أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل الرابع















المزيد.....



ليلى والذئاب: الفصل الرابع


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6375 - 2019 / 10 / 10 - 20:03
المحور: الادب والفن
    


1
عقبَ وفاة الوالد، وكان آخر أفراد أسرتها، حقَّ لليلو أن تشعر بأنها نضجت قبل الأوان. في حقيقة الحال، أن الفتيات في ذلك الزمن كن يُهيأنَ للدخول في عش الزوجية مذ أن تتجاوز إحداهن العام العاشر من عمرها. وبطلة سيرتنا، لدى حصول حادثة مقتل أبيها، كانت قد زادت عاماً آخر على ذلك السن. كان من المؤمل، بُحكم التقاليد، أن يتقدّم لها واحدٌ من أبناء العم، ليوصد من دونها البابَ عن العالم. شخصية ابنة المرحوم موسي، المتسمة بالنزوع للحرية، كانت تمقتُ هكذا مصيرٍ تفرضه العادات.
مع بلوغ عُمر ربيبتها دزينة من الأعوام، تعهّدت شملكانُ تعليمها الخياطة والتطريز. قبلاً، كان يحلو لليلو اللعب بكرة الخيوط، بينما الأخرى منهمكة بإبرة الحياكة وسط خشخشة الأساور الذهبية، التي ملأ بها ساعديها أوسمان، القرينُ المتولّه والكريم. هذا، لم يكن يبخل أيضاً على الصغيرة، فيشتري لها كل فترةٍ هديةً من نفس المعدن الثمين؛ طوقاً أو خاتماً. جيرانهم، وكانوا من الآله رشية، المعروفين بشدّة الحرص والخصاصة، كانوا يعاتبونه في كل مناسبةٍ بالقول: " أنتَ تربح ذهباً من عملك على العربة، ولكنك تبدده في شراء أشياء غير ضرورية ". فلا يكون منه سوى ترديد كلمة، " ذهب، ذهب..! " فيما تتعالى قهقهته.

***
من ناحية أخرى، توثقت علاقة الفتاة مع كلّ من الأم البديلة والعمّة. هذه الأخيرة، قالت لشملكان يوماً وهيَ تناولها قدحَ الشاي بحضور ربيبتها: " مَن يقبل الزواجَ من فتاة تكبره عمراً؟ ". كانت تعلّق على ما ألِفَت الأخرى على قوله، عندما ينتفخ بطنها بحمل جديد: " إذا كان ولداً، سأخطبُ له ليلو ". وكانت شملكان تعبرُ صراطَ التجربة مرة أخرى، أملاً في أن يعيش الجنين. فعلّقت قائلة بنبرة ساخرة: " طراد آغا فعلَ ذلك، ومع كلا المرأتين "
" معي كان مضروباً في دماغه، ما من شك في ذلك! "، قالتها وهيَ تتنهد. ثم أضافت: " أما بشأن ضرّتي، فإن للأمر شأنٌ آخر. لقد ربطوا البقرة بحبله، كونها ابنة عمه وسترث أملاكاً كثيرة ". المسكينة فاتي، لم يعُد لها حظُ إنجابِ طفلٍ بعدما تجاوز عمرها الأربعين بعامين أو ثلاثة. كانت تعتبرُ الأمرَ قَدَراً ـ كما السم والسيل والموس القاتلة.
على حين غرّة، وشيئاً فشيئاً، بدأت فاتي تضيّع ذهنها وذاكرتها. مع أنها، كما سَلَف القول، لم تكن قد بلغت منتصف الحلقة الرابعة من عمرها. فأُعيدَ عندئذٍ ذكرُ ضعف مداركها العقلية، وأنه يمكن أن يكون سببَ التطوّر الجديد. لحُسن حظ قارئ هذه السيرة، أنّ فاتي ستبدأ بفتح جعبة معلوماتها لابنة أخيها وذلك قبل سباحتها في تيار النسيان ومن ثم العدم. في بادئ الأمر، وبالنظر لسنّ ليلو اليافع، كانت العمّة تمرّ تلميحاً على بعض المسائل الحساسة. إلا أنّ الصغيرة، المفعمة بالذكاء، نفذت بصيرتها إلى ما وراء الكلمات الغامضة لتشكّل منها جملاً صحيحة. على أنّ حديثَ الحب، الزاهي مثل شتلة القرطاسية، ما كان سيمرُّ دون أن يصدى داخل فؤاد الفتاة.

***
وإنه يوم النيروز، مَن سيخبئ بين طياته حدثاً مهماً لفتاتنا. كانت بانتظار عشية هذا العيد، التقليديّ، كي تكمن مع غيرها من نساء العائلة على الأسطح المظلمة، المطلة على إيوان دار الحاج حسن. هنالك في الإيوان، اعتادوا في مثل ذلك الوقت من الربيع على سماع أحد المطربين المخضرمين: المغني العجوز، سيُعيد إنشادَ إحدى ملاحم الحب، المتواشجة مع المناسبة؛ مثل " مموزين "، " سيامند وخجي " و" عفدالي زينكي ". يُقال، أنه هاجرَ من بوطان بغيَة رهن صوته الجميل لدى أميرها السابق، بدرخان. كان الرجل قد سمعَ قبلاً، أنّ السلطان سمحَ للأمير بالانتقال للشام الشريف من منفاه في جزيرة كريت. ولكنه حين وصل دمشق، كان الأميرُ قد انتقل إلى دار البقاء.
قبيل حلول المناسبة السعيدة، سمعت ليلو، اتفاقاً، حديثاً دارَ بين شملكان وضيفة من العائلة. إنها امرأة نيّو، الثانية. كانت معروفة بالخبث والنميمة؛ وهما صفتان لا بد واكتسبتهما من فرط غيرتها من الضرّة. قالت هذه بصوتٍ يتكلّف الخفوت: " يا أختي، صارَ الصبيّ كما لو أنه ترك الإسلام وآمن بعبادة النار. منذ بضعة أيام، دعا فتيان العائلة لتحضير فروع الحَور من الغيضة، وذلك بهدف إشعالها الليلة على رأس الجبل. سمعته خلسةً، وكان قد جمع الفتيان في عليّة الحمام. حدثهم عن ملك قديم، نبت على جانبيّ رأسه حيّتان، وكانتا تسببا له ألماً مستمراً. وأن ساحراً نصحه إلهاء الحيتين، بأن يُقدَّم لهما مخ طفلين كل يوم. طبّاخ الملك، كان يشفق على أحد الطفلين فيهرّبه إلى الجبل بعد أن يفتديه بمخ خروف. بعدما كبرَ الأولاد، وكانت أجسادهم قد اخشوشنت عاماً بعد عام في الشتاء الأبديّ للجبل، نزلوا أخيراً وكان يقودهم حدّادٌ، فقتلوا ذلك الملك الظالم ونصّبوا قائدهم بمكانه على العرش ". ثم أضافت الراوية، متسائلة بخفّة: " هل سمعتِ من قبل، أنّ حداداً قد أصبحَ ملكاً؟ "
" بالطبع لم أسمع، ولكن ما علاقة الحكاية بعبادة النار؟ "
" آه نسيت ذلك؛ ربما بسبب أمر الحداد، الذي أصبحَ ملكاً! بلى، إنّ أولئك الثائرين على الملك أشعلوا النارَ كعلامةٍ، كي يفتح لهم الطبّاخُ الطيب باباً سرياً في القصر، حيث تدفقوا من خلاله إلى الداخل ـ كما زعمَ راوي الحكاية "
" على أية حال، أتذكّر أنها كانت عادة أهالينا في الوطن، إصلاء النيران على رؤوس الجبال احتفالاً بمقدم النيروز "، ردّت المضيفةُ محركةً يدها إلى الخلف تأكيداً على الزمن الماضي.
أدركت ليلو، أنّ المعنيّ هوَ عليكي الصغير. على أثر سماعها حديث تلك المرأة النمَّامة، الذي استعصى نوعاً ما على فهمها، قررت في نفسها أن تتبع الصبيَة خفيةً ومن ثم مشاركتهم في هذه اللعبة الجديدة.

2
زقاق الحاج حسين، كان يتصل من خلال دخلة عريضة مع الزقاق المجاور، المُعرَّف لاحقاً باسم العشيرة الآله رشية. في منتصف هذا الأخير، كان يقوم منزل عائلة ليلو؛ وهوَ المنزل، الذي أبصرت فيه والدتي نورَ الحياة كما وأكثر أخوتها. مثلما علمنا من قبل، أنه في زمن تلك الجدّة الأولى كان المنزل الكبير مقسوماً، نظرياً، بين عائلتها وعائلة شملكان. كيلا يضيع القارئُ في متاهة الشخصيات، سأخالف مرة أخرى مبدأ عدم استباق الأحداث؛ وذلك للقول أن رجُل شملكان، أوسمان، هوَ جدّ أمي من ناحية أبيها. والآن نعودُ إلى جدّها لأمها، وكنا قد تركناه منهمكاً في أمر إذكاء النار الوثنية على قمة الجبل ـ كما زعمت امرأة أبيه في خلال حديثها الغامض مع امرأة أوسمان.
عليكي الصغير، كان يكبرُ ليلو بحوالي خمسة أعوام، ولم تكن شخصيّته أقل غموضاً بالنسبة لها. كان ينأى بنفسه عن أولاد الزقاق، وقلّما شارك في لهوهم. هذا، مع أنه أثبت جسارته وقوته في عدة منازلات، لم يكن في أيّ منها هوَ المبادرُ للخصام والاعتداء. داخل المنزل أيضاً، اعتاد عليكي الصغير ألا يتدخل في المناوشات الحامية بين والدته وضرّتها، وبالتالي، كانت علاقته جيدة بأخيه الوحيد غير الشقيق. الضرّة، كانت الغيرة قد جعلت منها أشبه بساحرة؛ ليذخر هكذا مأواها بكل ما له علاقة بعالمها الملعون: رقىً وأحجبةُ مكتوبة؛ زواحفُ غريبة محنّطة؛ أعشابُ خزامى ومريمية، شموعٌ سود وأعوادُ ندّ، مجمرةٌ ومنقلٌ نحاسيّ.. الخ

***
أوسمان، ابن عمة أبي عليكي الصغير، هوَ من حتَّمَ على هذا الفتى النبيه أن يُمتحنَ بالأفكار الجديدة، ومنها المتعلقة بالنار الوثنية، الأسطورية والثورية في آنٍ معاً. فيما سبقَ، كنا قد تحدثنا عن حلول الأمير بدرخان في دمشق. حيث أُخليَ لجناب المنفيّ، عالي المقام، منزلٌ أشبه بالقصر يقعُ في حي سوق ساروجة. كان هذا أرقى أحياء المدينة، بدلالة نعته ذي الدلالة؛ " آستانة الصغرى ". كان حكيماً بالنسبة للدولة، قرارُ إسكان خصمها القديم في مكان راقٍ يغلب على قاطنيه الأصول التركية، بدلاً من إقامته بين ظهراني أهل جلدته الكرد.
الأمير، كان قد توفي قبل وصول أوسمان إلى الشام. ولكنه أحد أبناء أخوة الأمير، من تعرّف عليه زوجُ شملكان. كان ذلك منذ نحو العام، وفي منطقة عمل حوذي الكروسة على طريق الصالحية. كان يمرُّ يوماً بالعربة إزاءَ مقام الشيخ محي الدين بن عربي، حينَ أوقفه أحدهم. من شكله وقيافته، عرفَ حالاً أنه من أبناء جلدتنا. خاطبه الرجل أولاً بالعثمانية، فقال أنّ العربة الخاصّة به قد تأخرت عنه لسبب ما وأنه يقيم في سوق ساروجة. تردد أوسمان أول الأمر في قبول العرض، كون رخصة عمله تلزمه تسييرَ الكرّوسة بين صالحية الأكراد وسوق الجمعة. فلما عرفَ أنه أمام رجل من سلالة أمراء بوطان، فإنه ضربَ عرض الحائط بكل المحظورات: تذكّر حماسه في بداية حلوله بالشام، حينَ تعيّن عليه إخبار أقاربه ذات سهرةٍ بالأحداث المتعلقة بحرب القرم. إذ تطرق وقتئذٍ لثورة بوطان، وكانت قد تأججت مستغلة انشغال الباب العالي بحرب الروس. مَن تولى قيادة الثورة، كان " يزدان شير "؛ ابن عم بدرخان الكبير ووريثه على عرش الإمارة.

***
" الأمير "، مثلما سيُعرف الرجل دوماً على لسان أوسمان، كان إذن ابن أخي بدرخان الكبير. على أثر وفاة هذا الأخير، بدا أنه سيكون على رأس سلالته في الشام الشريف. إلا أنّ رغبته الوحيدة، مثلما كان يُردد أمام من أضحى صديقه، هيَ العودة إلى بوطان والبدء بثورة جديدة ضد الاستبداد الحميدي. ولكنه لم يكن قد رأى، أبداً، مسقط رأس سلالته في كردستان؛ لأن ذلك محظورٌ عليهم. لقد ولد في اسطنبول، وفيها نشأ وتلقى تعليمه الأولي والإعدادي في مدارس أولاد الأعيان. كان في ريعان الشباب، مقترناً حديثاً من ابنة خاله، حين ركبَ السفينة المتجهة إلى مدينة اللاذقية. أقام فيها أولاً كمنفيّ، وما لبثت الدولة أن تكرمت بتعيينه قائم مقام لمنطقة صهيون، التي يبرز منها هضبة منيفة، تتربع على قمتها قلعةٌ منعوتة باسم مؤسس السلالة الأيوبية: بحَسَب شجرة أنساب آل بدرخان، أنهم ينتمون لنفس السلالة؛ وكان أول أمير لها معيّناً في حياة محرر القدس.
هناك في مكان عمله، علم أيضاً أنّ هذه المنطقة يتواجد فيها بشكل كبير أبناءُ جلدتنا، وأنّ سلسلة عشائرهم أوثق بها الأيوبيون هذه القمم الحالقة والهضاب الأقل علواً، وصولاً إلى جبال كرداغ. في حقيقة الأمر، كان ذلك منفىً جديداً. إذ عوقبَ، عقبَ إخماد ذلك التمرد الأخير في بوطان. اشتبهوا بأمر اتصاله مع أولاد عمومته، ممن رفعوا راية الاستقلال بدعم من الروس: " ثمة في اللاذقية، رزقتُ بابني الوحيد. وقد أسميته ‘ صلاح ‘، تيّمناً باسم جدّنا الأول؛ مؤسس الدولة الأيوبية "، هكذا اختتم حكايته ضاحكاً في إحدى سهراته مع صديقه أوسمان برفقة أقداح الراح.
نعود لعليكي الصغير، وكانَ في تلك الآونة يرافق قريبه صاحب الكرّوسة في مشاويره الليلية لقاء أجرٍ معلوم. جرى ذلك أول الأمر، لما طلبَ أوسمان من ابن خاله، نيّو، السماحَ لابنه البكر بالعمل معه ليلاً: " اللصوص، الذين أردوا قريبنا موسي قتيلاً بضربة غدر تحت جنح الظلام ، لن يمنعهم أحدٌ من فعل ذلك معي لأجل المال ". رائحة الخمر، كانت تنبعث منه كالعادة. على ذلك، ردّ نيّو على طلبه بنبرة قاسية: " لا أفهم حقاً، كيفَ يركب الناسُ معك وأنتَ تقارع المنكر حتى أثناء عملك؟ "، قالها ثم أضاف، " الحق، أنا أخشى على ولدي أن تكون له قدوة سيئة "
" ياو، لا يُعقل أن أصطحبَ شخصاً سكراناً بهدف حمايتي! "، ردّ أوسمان بحجّة قوية. برغم ذلك، طلبَ منه قريبه أن يُقسم بألا يجعل الفتى يقرب الخمر بحال من الأحوال. وقد استجاب أوسمان على الفور، ممسكاً بكبرياء طرفَ شاربه المعقوف.

3
" شعوب السلطنة، وليسَ فقط الكرد، تتوق للتحرر من الطاغية وإحلال حكم دستوري يحقق المساواة والعدل. لذلك نشأت جمعيات سرية في كل مكان، منها هنا على يد السوريين مسلمين ونصارى ". هذه الكلمات المستطيرة، وصلت لسمع ليلو على لسان قريبها عليكي الصغير نقلاً عن ذلك الأمير. وإنه هذا الأخير، مَن تسببت كلماته في إضرام أوار شعلة النيروز على الهضبة، الناتئة كالحدبة، والتي يرتاح فيها موتى الحي مشمولين ببركة مقام مولانا النقشبندي. لم تعرف ليلو كيفَ واتتها الجرأة على المغامرة، متتبعة حفنة الفتية وفي مقدمتهم ابن عمها. هؤلاء، تولوا إشعالَ فروع أشجار الحور، التي كانت قد تُركت أياماً تحت الشمس كي تجف. على ضوء وهج النار، المتصاعدة هوناً، أبصرَ عليكي الصغير قريبته، الملثمة بطريقة طريفة، وكانت تكمن وراء جدار التكيّة. كيلا ينتبه بقية الفتية لأمر القريبة الطائشة، توجّه إليهم بالكلام، معتذراً بضرورة ذهابه إلى العمل.
" واجبي، يحتّم عليّ المحافظة على شرف الأسرة وسمعتها "، هكذا كان رده على ليلو حينَ احتجّت على مسلكه الخشن معها. وكان قد أمسك يدها بشدة، طالباً منها مغادرة المكان في الحال. إلا أنه لم يدعها تسير منفردة إلى البيت، بل بقيَ يحرسها عن بعد. الظلام كان مطبقاً تماماً، وما من صوت في الخلاء سوى نباح الكلاب. أدهشته، ولا غرو، جرأة قريبته وأنها لم تحسب حساباً لاعتراضها من لدُن شخصٍ منحرف الأخلاق أو حتى أحد الوحوش المفترسة؛ كأن يكون ضبعاً أو ذئباً. هذه الفكرة المرعبة، فاضت على دماغه فجعلته يُسرع خطاه إلى أن مسّ جسده الجانبَ الأيسر من جسد قريبته، المنمنم والقصير نوعاً ما. على أنّ الخطر كان جدياً، ولو أنه جاء من قبل الجندرمة: يبدو أن أولئك العسكر، المرابطين في القشلة خلف مسجد سعيد باشا، قد شاهدوا النار تتصاعد من على الهضبة، وإذا هم يتوهمون أن التكيّة تحترق. غير أن أصدقاء عليكي الصغير انتبهوا لمجيء العسكر، فأسرعوا بترك المكان عن طريق دربٍ منحدر باتجاه حارة جسر النحّاس. القريبان بدَورهما، تواريا وراء جذع شجرة دلب ضخمة، لحين أن مرت دورية العسكر بمشاعلها وضوضائها.

***
في اليوم التالي، استعاد عليكي الصغير وليلو بسرور وقائع الليلة المنصرمة والتي انتهت بأمسية حافلة في إيوان سيّد العائلة على أنغام طنبور المغني وصوته الجميل. شارك إذن القريبانُ الآخرينَ في سيران النيروز. حقول الحارة، العائد معظمها للملاكين الصوالحة، تشهد في مثل هذا اليوم تدفق الناس من كل أحياء الشام تقريباً. ولدينا شهادة مؤرخ دمشق، نعمان أفندي قساطلي، المسجّلة في نفس الآونة: " ومن أيام التنزه العمومية، وقت النيروز، ويبتدئ في 21 آذار، فيخرج الناس في أيامه باكراً إلى البراري والبساتين ويرجعون بعد الشروق بوقت قصير ".
بستان المرحوم موسي، تجلى في يوم ابتداء الربيع كأنه روضة من رياض الجنّة. استقبلت أفرادُ آلنا يومئذٍ طيوبُ البراعم المزهرة والورود والرياحين، التي نثرها النسيم بطريقته المرتجلة. الشمس، راعية النباتات والأشجار، أشرقت بدفءٍ ناعمٍ منذ ساعات الصباح الأولى وبقيت كذلك طوال النهار. قادت ليلو قريبها إلى بقعة من البستان، مغطاة بدقرانٍ خشبيّ مشغول بهندسة متقنة: " قد لا تصدق ما أقوله؛ وهوَ أن كروم العنب هذه، هيَ نتاجُ بذورٍ من موطن الآباء في مازيداغ، وكان أوسمان قد جلبها معه وقتَ هجرته إلى الشام "، خاطبت عليكي الصغيرَ بكثير من الزهو وكما لو أنّ صاحبَ المأثرة المقصودَ أبوها.

***
عليكي الصغير، كان ينام بضع ساعات بعد أدائه صلاة الفجر في مسجد سعيد باشا، لتوقظه أمه ثانيةً قبيل صلاة الظهر. عندئذٍ يتوجه هذه المرة إلى مسجد كردان، ليتلقى هنالك دروسه مع غيره من فتية الحارة. إنما رغبته بتحصيل التعليم الدينيّ فترَ، على أثر لقائه مع الأمير. إذ كلمه هذا عما دعاه " التدريس الجاد، الحقيقي "، وأنّ طالبَ العلم لن يجده سوى في المكتب. المفردة الأخيرة، كانت تستعمل في ذلك الزمن كدلالة على المدرسة أو المعهد: " أنت تقول، أن والدك يُعدّك لتصبح مثله دركياً. ولكنني أجد فيك ذكاءً، جديراً بأن يجعل مستقبلك لامعاً كقوتك الجسدية. لكان الله قد جعل دماغ الابن في رأس الأب، لو كانت كذلك حكمته! "، قالها الرجل مختتماً جملته بالابتسام.
أوسمان، صاحبُ المآثر، سيعمل معروفاً مع أجيره لن ينساه هذا مدى العُمر. إلا أنّ الفضل الأول لدخول عليكي الصغير المدرسة يعود، كما سبقَ وعلمنا، لصديق معلّمه؛ الأمير. تجاوِبُ أوسمان مع الفكرة، تمّ بالطبع بمعونة بضع جرعات من العرَق. هكذا تعهّدَ بمفاتحة والد قريبه الأجير، ولو أنه كان على يقين من صعوبة تليين رأس ذلك الدركيّ العنيد. وكان محقاً في تخمينه، صاحبُ الرأس الثمل. نيّو، لم يستظرف كلامَ ابن العمّة، المنمّق، برغم كونه خلى هذه المرة من رائحة المنكر. أدرك أوسمان، أنّ سببَ الرفض أساساً هوَ زهدُ راتب الدركيّ والذي ليسَ في وسعه تسديد تكاليف المدرسة مع تحمّله مصاريف أسرتين. هنا، بادرَ هوَ لإنقاذ الفكرة، بأن تعهّد بنفسه تلك التكاليف: " ابنك سيواصل العمل لديّ ليلاً، وفي الصباح يتوجّه لمدرسته. أي أنه سيتعلم بما يكسبه من العمل "، قالها بحماس، ثم أثنى على ذلك بمكرمة أخرى: " وأنا سأتعهّد أمرَ إيصاله بالكرّوسة، ذهاباً وإياباً ".

4
التحق عليكي الصغير بمدرسة لأولاد الأعيان، تقع في حي سوق ساروجة عند دربٍ ضيّق، قد زيّنت مداخل أكثر منازله بدنان فخارية كبيرة، مُترعة بشتى أنواع الأزهار. لم تكن المدرسة تبعد كثيراً عن منزل الأمير، الكائن هنالك في الطريق المؤدي لسوق الخيل. وقد زار تلميذنا في إحدى المرات ذلك المنزل الفاخر، وكان بالطبع في رفقة معلّمه. أوسمان، واظبَ إذن على مهمة إيصال أجيره للمدرسة. ذات يوم، تعيّن على هذا أن يُعيد عليكي الصغير إلى البيت، حينَ أوقفَ الكرّوسة أمام دار كبيرة: " هنا يسكن صديقنا الأمير، وظنّي أنه سيسرّ برؤيتنا "، خاطبَ قريبه الجالس بقربه على مقعد القيادة.
" حسنٌ أنكما فكّرتما بزيارتي، أيها العزيزان، وذلك لأنني سأنتقل قريباً للعيش في مدينة القنيطرة "، بهذه العبارة، استقبلهما صاحبُ الدار قبل أن يقودهما إلى صالة السلاملك. سقف القاعة، الأشبه بالقبة في علوه وشكله، كان أول ما لفت نظر الفتى. وكانت تتدلى من السقف ثريا عظيمة من الكريستال الملوّن، لها قواعد مذهّبة لتثبيت الشموع. وقد تصدر الصالة موقدٌ لا يقل عظمة، وكان الحطبٌ يفرقع فيه مُشتعلاً، مانحاً الدفء للمكان في هذا الوقت من الشتاء. أكثر ما أدهش الضيفَ الفتيّ، تلك اللوحات الكبيرة المعلقة على الجدران؛ ومنها ما يُصوّر رجالاً ذوي قيافة ومهابة يلوحُ أنهم أقاربُ المضيف. هذا الأخير، قعدَ على أريكة إلى يمين المدفأة، داعياً ضيفيه إلى أريكة أخرى في مقابله. سرّ عليكي الصغير، ولا شك، لما راحَ الأمير يدعوه بصفة الصديق، متسائلاً عن أمور دراسته. ثم أخبره، أنّ ولده الوحيد يدرس معه في نفس المكتب: " ولكنه في الصف الثاني، كونه يصغرك بالسنّ "، قال ذلك ثم أردف ملوّحاً يده باتجاه مدخل الصالة، " سيحضر قريباً من منزل خالته، لأن جدته قد أتت من اسطنبول مؤخراً لزيارتنا "
" ولكن، يا صديقي، ما هيَ قصة انتقالك إلى القنيطرة؟ "، سأله أوسمان وهوَ يتناول من يده قدحاً من ويسكي السكوتش. فأوضح المضيف، أنه سيتزوج فتاةً من عائلة أعيان شراكسة اشترطت عليه الإقامة في مدينتها. ثم استدرك بالقول، " منذ الآن تعتني الجدّة بابني، حيث سينتقل للإقامة لدى ابنتها، وهيَ تعيشُ قريباً من هنا ".
فيما بعد، وليسَ في ذلك اليوم، سيتعرّف عليكي الصغير بابن الأمير. كذلك كان على أبطال سيرتنا أن يعيشوا حتى العقد السادس من القرن العشرين، لو أنهم أرادوا معرفة هذه التفصيل الصغير: قريبة للأمير، ستعبر الحدودَ من بوطان إلى الشام كي تعثر على عنوان حفيدته " روشن خانم ". بقيت لديها مع طفلها الرضيع، لحين أن اقترنت بالعم الكبير لكاتب هذه السطور، والذي مُنحَ اسمَ مؤسس سلالتنا الدمشقية؛ " حسين "..!

***
كأنما كانت ليلو تتحدى ناموسَ الرب، لما أطلق لسانها الجسورُ هذه الملاحظة الخرقاء: " لِمَ المدرسة مخصصة فقط للذكور؟ ". قالتها على سفرة العشاء، وذلك بحضور عليكي الصغير. كان هذا قد فرغ من الطعام، يتأهّب لمرافقة معلمه في النوبة الليلية للكرّوسة. ألقى إليها نظرة دَهِشَة، ولكنها لا تخلو من إعجاب. فيما تبادل كل من الزوجين نظرة مختلفة عن الآخر، وقد جمدت اللقمة في فمه. عادت ربيبة الزوجين للاستطراد، وإن بنبرة أكثر وداعة، مخاطبةً إياهما: " أتذكر حينما زرنا معاً مقام ستي حفيظة، وكان هناك رجل يتولى رعايته. بلى، لقد حدثنا يومئذٍ عن سيرة صاحبة المقام، وأنه بلغ من غزارة علمها حدّ تعيينها مدرّسة لعلوم الفقه والحديث. هذا معناه، أنها لم تكن أقل مقدرة من الرجال في تحصيل العلم، بحيث أنها تولت إعطاء الدروس لهم. كذلك الأمر في زمن سيّدنا خالد، مثلما أخبرتنا ذات مرة المرحومة أمّو، كانت ثمة امرأة تنزل إلى ساحة المعركة وهي ملثمة "
" فهل أن على النساء جميعاً أن يقتدين بتلك العالمة أو الأخرى المحاربة، فيتركن أزواجهن وأولادهن دون رعاية؟ "، تعهّدت شملكان الردّ عليها. أجابتها ليلو بعد هنيهة تفكير: " ليسَ بالضرورة أن يكن قدوة لجميع النساء. ولكن مجردَ السماح لهن بخوض مجال العلم والجهاد، دليلٌ على أن ذلك غير محرّم "
" الحلال والحرام، يا صغيرتي، لن تفتي به امرأة؛ إن كانت المرحومة أمّو أو غيرها. على المؤمن أن يستفتي شيخَ الجامع، الأقرب إلى منزله "
" الله، الله..! "، أوقفَ أوسمان اندفاع امرأته بتعبيرٍ لاذع. ثم قال لها: " وأنتِ، من أين أتيتِ بهذه الفتوى؟ لعلمك فإن شيخ السلطان، بذات قدره وفضيلته، هوَ إنسانٌ جشع ومحتال يقبض الرشاوى من هذا وذاك للتوسط من أجل وظيفة أو منصب. أخيراً، أكل علقة محرزة من أخوتنا البدرخانيين، الموظفين في قصر الآستانة! "
" وأخيراً أيضاً، عرفنا أنهم أخوتُكَ؛ أولئك الباشاوات، الذين خانوا السلطان أثناء الحرب مع الروس، ما تسبب بالغضب علينا نحن الرعية ومن ثم هروبنا من موطننا "، ردّت له شملكان حجرَ سخريته. ضيف الدار، كان يود منذ البداية أن يدلي بفكرة معتدلة كيلا يغضب صديقته. أما وقد دخل الحوار إلى نفق الجدل الزوجيّ، فإنه فضل البقاء في مأمن خارجه. كأنما قرأ أوسمان ما دار في ذهن أجيره، وها هو ينهض منتصباً ليرمي نظرة مستخفة صوبَ اامرأة: " أثناء تلك الحرب، كنتِ أنت لم تولدي بعد؛ أو ربما كنت ما زلتِ رضيعاً "، قالها ثم أردفَ متوجهاً إلى الفتى، " لنسِرْ نحن إلى عملنا، ولندع بقية الحديث للفتاة المحاربة وتلك المنكودة بالحرب! ".

5
العام، المتعيّن فيه على عليكي الصغير أن يتم فيه دراسته الإعدادية ـ وفي التالي، أن يتقدم لخطبة مَن عشقها سنيناً عدّة ـ ستبقى وقائعه مرقّشة في ذاكرة ليلو بمدادٍ من مختلف الألوان، المبهجة والقاتمة. كان العالم قد أوصد أمامها الأبواب تماماً، وذلك مع اكتمال نضج جسدها. الرغبة الجامحة لديها بالدراسة، أضحت من ذكريات زمنٍ ولّى ولن يعود أبداً. مع ذلك، كان يحق لها أن تفخر، حتى في أحلك ساعات القنوط، بأنها غدت واحدة من أمهر خيّاطات الحي. هذه الصفة، ستحوزها بعد مضي قرنٍ كاملٍ ابنةُ حفيدتها؛ شقيقتُنا الكبيرة، التي أخذت أيضاً عن الجدّة الأولى جمالَها وتوقَها إلى الدراسة، الخائب.
بدأ العامُ بخبر مستطير، وصل للعائلة من الجهة الأخرى من الحي: " الخالة فاتي مريضة جداً، وهيَ من أرسلتني إليكم "، قرصهم بهذه الكلمات ابنُ ضرّة قريبتهم وكان غلاماً أسمر مديد القامة كأبيه. امرأة أوسمان، وكان هوَ قد حظرَ عليها بتاتاً الخروج من المنزل إلا لزيارة بيوت الأقارب في الزقاق، بقيت على جمر القلق في انتظار عودته ساعة القيلولة. ولكنه عليكي الصغير، مَن لبى دعوتها. كان قد حضر من مدرسته على وقت الغداء، فهُرع حالاً إلى منزل معلّمه. قال لها بحضور ليلو: " العم أوسمان، لا يتأخر عن المجيء لبيته سوى في حال دفع له زبونٌ ضعف الأجرة ". هكذا خرج ثلاثتهم من المنزل، لينحدروا في درب الزقاق الموصل للجادة الرئيسة. التزموا الصمتَ لحين تناهي خطاهم العجولة إلى الحارة الأخرى.
" أسبوع بحاله، وهيَ عاجزة عن النهوض على قدميها. لم ينفع معها الفصاد ولا الأعشاب المغلية "، خاطبت الضرّة قريبتي المريضة. هذه الأخيرة، كانت غارقة في نوم مضطرب ذاخر بالرؤى مثلما أفصح عن ذلك إفاقتها بين فينة وأخرى، مرددةً أسماء من رحلوا من عائلتها. ثم انتابتها غيبوبة عميقة، لم تستيقظ منها إلا لتفتح عينيها لمرة وحيدة، حَسْب: " ليلو وشملكان، هنا..؟ آه، ما أسهل الرحلة الآنَ! "، قالتها وكانت تستجمع قواها لمزيدٍ من الكلام فيما لاحَ من لهاثها وإشارات يدها. غير أنها فقدت الوعي مجدداً؛ كان واضحاً لمن حولها أنها تحتضر. الصرخة الموحية بالفاجعة، المنطلقة على الأثر من حلق كبرى الضيفتين، سرعان ما أصدت في صالة الضيوف؛ ثمة، أين اجتمع طراد آغا مع عليكي الصغير.

***
المقبرة الصغيرة، المعتلية بكآبة ذلك المرتفعَ، الملتقي فيه رأسا زقاقَيْ آله رشي وحاج حسين، عادت لاستقبال جدث أحد الأقارب. كان الحضورُ الكبير لافتاً في موكب الجنازة، وكذلك في أيام العزاء الثلاثة. فإن كون طراد آغا وجيهاً من عائلة مرموقة ومرهوبة الجانب، فقد كان من شأنه تحويل حجرات منزله الأرضية إلى مكانٍ جُمع فيه الخلق من مختلف السويات الاجتماعية. عائلة المرأة الراحلة، كانت أيضاً موصوفة بالرفعة وعلو الشأن، بالأخص مع تولي كبيرها، الحاج حسن، منصبَ زعيم الحي.
الخطى المتعثرة، المتدحرجة في المنحدر المؤدي من المقبرة إلى الحارة، ستتمهل كي تستطيع صاحبتها التقاط الأنفاس ومن ثم وضع اليد على البطن: " يا الله..! لعلني أحمل جنيناً مجدداً "، هكذا هتفت شملكان كلماتها في سمع مَن معها من الأقارب. آخر مرة كانت فيها حبلى، قبل نحو ثلاثة أعوام؛ ولم يكن للوليد وقتئذٍ حظٌ أفضل من أخوته الراحلين في سنّ مبكرة. برغم تلك المآسي، ظلت المرأة ذات الشعر القرمزي تأمل بيومٍ يجتمع فيه ذريتها من حولها بدِعَة وسعادة وراحة بال. وكما كانت عادتها في مثل هذه المناسبة أيضاً، فهيَ ذي تسعى لاستشارة زوجة أبي عليكي الصغير. برغم صيتها الذائع، كامرأة تمارسُ سحراً أسود، إلا أنها لم تخلُ من بعض النفع بالنسبة للنسوة اللواتي فقدن كل أمل.
" لن يكون وليدكِ قرّةً لعينيك، طالما أنّ أباه لا يطلب الغفران على أعتاب قبر رسول الله "، كذلك تمتمت امرأة نيّو فيما كانت تطرح الندّ في منقلها النحاسيّ المشتعلة جمراته. في أوان عودة أوسمان من عمله على ساعة الغداء ذلك اليوم، استقبلته امرأته بترديدٍ للجملة الفائتة، وكانت قد حفظتها غيباً. تساءل الرجلُ باستنكار: " ياو هل ذنبي لا يغتفر إلا في الحجاز، وذلك لأنني أُسقى يومياً بضعة أقداحٍ من نهر الخمر؟ ". ولكن أوسمان، في حقيقة الحال، كان عذابه من انعدام الذرية لا يقل عما كانت تعانيه امرأته. حق له الفخر، من ناحية أخرى، كونه لم يأتِ لها بضرّة أو أكثر؛ هوَ من أضحى حاله الماديّ أفضل من غيره في الحارة. كان ما ينفك على ولهه بشملكان، لا يرى غيرها في العالم امرأة.

***
في خريف ذلك العام، وضعت شملكان مولوداً ذكراً. عندئذٍ اعتُبرت شبهَ مُحققة، نبوءةُ امرأة نيّو. والدُ المولود، كان قد عاد قبلاً من حجّ بيت الله الحرام. لما ذكّره يوماً عليكي الصغير بلقبه، الحاج، على خلفية رائحة الكحول المبثوثة من فمه ـ ما كان من الرجل سوى القَسَم ألا يقرب الخمر لو حظيَ ابنه بعطف الخالق. ثلاثة أعوام على الأثر، وبرّ أوسمان بذلك القسم. أما ابنه، الذي نما رقيقَ العود ذا وسامة لافتة، فإنه عُرف طوال حياته بلقب " حاجي "!

* الفصل الرابع/ الكتاب الثاني، من سيرة سلالية ـ روائية بعنوان " أسكي شام "



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلى والذئاب: تتمة الفصل الثالث
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 1
- عاشوريات
- عصير الحصرم 76
- عصير الحصرم 75
- عصير الحصرم 74
- عصير الحصرم 73
- غرائب اللغات 2


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل الرابع