أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التَّصوُّر المادي للكون....والنَّظريات الكوزمولوجية الحديثة. / جواد البشيتي - أرشيف التعليقات - ما معنى أنْ تكون -مادياً- في تفكيركَ؟ - جواد البشيتي










ما معنى أنْ تكون -مادياً- في تفكيركَ؟ - جواد البشيتي

- ما معنى أنْ تكون -مادياً- في تفكيركَ؟
العدد: 415436
جواد البشيتي 2012 / 9 / 20 - 08:44
التحكم: الكاتب-ة


اجتهد ماركس كثراً في إثبات أنَّ التاريخ لا يمكن أنْ يُفَسَّر ويُفْهَم، وعلى خير وجه، إلاَّ بـ -المادية (لا المثالية)-؛ ولقد شاعت وانتشرت، من ثمَّ، عبارة، أو مقولة، -التفسير، أو الفَهْم، المادي للتاريخ-؛ فكيف لنا أنْ نَفْهَم، ونُحْسِن فَهْم، بعض معاني هذه العبارة، أو المقولة؟

أوَّلاً، لا بدَّ لنا من مثالٍ بسيط نَقِفُ من خلاله على الفَرْق الجوهري بين -المادي- و-المثالي- في حياتنا.

أُنْظُرْ إلى هذه الشجرة؛ ثمَّ أغْمِض عينيكَ؛ فهل ترى شيئاً الآن؟

إنَّكَ وأنتَ مُغْمِض عينيكَ لا ترى الشجرة نفسها؛ لكنَّكَ تستطيع أنْ -ترى- صورة هذه الشجرة؛ فثمَّة -صورة ذهنية- في رأسكَ الآن؛ وأنتَ ترى -الصورة الذهنية للشجرة- بما يشبه -العين الثالثة-، والتي هي كناية عن -قوى ذهنية (الذَّاكرة البصرية)-.

هل هذه الصورة الذهنية- موجودة؟

إنَّكَ لا تستطيع أنْ تكون -مادياً حقيقياً- إذا ما أنكرت، أو نفيت، -وجود- هذه الصورة الذهنية؛ فهي -موجودة-؛ لكن، أين هي -موجودة-؟

إنَّها -موجودة- فحسب في -ذهنكَ (في وعيكَ)-، الذي ليس بشيء -مادي-، وإنَّ كان -الدماغ- الذي هو -وعاء وعيكَ-، و-عضو التفكير- لديكَ، شيئاً مادياً.

هذه -الصورة الذهنية-، ومهما كانت واضحة جلية، فإنَّها لا تشتمل، ولا يُمكنها أبداً أنْ تشتمل، على كل تفاصيل -الأصل-، أيْ -الشجرة الواقعية (التي تراها بعينيكَ)-. ومع مرور الوقت تختفي وتتلاشى تفاصيل كثيرة من هذه -الصورة الذهنية-.

-المادي-، في هذا المثال، هو -الشجرة (الواقعية)-، والتي هي -الأصل- لجهة صلتها بـ -الصورة-؛ أمَّا -المثالي- فهو -الصورة الذهنية للشجرة-، والتي تراها وأنتَ مُغْمِض عينيكَ.

والإنسان -المادي (في تفكيره)- يُقِرُّ ويعترف بـ -وجود- الصورة الذهنية للشجرة، وليس بوجود الشجرة فحسب؛ لكنَّه يرى، ويُحْسِن روية، الفروق الجوهرية بينهما.

إنَّه يرى أنَّ الشجرة نفسها موجودة، أوَّلاً، -في خارج- وعيه؛ فإنَّ وجود صورة للشجرة في الرأس لا يعني وجود الشجرة نفسها في الرأس.

ويرى، أيضاً، أنَّ الشجرة نفسها -مستقلة- في وجودها عن -صورتها الذهنية-؛ فلو كانت الشجرة هي شجرة تُفَّاح، ولو أردتَ أنتَ أنْ تُغيِّر (بالخيال) صورتها الذهنية (الموجودة في وعيكَ) فتجعلها، مثلاً، شجرة برتقال، فإنَّ -الشجرة الواقعية-، والتي هي شجرة تُفَّاح، لن تتأثَّر أبداً بهذا التغيير.

من أين جاءت (إلى دماغك) هذه الصورة الذهنية؟

لقد جاءت من شجرة (تُفَّاح) موجودة في -خارج وعيكَ-، و-في استقلال عنه-؛ فإنَّ دماغكَ، ولو كان بوزن دماغ آينشتاين، لن يستطيع أبداً أنْ يُنْتِج -صُوَراً ذهنية (أو أفكاراً)- لا وجود لها (ومن قَبْل) في الواقع (الموضوعي).

لا تَقُلْ إنَّكَ بـ -الخيال- تستطيع خَلْق -صُوَر ذهنية- تَشُذُّ عن هذا المبدأ المادي العظيم؛ فإذا لم يكن للصورة الذهنية من -أصلٍ- في الواقع (الموضوعي) فلا بدَّ لـ -عناصرها (ومكوِّناتها؛ لـ -أحرفها-، و-مفرداتها-)- من أنْ تكون موجودة في الواقع.

هل من وجود في الواقع (الموضوعي) لشجرة تُفَّاح، بعض تُفَّاحها من ذَهَب، وبعضه من فِضَّة؟

كلاَّ، لا وجود لها؛ لكنْ أليس -الذَّهَب- و-الفِضَّة- من الأشياء الموجودة في الواقع (الموضوعي)؟!

إنَّكَ، ومهما أفْرَطتَّ وتطرَّفْتَ في الخيال لن تتمكَّن أبداً من أنْ تُنْتِج -صورة ذهنية- لا وجود لـ -عناصرها- في الواقع (الموضوعي).

إنَّ في الواقع (الموضوعي) أشياء لا عدَّ لها ولا حَصْر لم تَظْهَر (بَعْد، أو لن تَظْهَر أبداً) في دماغكَ على هيئة -صُوَر ذهنية-؛ لكنْ ما من -صورة ذهنية- في دماغكَ إلاَّ ولها -أصل-، أو -عناصر-، في الواقع (الموضوعي).

-المادي- يتحدَّى -المثالي- قائلاً له: أعْطِني ولو صورة ذهنية واحدة (ولو فكرة الله نفسها) تَشُذُّ عن هذا المبدأ المادي العظيم!

إذا أنتَ غَيَّرْتَ (بالخيال) الصورة الذهنية لشجرة التُّفاح، والموجودة في وعيكَ، فإنَّ هذا التغيير لن يؤثِّر أبداً بالشجرة نفسها؛ لكنَّ تَغيُّر الشجرة نفسها يمكن ويجب أنْ يُغيِّر صورتها الذهنية التي في رأسكَ.

-الشجرة نفسها- هي، بلغة الفلسفة، -الموضوع-؛ و-صورتها الذهنية- هي -الذَّات-؛ فكيف يمكننا، وينبغي لنا، أنْ نَفْهَم مادياً الصِّلة بين -الموضوع- و-الذَّات-؟

-الشجرة الواقعية- هي -الأصل-، وهي -الأقدم وجوداً- من -صورتها الذهنية-؛ وإنَّها موجودة -في خارج- الوعي، وفي -استقلال عنه-؛ و-صورتها الذهنية-، مهما كانت دقيقة ومُفصَّلة، فإنَّها لا تشتمل، ولا يمكنها أبداً أنْ تشتمل، على كل تفاصيل الأصل (الظاهر منها وغير الظاهر).

الآنْ، تَمْلُكُ أنتَ في وعيكَ -صورة (ذهنية، مثالية) للشجرة-؛ فهل لكَ أنْ تؤثِّر تأثيراً واقعياً، مادياً، بالشجرة نفسها؟

في مثالٍ مشتق من المثال الأوَّل، نَفْتَرِض أنَّكَ أمْسَكْتَ ببلطة، وضَرَبْتَ بها الشجرة، حتى قَطَعْتَها.

كيف يَفْهَم -الإنسان المثالي (أيْ الذي يُفكِّر في طريقة مثالية لا مادية)- هذا الأمر؟

إنَّه يقول، في فَهْمِه له، -لقد أردتُ قَطْع الشجرة، فقُطِعَت-؛ فـ -الإرادة (وهي قوَّة مثالية) أوَّلاً، ومبتدأً-.

لقد -فَكَّر- في الأمر، و-تخيَّله-؛ ثمَّ -أراده-؛ فـ -حَدَثَ هذا الحادث (أيْ قَطْع الشجرة)-.

ومن ذلك يَسْتَنْتِج هذا -المثالي- أنَّ -الوعي (التفكير والفكرة والتخيُّل والإرادة..)- هو الأوَّل، والأسبق؛ وهو الذي يَخْلق -الواقع- و-الأشياء-.

لو سألْتَه عن هذا المنزل المُشيَّد لأجابكَ على البديهة قائلاً إنَّ هذا المنزل، وقَبْل أنْ يُخْلَق، كان -فكرة- في رأس المهندس؛ والدليل على ذلك أنَّ المهندس -تصوَّره- أوَّلاً، أيْ قبل أنْ يغدو واقعاً.

وبعد -التصوُّر-، جاءت -الإرادة-؛ فـ -خالِق- المنزل يجب أنْ -يريد- خَلْقه أوَّلاً.

ومن هذا الخلل في فَهْم الصِّلة بين -الموضوع- و-الذَّات-، -اكتشفوا- طريقة -خَلْق الكون-؛ فالكون قبل أنْ يُخْلَق، ويغدو واقعاً، كان -فكرة- في وعي كائن (غير بشري) هو الله؛ وهذا الكائن -أراد-، فكان له ما أراد، و-وُجِد الكون-.

تابِعْ نزولاً في موضع آخر


للاطلاع على الموضوع والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التَّصوُّر المادي للكون....والنَّظريات الكوزمولوجية الحديثة. / جواد البشيتي




لارسال هذا التعليق الى شبكات التواصل الاجتماعية الفيسبوك، التويتر ...... الخ نرجو النقر أدناه






تعليقات الفيسبوك














المزيد..... - داعش… و ما أدراك ما داعش ! / أحمد إدريس
- قصائد غزة ضفة ستالينغراد: اشغال عبقرية لمقاوم جديد / احمد صالح سلوم
- قصائد غزة ضفة ستالينغراد: الغريب الذي لم يجد عنوانا / احمد صالح سلوم
- هل اصبح ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ، في ملف الصحراء الغ ... / سعيد الوجاني
- سامي المنيس....مسيرة برلمانية / عادل رضا
- كف عن مراقبتي / صفاء علي حميد


المزيد..... - واشنطن تطالب بالتحقيق في إعدام إسرائيل مدنيين اثنين بغزة
- نتنياهو يأذن لمديري الموساد والشاباك بالعودة إلى مفاوضات الد ...
- وفد روسي في تونس لبحث تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية
- رئيس وزراء بولندا يكشف عن -جدال مثير- أشعله نظيره الإسباني ف ...
- دعاء اليوم التاسع عشر من شهر رمضان 2024
- حظك اليوم مع توقعات الأبراج اليوم السبت 30 مارس/آذار 2024‎‎ ...


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التَّصوُّر المادي للكون....والنَّظريات الكوزمولوجية الحديثة. / جواد البشيتي - أرشيف التعليقات - ما معنى أنْ تكون -مادياً- في تفكيركَ؟ - جواد البشيتي