أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2007 -حجاب المرأة بين التقاليد الأجتماعية والبيئية والموروث الديني - نوال السعداوي - حجاب العقل.. أخطر















المزيد.....

حجاب العقل.. أخطر


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 1848 - 2007 / 3 / 8 - 12:48
المحور: ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2007 -حجاب المرأة بين التقاليد الأجتماعية والبيئية والموروث الديني
    


حين تنتقل عيناى من الصحف الحكومية الى صحف المعارضة أشعر كأنما أسافر من بلد الى بلد آخر.
مثلا المانشيتات والصور المنشورة عن جلسة مجلس الشعب 30 ابريل 2006 فى الصحف الحكومية توحى بأن الجلسة كانت هادئة، ووقورة، والأعضاء جالسون فى مقاعدهم يستمعون فى تركيز وانتباه، وأن أغلبية المجلس وافقت على مد حالة الطوارئ لمدة عامين.
لكن الصور والمانشيتات فى صحف المعارضة تصور لنا الفوضى التى سادت الجلسة، والأعضاء الحكوميين والمعارضين يتعاركون، صدورهم مغطاة بأوشحة سوداء مكتوب عليها لا للطوارئ، يهجمون على منصة فتحى سرور بأجسادهم وأذرعهم وأصابعهم الممدودة المصوبة الى المنصة كالمسدسات، أغلبهم من أعضاء الاخوان المسلمين، وأنا أختلف معهم فى أغلب شعاراتهم السياسية والدينية والثقافية والاجتماعية، كما أننى ضد استخدام العضلات والحناجر فى الحوار السياسى أو غير السياسى.
كما أختلف أيضا مع منصة فتحى سرور المهزوزة المتأرجحة ما بين التأييد الحكومى والتهاون مع الاخوان، واختلف ايضا مع أعضاء الأحزاب المعارضة، الذين جفت حلوقهم على مدى السنين مطالبين بإلغاء قانون الطورئ ثم إذا به يغيبون عن الجلسة المخصصة لهذا القانون!
هل أدركوا أن حضورهم كغيابهم، أو أن الغياب قد ينقذهم من الحرج أن يصبحوا فى خندق واحد مع الاخوان، أو فى خندق واحد مع الحكومة؟!
تكشف الأزمات دائما عن المواقف، وتتفجر عنها الحقيقة التى يحجبها الهدوء الزائف.
إن ما تفجر فى جلسة مجلس الشعب 30/4/2006 يكشف عن الخلل السياسى والثقافى فى بلادنا، وأعتقد أن هذا التفجر أشد خطورة من التفجر فى دهب أو شرم الشيخ، لأن قتل المئات بالمواد المتفجرة أقل خطورة فى رأيى من قتل ملايين العقول من الرجال والنساء والشباب والأطفال بالثقافة المضللة والإعلام الكاذب المراوغ، والعمل السياسى الهابط.
أما ما حدث فى المظاهرات والاعتصامات من ضرب وسحل واعتقال للشباب وبعض القضاة فليس إلا جزءا من الخلل العام، والانحدار السياسى والانسانى، وفقدان الاحساس بالعدالة أو المساواة بين المواطنين، بصرف النظر عن الطبقة أو المهنة أو النوع أو الجنس أو العقيدة أو غيرها.
وكان المفروض ألا يطغى تقديرنا لمهنة القضاء على إحساسنا بالعدالة والمساواة بين المتظاهرين سواء كانوا من الشباب غير المعروف أم من القضاة المعروفين، ونحن نعرف مدى القسوة التى يعامل بها رجال البوليس أفراد الشعب العادى، فما ان يدركوا انه ليس منهم، وأن له هوية أعلى ومهنة أرفع حتى يطلقوا سراحه!
مع انه بدون هذا الشعب العادى، بدون مساندة الملايين من الشعب لهذه المظاهرات محدودة العدد، فلن يكون هناك تغيير حقيقى فى بلدنا، وسوف يواصل البوليس ضرب الشباب وسحلهم، واجهاض أى عمل سياسى أو ثقافى أو اجتماعى.
لقد استطاعت المظاهرات فى فرنسا أن تهز الحكومة والدولة، وأن تجبرهما على تغيير القانون، أما عندنا فإن قانون الطوارئ لم يحدث له أى تغيير، وسوف يستمر عامين ثم يستبدل بقانون آخر أشد قمعاً اسمه قانون الارهاب!
هذا الخلل السياسى والثقافى وانخفاض الوعى العام والخاص، لدى القيادات النخبوية، المتأرجحة بين الحكومة والمعارضة، بين مصالح رجال الأعمال البزنيس وبين مصالح العمال والفقراء، بين مصالح الرجال وبين مصالح النصف الآخر من المجتمع النساء، وفصل قضية المرأة عن قضايا الديمقراطية والحرية والعدالة وحقوق الانسان.
أليست المرأة انسانة وقضاياها لابد أن تشملها حقوق الانسان؟!
إلا أن الخلل السياسى والثقافى والإعلامى، وعمليات التمويه الحكومية وغير الحكومية، الداخلية والخارجية، قد فرضت الحجاب على عقول الجميع رجالا ونساء، من فئة المثقفين والمثقفات أو من الفئات الأخرى، ولم يعد أحد يعرف شيئا مما يدور فى العالم، والعلاقة الوثيقة بين الداخل والخارج، الخاص والعام، والفتنة الطائفية فى العراق وفلسطين وأفغانستان بالفتنة الطائفية فى أحداث الاسكندرية الأخيرة، والتهويل من مخاطر البرنامج النووى الايرانى، والتعتيم على البرنامج النووى الاسرائيلى الأمريكى، والتجهيل الكامل بأسباب التفجيرات فى سيناء، هل هم أهل سيناء من البدو، أو التيارات الاسلامية الارهابية فى الداخل أو الخارج، أو اسرائيل وأمريكا أو غيرهما.
واذا تخبطت النخبة المثقفة المسيطرة على التعليم والثقافة والإعلام، وزادت كثافة الحجاب على عقولها جهلا أو خوفا أو مراوغة فماذا يكون الحال بالنسبة للرجال والنساء من الشعب؟!
اتصل بى تليفونيا أحد قادة الرأى العام فى مصر، وهو صديق قديم لى، كان يعاتبنى على مقال لى طالبت فيه بإلغاء دار الإفتاء فى مصر، بعد فتوى المفتى بتحريم التماثيل، وقال لى هذه قضايا فرعية، والمهم الآن التركيز على الفقر والبطالة وغياب الحريات! قلت له، وهل يمكن الفصل بين هذه القضايا والقضايا الثقافية والابداعية مثل فن النحت؟! ثم قرأنا فى الصحف عن هذه السيدة المنقبة التى أمسكت السكين وتسلقت السور لتدخل الى المتحف بالمطرية وتحطم بالسكين خمسة تماثيل وهى تصرخ: التماثيل حرام يا كفرة!
حين بدأنا إعادة تأسيس اتحاد نساء مصر اتصلت بى واحدة من قيادات المنظمات النسائية غير الحكومية أو النصف حكومية وسألتنى: هل للمرأة قضية والمرأة تعمل فى كل مكان بما فيها أعمال البيزنيس والسياسة والإعلام وكل شيء، المفروض أن نقدم مشروعات تنموية فى العشوائيات وأن نرفع شعار المواطنة!
وكأنما كل ذلك ينفصل عن قضية نصف المجتمع من النساء، وكأنما الفقر الاقتصادى منفصل عن الفقر الثقافى، وكلاهما منفصل عن القوى الخارجية الاستعمارية والقوى الداخلية الاستبدادية، والقوانين العامة والخاصة، بما فيها قانون الطوارئ وقانون الزواج والطلاق والنسب والحضانة وغيرها.
إن اضطهاد آلاف الأطفال فى بلادنا من جراء قانون النسب لا ينفصل عن اضطهاد الفقراء والنساء والأقليات الدينية أو الإثنية أو غيرهما.
يؤدى حجاب العقل الى الفصل بين هذه القضايا، مما يؤدى الى التجهيل أو الجهل السائد حتى بين أساتذة الجامعات من النساء والرجال، والفصل التعسفى بين القهر الطبقى والأبوى.
قالت لى إحدى الاستاذات الجامعيات المرتدية الحجاب إن كونداليزا رايس نموذج المرأة المتحررة، وكانت كونداليزا قد صرحت فى الصحف أن خطورة ايران النووية ليست على اسرائيل ولكن على جيرانها من البلاد العربية.
لقد صدقت الاستاذة هذا الكلام وراحت تردده عن لسان كونداليزا رايس معبرة عن إعجابها بها كامرأة!
أخطر من هذا أننى قابلت أستاذة مصرية متخرجة فى الجامعة الأمريكية، كانت تسبح بالمايوه البكينى فى حمام السباحة بالنادى، اعترضت طريقى وأنا أسبح إلى جوارها وسألتنى: إنتى نوال السعداوى؟ قلت: أيوه، قالت: إيه رأيك فى الست المنقبة اللى نازلة المية بالنقاب والجوانتى مع إن النهاردة هو اليوم المخصص للسيدات ومافيش راجل واحد فى الحمام!
وراحت السيدة ذات المايوه البكينى تحكى لى عن مهازل النقاب والحجاب، وعن الشابات اللائى يغطين شعورهن ويكشفن عن بطونهن فى البنطلون الجينز، ثم سألتنى فجأة: صحيح انتى بتطالبى إن المرأة تتجوز عشرة رجال؟! وسألتها: مين قال كده؟ قالت: جوزى، على فكرة هو متحرر وبيشجعنى على السباحة وكل حاجة، إلا الجواز من عشرة رجال! وكمان قال لى إوعى تكلمى نوال السعداوى لو قابلتيها فى النادى، أحسن بعدين تقنعك بآرائها الشاذة.
قلت لها: وهل ممكن تقتنعى بأن المرأة ممكن تتجوز عشرة من الرجال؟
قالت: جوزى بيخاف على من الفتنة!
ضحكت وقلت: إشمعنى عشرة ما ينفعش تسعة؟!
قالت: جوزى بيقول........
قلت: وبتصدقى الكلام الفارغ ده؟
قالت وهى تتلفت حولها فى خوف:
خايفة يشوفنى معاكى، هو اللى بيصرف على البيت والعيال وما عنديش ايراد بعد ما سبت شغلى وقعدت فى البيت، وكمان باخاف على جوزى، هو من رجال الأعمال، له مشاريع كتيرة مع الحكومة وأمريكا، وأخاف يضطهدوه.
أليس الحجاب المفروض على عقل هذه السيدة المثقفة المرتدية المايوه البكينى أخطر من النقاب المفروض على وجوه النساء






#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة العربية تعيش من أجل الجنس فقط و المسيار أفضل من الزوا ...
- د.نوال السعداوي: مصر لا تستحقني.. وأنا -قرفانة- من الجنس
- النساء ضحايا الاستغلال الاجتماعي
- المراوغة في فكر النخب المصرية السائدة
- ما يستحيل أن نعرفه ما يستحيل البوح به ،
- حروب ضد العقل يخوضها قتلة .. والضحايا نساء وأطفال
- هل كانت سيمون دوبوفوار متحررة ؟!
- من هن أقوى نساء العالم ؟
- أنا أفكر، إذاً أنا لا أصلح رئيس دولة!
- برنامج الدكتورة نوال السعداوي الانتخابى فى الترشيح لرئاسة ال ...
- الحوار المبتور عن المرأة والدين والسياسة
- الطيران فى الحلم
- إجهاض الثورة
- ورقة لم تقدم في مؤتمر المرآة والإبداع
- الباحثة عن الحب - أوراقى حياتى : الجزء الثالث
- من مفكرتى السرية عام 1947
- تضامن النساء
- نوال السعداوي في أكثر حواراتها اثارة تقول لـ- ايلاف-:أنا اهم ...
- قضايا المرأة إذ تتجلى في النهاية شأناً سياسياً
- تحرير المرأة ما بين مسلسل قاسم أمين وخطاب كولن باول... حداثة ...


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- اثر الثقافة الشرقية على المرأة والرجل / جهاد علاونه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2007 -حجاب المرأة بين التقاليد الأجتماعية والبيئية والموروث الديني - نوال السعداوي - حجاب العقل.. أخطر