محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب
(Mohammad Abdelmaguid)
الحوار المتمدن-العدد: 8107 - 2024 / 9 / 21 - 23:57
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
حياتي مع الضاد
نصف قرن في الغرب أنصت إلى الدنيا بلغات أعجمية، شعرا ونثرا ونصوصا وأحاديث يومية، وعندما تتناهى إلى مسمعي لغة الضاد؛ أشعر كانها تعرفني قبل أن أعرفها، وأغار عليها من أناس مزقوها بين شفاههم، واغتالوها تحت أضراسهم، وإعلاميين نافسوا بها خربشات الدجاج.
وبدون مقدمات تدخل هذه الحسناء في حلة من الأضواء كأنني أستحم بحروفها، وأستنير بأشعارها، وأثور بقواعدها، وأتمرد بغضبها، وأحيطها بذراعي، وأتمنى أن تكون هي كل لغات الأرض والسماء.
هاجرت لنصف قرن مضى، فإذا باللغة العربية تطاردني عشقا، وولها، وصبابة؛ حتى بَلَّ دمعي وجهي.
وعندما أغضب على العرب وشعوبهم وحُكامهم وفرسانهم وخدمهم، أستثني هذه اللالئ المعقودة بين الألف والياء، فأسكن، وأهدأ كطفل هدّهُ البكاء والتعب، فيبحث عن صدر يمنحه حنانا قبل النعاس.
قيل بأن الشعر الجاهلي أسطورة مفتعلة في أحد عصور التقليد والسرقة والنسب المزيف؛ أما أنا فلا أكترث لكل الأدلة والشواهد والأباطيل أن شعرنا مقتبس، وأنه لا وجود لعمرو ابن كلثوم، وزهير بن أبي سُلمى، وطرفة بن العبد، وامريء القيس وغيرهم.
إذا كنتٌ غيرَ محظوظ في مولدي محشورا في عصور الجاهلية السياسية، أو الجاهلية الدينية الجاهلة؛ فإنني أكثر الناس سعادة بالجاهلية الشعرية التي ورثتها منذ آلاف السنين، وسأورثها أحفادي لآلاف السنين بعد رحيلي عن ضادٍ جميلة كانت شعلة مضيئة في أذني و...لساني!
طائر الشمال
أوسلو النرويج
#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)
Mohammad_Abdelmaguid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟