رد على مقال خالد المهدي حول مسألة التحالفات: مع من، بأي مضمون و وفق أي شروط ؟


يونس عبير
2011 / 8 / 23 - 08:04     

1) قام السيد خالد المهدي بنشر مقال مطول على موقع " الحوار المتمدن" حول مسألة التحالفات حيث ينتقد نظرتان تحكمان قضية التحالفات بين القوى اليسارية في المغرب :نظرة تحريفية يمينية "لا تجد حرجا في التخلي حتى عن هويتها وشعاراتها وأهدافها من اجل تحقيق تحالفات معينة حتى وإن كانت مهزوزة" وأخرى يسراوية لا تقيم وزنا لمسألة التحالفات بحيث "لا تفكر حتى في توجيه النظر إلى " رفاق الطريق" "على حد تعبير صاحب المقال.
2) أعتقد أن الإطار النظري الذي انطلق منه السيد خالد المهدي صحيح رغم ما يحتاجه من تدقيقات ليست ضرورية الآن لمواصلة النقاش حول الأفكار التي يطرحها ورغم المنهجية التي تم تقديمه بها والمبنية على سرد مقولات لينين وماو وانڭلز دون التطرق لسياقها وهي منهجية لا تخلو من دغمائية وأصولية قد تسقط أصحابها في أخطاء فادحة. ولكن لا بأس، نعتبر الإطار النظري المشار إليه سليما و سديدا. ونسجل لصاحب المقال فضيلة القراءة والاطلاع على الفكر الماركسي والتجارب الاشتراكية وهو أمر واجب على كل المناضلين. ولكنه غير كاف إذ لا بد من البحث في الواقع الحي والملموس، في الشجرة الخضراء، لأن المعرفة لا تأتي جاهزة من الكتب والحقيقة كما أفهم هي التوافق بين الأفكار والواقع الموضوعي مع أن هذا التوافق لا يتحقق إلا بشكل لحظي، مؤقت وليس دائم، ولا يكون على العموم إلا جزئيا.
3) وما أدهشني هو أن صاحب المقال وكأنه وضع تلك المنطلقات النظرية في الثلاجة بدل إجهاد نفسه في البحث الموضوعي والنزيه في تفاصيل الممارسة السياسية لقوى اليسار في بلادنا وراح ينبش ويفتش ويقلب الحقائق ويشوه الأخر ويطعن في شرعيته حتى يثبت شرعيته هو. ولا يحتاج قارئ المقال لذكاء خارق حتى يكتشف النتيجة البئيسة التي يتوصل إليها صاحبنا الذي يصور نفسه حكيما يجيد الديالكتيك فلا هو يسراوي جاحد ولا هو يميني تحريفي وهي سقوطه فيما ينتقد لدى الاتجاه اليسراوي أي عمليا رفض إقامة أي تحالفات مع القوى التي يختلف معها بل انه أكثر خوفا من " اليسراويين " من التحالفات (هذا على افتراض أن كل اليسراويين يخشون التحالفات) لكونه يزيد عليهم صفة الجبن لكونه يمارس نقيض ما يقول وصفة الكذب والافتراء على قوى مكافحة يختلف معها.
4) وإذا كانت الإشكالية التي يثيرها السيد المهدي هي فعلا إشكالية هامة وحيوية فان طريقة طرحها خاطئة تماما حيث يستعمل مسألة التحالفات للنيل من كافة القوى اليسارية (وخاصة النهج الديمقراطي) في هذا الظرف الذي ما أحوجنا فيه للوحدة وتجاوز (وليس إلغاء)التناقضات الثانوية، في هذا الظرف الذي نعيش فيه مدا ثوريا جديدا لم يسبق له في المغرب مثيلا ونقصد بالطبع حركة "20 فبراير"(=الحركة) التي قضت الآن حوالي 6 أشهر من عمرها. فلو كان صاحبنا مخلصا لكان خصص جزءا من طاقته لاقتراح كيف يمكن التنسيق وتطوير التنسيق بين القوى اليسارية المتقاربة ولحاول على الأقل الإطلاع على حقيقة مواقف تلك القوى وممارستها الفعلية لا كما يصورها الإعلام المخزني وأبواقه ودعايته المغرضة ولقدم اقتراحات نظرية وعملية لحل الخلافات بطريقة هادئة وديمقراطية لا بهذه الطريقة التي قد تزرع الشكوك في صفوف المناضلات والمناضلين وخاصة الشباب منهم وتنال من معنوياتهم في وقت ما أحوجهم فيه للوحدة والتكتل في وجه النظام والقوى الموالية له والمتربصين بالحركة من داخلها وخارجها ولتعديل ميزان القوى لصالح اليسار سياسيا وتنظيميا وعدديا. والفضيحة أن من يقرأ مقال المهدي هذا الذي يقدم صورة ممسوخة عن اليسار المغربي يستنتج أنه لا وجود فعلي لهذا اليسار وهو استنتاج يكذبه الواقع لأن اليسار المغربي وان كان فعلا يعاني من عدة أمراض فهو قوة جد مؤثرة في الساحة وأجازف بالقول أنه أقوى من مثيله في أغلب بلدان العالم العربي بما في ذلك ربما تونس ومصر.
5) وكأني بصاحبنا يريد أن يبني شرعيته على أنقاض الآخر وهي للحقيقة حالة مرضية في الأوساط اليسارية ببلادنا طال أمدها وينبغي النضال السياسي والفكري للقضاء عليها. فميدان النضال يتسع للجميع ويمكننا التنافس بشكل ديمقراطي ونزيه في بناء التنظيم السياسي للطبقة العاملة وعموما الكادحين الذي يمكن أن تكون نواته الأساسية جبهة الماركسيين المغاربة بمختلف اجتهاداتهم وفي تطوير الفكر الماركسي ولكن بالتواضع الثوري وبالإنصات خصوصا وأن بعض الإشكالات المطروحة جد معقدة وبعضها يتطلب مجهودا على الصعيد العالمي.
6) إن بعض أوجه النقد الموجه من طرف خالد المهدي للتيارات الماركسية ببلادنا صحيح على العموم ولكنه ليس دقيقا لأن خالد المهدي يطل على الواقع السياسي للمغرب من مقولات منزوعة من سياقها كما أسلفنا. لأن "الحياة أغنى من النظرية" كما ورد، عن حق، في مقال المهدي. ولذلك جاء المنظر فقيرا والصورة مقرفة. وليس كل التيارات الماركسية وبنفس القدر رافضة لمنطق التحالفات وما يقتضيه من تنازلات متبادلة. فقد ساهم النهج الديمقراطي سنة 2009 في بناء تحالف اليسار الجدري والذي كان في طور التنسيق حول قضايا مشتركة ملموسة ونظم وقفة احتجاجية مشتركة في أبريل من نفس السنة ضد حلف شمال الأطلسي تعرضت لقمع همجي ونظم جامعة صيفية ناجحة صيف 2009 وأصدر مواقف مشتركة كتحالف أو كجزء من مكوناته. ثم تمت المبادرة إلى لم صفوف ما سمي باليسار المناضل الذي يضم بالإضافة إلى مكونات اليسار الجدري أو الماركسي أطرا من قوى اليسار الديمقراطي حيث تم تنظيم ندوات حول الوضع الراهن ببلادنا وسبل التنسيق بين المعنيين في مجالات شتى مثل العمل النقابي والطلبة والغلاء. وعندما انطلقت حركة "20 فبراير" ساهم النهج الديمقراطي في لقاء لمكونات اليسار الجدري حول مستقبل الحركة. واعتقد أن العمل اصطدم بصعوبات سياسية منها تفاوت الرؤى وتركيز البعض على الجوانب الاستراتيجية بل هناك من يعتبر التفاهم حولها شرطا لقيام عمل مشترك ومنها أن أغلب المكونات لم تراكم بعد تجربة سياسية وتنظيمية كافية وليس لها برنامج سياسي معروف للمرحلة وأخرى حول قضايا العمل الجماهيري وأيضا صعوبات عملية تعود لقلة الأطر والإمكانيات وضعف الانغراس وسط الطبقة العاملة والجماهير الكادحة. وعموما فمكونات اليسار الماركسي تخترقها ولو بتفاوت تناقضات عدة حيث عدد من مناضليها ميالون في الممارسة إلى خلط التناقض الرئيسي والتناقض الثانوي رغم إقرارهم بعدم الخلط بينهما نظريا وميالون لتأجيج التناقضات فيما بينهم(كما يفعل خالد المهدي نفسه) وميالون فعلا إلى الاعتقاد بأن التحالف هو التطابق وأنا طبعا متفق تماما بأن التحالف لا يلغي النقد ولا يجب أن يلغي النقد بين أطراف التحالف فهذه مسألة أساسية. ولكن هناك نقد ونقد. هناك نقد يهدف من حيث الشكل والجوهر إلى تطوير التحالف لإنجاز المهام المنوطة به وهناك النقد الذي قد يقود إلى زعزعة كل البنيان وانهياره التام. ولا يسمح المقام بالتفصيل أكثر ما أردت قوله بخصوص هذه النقطة أن الصورة ليست بالسوداوية التي يقدمها المهدي. وأشير إلى أن أغلب التيارات المعنية ساهمت بشكل أو بآخر بهذا القدر أو ذاك في المحاولات الوحدوية التي أشرنا إلى البعض منها. فليسأل خالد المهدي نفسه عن المجهود الذي قدمه هو كمناضل أو التيار الذي ينتمي إليه ،إن كان ينتمي طبعا لتيار معين، لإغناء وتطوير المحاولات المذكورة.
7) وفضلا عن هذا كانت هناك أشكال من التنسيق والتعاون في معارك مختلفة وعلى مستوى التنسيقيات (تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية) الذي لعب فيها اليسار الجدري دورا محركا ورياديا وأبان عن قدرة كفاحية عالية وأحيانا عن قدرة تعبوية لا تنكر. وما يسوقه المهدي من أن" بعض " المتياسرين " اعتبروها (أي التنسيقيات) حركة تابعة لتجمع اليسار الديمقراطي، وبالتالي أعلنوا ومارسوا موقفهم الصبياني بالابتعاد عنها" كان أمرا هامشيا في الغالب وان تقوى في لحظات معينة(محطات تنظيمية أو لحظات ذات طابع سياسي بارز كتنظيم الانتخابات في البلاد) ولم يكن هو الاتجاه العام في هذه الحركة الاجتماعية وهذا لا ينفي وجود ممارسات صبيانية ولا مسؤولة فعلا نابعة من رفض الأخر وأتذكر ما شاهدته شخصيا من تصرفات وصلت إلى حد التهديد بالعنف الجسدي في محاولة لنسف مجرد ندوة للتفكير في إشكالية الغلاء بالرباط وكذلك اعتماد أسلوب المقعد الشاغر في الملتقى الرابع. وما كنا نؤاخذ عليه العديد من المناضلين والمناضلات من هذا الوسط هو التسييس الفج لهذه الحركة وغيرها من الإطارات الجماهيرية التي بحكم طبيعتها لا يمكن تحميلها شعارات سياسية جدرية لا تساهم في تطوير الحركة بل على العكس تؤدي فقط إلى نفور عامة الجماهير منها فتبقى حفنة من المناضلين الجدريين يتطاحنون فيما بينهم إذ بدل توسيع الحركة وتجدير التناقض ضد النظام ينقلون التناقضات إلى داخلهم. لقد كنا نوضح ونؤكد على ضرورة توطين الحركة في الأحياء الشعبية واستثمار ذلك في بناء لجان الأحياء الشعبية، لجان تتكون من المواطنات والمواطنين المقيمين في أحيائهم ومعهم إذا لزم الأمر قلة من المناضلين. هذا منظورنا لبناء التنظيمات الذاتية المستقلة للجماهير حيث دورنا أن نكون في الطليعة للمساعدة على بنائها وليس الإنابة عن الجماهير في صنع مستقبلها. ثم يوجه لنا المهدي قذيفة صاروخية متهما "النهج الديمقراطي" "بالمساهمة في إقبار تجربة تنسيقيات مناهضة الغلاء إبان الملتقى الوطني الرابع، حفاظا على تحالفه المقدس مع تيارات " تجمع اليسار الديمقراطي " التي حاولت السيطرة على التنسيقيات وجعلها ملحقة حزبية لها". إن هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق. كل ما هناك أن النهج الديمقراطي انطلاقا من موقعه داخل تجمع اليسار كان يهدف إلى انخراط المزيد من المكونات السياسية والنقابية ومنها بعض مكونات التجمع والإطارات التي تؤثر فيها والتي لم تكن منخرطة بما يكفي نظرا لعدة تحفظات لديها. وكان الاتفاق حسب علمي أن يتمثل كل مكون في الملتقى الوطني ولجنة المتابعة بشكل متساو. وان تعثر أشغال الملتقى لا يعود إلى جوانب سياسية من قبيل موافقة "النهج الديمقراطي" على الهيمنة بل يرجع إلى جوانب تدبيرية تتحمل فيها جميع المكونات مسؤولية معينة بما في ذلك الأطراف التي رفضت أن تمثل على قدم المساواة مع الآخرين وبما في ذلك "النهج الديمقراطي" الذي كان عليه نظرا لموقعه التأكد من أن كل الأطراف مستعدة لتسهيل هذا التوسع عمليا وليس نظريا. وعلى كل حال فقد استمر نضال التنسيقيات على الصعيد المحلي في كل مناطق البلاد رغم الصعوبات المترتبة عن تعثر هذا الملتقى ومنها ما عشناه في منطقة الرباط من ضروب لا تصدق من النزوعات الهيمنية من طرف اتجاهات يسارية تدعي محاربتها للهيمنة وقد بذل "النهج الديمقراطي" جهودا كبيرة لتجاوز ذلك المستوى المقزز من الحلقية الغير مقبولة.
8) إن صاحب المقال الذي يبدو أنه تقمص دون تواضع دور المؤرخ للحركة الشيوعية والصراع الطبقي بالمغرب وحتى يسهل عليه تشويه نظرة "النهج الديمقراطي" للتحالفات يعمد إلى مسخ نشأته وتأسيسه ومسار بنائه عبر تبخيس علاقته بمنظمة إلى الأمام من جهة وعبر تبخيس نقاط الخلاف مع باقي التوجهات والتيارات التي أفرزتها عملية التجميع والتي يختزلها في "الصراعات الذاتية وحرب الزعامات" كما يقول. فيا له من افتراء وتضليل وانحطاط. والصراحة يتخيل إلي وأنا أفكر فيما كتبه أن صاحب المقال لا يهمه الحديث عن التحالفات في حد ذاتها أكثر ما يهمه هو الانطلاق من هذا الموضوع لإثبات أنه الوحيد الذي يملك الحقيقة وبناء شرعيته على أنقاض الآخرين متوهما أنه سيبيدهم بمجرد مقال في الأنترنيت. صحيح أن عملية التجميع (تجميع المناضلين الديمقراطيين المنحدرين من التجربة الماركسية-اللينينية المغربية) لم تخل من مظاهر الزعاماتية والحزازات الذاتية ولكن لم يكن هذا هو جوهر الخلافات .جوهر الخلافات كان أعمق من هذا يا سيد خالد. كان حول قضايا ايديولوجية وسياسية وتنظيمية ونضالية ومنها العلاقة مع قوى المعارضة التقليدية ونحن كنا نؤكد على أن هذه القوى فشلت في قيادة النضال من اجل الديمقراطية والتحرر الوطني وعلينا بناء قيادة بديلة وحازمة لهذا النضال. أليس هذا هو شعار مؤتمرنا الأخير؟ واليك جزءا من أهم الخلافات سبق أن نشرناه على جريدة النهج الديمقراطي سنة 2010 بمناسبة تخليد الذكرى الأربعين لمنظمة إلى الأمام والذكرى الخامسة عشرة لتأسيس النهج الديمقراطي:
- خلافات إيديولوجية : هل المرجعية هي الماركسية (موقف أنصار "إلى الأمام") أم مرجعية فضفاضة قد لا تتجاوز سقف الاشتراكية – الديمقراطية؟
- خلافات سياسية : ما هي طبيعة التحولات الجارية على صعيد العالم والمترتبة عن فشل الاشتراكية البيروقراطية ؟ ما هو جوهر العلاقة بين النضال من أجل الديمقراطية والنضال من أجل الاشتراكية؟ هل المكتسبات في ميدان حقوق الإنسان جزئية وقابلة للتراجع أم هي تعبير عن تغيير في طبيعة النظام وبالتالي في الموقف منه؟
ما هي طبيعة العلاقة مع القوى "الديمقراطية" خاصة الاتحاد الاشتراكي يتبعها خلاف تفصيلي حول المسألة النقابية حيث برزت دعوات للانسحاب من ا.م.ش والالتحاق بالكدش لدعم القوى الديمقراطية فيما كان يركز مناضلونا على العمل في المركزيتين معا وتجسيد شعار الوحدة النضالية على طريق الوحدة النقابية؟
- خلافات تنظيمية : هل تجميع عددي يرتكز على تقسيم للمواقع داخل الأجهزة (كما سيتم من بعد في بناء اليسار الاشتراكي الموحد ثم الحزب الاشتراكي الموحد) أم وحدة على أساس مرجعية واضحة وبرنامج محدد وتحالفات مضبوطة؟
هل بناء واقعي تدريجي من خلال النضال السياسي والجماهيري يتم من خلال تذويب الخلافات والحزازات الذاتية ودمج المناضلين المنحدرين من الحركة الجماهيرية واختيار الطاقات على الأرض بالموازاة مع البناء التنظيمي أم بناء فوقي متسرع هاجسه التموقع ضمن "المشهد السياسي"؟.
أضف إلى هذا اتهام مناضلي "إلى الأمام" وأنصارها بالازدواجية التنظيمية والضغط عليهم من أجل حل المنظمة وهو ما لم يحدث.
وعلى أي حال فلو كان الأمر يتعلق فقط بحزازات ذاتية وصراع زعاماتية لتجسد في تماهي التصورات السياسية والفكرية للأطراف الرئيسية التي تمخضت عنها عملية التجميع وهو أمر لا أساس له. أما عن تأسيس النهج الديمقراطي الذي يعتبر نفسه شكلا من أشكال الاستمرارية السياسية والفكرية لمنظمة "إلى الأمام" فلا يمكن اختزالها في عملية بسيطة يريدها له السيد المؤرخ المختص خالد المهدي أي مجرد "محاولة حفاظه على بعض المفاهيم و الشعارات الموروثة عن مرحلة الثمانينات". إن هذا أقرب إلى الشعوذة منه إلى التحليل الموضوعي الرزين للأمور. لا يسمح الوقت للتفصيل في هذا المبحث لكثرة تشعباته ولكن إجمالا نقول أن الاستمرارية هنا تعني التشبث بجوهر هوية المنظمة وأهدافها الثورية ورصيدها الكفاحي مع التطوير والاجتهاد أخذا بعين الاعتبار التطورات العالمية والإقليمية والمحلية .تعني ثقافة الصمود في وجه العدو، ليس فقط في المعتقلات السرية والسجون، ولكن أيضا في الساحة النضالية والسياسية والفكرية، وذلك بالتصدي لأطروحات الارتداد عن الماركسية والفكر التقدمي عامة والتي تربى عليها مناضلو ومناضلات "إلى الأمام" .تعني الاجتهاد على المستوى السياسي والفكري، ليس فقط من خلال القيام بتقييم نقدي صارم للتجارب بل أيضا عبر الاستفادة من تطوير الفكر التقدمي، وخاصة الماركسية، ومن تجارب الشعوب وحركاتها التقدمية المناضلة. تعني التركيز على النضال وسط الجماهير الشعبية والتفاني في خدمة مصالحها الآنية والبعيدة.
بقي أن نشير إلى النهج الديمقراطي ليس هو الشكل الوحيد للاستمرارية فهذا رأيه ويمكن كما أن يتصور ويتخيل المرء أشكال أخرى. فقيادة منظمة إلى الأمام لم تستجيب للضغوطات ولم تحل المنظمة ويمكن إذن لكل أن يختار شكل التنظيم الذي يقتنع به بما فيها سجن نفسه في صيغة "إلى الأمام" قبل 1979 أو حتى قبل 1974 ويتنكر للشهداء الذين سقطوا بعد هذا التاريخ أو ذاك كما يمكن للبعض الآخر أن يتخيل أسلوب التغيير الذي يريد كأن يدعو إلى حرب التحرير الشعبية الطويلة الأمد المستوحى من التجربة الماوية الذي راجعته المنظمة. كل هذه سيناريوهات ولكن العبرة بالنتائج ،والأمور بخواتمها كما يقال وليس بالبيانات النارية ضد النهج الديمقراطي وكأنه العدو الرئيسي للبعض في هذه البلاد.
9) إن صاحب المقال يناقش التحالفات في المريخ وينطبق هذا على مسار تأسيس "تجمع اليسار" يوم 4 يونيو من سنة 2004.انه ينسى أن "النهج الديمقراطي" كان له تحالفا مع "حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي" وكان هذا مفيدا لنضال شعبنا وللطرفين معا. وان جذور هذا التحالف تعود إلى التنسيق بين مناضلي "إلى الأمام" و"رفاق الشهداء" على مستوى القطاع الطلابي. ومما سهل هذا التحالف هو تقارب المواقف من الوضع السياسي وكان "حزب الطليعة" يقاطع الانتخابات ولم يكن يركز على قضية الصحراء كما لم يكن يثير قضية شكل النظام. ويجب ألا ننسى بان محاولات توحيد مناضلي "اليسار الجديد" استمرت بشكل من الأشكال ولكن الفشل النهائي كان مصيرها في لقاء بوزنيقة سنة 2000 لاصطدامه بنفس الإشكاليات التي أوضحناها أعلاه بخصوص التجميع ما سيسمح لمنظمة العمل الدخول على الخط توج بتأسيس "اليسار الاشتراكي الموحد". ولكن طيلة هذه الفترة الممتدة من 1995 إلى 2004 كان هناك مخاض آخر يعتمل داخل الاتحاد الاشتراكي أدى إلى تأسيس "جمعية الوفاء للديمقراطية" ثم فيما بعد "حزب المؤتمر الوطني الاتحادي". سيكون من الغباء في ظل هذه التناقضات تجاهل وجود هذه القوى وعدم بذل المجهود اللازم وبالسرعة اللازمة لتوحيدها في إطار تحالف ديمقراطي تاكتيكي طبعا خاصة ونحن طرحنا مبكرا ضرورة بناء قطب ديمقراطي سياسي واجتماعي. لقد كان التجمع بالنسبة لنا هو النواة السياسية لهذا القطب. لو لم نبادر لكنا قدمنا خدمة مهمة "للاتحاد الاشتراكي" و"التقدم والاشتراكية" من جديد لأن الأوهام على هذه القوى كانت مستمرة من طرف البعض. تأسس إذن تجمع اليسار على أساس ميثاق تأسيسي ولائحة تنظيمية وتم صياغة برنامج سنوي لسنة 2005 من طرف الملتقى الوطني للتجمع وساهم النهج الديمقراطي بحماس وتواضع في هذا كله لاقتناعه بأن بناء هذا التحالف سيساهم في تطوير نضال شعبنا من أجل الديمقراطية والتحرر من الهيمنة الأمبريالية وفي تقرير مصيره. فماذا تعني تلك العبارة اللامسؤولة وغير المهذبة في مناقشة تنظيم سياسي والتي تقول بان "النهج الديمقراطي قدم ما له وما ليس له من اجل التحالف مع..."؟ وإذا أراد صاحبنا أن نخوض في مقارنة بطريقة مدرسية فإن هذا التحالف ينسجم تماما مع شروط لينين الخمسة (وهي فعلا شروط سديدة ومقبولة) التي وردت في مقال السيد خالد المهدي أي"1- أن يكون تحالفا طوعيا و حرا من طرف جميع المتحالفين.2- لكل طرف الحق في الخروج من التحالف وقتما شاء.3- لا يجب في أي حال من الأحوال أن يقيد هذا التحالف يد الثوريات و الثوريين للدعاية لمشروعهم الفكري و السياسي.4- أن التحالف لا يجب أن ينفي ضرورة ممارسة النقد والصراع ضد الأطراف المتحالفة.5- أن يخدم التحالف قضية البروليتاريا ومشروعها المجتمعي". ويمكن للقارئ أن يعود لميثاق التجمع وبرنامجه ليتأكد مما نقول. وجاء في البرنامج المذكور ودليل العمل المرفق به عدة محاور أبرزها النضال من أجل دستور ديمقراطي، محاربة الفساد تحت شعار إيقاف النهب واسترجاع الأموال المنهوبة وإقرار عدم الإفلات من العقاب، ملف البطالة والتشغيل تحت شعار الشغل حق دستوري، ملف التعليم تحت شعار تعليم عمومي مجاني وجيد للجميع، دعم المقاومة بالعراق وفلسطين مساهمة في تحرير الإنسانية...وجاء في اللائحة الداخلية(بمثابة قانون أساسي) التي لا أظن أن مؤرخنا صاحب المقال اطلع عليها ولا على غيرها من الوثائق، جاء في المادة الرابعة أن "لكل تنظيم عضو في التجمع حق مغادرته متى شاء دون أن يعني ذلك فك التجمع وانتهائه" وفي المادة الخامسة انه "يحق لمكونات التجمع عقد تحالفات أو أشكال أكثر تقدما للتنسيق أو تحقق وحدة اندماجية بين طرفين أو أكثر من أطراف التجمع شريطة ألا يتناقض ذلك مع الأسس والتوجهات التي يقوم عليها التجمع". هكذا اندمجت "الوفاء للديمقراطية" مع "اليسار الاشتراكي الموحد" وكان من حقهما كما ساهم " النهج الديمقراطي" في تشكيل تحالف اليسار الجدري وكان من حقه ولم يكن ليضر هذا وذاك بالتجمع. وتشير المادة السادسة إلى أن "الهياة التنفيذية للتجمع تأخذ قراراتها بالإجماع". هل وجودنا في تجمع اليسار حال دون الدعاية من طرفنا لمشروعنا ومواقفنا ؟ وهل منعنا من النقد والصراع مع باقي المكونات ؟ إن أي ادعاء من هذا القبيل إنما هو طمس للبصائر وجهل مطبق بما يعتمل في الساحة السياسية ببلادنا. ذلك أن جميع الأطراف كانت على وعي تام بأنها تؤسس التجمع ولكنها مختلفة حول قضايا هامة وهي شكل النظام السياسي المراد بناؤه (وان كانت متفقة على أن يكون نظاما برلمانيا لا نظاما رئاسيا) ومختلفة حول قضية الصحراء ومختلفة حول قضية الانتخابات ونظرتها متفاوتة للعمل الجماهيري وفي مقدمته العمل النقابي...ولكن النهج الديمقراطي لم يتوقف عن الدعاية لموقفه حول قضية الصحراء كلفه هذا هجوما شرسا من الدولة وأبواقها والأحزاب المتملقة لها(وحتى من بعض رفاق الأمس الأمر الذي خلف في نفوسنا حزنا وجرحا لا ينسى) ولم يتنازل النهج الديمقراطي أبدا، أبدا، عن موقفه من مسألة شكل النظام. ولكنه كان متمسكا بالحل الديمقراطي للخلاف حول هذه النقطة حتى يتسنى له ولحلفائه التقدم في العمل المشترك. وهذا الحل هو بكل بساطة عدم الإشارة لهذه النقطة في الأرضيات والمواقف المشتركة وكذلك كان. وللتاريخ فقد أدى تمسك طرف بعينه بضرورة التنصيص على الملكية البرلمانية إلى إفشال وثيقة حول المطالب الدستورية للتحالف وهذا مؤسف ومخالف لروح التحالف والعمل المشترك. والنهج الديمقراطي ليس عضوا في "الائتلاف من اجل ملكية برلمانية الآن" ويرفض أن يحدد أي كان مثل هذا السقف لحركة 20 فبراير ويعتقد أن السقف الديمقراطي الذي لا ينبغي لأي ديمقراطي الاختلاف معه هو المجلس التأسيسي. وهل يحتاج هذا إلى دليل بالنظر لما يكتب بشكل شبه يومي عن النهج الديمقراطي من طرف النظام وأزلامه وأبواقه المسخرة؟ وبطبيعة الحال قاطع النهج الديمقراطي الانتخابات لأن التحليل الملموس للواقع الملموس قاده إلى هذا الموقف. لأنه كان يرى ولازال أن مقاطعة الانتخابات ،وهذا تقديره، هو الموقف الذي يقدم أكثر و يخدم أكثر قضية التغيير لصالح الطبقة العاملة والكادحين عموما. ولا يرهبنا أحد، فإذا قادنا التحليل في يوم من الأيام إلى أن موقف المشاركة هو الذي يخدم قضية التغيير فسنشارك لأن مقاطعة الانتخابات ليست موقفا مبدئيا ثابتا كما يعتقد أصحاب عقلية النسخ الكربوني الدوغمائيين كما أن المشاركة ليست موقفا ثابتا ولا ينبغي لها أن تكون كذلك كما يظن ويمارس الاتجاه الانتخابوي في اليسار. في كل هذه المحن والعواصف التي لا يراها خالد المهدي شهدنا بعض أوجه التضامن القليلة من بعض الاتجاهات في اليسار الجدري وأوجه لها التحية والشكر وأتمنى أن يصبح التضامن ضد القمع مبدءا ساريا فيما بين كل مكونات اليسار مهما كانت الاختلافات بينها. إن النقد والصراع فيما بين مكونات التجمع لم يتوقف ويجب أن يكون المرء أعمى حتى لا يرى أوجه النقد والصراع الذي جرى اللهم إذا كان صاحبنا يقصد من وراء ذلك الحرب والاقتتال علما أنه هناك أشكال أخرى للنقد والصراع الديمقراطي الداخلي. ألا يرى أو لم يسمع حبيبنا خالد المهدي بما عاناه "النهج الديمقراطي" خلال وبعد المؤتمر التاسع للجمعية المغربية لحقوق الإنسان وهو صراع أضر بصورة اليسار ولكن فرض علينا فخضناه بأقصى درجات ضبط النفس؟ وليكن في علمك السيد خالد أن هذا الصراع في الجمعية وان اتخذ مظهر الصراع حول المقاعد من طرف البعض -وهذا بالخصوص ما روجت له الصحافة والأقلام المأجورة- فانه كان صراعا مكشوفا حول توجه الجمعية الكفاحي. وأقول لك أيضا بان البعض الذي يستأسد علينا في كل مناسبة وغير مناسبة عبر الأنترنيت لم يمارس واجبه في ذلك الصراع وتقمص صفة المستقل المحايد ينطبق عليه مثل "أسد علي وفي الحروب نعامة".
10) ويواصل خالد المهدي توغله في الافتراء مدفوعا بحقده الأعمى على النهج الديمقراطي ليصل قمة الكذب عند اتهامنا بالتحالف مع العدل والإحسان بل مع القوى الظلامية برمتها دليله في ذلك هو إصدار فرع تاهلة للنهج الديمقراطي بيانا سياسيا مشتركا مع العدل والإحسان. لماذا تكذب يا خالد؟ لماذا لا تقول للقراء بأن الأمر يتعلق ببيان سياسي فعلا حول الخروقات التي عرفها الاستفتاء حول الدستور يوم فاتح يوليوز بتاهلة وأنه موقع ليس فقط من طرف النهج الديمقراطي والعدل والإحسان والحزب الاشتراكي الموحد وتضيف أنه كان سيوقع من طرف المجلس المحلي لدعم حركة 20 فبراير بتاهلة ولكن مكونات نقابية تحفظت عليه لأسباب أجهلها. وهل هذا المعطى الموضوعي يعني أن للنهج الديمقراطي تحالفا مع العدل والإحسان؟ ما هو مفهوم التحالف في قاموسك؟ تقول بأن "بعض مناضلي (ات) حزب النهج الديمقراطي أصبحوا يدافعون عنه بشكل سافر وعلني" نور القراء ونورنا بإعطاء دليل ملموس عما تدعي. تقول بان "النهج الديمقراطي" له تحالف مع العدل والإحسان ولكنه غير رسمي. ماذا تعني غير رسمي؟ هل تقصد سري أنت الذي تعلم ما في الصدور؟ أليس هذا كلام الصحافة المسخرة انطلى عليك وتمكن منك وتسلل لنفسك التي تسيطر عليها الحلقية والأحقاد؟ ما هي أرضية هذا التحالف؟ ما هو برنامجه أيها المؤرخ العارف بدواخل الأمور؟ إن ما يجب أن تعلمه وما أعلمه أنا كعضو في النهج الديمقراطي أن هذا الأخير ليس له تحالف مع العدل والإحسان اللهم ما يجمعه مع كل مكونات حركة 20 فبراير من مطالب مشتركة. وإذا كان هذا هو المقصود من التحالف فأهلا وسهلا به. وإذا كان هناك التقاء موضوعي في العديد من المواقف فأهلا وسهلا وألف مرحبا. والصيغة الرسمية لتعامل النهج الديمقراطي مع العدل والإحسان هي التنسيق الميداني وهي صيغة يعمل بها الجميع. فما هو الفرق بيننا إذن وباقي مكونات الحركة وما أكثرها ولماذا لا توجه لها هي أيضا هذه التهمة؟ تطرح سؤالا وجيها وتقول "أليس الصراع ضد الظلاميين وسط حركة 20 فبراير "بموضوعية و جدية " هي مسألة ذات أولوية في الوقت الراهن للدفع بهذه الحركة للمساهمة في تنوير و تطوير وعي الجماهير والرقي بأدائها لما يخدم مصلحتها؟" أقول لك نعم، معك حق ما عدا ربما اعتبارك أن الصراع يجب أن يكون ذو أولوية لأنه كما تقول يجب أن يكون صراعا جديا وموضوعيا وأضيف أن يكون (أي الصراع) بالقدر الذي يحافظ ما أمكن على وحدة الحركة لأن أشكال الصراع هي أيضا غاية في الأهمية. أظن أن النهج الديمقراطي يقوم مثل باقي مكونات جبهة اليسار في الحركة -وهي جبهة لها وزنها وحجمها ولا يمكن لأحد أن يتجاوزها- بدوره ليس فقط في نقد بل تصحيح كل التصرفات والشعارات ومضمون اللافتات وأشكال التنظيم التي تخرج عن الإطار الذي تتفق عليه الحركة والتي قد يلجأ إليها أنصار جماعة العدل والإحسان أو غيرها. كما ساهم رفاقنا في تطوير مطالب الحركة مؤخرا حيث جاء في لائحة المطالب التي صادق عليها المجلس الوطني لدعم الحركة المطالبة بالمساواة التامة بين المرأة والرجل في كافة الحقوق بما في ذلك الحقوق المدنية والعدل والإحسان قبلت بذلك وهذا أمر ايجابي. قد يقول قائل بأن هذا مجرد تاكتيك وأن جماعة العدل والإحسان لها استراتجية أخرى خصوصا وأننا نعلم ما حدث في إيران وما هو حاصل تحت أعيننا في كل من تونس حيث كان حزب العمال الشيوعي التونسي وحركة النهضة في جبهة واحدة قبل أن ينفصلا بعد سقوط الطاغية بن علي وفي مصر حيث كان الحزب الشيوعي الذي خرج للتو من السرية يقيم أشكالا من التعاون حول المطالبة بالديمقراطية في عهد مبارك مع الإخوان المسلمين. أقول هذا ممكن ولكن إن صح الأمر فهذا التاكتيك لا يخدم استراتجيتها المفترضة. والنهج الديمقراطي وهو يساهم في تطوير الحركة لا يتوقف عن الدفاع والدعاية لأفكاره المعروفة من استعمال الدين في السياسة سواء من طرف الدولة أو قوى الإسلام السياسي ورفضه القاطع للدولة الدينية ورفعه لشعار العلمانية الذي خاض من أجله بالأمس القريب صراعا قويا حتى مع بعض المكونات اليسارية.
إن نقدك يا خالد للاتجاهات اليسراوية كما استعرته عن لينين وماو سديد تماما ولكنه غير كاف وظل هنا أيضا-في نظري- رماديا لأنك لا تنفذ إلى عمق الواقع. لأنك لا تريد تحمل عناء دراسة الإطار الملموس لأي تناقض وسمته الخاصة التي تشكل جوهره الخاص. يجب أن نوضح لهم ولغيرهم أن جميع مكونات المجلس الوطني لدعم الحركة قبلت بالتحاق العدل والإحسان بعد التداول في الأمر ما عدا عضوين(وليس مكونين)من بين الحاضرين. وكان هذا قرارا سليما لأنه يحشد أكبر قوة ممكنة في وجه النظام(لا ينبغي الاستعانة بالجانب الكمي) وفي نفس الوقت بالمحاسبة والرقابة المتبادلة بين كل مكونات الحركة. أما لو بقيت العدل والإحسان خارج الحركة فلا أحد من حقه حرمانها من التظاهر في الشارع ولا حق له في التدخل في شعاراتها. ويجب أن نقول أن بعض اليسراويين ليس فقط أنهم "لا يستطيعون بل يخافون من عقد التحالفات بالرغم من أهميتها وضرورتها لأنهم يرفضون القيام بالتنازلات حتى وإن كانت لصالح الأهداف الإستراتيجية للبروليتاريا" بل أنهم لكونهم خاويي الوفاض يدعون لحركة 20 فبراير جديدة ويقسمون صفوفها وهم بهذا إنما يرتكبون جريمة في حق نضال شعبنا. ويجب أن نعري انتهازيتهم ونفضحها ونفضح جملتهم الثورية المفصولة عن الواقع: فما الذي يجمع تلك العناصر من اليسراويين الذين يدعون الماركسية-اللينينية بالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بأكادير والذين يعملون على نسف الحركة بالمدينة ونفس السؤال نطرحه عما يوحد عناصر من نفس التيار بفاس مع عناصر من إطارات أخرى يكنون لبعضهم البعض عداء تاريخيا ؟يبدو لي وكأن هؤلاء لا يخافون من التحالفات هكذا بصفة عامة ولكن يخافون من نوع محدد من التحالفات يقود إلى تطوير النضال مقابل قيامهم بعقد تحالفات غريبة تتناقض وما يدعونه من مرجعية وأهداف ثورية.
11) خلاصة: إن النقد والصراع بين مكونات اليسار وبالخصوص اليسار الجدري ضروري ويمكن أن يساهم في تطوير أدائه ولكن شريطة أن يكون النقد بناءا ومسؤولا وموضوعيا لا مهدما ومتهورا وذاتيا وأن يكون الصراع ديمقراطيا لا عدائيا.
إن مكونات اليسار الجدري يجب ويلزم عليها توفير جهدها وتوجيه طاقاتها إلى توحيد صفوفها في اتجاه انجاز مهمتين مترابطتين وهما بناء التنظيم السياسي للطبقة العملة وعموم الكادحين من حيث الهوية والبرنامج والشكل التنظيمي الذي أرجح ا ن يكون جبهويا والمساهمة في بناء جبهة للنضال من اجل الديمقراطية وضد الليبرالية والمتوحشة. وهذا أمر ممكن.