أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - عباس علي العلي - إشكاليات العمل المدني بين الجماهير















المزيد.....

إشكاليات العمل المدني بين الجماهير


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5908 - 2018 / 6 / 19 - 18:59
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


من خلال التجربة التي عشتها كناشط مدني يسعى لبلورة مشروع جامع وطني موحد يتخذ من الإيمان بالتحول المدني الأجتماعي طريقا لبناء دولة حديثة ذات نظام سياسي مستقر ومجتمع متفاعل خارج عن تفاعلات الواقع الراهن بما فيه من علائق تاريخية وأجتماعية مورثة، هو حالة عدم القدرة على فهم تخلف القوى المدنية من الأنضواء تحت مشروع واحد بدل التشظي والتفرق وظهور ما يسمى بظاهرة تعدد الرؤوس مع وحدة الهدف وتماثل الفكرة بينهما، الحقيقية هناك أمر محير عندما تطرح مشروعا طموحا خلاقا واسعا ومستوعبا كل الإشكاليات والمعوقات التي تعترض طريقنا نحو التجديد والبناء نرى عزوفا غير مبرر وتساهلا لحد السذاجة في تناول الطروحات الفكرية وتجاهلها، بينما ينجح السياسيون التقليديون في طرح أفكارهم والتي غالبا لا تتماهى لا مع حاجات المجتمع ولا تنتمي لهمومه، وأيضا يعلم السياسي والشعبي أنها مجرد شعارات للوصول للسلطة أو تأكيد للوجود الدائم فيها، إذا هناك مشكلة حقيقية لا بد من البحث عنها وتشخيصها ثم تجاوزها في العمل المستقبلي الذي يضمن للوجود المدني حضور فاعل ومنتج في وسطه الطبيعي بين الناس.
مشكلات التنظيم في الوسط المدني أن القائمين على المبادرات الداعية إلى هذا الفكر ومن خلال طرح أساسيات التنظيم وهو المشروع السياسي والفكري له، لا يلتفتوا إلى نقطة مهمة أن المدنيون عموما ليسوا متأدلجين ولا يمكن جمعهم تحت أيديولجية محددة، بل الغالب فيهم هو التيار الليبرالي الذي يسعى للأنعتاق من أرتباطات السياسة والتنظيم، لذا فهم عادة ما يطرحون فكرة أنهم مع الهدف الذي يجسد لهم مبدأ الحقوق والواجبات وحدود المواطنة والمشاركة الواسعة للمجتمع في صنع القرار الأجتماعي، فهم أيضا لا يفرضون حلول تنظيرية قبل الشروع في العمل الجدي وخوض التجربة عن قرب، لذا فوضع برنامج طويل وعريض من الحلول والأفكار التي يرى فيه الدعاة المدنيون رؤية متكاملة لا يمكن تنفيذها ولا يمكن الأتفاق عليها ، لذا لا نجد هذا الحماس الضروري واللازم للأنخراط في العمل الميداني، وبدلا من ذلك لا بد من البناء على فكرة واحدة جامعة تؤسس لعمل مشترك جماعي عام ثم أنتظار تطورات هذا العمل وكيفية إدارته لتكوين الخبرة والرابط الضروري قبل المباشرة بطرح أستراتيجية لا أول لها ولا أخر والنتيجة المتوقعة أننا عاجزون أن نجتمع حولها أو ننفذ جزء بسيط منها، مما يشكل علينا عبء أضافي وفشل متوقع لا محالة منه.
من دراسة المصرية الشعبية والتي كثيرا ما أنبهرنا بأدائها ونجاحها دون أن ندرس أسباب النجاح والعلل التي ساندتها في تحقيق الهدف، والتي نجحت بإسقاط نظامين خلال سنه واحدة لم تعتمد ما يعتمده المدنيون العراقيون من وضع خطط وبرامج لا اول لها ولا أخر، ولكنهم أجتمعوا على فكرة جامعة واحدة تستقطب الجميع وفيها يتشاركون الأهداف بالرغم من التفاوت الفكري أو العقائدي وحتى النفسي، الكلمة الأولى كانت ضد حسني مبارك أختصورها بكلمة (كفاية)، كفاية فساد... كفاية توريث... كفاية تمسك بالسلطة... كفاية سرقات... كفاية فساد ... الخ، نجحوا بتجميع العالم من حولهم، لم يضعوا برامج سياسية ولم بنظروا لحلول أعجازية في الخيال، في المرحلة اللاحقة أيام محمد مرسي كان شعارهم أيضا من كلمة واحدة (أرحل) رفضا لأسلمة مصر المسلمة أصلا أي رفضا لما يعتبره الكثيرون (أخونة المجتمع المصري والعودة به إلى أيام دولة بني أمية أو بني العباس)، أو ديننة المجتمع المتسامح دينيا المتألف مع ذاته وم مختلف الأديان والذي يعتز من جهة أخرى بشخصيته ومدنيته، هكذا نجحوا دون أن يكتبوا قائمة طويلة وعريضة من الأفكار والوعود التي لا تنجح دولة مستقرة ونظام فاعل في أتمامها وتحقيقها، لذلك أغلب الذين يقرأون ما يكتب بالبيانات السياسية والفكرية واثقين أن كل ذلك مجرد كلام لا أمل في نجاحه أو تنفيذه.
العمل المدني الليبرالي الذي يعتمد قيم الأدارة وقوانينها بدل قوانين السلطة الحاكمة ومفاهيمنا الخاصة والعامة عنها، لا يمكن أن يعود مرة أخرى لذات المفاهيم التي يسعى لنقضها وإبدالها، الفكرة المدنية في واحد من وجوهها أن تترك للمجتمع المدني المنظم والذي يعمل تحت مفاهيم المسؤولية الجمعية عليه هو أن يعمل على إيجاد الحلول والأجابات على المشاكل الأجتماعية التي تعترضه وليس من خلال الوصاية المسبقة عليه، المجتمع المدني مجتمع مبدع وخلاق يصنع وجوده بوجوده ومن خلال التجربة والفعل المشارك في أستخلاص النتائج والعبر والدروس، فلا مجال لرسم حدود أو خريطة طريق سابقة له وإلزامه بها، (دعه يعمل دعه ينتج دعه يعيش حر) ليكن هذا الشعار الذي نعتمده في مسيرة البناء والتجديد، وأن لا نعود للتفكير القديم والذي أورثنا هذا الكم من الإشكالات المستعصية في كل المجالات من خلال فرض رؤى وأستراتيجيات صنعت في مخيلة القادة دون أن تلامس حقيقة المجتمع ومشاكله ورؤيته لها.
المشكلة الأخرى التي يعاني منها المدنيون في مجتمع تقليدي لم يستوعب بعد هول الصدمة من خيبته التي نتجت عن خياراته الأستراتيجية عندما قدم أصحاب الفكر الديني وشعار الإسلام هو الحل، أنهم لم يقدموا فكرتهم ناضجة ومميزة وغير مختلطة مع مفاهيم أخرى مثل الليبرالية الغربية والعلمانية السياسية، هذا المجتمع المصدوم بالحلول القطعية لم يملك بعد الوعي اللازم للتفريق بين تلك المفاهيم والفلسفات المطروحة ويتصورها أسماء متعددة لمسمى واحد هو الخروج الحتمي عن جلده الديني والعقيدي، وكأن المدنيون يطلبون منه الأختيار بين الإيمان والكفر، هذه النقطة الهامة والحساسة لا بد من العمل على توضيحها للناس من أن المدنية نظام إداري لتيسير دفة عمل الدولة ومؤسساتها ولا علاقة له بالمعتقد الديني ولا بما يختاره الأفراد من خصوصيات، المدنية بالأخر تعني التبادل الضروري والأمن للسلطة بمفهومها إدارة تعمل على تنظيم شؤون المجتمع وفقا للقانون وليس أكثر من ذلك.
إن مشكلة تعثر الجهد المدني في الأنتشار بين طبقات المجتمع لها أسباب نفسية في الغالب، وأسباب فكرية تتعلق في فشل القادة المدنيون في طرح المدنية كخيار حر ينقذ المجتمع من تسلط الفكر الأيديولوجي المقنن والمنغلق على ذاته، وعلى هذه النقطة يجب التركيز في طرح الفكرة المدنية بأعتبارها تحرر الإنسان والمجتمع من قناع يراد لها أن يتلبس العقل البشري ويعيد صياغة مفاهيم الحرية بتكريس حرية الأيديولوجية بدل حرية الفرد والمجتمع، هذا التناقض الذي سد الطريق أمام الإنسان في إعادة أكتشاف ذاته ومن ثم البحث عن خيارات أكثر ومفاهيم أوسع حول دور الدين والعقيدة والعرف والأخلاق والقانون في تنظيم شؤونه بما يتناسب مع حركة الزمن والتطور والأنعتاق من حالة العبودية للسلطة حتى لو كانت ناجحة في جزء مهم من وظيفتها، لأن النجاح النسبي لا يشكل علامة صحة دائما إلا إذا رافقه خيار التجديد والحرية والأنسنة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوهام العقل البشري
- الخيارات المفتوحة والأحتمالات المغلقة ح2
- الأحتمالات المفتوحة والخيارات المغلقة.
- طعم الرمان _ فصل من روايتي (النرجس والرمان)
- الحضارة والزمن
- في الأنتظار ليلة سماوية
- الأمل حين يتأخر _فصل من روايتي (النرجس والرمان).
- تجديد بيت أبو رمانة _ فصل من روايتي (النرجس والرمان).
- عصافير شجرة الرمان _فصل من روايتي (النرجس والرمان)
- يوم الحصاد _ فصل من روايتي (النرجس والرمان).
- تمدد الجذور _فصل من روايتي (النرجس والرمان).
- رمان حلو ... رمان حامض _ فصل من روايتي (النرجس والرمان)
- تجمع النوارس _فصل من روايتي (النرجس والرمان)
- عش الطائر الغريب _ فصل من روايتي (النرجس والرمان)
- العراق ساحة الصراع القادمة بين إيران وأعدائها ح1
- زهر النرجس والجلنار _ فصل من روايتي (النرجس والرمان)
- ربيع النرجس والرمان _ فصل من روايتي (النرجس والرمان)
- الإيمان الممدوح والتدين المذموم
- البديل الممتهج لإدارة الأصلاح والتغيير في العراق
- العلمانية وموقف الرفض المسبق للأفكار المنافسة


المزيد.....




- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - عباس علي العلي - إشكاليات العمل المدني بين الجماهير