أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - احمد هاشم الحبوبي - معضلة النظافة في مطار بغداد الدولي















المزيد.....

معضلة النظافة في مطار بغداد الدولي


احمد هاشم الحبوبي

الحوار المتمدن-العدد: 5951 - 2018 / 8 / 2 - 14:17
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


تغلّبَتْ عين الرصد الهندسي والاجتماعي لديّ على اهتماماتي السياسية، فآثرت الكتابة في هذين المجالين، رغبة مني بمجتمع وبيئة أنظف وأكثر رقياً. لذلك سأتحدث اليوم عن دورات المياه في دوائر الدولة عموماً، مع بعض التركيز على دورات مياه بغداد الدولي. ولن أكتفي بتوجيه النقد بل سأحاول اجتراع الحلول لهذا الموضوع الذي يستحق أن يبحث أكاديمياً من خلال كليات الهندسة والاجتماع والصحة العامة عبر اطروحات ماجستير ودكتوراه ومشاريع تخرّج. ربما سيسهم هذا المقال في تحفيز القائمين على الكليات المذكورة على إيلاء هذا الموضوع ما يستحقه من اهتمام.

تعتبر دورة المياه [= المرافق الصحية أو التواليت] نظيفة وصالحة للاستعمال إذا كانت أرضيتها نظيفة، مجاريها مفتوحة بما يسمح بتصريف الفضلات، تتوفر فيها مياه نظيفة، باب يمكن غلقها وقفلها، مفرغة هواء لتهوية المكان، مغسلة فيها ماء مع سائل تنظيف لغسل اليد.

لكن من النادر جداً ان يصادف المواطن هكذا دورة مياه في دوائر القطاع العام؛ مستشفى أو مطار أو مدرسة أو جامعة أو مصرف أو دائرة ضريبة أو محكمة، هذا إنْ توفرت أصلاً. وصار مجرّد توفر الماء وإبريق الماء فيها إنجازاً بنظر المواطن. إنّ تفشي القذارة في دورات المياه ظاهرة قديمة وأصيلة أول ما عايشتها في مدرستي الابتدائية والمتوسطة والثانوية فالجامعة وفي دوائر حكومية مختلفة. وتمتد قذارة دورات المياه إلى بناية مجلس النواب، فقد شكا النائب فائق الشيخ علي في حديث مصور من طفح مجاري دورة مياه المجلس وغمر أرضيتها بالمياه الآسنة وانقطاع المياه وانتشار الحشرات فيها [1].

المعضلة الكبرى هي في شيوع استخدام المقعد الشرقي رغم أنه لا يناسب الأطفال والبدينين وكبار السن والمرضى، خاصة مرضى المفاصل والعِظام الذين يستحيل عليهم ثني أرجلهم. هناك كثيرون يعتقدون بأن المقعد الشرقي أكثر نظافة من المقعد الغربي منطلقين من أسباب دينية، وهذا ادعاء لا أساس له من الصِّحة، فتصميمه الذي عفا عليه الزمن سببٌ لانبعاث الروائح الكريهة وانتشار الحشرات والقوارض وانتشار المياه والقاذورات على أرضية دورة المياه.

تعاني دورات مياه مطار بغداد الدولي من كل المشاكل التي ذكرتها آنفاً. فمن الطبيعي أن يصادف المسافر دورة مياه بمقعد شرقي قذر أو منظومة تنظيف عاطلة أو باب مكسورة أو مباول مُعَطّلة. وقد تمكنتُ من توثيق كل ذلك بالصور. وبناء على اجتهاد ساذج من مسؤول ما أو مهندسٍ ما، تم تركيب مقاعد شرقية بدلاً من الغربية ربما تماشياً مع الأجواء الإيمانية السائدة في البلد. ولا أدري كيف ارتضى القائمون على المطار ذلك. إنّ العراق ليس البلد الإسلامي الوحيد في العالم ولا هو البلد الأنظف حتى يبادر «مطار بغداد الدولي» بمفرده بنصب مقاعد شرقية دوناً عن كل مطارات الدول الإسلامية التي زرتها أو زارها أصدقائي ممن استطلعتهم مثل قطر ولبنان وسوريا وتركيا والإمارات العربية ومصر وتونس وعُمان والأردن.

ولكي أغادر موضوع المفاضلة بين المقعد الشرقي والغربي أود أن أشير إلى أنّ المشكلة لا تكمن في نوع المقعد فحسب، بل بعوامل ثلاث تتلخص في سوء استخدام المرفق ومحتوياته ونقص المياه وضعف الصيانة، عندها ستتحول دورة المياه إلى بالوعة ظاهرية كارثية، بغضِّ النظر عن نوع المقعد فيها.

عودة إلى مطارنا العتيد، يوجد لكلِّ دورة مياه عامل مُعَيَّن يعتني بكل حرص بنظافتها . لكنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً للموجودات المتهالكة مثل بابٍ مكسورة أو مثقوبة أو بلا قفل نظامي أو منظومة تنظيف عاطلة أو أرضية مبللة بسبب عطل الحنفية ، فهذا من مهمة الصيانة. ربما كل ما عليه هو التبليغ عن أعطال من هذا النوع لينبري عامل الصيانة لإصلاحها.

كما يوجد العديد من عاملي النظافة الذين يجولون أرجاء «مطار بغداد الدولي» بمكانسهم وماسحاتهم لينظفوا الأوساخ التي يتركها المسافر على مقاعد الجلوس والأرضيات. لكنّ المظهر الغالب عليهم [= عمّال النظافة] هو بؤس مظهرهم واتساخ ملابسهم وعدم ارتدائهم لزيِّ موّحد مرتب أسوة بأقرانهم العاملين في مطارات الدول الأخرى. وهذا ليس ذنب العامل بل الشركة المتعهدة بالنظافة ثم الجهة المستفيدة [= إدارة مطار بغداد الدولي] المسؤولة عن متابعة مستوى الخدمة والجوانب الجمالية. فمن غير المعقول ولا اللائق أن يستخدم عمال التنظيف ماسحة بعصا مكسورة تم تثبيتها بالشريط اللاصق.

أما الأمر الثالث الذي أثار انتباهي في «مطار بغداد الدولي» فهو انتشار الطيور في صالة المسافرين، فهي تجول تحليقاً وهبوطاً موزعة ذرقها على أرجاء الصالة الكبيرة. وكلنا نعلم أن وجود الطيور يشكل خطراً كبيراً على سلامة الطيران. إنني على ثقة بأنّ عقد تنظيف «مطار بغداد الدولي» يكلف مبلغاً طائلاً، يساوي أو يزيد (نسبيا) على كلفة تنظيف مطارات الدول المجاورة الأخرى رغم الفارق الكبير في عدد مسافري تلك المطارات.

لقد شاءت الصدفة أن يكون مطار الدوحة [= مطار حمد في دولة قطر] محطتي الثانية بعد «مطار بغداد الدولي». وهالني الفارق الكبير بين المطاريْن في مجال النظافة ومظهر العاملين. وأود الأشارة إلى أن مطارنا كان في نفس المستوى في أيامه الذهبية.

إن حال دورات المياه في الأماكن المملوكة للقطاع الخاص ليس كحالها في دوائر الدولة، فهي نظيفة ومصانة وفي أحسن حال، لأن الزبون لديه الخيار، فإذا ما وجد مطعماً بدورة مياه قذرة سيقاطعه بالتأكيد. ولكن المواطن لا يستطيع مقاطعة المدرسة أو دائرة الضريبة أو المطار، فهذه لا بديل لها.
لقد اشتكيتُ في مقال سابق من ثقل عمليات التفتيش في مطارنا العتيد، واليوم انتقد تردّي مستوى النظافة فيه. وربّ سائل يسأل عتباً أو استنكاراً، لماذا عينك الهندسية الراصدة لا ترصد شيئاً إيجابياً في المطار؟ أم أنت كما يقول الإمام الشافعي:
"وَعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ *** وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا"؟

والجواب هو إنّ نظافة المرفق الحكومي وأناقته يقع في صلب مهمات إدارته ولا يستحق التنويه به لأنه أمر يجب توفره احتراماً لآدمية مرتاديه.

هذه هموم اجتماعية وهندسية بنفس الوقت، فالمهندس المدني المسؤول عن التصميم والتنفيذ لا يولي هذه المشاكل الاهتمام الكافي ولا يجهد نفسه في البحث عن حلول لانسداد المجاري وكيفية اختيار المقعد المناسب وإقناع الجهة المستفيدة باختيار الحل الأفضل وليس الأرخص أو الأسخف. إنّ الارتقاء بالمجتمع يقع في صلب مهمات إدارة الدولة. ورفع شعار "النظافة من الإيمان" لا يكفي، بل يجب تطبيقه على أرض الواقع.

من ضمن الأماكن التي ارتدتها في بغداد مطعم الجادرية على ضفاف نهر دجلة. وقد لفت انتباهي مدى نظافته وعناية عامليه بهندامهم وزيّهم الموحد الأنيق وخلقهم الرفيع. إنني أقترح على إدارة مطارنا المظلوم إيكال عقد النظافة لمالك المطعم المذكور. إنني على ثقةٍ بأنه سيبدع في هذه المهمة كما يبدع في مطعمه، لما يتوفر عليه من حسن الإدارة والأناقة والذوق الراقي. أقصد منح المناقصة لجهة تؤمن بالنظافة وتحترم سمعتها وتحترم الزبون.

أما الاقتراح الثاني فهو أكثر شمولية، ويحتاج قرار سياسي سيادي على أعلى المستويات، وهو الاستعانة بدولة قطر من خلال الاقتراح عليها تعهد إدارة مطاري بغداد والبصرة كفرصتين استثماريتيْن لا مثيل لهما في المنطقة، فالخطوط الجوية القطرية شركة متنامية وطموحة وذات إمكانيات كبيرة لا يتسع مطار حمد لها. ويمكن أن يصبح هذان المطاران، بعد توسيعهما وتحديثهما، قاعدتي انطلاق لعملياتها من وإلى كافة أنحاء العالم، فيستفيد العراقيون والقطريون. لأن ذلك سيسهم في توفير عشرات آلاف فرص العمل للعراقيين كنتيجة لتنامي الحركة في المطاريْن ومايرافق ذلك من تنامي أعداد الفنادق والمطاعم والأسواق الحرة والنقل البري والشحن. وبإمكان الجهة العراقية فرض تشغيل عمالة عراقية حصراً على الجهة المستثمرة أسوة بشركة [G4S] التي تتجاوز نسبة العراقيين العاملين فيها 95%. هذه الشركة تحسن تدريب ومتابعة حسن أداء منتسبيها موقعياً وعبر منظومة سيطرة فعالة قوامها كاميرات المراقبة التي تنقل وتسجل كل شاردة وواردة وتنقلها إلى غرف الكونترول التي تتدخل فور ملاحظة أي خلل. لذلك يعمل الكادر العراقي على أكمل وجه، بغضِّ النظر عن اعتراضي على مبالغة الشركة على تواتر عمليات التفتيش التي وضحتها في مقال سابق.

وبسبب ضعف الإدارة والمتابعة لدينا، يمكن الاستعانة بخدمات شركة استشارية تتولى مراقبة أداء الجهة المستثمرة. وهذا سياق كان سائداً في العراق في المشاريع الكبرى وما زال معمول به في كافة أنحاء العالم. لا يمكننا الانتظار حتى تتقن كوادرنا الإدارية والقيادية سياقات العمل الصحيحة. إن طريقة التوظيف وإسناد المهمات لدينا متخلفة وقائمة على أسس غير سليمة.

[سيتم نشر الصور على صفحتي في فيسبوك لعدم توفر امكانية نشرها في موقع «الحوار المتمدن» الأغر. https://www.facebook.com/ahmed.habobi (Ahmed Hashim Habobi) ]

[1] رابط تصريح النائب فائق الشيخ يشتكي من تواليت البرلمان العراقي
https://www.youtube.com/watch?v=D0qkz00ytYA



#احمد_هاشم_الحبوبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معاناةٌ مِن وإلى مطار بغداد الدولي
- التحصيل الدراسي لرئيس وزراء السويد ستيفان لوفين ورؤساء وزارا ...
- هتك الحرمات في انتخابات العراق
- كمبريدج أنالتيكا في العراق
- صدام حسين ونوري المالكي .. تطابق الحصيلة
- دجلة والفرات في الشِّعْرِ العراقي – قصيدة «يا دجلة الخير» لل ...
- السعودية وإيران ... فِيلان في سوق الفخار
- أفول عصر النفط .. قراءة في نبوءة احمد زكي يماني
- إيران تحرق سمعتها
- فتيات «جهاد النكاح» الأوروبيات
- «جهاد النكاح» .. القصة من البداية
- إقليم كردستان يلتهم أراضي العرب السُنّة
- كردستان العراق: أولوية المذهب ام القومية
- غنائم «داعش» وصمود سوريا
- غزوة سامراء..لا شيء تحت السيطرة
- سوريا في «اليوم التالي»
- اغتيال الشيخ محمد سعيد البوطي..استنساخ التجربة العراقية
- صفقة السلاح الكرواتي لمسلحي سوريا
- إيران والسعودية: «ليلى والذئب»
- إسلاميو فلسطين في خضمّ الاشتباك المذهبي


المزيد.....




- اصطدم بعضهم بالسقف وارتمى آخرون في الممر.. شاهد ما حدث لأطفا ...
- أخفينها تحت ملابسهن.. كاميرا مراقبة ترصد نساء يسرقن متجرا بط ...
- عجل داخل متجر أسلحة في أمريكا.. شاهد رد فعل الزبائن
- الرئيس الإيراني لم يتطرق للضربة الإسرائيلية بخطاب الجمعة
- وزير خارجية بريدنيستروفيه: نحتاج إلى الدعم أكثر من أي وقت مض ...
- مخاوف على حياة 800 ألف سوداني.. تحذيرات من ظهور جبهة جديدة ب ...
- -الرهان على مستقبل جديد للشرق الأوسط بدون نتنياهو- – الغاردي ...
- العراق... ضحايا في قصف على قاعدة للجيش والحشد الشعبي
- جمهورية جديدة تعترف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.. وا ...
- كوريا الجنوبية.. بيانات إحصائية تكشف ارتفاع نسبة الأسر المكو ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - احمد هاشم الحبوبي - معضلة النظافة في مطار بغداد الدولي