أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نادية محمود - القمع ليس جوابا!














المزيد.....

القمع ليس جوابا!


نادية محمود

الحوار المتمدن-العدد: 6002 - 2018 / 9 / 23 - 22:40
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تهدد الميلشيات الاسلامية والحكومة وقواها الامنية بانهاء التظاهرات في البصرة عبر محاولة قمعها. في هذا الصدد يجب التذكير بامور اولية واساسية فيما يخص علاقة الدولة بالمواطن. وهنا لن اتحدث عن كون الدولة هي تعبير عن جهاز لصالح البرجوازية الحاكمة، لفرض هيمنتها على المجتمع فذلك اصبح في عداد البديهيات. بل ساشير بشكل سريع الى التغييرات الجديدة التي تحدث في العراق، كجزء من التغييرات والتحولات التي تسير على صعيد عالمي، والتي لها الاثر المباشر في الانتفاضات التي حدثت والتي ستحدث مستقبلا، ان لم يتم الاجابة على حاجات الناس. وهي:
اولا: ان الزمن الذي كانت تقايض فيه الدولة المواطنين بتقديمها للوظائف والخدمات لهم مقابل تقديم الولاء السياسي قد انتهى وولى عهده. في زمن نظام صدام حسين او حزب البعث كانت هنالك مقايضة سياسية اقتصادية اجتماعية واضحة المعالم، من جهة كان هنالك دور ناشط للدولة في توفير فرص العمل والتوظيف الحكومي المركزي، والصحة المجانية والتعليم المجاني، مقابل الولاء التام لحزب البعث من قبل المواطنين، وقمع اي معارض للنظام. جرى العمل على هذا النظام حتى انتهاء الحرب العراقية الايرانية والشروع بحرب الكويت وماتلاها من حصار اقتصادي وحروب وبقية التطورات التي يعرفها الجميع.
ثانيا: بتبني الحكومات في كل مكان في العالم تقريبا ومن ضمنها العراق، لسياسات الاقتصاد الحر الجديد او النيوليبرالية انتهى زمن تدخل الدولة ومسؤوليتها امام المواطنين. هذه السياسة في جوهرها تعني تقليص دور الدولة الاقتصادي من اجل توسيع دور السوق في تلبية حاجات الناس. في هذا النظام الاقتصادي الاجتماعي، لا تقوم الدولة -افتراضا انها تقوم- الا بمسالة حماية الامن الخارجي والداخلي ومراقبة تنفيذ القانون، وهي تغطي تكلفة ذلك من موارد الدولة ذاتها. اما الماء والكهرباء وفرص العمل والخدمات والنظافة والتعليم والصحة هي ليست من مسؤولية الدولة، بل تلقى على كاهل المواطن.
وهذا يقودنا الى النقطة الثالثة، ان كانت الدولة غير مسؤولة عن توفير حاجات الناس الاساسية، وان هذه المهمة ملقاة على عاتق المواطن والمواطنة نفسها، الذين من المفترض ان يتنافسوا فيما بينهم ليجدوا لهم فرص عمل، وان يسدوا حاجاتهم من اجور عملهم، ماهي ضرورتها اساسا للمواطن؟ خاصة وان لا الامن الخارجي ولا الداخلي موجودان، ولا القانون، اي قانون ليس له وجود، غير قانون الغاب. خاصة وان كل ما يترشح عن هذه الدولة واعمالها وصيتها هو سرقة المال العام لاغراض شخصية. لماذا يتوجب على المواطن اقامة الاعتبار لهذه الهيئة الزائدة والاضافية والطفيلية التي لا تقدم شيء، بل تسرق منه المال العام فقط بقوة السلاح والقانون واسباغها على نفسها صفة دولة؟ لماذا يتوجب على المواطنين الاقرار بوجود هذه الدولة؟ لماذا يتوجب صيانة حرمة دولة من هذا القبيل؟.
رابعا: اذا كان مطلوبا من المواطن والمواطنة ان يتحملوا سد نفقات معيشتهم وان يتدبروا امرهم بانفسهم، وبان الدولة ليست مسؤولة عن اشباع حاجاتهم، اذن لماذا يجب ان تلام الجماهير اذا ماقرر الناس ان يقلبوا الطاولة على هكذا دولة، وان يتخلوا عنها وان يقفوا بوجهها؟ خاصة وان هذه الفئة طفيلية زائدة، بدون انتاج، لا تقدم اي شيء للمواطن، ومع هذا، تسرق المليارات وتعيش في ترف، بدون عمل، بل وعاطلة عن العمل؟ تريد ان تسرق وتنهب بل وان تقمع ايضا من يعترض طريقها.
قال العبادي في الايام الاولى من بدء الاعتراضات بان التظاهر هو حق كفله المواطن. شكرا السيد العبادي. لكن مشكلة الناس ليس ضمان حق التظاهر، بل ضمان وجود ماء وكهرباء وفرص عمل ودخل اساسي واولي ليشبعوا الناس ابسط حاجاتهم. دولة لا تضمن حصول مواطنيها على هذه الحقوق الاولية والاساسية، لا يمكن ان يلومها احد بالسؤال لماذا تنتفض؟ ناهيك عن استخدام القمع كعقوبة للمتظاهرين او ردعا لهم هو ليس حلا. فالناس ستظل تريد ماء، وستظل تريد كهرباء، وتريد دخل يؤمن لها حاجاتها الاساسية هذه. القمع ليس جوابا!
نقطة اخيرة، الاعتراضات على اخلاء الدولة لمسؤوليتها امام المواطن هي مسالة ليست محلية على الاطلاق، بل مسالة عالمية، وهي تعلن عن مواجهة المليارات من البشرية لنظام الاقتصاد الحر الرأسمالي الذي يفرض هيمنته على العالم برمته. واسوق هنا مثالين فقط: بينما المتظاهرون في شوارع البصرة ينادون الدولة بتوفير الماء والكهرباء وفرص عمل، خرج مئات الاباء والامهات في المدن الصينية يهتفون "لا لمدارس القطاع الخاص" احتجاجا على سوء التعليم، وحشر ابنائهم في صفوف مكتظة بالطلبة، واقتراح الحكومة عليهم ان يرسلوا اولادهم وبناتهم للتعلم في مدارس القطاع الخاص. انه رفض لسياسة الاقتصاد الحر ورفض لسياسة الخصخصة ورفض للنظام الراسمالي برمته. وبنفس السياق، وردا على اخلاء الدولة لمسؤوليتها عن توفير فرص عمل، تأسست حركة عالمية واسعة قبل اعوام تطلق على نفسها "شبكة الارض للدخل الاساسي". وهدف هذه الشبكة العالمية هو الضغط على حكومات كل الدول في العالم على توفير دخل اساسي واولي لكل انسان، رجل وامرأة وطفل، من اجل ان يتمكنوا من سد حاجاتهم الاساسية. وهكذا، العالم في غليان مستمر تحت وطأة النظام الراسمالي، والناس اي كانت درجة القمع، لن تسكت على الجوع، فهي فعلا وواقعا لم يتبقى لها ما تخاف ان تفقده في النضال ضد هذا النظام الرأسمالي الجشع والبشع في ان واحد.



#نادية_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كي لا ننسى - دروس من انتفاضة البصرة-
- لا تحرفوا القضية: مطالب ثورة البصرة.. ماء وكهرباء وفرصة عمل
- على مذبح ثلاثية الحصة- الطائفة- الفساد، تنتفض البصرة!
- مالذي تغيّر في احتجاجات صيف 2018 عن تظاهرات صيف 2015؟
- التظاهرات والتنظيم!
- حول التنظيم العمالي- البطالة، العمالة الهشة (المؤقتة، غير ال ...
- حول التنظيم العمالي- اوضاع الطبقة العاملة في العراق واثارها ...
- احتجاجات العاطلين عن العمل
- حول التنظيم العمالي- توزيع الطبقة العاملة في العراق- الجزء ا ...
- حول التنظيم العمالي- المجالس العمالية - الجزء الرابع
- حول التنظيم العمالي -المجالس العمالية- الجزء الثالث
- حول التنظيم العمالي- المجالس العمالية- الجزء الثاني
- حول التنظيم العمالي - المجالس العمالية- الجزء الأول
- لا تغيير بعد الانتخابات؟
- هل كل هذا من اجل -خدمة الوطن والشعب-؟
- انتهاء -العرس الانتخابي- وحكومة الاقلية - وليس- الاغلبية الس ...
- الانتخابات والمرجعيات
- حول الانتخابات القادمة ويوم العمال العالمي
- مالذي سيتغير بعد الانتخابات، ومالذي لن يتغير؟
- -صوتوا لمستقبلكم-؟...... مستقبل من.. تعنون؟


المزيد.....




- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نادية محمود - القمع ليس جوابا!