أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الهيموت عبدالسلام - الحسين بن علي :الشجرة التي تخفي الغابة















المزيد.....

الحسين بن علي :الشجرة التي تخفي الغابة


الهيموت عبدالسلام

الحوار المتمدن-العدد: 6002 - 2018 / 9 / 23 - 19:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1/في أسباب النزول
مع كل تخليد لذكرى "قتل الحسين بن على" حفيد النبي محمد يتجدد الجدلُ داخل صفوف الماركسيين خاصة وداخل صفوف اليسار عامة : بين مَن يعتبر الحسينَ رمزاً للتضحية وثائراً ومقاوماً قاوم الظلم والشر الذي مثله الأمويويون في شخص "يزيد بم معاوية" ويُعضدون طرحَهم هذا بشهادة زعماء عالميين مثل "المهاتما غاندي" رائد أكبر عصيان مدني سلمي ضد الاحتلال الإنجليزي، وشهادة "هوشي منه" زعيم الحزب الشيوعي الفيتنامي وغيرهما من زعماء ومفكرين اعتبروا "الحسين بن علي" رمزا للتضحية والثورة على الاستبداد وقد قدم حياته فداء مثل "غيفارا" و"المسيح" وغيرهما، وبين من لا يعتبره أنه ثائر قاوم الظلم والاستبداد وأنه مجرد ضحية لصراع دموي على السلطة من داخل بنية واحدة.
أعتبر هذا الجدل حول قضية "حسين بن علي" وقتله في واقعة كربلاء من طرف "يزيد بن معاوية" وتشريد أسرته وتداعياتها التراجيدية ليس اجتراراً لقضية عمرها 14 قرنا ،وليست نوعا من الخُبل العقلي الذي يعانيه العرب والمسلمون في تناول قضايا ماضوية في عصر تبدلت معطياتُه وإشكالاته وأنماط تفكيره كليِاً. إن هذا الجدل هو فقط مظهر من مظاهر الأزمة التي يعيشها الماركسيون خصوصا واليسار عموما حول تعاطيهم السلبي مع الدين الإسلامي ،هذا الجدل يشي بالكسل الفكري وعدم القدرة على تقديم قراءة شاملة للدين الإسلامي بحكم سيطرته الكبيرة على الأمزجة والعقول والعادات والمواقف ، وبحكم أن الدين في مجتمعاتنا هو الناظم لكل شؤون الحياة المجتمعية والروحية والعقلية .

2/الماركسية والدين
بالعودة ل"كارل ماركس" نجده يركز في مشروعه النقدي الكبير على نقد الأرض وليس نقد الجنة،وعلى إنزال الإنسان من السماء إلى الأرض ،وتحويل الفلسفة من وصف العالم لتغييره ،ماركس لم يهاجم الدين في ذاته ،انتقد ماركس الدين حين يصبح أداة لاستغلال الشعوب وقهرها وتخديرها ،ماركس لم يبشِر في كتاباته بالإلحاد ولم يعتبر الإلحاد شرطا ضروريا للنضال ضد الاستغلال وضد الفقر وضد المجتمع الطبقي،فمقولات الدين أفيون الشعوب وزفرة الإنسان المضطهَد يجب قراءتها في معمعان الصراع الطبقي كمحرك للتاريخ وفي إطارها المادي والجدلي والديالكتيكي وليس قراءة تأملية هيجلية ، مع لينين كذلك القائد الأول لتجربة اشتراكية في الاتحاد السوفياتي وأول تجربة تطبيقية للنظرية الماركسية على أرض الواقع السوفياتي حيث دعا لينين في تصريح تاريخي شعوبَ آسيا الوسطى المسلمة لممارسة شعائرهم الفردية والجماعية بكل حرية مما يؤكد أن النقد الماركسي للدين أي دين فقط حين يتحول لأداة لتأبيد السيطرة وتزييف الوعي وإرجاء السعادة للعالم الأخروي.
صحيح أن الفلسفة الماركسية بمناهجها الجدلية والمادية والديالكتيكية هي فلسفة مادية تعتبر أن التاريخ يحركه صراع الطبقات ولا تحركه لا قوى خفية ولا تصنعه العائلات والملوك والسلالات والأفراد كما ورد عند العديد من المؤرخين السابقين على ماركس ،صحيح أن الفلسفة الماركسية تعتبر باقي النظريات السابقة عليها إما ميتافيزيقية أو مثالية أو مادية ميكانيكية وأن التناقض هو القانون العام الذي يحكم نظامَ الطبيعة ديالكتيكيا ونظام الوجود الاجتماعي والفكر جدليا ،وهي الفلسفة الوحيدة التي فككت بنية النظام الرأسمالي وعرت على ميكانزمات وآليات استغلاله الاقتصادي (فائض القيمة) وتزييف الوعي واستلابه الذي ساهمت فيها الكنيسة ورجال الدين بشكل كبير إذ يصبح الدين تلقائيا في النظرية الماركسية عزاءً للفقراء ومخففاً للظلم ومُوهماً بعالم سيسعد فيه الفقراء والمهمشون والمستغَلون.

3/ الماركسيين العرب والدين الإسلامي
خلافا لليسار المغربي بكل تصنيفاته الذي لم يُنتج قراءة للدين تساير الطموح في بناء مشروع سياسي واقتصادي وفكري جديد إذ وعى العديدُ من المفكرين ومن الأحزاب السياسية أهمية وضرورة قراءة التراث الفكري العربي والإسلامي قراءةً تقدمية علمية واعتبار هذا التاريخ لا ينفلت عن الصراع البشري الذي تخترقه تناقضات طبقية وتيارات فكرية متناقضة ومصالح متضاربة بين الحاكمين وبين المحكومين ، في هذا السياق ظهر في سبعينات القرن الماضي لاهوت التحرير حيث أصبح المتدين المؤمن يناضل إلى جنب الماركسي اليساري على قضايا العدالة الاجتماعية والحرية والمساواة وفي مواجهة نظام الاستغلال الرأسمالي وقد نشأت الحركة الأولى في كولومبيا على يد أساقفة أمريكا اللاتينية بزعامة القس "جوستاف جيتيرز" للدفاع عن حقوق الفقراء والمهمشين الشيء الذي جعل الكنيسة الكاثوليكية تهاجم ما اعتبرته نفوذا ماركسيا داخل الكنيسة .
أما في السياق العربي والإسلامي الإسلامي ووعياً بضرورة قراء الثراث العربي الإسلامي قراءة تقدمية تمهد لإشراك الجماهير الواسعة المؤمنة في صيرورة التغيير والتحرر وتسلحها بالفكر النقدي والتريخي والنسبي وتفتح أعينها على المحطات المشرقة التي تلهمها في مواصلة الصراع ضد الجمود والنصية والخرافة ،فقد كان لِ"حسين مروة" مشروع كبير اشتغل عليه طيلة عقد من الزمن أسماه "النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية" ، وقد اعتمد حسين مروة المنهجَ الماركسي في استنباط واستكناه النزعات المادية والعقلانية داخل المتن الفلسفي العربي الإسلامي، وقد قُتل المفكر "حسين مروة" من طرف القوى الظلامية 1987 دون أن يكمل مشروعه،ولكن سار على دربه العديدُ من المفكرين مثل "مهدي عامل" و"هادي العلوي" و"غالي شكري" و"الطيب التيزيني" و"محمود اسماعيل" و"معين بسيسو" و"صلاح عبد الصبور" و"محمد أركون" و"ناصر حامد أبوزيد" و"محمد عابد الجابري" من منطلق قومي وحدوي و"عبدالله العروي" من منطلق القطيعة مع الثراث وغيرهم ...أما الأحزاب الشيوعية فالحزبان العراقي والسوداني فتميزا ببلورة مشروع سياسي يلعب فيه الدين دروراً أساسيا ممارسة وتفكيرا وطقوسا ،وهناك قراءات تقدمية من منطلقات إسلامية للمفكر "حسن حنفي" أسماه اليسار الإسلامي و"فرج فودة" في قراءته التي قُتل بدوره على يد قوى الظلام رغم أنه كان خريج الأزهر ويبحث من داخل المنظومة الدينية وقد عملت قراءتُه عل خلخلة كبيرة للتاريخ الإسلامي منطلقا من أن الصراع الدموي الذي طبع المسلمين هو ليس صراعا دينيا بل هو صراع مصالح اقتصادية وسياسية بما في ذلك الصراعات التي أدت إلى قتل ثلاثة من الخلفاء الراشدين...

4/ إعادة القراءة شر لابد منه
من منطلق التجارب السياسية والفكرية والفنية لإعادة قراءة التراث العربي الإسلامي قراءة تقدمية وتثويرية للدين في أفق تحويله أداة من أدوات التحرر والتنوير والتقدم وعدم تركه حكرا لقوى التخلف والاستبداد والرجعية ،وانطلاقا من أن النص الدين كباقي النصوص يظل مفتوحا على القراءات الرجعية والتقدمية على السواء ،وأن النص كل قارئ بل وحتى الشيطان يجد فيه ضالته ! ! ،وانطلاقا من القراء ة الماركسية للتاريخ الإنساني التي تفيد أن الإنسانية عرفت منذ البدايات الأولى لظهور الإنسان صراعا فكريا بين المادية والمثالية يوازيه في المقابل صراع مصالح ...فإن الماركسيين المغاربة ليسوا مطالبين بصنع العجلة ولكن بالمساهمة في قراءة الدين الإسلامي على غرار من سبقوهم وعلى ضوء اللحظات المشرقة والعقلانية في تاريخنا العربي الإسلامي الأمازيغي ،قراءة الدين الإسلامي ضرورة معرفية وسياسية لاستكناه النزوعات الاشتراكية والعقلانية والثورية والتي تمتد إلى حركة الشعراء الصعاليك الذي كانوا يسرقون الأغنياء ويقتسمون الغنائم مع الفقراء البسطاء ،مرورا ب"أبي ذر الغفاري" و"علي بن أبي طالب" و"الحسين" الذين عرفوا بالميولات الاجتماعية والإنسانية ومرورا بثورات كثيرة عرفها التاريخ العربي الإسلامي كثورة الزنوج والبابكيين والقرامطة وغيرها من الثورات والانتفاضات،ناهيك عن مفكرين وفلاسفة عقلانيين ك"أبي بكر الرازي" و"الفارابي" و"ابن خلدون" و"ابن رشد و"ابن طفيل" و"ابن مسرة" وكذا "السهرودي" و"الحلاج" و"محيي الدين بن عربي" في مجال الصوفية ،إن المسيرة النضالية والفكرية التقديمية والإنسية والعقلانية لا تبتدئ مع ماركس ولينين وليس فقط مع التجربة السوفياتية ،ف"محمد بن عبدالكريم الخطابي" و"نيلسون مانديلا" و"الحسين بن على" و"أبوذر" و"غاندي" و"جمال عبدالناصر" ليسوا ماركسيين بل ثواراً لعبوا أدوراهم الطلائعية في سياقات تاريخية محددة وشكلوا حلقة من سلسة طويلة تعود إلى البديات الأولى للصراع بين قوى الخير والإصلاح والتغيير وبين قوى الشر والجمود والتخلف والاستبداد.



#الهيموت_عبدالسلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقاطعة عبر التاريخ السياسي المغربي
- واتِّحاداااااه
- حول انسحاب أمريكا من مجلس حقوق الإنسان
- النموذج التنموي المغربي : البداية والمخلفات
- القضية الفلسطينية ونقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة
- بنعيسى آيت الجيد جريمة سياسية عمرها 25 سنة
- و يَبْغُونَهَا عِوَجَا
- المصير المشترك لحزب العدالة والتنمية المغربي
- الوجه العربي لترامب الرئيس الأمريكي
- قمة إسطنبول وآفاق المقاومة لتحرير فلسطين
- ما تبقى من ثورات الربيع العربي
- مسلمو الروهينغا
- حراك الريف ومناورات المخزن
- الدوخة المخزنية وحراك الريف
- ذلك المحامي...وحراك الريف
- خيانة المثقفين
- الفقراء
- القمة العربية لصالح من تُعقد؟
- درسٌ من -إسرائيل-
- عن أسباب الإعفاءات الأخيرة


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الهيموت عبدالسلام - الحسين بن علي :الشجرة التي تخفي الغابة