أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود الصباغ - القذافي والأسد والشرعية السياسية و إدارة أوباما















المزيد.....



القذافي والأسد والشرعية السياسية و إدارة أوباما


محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)


الحوار المتمدن-العدد: 6377 - 2019 / 10 / 12 - 09:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الثالث من آذار- 3 مارس 2011 ، و في خضم الانتفاضة الشعبية في ليبيا، أوضح الرئيس باراك أوباما موقف إدارته من الوضع هناك بقوله: " لقد فقد معمر القذافي شرعية قيادة بلده وعليه أن يرحل"(1). وفي الأشهر التي تلت ذلك, وفي الوقت الذي عبر فيه العالم عن استنكاره للعنف الذي بادرت الدولة في سوريا إلى استخدامه ضد مواطنيها، وصفت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الرئيس بشار الأسد بعبارات مماثلة, فبعد ما تعرضت السفارة الأمريكية في دمشق لهجمات من مؤيدي الرئيس السوري قالت كلينتون إن حاكم سوريا "فقد شرعيته" (2)، وهو ما أعاد الرئيس أوباما التأكيد عليه في اليوم التالي. وهذا الموقف من الشرعية السياسية(3) الذي اتخذته الولايات المتحدة في كلتا الحالتين [ الليبية و السورية]،ضد نظام استبدادي يستخدم العنف ضد مواطنيه لم يتم التعبير عنه -وهو أمر مثير للاهتمام حقاً-عندما يتعلق الأمر بحكام تونس ومصر واليمن المخلوعين, فقد تأخرت الإدارة[ الأمريكية] في إظهار دعها للانتفاضة الشعبية في تونس ضد زين العابدين بن علي, كما دعت إلى عملية "انتقال"[ السلطة] في مصر، رغم عدم تشكيكها علناً بشرعية الرئيس حسني مبارك, بينما ساعدت على تسهيل خروج علي عبد الله صالح من اليمن دون التطرق إلى شرعيته. ولابد إزاء هذه المواقف [ المتناقضة] أن تواجهنا أسئلة من قبيل : كيف تتصوّر وتصوّر الإدارة [ الأمريكية] الشرعية السياسية؟ وما هي المعايير التي تقرر من خلالها ما إذا كان هذا الحاكم أو ذاك شرعي أم لا؟ وهل ثمة ثبات من نوع ما يحكم منطق وتطبيق هذه المعايير؟.
ونسعى هنا إلى معالجة هذا النوع من الأسئلة من خلال تحليل كيفية استخدام الإدارة [ الأمريكية] لمصطلح "الشرعية" في بياناتها المتعلقة بالانتفاضات العربية التي بدأت في كانون الثاني- يناير 2011. ونظراً لأن المصطلح استخدم علناً لدى الإشارة إلى النظامين الليبي والسوري فقط, فتحليل هذه البيانات سيركز هنا على هاتين الحالتين بصورة تامة. وقبل البدء بتحليل وجهات نظر إدارة أوباما حول هذا المصطلح, سأقدم بعض المعلومات الأساسية عن كيفية تصور مفهوم "الشرعية" في العلوم الاجتماعية، لا سيما في حقل العلوم السياسية, وبعد ذلك سوف أقوم بمراجعة شاملة لاستخدام إدارة أوباما لها المصطلح في سياق أحداث" الربيع العربي", مع التحليل الدقيق لهذا الاستخدام, كما سوف يلقي التحليل نظرة فاحصة على المنطق الداخلي لكيفية استخدام المصطلح، وكذلك كيف يتناسب هذا الاستخدام مع الإطار الأكاديمي الأوسع الوارد في القسم السابق, وأخيراً، سنختم ببعض الأفكار حول كيفية وجوب استخدام وعدم استخدام مصطلح "الشرعية" في مجال السياسة الدولية، لا سيما من منظور حكومة الولايات المتحدة.
تصور الشرعية السياسية
قد يكون من المفيد بدء النقاش حول مفهوم الشرعية من خلال تقديم معنى هذا المصطلح أولاً. حيث يعرّف "بروس جيلي" الشرعية بأنها "التمسك الشرعي بالسلطة السياسية وممارستها" ويندرج تحت تعبير الشرعية و الأحقية ثلاثة أبعاد أساسية" الشرعية و التبرير و القبول" (4). وقد وجد هذا المفهوم الثلاثي للمصطلح، كما يقول "جيلي" بعض الإجماع في إطار العلوم الاجتماعية(5). ويعتبر "رودني باركر"- بالرغم من تبنيه وجهة نظر متشابهة لكنها متميزة- أن الشرعية هي " الإيمان بشرعية الدولة في أحقية سلطتها بإصدار الأوامر، بحيث يتم إطاعة تلك الأوامر من قبل الأفراد لاعتقاد نظام الحكم امتلاكه السلطة الأخلاقية وليس بسبب الخوف أو لمصلحة الذاتية لأولئك الأفراد "(6). و يساعد كلا التعريفين على تحديد ما هو المقصود بالمصطلح, غير أنه يكشف أيضاً عن اختلاف على درجة من الأهمية يتمثل في كيفية استخدام المصطلح، وهو اختلاف يستحق البحث المتعمق هنا. وباتباع تحليل باركر، يتحدد موقفي في إمكانية تقصي التساؤلات حول الشرعية بطريقتين على الأقل قد تكونان في بعض الأحيان مختلفتين تماماً. في المقاربة الأولى, يمكن أن يطرح بشكل أساسي سؤالًا فلسفياً/ أخلاقياً: هل الحاكم أو الدولة يمتلكان الشرعية في دولة "يجب أن" تطاع فيها الأوامر، حتى في غياب الخوف أو المصلحة الذاتية؟ وتطرح المقاربة الثانية سؤالًا يشابه سؤال المقاربة الأولى ، ولكنه مختلف تمامًا: هل الحاكم أو الدولة يمتلكان الشرعية في دولة "يتم" إطاعة فيها الأوامر، حتى في غياب الخوف أو المصلحة الذاتية؟ السؤال الأول هو في الأساس سؤال معياري أو أخلاقي يطرحه فيلسوف يحاول تحديد "الأساس الأخلاقي للطاعة والعصيان" (7). وفي الوقت نفسه، فإن المطلب الثاني هو سؤال عملي (أو عملاني / وظيفي / قابل للملاحظة) يطرحه عالم اجتماع يهتم فقط ما إذا كان الادعاء بالشرعية يحظى بالقبول، وإلى أي درجة. مثل هذا الانقسام والتفرع واضح في التعريفين المذكورين أعلاه, فوفقاً لـ "جيلي" نقوم بالتحقيق المباشر فيما إذا كانت السلطة السياسية يتم ممارستها " بأحقية". وبحسب تعريف "باركر"، نحن نبحث عن الإيمان بصحة الدولة. وبالتالي يكون تعريف "جيلي" ضرورياً حين يستلزم استجابة معيارية / أخلاقية(8). أما بالنسبة لباركر فلا يوجد حكم معياري للحاكم أو لشرعية الدولة. بدلا من ذلك، يتعلق لسؤال فقط فيما إذا كان الناس يعتقدون أن هذه القاعدة مشروعة أم لا. من الواضح أن تأطير باركر للشرعية هو من النوع الثاني، وينبع من المقاربة العملية (أو العملاني / الوظيفي / الملحوظ) للتحقيق في الشرعية. يمكن للمرء تلخيصها بهذه الطريقة: تعتبر الاستفسارات حول الشرعية بحد ذاتها معيارية بالضرورة، في حين أن الاستفسارات حول تصورات الشرعية هي تصورات عملية. بالطبع، لا يعد أي من هذين النهجين أفضل من الآخر بالضرورة، حيث إنهما يطرحان أسئلة مختلفة بشكل أساسي. وبالتالي، كل طرح له قيمته بطريقته الخاصة.
في حين أن هذا الإطار الثنائي هو إطار مهم سيتم الرجوع إليه في أي مكان آخر في هذا البحث, فإنه تجدر الإشارة أيضًا إلى أنه على الرغم من وجود اختلاف بين المقاربتين فإن الأولى تدل على الثانية في الغالب. أي أن الواقع على الأرض يعكس غالباً الاعتبارات الأخلاقية. ويمكن للفيلسوف، على سبيل المثال، أن يبرهن على أن الحاكم غير شرعي إذا كانت سلطته لا تستمد من موافقة المحكوم. ولكن من الصحيح أيضًا أن ندرة المؤسسات الديمقراطية يمكن أن تسبب أذىً لشرعية الحاكم المتصورة بين الناس. وبالتالي، غالبا ما يكون هناك قدر كبير من التداخل. ولكن يبقى، مع ذلك، أن النهجين مختلفين من الناحية النظرية، ويتم التعامل معهما هنا وفقاً لاختلافهما هذا.
وفي ظل ترسيخ فكرة عامة عن ماهية الشرعية السياسية وكيف يمكن تصورها، أصبح من المناسب الآن مراجعة أسس الشرعية - أي ما يجعل الحاكم أو الدولة شرعية. مرة أخرى، تصبح أهمية الإطار الثنائي واضحة: غالباً ما تختلف قواعد الشرعية المعيارية عن أسس الشرعية العملية. فقد برز على سبيل المثال من هوبز إلى هيغل مفهوم" الموافقة و القبول باعتباره المبدأ الرئيسي للشرعية السياسية" (9) ولايزال يشكل اليوم جزءً أساسياً من العديد من مفاهيم الشرعية الشعبية والأكاديمية على حد سواء التي يذكرها "جيلي" كما رأينا إلى جانب الشرعية والتبرير كأحد الأسس الثلاثة للشرعية. ومع ذلك، فإن العديد من الأنظمة غير الديمقراطية في العالم تحتفظ على ما يبدو بدرجة كبيرة من الشرعية الشعبية, وبالتالي يمكن اعتبار الموافقة جزءً جوهرياً من الشرعية المعيارية, ولكنها ليست على الدوام مكوناً ضرورياً للشرعية العملية و القابلة للملاحظة. قد يصدف أن تعتمد شرعية الحاكم، وبالتالي متانة الدولة على المدى الطويل، على موافقة عدد قليل من النخبة، كما يتوقع ويبر(10). تماما مثلما يكون الاهتمام في تحديد الشرعية السياسية باعتباره مفهوم لا يزال موضع نقاش(11).
في حين أن النهج المعياري الثلاثي الجوانب الموضح أعلاه قد يكون مقنعاً من منظور معياري، فلابد الإشارة باختصار إلى عدد قليل من المصادر الأخرى التي قد تحسن شرعية الحاكم في نظر شعبه (أي بشكل عملي إيجابي، ومؤثر). أحد البدائل المقنعة لسردية الشرعية- التبرير - القبول، لا سيما في سياق العالم العربي، هو فكرة أن شرعية الدولة تعاني عندما يتعرض توفير السلع المادية للسكان للخطر (12). وقد لعب هذا البديل السردي دوراً في الثورة المصرية حيث امتزجت النداءات المطالبة بالحرية بنداءات تطالب بالخبز" العيش" و العدالة الاجتماعية. ورغم هذا , فما يثير الاهتمام هنا عدم تركيز إدارة أوباما على اتهامها لأي دولة عربية بفشلها في توفير السلع للعناصر الأكثر تهميشًا في المجتمع, وبدلاً من ذلك، كما تم توثيقه في القسم التالي، أشارت الإدارة إلى عوامل أخرى مثل القوى الدافعة وراء فقدان هذه الأنظمة لشرعيتها. ربما يكون هذا لأن مثل هذه السردية كما هي إنما تُشتق في كثير من الأحيان من منظور ماركسي، قد تزعزع أي إدارة تقع تحت ضغوطات إصلاحات صندوق النقد الدولي، والتي تتضمن أحيانًا توصيات بتخفيض الدعم [الحكومي] وتبني سياسات سوق أكثر انفتاحاً, في حين أن توفير المواد هو أحد المصادر المهمة للشرعية العملية، فهناك الكثير والكثير غيرها, و يقدم "جيلي" فصلاً كاملاً عن مصادر الشرعية(12), ويقدم في الواقع ترتيباً للعوامل التي ترتبط ملياً بصورة أكبر مع الشرعية التي يمكن ملاحظتها كما يتصورها على صعيد المفاهيم (14), ويشير في أعلى القائمة التي تشير إلى العلاقة لوثيقة بالشرعية إلى مقاييس “الحكم العام" و "مستوى الدخل" و "المساواة بين الجنسين" و "مستوى الرفاه" و "الحكم الاقتصادي". وفي الوقت نفسه، يتم العثور على عدد قليل من العوامل التي لها علاقة ضئيلة أو معدومة بالشرعية: "التجانس الديني، "القومية"، "حجم السكان والنمو". . لكن دقة نظام القياس هذا تعتمد على مصداقية الآليات المستخدمة لقياس الشرعية الشعبية والعملية. يصنف “جيلي" "مؤشرات الشرعية" هذه في مجموعتين: المواقف والإجراءات(15), ومن بين المواقف المتنوعة تظهر استطلاعات الرأي التي تقيس الأداء المتصوَّر للدولة و للموظفين الحكوميين, في حين تتضمن الإجراءات قائمة أكثر تنوعًا من الظواهر الاجتماعية، مثل "الالتزام بالقانون" و "المدفوعات الضريبية" و "الاعتماد على المساعدات الخارجية أو الدعم العسكري" و "نسبة المشاركة في الانتخابات". ويشكك "جيلي" -عن طريق تسجيل وتحليل هذه الأنواع من المؤشرات بعناية-،في إمكانية أن يتمكن عالم الاجتماع من توفير "درجة شرعية" تقريبية للدول. يقوم “جيلي" بالفعل بهذا من خلال تعيين قيمة عددية، بمقياس من 0 إلى 10 لحوالي 72 دولة(16) مكوناً طيفاً من الدول الأكثر شرعية إلى الدول الأقل على الترتيب وتتصدر الدنمارك والنرويج قائمة هذه الدول في حين تتذيل روسيا ثم الباكستان ترتيب القائمة كأقل الدول شرعيةً. ما الذي يمكن أن يقال أمام هذه المحاولة الطموحة لتقدير شرعية الدول؟ ثمة أمرين يمكن التحدث بشأنهما هنا: أولاً، ينبغي الترحيب بجهود جيلي، طالما أن الغرض منها تحديد الشرعية العملية وليس المعيارية. أي أن الهدف النهائي لمثل هذا البحث يجب أن يكون تحديد كيف يتصور سكان بلد ما شرعية الدولة، وليس مدى شرعية الدولة بالفعل. لكن بعد السماح بهذا التحذير، أعتقد أن مثل هذه الدراسات مفيدة. لكن النقطة الثانية هي أن نضع في اعتبارنا أن هذه الجهود هي مجرد تقديرات. بمعنى أنه يمكن للقيمة العددية أن تكون خادعة إلى حد ما، لأنها تميل إلى الإشارة إلى درجة عالية من الدقة. ولكن من الواضح أن هذا ليس هو الحال، لأن التصنيف الكمي يتعارض أحيانًا مع التحليل النوعي.ففي قائمة "جيلي" ثمة ست دول شرق أوسطية (باستثناء باكستان)، وهي مصنفة بالترتيب التالي، مع الترتيب العام (من 72 دولة) ودرجة الشرعية (على مقياس من 1 إلى 10): المغرب (32 ، 5.25 )؛ مصر (40 ، 5.01) ؛ الأردن (41 ، 4.99) ؛ إيران (44 ، 4.72) ؛ الجزائر (48 ، 4.48) ؛ وتركيا(62 ، 3.39). ينبغي أن تكون أوجه القصور في هذا الترتيب الإقليمي- ناهيك عن القيم الـ 66 الأخرى- واضحة في وقت نشرها (2009)، وهي أكثر وضوحاً بعد الانتفاضات العربية في أعوام 2011-2012. إن أكثر البيانات إثارة للدهشة، هو أن تركيا أقل شرعية تقريباً من مصر. قد يكون هذا مثيراً للحيرة في العام 2009 ، لكنه لاشك سيبدو أمراً سخيفاً حقاً في العام 2012 وذلك عندما يتحدث الكثير من المصريين عن "النموذج التركي" كنظام مثالي للحكم في حقبة ما بعد مبارك(17).
ولكن بدلاً من التشكيك في التصنيف الذي حصلت عليه مصر، يقف جيلي متمسكًا ببياناته، قائلاً إن مصر وغيرها من الدول ذات التصنيف المثير" تبدو في وضعية جيدة إلى حد ما من منظور الشرعية الشعبية. و الكتاب التي خلقت صورة قاتمة حول أسباب أزمة الشرعية في هذه البلدان قد تكون أسباباً في البحث عن المؤثرات" (18). وعلى الرغم من أن أحداث العام ونصف العام الماضية أكدت موثوقية هذه التصنيفات، فإن المنهجية التي يتم الحصول عليها بها أيضا إشكالية. كيف يمكن على سبيل المثال تقصي المواقف السياسية في بلدان مثل المملكة العربية السعودية أو سوريا؟ هل يشير الافتقار إلى المظاهرات في دولة بوليسية إلى مستوى أعلى من الشرعية الشعبية، حتى عندما يلعب الخوف دوراً واضحاً في بعض هذه العوامل؟ هناك الكثير مما يمكن قوله حول هذه القضايا، لكن يكفي أن نلاحظ هنا أنه على الرغم من أن نتائج الشرعية المحددة لا يمكن الوثوق بها تماماً, فإن درجات الشرعية الكمية لا تعكس الواقع دائماً بشكل صحيح. و بالنظر إلى أوجه القصور الخطيرة هذه , هل نستنتج أن الدراسة الأكاديمية للشرعية تعد محاولة غير مجدية؟ أعتقد أن "جيلي" كان محقاً عندما طرح أنه لا ينبغي لتعقيد المصطلح وغموضه أن يكون رادعاً لدراسته(19). ومثل هذا الاستنتاج صحيحاً لاسيما عندما ننظر إلى أهمية الشرعية في المجال السياسي, حيث تسعى كل دولة ,حتى تلك التي تعد أكثرها قمعيةً, إلى أن ينظر إليها على أنها دول شرعية بين موطنيها ( أو على الأقل بعض شرائحها) (20). وكما سوف يتطرق إليه بوضوح في القسم الثاني هنا, يلعب مصطلح الشرعية دوراً لا يمكن إنكاره في الخطاب الدولي السياسي, وبالتالي في حين قياس الشرعية يعد بطبيعتها مهمة تأملية , فهي مبررة حقاً وإن كانت ذات مؤهلات.
وكما ذكر في مقدمة البحث, توصلت إدارة أوباما في النهاية إلى استنتاجات حول شرعية معمر القذافي و بشار الأسد, ولكن لم تصل هذه الاستنتاجات إلى حد التصريح عنها ضد الأنظمة الأخرى التي اجتاحتها الانتفاضات العربية خلال العام ونصف العام الماضيين. وفي أعقاب التصريحات الرسمية الأولى التي نددت بشرعية القذافي( 3 آذار-مارس 2011) و الأسد ) 12 حزيران-يونيو 2011) , ظهر مصطلح[ الشرعية] عشرات المرات في مختلف الوسائط: الخطب والمؤتمرات الصحفية والنشرات الصحفية والمقابلات. وفي حين عمدت الإدارة إلى استخدام لغة أخرى لوصف الأنظمة المعنية، فإن مصطلح "الشرعية" يتكرر بهذا التواتر، وفي ملاحظات مجموعة متنوعة من المتحدثين، يبدو أنه تم تكريسه كمبدأ مركزي عن كيفية تصور البيت الأبيض للانتفاضة الليبية و الانتفاضة السورية, ومنذ شباط- فبراير 2011 ، تم استخدامه عشرات المرات من قبل المسؤولين في الإدارة لوصف النظامين الليبي والسوري. في حين أن الغالبية العظمى من البيانات الرسمية حول هذه القضية جاءت من متحدثين رسميين في الإدارة، وعلى الأخص المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني، فمن المهم الإشارة إلى أن كل من الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية كلينتون قد سجلوا شجبهم لشرعية القذافي والأسد. معظم التعليقات الرسمية حول القضية أساسية إلى حد ما وتؤكد فقط موقف الإدارة من أن هؤلاء الحكام قد أهدروا بالفعل أي شرعية قد يتمتعوا بها. ولكن في بعض الأحيان يتم توسيع هذا الامتداد السلس -غالباً، ولكن ليس دائماً، بعد أن يستحثه المراسلون الفضوليون - ويتم الكشف عن السبب وراء التعيين. وبالتالي ، سيركز هذا التحليل بشكل أساسي على تلك التصريحات واللقاءات التي تلقي الضوء على تفكير إدارة أوباما بخصوص هذه القضية.
في اليوم الأخير من شباط-فبراير 2011 ، قبل أيام فقط من إدانة الإدارة رسميًا لنظام القذافي ووصفه بأنه غير شرعي، قال مساعد وزير الخارجية ب. ج. كراولي: "هناك بعض المعايير القانونية المحددة التي نمر بها لو كنا نفكر في إلغاء الاعتراف بالحكومة الليبية كحكومة"(22). للأسف، كما يوضح هذا القسم، هذه المعايير ليست بالضرورة واضحة ومتسقة, بل بالأحرى يبدو أن هناك بعض المعايير التي استخدمتها الإدارة لشرح مواقفها من مسألة الشرعية, ويتكرر بصورة متواترة على ما يبدو في جميع بيانات الإدارة حول هذه المسألة معيارين أساسيين لتحديد ما إذا كان أي نظام غير شرعي من منظور الولايات المتحدة (23):
أ) الاستخدام غير المبرر للعسف ضد الشعب
ب) عندما يفقد النظام شرعيته بنظر شعبه.
وبالتالي، سيتم تخصيص القسم التالي في الغالب لتفصيل وتحليل منطق الإدارة وراء كل معيار من هذه المعايير. تجدر الإشارة إلى أن هناك فرقاً واضحاً بين هذين النوعين من التفكير: يمكن اعتبار استخدام النظام للقوة أمراً لا يمكن الدفاع عنه من قبل الولايات المتحدة (حكم معياري)، ومع ذلك قد يظل النظام متمسكاً - أو على الأقل يبدو أنه عقد- الكثير من الشرعية بين الناس (ظاهرة عملية يمكن ملاحظتها). ومع ذلك، حاولت الإدارة في بعض الأحيان سد الفجوة بين هذين المعيارين وفي نهاية هذا القسم سوف يتم تسليط الضوء على تلك المحاولات التي قامت بها الإدارة في أعقاب شرح للمبررين الرئيسيين.
العسف غير المبرر
بينما لم تعلن الإدارة رسمياً عن عدم شرعية القذافي حتى الثالث من آذار- مارس 2011، كانت هناك مؤشرات على أن هذا القرار كان في الطريق. فخلال مكالمة هاتفية مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في 26 شباط-فبراير، قال أوباما، في سياق الانتفاضة الليبية، إنه "عندما تكون وسيلة الزعيم الوحيدة للبقاء في السلطة هي استخدام العنف الجماعي ضد شعبه، يكون قد فقد شرعية الحكم وعليه القيام بما هو الصواب لبلاده من خلال التخلي عن السطلة حالاً "(24). يبدو أن هذا مبدأ واضح يحتفظ به الرئيس. وتكرر فرضيته هذه في مكان آخر. ففي نقاش أجري في آب- أغسطس 2011 مع الصحفيين على متن الطائرة الرئاسية، بدا المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني أنه يطبق هذا المعيار لإدانة نظام الأسد. على الرئيس الأسد وقف العنف المنهجي والاعتقالات الجماعية والقتل المباشر لشعبه. لقد ظهر من خلال أفعاله أنه فقد شرعيته في الحكم، وليس لدى الرئيس أي شك في أن سوريا ستكون في وضع أفضل بدونه ", (التأكيد مضاف)(25). مرة أخرى، يعتبر الأسد حاكماً غير شرعياً بسبب أفعاله , فما قام به الأسد يكذّب ادعائه للشرعية. ويكرر كارني هذه النقطة في مؤتمر صحفي في كانون ثاني-يناير 2012 ، عندما يقول إن "الأسد فقد شرعيته منذ فترة طويلة بسبب العنف البائس الذي ارتكبه بحق شعبه"(26). ومرة أخرى، يكون العنف هو سبب تقويض الشرعية. و في حين أن هذه هي أكثر التصريحات المباشرة التي أدلت بها الإدارة والتي تساوي بين العسف غير المبرر واللاشرعية، إلا أن هناك تلميحات أخرى لهذا المبدأ يمكن ملاحظتها من كلام كارني نفسه في مؤتمر صحفي في كانون أول-ديسمبر 2011 ، يبدو فيه أنه يربط "حملة" نظام الأسد و "ما يحدث في ذلك البلد" بعدم شرعيته(27) . وخلال مؤتمر صحفي آخر في تشرين لثاني-نوفمبر 2011، يقول كارني، "ما هو واضح أن الرئيس الأسد قد فقد شرعيته للقيادة. لقد قام بعمل وحشي ضد شعبه. وندعو هذا النظام إلى وقف أنواع الأعمال العنيفة ضد السوريين الأبرياء, مرة أخرى، نحن أمام عزلة واسعة لسوريا بسبب سلوك النظام... (كذا) "(28) . ثمة مثال أخير على كيفية تطبيق إدارة أوباما لهذا المعيار نلاحظه من مؤتمر صحفي عقد في حزيران-يونيو 2011، عقب إعلان المحكمة الجنائية الدولية إصدارها أمر اعتقال بحق معمر القذافي، وابنه سيف الإسلام، ورئيس المخابرات عبد الله السنوسي. كان رد كارني على الخبر حين وصفه بأنه "مؤشر آخر على أن معمر القذافي فقد شرعيته. نحن بالتأكيد نعتقد أنه في مواجهة حجم وخطورة الجرائم الكبيرة التي ارتكبها، لابد أن يكون هناك عدالة ومساءلة ، ويؤكد قرار المحكمة على مخاطر وأهمية جهود التحالف في ليبيا"(29). من جديد نجد أنفسنا أمام صلة بين استخدام الحاكم للقوة وشرعيته السياسية. فما الذي يمكن فعله حيال هذا الموقف المتمثل في أن العسف غير المبرر يؤدي إلى فقدان الشرعية؟ الموقف لا يمكن الدفاع عنه تماما. إذا نظر المرء إلى قدرة الدولة على الاحتفاظ بالسلطة كمزيج من الشرعية الشعبية والتعسف (30)، فقد يشير الاعتماد المفرط على العسف إلى تضاؤل الشرعية الشعبية. من الناحية المثالية، ستكون الشرعية وحدها كافية لضمان دعم الأفراد (أو على الأقل طاعتهم ). ومع ذلك، لا ينظر إلى هذا الدعم كاحتمال واقعي، حيث يلزم على الأقل درجة ما من العسف للحفاظ على النظام. ولكن بعد السماح بهذا , يحق للدولة استخدام العسف في بعض الحالات على الأقل، ولكن تظل هناك بعض الصعوبات: متى يكون التعسف الذي تقره الدولة مناسبًا أو مشروعًا، ومتى يكون ببساطة مجرد عنف وسطو؟ علاوة على ذلك، إلى أي مدى تتعرض شرعية الدلة للخطر عند استخدامها للعسف غير المبرر؟ من المؤكد أن البيان الأول للرئيس أوباما في بداية هذا القسم يبدو منطقياً، عدم القبول باستخدام العسف بطريقة غير شرعية. ولكن في حين أن العسف يمكن ملاحظته وقياسه، على الأقل في بعض الحالات، فإن الأمر لا ينطبق على الشرعية. وهكذا، كيف يمكن للمرء أن يقول أن حكم النظام يعتمد كليا على العسف- وليس على الشرعية على الإطلاق- عندما لا يمكن قياس الشرعية بدقة (لا سيما في الدول القمعية وأثناء الأزمات)؟وهنا يصبح ما أتى به "باركر" صحيحاً بقوله إن العسف المؤثر "يجب أن يكون مرعباً أو يكون شرعياً"(31).
لكن كيف يمكن للمرء أن يقول الفرق؟ يرى الكثيرون في سوريا أن كفاحهم ضد القوات الحكومية مشروع ، بسبب حملة الإرهاب الواسعة الانتشار التي ترعاها الحكومة. ومع ذلك، لا يزال هناك جزء كبير من الشعب السوري يبدو أنه يعتقد عكس ذلك فينظر إلى الثوار على أنهم إرهابيون، بمعنى مشروعية رد فعل الحكومة على عنفهم. وبالتالي، يمكن أن تكون هناك صعوبة في تحديد ما إذا كان عسف الدولة مشروعاً أم لا. و يمكن هنا تشكيل صيغ محددة (مثل تشريعات حقوق الإنسان) التي تصف الفرق بين العسف المبرر والعسف غير المبرر بما يساعد في تحديد شرعية عسف الدولة. ولكن الأمر الأكثر صعوبة هو تحديد مستوى العسف غير الشرعي الذي يجب أن يتبعه الحاكم / الدولة قبل أن يفقد هو-هي شرعيته-شرعيتها. ومن بين أشد الصعوبات سيكون التطبيق العالمي لهذا المعيار دون تمييز؛ ولا يبدو هذا هدفاً واقعياً لرجل الدولة بل هو في الحقيقة أمام واقع غير مريح يتم استكشافه بشكل أكبر في الفصل الختامي. ومع ذلك، فإن معيار العسف غير المبرر هذا لم يكن العامل الوحيد الذي أوجدته الإدارة لشرح مفهومها للشرعية السياسية.
لا شرعية بين الشعب
في تشرين الثاني- نوفمبر 2011 ، ألقى الرئيس أوباما خطاباً أمام البرلمان الأسترالي لمدة نصف ساعة تناول فيه مجموعة واسعة من القضايا من بينها الشرعية التي تطرق لها في نهاية حديثه بقوله: " هذه ليست حقوقاً أمريكية أو حقوقاً أسترالية أو حقوقاً غربية. هذه حقوق الإنسان. إنها تثير كل روح، كما رأينا في الديمقراطيات التي نجحت هنا في آسيا. نماذج أخرى تمت تجربتها وفشلت- الفاشية والشيوعية حكم لفرد وحكم اللجنة[ لجنة الحزب يقصد]. وفشلوا لنفس السبب البسيط: لأنهم يتجاهلون المصدر النهائي للسلطة والشرعية - إرادة الشعب"(32). ومهما كانت أسس الشرعية الأخرى، فليس لها أهمية في النهاية, فالأمر المهم أن يتوافق النظام يتوافق مع "إرادة الشعب" وعندها سيحصل على شرعية حقيقية. وبالتالي، قد يفترض المرء أن الحاكم الذي يحتفظ بالسلطة بصرف النظر عن إرادة الشعب لا يمتلك مثل هذه النوعية العالية من الشرعية. في العديد من تصريحات الإدارة بشأن عدم شرعية نظامي القذافي والأسد، هذا المبدأ هو المبدأ التوجيهي: إذا كان النظام لا يتمتع بشرعية شعبية بين شعبه، فلن يكون لديه شرعية رسمية في واشنطن.
بشكل عام، هذا هو التبرير الأكثر استخداماً لدى الإدارة- عندما يتم تقديم التبرير، أي التخلي عن شرعية النظامين الليبي والسوري. حتى عندما تتم الإشارة إلى الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والاستخدام غير المبرر لعنف الدولة، فغالباً ما يكون هناك (في أكثر من عشرة ظروف) ذكرًاً "للشعب" ومشاعر الرفض (وغالباً ما تكون أسوأ) التي يحتفظون بها بسبب النظام الحاكم. مرة أخرى، يبدو أن هذا يشير إلى أن هذا المبدأ متضمن في نهج الإدارة تجاه الانتفاضتين الليبية والسورية.
في حديثه أمام لجنة فرعية تابعة لمجلس النواب في أيار-مايو 2012 ، أكد مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، جيفري فيلتمان، هذا الموقف في جلسة استماع حول الشرق الأوسط. "يجب على الحكومات القديمة والجديدة أن تدرك الطموحات المشروعة لشعوبها وأن تستجيب لها إذا ما أرادوا الاحتفاظ بشرعيتهم في الحكم"(33). في أحد تعليقات الإدارة الأولى على شرعية القذافي، قبل أسبوع تقريباً من إعلان أوباما الرسمي حول هذه القضية في أوائل شهر آذار-مارس، قال الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني إن "شرعية الحاكم الليبي قد تقلصت إلى الصفر في نظر شعبه"(34). وأكد كارني خلال المؤتمر الصحفي نفسه أن مصير القذافي "مسألة تعود للشعب الليبي المخول في اتخاذ أي قرار بشأنها "، وأنهم قرروا بالفعل أن أفعاله" غير مقبولة على الإطلاق ".
في حين أن هذه المقاربة تبدو معقولة بما فيه الكفاية، إلا أنها تتضمن أيضاً بعض المشاكل الحقيقية، التي يتعرض لها المراسلون الفضوليون أحياناً. ففي الثاني من حزيران-يونيو 2011 ، وأثناء لقاء بين مراسل لم يكشف عن اسمه والمتحدث باسم وزارة الخارجية، مارك تونر، يسلط الحوار الضوء على الغموض في مثل هذه المقاربة(35).
سؤال: نعم. أريد أن أعود إلى البيان الذي أدلت به وزيرة الخارجية حول شرعية ما يجري، إن لم تكن[ هذه الشرعية] قد انتهت , أو تقريباً انتهت , عند أي حد يمكن القول أنها انتهت؟
السيد تونر: مرة أخرى ، أعتقد أن هذا أمر يقرره الشعب السوري.
سؤال: حسناً، ولكن يمكنكم اتخاذ موقف، فيما إذا كان ... فقد شرعية القيادة. ... لماذا لا زلتم تقولوا أن النافذة أغلقت؟ أقصد، عند أي حد أغلقت النافذة؟
السيد تونر: مرة أخرى ، الأمر متروك للشعب السوري ليقرر متى فقد شرعيته. وأعتقد أنه بالنظر إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية خلال الأسابيع الماضية، فهي لن تؤدي إلا إلى زيادة عزلتهم وتجعل من المستحيل عليهم اتخاذ أي نوع من الإصلاح الهادف الذي من شأنه أن ينهي هذه الأزمة بأي شكل من الأشكال.
سؤال: إذا كان الأمر متروكاً للشعب السوري ليقرر متى لم يعد الرئيس الأسد حاكماً شرعياً، هل تقترح إذن أن الأشخاص الموجودين في شوارع دمشق لا يمثلون غالبية السوريين؟ هل هم أقلية فقط يتظاهرون ضد الحكومة؟
السيد تونر: لا، أنا أعتقد أننا نبحث عن- أنظر، مرة أخرى، هذا- يجب أن يكون عبء على الحكومة السورية تعمل الولايات المتحدة بجد مع شركائها الدوليين لممارسة ضغوطات من شأنها أن تشجع أو تجبر الأسد وحكومته على إجراء نوع من الإصلاحات، و وقف العنف، والدخول في حوار مثمر مع المعارضة.
الأسئلة التي طرحها الصحفي لها فاعلية معينة: ما هي نقطة التحول في الشرعية؟ ماذا يعني الحديث عن "الشعب السوري"؟ كيف “يقررون" شرعية حكومتهم؟ هذه أسئلة مخترقة وهامة قوبلت بردود غير كافية.
حدث لقاء صحفي آخر حول موضوع الشرعية الشعبية في منتصف تموز-يوليو 2011 ، عندما سأل مراسل لم يذكر اسمه الوزيرة كلينتون عن إيمان إدارة أوباما بمبدأ "الشعب كمصدر للشرعية"، ولكن من زاوية غير متوقعة(36).
سؤال: ... قال رئيس جامعة الدول العربية الجديد نبيل العربي أن- من سوريا لا يمكن لأحد أن يسحب شرعية القائد لأن الأمر يعود للشعب. ما هو ردكم على ذلك؟
الوزيرة كلينتون: حسناً، لقد أجرينا، كما قد تحزر، عددًا من المناقشات اليوم مع زملائنا حول سوريا. أعتقد أننا جميعا نتشارك في نفس الرأي، وهو أن ما نراه من نظام الأسد مجرد وابل من الكلمات و وعود كاذبة واتهامات, وهذه الأشياء بدورها, لا يمكن ترجمتها كطريق يدفع الشعب السوري نحو الأمام. وفي نهاية المطاف، يقع على عاتق الشعب السوري مسؤولية اختيار وتخطيط مساره الخاص. لقد قلنا إن سوريا لا يمكنها العودة إلى ما كانت عليه من قبل، وأن الأسد فقد شرعيته في نظر شعبه بسبب حملته الوحشية، بما في ذلك اليوم. وقد قلنا، مع كثيرين آخرين في المنطقة وخارجها، أننا نؤيد بقوة الانتقال الديمقراطي. لكننا ندرك جيداً أن المصير النهائي للنظام السوري والشعب السوري يقعان على عاتق الشعب نفسه.
الجزء المثير من السؤال هو أنه يسأل الإدارة لماذا لا تتبع موقفها من خلال السماح للشعب السوري أن "يقرر" مسألة شرعية الأسد من تلقاء نفسه. الإجابة في الواقع لا تحل المشكلة. تدرك الوزيرة كلينتون أهمية ترك الشعب السوري أن يقرر، من الناحية النظرية، لكنها لا تحاول بالضرورة التوفيق بين هذا وبين الواقع الذي يتطلب استنتاج قدر كبير من التفسير، من أجل استنتاج ما قرروه بالضبط. وهذا يعني, إذا ما كان "الشعب السوري" قد قرر بالفعل، فكيف يمكننا إذن أن نعرف ما هو قرارهم؟
ربما كان أكبر جواب على هذا المبدأ قد حدث خلال مؤتمر صحفي عقد في نيسان- أبريل 2011 مع جاكي سوليفان، مدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية(37) . بعد مرور أكثر من شهر على إعلان الإدارة بأن نظام الأسد غير شرعي، تم طرح عدة أسئلة حول الشرعية كان على سوليفان التعامل معها و الإجابة عليها.
سؤال: لقد كان الأمر متروكاً أيضاً للشعب التونسي، وكان الأمر كذلك - متروكاً أيضاً للبحرانيين، وكذلك الحال لليمنيين. ولكن في حالة ليبيا، قلت إن على القذافي أن يرحل. وإذن لا يبدو أن الأمر متروكاً للشعب الليبي- أنت لم تقل أن الأمر متروك للشعب الليبي. بل عليه[ أي القذافي] أن يرحل , هذا ما تظن, لماذا لا تعتقد الأمر ذاته ينطبق على الأسد بسبب ما قام به، وخاصة في درعا في اليومين الأخيرين- وهو ينافس في أفعاله كل ما قام به القذافي- لماذا لا يزال يعطى فرصة- لماذا لا زلتم تمنحوه فرصة؟ لماذا هو- لماذا لم يحن الوقت لكي تخرج وتقول، كما قال المتحدث السابق باسم هذه الوزارة هذا الصباح، إن الأسد فقد شرعيته الآن وعليه أن يرحل ؟
السيد سوليفان: أعتقد أن ما يمكنني أن أضعه أمامك هو الموقف الواضح والحاسم للحكومة الأمريكية حول نظرتنا إلى الإجراءات التي اتخذها وحول رؤيتنا المستقبلية، وهذا, في نهاية المطاف، أمر يجب أن يكون في أيدي الشعب السوري.
سؤال: نعم، لكن هذا-عليك يا جاكي أن تدرك أن هذه الإجابة- ليست إجابة على السؤال. هذا أمر رائع ... لماذا تعتقد الإدارة أن الأسد ما زال بإمكانه أن ينقذ نفسه و يستعيد مكانته بعد ذبح نحو 400 شخص على أيدي قواته في درعا ؟
السيد سوليفان: لسوء الحظ يا "مات" لا أستطيع قبول فرضية السؤال الذي طرحته للتو. أعني، إننا نقول- وأواصل تكرار ذلك لأنك تواصل العودة إليه- لتحديد وظيفة الإدارة العملية، وأظل أخبرك بالموقف الفعلي. الموقف هو أن مستقبل سوريا يعود للشعب السوري.
سؤال: ولكن هذا يا جاكي لا يعبر عن موقف من أي نوع, مثل هذا الكلام يمكن قوله لكل شخص- أقصد أنه على هذا النحو. بالطبع الأمر متروك للشعب السوري. ما هي سياسة الأسد الآن؟ هل هو زعيم شرعي أم لا؟، نظراً لما أوعز به أو أمر قواته بالقيام بفعل ما فعلوه بالمدنيين الأبرياء؟
السيد سوليفان: أعتقد حقاً في هذه المرحلة أنني قدمت لك كل ما يمكنني تقديمه حول هذا الموضوع.
استجابة سوليفان الأخيرة توحي بقوة, ليس فقط لأنه لا يقوم بأي شيء للإجابة على السؤال الصعب المطروح, لكنه يكشف أيضا أنه لم يستطع شرح سياسة الولايات المتحدة بشأن الشرعية السياسية بصورة مرضية بسبب منصبه الحرج في الإدارة، وطالما الأمر كذلك , فمن غير المرجح أن يتمكن أي شخص آخر من شرح ذلك. و من الواضح أن كل من المعيارين اللذين تم مراجعتهما هنا، والذي يبدو أنهما يشكلان العمود الفقري لمنطق الإدارة الأمريكية حول الشرعية السياسية، مليئان بالعيوب الواضحة في منطقها الداخلي وعلاقتها ببعضها البعض. و في عدم نجاح محاولات إصلاح المنطق الداخلي، فقد حاولت الإدارة أحياناً التوفيق بين هذين المعيارين في مقاربة واحدة مقنعة للشرعية السياسية كما هي موضحة هنا.
سد الفجوة بين معايير الشرعية
في مؤتمر صحفي عقده في آذار- مارس 2011 ، بعد تصريح الإدارة بشأن عدم شرعية القذافي، يبدو أن جاي كارني يمزج هذين المعيارين في حجة واحدة ضد شرعية الحكومة الليبية:"...[قلنا] إن الشعب الليبي بحاجة إلى تحديد من هم قادته. نعتقد، بوضوح تام، أن القذافي فقد شرعيته في نظر شعبه، لأسباب ليس أقلها أنه قتل شعبه بأعداد كبيرة " (التأكيد مضاف)(38). هذا البيان مثير للاهتمام، لأنه يمزج بين المعيار الأول (تفقد الشرعية عند استخدام عنف الدولة غير المبرر) و المعيار الثاني (تفقد الشرعية عندما يعتقد سكان ذلك البلد أنها مفقودة). لا يقوم كارني فقط بافتراض أن "الشعب الليبي" قد توصل إلى حكم بشأن شرعية القذافي، ولكنه يزعم أيضًا معرفة سبب ذلك. يبدو أن وزيرة الخارجية كلينتون تفعل ذات الشيء الوارد في الاقتباس المذكور أعلاه، عندما تقول إن " الأسد فقد شرعيته في أعين شعبه بسبب وحشية حملته القمعية"(39). هذا لا يعني أن كارني وكلينتون على خطأ؛ قد يكون كلا الاستنتاجين صحيحين، إلى حد ما. لكن يبقى أن سلسلة الاستدلال هذه ليست استنتاجية: فالعنف الواسع النطاق الذي ترعاه الدولة ضد المدنيين لا يؤدي بالضرورة إلى فقدان الشرعية الجماعية، ولكن قد يتم قياسه. حتى مع تجاوز هذه القفزة في المنطق، يبقى السؤال التالي: لماذا فقد القذافي شرعيته الآن؟ لقد قتل شعبه "بأعداد كبيرة" على مدى عقود، والآن فقط "الشعب الليبي"- وبالتالي حكومة الولايات المتحدة - تجده غير شرعي؟ هذا يبدو تأكيد مشكوك فيه إلى حد ما.
في مناسبة أخرى، تسعى المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند إلى توحيد المعيارين خلال لقاء حاد مع أحد المراسلين في مؤتمر صحفي في 12 تموز-يوليو 2011 - في نفس اليوم الذي نددت فيه الإدارة رسمياً بشرعية الأسد - حاولت نولاند توضيح موقف الإدارة من القضية(40).
مستقبل [الأسد] ونظامه يقررهما الشعب السوري. ما نقوله هو أننا يمكن أن نقدر المخاوف التي لديهم، لأنه كيف يمكن للرجل الذي استمر في المشاركة في هذا النوع من الوحشية أن يكون له الشرعية في أعين شعبه. لكن ما نقوله كذلك هو أن هذا ليس وضعاً صنعته أمريكا. هذا الوضع صنعه السوريون، ويتعين على الشعب السوري أن يقرر ما سيكون عليه مستقبل بلدهم. نحن نقف معهم بما يرغبون فعله. على الشعب السوري أن يكتب مستقبله. هذا ما يريدونه و يرغبون فيه. هنا، يبدو أن نولاند تقاوم إغراء إلقاء اللوم على شرعية الأسد المفقودة مؤخراً على خلفية أعمال العنف المروعة التي ترتكبها القوات الحكومية. وهي تؤكد من جديد أنه، في نهاية المطاف، يجب على الشعب السوري "أن يقرر". هذا في الواقع خروج عن منطق كارني وكلينتون، الذين خلصوا إلى أن العنف الذي ترعاه الدولة تسبب في افتقار القذافي إلى الشرعية. بينما يبدو أن نولاند تشير إلى أن هذا قد يكون صحيحًا بالفعل، بيد أنها تمتنع عن قوله مباشرة. على أي حال، تبرز كل هذه التصريحات التوتر بين هذين المعيارين اللذين ليس لهما صلة جوهرية وضرورية، لكنهما يستخدمان في معظم الحالات بالترادف- وغالباً ما يتم وضعهما في علاقة سببية- لتوضيح سياسة الإدارة في الشرعية السياسية.
الاستنتاج و التوصيات
من الواضح أن الحديث عن القضية الحساسة المتمثلة في الشرعية السياسية له مزاياه الخاصة , فهو يساعدنا ,من منظور معياري في تحديد القيم الضرورية التي يجب على المواطنين أن يبحثوا عنها في حكوماتهم, ويسمح لنا من منظور عملي تقريب الدرجة التي يحتفظ بها الحكام بالسلطة من خلال الحصول على موافقة الشعب، وإلى أي مدى يعتمدون على العسف السائب أو اللامبالاة السياسية, وفي جميع الأحوال, فالشرعية بوصفها مجال تساؤل أكاديمي محاولة جديرة بالاهتمام عندما يتم التعامل معها بحذر.
لكن التعامل مع الشرعية يمثل مشكلة أيضًا لكل من الباحث ورجل السياسة. فمن المنظور الأكاديمي، تكافح كل من صيغتي البحث المعيارية والعملية من أجل تحديد "أسس" الشرعية. وعند طرح السؤال المعياري، يجب علينا أن نحدد المعايير التي يجب الوفاء بها من أجل اعتبار الحكومة شرعية. وبينما لا تزال الديمقراطية والمبادئ المرتبطة بها تحظى بدعم عالمي، لا تزال هناك قواعد بديلة للشرعية ما انفك الكثيرون يجدونها جذابة. إن تفضيل المصادر على مصادر أخرى سوف يكون -في حالات كثيرة على الأقل-مسألة اختيار شخصي في نهاية المطاف, وبالتالي، فإن تحديد مجموعة مشتركة من مصادر الشرعية ليس مجرد مهمة. وبالمثل، فإن الدراسات التي تهدف إلى تحديد الشرعية الإيجابية محفوفة بالمصاعب.
أولاً، يجب علينا أن نقرر ما هي المؤشرات المجتمعية (مثل المواقف والسلوكيات في حال استخدام مقاربة "جيلي") التي تظهر كأنها تشير إلى شرعية عملية، والتحقق من أنه يمكن جمع البيانات المتعلقة بهذه المؤشرات في حالة معينة (بعضها لا يمكن في كثير من الأحيان). بعد ذلك، ينبغي لنا أن نعطي درجة من الأهمية النسبية لكل من هذه المؤشرات- والتي ستكون حتماً مؤشرات مثيرة للجدل، وإلى حد ما، اعتباطية. وأخيراً، عند القيام بكل هذا يمكننا الوثوق في أن نماذج تحديد الشرعية العملية إنما هي في الحقيقة تصف الواقع - والذي ، على الأقل في بعض الحالات لا تقوم بمثل هذا الوصف . بالإضافة إلى أوجه عدم اليقين هذه، سيواجه صانع السياسة الذي يأمل في استخدام الشرعية كأداة في السياسة الدولية عقبات إضافية. أولاً، يبدو من المعقول أن نستنتج أنه لا ينبغي تصنيف الحكومات على أنها "شرعية" أو "غير شرعية"، حيث توجد درجات من الشرعية(41) . وثانياً، لا يعقل أن يستخدم الدبلوماسي مثل هذه الأداة الفظة باعتبارها "درجة شرعية "في إدارة الحكم. من المرجح أن يتم دائماً إسناد هذه الدرجات إلى الأوساط الأكاديمية، لأن الإعلان العلني عنها سيؤدي بلا شك إلى تنفير الحلفاء الأساسيين الذين يختبرون بشكل سيء في معايير شرعية معينة. علاوة على ذلك، فإن مصداقية هذه النماذج المشكوك فيها تجعل من غير المرجح أن يتم استخدامها مع أي اتساق في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
وبالتالي، فإن مصطلح "الشرعية" ليس مفيدًا بشكل كبير لصانعي السياسات، خاصةً عند استخدامه بطريقة ثنائية التفرع "شرعية أو غير شرعية". ومع ذلك، قد يكون مفيداً في القطاعات الحكومية الأخرى ، مثل الأوساط الثقافية، حيث يمكن استخدامه كأداة للمساعدة في تحديد مدى صلاحية الأنظمة على المدى الطويل. من خلال قياس الشرعية بالترادف مع القدرة القسرية للدولة، إلى جانب العوامل البارزة الأخرى ، قد يكون المرء قادراً على تقريب استقرار النظام. ومع ذلك، فإن المفتاح في كل هذا هو "تقريبي".
ونظراً لعدم وجود نموذج واحد موثوق به لقياس الشرعية العملية، فمن المقدر أن تكون هناك مؤشرات مضللة إما أن تزيد أو تقلل من شأن شرعية النظام الفعلية بين شعبه. هذا يعني أنه على الرغم من أن الجهود المبذولة لقياس شرعية الدول يمكن أن تكون مثمرة إذا تم توظيفها بعناية (وسرية) في تحليل ثقافي، فإن دورها ضئيل في الدبلوماسية العامة، حيث قد تتعارض هذه التقديرات مع المصالح الأمريكية، وحيث "سوء التقدير" "يمكن أن يكون محرجاً للغاية لجميع الأطراف المعنية. وبدلاً من ذلك، ينبغي للدبلوماسيين وصناع السياسات العمل على تحسين الشرعية الشعبية لحلفاء الولايات المتحدة، مع تسليط الضوء على الجوانب "غير المشروعة" للدول غير الصديقة. يجب أن تركز المناقشة على المؤشرات المحددة، وليس بشكل أكبر على قضية الشرعية, وعموماً إذا ما تم الرجوع إليها فيجب أن يكون دائمًا بعبارات نسبية (أي "أكثر" أو "أقل" شرعية). السبب في ذلك واضح بما فيه الكفاية. على سبيل المثال، إذا كان التزام حليف الولايات المتحدة المشكوك فيه بـ "الشرعية" يعتقد أنه يضر بشرعيتها، فعندئذ ستكون الولايات المتحدة حكيمة لتشجيع الإصلاحات لتعزيز سيادة القانون هناك.
من ناحية أخرى، يمكن للولايات المتحدة أن تسعى لإضعاف خصومها من خلال إدانة عدم التزامهم بالمبدأ ذاته. مثل هذه التكتيكات تستخدم بطبيعة الحال, ومع ذلك, يمكن بوضوح ملاحظة الخطأ عندما ترتبط هذه المؤشرات بـ "الشرعية". من خلال التعليق علناً على هذه المسألة، يُظهر أن الولايات المتحدة تعمل على الحكم على شرعية الدول الأجنبية و الأنظمة و الحكام. وهذا لاشك عمل خطير عندما يتم الإعلان عنه على الملأ, لأنه من المحتمل أن يغضب حلفاء أمريكا ويفضح الولايات المتحدة بممارستها مثل هذا النفاق عندما تفشل في تطبيق "معاييرها" للحكم الصحيح عالمياً ودون تمييز.
لا شيء من هذا يعدُّ وصفةً لعلاقات ودية مع الدول الأجنبية. وبالتالي، أعتقد أنه يجب مواصلة تقصي معنى الشرعية في الأوساط الأكاديمية و الثقافية, وتوقف مثل هذا التقصي في معظمه (أو ربما جميعه ) من إدارة الحكم في الدولة. وهذا لا يمنع محورية الإبقاء على الضغوطات من أجل تحسين "مؤشرات" الشرعية (مثل الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان) في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
................
ملاحظات
العنوان الأصلي للمقال: Qaddafi, Assad, and political legitimacy: The Obama administration’s policy on rightful governance
المؤلف: Nicolas Persons
الناشر : University of Washington
تاريخ النشر: 2012
المترجم: محمود الصباغ
..............
الهوامش
1 “Remarks by President Obama and President Calderón of Mexico at Joint Press Conference | The White House,” accessed June 6, 2012, http://www.whitehouse.gov/the-press-office/2011/03/03/remarks-president-obama-and-president-calder-n-mexico-joint-press-confer.
2 “Syrian President Bashar Assad Has ‘Lost Legitimacy,’ Says Secretary Of State Hillary Clinton," accessed June 6, 2012, http://www.huffingtonpost.com/2011/07/12/syria-president-bashar-assad-lost-legitimacy_n_895354.html.
3 لأغراض البحث هنا, يتم استخدام "الشرعية" و "الشرعية السياسية" بالتبادل والمرادف. بالطبع ، هناك أنواع أخرى من الشرعية لا تتعلق بالسياسة. سيناقش هذا البحث الشرعية في شكلها السياسي فقط.
4 Bruce Gilley, The Right to Rule: How States Win and Lose Legitimacy (New York: Columbia University Press, 2009), 209.
5 Ibid., 8. Persons 3
6 Rodney S. Barker, Political Legitimacy and the State (Oxford New York: Clarendon Press Oxford University Press, 1990), 11.
7 Ibid., 9.
8 يبدو أن "جيلي" لا ينظر إلى مقاربته للشرعية باعتبارها أخلاقية بحتة. بل إن هدفه (الطموح إلى حد ما) هو استخدام الشرعية كأداة للتحليل. وإذا تركنا جانباً في الوقت الحالي صعوبات هذا النهج، يبقى أنه إذا كان على المرء أن يحقق في شرعية الحاكم أو الدولة باستخدام تصوره، فإن الإجابة المعيارية ضرورية. بينما يمكن استخدام الأساليب التجريبية لتحديد هذه الشرعية، فإن تفضيل تلك الأساليب على الآخرين هو في حد ذاته حكم معياري. لماذا، على سبيل المثال، يجب اعتبار "القبول" بُعداً للشرعية، ولكن ليس الانتماء القبلي؟ إن تمهيد الأول على حساب الأخير لتحديد الشرعية السياسية ليس بالضرورة مشكلة ، لكنه تقييم معياري بطبيعته ، بصرف النظر عن الأساليب التجريبية المعنية.
9 Patrick Riley Will and Political Legitimacy: a Critical Exposition of Social Contract Theory in Hobbes, Locke, Rousseau, Kant, and Hegel (Cambridge, Mass.: Harvard University Press, 1982), 1.
10 Barker, Political Legitimacy and the State, 61.
11 Gilley, The Right to Rule: How States Win and Lose Legitimacy, 9.
12 Barker, Political Legitimacy and the State, 95.
13 Gilley, The Right to Rule: How States Win and Lose Legitimacy, 29.
14 Ibid., 41.
15 Ibid., 13.
16 Ibid., 17.
17“TelhamiEgyptPoll_May2012.pdf”,n.d.,9, http://sadat.umd.edu/TelhamiEgyptPoll_May2012.pdf.
18 Gilley, The Right to Rule: How States Win and Lose Legitimacy, 19.
19 Ibid., xiii.
20 Barker, Political Legitimacy and the State, 129.
21 على الرغم من أن مسؤولي الإدارة ذكروا ذلك في الأسبوع السابق لذلك، فإن هذا التاريخ يصادق على تأييد الرئيس أوباما الرسمي لهذا الادعاء.
22 “Daily Press Briefing - February 28, 2011," accessed June 6, 2012, http://www.state.gov/r/pa/prs/dpb/2011/02/157424.htm.
23في حين أن الإدارة الأمريكية قد تستخدم معايير أخرى بصرف النظر عن هذين المعيارين ، فإن الوجود الواضح لهذين التبريرين يستدعي موقعهما المركزي في هذه الورقة.
24 “Readout of President Obama’s Call with Chancellor Angela Merkel of Germany | The White House," accessed June 6, 2012, http://www.whitehouse.gov/the-press-office/2011/02/26/readout-president-obamas-call-chancellor-angela-merkel-germany.
25 “Press Gaggle by Press Secretary Jay Carney Aboard Air Force One En Route St. Paul, Minnesota | The White House," accessed June 6, 2012, http://www.whitehouse.gov/the-press-office/2011/08/15/press-gaggle-press-secretary-jay-carney-aboard-air-force-one-en-route-st.
26 “Press Briefing by Press Secretary Jay Carney, 1/10/12 | The White House," accessed June 6, 2012, http://www.whitehouse.gov/the-press-office/2012/01/10/press-briefing-press-secretary-jay-carney-11012.
27 “Press Briefing by Press Secretary Jay Carney, 12/21/2011 | The White House," accessed June 6, 2012, http://www.whitehouse.gov/the-press-office/2011/12/21/press-briefing-press-secretary-jay-carney-12212011.
28 “Press Briefing by Press Secretary Jay Carney, 11/21/2011 | The White House," accessed June 6, 2012, http://www.whitehouse.gov/the-press-office/2011/11/21/press-briefing-press-secretary-jay-carney-11212011.
29 “Press Briefing by Press Secretary Jay Carney, 6/27/2011 | The White House," accessed June 6, 2012, http://www.whitehouse.gov/the-press-office/2011/06/27/press-briefing-press-secretary-jay-carney-6272011.
30 Barker, Political Legitimacy and the State, 132.
31 Ibid., 137.
32 “Remarks By President Obama to the Australian Parliament | The White House," accessed June 6, 2012, http://www.whitehouse.gov/the-press-office/2011/11/17/remarks-president-obama-australian-parliament.
33 “Assessing U.S. Foreign Policy Priorities and Needs Amidst Economic Challenges in the Middle East," accessed June 6, 2012, http://www.state.gov/p/nea/rls/rm/189572.htm.
34 “Press Briefing by Press Secretary Jay Carney, 2/25/2011 | The White House," accessed June 6, 2012, http://www.whitehouse.gov/the-press-office/2011/02/25/press-briefing-press-secretary-jay-carney-2252011.
35 “Middle East Digest - June 2, 2011," accessed June 6, 2012, http://www.state.gov/r/pa/ei/mideastdigest/mayaug/164930.htm.
36 “Secretary Clinton on Progress in Libya and Discussions on Syria | IIP Digital," accessed June 6, 2012, http://translations.state.gov/st/english/texttrans/2011/07/20110715144538su0.2253338.html#axzz1wtgmmk2E.
37 “Briefing on Recent Developments in the Middle East and Other Issues," accessed June 6, 2012, http://www.state.gov/p/nea/rls/rm/161818.htm.
38 “Press Briefing by Press Secretary Jay Carney, 3/25/2011 | The White House," accessed June 6, 2012, http://www.whitehouse.gov/the-press-office/2011/03/25/press-briefing-press-secretary-jay-carney-3252011.
39 “Secretary Clinton on Progress in Libya and Discussions on Syria | IIP Digital," accessed June 6, 2012, http://translations.state.gov/st/english/texttrans/2011/07/20110715144538su0.2253338.html#axzz1wtgmmk2E.
40 “Daily Press Briefing - July 12, 2011," accessed June 6, 2012, http://www.state.gov/r/pa/prs/dpb/2011/07/168137.htm.
41 Gilley, The Right to Rule: How States Win and Lose Legitimacy, 10



#محمود_الصباغ (هاشتاغ)       Mahmoud_Al_Sabbagh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإرهاب اليهودي -الصهيوني و قيام دولة إسرائيل -5
- الإرهاب اليهودي -الصهيوني و قيام دولة إسرائيل -4
- الإرهاب اليهودي -الصهيوني و قيام دولة إسرائيل -3
- يوم أيوب؛أربعاء العطاء و الشفاء
- - الحاج- : حكاية الاستعمار و -دولة الحدود- 1
- العنصرية في لبنان:العنزة بتخلّف عنزة
- -مكبّعه ورحت امشي يُمّه بالدرابين الفقيرة-: ومن مثل الموسيقا ...
- الصهبجية:بين مطرقة الفن الهابط وسندان الزمن الجميل
- زفرة أبو عبد الله الصغير الأخيرة
- الدون كيشوت وتابعه سانشو في مخيم اليرموك(2)
- إسرائيل من الداخل:يهودية الدولة،والانقلاب الإشكنازي
- الإرهاب اليهودي -الصهيوني و قيام دولة إسرائيل (2)
- مولد الصورة في الوعي البشري :بورتريه غيفارا مثالاً
- على جدار النكسة: درس في اللجوء؛ -كفر الما-والبيان رقم-66-
- الإرهاب اليهودي-الصهيوني و قيام دولة إسرائيل(1)
- فلسطين الصهيونية: بين مجتمع مستوطنين ووطن قديم لشعب جديد : ا ...
- تلك اللحظة التي هرمنا من أجلها
- حلم ثورة لم تأت : The Company You Keep
- متعة كاهن
- الإثنية واليهودية والتراث الثقافي لفلسطين


المزيد.....




- روسيا تدعي أن منفذي -هجوم موسكو- مدعومون من أوكرانيا دون مشا ...
- إخراج -ثعبان بحر- بطول 30 سم من أحشاء رجل فيتنامي دخل من منط ...
- سلسلة حرائق متتالية في مصر تثير غضب وتحليلات المواطنين
- عباس يمنح الحكومة الجديدة الثقة في ظل غياب المجلس التشريعي
- -البركان والكاتيوشا-.. صواريخ -حزب الله- تضرب مستوطنتين إسرا ...
- أولمرت: حكومة نتنياهو تقفز في الظلام ومسكونة بفكرة -حرب نهاي ...
- لافروف: أرمينيا تسعى عمدا إلى تدمير العلاقات مع روسيا
- فنلندا: معاهدة الدفاع مع الولايات المتحدة من شأنها أن تقوض س ...
- هجوم موسكو: بوتين لا يعتزم لقاء عائلات الضحايا وواشنطن تندد ...
- الجيش السوداني يعلن السيطرة على جسر يربط أمبدة وأم درمان


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود الصباغ - القذافي والأسد والشرعية السياسية و إدارة أوباما