أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ياسين الحاج صالح في حوار مفتوح مع القراء والقارئات حول : اليسار والإسلام و... اليمين / ياسين الحاج صالح - أرشيف التعليقات - رد الى: إياد العبدالله - ياسين الحاج صالح










رد الى: إياد العبدالله - ياسين الحاج صالح

- رد الى: إياد العبدالله
العدد: 160840
ياسين الحاج صالح 2010 / 9 / 8 - 17:11
التحكم: الكاتب-ة

سلامات إياد
أشاركك الرأي بأن التنوير تحول إلى عنوان لإيديولوجية لا تعي ذاتها ولا تتساءل عن أسسها التاريخية والنظرية. الغرب الحديث تحول على يد إيديولوجيي التنوير إلى مصدر لوحي يأتينا من غيب متعال، وله بنية الوحي الديني نفسها، وإن سمى نفسه عادة -وعيا-. وتحولت الحداثة إلى مطلق لا يُساءل ولا ينتقد، أي بالضبط إلى مقدس. وفي تنازع المقدسات سوف يفوز المقدس الأرسخ والأغنى بالرموز والأكثف وجدانيا، أي المقدس الديني.
خلينا نفكر بالأمر على النحو التالي. المفاهيم يمكن أن تنتقل من ثقافة إلى أخرى، لكن الفهم لا ينتقل. والفهم عملية مركبة من التفاعل مع الواقع عبر الحواس ومن التمرس بتفاوتاته ومن تحويل الشعور المشوش به إلى مفاهيم منظمة، أو سكب الخبرة المختلطة في صور وقوالب تجعل منها معرفة وفنا وإدراكا منظما... هذا لم يحصل على نحو نسقي في ثقافتنا. افترضنا أن تقليد الأنوار أنوار بحد ذاته. لكن تقليد الأنوار تقليد، مثله مثل أي تقليد آخر.
وبالمثل في ميدان التشريع. القوانين تنتقل لكن الحقوق لا تنتقل. بل قد يؤدي نقل القوانين إلى التغطية على انعدام الحقوق. في أكثر بلداننا دساتير حديثة، لكن السكان قلما يتمتعون بحقوق قديمة أو حديثة. في المحصلة، كانت حداثتنا حداثة نواتج لا حداثة إنتاج، حداثة ثمرات لا حداثة استثمار، وحداثة عناوين ومظاهر لا حداثة عمليات وفاعلية إنسانية. وأعتقد أن المفكرين والمثقفين فعلوا ذلك، أعني جعلوا من أنفسهم مبشرين بالتنوير والحداثة من باب استمداد سلطة اجتماعية من هذه المذاهب الجديدة المرتبطة بالغرب المتفوق. وكذلك لأنهم أرادوا ضغط الزمن والانتقال السريع بمجتمعاتنا إلى مستوى المجتمعات الغربية المتقدمة. هذا اقتضى منهم جعل التنوير والحداثة مطلقات، لأن من شأن التشكك بها ونقدها أن يضعف فاعليتها التعبوية، ويفل تاليا من العزيمة التغييرية النافدة الصبر.
ورغم الظواهر، يبدو لي اليوم أن ثقافتنا قد تكون الأكثر حداثة في العالم، بمعنى الأكثر تقديسا للحداثة والأقل تشككا ونسبنة لها. ليس خافيا عني أن الإسلاميين يرفضون الحداثة ويعادونها، لكنهم يصدرون عن عقيدة للمطلق لا تؤثر على إيديولوجية الحداثة، ولا تمثل إسهاما في نقدها. وبالمثل يرفض الحداثيون المطلقون الدين رفضا برانيا، لا يمس في شيء بنيته ولا يضيئه من الداخل.
بالمقابل، هناك نقد واسع للحداثة في الغرب نفسه، وفي الهند...وهناك كما تعلم أدبيات وفيرة تتكلم على ما بعد الحداثة.
ليس المطلوب منا الانخراط الإيماني في ما بعد الحداثة، بل ممارسة قدر اكبر من التشكك في الحداثة وفي ما بعد الحداثة ذاتها. أن ننخرط في النقاش العالمي وأن تبقى أقدامنا على الأرض، هنا.
ولأن الحداثة إيديولوجيا ناجزة، فلن يكون للحداثيين غير تلقينها للقداميين. ولأن نجازها يجعلها منفصلة عن خبرة هؤلاء الأخيرين فإنهم لن يستوعبوها، الأمر الذي يبرهن للحداثيين أن هؤلاء القداميين متخلفون ومتعصبون وجهلة، وأنه ينبغي تقريعهم ومعاملتهم بقسوة. وهذه ذاتها هي بنية المذهب اللينيني في التنظيم المبني على -نقل الوعي من الخارج- إلى طبقة عاملة غارقة في مطلبيتها ونضالها الاقتصادي المفتت. والوعي المنقول من الخارج مكتمل، ويحمل علميته وثوريته في داخله أينما ذهب بصرف النظر عن المواقع والسياسيات الفعلية للحزب اللينيني. وتاليا الذاتية والمبادرة والفاعلية هي للوعي أو للنظرية وللحزب الذي يحملها، وليس بحال للطبقة العاملة ولا للجماهير التي تغدو موضوعا سلبيا للسياسة. وهو ما يؤسس للاستبداد.
بالمناسبة، -الإسلام- المذهبي الخاص بالإسلاميين هو أيضا علم مكتمل، لا يحتاج في شيء إلى خبرة وتجارب المسلمين العيانيين المنثورين أمام أعيننا. والسياسة الإسلامية هي تنزيل هذا العالم المكتمل على البشر الناقصين. وهي لا يمكن إلا أن تكون استبدادية لذلك.
المشترك في كل هذه الإيديولوجيات أنها مستغنية عن الناس الملموسين كذوات لها تاريخ وذاكرة وخبرة و-أنا- مستقل، وقادر على الاعتراض والمقاومة. الاستبداد المشترك بينها ينبع من هذا الخفض الأساسي للكائنات البشرية.


للاطلاع على الموضوع والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
ياسين الحاج صالح في حوار مفتوح مع القراء والقارئات حول : اليسار والإسلام و... اليمين / ياسين الحاج صالح




لارسال هذا التعليق الى شبكات التواصل الاجتماعية الفيسبوك، التويتر ...... الخ نرجو النقر أدناه






تعليقات الفيسبوك














المزيد..... - نكشة مخ (10) / عبدالله عطوي الطوالبة
- عصر الجليد، للكاتب الألماني تانكريد دورست / محمد عبد الكريم يوسف
- متطلبات إصلاح العملية السياسية الجارية في العراق ( 1 ) / آدم الحسن
- كيف نقرأ الأركيولوجيا الاسرائيلية الرافضة لتأريخية التوراة. / علاء اللامي
- علي بابا / طلال حسن عبد الرحمن
- قناع بِلَون السماء / رشيد عبد الرحمن النجاب


المزيد..... - حرب السودان.. كلفة اقتصادية هائلة ومعاناة مستمرة
- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- مفاجأة جديدة اليوم|.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 19 أبريل 2024 ...
- فرصة جديدة.. رابط التسجيل في منحة البطالة بالجزائر مع الشروط ...
- الرياض -تأسف- لعدم قبول عضوية فلسطينية كاملة في الأمم المتحد ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ياسين الحاج صالح في حوار مفتوح مع القراء والقارئات حول : اليسار والإسلام و... اليمين / ياسين الحاج صالح - أرشيف التعليقات - رد الى: إياد العبدالله - ياسين الحاج صالح