أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التَّصوُّر المادي للكون....والنَّظريات الكوزمولوجية الحديثة. / جواد البشيتي - أرشيف التعليقات - ما معنى أنْ تكون -مادياً- في تفكيركَ؟ 4 وأخيراً - جواد البشيتي










ما معنى أنْ تكون -مادياً- في تفكيركَ؟ 4 وأخيراً - جواد البشيتي

- ما معنى أنْ تكون -مادياً- في تفكيركَ؟ 4 وأخيراً
العدد: 415442
جواد البشيتي 2012 / 9 / 20 - 08:56
التحكم: الكاتب-ة


عباس بن فرناس رغب في الطيران كالطيور وأراده، فحاوَل؛ لكنَّ محاولته باءت بالفشل، كما فشلت ذرَّات الأُوكسجين الثلاث -المفكِّرة- في أن تصنع، باتِّحادها، -جزيء ماء-. ولم ينجح البشر حيث فشل عباس بن فرناس إلا عندما اكتشفوا القانون الطبيعي للطيران، فصنعوا، بما يتَّفق معه، وسائل الطيران.

-الحرِّية- هي أن -أفعل- ما -أُريد-، وأن يتمخَّض فعلي هذا عن -النتائج التي أُريد وأتوقَّع-. قد أُريد، أو أَرْغب في، اجتياز هذا النهر؛ لكن هذا -العامل الذاتي- لا يكفي، وحده، لحل مشكلة -الحرِّية-، فما نيل المطالب بالتمني.

ينبغي لي أن أبدأ -الفعل-، وهو عبور النهر. قد أُريد، أو أرغب في، اجتيازه -مشياً على الأقدام-، فهل أنجح؟

كلاَّ، لن أنجح، فإذا أنا حاولت فسوف أَغرق. فشل هذه المحاولة سيقنعني بأنَّني لستُ -حرَّاً- بَعْد، فإرادة الإنسان وحدها لا تكفي لجعله قادراً على إنجاز مهمة ما، أو عمل ما، ولجعله، من ثمَّ، يشعر بأنَّه -حرٌّ-.

لاجتياز النهر، ينبغي لي (وعبارة -ينبغي لي- فيها معنى -الاضطرار- وليس فيها نزر من معنى -الاختيار-) أن أتعلَّم السباحة، أو أن اتَّخِذَ شيئاً (جذع شجرة) وسيلةً لاجتياز النهر. وقد أصنع زورقاً من أجل ذلك.

ما معنى هذا؟

معناه أنَّ ثمَّة -قوانين-، لم أخلقها لا أنا ولا البشر، لا بدَّ لي، أوَّلاً، من اكتشافها ومعرفتها. وبَعْدَ -وعي- هذه -الضرورة الطبيعية- أبحث عن -الوسائل والطرائق-، التي تسمح لي بـ -السيطرة- على -القانون الطبيعي الموضوعي- في طريقة تمكِّنني من اجتياز النهر. وقد ابْتَكِر أو اخْتَرِع بعضاً من تلك الوسائل والطرائق.

قَبْلَ، ومن أجل، أن أكون -حرَّاً-، ينبغي لي أن -أعي (وأكتشف)- هذا -القانون الموضوعي-، وأن أعمل، من ثمَّ، بما يتَّفِق معه، فأنا -أَخضع له- قَبْلَ ومن أجل أن -أُخْضعه لي-، و-أُسيطر عليه-. هذا -القانون- لم أخْلقهُ إذ اكتشفته، ولن ألغيه إذ تحكَّمتُ فيه وسيطرتُ عليه.

الآن، والآن فحسب، أستطيع أن -أفعل ما أُريد-، أي أستطيع أن أكون حرَّاً في هذا المعنى فحسب، وفي هذه الناحية فحسب. إنَّ -القانون الطبيعي- يشبه وحشاً مفترساً، فإمَّا أن يفترسكَ وإمَّا أن تروِّضه؛ وغني عن البيان أنَّ ترويضه لا يعني قتله.

-فيضان النهر- كان، قديماً، من الوحوش المفترسة، فلم ينجح البشر في ترويض هذا الوحش؛ لأنَّهم لم يعرفوا الطريق القويم إلى ترويضه، فتوهموا أَنَّهم يستطيعون ذلك بـ -قوَّة- بعض -المعتقدات الدينية-. وقد ظلَّوا عبيداً للنهر وفيضانه، يَحوِّلون عجزهم عن فهم الفيضان والسيطرة عليه إلى مزيدٍ من الاعتقاد بالمعجزات، حتى -وعوا- هذه -الضرورة الطبيعية-، وعرفوا كيف يسخِّرونها لهم من خلال بناء -السدود-.

-القانون الطبيعي الموضوعي- نراه، دائماً، في -نتائج- كل فعل إنساني، أكانت هذه النتائج تنطوي على معنى-النجاح- أم على معنى -الفشل-، فـ -النجاح- هو أن تأتي -النتيجة- متَّفِقة مع -التوقُّع-. وحتى تأتي -النتيجة- متَّفِقة مع -التوقُّع- لا بدَّ لـ -الفكرة- من أن تُوافِق -الواقع الموضوعي-. وهذا التوافق يَظْهَر ويتأكَّد في حال واحدة فحسب هي أن تأتي -النتيجة- متَّفِقة مع -التوقُّع-.

أمَّا -الفشل- فمعناه أنْ تذهب -النتيجة- بـ -التوقُّع-. على أنَّ هذه -النتيجة السلبية-، أي النتيجة التي رأَيْنا فيها معنى -الفشل-، لم تَظْهَر عرضاً أو مصادفةً، فـ -الضرورة الطبيعية (أو القانون الطبيعي الموضوعي)- هي التي جاءت بها، فهذه الضرورة كامنة في كل أفعالنا، وفي كل ما يتمخَّض عن أفعالنا من نتائج، أكانت هذه النتائج -نجاحاً- أم -فشلاً- بمعيار -التوقُّع-.

من يَعْلَم -القانون الموضوعي- ويعمل بمقتضاه ينجح، أي يتوصَّل إلى -نتائج- تُوافِق -توقُّعه-. ومن يجهل هذا القانون (ولا يعمل، من ثمَّ، بمقتضاه) يفشل، أي يأتي عمله بـ -نتائج- تذهب بـ -توقُّعه-.

وهنا يكمن الفرق الجوهري بين -الحرِّية- و-العبودية-، بين -التخيير- و-التسيير-. و-الحرِّية-، كما -المعرفة-، هي -سلَّم- يصعده الإنسان (البشر) درجة درجة، ولن يصل أبداً إلى نهايته (درجته العليا) لأن لا نهاية له.

والإنسان، الذي لا يُوْلَدُ حرَّاً على غير ما يتوهَّم كثيرون، لن يملكَ من -الحرِّية-، و-المعرفة-، أكثر مِمَّا ورثَ وأنْتَجَ، ولسوف يظل في صعود أبدي لا نهاية له من -العبودية- إلى -الحرِّية-، ومن -الجهل- إلى -المعرفة-. هذا الإنسان الذي خرجَ توَّاً من رحم أُمِّه إنَّما هو -العبودية القصوى- و-الجهل الأقصى-.

-الضرورة- تكمن في كل الأشياء والظواهر التي -نراها-، فما نشأ، أو ظَهَرَ، إنَّما هو ما اجتمعت -أسباب- وجوده، فوُجِدَ. أي شيء لا بدَّ له من أن ينشأ ويَظْهَر إذا ما اجتمعت وتهيَّأت أسباب وجوده.

هذه هي -الحتميَّة- التي لا ريب فيها، ولا يُشكِّك فيها إلا كل أعمى بصر وبصيرة؛ فالشيء الذي كان ينبغي له أن يُوْجَد؛ لكنَّه لم يُوْجَد إنَّما هو الشيء الذي لم يستوفِ أسباب وجوده التي لا يمكننا أن نحيط بها كلها عِلْماً، فبعضها اكتشفناه، وبعضها لم نكتشفه بَعْد.

والشيء الذي كان ينبغي له أن يُوْجَد؛ لكنَّه لم يُوْجَد إنَّما هو الشيء الذي أجْهَضَتْهُ -قوى وأسباب طارئة-، نسمِّيها -المصادَفة-، فهذه الشجرة كان ينبغي لها أن تُثْمِر عن قريب؛ لأنَّ أسباب إثمارها كادت أن تكتمل؛ لكنَّها لم تُثْمِر؛ لأنَّ ريحاً عاتية قد اقتلعت جذرها. هذه الريح هي المثال الذي فيه يكمن معنى -المصادَفة-.

-قوى المصادَفة-، أي تلك الريح، هي التي حالت بين الشجرة وبين إثمارها الحتمي إذ اقتلعت جذرها؛ لكنَّ الريح نفسها كانت من نسج -الحتميَّة- ولم تكن من نسج -المصادَفة-، فقد اجتمعت وتهيَّأت أسباب وجود هذه الريح فوُجِدَت. و-هلاك الشجرة نفسه- مع -الطريقة التي هلكت فيها- هو، أيضاً، من نسج -الحتميَّة-، فليس من -واقعة- لا تكمن فيها -الضرورة-.

ونفي -الضرورة- إنَّما هو نفسه نفي -العِلْم-، فنفي -الضرورة- يفضي، حتماً، إلى القول بأنَّ -كل شيء ممكن-، فالماء في غليانه يمكن أن يتبخَّر، أو يتجمَّد، أو يتحوَّل إلى معدن الذهب، أو إلى كائن حي. وغليانه نفسه يمكن أن يَنْتُجَ من أي شيء. يمكن أن يَنْتُجَ، مثلاً، من -ثلج- نضعه في الماء.

إنَّنا لن نفهم أبداً -الصُّوَر الذهنية- على اختلافها إذا لم نَرُدَّها إلى -أصولها- في الواقع الموضوعي؛ فليس في -الرأس-، أكانت رأس فرد أم رأس جماعة، من الأفكار إلاَّ ما له -أصول (أو عناصر)- في العالَم المادي.


للاطلاع على الموضوع والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التَّصوُّر المادي للكون....والنَّظريات الكوزمولوجية الحديثة. / جواد البشيتي




لارسال هذا التعليق الى شبكات التواصل الاجتماعية الفيسبوك، التويتر ...... الخ نرجو النقر أدناه






تعليقات الفيسبوك














المزيد..... - ذٰلِكَ ٱلْغَبَاْءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْت ... / غياث المرزوق
- في الدين والقيم والإنسان.. (40) / أذ. بنعيسى احسينات - المغر ... / بنعيسى احسينات
- ملاحظة عن العنف في مجتمعات الأقليات المهمشة: الأقلية الفلسطي ... / خالد خليل
- محمد المساح إنسان فوق العادة / قادري أحمد حيدر
- التباس مفهوم العدالة وتحولاتها التاريخية / زهير الخويلدي
- في الذكرى مذابح (سيفو) في تركيا بحق الآشوريين والأرمن، جريمة ... / فواد الكنجي


المزيد..... - مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التَّصوُّر المادي للكون....والنَّظريات الكوزمولوجية الحديثة. / جواد البشيتي - أرشيف التعليقات - ما معنى أنْ تكون -مادياً- في تفكيركَ؟ 4 وأخيراً - جواد البشيتي