أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - أشهرُ صفقة باب في التاريخ














المزيد.....

أشهرُ صفقة باب في التاريخ


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5974 - 2018 / 8 / 25 - 15:38
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



كلّما صادفتُ فتاةً حُرّةً تأبَى أن تكون دُميةً بكماءَ في يد طفل يلهو، أو قطعةَ حلوى خرساءَ لا تعرفُ كيف تهشُّ عن جسدها الذبابَ والبعوض المُحوّم حولها، تذكّرتُ "نورا"، التي اختارها "هنريك إبسن" لتكون بطلة مسرحية "بيت الدُمية"، صاحبة أشهر صفقة باب عرفها الأدبُ. خرجت من باب الأسْر "الدُميوي"، بيت الدُمية، وصفقتِ البابَ وراءها ومضت دون أن تنظر إلى الوراء. ملهمةُ الشعراء والمفكرين والنقّاد ، منذ نهاية القرن 19، وحتى اليوم. والمسرحيةُ في الأساس منشغلةٌ بنمط النساء الُمنسحقات المأسورات بجمالهن، ثم محاولاتهن الانعتاق من دور "الدُمية الحسناء" لتغدو "إنسانًا"، راضيةً بالفاتورة الباهظة مقابل ذلك الاختيار الصعب. الجميلةُ "نورا"، تركت وراءها كلَّ ما يُذكّرها بأنها دميةٌ في يد آخرين، و تمرّدت على خرافة أنها مخلوقةٌ مسلوبةُ الإرادة، غيرُ جديرة بالحرية وتحمُّل المسئولية كإنسان له وزن ودورٌ في المجتمع، بعدما عاشت سنواتٍ مؤمنةً بتلك الخرافة. كانت"نورا" مهزوزةً مهلهلةَ الشخصية أضعفَ من مواجهة المخاطر خارج جدر "بيت الدُمية" الآمن الرغد. قبعت في البيت شابّةً جميلة مُدللة تطيرُ بين غرف البيت مثل عصفور رشيق مُلوّن، لا يقوى إلا على الزقزقة والشقشقة والتسرية عن الرجل والترفيه عن الأطفال. فما الذي جعلها تُقرّر أن تقومَ بتلك الثورة المفصلية؟ مرض زوجُها "هملر" بمرض خطير، فسعتْ إلى الحصول على المال لعلاجه وإنقاذه من الموت، ولو عبر طريق ملتوية. الطريق الملتوية هي لجوؤها إلى صديق الأسرة المحامي كروجشتاد للاستدانة منه بعدما زوّرت توقيع أبيها على إيصال أمانة. فيقوم كروجشتاد الوغدُ بتهديدها بإفشاء سرها لزوجها، الذي شُفي الآن بفضلها، إن لم تُسانده في أن يتراجع زوجُها عن قرار فصله من البنك؛ لأنه يسيء استخدام صداقته له كمرؤوس للزوج في البنك. يعلم الزوجُ بفعلة الزوجة فيُعنفها ويقرر بمنتهى القسوة إنهاء حياتهما الزوجية، ليس من باب الشرف، بل خوفًا على سمعته! وحين يستوثق الزوجُ من أن كروجشتاد قد سحب تهديده وأرسل لهما الوثيقة المزورة، الدليل الوحيد على الجريمة، يحاول هملر استرضاءَ زوجته. لكنها ترفضُ الصفح عمّن جرحَها وباعها رخيصًا، وتهجرُ البيتَ مُخلّفةً وراءها صفقةً مُدوّيةً؛ هزّت أركان الدنيا. ولهذا تقول نورا في ختام المسرحية مبررة لزوجها عدم غفرانها:
"طوالَ الأعوام الثمانية التي قضيناها معًا، وأنا أنتظرُ معجزةً ما. أعلمُ أن زمن المعجزات قد ولّى، ولكنني كنتُ أنتظر! حتى نزلت بي تلك الكارثةُ، فأيقنتُ أن أوانَ المعجزة قد حلّ. ولم يخطر لي ببال، عندما وصل خطاب "كروجشتاد"، أنكَ سترضخ لشروطه، بل كنت واثقةً أنك ستقول له أذعِ القصةَ علي الملأ؛ فأنا لا أبالي، ثم...،" فيقاطعها "هملر”: "ثم ماذا بعد أن أكون قد عرّضتُ باسم زوجتي وجلبت عليها الفضيحة؟” فتستطرد "نورا”، وكأنها لم تسمعه: "ثم تتقدم لتحمل عني وزرَ المسؤولية قائلا: أنا المذنبُ ... وبالطبع ما كنتُ لأقبلَ تلك التضحية؟ تلك هي المعجزة التي كنت أنتظرها وأخشاها يا هملر." ولم تحدث المعجزةُ فخاب ظنُّها في زوجها.
وهاجم بعض النقاد شخصية "نورا" قائلين إن التي تُقدم على تزوير توقيع والدها، لا يمكن الوثوق بقدرتها على القيام بمثل تلك الثورة المجتمعية التي جعلتها ترفضُ موقع الدُّمية وتبرحها إلى موقع الحرية والمسؤولية. وألمحوا إلى التناقض الذي جعل سيدة اقترفت جرمًا يطاله القانون لإنقاذ زوجها من الموت، تريد منه بالمقابل أن يتحمل وزر ما فعلته لأجله، دون أن يخطر ببالها أن زوجها، رغم كونه رئيسا للبنك، ليس مطلوبًا منه أن يكون بطلا إغريقيًّا يصنع المعجزات ويتحمل نتائجها الكارثية التي ستمس حياته ومستقبله. وربما نتفقُ معهم في أن الفضيلةَ لا تتجزأ. ولكن الفكرة هنا في تأمل فكرة أن ترفضَ المرأةُ أن تكون عروسَ ماريونيت حسناءَ بليدةً، خيوطُها في يد الآخرين، وإصرارها على أن تتجاوز تلك البقعة الخاملة، نحو فضاء المسؤولية والفاعلية والالتزام والقيام بدور حقيقي في المجتمع.

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هرمُ الإسكندرية ... والشيخُ سيد
- حين يفترسُنا العشقُ سرًّا
- دموعٌ على جديلة … وآيسبرج على حُفاة!
- بوق نذير: -أنتِ ماحساش بالناس-!
- هل تعرفون المصريين الأرمن؟
- أسئلةُ -جوجان- الصعبة
- المتحف الكبير … هديةُ مصرَ للعالم
- نادي الشرق الأدنى للأرمن
- قواعدُ الرجال … يا نساء العالم!
- ه. ق. … أقصر رسالة في التاريخ!
- على أبواب الجامعة: كهف الفيلسوف، وحبل الفيل
- الخوف من الخوف
- لماذا الأوغاد لا يسمعون الموسيقى؟
- من الذي جرح ساقها؟
- كتاب الأخلاق … يا وزير الأخلاق
- كارما… المسيحيُّ في قلب المسلم
- لكي لا ننسى صناع الهلاك!
- خطأٌ مطبعيٌّ ... بالقلم الكوبيا
- محمد صلاح ... وجه مصر … من وجوه الفيوم
- باقي زكي … مفتاح كسر صهيون


المزيد.....




- “لولو بتدور على جزمتها”… تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر ناي ...
- “القط هياكل الفار!!”… تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 لمشاهد ...
- السعودية.. امرأة تظهر بفيديو -ذي مضامين جنسية- والأمن العام ...
- شركة “نستلة” تتعمّد تسميم أطفال الدول الفقيرة
- عداد جرائم قتل النساء والفتيات من 13 إلى 19 نيسان/ أبريل
- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران
- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - أشهرُ صفقة باب في التاريخ