أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سليم صفي الدين - يناير.. من حلم التغيير إلى كبت الوطن














المزيد.....

يناير.. من حلم التغيير إلى كبت الوطن


سليم صفي الدين

الحوار المتمدن-العدد: 5957 - 2018 / 8 / 8 - 06:17
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


يناير لم تكن ثورة بالمفهوم المتعارف عليه، بل كانت انتفاضة، وصرخة خرجت بعد أنين من بين ضلوع الشباب ضد سلطة الأب والمجتمع، ومن بين ضلوع البنات ضد الذكورية والتحكم الأُسرىّ! وبلا شك ضد نظام ظن أنه يستطيع فعل أى شىء بلا قيد وبلا حساب، والدليل أن النسبة الأكبر ممن شاركوا وحركوا وخلقوا الأحداث كانت لمواطنين من أعمار سنية شابة، ما أجبر الإعلام المصرى والعالمى على تسميتها بـ"ثورة الشباب".

من بعد تلك الانتفاضة الجارفة التى دوى زعيق شبابها وصراخهم فى أرجاء المحروسة، أخرج الشباب ما لديهم من أفكار، وباحوا بما لديهم من طموحات، وطالبوا بما يرغبون فيه من حرية؛ ظنوا أنه قد آن الأوان للتعبير عن كل شىء، على اعتبار أن حريتهم لن تعود مقيدة إلا بالقانون العادل الذى سَيُشّرع بعد الثورة، على أن يكون مبنيا على مبدأ "أنت حر ما لم تضر"، ويقف على أبعاد متساوية من المواطنين كافة.. ولكن سرعان ما تبدد الحلم، لتعود السلطة بشكل آخر ممثلة فى تيار عسكرى يقود البلاد لفترة انتقالية، لا يسعنى إلا أن أقول إنها الأسوأ، لنخرج منها إلى التسلط الدينى، الذى لم يتحمله الشباب بضعة أشهر فأقاموا الدنيا ولم يقعدوها إلى أن تحرك من تحرك ليتخلص "بنا" من السلطة التى حالت دون حلمه!

وظل الوقع على ما هو عليه "من نقرة لدحديرة ومن فخ لفخ" ليصل بنا المطاف أخيرا إلى لا شىء، لا حلم، لا طموح، لا أمل! قد أبدو مبالِغا، لكن كل الأجواء و"وشوش" الناس -التى ارتسمت الكآبة عليها- وأنين الجوع والعوز خير دليل.

هكذا وجد الشباب أنفسهم، بعد فرحة الحرية، فى سجن كبير اسمه الوطن، سُلِب منهم فيه كل شىء، لا لشىء إلا لأن الشباب "فاشل ومش راضى يشتغل فى الاستثمار"!

فى نهاية 2017، ومن خلال عملى بإحدى الجرائد الخاصة، حاولت رصد حالات الانتحار، ودوافعها، وعددها... تبريرات المسئولين وقتها كانت متحفظة، بل منغلقة، لا تخرج عن أن الانتحار ليس "ظاهرة" بل هو فقط "حالات فردية"؛ و"مصر جميلة.. خليك فاكر مصر جميلة"! ليخرج علينا المركز القومى للتعبئة والإحصاء أخيرا بتقرير إحصائى عن الثلاث سنوات الأخيرة، يقول إن المنتحرين وصل عددهم فى مصر إلى 183 حالة، جميعهم شباب!

حتى هذه اللحظة التى أكتب فيها هذه السطور، لا أتخيل مطلقا أن دولة وصل عدد المنتحرين فيها إلى هذا العدد لم تحرك ساكنا، بل إن معالى اللواء مجدي عبد المنعم، مدير الإدارة العامة للإحصاءات الحيوية بالجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، صرح لصحيفة "الدستور" منذ أيام بأن معدلات الانتحار ليست مفزعة أو مقلقة كما يروج البعض! بالطبع هى ليست كذلك، ما دام المنتحرون ينتمون إلى طبقة فقيرة حياتها لا معنى لها ولا مضمون!

أتذكر الساعات التى شهدتها مصر قبل رحيل الطفل محمد جمال حسنى مبارك، حفيد الرئيس الأسبق، كيف كانت، وما تلاها كيف كان!

الإشكالية أن الحدود الدنيا للحرية أصبحت غير متاحة لجيل فاقت حاجته إلى الحرية ما تتيحه إدارة بيروقراطية لم تستوعب الفارق الكبير بينها وبين هذا الجيل من جهة، وبين سلطة الأسرة التى تقيد وتكبت حتى تطبق الدنيا قبضتها، فيصبح الهروب من ألم الحياة بالهروب من الحياة نفسها هو الحل الأوحد!

نحن بلا شك فى أزمة حقيقة باتت واضحة المعالم من كل الاتجاهات، والهروب من المواجهة هو الخطر الأكبر الذى سوف يؤول بنا جميعا إلى نهاية لا يعلم حجم مصابها غير الأيام، والحل يتمثل أولا فى الاعتراف بما وصلنا إليه من انعدام سياسى، ودمار اقتصادى، وكبت مجتمعى لا ينم عن خير على وجه الإطلاق.

الإشكالية فى أن من حلم بالتغيير من أجل الحرية لن يرضى بغيرها بديلا.. التواصل والتفاهم والمضى نحو مستقبل أكثر هدوءا بالتوافق لا مناص هو الحل الأمثل، فكل الذين يرفضون السلطة الحالية، وكل المعترضين عليها وعلى سياستها، سيكونون في أول صفوف المؤيدين لو طرح الرئيس حلا أو توافقا وطنيا؛ ففى النهاية نحن نختلف على كل شىء، ولكن نتفق على الوطن.

متى تستشعر السلطة الخطر؟ متى نَعِى جميعا أن الهروب من ألم الحياة فى مصر بالانتحار أصبح خيارا سهلا لدى الشباب مقابل العيش فيها؟ كل هذا ولم أتحدث عن اللجوء والهجرة والأرقام المفزعة فى السنوات الأخيرة.. متى نفهم أن الحل بالتوافق وليس بأحادية الرأى؟ الفرصة لا تزال قائمة، والحل موجود: أن يتوافق الجميع من أجل الوطن.
نظرة دون خوف منا جميعا، قد تغير المسألة تماما.



#سليم_صفي_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيدى الرئيس.. نظرة دون خوف
- الأحوال الشخصية وقانون -ع-
- بين فراقين.. صديقى الذى لم يَعُد
- حرب الأسئلة «السؤال المناسب»
- الإله بين الكفر بالذات والإيمان الاجتماعى.. «الذات والإله»
- ارحل يا سيسى؟!
- فرج فودة الذى قتله الجميع
- بين زعيمين
- رمضان كريم
- «من اليقين إلى الشك» 3 الحقيقة التائهة
- «من اليقين إلى الشك» 2 حائر فى حضرة رئيس تحرير متصوف
- «من اليقين إلى الشك» 1 حسن ومرقص وبوذا
- «المصدومون فى الإله».. لعنة شريعتى
- رعب الجمعة.. «ازدراء الإنسان»
- التهمة «حوار صحفى»!
- من مهدى عاكف إلى أبوالفتوح.. يا حرية لا تحزنى
- عفروتو المجني عليه!


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سليم صفي الدين - يناير.. من حلم التغيير إلى كبت الوطن