أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أفنان القاسم - اديب ومفكر - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الأدب العربي لم يرق إلى المعلقات وألف ليلة وليلة / أفنان القاسم - أرشيف التعليقات - البرابرة - أفنان القاسم










البرابرة - أفنان القاسم

- البرابرة
العدد: 431917
أفنان القاسم 2012 / 11 / 14 - 19:40
التحكم: الكاتب-ة

أريد من قراء وقارئات الحوار المتمدن قراء وقارئات الذكاء أن يقرأوا قصيدتي -البرابرة- القصيدة التي أُعجبت رويدة سالم بها، بشرط أن يكملوها، فهي طويلة، وهي تحتاج إلى استعداد نفسي، ورغبة أكيدة في خوض غمار مغامرتها، وستكون هديتي لهم على هذا الحوار المفتوح الذي أسعدني كطفل في الثامنة والستين:


(1)
تعالي معي يا ابنتي
سنذهبُ معًا إلى البحر
إلى رمالِ الوقت
سنذهبُ معًا إلى الدغل
إلى مستنقعاتِ الموت
سيأتيكِ البرابرةُ بالحلوى
فقط تعالي معي
فالوردُ شرسٌ يا ابنتي
وللذئابِ دمعٌ أحرُّ من دمعي
فقط تعالي معي إلى بدايةِ نهايةٍ لم تبدأ بعدُ
إلى نهايةِ بدايةٍ لم تنتهِ
فقط تعالي معي لنلعبَ قليلاً بدمي
لنتسلى قليلاً بألمٍ بربريّ
فالبرابرةُ بشرٌ مثلنا
يقولون لأطفالهم كلماتٍ يقولها كلُّ الآباء
ولهم عاطفةٌ تقطعُ كالخَنجر
قلوبُهم أرأفُ من قمرٍ وحشيّ
وصدورُهم أوسعُ من صحراء لا نهاية لها ولا بداية كمرآةٍ من الرمل
كبرقٍ من الذهب
كشعرِ أختِكِ المُنسدل
كقبرٍ من الماس
وحنانُهم كنصلْ
لٍ
ينغرسُ بِوُد
وحبُهم أعمقُ من كلِّ البحار
تعالي معي يا ابنتي إليكِ عندما كنتِ صغيرة
دميتُكِ تبكي لأنكِ كَبِرْتِ
دموعُها باردة
دموعُ دُمية
ولكنها أشدُّ سخونةً من دمعي الذي تجمَّدَ على خدي
لأني لم أبكِ أبدًا إلا مرةً أو مرتين
كالبرابرة
ولأني لم أضحك كثيرا
ضَحِكَ البرابرةُ مني
وأنا لم أضحك كثيرًا من الرعب
في العالم الذي سآخذُكِ إليهِ لا يضحكُ الناسُ كثيرا
كالبرابرة
ولا ينامونَ تحتَ قمرٍ يهددُهُم بجماله
كالبرابرة
ولا يحلمونَ كما يحلمُ الناسُ عندما كانوا صغارا
كالبرابرة
في العالم الذي سآخذكِ إليهِ توجدُ أضواءٌ هنا وهناك
تَضيءُ في الظلامِ هنا وهناك
تُضيءُ بقعًا من الدم
بحورُ الدمِ سوداء
أكثرُ سوادًا من ماسةِ الضمير
الضميرُ أسودُ
أسودُ من ليلِ البرابرة
وأنتِ لا أعرفُ كيف تحبين ليل البرابرة
ألأنكِ لا تعرفينَ بعدُ ما الأرق
وعدمَ النوم؟
ألأنك تنامينَ مِلءَ الجَفن
ولا ترينَ ما يفعلُ البرابرةُ في الليل؟
قمرُهُم أسودُ
وليلُهُمْ دَمِي
سفحوا لي دَمِي وأنتِ تنامينَ مِلءَ جَفنيكِ
ألم تكبري؟
ليس للانتقامِ أريدُكِ أن تكبري
وإنما لمسحِ جرحي بكفكِ
جرحي يكبرُ
وعما قريب سيسقطُ فيه العالم
أينهم أولئك الذين قتلوني يوم يسقطون في دمي
يوم يموتون غرقى في دمي
ساعتئذٍ سيعرفون أن الحياة ليست سوى فرصةٍ ضائعةٍ أو منسية
أو ذهبت كموجة
متخثرةٍ كدم
ساعتئذٍ سيعرفون أن الوجودَ متعةُ اليأس
ولَذَّةُ السأم
واشتهاءُ ثديٍ بارد
ساعتئذٍ سيعرفون أن البربريةَ صفةٌ لأناسٍ ظنوا أنهم كانوا أبطالا
بطولةُ البرابرةِ يا ابنتي ابتسامةٌ كانت على ثغركِ
ساعتئذٍ سيعرفون أن الطفولةَ في زمننا ولدتها الشراسة
جوهرُ الأشياء
ساعتئذٍ سيعرفون أن موتَ شقائقِ النعمان تراجيديا
ساعتئذٍ سيعرفون أن التراجيديا من صنعِ يديّ
لأني صانِعُهَا المجنون
قاتلُ نفسي أنا
وقاتلُ صِنوي
ساعتئذٍ سيعرفون أن الفكرةَ سيدةُ الدمِ لا الدمَ سيدُ الفكرة
وأن الفكرةَ اليومَ رأسُ طائرٍ مختنق
ساعتئذٍ سيعرفون أنهم يجهلون قدرةَ الحشراتِ على الدفاعِ عن نفسِهَا وجبنَ الأسودِ أمامَ النملِ وذلَّ الفهودِ وخِسَّةَ النسورِ وصدقَ الأفاعي ولا وفاءَ الكلابِ وهمجيةَ القُبّراتِ ووحشيةَ البلابلِ وبَطْشَ الأرانبِ وسذاجةَ الذئابِ التي هي مثلي، فأنا لم أكن أعرفُ والآن أعرفُ أني ذئبٌ ساذج!

(2)
تعالي معي يا ابنتي
سنقتلُ الورود
الورودُ كثيرةٌ على الروابي
لم يقتلْهَا البرابرة
هكذا ترتاحُ العينُ منها
ومن ألوانِهَا المتنافرة
تعالي معي يا ابنتي إلى مطاردةِ الظباء
سنغرسُ الرماحَ في بطونِهَا
تمامًا كما يفعلُ البرابرة
ةُ
ببطونِ النساء
التي لم يعودوا يُحِبونها
لكننا سنكون أرحمَ لها من يدٍ قاتلةٍ لا ترحم
يدُكِ يدٌ طفلةٌ يا ابنتي
ويدي يدٌ شاعرةٌ تدلل الكلمات
تعالي معي يا ابنتي
هناك سمكٌ كثيرٌ في البحيرة
سنصطادُهُ كلَّهُ في الليلِ والقمرَ معه
فالقمرُ بربريٌّ يحبُّهُ الأطفال
ثم نطلقُ القمرَ والسمكَ في الساحات
لنخنقَ الليلَ على طريقتنا
ويغضبَ البرابرةُ منا
لأننا ارتكبنا جنحةً كبيرة
هم لا يقدرون عليها
جنحة اسمها الحرية

(3)
في المدن أضواءٌ كثيرةٌ يا ابنتي
لم يفكرِ البرابرةُ في إطفائها
قبلَ نومِهِم
والنوافذُ كلُّها مفتوحةٌ في الشتاء
لم ينسَ البرابرةُ إغلاقَها
قبل أن يأخذوا المِصْعَدْ
دَ
إلى متحفِ الرياح
في الطرقاتِ سياراتٌ كثيرةٌ يا ابنتي
واقفة
ذهب سائقوها إلى موعدٍ مع البرابرة
ولم يعودوا
وعلى الأبوابِ أيادٍ معلقة
بعد أن تركها أصحابها تطرق الأبواب
وذهبوا
في الحاناتِ أناسٌ يشربون ولا يثملون
يا ابنتي
لا كما البرابرة
لكنهم لا يعرفون
طريقَ العودةِ إلى بيوتهم
أنا أشربُ كالبرابرةِ وأثملُ
وأعرف طريقَ العودةِ إلى البيت
لأنني أعلمُ أنكِ لن تنامي
وأنتِ بانتظاري

* يتبع تحت...



للاطلاع على الموضوع والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
أفنان القاسم - اديب ومفكر - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الأدب العربي لم يرق إلى المعلقات وألف ليلة وليلة / أفنان القاسم




لارسال هذا التعليق الى شبكات التواصل الاجتماعية الفيسبوك، التويتر ...... الخ نرجو النقر أدناه






تعليقات الفيسبوك














المزيد..... - قصيدتان ... / توفيقي بلعيد
- الرد الايراني وتوازن الردع / غسان ابو نجم
- رد على رد الدكتور موسى ابو مرزوق / ابراهيم ابراش
- قصة قصيرة إلينورا / نشوان عزيز عمانوئيل
- حقيقة الفلسفة السقراطية بين افلاطون وزينوفون / ساره حسين كامل
- وإنَّما زينَةُ الحَواجبِ العَوَجُ / علي الجنابي


المزيد..... - تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- أبرز مواصفات الهاتف الجديد من غوغل
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أفنان القاسم - اديب ومفكر - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الأدب العربي لم يرق إلى المعلقات وألف ليلة وليلة / أفنان القاسم - أرشيف التعليقات - البرابرة - أفنان القاسم