم يعددون الوظائف التي ينبغي أن يتم حرمان المرأة منها!! و يحدد البرنامج حصرا مناصب " رئاسة الدولة والولية والخدمة في الجيش و الشرطة " وکل ذلک بحجة تعارضها مع التناغم الإجتماعي المطلوب ولمن لا علم له بهذا الصدد لا ضير هنا في التأکيد بأن تبوأ القضاء يعتبر واحدة من المکاسب التي نالتها المرأة المصرية منذ ١-;-ي٩-;-ي٥-;-ي٣-;-ي.
کل تلك الأجواء التي ولدتها مرحلة ما بعد تبوأ محمد مرسي لمنصب الرئاسة ، جعلت من التيارات الدينية ان تتجرأ علي حقوق المرأة المصرية والتشريعات التي کرست تلکم الحقوق منذ عقود. فالمطالبة بتشريع تعدد الزوجات و فرض الحجاب و شيوع النقاب و الدعوات المتتالية لمحاکمة الممثلات في مصر وغيرها من امواج الردة الدينية ، ليس إلا إفرازا لسعي مبرمج لأسلمة و أخونة المجتمع المصري.
ويبدو جليا من ذلك بأن المأزق و الشقاق الحاد بين الشعب المصري و الإخوان و الرئيس المعزول نشأ نتيجة لمفهوم الإخوان المسلمين عن الدولة وعمل المٶ-;-يسسات الدستورية کما عن اليديولوجيا التي تبناها حزب الحرية والعدالة والرئيس المصري المعزول بصدد بناء الدولة وإدارة شٶ-;-يون الحکم والتي رمت لإستعادة الإمبراطورية الدينية الإسلامية ليس إلا. کل ذلك جعل من مرسي رئيسا لجماعة معينة وليس رئيسا يمثل کل المصريين.
إنني لن أتوقف طويلا هنا للحديث عن إطاحة الجيش مسنودا من الجماهير المصرية و قطاع واسع من القوي السياسية بحکم الإخوان إلا إنني علي يقين بإن الإخوان لا يقيمون وزنا للديمقراطية بل تشبثوا بها لعلمهم الفوز بالإنتخابات لأسباب عديدة يأتي في مقدمتها عدم تيقن المواطن المصري العادي بأن الإخوان قادمون لأسلمة النظام السياسة المصري . لقد تنبه المصريين سريعا لمخطط الإخوان ولم يستطيعوا تجرع کأس السم الإسلامي الذي وإن إنطلي عليهم لعام ونيف تحت مسميات بناء النظام المدني و غيرها من معسول الکلام الذي نجح الإخوان المسلمين من إخفاء نوياهم الواقعية تحتها.
إن الديمقراطية هي قيم وممارسات ومفاهيم مکرسة قبل أن تکون ورقة تضفي الشرعية علي ممارسات و مخطط سياسي کان بوسعها لو لم يقف الشعب المصري ليقول کلمته بحقها أن يعيد مص قرونا إلي الوراء.
لقد أثبت الشعب المصري وعيه و دريته بحکم التاريخ مرة أخري ولم ينطلي عليه المخطط الإخواني الرهيب الذي تمکن لحين من رکوب موجة الثورة.
إن مصر أکثر حيوية مما ظن الکثيرين.
عدنان کريم
سبتمبر ٢-;-ي٠-;-ي١-;-ي٣-;-ي
[email protected]