الإفراج عن معتقلين فلسطينيين خدعة إعلامية وحاجة إسرائيلية !!

الأسرى ورقة ضغط للمساومة على مطالب إسرائيلية عديدة ومرفوضة فلسطينيا
أفرجت السلطات الإسرائيلية الأسبوع الماضي يوم الاثنين 21/2/2005 عن 500 أسيرا فلسطينيا في سجون الاحتلال وجاء هذا الإفراج تلبية غير متكاملة لشروط فلسطينية متعلقة بالهدنة التي أقرتها القوى الفلسطينية قبل حوالي نصف شهر وتمشيا مع رغبة أمريكية بضرورة أن تتخذ إسرائيل سلسة من الإجراءات التي تسهل حياة المواطنين الفلسطينيين وتظهر من خلالها حسن نوايا تجاه خارطة الطريق وجاء هذا الإفراج في جو من " التضخيم " الإعلامي أمام الرأي العام العالمي وتغطية لممارسات وإجراءات عسكرية قمعية يومية على ارض الواقع ومن خلال المفاوضات الجانبية والاتصالات العديدة مع حكومة إسرائيل المكونة من اليمين الإسرائيلي المتطرف تم الاتفاق على أن يعلن الفلسطينيون هدنة مقابل أن تفرج إسرائيل عن عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين الرابضين في زنازين الاحتلال وذكر ان على اسرائيل الافراج عن الاسرى المرضى وكبار السن والذين امضو سنوات طوال في السجون الاسرائيلية والاسيرات والاطفال الاشبال …
واجتمع شارون الى اركان حكومته واتفق معهم على الافراج عن حوالي 500 معتقلا في سجون الاحتلال الاسرائيلي ضمن معايير أهمها :-
• لا للافراج عن ايرى لطخت ايديهم بدماء اسرائيليين أي لا افراج عمن قاموا بعمليات مقاومة.
• لا للافراج عن اسرى من القدس العربية او من داخل الخط الاخضر .
• لا للافراج عن اسرى من القوى والفصائل الفلسطينية المعارضة مثل حماس والجبهتان ولكن افرج عن اسرى من القوى والفصائل الفلسطينية المعارضة بإستثناء اسرى الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين .
وجاء هذا الاتفاق داخل الحكومة الاسرائيلية بعد ان شكلت لجنة وزارية لتحديد هوية الذين يفرج عنهم وبعد ان قدم ممثلو اجهزة الامن الاسرائيلية توصيات بهذا الخصوص بضرورة الافراج عن اسرى في السجون الاسرائيلية .
واقنع شارون الوزراء بضرورة الموافقة على مبدأ الافراج للأسباب الآتية :-
• الاسرى المفرج عنهم لايشكلون خطرا على امن اسرائيل .
• الاسرى المفرج عنهم انهى معظمهم فترات حكمهم وسجنهم او منهم لم يدانوا بأية تهمة .
• كسب الرأي العام العالمي وإظهار أن اسرائيل تقدم اجراءات فعلية لتسهيل حياة المواطنيين الفلسطينيين .
• ادخال الفلسطينيين في متاهة الافراج عن هؤلاء الاسرى والتفاوض حول قضيتهم الجزئية بدلا من التفاوض حول قضايا جوهرية واساسية مثل الانسحاب من جميع الاراضي الفلسطينية التي اجتاحتها واحتلتها القوات الاسرائيلية بعد ايلول 2000 .
• إكتظاظ السجون الاسرائيلية بالمعتقلين وحاجة اسرائيل الى تخفيض عدد هؤلاء السجناء او افساح الاماكن لمعتقلين جدد هم اكثر خطرا على امن اسرائيل من الذين سيفرج عنهم .
• الاسرى المفرج عنهم سيوقعون على تعهد رسمي بعدم العودة الى مقاومة الاحتلال الاسرائيلي .
• استخدام ورقة الاسرى وبخاصة الافراج عن جزء منهم على شكل دفعات من أجل ممارسة ضغط على القوى الوطنية والسلطة الفلسطينية بالالتزام بالهدنة وتمديدها .
• عملية الافراج ستغطي على اجراءات اسرائيل المختلفة اليومية ضد المقاومين الفلسطينيين وقد تعطي اسرائيل تبريرا لما تقوم به ، إذ أن اسرائيل " ذكية وقوية " في خداع العالم إعلاميا .
• الافراج عن الاسرى سيهدئ من الغليان داخل السجون الاسرائيلية إذ أن الاسرى يشكلون عبئا كبيرا على سلطات السجون ويشكلون تحريضا لأبناء الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال وهم يهددون بإجراءات إحتجاجية تشكل خطرا على الوضع العام وتسخن الاجواء .. والادارة الامريكية معنية بأن يتحقق هدوء ما في المنطقة وفي أن يطبق الجميع خارطة الطريق .
• عملية الافراج عن الاسرى ستكون ورقة ضغط ومساومة للحصول على تنازلات من الجانب الفلسطيني تلبية لمطالب اسرائيلية وهذه المسرحية الاسرائيلية مكشوفة للجانب الفلسطيني الذي مازال يصر على اطلاق المزيد من الاسرى ويطالب بوقف الاعتقال .. إذ أن اسرائيل اعتقلت خلال فترة قصيرة المئات من الفلسطينيين وزجتهم في سجونها ورفضت الحركة الأسيرة استخدام الاسرى كورقة للمساومة والضغط .. واصرت على ضرورة اطلاق سراح جميع الاسرى من دون قيد اوشرط او من دون معايير مرفوضة .. إذ أن جميع الاسرى متساوون ولافرق بينهم .. ولا تجزئة لقضيتهم وبالرغم من عملية أو مسرحية الافراج عن مجموعة من الاسرى الفلسطينيين فإن سلطات السجون مازالت تمارس قمعا صعبا وقاسيا بحق اسرانا وترفض تحسين ظروفهم الاعتقالية حتى أن زيارة السجون لأهالي الاسرى شبه معدومة وإن تمت لمجموعة صغيرة فهي مقيدة وضمن شروط وإجراءات تعجيزية وصعبة أيضا .
لقد جاءت مسرحية الافراج عن اسرانا ضمن إعداد اسرائيلي جيد لتحقيق مكايب اسرائيلية اعلامية كبيرة بيد ان السلطة الفلسطينية استطاعت ان تكشف فصول المسرحية للرأي العام العالمي .. وأن تظهر للعالم أن هذه المسرحية هي خدعة وليست خطوة جادة .. أوفي الطريق الصحيح .. إن قضية الاسرى مهمة وحيوية .. ولكنها جزء لايتجزأ من قضية أساسية شاملة .. وخطوة من الإستحقاقات على الجانب الإسرائيلي الذي يجب عليه أن ينفذها إن أراد حقا وحقيقة أن تنجح خطة خارطة الطريق .. وأن تسير المسيرة السلمية على مسارها الصحيح ..
إن الطلوب في الوقت الحاضر هو وقف جميع الممارسات الاسرائيلية والمطلوب أن يتواصل الضغط السياسي على اسرائيل كي توقف أيضا أسلوبها في إطالة أمد الإتصالات والمفاوضات وأن تفرج فورا عن جميع الأسرى وأن تتخذ قرارات عملية وحقيقية على أرض الواقع .. تظهر حقا وحقيقة جديتها في تحقيق هدوء وسلام شامل في المنطقة .
إن الإفراج عن مجموعة صغيرة من الأسرى لا يكفي وبقاء إسرائيل في دوامة الخداع والتهرب من تنفيذ ماهو مطلوب منها سيؤدي إلى إنهيار الوضع وإلى فشل الجهود الدبلوماسية وفشل شرم الشيخ وغيرها من المبادرات السلمية للعودة إلى طاولة المفاوضات وإنهاء المعاناة .
إن أسلوب إسرائيل في التعامل مع قضية الأسرى وغيرها من القضايا تعقد المفاوضات وتعرقلها ولن تبشر بالخير ، بل بمرحلة صعبة وخطيرة جدا .. وتؤكد أن إسرائيل ليست جادة في تحقيق سلام شامل ودائم في المنطقة .