( يبدو أنَّ شيوع -التعقيد اللغوي-، أي تأليف الكلام على وجه يعسر فهمه، قد جعل لكل كلام مستغلَق، غير مفهوم، سلطانا على الناس، فيقومون، عَبْرَ -إعطاء الكلام دلالة مُعَيَّنَة-، أي عَبْرَ -التأويل-، باكتشاف معانٍ في النص لا وجود لها البتَّة في العلاقة بين -الدَّال-، أي الكلمة أو اللفظ، و-المدلول-، أي المعنى.
والناطقون بالعربية تواضعوا، أو اتَّفقوا، على الصلة الصحيحة بين -الدَّال- و-المدلول-؛ فكلمات: -الزمان-، -تمطَّى-، -ملل-، -فوق-، وغيرها، لها، جميعاً، مدلولات ومعانٍ صحيحة، أي مُتَواضَع عليها. غير أنَّ هذا -الصواب اللغوي- يتحوَّل إلى -غثاء لغوي- نتيجة الصلة غير الصحيحة التي نقيمها بين تلك الكلمات.
في هذه الطريقة في تأليف الكلام، نزاول ضرباً مِنْ ضروب الغش أو التدليس اللغوي، فنُسْقِط على -النص- معنىً لا وجود له البتَّة، ولا يمكن أنْ يكون موجوداً، في -ذات النص-، وكأنَّ الكاتب مِنْ هذا النمط يبحث عن -النجاح- في العبارة المستغلَقة غير المفهومة، أي في العبارة التي تَخْرِق قانون -التواضع اللغوي-، وتُقَوِّض العلاقة بين -الدَّال- و-المدلول-. )
1- اْن من له ولو ضلع بسيط بالدراسات اللغوية سيندهش ويصطدم بهذا الاْسلوب الفريد لفهم النصوص الاْدبية ويدرك بسرعة اْن المحاور يتكلم عن شىْ لا يعرف عنه شيئا,اولا اْن اْهمية الدال والمدلول لا تكمن في فهم النصوص من خلال المعاني السائدة والسطحية للكلمة,لاْن هنالك شىْ اْهم ينتجها الدال والمدلول وهي الاْشارة la signe,التي تنتج من خلال علاقة الدال بالمدلول ,والتي بواسطته تمكن (بارت )من رسم الملامح الاْساسية للنقد البنيوي ,ثانيا اْن الدال le signifie ليس الصوت بل اْنه المفهوم اْو التمثيل الذهني للمفهوم المرتبط بالاْشارة واْن المدلول le significant ليس المعنى بل هي الصورة الصوتية اْي التمثيل الذهني للشكل والخاصية المتريالية للاْشارة ,ثالثا اْذا ماكان المدلول يعني المعنى فماذا تسمي semantic ؟ خامسا اْن الكتابة الاْدبية تسمى بالكتابة الفنية لاْن لغتها هي لغة تتمكن من اْنتاج الاْشارات والرموز والخيال والاْيحاء ولا يمكننا اْيجاد هذه التاْثيرات في اللغة السطحية المكتوبة لكل نص اْدبي الا النص الذي يتسم بسعة الخيال والفكر اْي خلق افاق جديدة للقراءة ,فاْنت يا اْخي جعلت من قراءة النصوص بسيطة جدا بينما يرى بارت اْن ولادة القارىْ يعني موت المؤلف, اْن قوة النصوص ليست في فهم الدال والمدلول فيه فقط بل فهم قوته في خلق لغة اْخرى غير اللغة التي ينتجها الكاتب من خلال اْنتاج اْشارات جديدة,والمثال على ذلك , اْن رواية (الشيخ والبحر)لهمنغواي لا تريد اْن تحكي لنا الحياة البائسة لصياد ما, ليدين مجتمعات مرفهة اْخرى,بل تريد اْن تقول لنا (اْن الاْنسان يمتلك الاْمل الذي يجعله دائما مؤهلا للاْستمرار في الحياة و للصراع مع الطبيعة) ,اْن فهم النص من خلال المعاني السطحية التي تزودنا بها لغة النص هي قراءة غير منتجة وغير تذوقية.
اْخيرا اْنوه الى الحقيقة التي لم يركز عليها ولم يفكر فيها.وهو اْن جميع ما طرحتموه من نظريات اْعتبرتها نظريات تؤيد البعد المادي لتكوين الكون,هي نظريات اْفتراضية فقط ويعني ذلك اْنك بنيت كل طروحاتك على فرضيات نظرية لم تثبت بعد صحتها,فلا زال الثقب الاْسود نظرية اْفتراضية ولم يثبت اْو يكشف قط عن ثقب اْسود ,وكان الاْجدر اْن تتحدث لنا عن الفكر الماركسي اْزاء الكون والوجود ,فعلى الاْقل كان اْكثر واقعية,وبالرغم من تلك الملاحظات فاْن جهدك هو جهد كبير ويستحق كل الاْحترام والتقدير ويحتاج الى فراءات متعددة,
.
للاطلاع على الموضوع
والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التَّصوُّر المادي للكون....والنَّظريات الكوزمولوجية الحديثة. / جواد البشيتي
|
الفيسبوك
التويتر
اليوتيوب
RSS
الانستغرام
لينكد إن
تيلكرام
بلوكر
الموبايل