الاستاذ العزيز علاء الصفار كل الشكر على تعليقك وتثمينك لما كتبته وارجو ان اكون دوما عند حسن الظن. لقد اشرت في معرض تعليقك الى حقيقة بسيطة ولكنها في غاية الاهمية الا وهي: -فبالنسبة لماركس كان نقد الدين شرط أساسي لأي نقد آخر!- فاذا طبقنا هذه المقولة على وضع العراق لخرجنا باستنتاج مفاده ان موالاة شيوعيي السلطة للتدين الطائفي (الظاهري), الذي هو قناع النيولبرالية التي ادخلها بريمر تلميذ ميلتون فريدمان مؤسس مدرسة شيكاغو في الاقتصاد الحر المنفلت, ادت الى اخطاء تاريخية جسيمة, منها: اولا, اشتراكهم في مجلس الحكم بقيادة بريمر ممثل المحتل حيث كان الاحتلال مخالفة صريحة للشرعية الدولية وكذلك للدستور الامريكي نفسه. ففي حين اعترف المشاركون بالاحتلال, وهذا ليس من حقهم بالطبع, في حين ان الشرعية الدولية, على العكس, قد رفضته. ان التبعات القانونية والاخلاقية للتعاون مع المحتل خطرة جدا ولا يمكن التقليل منها ابدا. ثانيا, ولكن باشتراك الاطراف في مجلس حكم المحتل فانهم وضعوا انفسهم اوتوماتيكيا في موضع العبد في جدلية هيغل السيد-العبد, حيث يصبح المشاركون عبيدا لرئيسهم بريمر-المحتل, ووجهوا بذلك اهانة كبرى لانفسهم ولشعبهم على حد سواء. ثالثا, اقيم مجلس الحكم على اساس محاصصاتي طائفي واثني, ودشن بذلك عملية تشظي العراق وتمزقه, كما يعكس ذلك واقع الحال حاليا. وقد شمل التشظي مؤسسات الدولة باشملها من رأسها الى اخمص قدمهيا. فالفيلم في الرابط ادناه يعكس واقع ان الجيش الطائفي اصبح خطرا على الوطن بدلا من ان يكون مدافعا عنه https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=J1NYEMkVniI رابعا, ان كُتّاب الدستور في مجلس الحكم او بعده قد ضمنّوا فيه فقرة ان الاسلام مصدر الدستور, وبغض النظر هنا عن ان الاسلام هو الاسم المستعار للنيوليبرالية, فانهم ادخلوا الطائفية الى الحياة الاجتماعية والسياسية من اوسع ابوابها او شددوا من فعلها السابق. ان تفاقم الطائفية والتدين المزيف اديا الى ضمور النفس الاصيلة والمبدعة. و ضمور النفس الاصيلة والمبدعة والمنتجة ادى الى ضمور وانحصار دور الشغيلة في العراق في التغيير. فحسب تشومسكي, من الافضل الآن التكلم عن شغيلة اليد والفكر وعمال الخدمات, كبديل لمصطلح البروليتاريا. http://www.chomsky.info/debates/1971xxxx.htm اي ان حجة شيوعيي السلطة بعدم امكانية التغيير الثوري بزعم عدم وجود بروليتاريا في العراق هي حجة ناتجة عن خلل نظري لهؤلاء الشيوعيين وتبريرا فجا لتعاونهم مع المحتل وزبائنه. ولذلك لا بد ان يستنتج هنا ان سياسة شيوعيي السلطة كانت مضادة للشيوعية لانها شجعت على اشاعة النفوس المزيفة والتملق الديني كوسيلة فعالة للوصول الى السلطة في دولة ريعية كالعراق. اي ان الغالبية الساحقة من شغيلة اليد والفكر اصبحوا, بسبب السياسات آنفة الذكر, جنودا لقوى الثورة المضادة, بدلا من ان يكونوا جنودا ودعاة للتغيير الثوري. ان ادعاء شيوعيي السلطة بعدم امكانية تطوير العمل الشيوعي لاسباب تتعلق, برأيهم, بالمد الديني, هو نفاق وتضليل لانهم هم انفسهم اشاعوا التدين المزيف من خلال امور عدة, منها تثبيت الاسلام كدين للدولة. ونحن نعلم بانه لا وجود لاسلام عابر للطوائف. وبذلك ساهموا, شاؤوا أم أبوا, باشاعة الطائفية وتدمير القوى الاحتياطية او الفعالة المعول عليها في التغيير الثوري. ومما يجدر ذكره هنا, ان ساسة المنطقة الخضراء لم يحركوا ساكنا بصدد مقاضاة المحتل على جرائمه التي لا تعد ولا تحصى في العراق. فهم لم يفعلوا ذلك لانهم عبيد ويتلذذون باستمرار عبوديتهم بمازوخية مقرفة, هذا في حين ان مجلة اميريكية اكثر شجاعة من كل حكام العراق حين دعت الآن الى مقاضاة ومعاقبة الرئيس بوش ونائبه تشيني بسبب اعمال التعذيب اثناء توليهما السلطة. http://www.rawstory.com/2014/12/new-york-times-calls-for-cheney-bush-officials-to-be-investigated-and-prosecuted-for-torture/ مع وافر تحياتي واحترامي
للاطلاع على الموضوع
والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
طلال الربيعي - كاتب وباحث، ومحلل نفسي ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: اهمية اقتران الماركسية بالتحليل النفسي (العراق و مُهرِّجو البلاط !). / طلال الربيعي
|