أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - سوريا: الفاشية والعنصرية والتمييز الأغرب بالتاريخ















المزيد.....

سوريا: الفاشية والعنصرية والتمييز الأغرب بالتاريخ


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 5953 - 2018 / 8 / 4 - 13:32
المحور: حقوق الانسان
    


أفرزت حقبة الخلافة البعثية الممتدة اليوم لحوالي ستة عقود كارثية ظلماء ثقيلة وكأداء معطيات مرعبة عن الطبيعة الفاشية والعنصرية البربرية لهذه الخلافة، والتي لا تختلف كثيراً، وبالنتائج والمضامين والممارسات، عن أية خلافة بدوية قرشية سبقتها، كالعثمانية والأموية والعباسية وغيرها، لا بل هذه فاقتها من حيث مزاوجة تكنولوجيا الحداثة وتوظيف أدواتها في خدمة مشروعها السلطوي الفاشي الظلامي القرشي البدوي المتخلف.

ففي سوريا مثلاً، وبفعل تغول السلطة واحتكارها المطلق لكل شيء أصبح العيش في سوريا مستحيلاً لأبناء البلد ممن لا يمكن أن يعملوا فيها لأسباب كثيرة أغلبها سياسي الطابع، إذ أنه من البلدان القليلة في العالم التي يمنع فيها البشر من ممارسة أي نشاء بناء على ولائه لدولة الخلافة البعثية ورموزها وهذه ممارسة فاشية قل نظيرها بالعالم، مما دفع بأكبر هجرة في التاريخ، وصار حق الإقامة والعيش والقدرة على الاستمرار بسوريا فقط لمن هو محظي ومرضي عنه من قبل الدولة وأجهزتها الفاشية ويستطيع الحيازة على وظيفة أو عمل بفعل الاعتبارات العنصرية والتمييزية التي تبيح فقط للمرضي عنهم العمل بالدولة، فخسرت سوريا لذلك خيرة أبنائها وعقولها العبقرية الفذة، وليس هذا فحسب بل قامت الدولة الفاشية بمطاردة البشر حتى خارج الحدود وفرض أتاوات وغرامات وخوات باهظة عليهم تارة بحجة استخراج جواز سفر (تبلغ تكلفته 800 دولار أحياناً لمن هم في الخارج)، أو لاستصدار أية وثيقة رسمية أو إنجاز أية معاملة، وبذا عزّت البلد على أصحابها وأهلها وصار الدخول أو الخروج من سوريا بمثابة معجزة وحلم حقيقي لكثيرين، فالداخل مفقود(بمعنى انتهى مستقبله وحياته ولن يتمتع بأي حق من الحقوق المنصوص عليها بالميثاق العالمي لحقوق الإنسان وصار تحت رحمتهم ومزاجهم)، والخارج مولود، وتحوّل لبنان، بفعل ذلك، ملتقى ومكانا لتجمع والتئام شمل الأسر السورية وأبناء سوريا بأهلهم، فكثير من العائلات تذهب اليوم للبنان للقاء ابنها الهارب من الإجراءات الفاشية وغير القادر على الدخول لسوريا بسبب تقرير كيدي، أو الجندية، أو دعوة احتياط، أو أية قضية أو مصيبة وكارثة باتت لصيقة بكل مواطن سوري، لا بل إن بعض السوريين لم يستطع مرافقة جثمان والدته أو ابنه وأبيه بعد وصول الجثمان للبنان كون عليه "مراجعة أمنية" (هل تتخيلوا أن يحدث هذا بالألفية الثالثة؟)، وما أدراك ما المراجعة الأمنية، وكان يرافق الجثمان من بلاد الاغتراب لتسليمه لآخرين من ذوي المتوفي يستقبلونه على الحدود ويدخلونه لسوريا في طقوس جنائزية مؤلمة وفصل عنصري قل نظيره ولم تشهده دولة بالتاريخ لا القديم والحديث في انتهاك حتى لحرمة ومكانة الموتى ودون أية مراعاة لحرمة ومشاعر أهل الفقيد.

كما أصبحت المناصب والوظيفة العامة خاصة بفئة وشريحة معينة من الناس وهم من الموالين أو الذين يتظاهرون بالمولاة والانتماء للحزب الفاشي القومي القرشي الأموي العنصري وباتت الطريق الوحيد للثراء الفاحش بسبب استباحة المال العام من قبل المافيات والعصابات والزعران الذين يديرون الدولة بصلاحيات مطلقة وفي ظل انهيار العدالة والقضاء وغيابهما تماماً فأي نافذ يدوس على القانون وينتهك الدستور عشرات المرات باليوم ويستهتر بمصالح البلد العليا والسكان المواطنين البسطاء ويتصرف بمزاجية عالية معهم خارج أي قانون ودستور، فأنت كـ"موظف حكومي" فقد فتحت لك طاقة القدر، لتعيش وتنهب وتتمتع بأموال الدولة وتعيش حياتك بالطول والعرض، كما كانت هناك عمليات تسريح تعسفي وطرد من الوظيفة ومنع عمل وقوائم سوداء لـ"المشاغبين" والمشكوك بولائهم فيما لم تكن هناك أية عملية محاسبة ومحاكمة للص شهير وكبير بل كانت تتم ترقيته على الدوام في استهتار واستخفاف وازدراء للمشاعر والرأي العام.

وأفقر فقراء البلد اليوم، هم المغضوب عليهم سياسياً، والمهمشون وأبناء البلد البسطاء الذين لا يتمتعون ولا يحظون بأي قسط من ثروتهم الوطنية غير المرضي عليهم أمنيا ويواجهون بالتضييق وإجراءات ثأرية وانتقامية من أجهزة الدولة المختلفة، وبالمقابل فأغنى أغنياء البلد اليوم هم من الموالين والمحظيين والأقرباء والمرضي عنهم ومن ولاهم ومن شايعهم وكان قريباً لهم وقريباً منهم ومن كانوا في مناصب مرموقة وحساسة وتم تعيينهم بتلك المناصب وتمت ترقيتهم بطرق التوائية لا تقع المهنية والكفاءة والشهادة والاختصاص ضمن معاييرها أبداً قدر ما هو الولاء السياسي (حتى الظاهري منه) ودرجة الشطارة في إتقان فنون تمسيح الجوخ والرياء والانتهازية ولذا رأينا جواسيس كبار وصلوا لمناصب عالية بالدولة بسبب امتلاك تلك المواهب والكفاءات التي لا تعتمد إلا في هذا البلد "المقاوم".

أثرياء راكموا ثروات خرافية لا تأكلها النيران وتقلدوا وزارات حيوية وهامة وبقوا في وظائفهم لعقود طويلة ينهبون أموال الشعب على هواهم وكأنها إقطاعات شخصية دون حسيب أو رقيب، وحتى على مستوى هذه الشريحة النهبوية هناك عملية تمييز وفرز طبقي فلا يجوز أن يتساوى لص كبير مع لص أصغر منه لا بنوع السيارة ولا بالبيت ولا حتى بمكان السكن، فكلما علت مراتب ومكانة المسؤول كلما زاد ثراؤه الفاحش وكدّس من الأموال فالقصور مثلاً هي من نصيب طبقة اللصوص الأولى والفيللات من نصيب الطبقة الأدنى والشقق الفخمة من نصيب الطبقة الثالثة كما أن الأحياء التي يتجمعون بها باتت مخصصة لهم وهي سابقة في التاريخ البشري تحمل مضامين عنصرية وتمييز طبقي ألا يستطيع موطن عادي بسيط السكن والعيش في بلده إلا في مناطق محددة بما يشبه عملية الفصل العنصري التي كانت سائدة في جنوب إفريقيا وإسرائيل فأنت مثلاً مواطن فقير وعادي فمن الطبيعي أن تسكن في أحزمة البؤس المعروفة والتي اشتهرت بها سوريا كبلد تزنـّر مدنه الرئيسية أحزمة البؤس الـSlums بما يشبه عملية الفصل العنصري حيث يحظر ولا يمكن لمواطن سوري عادي أن يجاور أو يساكن أولئك الحيتان و"الهوامير" ويحلم بامتلاك "بلوكة" في بلده في مكان محترم، لا بل هناك مناطق وأحيان يسكنها متنفذون ومافيات أو قصر المحافظ لا تخضع لعملية التقنين الكهربائي الجائر الذي يطبق على السوري منذ عقود ولساعات طويلة، فالفرز الطبقي شغال وجار على قدم وساق، بفعل عملية التمييز الممنهج وتكريس الفوقية وعملية العزل وإظهار كيدي ومقصود للفوارق الطبقية الهائلة التي نشأت بين سكان البلد الواحد وشرخته أفقيا بين فئة قليلة تمتلك أكثر من 90% من ثروة الوطن وتلعب بها دون حسيب أو رقيب وشريحة عريضة جداً من السكان تعيش تحت خطوط فقر جديدة غير موجودة سابقا وبمعايير لم تعهدها الأمم المتحدة التي شطبت سوريا من كل مؤشراتها حيث باتت دول مثل الصومال تسبق سوريا بكثير على كل المؤشرات وبات من المستحيل على سوريا أن ترتقي في ضوء المعطى الحالي لمستوى بلد مثل الصومال "الشقيق".

وبعد هذا كله يطلع لكم سؤول سوري من رموز النهب والرعب الفاشي ليقول لك نحن "مقاومون".

(يتبع وللبحث صلة)...



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا: الدولة، الحكومة النظام
- لماذا المقاومة ملعونة ومذمونة ومحرّمة وحرام؟
- كأنك يا بو زيد ما غزيت: لماذا لا يتغيّر النظام؟
- الدور المشبوه للإسلام السياسي السني والشيعي (1)
- إيران السيناريو الأسوأ: وداعاً للحروب التقليدية
- كيف نقضي على الفساد بسوريا بكبسة زر؟
- باب الحارة: اضحكوا مع عبقرية جماعة البكالوريا أدبي شحط
- سوريا: استراتيجية التيتي تيتي*
- قه البداوة: مبادئ أساسية في علم البداوة والاستعراب
- التعليم الديني: أهم أدوات الماسونية العالمية
- لماذا شطبت الأمم المتحدة سوريا من كل المؤشرات وباتت خارج الت ...
- بلاغ إلى السيد وزير الداخلية السوري المحترم
- سوريا: هل تسلم الجرة كل مرة؟
- تحية قلبية حارة للفريق الفرنسي وسحقاً لفرق الترللي
- إبطال أراجيف وتضليل ودجل شيوخ الدين
- الانحطاط الأخلاقي والقيمي عند العرب والمسلمين
- في قراءة مقتضبة لكارثة غزو دواعش يثرب ومكة:
- غزوة المونديال: يا عيب الشوم يا عرب
- كيف ولماذا اختفت سوريا من الوجود؟
- الجهاد تهديد خطير وإعلان حرب دائم على البشرية جمعاء


المزيد.....




- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...
- الأمم المتحدة: الطريق البري لإيصال المساعدات لغزة ضرورة
- الداخلية التركية تعلن اعتقال 23 مشتبها بانتمائهم لـ-داعش- بع ...
- تقرير كولونا... هل تستعيد الأونروا ثقة الجهات المانحة؟
- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...
- الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء الأونروا في دعم جهود الإغاثة ل ...
- كيان الاحتلال يستعد لسيناريو صدور مذكرات اعتقال بحق قادته
- سويسرا تؤجّل اتّخاذ قرار حول تمويل الأونروا
- السودان: خلاف ضريبي يُبقي مواد إغاثة أممية ضرورية عالقة في م ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - سوريا: الفاشية والعنصرية والتمييز الأغرب بالتاريخ