أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - تاجرُ موغادور: الفصل الخامس 6














المزيد.....

تاجرُ موغادور: الفصل الخامس 6


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6148 - 2019 / 2 / 17 - 21:37
المحور: الادب والفن
    


تردد صدى ضحكتها من خلف شجيرات الدفلى، فيما كان يموه شخصيته بملابس بدوية. وها هيَ " رومي "، الهيفاء القوام، تظهر من تلك الناحية مكتسية أيضاً جلباباً بدوياً وقد أسدلت برقعاً قاتماً على وجهها. سبقَ لذلك البربريّ، " التيناوي "، أن زودهما بما يعينهما على اجتياز مدخل المدينة، المشددة عليه الحراسة. وكان قد طلب منهما ترك طريق القوافل ومن ثم التوجه إلى باب مراكش، كون المشرف على الحراسة من أبناء قبيلته. فلو أشتُبِهَ بأمرهما، فإنّ الرجل سيتدخل بعدما يدفعان إليه بورقة عليها خاتم زعيم القبيلة. هكذا تابعا طريقهما، حاثين فرسيهما على الخبب بسرعة أكبر. العرصات، المشكّلة ما يُشبه الجزر الخضراء وسط أمواج الكثبان الرملية اللانهائية، كان في الوسع رؤيتها إلى الشمال من طريق القافلة. وما لبثَ رجالُ البربريّ، المرافقون لهما، أن تركوهما وعادوا أدراجهم إلى المعسكر. فعلوا ذلك، حالما بدت عن بُعد الحاضرةُ البحرية، بأسوارها وأبراجها ومساكنها، محلقة كيمامة بيضاء في الأفق الرماديّ.
على أثر مروقهما بسلام عبرَ باب المدينة، وابتعادهما لمسافة جيدة داخل الممر المؤدي إلى الأسواق، اضطرا للترجل بسبب الزحام. تلامست كتفاهما في خلال السير، بينما رأسا الجوادين راحا بدَورهما يتأرجحان عن قرب في نعومة وكأنما يتبادلان الهمسات. قالت له، تومئ إلى مدخل منفتح إلى يسارهما: " عندما كنتُ صغيرة، أعتدت على مرافقة مدبرة البيت إلى سوق واقة هذا. إلا أنهم كفوا عن اصطحابي للسوق مذ أن صرتُ صبيّة، بالنظر إلى تعدد الحوادث في الحي المجاور "
" هل هم الجند، مَن يتسببون بمضايقة الحرائر في السوق؟ "، سألها وفي ذهنه ذكريات أصناف العسكر الدمشقي وما كان من ترويعهم للمتسوقين والتجار على حد سواء. ردّت عليه، محدقة بعينيه من وراء النقاب: " لا، بل إنهم جماعة أغادير من يسكنون الحي. إنهم معروفون بالتزمت والعدوانية، تجاه الغرباء بشكل خاص. المدينة الإسلامية، تكرّس هكذا نزعات وعلى العكس من الأرياف. بل إنّ الباعة الجوالين، اليهود، يدخلون بيوتَ القرويين بكل حرية وترحاب، ليعرضوا على النساء ما يحملونه من بضاعة "
" ملاحظتك صحيحة، بشأن جو المحافظة في المدن الإسلامية، وتنطبق أيضاً بالطبع على مشرقنا. إلا أن وضع اليهود هنالك أقل أهمية بكثير، قياساً على ما يتمتعون به من حرية ومكانة في هذه البلاد "
" وماذا عن النصارى؟ أعني، المسيحيين من أهل السلطنة؟ "
" وضع كل طائفة منهم يرتبط بالدولة الأوروبية، التي لها ذات المذهب. فلو حصل خلاف، مثلاً، بين الباب العالي والقيصر الروسيّ، فإن طائفة الأرثوذكس ستتعرض إلى الاضطهاد في جميع أرجاء السلطنة "
" مع ذلك، يبدو لي المجتمع عندكم أكثر غنى بتنوعه وتعدده، مقارنةً مع السلطنة المراكشية. المسيحية، لم تستطع مد جذورها هنا وعلى العكس من حالها في المشرق. هذا، مع أنّ القديس أوغسطين، أحد أهم أعمدة الكاثوليكية في العالم القديم، ولد ونشأ في الولاية الجزائرية المجاورة "
" لما أتى العرب، تحوّل البربر إلى الإسلام مرغمين؛ وذلك لكونهم وثنيين وليسوا من أهل الكتاب، حال اليهود "
" لم يكن عدد اليهود كبيراً في السلطنة، على أيّ حال. الموجات الأحدث من اليهود، أتوا إلى البلاد بحكم التجارة. أما أفراد طائفتهم القدامى، فإن أسلافهم كانوا قد هاجروا من الأندلس بعيد وقوعها بيد النصارى "
" وأنتِ، يا سيّدتي؟ كأني بأسرتك لم تزل جذورها تُروى من معين دين الأسلاف، النصرانيّ؟ "
" أنا لستُ سيّدتك، بل صديقتك! "، قالتها وقد بانت ابتسامتها على أثر رفعها النقاب ببساطة. وكان ينتظر جوابها، حينَ توقفت هيَ لتلقي نظرة شاملة على المكان. وما عتمت أن هزت رأسها، قائلة: " صرنا بمحاذاة السراجين، ومن الممكن لنا امتطاء الخيل لقلة السابلة على طول الطريق المؤدي للقصبة ". دونما أن تنتظر رد رفيقها، وضعت قدمها في الركاب برشاقة ومن ثم استوت على سرج حصانها. جارى حركتها، وما عتمَ أن لحق بها خبباً. لما حاذاها، أرخت حبل دابتها كي تسير على مهل. خاطبته عن قرب، مجيبة على سؤاله بلهجتها اللاذعة: " كأني بك أيضاً على قلق، بشأن مصيري في الحياة الأخرى؟ ولكن المهم عندي هيَ الحياة هذه، والتي وُهِبناها حتى نتمتع بها على أكمل وجه. وإلا ماذا أفعل معك في فردوس الله، حين سأجد عشرات الحوريات يشغلنك عني؟ ". شاركها شعورها المرح، كونه لم ير في كلامها تجديفاً مثلما جرى في مبتدأ رحلتهما.
وقال يحدث نفسه: " وإذاً، فإنها مؤمنة بوجود حياة أخرى بعد الموت. وهذا، في آخر المطاف، هو المهم! ". مع ولوجهم القصبة خِلَل مدخلها المهيب،، صارت معدومة المحلات التجارية، وما عادت الجدران تنفتح سوى على مداخل البيوت ذات الأبواب الخشبية المزخرفة بإتقان وحرفية. رسم الخميسة، المتكررة نسخه الزرقاء على العديد من هذه الأبواب، كان يقطع بين فينة وأخرى برسم الشمعدان السداسيّ، الخاص باليهود. تذكّر " جانكو " عندئذٍ كلام صديقه الرابي، عن منع السلاطين لليهود الإقامة خارج الملّاح سوى لأغنيائهم. مبتسماً لفكرة أخرى، راحَ يتخيل صديقه وهوَ ملاقيه بالأحضان، سعيداً لنجاح مهمة تخليص الرهينة الفرنسية.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاجرُ موغادور: الفصل الخامس 5
- الرسالة
- تاجر موغادور: الفصل الخامس 4
- تاجر موغادور: الفصل الخامس 3
- تاجر موغادور: مستهل الفصل الخامس
- تاجر موغادور: بقية الفصل الرابع
- تاجر موغادور: تتمة الفصل الرابع
- تاجر موغادور: الفصل الرابع/ 4
- تاجر موغادور: الفصل الرابع/ 3
- الصراطُ متساقطاً: الفصل المفقود 5
- الصراطُ متساقطاً: الفصل المفقود 4
- الصراطُ متساقطاً: الفصل المفقود 3
- الصراطُ متساقطاً: الفصل المفقود 2
- الصراطُ متساقطاً: الفصل المفقود 1
- المزحة
- تورغينيف وعصره: القسم الأخير
- الصراطُ متساقطاً: بقية فصل الختام
- الصراطُ متساقطاً: تتمة فصل الختام
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 14
- عصيرُ الحصرم ( سيرة أُخرى ): 71


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - تاجرُ موغادور: الفصل الخامس 6