أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - الباشا حمو...(مول الكرنة )















المزيد.....

الباشا حمو...(مول الكرنة )


عبد الغني سهاد

الحوار المتمدن-العدد: 5965 - 2018 / 8 / 16 - 00:05
المحور: الادب والفن
    


في تلك اللحظات كانت ثمة امور غريبة تحدث وتتفاعل في الزاوية..حيث كان لذى معظم الحاضرات في البداية انطباع مؤداه ان تلك الطقوس هي من منبع ثقافي تاريخي قديم لكنه طيب ونبيل...يدرك تفاصيلها الجميع..بل و تتماشى مع مشاعر الناس البسيطة التي تلف وتدور لاستجلاء الحقيقة والتاثير بواقعيتها على الواقع كماهو ..ولكني اظن انه عندما يطغى الجهل والخرافة على عقول الناس..تصبح تلك الطقوس حقائق تابثة ومسمرة في الذهنية..وتقحل تلك العقول ؟وعند البعض منا تغدو تلك الخرافات عند اعادة تمثيلها بماثبة عقيدة او ملة ودين..! ...لكون الدين له علاقة بالغيب والاساطير.وحيث تزحف اساطير اللا حقين على السابقين وتتجه اتحاهات عكسية..لذلك..لاباس سنبدا من البداية ..ونعود الى سبر غور تلك اللحظات التي طغى فيها صوت المعلم ..الذي اجهل اسمه...في وسط حلقة دردبة على نحو مطرد وصارخ...والدردبة هي شكل محلي من اشكال الزار..والزار منبعها اللغوي ياتي من الزيارة..ولا شك ان الدولة الاسلامية التي شجعت على انتشار هذه التراهات والخرافات هي تلك التي قسمت العالم الى نصفين..نصف سمته (دار السلام.).والنصف الثاني اعطته اسم (دار الحرب)..وفي النصف الاول الذي هو في اعتبارها سالم ومسلم ومسالم زرعت الحروب النفسية الداخلية رفع الناس بيارقها الخفية والظاهرة داخل السنجاقات..والرباطات...في البلدان التي غزتها بالقوة..العسكرية ..اينما كان التصوف ينمو ويترعرع ويزدهر....فهو بدافع وتشجيع من سلاطين قبيلة عثمان بن ارطغرل..! العثمانيون...انه لامر جلي وواضح في كراريس تاريخنا الاسلامي...وبالقرب من المعلم ..الذي...اكره ذكر اسمه ..والحامل للهجهوج..كانت تتموج اربع هامات شابة تحمل ادوات اغلبها موسيقية..خالصة ..منها الطبل..وللطبل دور كبير في تهييج النفوس..واشعال الحرب الداخلية والخارجية ..معا..والمزمار..نسميها الغيطة..والقراقش..اي النواقيس واخير المجمر..من الطين هو كذلك للنفخ فيه ومنه تنطلق البخور والادخنة..والمهييجات الروحية .وترتدي دراعات حمراء..وعلى رؤوسهم طاقيات سوداء مزرقشة بالاصداف ونتف الشعر الاسود...والمسامير النحاسية..والقصديرية..والاسلاك البدائية ..وغيرها..من وسائل الزينة لعالم متوحش قديم..واغلبهم من الزنوج..او من الحراطين..(1)...
تبع صوت المعلم ...دقات الطبل..وكانت للطبل نفس القوة التي يصدرها في الحرب..فهو في قوته لا يناور ولا يموه كل الاصوات الصادرة منه تولد المشاعر الجياشة ..من الجيش...اي العسكرية والحربية .والقتالية ...وبنادم لما يسمع ضربات الطبل تسري في شرايينه هزات الزعزعة والارتباك والاحساس بالخوف من شيء مبهم ..شيء غير مفهوم كانه يقترب من الموت..كان جميع الحضور في حضرته في ارتباك تام ..يتنفسون الصعداء..نفوس على طريقها على نهج التهييج..
بالتدريج تمتلاء الدار..بالحضور..ومن الحضور الكثير من الحاضرات..بينما من الذكور اقتصر الامر على الزنوج..والحراطين..!..الجميع كان يرتدي اللباس الاحمر استعدادا لتقديم الولاء والاخلاص والبيعة للباشا حمو...حمودة الجزار...!وهو من ملوك الجان..
كان الحضور مبهورا..على نحو مطرد..والزيارة او الزار في حضرة الباشا حمو..تتفرد بطقوسها الخطيرة...وقرابينها تقتصر على العتروس...ذكر العنز..والدم يجب ان يكون شيديد الاحمرار .يعشق الملك الدم المهراق...!...
في اللحظة الاولى...يشتغل الطبل..ويدبح العتروس..
في اللحظة الثانية..يدندن الهجهوج..على تهييج الحضور
وفي اللحظة الاخيرة..ينسحب الزوار والصغار..ويصمت الطبل بل ينسحب...ويختلي اعضاء الفرقة مع الاتباع من النساء في طقوس خفية تمارس في الظلام حين هبوط الملوك من الجن...ليخالطوا الاتباع ...ويحققوا لهم ما يتمنوه ...!...
قيل ان الباشا حمو مسكون بطلب المزيد من ارهاق الدم..لتتحقق الاحلام البشرية والناس المكلومة ..وعنظ اقتراب خروجه كانت العرافة.العجوز...تتكلم بكلام غريب..كل واحدة من النساء كانت تفهمه بطريقتها الخاصة.وبحسب ما يجيش بداخلها من وجدان ....وهي اي العجوز لا تتوقف على مطالبة النساء..الحاضرات..بالاكثار من السلام ...والصلاة على النبي العربي....ووضح الفتوح في صندوق الزاوية .!!!..كان المعلم يضرب بثبات .على اوتار هجهوجه المبرومة من امعاء العتروس...ومن وراء ثقب كبير في الحائط تلوح العجوز الشوافة بيديها.النحيفتين ..ويكاد الوشم يغطي وجهها.كاملا..باشارات متناغمة مع نغمات المعلم تطلب بها انسجام النساء في دائرة الرقص على نغمات المعلم..الموسيقية المتفاقمة ..ويتعالى الصياح..والصراخ..والصلاة على رسول الله...والفرقة من الحراطين..تسترسل في ترديد الغناء الغامض بقوة ..كانت تغني....
الله..يامولانا....الله يامولانا..
الله يامولانا...
لا...جاه..الا جاه نبينا العربي..
وجاه سيدي حمو..
والشاهد ربي
سيدي حمو راني عطيتك العاهد..
التسليم يا مول الجناوى..
وربي عليا شاهد...
وها كناوى والجناوا..(السكاكين)
والجناوا...
الكبار..
حمو الباشا مول الشواقر..(السواطير).
ها ني رميت عليك العار....
ها العار..
ياسيدي ..يا الجزار..
ها العار ياسيد سيادي..
ها العار...
يا مول الكرنة...(المجزرة)..
ها العار ياقهار..
اقضي المامول ..
ها تفضحني ....
بنهار
..اخ...الخ....!
في تلك اللحظات بالذات دلفت الشوافة العجوز.الى الغرفة المظلمة بقندورتها الغريضة الحمراء كالشيطانة .وتخرج من داخلها امراءتان..تتعثران في مشيتهما..كانهن سكرانات . وصاحت فيهما .(صلوا على النبي....صلوا على النبي المختار....)..فتعالى الصياح والصراخ مرة اخرى.لبغض الوقت..بين النساء..واستمرت الفرقة والمعلم ...الاسود في تكرار نفس الانغام والضرب والغناء..كما سبق...وكانت اصوات اذان العصر تصل متعبة من بعيد....(الله...اكبر...الله ...اكبر..)..ولا احد منهن توقف عن الرقص واختفى لقيام الصلاة...وكان امرا عاديا يحدث في هذه الاوقات العادية ...وبسرعة ازدحمت النساء في دائرة الرقص..ورفست باقدامها على بعضها رفسا مهولا..وزادت وثيرة الجدب والشطح..وانزلق شعاب العرق على الخدود..وهبط على الجباه....عندها سمعت كصوت امي تقول ببحتها..ياك قلت لوالديك اخرج عل برا.....!
و نظراتي كانت تقع على تلك القامات المتمايلة والملتوية على ايقاع ضربات الهجهوج..ورايت الشوافة العجوز تغمز المعلم الذي انحدر على جثة العتروس يمتص دمه..ويبلل ا وثار هجهوجه.بيد..وبالاخرى.يمرغ الدم على صدر عار لاحدى النساء...وهو يردد (الله.....الله..الله..حي.ي ي ي..)..والتركيز في اتجاه مؤخرات النساء..وسيقانهن العاريات.ونهودهن المتدليات. وضعت العجوز طست دم العتروس في وسط فناء الدار..وبدات الجموع تلف وترقص حوله..وتردد ماحفظته من كلام ذلك المعلم الاسود المشبوه..ا ما شابهه من كلام الحشاشين الهجاسين ..كان الحشد في حالة التباس..او في حالة جنون ..او سكر..علني...و كنت حاضر ضد ارادة الجميع اراقب حضور الملك حمودة الجزار...!....
من ركن من الزاوية يمكنك مراقبة كل شيء..قد تكون بعض الاشياء زاغت عن رؤيتك..او بعض الكلام الغامض..فات عل سمعك..الا انك اذا ما كنت قوي البديهة ستسجل كلما كان هناك يتحرك....وتفهم الاسرار همي الوحيد..ان اكشف على حقيقة الضجة التي تقيمها الجارات وامي وخالتي حول (ملك الملوك )حمودة الجزاز..وخالتي كانت تسميه الباشا حمو ..مول الكرنة ..وتتفجربعدها في موجة من الضحك.الاصفر الساخر...وكانت بتصرفها هذا تسقطه في براثن الشكوك والريبة من مجموع حكاية الباشا حمو.. منها يمكن ان تشعر بايحاتها وهلواساتها الجنسية .قد لايكون الا مهرج ..او معتوه..من صنف الاوباش..المتربصين بافساد عقل النساء.ونهك اعراضهن.بطرقهم الملتوية..وقد يكون...من المهلوسين الشباب الذين يدعون النجومية والقوة الفيزيقية في التاثير على النساء..!!الا انه لا شيء يعلم الانسان اكثر من الصدمات واهتزاز المشاعر..تذكر تموجات هذه الجموع على وليمة العتروس الاسود والكسكي المسوس.. والهرج الغامض..ظلت تحكم مخيال الفتي وتصدمه..وتستيقظ صورها في كل اللحظات..كلما استحت بذلك الوكز على الرابط...فتشرق الذكرى وتتلألأ وتسطع..في صيف عام اخر بعيد جدا في الزمن بمدينة الجدب والشطح والحضرة .كانت تسمى موكادور..ونسميها الصويرة..كان يقطنها الناس الفقراء...وفي كل صيف ينظم اليهود مهرجانا لكناوى وموسيقا العالم ..حيث السيل المنهمر من الشباب والشابات.و النغمات والمقطوعات الموسيقية الغارقة في العدم .. التي تعيد اليه صورة لالة ميمونة .وعيشة وبابا ميمون ..وسيدي كاوكي ..والباشا حمو...كانت قامات هؤلاء الارباب المشاهير يجوب الشوارع والازقة..ليلا ونهارا .ويعتلي المعلمين الشباب الخشبات المسرحية وبيدهم السنتير..والهحهوج والقيثارة ..والقراقش والدراعيات الاحمر..والشعر..الطويل..ويفتلون الحشة الجيدة في اوراق النيبرو ..يصورون بعضهم بعضا وهم يردد ون نفس الغناء الذي حفظه في تلك اللحظات لما كان في رفقة والدته وخالته وحشد التساء في زاوية للاة رقية قريبامن الحي...!
واليهودهم مولوعون بغناء الحضرة الكناوية هاهم ياخدون بايادي وعقول الشباب ليستعيد امجاد الماضي ..واحياء التراث المجيد على الصعد الوطنية والعالمية..بحضور مستشار الملك..و مؤسسات الاعلام الرسمي والدولي.والصحف الوطنية الديموقراطية..لتنقل للناس..حلقات وسهرات تمجد سلاطين الجن ومنهم مول الكرنة....!
لم يمنع نفسه من الزيارة برفقة الاسرة والاولاد .ومن السخرية عندما استشاطت ابنته غضبا قائلة ..كل الناس يحملقون في فستاني الاحمر..!..ولا اعرف لماذا..استرسل في الضحك..وحاول ان يوضح لها ان المدينة هي موطن السلطان مول الكرنة.....! اي سلطان تعني .!
اعني..سلطان الدم..والعري..والمدابح..!
الباشا حمو...!..
مول الكرنة..!
وان الاحمر هو اللون الذي يثير الثيران...لون الدم والقتل.والحرب.! .في زمن ما قبل الخرب تزدهر طقوس مول الكرنة.. ..و الناس في المدينة تظن انها تنعم بالهناء والسلم والامان..!!..ولا تدرك..ان السلطان يسير بها على انغام موسيقى كناوة الى الحرب...!
عبدالغني سهاد..2013



#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اصوات مراكش..(1)
- خلف النوافذ...18
- سبقوا الشكيمة....قبل العود..!
- الكتابة وكرة القدم...
- مسرات بوريكو ...الحمار
- سليمان سلطان الحواتة...
- فوق المسمار...(2)
- فوق المسمار...(1)
- هل سيعود للشمس وهجها الاول..!
- مجنون...من يثق بها..!
- بويكوطاج الى ان تزول...
- ربطة عنق سوداء...
- اليهودية وتهمة معاداة السامية...
- تحت شجرة فلوبير...
- القوميديا والطراغوديا العربية ..
- محاورة قملة ...(شاربوراس )
- يوم مات علال ولد عيشة...
- حمام ....(السعادة ..)
- مع جرادة ...
- صياد الليل...يلقاها..يلقاها..!


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - الباشا حمو...(مول الكرنة )