أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - مهند طلال الاخرس - كرستوفر كولمبوس سارق القمر والتاريخ















المزيد.....

كرستوفر كولمبوس سارق القمر والتاريخ


مهند طلال الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 5947 - 2018 / 7 / 29 - 17:18
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


*كرستوفر كولمبوس سارق القمر والتاريخ

الخسوف والكسوف ظواهر فلكية نادرة كانت ترعب الإنسان القديم لأنه لم يمتلك العلم الكافي لفهمها وتفسيرها، هذا عداك عن ان الإنسان كان يخشى الظواهر الطبيعية الخارقة للمألوف والعادة مثل طوفان النهر وثوران البراكين والزلازل والأعاصير ، وهي قوى الطبيعة العاتية التي ما زلنا نخشاها حتى الآن . لكن الفرق بين الإنسان القديم والحديث هو أن الحديث أقل خوفاً ورعباً كونه امتلك المعرفة الكافية لتفسير الظواهر ، فعرف الانسان وفسّر بواسطة العلم والمعرفة فيما بعد ظاهرة خسوف القمر والتي تحدث في منتصف الشهر القمري عندما تحجب الأرضُ ضوءَ الشمس أو جزءاً منه عن القمر بمعدل خسوفين لكل سنة وعرف الانسان ايضا ان تلك الظاهرة تحدث عبر المراحل التالية:
يبدأ القمر بدخول منطقة شبه ظل الأرض (penumbra) فيبدأ ضوءه بالخفوت دون أن يخسف (خسوف شبه الظل بالمصطلح الفلكي). ومنطقة شبه الظل التي ينحجب فيها بعض ضوء الشمس عن القمر بسبب الأرض.
ثم يبدأ القمر بدخول منطقة ظل الأرض (umbra) فيبدأ الخسوف الجزئي. ومنطقة ظل الأرض هي المنطقة التي تنحجب فيها الشمس كاملة بسبب الأرض.
يخسف كامل قرص القمر عند اكتمال دخوله إلى منطقة ظل الأرض.
ثم يبدأ القمر بالخروج من منطقة ظل الأرض فينتهي الخسوف الكلي.

ولم تكن ظاهرة الخسوف هي الوحيدة التي تخيف الانسان بل سائر الظواهر الطبيعية الاخرى والتي تشكل خرقا للمألوف والسائد؛ حتى ان ظاهرة الرعد والبرق كانت ترعب الإنسان ولم ينتهي هذا الرعب إلا باكتشاف الكهرباء الساكنة في القرن الثامن عشر حيث أمكن فهم التفريغ الكهربي وبالتالي أصبح صوت الرعد لا يرعب طفلا في الصف الابتدائي .

فمثلا اضطر الرسول الكريم محمد عليه افضل الصلاة والتسليم لمواجهة اشاعة راجت في عهده مفادها ان الشمس تكسف والقمر يخسف لموت او مولد انسان ذو شأن عظيم، حيث واجه الرسول صلى الله عليه وسلم الإشاعة التي راجت في المدينة يوم أن انكسفت الشمس وتوافق كسوفها مع موت ابنه إبراهيم بقوله:" ( إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ ، وَإِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَصَلُّوا وَادْعُوا اللَّهَ حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ ) رواة البخاري ، وقد كانوا في الجاهلية يعتقدون أنها تنكسف لموت عظيم أو ولادة عظيم.

وفي مثال آخر كان قدماء المصريين يرتعبون من فيضان النيل فاعتقدوا بوجود آلهة للنهر وكانوا يضحون بعروس جميلة يلقونها في النهر لكي يرضى الإله عنهم ولا يفيض النهر عليهم وعلى قراهم ..

لكن قدماء المصريين كانت مصيبتهم وقعها عليهم أخف وطأة من غيرهم، فهم على الاقل لم يفقدوا وطنهم نتيجة خوفهم وقلة معرفتهم، بينما الهنود الحمر في البحر الكاريبي (جامايكا حاليا) وفي امريكا فقدوا اوطانهم بالمطلق نتيجة خوفهم وقلة معرفتهم التي بلغت حد السذاجة، هذا طبعا ناهيك طبعا عن وحشية وعنجهية المستعمر وجبروته.

حيث هدد كريستوف كولومبوس الهنود الحمر بانه سيسرق منهم القمر اذا لم يمنحوه الطعام و التموين الذي يكفي طاقمه للبقاء على قيد الحياة. طبعا لم يصدق الهنود الحمر حينها ان هذا القرصان العظيم قادر على تنفيذ تهديده .
كان الفلكيون الذين رافقوا كولومبوس قد أعلموه ان خسوفا سيحصل بعد ايام - ولما غاب القمر بالفعل جاء الهنود المساكين يتوسلون كولمبس لإعادته اليهم بعد ان تعهدوا بتنفيذ جميع اوامره حرفيا . في الليلة التالية عاد القمر مكتملا . لقد أعاده كولومبوس لهم بكل سخافة .
من تلك الحادثة ، ربح الهنود الحمر طقوسهم الاحتفالية بالقمر ، ولكنهم خسروا قارة كاملة بثرواتها العملاقة ، وهاهم في طريقهم الى الانقراض التدريجي.
كولمبوس هذا لم يسرق القمر من الهنود لوحدهم ، بل هو ومن يُمَثّل زوروا التاريخ وسرقو شمس العرب لكن في وضح النهار هذه المرة!

تبدأ قصة سرقة التاريخ من اليوم الذي وصلت فيه سفن المغامر الايطالي (كرستوفر كولومبس) إلى السواحل الامريكية، ورست على جزر الكاريبي في الثاني عشر من شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1492 . وطبعا عندما وصل الى امريكا في تلك السنة كان ثلث بحارته من الملاحين العرب.
في تلك السنة سقطت غرناطة، آخر قلاع ملوك الطوائف، وفي تلك السنة انتهى حكم العرب في بلاد الأندلس.
بمعنى إن كولومبس انطلق من مرفأ (دلبة) أو (بالوس) في الوقت الذي كانت فيه السلطة العربية لم تزل تبسط نفوذها على المواقع الحساسة من الأندلس، وإنها كانت قبل عشرة أعوام من تلك الرحلة بكامل قوتها، وكانت تدير بعض الموانئ والمرافئ الغربية المطلة على المحيط الأطلسي، وتفرض سيطرتها على حركة السفن القادمة والمغادرة، ومن المؤكد إن الدولة العربية في الأندلس كانت تمثل بوابة النهضة الملاحية، وكانت تملك حصريا كل المخترعات التي تتعلق بالبحر والمسالك البحرية كالبوصلة والاسطرلاب وخارطة العالم التي رسمها الادريسي وغيرها.

كان العرب والمسلمون أول من أكتشف أمريكا، فقد تحدث (أحمد بن فضل الله العمري) في كتابه ( مسالك الأبصار في ممالك الأمصار ) عن وجود أرض عامرة وديار مسكونة لكنها غير معلنة تقع خلف بحر الظلمات (المحيط الأطلسي). وقد عاش (إبن فضل الله) قبل كولومبس بقرنين على أقل تقدير.
وتحدث المؤرخ (أبو بكر بن عمر) عن ملاح عربي آخر هو (ابن فاروق) من غرناطة، أبحر من ميناء قادس ( Kadesh ) في بداية شهر فبراير (شباط) من عام 999 وتوغل في بحر الظلمات حتى وصل إلى جزر الكناري، ثم واصل مساره في الاتجاه الغربي حتى وصل إلى جزيرتين نائيتين هما جزيرة (Capraria) وجزيرة (Pluitana) وعاد من رحلته في نهاية مايو (أيار) من العام نفسه.

وذكر المسعودي في مروج الذهب، إن الملاح العربي (خشخاش بن سعيد بن أسود القرطبي) أبحر من الأندلس متوجها نحو الغرب في العام الهجري (889) الموافق عام (1484)، وقطع بحر الظلمات (الأطلسي) ووصل بعد عناء ومشقة إلى أرض مجهولة، عاد منها محملا بالذهب والغنائم. وقد أشار المسعودي إلى موقع تلك الأرض، وثبتها في الخارطة، التي رسمها المسعودي نفسه. وكتب عليها عبارة (الأرض المجهولة)، وهي في موضع قارة أمريكا.

وتحدث الإدريسي أيضا عن رحلة استكشافية بحرية قام بها مجموعة من الملاحين العرب. انطلقوا غربا من ميناء (دلبة) في الأندلس، واقتحموا المحيط الأطلسي، ثم عادوا بعد أشهر وراحوا يقصّون للناس مشاهداتهم المثيرة عن عالم غريب.

ستبقى اسطورة الكسوف والخسوف او حقائقها تعيش معنا إلا ان يرث الله الارض وما عليها ، وسيبقى حالنا السياسي في ذكرى كل كسوف او خسوف كما هو عليه حيث لاجديد في الاخبار إلا من سرقات اخرى، وطبعا من المؤكد انها ستتجاوز هذه المرة سرقة القمر والشمس والوطن، إنهم يسرقون روحنا.

هناك اسطورة جميلة سمعتها في صغري وتقول بما معناه:" كان للشمس بنات وللقمر أولاد، ودايما يعملوا مشاكل مع بعض، القمر الخبيث أقنع الشمس أنه علاقتهم عم تخرب بسبب الأولاد ومشاكلهم، ولازم يتخلصلوا منهم، قامت الشمس جمعت بناتها في كيس وتخلصت منهم، جاء دور القمر: قالها بعد ما صفن وبنج، بما إنه بناتك راحوا أولادي ما رح يتقاتلوا مع حد ولا رح يعملوا مشاكل، وأخلف بوعده، ومن يومها الشمس بتتحلف للقمر وبتحاول تقضي عليه، لذلك بطلعوا الناس العقال والمحترمين في بعض الشعوب والحضارات يقنعوها تبعد عنه وتسامحه" ، وأثناء مطاردة الشمس للقمر يحدث الكسوف للشمس والخسوف للقمر.

اسطورة سمعتها زمان مش عارف متى، لكني متأكد إنها قصتها مثل قصة أكلت يوم أكل الثور الابيض ومثل قصة غصن الزيتون بيد والبندقية بيد، ضحكوا علينا وسرقونا، ولسة بتذكرها مع كل كسوف وخسوف.



#مهند_طلال_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب، نحو صياغة رواية تاريخية للنكبة
- قمرٌ وضّاء
- الجنة تحت اقدام الامهات
- عندما ينصفك التاريخ
- عندما يتكلم الشعراء!
- حتى أنت يا بروتس!
- النسيان
- يوميات حصار بيروت، جميل هلال
- مصطفى ذيب خليل -ابو طعان-
- خالد وابو خالد؛ الخطأ والخطيئة
- خليل الجمل، اول فدائي لبناني في الثورة الفلسطينية
- رسالة تشبه الوصية
- هوية تحت راية الحرية
- المجموعة 778 رواية للكاتب توفيق فياض
- مرافىء الذاكرة، حوار مع بهجت ابو غربية..سليم النجار
- دير ياسين؛ المجزرة التي انجبت ذاكرة وجامعة
- مدينة الله .. رواية لحسن حميد
- عندما يعود الشهداء!!
- المَثل الشعبي الفلسطيني
- إقرأ


المزيد.....




- لافروف يتحدث عن المقترحات الدولية حول المساعدة في التحقيق به ...
- لتجنب الخرف.. احذر 3 عوامل تؤثر على -نقطة ضعف- الدماغ
- ماذا نعرف عن المشتبه بهم في هجوم موسكو؟
- البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام 12 سجينة في طقس -خميس العهد- ...
- لجنة التحقيق الروسية: تلقينا أدلة على وجود صلات بين إرهابيي ...
- لجنة التحقيق الروسية.. ثبوت التورط الأوكراني بهجوم كروكوس
- الجزائر تعين قنصلين جديدين في وجدة والدار البيضاء المغربيتين ...
- استمرار غارات الاحتلال والاشتباكات بمحيط مجمع الشفاء لليوم ا ...
- حماس تطالب بآلية تنفيذية دولية لضمان إدخال المساعدات لغزة
- لم يتمالك دموعه.. غزي مصاب يناشد لإخراج والده المحاصر قرب -ا ...


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - مهند طلال الاخرس - كرستوفر كولمبوس سارق القمر والتاريخ