أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - تقنية المعلمومات و الكومبيوتر - توفيق أبو شومر - الشبكة العنكبوتية














المزيد.....

الشبكة العنكبوتية


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 5985 - 2018 / 9 / 5 - 02:30
المحور: تقنية المعلمومات و الكومبيوتر
    


قال لي رجلٌ جاوز سنَّ الخمسين:
صَدِّق، أو لا تُصدق، يمكنني الاستغناءُ عن الطعامِ والشراب مدةً طويلة، بدون أن أُحسَّ بالجوع، ويمكنني أن أستغنيَ عن محيطي العائلي فترةً طويلة، وأن أؤجِّل كل المشكلات فتراتٍ مديدة، وأنسى موعد نومي، وفي مراتٍ عديدة أنسى واجبات عملي الذي أعيش منه، ولكنني لا أستطيعُ أن أبتعدَ عن شبكة الإنترنت ساعةً، أو أقلَّ، فأنا أكتب خاطرةً، أو رأيا في شبكة التواصل الإلكترونية، أو بعبارة أوضح، أنا أنصُبُ (شبكة صيد) وأنتظر فرائسي على أحرِّ من الجمر، أي أنتظرُ مُتابعيَّ على صفحتي، صدِّقني إن صوت صفير الإشعارات المنبعثة من هاتفي الشخصي، أغلى مَن صوت أبنائي، هذا الصوت أصبح مركز اهتمامي، يوقظني حتى من عزَّ نومي، غدا مُقدَّما على كل واجباتي، حتى وأنا أشكو إليك حالي الآن، تلقيتُ صفارتي إنذار من شبكتي العنكبوتية الإلكترونية!! صدقني، من السهل عليَّ أن أنسى هُويتي، ومحفظة نقودي، ومواعيدي حتى مع الأطباء، ولكنني إذا نسيتُ هاتفي المحمول، أو افتقدتُه، ولم أجده في مكانه، أُصابُ بالجنون.
إن الردود التي أحصلُ عليها نوعان، نوعٌ يسرني، ويفتح شهيتي للطعام، ويدفعني للفرح والابتسام، حتى أن زوجتي تعرف ذلك، وتقول: يبدو أنك حظيتَ بعدد كبير من المعجبين والمعجبات، ونوعٌ آخر يستفزني، فأصاب بالقهر والإحباط، ويجعلني متوترا طوال اليوم في انتظار الداعمين لي على صفحتي، وعندما تستولي علي حالةُ القهر أوبخ أطفالي، وأصرخ في زوجتي، وأحتجُّ على الطعام!! ابتسمتُ وقلتُ:
إنَّ تسمية وسائط التواصل الاجتماعية (شبكة) هي تسمية صائبة، وإليك بعض تفسيراتها:
الشبكة العنكبوتية الإلكترونية تشبه تماما الشبكة التي ينسجها عنكبوت الطبيعة، فهي شبكة مُصمَّمةٌ بإحكام وبتخطيط فائق الذكاء، في آليات عملها، وفي منطقة صيدها، وفي مراقبتها، فهي كما العنكبوت، فكما تضطلع العنكبوت، الأنثى، وليس الذكر، ببناء شبكة التواصل، لتجذب الفرائس، كذلك حالُ شبكتنا الإلكترونية، فالجاذب الأكبر فيها هو صور النساء، ولقطات، وتعليقات الأنثى!!
أما التشابه التالي بين الشبكة والعنكبوت، ففي أعدادها، إذا يبلغ عدد أنواع العناكب عشرات الآلاف، وكذلك فإنَّ عدد برامج التواصل، والتغرير، والتجسس، والسيطرة، والقتل عددٌ كبير!!
ومن أطرف أوجه التشابه أن الشبكة تشبه العناكب في طريقة اقتناص الفرائس، بواسطة التغرير، ومِن ثم الصيد، ولا تكتفى الشبكةُ بالصيد بل إنها تفعل مثلما يفعل العنكبوت، تتغذى على العنكب، الذكر أولا، ومن ثم يتغذى عليها صغارُها، ثم يتغذى الصغارُ على الصغار!!
إذن، تتحد الشبكة مع العنكبوت في مهمةٍ رئيسة، وهي التوحُّش و(الافتراس) فقد باعتْ الفيس بوك، زبائنها، أو بعبارة أكثر وضوحا، سوّقتْ بوستات لحومِهم بمليارات الدولارات لشركة، كامبردج في شهر مارس 2018م!
ومن أبرز صور التشابه بين شبكات التواصل وشبكة العنكبوت، هي ضحايا الشبكة، فما إنْ تصل أصابعهم أطراف الشبكة حتى يغوصوا في شبكة العنكبوت الحريرية الصلبة، فيُقيدون أنفسَهم بأنفسهم، ولا يستطيعون منها فكاكا، ولا يستطيعُ أحدٌ إنقاذهم منها، فهم قد أصبحوا ضحاياها وأسراها، ولم يعودوا يتحكمون في أنفسهم، بل يُساقون ملفوفين بالشبكة إلى فم العنكبوت الشره طعاما سائغا!!
كما أن هناك وجهَ شبهٍ غريبا، وهي أنَّ هذه الشبكة الآسرة، تبدو قويةً مُسيطرة، فائقة الانتشار، ناشرة الإدمان، ولكنها في الواقع ليست سوى نبضاتٍ هوائيةً، لا تظهر للعين، لذلك فإنها هَشَّةٌ، قابلةٌ للزوال في سرعة البرق، يمكن لقراصنة المعلومات أن يضعوا عليها مستحضرات برامج القرصنة، لتصبح هباءً وبخارا زائلا، لا وجود لها !! وكأنها كما ورد وصفُها في الآية القرآنية: "إنَّ أوهنَ البيوتِ لبيتُ العنكبوت"!!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا يشتاق الطلاب لمدارسهم؟
- غزة وإسرائيل!!
- رافضو الموت
- الكاميرا الخفية
- رواية، إيربن هاوس
- الفرهود
- معجزات غزة
- من ملف الأونروا
- مستقبلكم غير مُشرق
- حقق أمنيته في الثانية والتسعين
- فيتوات العالم
- الثأر الوطني، والُار القبلي
- دولة الحواجز
- الرومانيون يهود!!
- عمامة نابليون
- لقطات إعلامية من غزة
- مصانع النكتة
- قصص الفقر في غزة
- الغزل الصاروخي
- ما بعد ابن خلدون!


المزيد.....




- بحيرة زجاجية مذهلة من الحمم البركانية على سطح قمر آيو
- ناسا تحث على توحيد الجهود لمواجهة التغيّر المناخي
- ما هي أعراض نقص فيتامين د النفسية؟
- دراسة: تناول الأسبرين يوميا يحد من خطر الإصابة بسرطان القولو ...
- مغامرات كوميدية بين القط توم والفأر جيري..ثبت أحدث تردد لقنا ...
- ما الرابط بين الكحول وأمراض السرطان؟
- صور الأقمار الصناعية تكشف الاستعدادات لعملية رفح
- ما حقيقة المقابر الجماعية في مجمع ناصر الطبي؟
- صور الأقمار الصناعية تكشف الاستعدادات لعملية رفح
- كندا: خلافات بشأن أول معاهدة عالمية للحد من التلوث الناجم عن ...


المزيد.....

- التصدي للاستبداد الرقمي / مرزوق الحلالي
- الغبار الذكي: نظرة عامة كاملة وآثاره المستقبلية / محمد عبد الكريم يوسف
- تقنية النانو والهندسة الإلكترونية / زهير الخويلدي
- تطورات الذكاء الاصطناعي / زهير الخويلدي
- تطور الذكاء الاصطناعي بين الرمزي والعرفاني والعصبي / زهير الخويلدي
- اهلا بالعالم .. من وحي البرمجة / ياسر بامطرف
- مهارات الانترنت / حسن هادي الزيادي
- أدوات وممارسات للأمان الرقمي / الاشتراكيون الثوريون
- الانترنت منظومة عصبية لكوكب الارض / هشام محمد الحرك
- ذاكرة الكمبيوتر / معتز عمر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - تقنية المعلمومات و الكومبيوتر - توفيق أبو شومر - الشبكة العنكبوتية