أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التَّصوُّر المادي للكون....والنَّظريات الكوزمولوجية الحديثة. / جواد البشيتي - أرشيف التعليقات - ما معنى أنْ تكون -مادياً- في تفكيركَ؟ 2 - جواد البشيتي










ما معنى أنْ تكون -مادياً- في تفكيركَ؟ 2 - جواد البشيتي

- ما معنى أنْ تكون -مادياً- في تفكيركَ؟ 2
العدد: 415438
جواد البشيتي 2012 / 9 / 20 - 08:49
التحكم: الكاتب-ة


لنتوسَّع أكثر في -القصة-، قصة خَلْق منزلٍ.

افْتَرِض أنَّكَ -خَلَقْتَ- منزلاً من طين، وكُنْتَ الأوَّل في -خَلْقِه-.

-فكرة- هذا المنزل وُجِدت أوَّلاً في رأسكَ، أيْ في وعيكَ؛ فأنتَ تصوَّرتَ، وتخيَّلْتَ، المنزل قبل وجوده.

لكنْ، من أين أتت هذه -الفكرة- إلى رأسك؟

وأين هو -أصلها- في الواقع الموضوعي؟

إنَّ -المغارة (أو الكهف)-، أو ما يشبهها من الأشياء الموجودة في الواقع، هي -الأصل- و-المَصْدَر-؛ فـ -المغارة- هي التي أنْتَجَت في رأسكَ، أو في وعيكَ، أوَّل، وأقدم، -صورة ذهنية للمنزل-.

وها أنتَ الآن -تريد- -خَلْق- هذا المنزل، متوهِّماً أنَّ -إرادتكَ- هي التي لولاها لَمَا وُجِد هذا الشيء، المسمَّى -منزلاً-؛ وهذا وَهْمٌ مُتَفَرِّع من وَهْمٍ أكبر هو الكامِن في القول -كل شيءٍ رَهْنُ إرادة الإنسان-.

أمْعِن النَّظر قليلاً في -إرادتك (الحُرَّة)- هذه، فماذا تَجِد؟

أوَّلاً، ثمَّة -ما دَفَعَك إلى- التفكير في بناء المنزل؛ وهذا -الدافِع (أو الحافِز)-، الذي ربَّما لا تعيه، هو -دافع موضوعي-، من طبيعة مادية صَرْف؛ فالمنزل إنَّما تبتنيه اتِّقاءً لشرِّ البَرْد أو الحَرِّ..

وهذه -الأسباب-، أيْ الأشياء التي تريد اتِّقاء شَرِّها، والتي تَظْهَر في رأسكَ على شكل -دوافع-، ليست وليدة إرادتك، ولم تُوْجَد لرغبتكَ في وجودها، وما كان لها أنْ تَظْهَر في رأسكَ على شكل -دوافع- لو لم تكن أنتَ من طبيعة تَجْعَلَك تتأثَّر (على هذا النحو) بالبَرْد والحَرِّ..

لقد أردتَ -خَلْق- منزلٍ من -الطين-؛ فَلِمَ لم تُرِدْ (لو كنتَ موجوداً قبل آلاف السنين) خلقه من -إسْمَنْت مسلَّح-، أيْ من إسْمَنْت تتخلَّله قضبان من الحديد، أو شِباك معدنية؟

لأنَّ الحديد وقضبانه لم يكن جزءاً من -بيئتكَ الاصطناعية-، أيْ البيئة التي خلقها البشر بالعمل، أو من خلال تفاعلهم المادي مع البيئة الطبيعية.

إنَّه لأمْرٌ ليس بذي أهمية أنْ تقول إنَّ -الإرادة- تسبق -الفعل (والعمل)-؛ ولقد أوضحنا كيف، وبأيِّ معنى، يكون هذا السَّبْق.

-محتوى الإرادة-، لا -الإرادة نفسها-، هو الأمر الذي ينبغي له أنْ يستأثر باهتمامنا؛ فإنَّ -المحتوى الواقعي للإرادة-، أيْ -محتوى ما يريد الإنسان فعله-، يختلف باختلاف -الدوافع- و-الحوافز-، والتي فيها تَكْمن -الأسباب التاريخية (المادية الموضوعية)-.

والأسئلة التي تتحدَّاك أنْ تجيب عنها إنَّما هي -لماذا تختلف إرادتي (في محتواها) عن إرادة غيري؟-؛ -في إرادتي تكمن حوافز ودوافع تختلف عن تلك التي تكمن في إرادة غيري؛ فَلِمَ هذا الاختلاف؟-؛ -لماذا تختلف الحوافز والدوافع حتى في الفرد الواحد؟-؛ و-لماذا تختلف من فرد إلى آخر، ومن جماعة إلى أخرى، ومن عصر إلى آخر، ومن مكان إلى آخر؟-؛ -لماذا لا يتماثل محتوى واتجاه الإرادة بين الأفراد جميعاً؟-.

أُنْظُرْ في داخل رأسكَ، فترى أفكاراً وقيماً خاصَّة؛ فلماذا تملك هذه الأفكار والقيم من دون سواها؟

إنَّ لـ -الفكرة (الفلسفية أو الدينية أو السياسية..)- زمان ومكان ولادة؛ وعليكَ، من ثمَّ، أنْ تسأل -لماذا ظهرت هذه الفكرة الآن، وفي هذا المكان؟-؛ و-لماذا لم تظهر من قبل، أو في مكان آخر؟-.

وعليكَ أنْ تسأل أيضاً -لماذا هذه الفكرة مفهومة ومقبولة الآن؟-؛ -لماذا سادت وانتشرت الآن؟-؛ -لماذا أصغى الناس إليها، وتجاوبوا معها، الآن؟-.

إنَّ ثمَّة زمناً تُخْلَق فيه فكرة ما، وتلقى قبولاً؛ فالفكرة الصالحة لكل الأزمنة، ولكل الأمكنة، إنَّما هي فكرة لا تَصْلُح لأيِّ زمان، ولا لأيِّ مكان.

أنْظُرْ في -فكرة الرأسمالية (مثلاً)-، وفي -الأفكار الرأسمالية (أكانت اقتصادية أم سياسية)-؛ ثمَّ اسْألْ نفسكَ السؤال الآتي: -هل فكرة الرأسمالية، أو الأفكار الرأسمالية، هي التي خلقت الرأسمالية أمْ أنَّ الواقع الرأسمالي هو الذي خلق تلك الفكرة الرأسمالية، وهذه الأفكار؟-.

إنَّ كل فكرة خلقها واقع؛ فابْحَثْ عنه، وجِدْهُ.

قُلْ لي ما هي -مصالحكَ وحاجاتكَ الواقعية الحقيقية الأساسية- حتى أتوقَّع وجهة نظركَ في أمْرٍ ما، وموقفكَ منه، وكيف تفهمه وتراه؛ ونحن نرى، وإنْ على وجه العموم، لا على وجه الإطلاق، أنَّ -طريقة التفكير-، و-الأفكار-، في شأنٍ، أو شيءٍ، ما تختلف بين الفقراء والأغنياء، بين ساكني الأكواخ وساكني القصور.

إنَّه بَذَخٌ ما بعده بَذَخ أنْ يتناول هذا الفقير الطعام في هذا المطعم؛ وهذا بَذَخٌ من وجهة نظره هو؛ وإنَّها لمأساة ما بعدها مأساة، ومذلَّةٌ ما بعدها مذلَّة، أنْ يتناول هذا الذي كان غنياً الطعام في المطعم نفسه؛ وهذا الشعور هو شعور غنيٍّ اضطَّره سوء حاله الاقتصادية إلى التقشُّف.

أُنْظُرْ إلى -الشيء نفسه-، وانظُرْ، في الوقت نفسه، إلى وجهتي نظر الغني والفقير فيه، فَتَقِف، عندئذٍ، على -السبب المادي- لهذا -الوعي-، ولهذا الاختلاف في الوعي.

البشر لا يختلفون، مجتمعاً وتاريخاً وحضارةً، في الشيء الذي يُنْتِجون؛ وإنَّما في -طريقة (أو كيفية) إنتاجهم له-؛ ففي كل العصور والأزمان والمجتمعات والحضارات أنتج البشر القمح مثلاً؛ ولكنَّ طريقة إنتاجهم له هي التي باختلافها جعلتهم يختلفون، مجتمعاً وتاريخاً وحضارةً.

من قبل، كان في مقدوركَ أنْ تُنْتِج شيئاً ما بأدوات تستطيع استعمالها بنفسك؛ فاتَّسم عملك بالطابع الفردي الشخصي؛ وكانت -المِلْكية الفردية الشخصية- لأدوات العمل، ونتاجه، هي شكل التملُّك الموافِق لهذه الأدوات.

الشيء، أو المنتوج، نفسه يُنْتَج الآن بجملة من الأدوات والآلات التي تُسمَّى مجتمعةً -المصنع-؛ فـ -المصنع- هو الآن أداة إنتاج الشيء نفسه، أيْ الشيء الذي كان يُنْتِجه، من قبل، شخص واحد؛ وإنَّ إنتاج الشيء نفسه في -المصنع-، أو به، هو الذي جعل هذا العمل يتَّسِم بـ -الطابع الجماعي-.

ومن هذا المثال يثور السؤال الآتي: هل -إرادة- الإنسان، أو -رغبته في (أو رغبته عن)-، هي السبب في هذا الاختلاف؟

إنَّ أسوأ تفسير هو الذي يتضمَّنه قولٌ من قبيل -أراد الإنسان لعمله أنْ يكون فردي الطابع، فكان؛ ثمَّ أراد له أنْ يكون جماعي الطابع، فكان-.

من قبل، كان أسرى الحرب يُقْتَلون؛ ثمَّ، وعلى ما يَزْعُم المؤرِّخون المثاليون، -تحسَّنت أخلاق- البشر، فكَفُّوا عن قتل الأسرى، وأخذوا يُشغِّلونهم في الزراعة مثلاً.

لقد فسَّروا هذا الاختلاف في الموقف من أسير الحرب تفسيراً مثالياً إذ أرجعوه إلى -سبب أخلاقي-؛ وكان -السبب الحقيقي- هو -الفائض الغذائي-؛ فبفضل تَحسُّن أدوات الإنتاج (لا أخلاق البشر) أصبح ممكناً أنْ يُنْتِج المزارِع ما يفيض، ولو قليلاً، عمَّا يَلْزَم لتلبية حاجته هو إلى الطعام.


للاطلاع على الموضوع والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التَّصوُّر المادي للكون....والنَّظريات الكوزمولوجية الحديثة. / جواد البشيتي




لارسال هذا التعليق الى شبكات التواصل الاجتماعية الفيسبوك، التويتر ...... الخ نرجو النقر أدناه






تعليقات الفيسبوك














المزيد..... - بلطجي وبلطجة وبلطجية !!! / عبدالله عطوي الطوالبة
- الحرب السجالية بين القدماء والمحدثين في الأدب الفرنسي تقديم ... / أحمد رباص
- دراسة موجزة عن ديوان (قصائد في قصيدة واحدة) / آدم دانيال هومه
- محمد زكي عبدالقادر / بهاء الدين الصالحي
- محاولة للكتابة - 10 - / ابتسام لطيف الموسوي
- تحفة كثيفة / خالد خليل


المزيد..... - -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- رئيسة جامعة كولومبيا توجه -رسالة- إلى الطلاب المعتصمين
- أردوغان يشعل جدلا بتدوينة عن بغداد وما وصفها به خلال زيارته ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- كوريا الشمالية ترسل وفدا اقتصاديا إلى إيران
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التَّصوُّر المادي للكون....والنَّظريات الكوزمولوجية الحديثة. / جواد البشيتي - أرشيف التعليقات - ما معنى أنْ تكون -مادياً- في تفكيركَ؟ 2 - جواد البشيتي