أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - أوهام العقل البشري















المزيد.....

أوهام العقل البشري


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5905 - 2018 / 6 / 16 - 17:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يسأل سائل عن معنى العقل بعيدا عن ضببيات التعاريف والتمنطق اللغوي الذي يخرجك من سؤال لمجموعة تساؤلات أكبر دون أن تحرز ما تريد، فالعقل مرة يوصف بأنه نشاط الدماغ والشبكة الحسية والعصبونية إذا عملت وفق منطق عملها الأصلي، وبالتالي فكل من يحمل هذا العضو المادي البيولوجي فهو عاقل إبتدأ ما لم يصيب هذا الجهاز عطل أو عطب يجعله غير قادر علة الفعل والإنفعال، هنا قد يكون الجواب فيه شيء من الواقعية المبسطة ولكن حينما ننظر لكائنات الأخرى الحية والتي لديها نفس الجهاز ونفس الوظائف نجدها وحسب تعبيرنا غير عاقة أو عجماء وبالتالي فالعقل ميزة خاصة للدماغ البشري أنفرد به وتفرد على نحو ما.
الحقيقة التي تجاهلها الكثير أن لكل دماغ في كل كائن طريقة خاصة في الحس والإدراك والأنتاج تتكيف وتتكون حسب طبيعة وإحتياجات هذا الكائن، وأفتراضا بناء على تعريف العقل السابق أن لكل كائن في الوجود طريقة تعقل خاصة به، بل أجزم أن لكل موجود في الوجود حتى لو كان جمادا عقلا خاصا به ليس بمعنى طريقة التفكير والفعل وما نعرفه من ظاهرية ومظاهر العقل عندنا، ولكن طبيعة وجوده المحكومة بقوانين الوجود، مثلا الحجارة التي هي جزء من الوجود الجامد والتي نظن أنها لا تتصرف ولا تفعل ذاتيا بوجودها المحض، لها وعليها سلوك خاص يتلائم مع كونيتها ووظيفتها في الوجود الشامل، فلا يمكن أن تخالف هذه الوظيفة ليس بأعتبارها عاقة كما نفهم العقل نحن بل لأنها محكومة بوعيها الخاص وخاضعة لقانون الوجود، فهي منفعلة به فقط، وبالتالي فهي كما يظن الجميع لا تملك خصيصة أو فعل خاص بها، ولكن لو تركنا مفاهيمنا الخاصة بنا وتعمقنا بوجودها المحض هي لا تنفعل بالمؤثر الخارجي فقط لأنه سلبية تماما ولكن تنفعل بهذا المؤثر لأنها مهيأ أصلا ومكيفة لتكون وفق هذا الدور الوجودي.
إذا العقل هو مجموعة العلائق والروابط الحسية والأعتبارية التي تجعل الكائن فاعلا ومنفعلا بوجوده، وهذا المعنى يخرج العقل من كونه جوهر كما يصفه البعض أو أنه أستجابة لوجود عضوي في البنية البيولوجية والفسيولوجية له، إنه النظام الذي يربط الكائن بما حولة في عملية معادلة جدلية طرفيها فاعل ومفعول، حاس ومحسوس فعل ومفعول، وبذلك يخرج من التقيميات المادية إلى كونه جزء من الطبيعة وجزء من الوجود الضروري طالما أنه متحرك وفاعل ومنفعل به، هنا يصح أن نقول أن الكون كله عاقل بالشمول النسبي لأنه منقاد لطبيعته ومناقد للمهيأة الأصلية لعلة التكوين، فلا وجود لعقل متطور وعقل متخلف ولكن هناك نقص في التفاعل وهناك زيادة في قوة الفعل التعقلي، وإلا فالعقل واحد متساوي في نقطة الشروع الأولى له.
إذا لو خصصنا الإشارة للإنسان ونحن جزء من هذا العالم ونتصف به سيكون العقل العقل البشري واحد، ولم يتطور ككيفية أو تكوين بمعنى أن يتغير مع الزمن في أداء وظائفه ليكون مختلفا عن الذي سبقه بالكوين، ولكنه بالتأكيد تضخم ونمى وظيفيا بما تحصل عليه تراكم ثر وفاعل عبر الزمن ليكون أسرع في عملياته وأكثر أنتاجا في المحصلة، العقل القديم قبل أن يكون كما هو الآن كان عقلا أقتحاميا إبداعيا من دون مقدمات تتوفر عليها البيئة اليوم، لذا فهو سبق واقعه وأبتكر وأبدع من غير أن يكون له ما متوفر الآن من معطيات ومقدمات وأسس، أما عقل اليوم فهو عقل توظيفي للخبرة والتراكم المتوفر وسخر الموجود ليصل للمفقود جهلا أو تجاهلا، العقل الأول لو أتخذنا معيارا حقيقيا لأبداعاته هو الأعظم من عقل الحاضر والأكثر قدرة على الأبتكار والكشف، وأكثر قدرة على تعرية المجهول أو المتخفي لأنه وبأدواته البسيطة المتوفرة صنع هذا العقل الذي نفتخر به اليوم والذي يسمي العقل المبدع القديم بـ (العقل البدائي) أستعلاء وتكبرا.
العقل بالنهاية لا يعمل دون محيط ولا يتماهى إلا مع وجود بحاجة لتفسير ولو أفترضنا مثلا أن الوجود الذي نعيش فيه لا يختزن الأسرار ولا يحتاج لتفسيرات وتنعدم فيه الإشكاليات التي تدفع الإنسان من خلال العقل لأن يبحث ويحاول فك الرموز، هل من الممكن أن نتصور حركة العقل كما هي الأن أو كما ينفعل العقل مه هذا الوجود المستفز له، بالتأكيد الجواب لا يمكن أن تكون للعقل قيمة ولا للفكر الناتج دور، أو قد يتصرف العقل لطبيعته الجدلية للبحث عن ما لا لزوم له أو لا حاجة له به أي يتحول إلى الكشف العبثي أو لمجرد أنه يبتدع أشياء غير موجوده لأشغال نفسه بها، إذن العقل الذي نشير له هو جزء من حركة الوجود وغير منفصل عنها بكل ما في هذا الوجود من حركة إشكالية أو ضرورات المهايأة والتوافق معه.
نعود لعنوان المقالة وهي أوهام العقل البشري والتي كثيرا ما ظهرت من خلال تعامله مع معطيات وإشكاليات وجودية، وأوهام العقل هي المفردات التي أنتجها أو أمن بها أو وضعها موضع الأستخدام دون أن تكون حقيقية ولكنها أيضا ضرورية من جهة أخرى للوصول إلى مفاهيم بحاجة إلى محدد، من هذه الأوهام قضية المطلق والعدم بمفهوميهما المعرفي والفلسفي والوضعي، فالمطلق مصطلح أو مفهوم أبتكره العقل للإشارة إلى كل ما هو خارج التحديد الشيئي أو الوصفي، بمعنى أنه أحالة إلى صورة لا يمكن السيطرة عليها أو قياسها أو حتى إدراكها ذهنيا بالفعل، ليبرر مثلا مفهوم المحدود والنسبي، أما العدم فلا يمكن أن يكون خارج مفهوم المطلق التصوري الذهني، فهو صورة للتنقيض فقط على أن الوجود الذي نعيشه له جانب ضدي أو مناقض، والحقيقة أن الإنسان لليوم لم يدرك ولم يصل إلى تنميط هذا العدم أو بلورة صورة تعريفية له، لأنه أساسا عندما يحاول سيستخدم مفردات وجودية لأثيات واقع غير وجودي وهنا تكمن الأزمة.
العدم إذا يحتاج لمعايير تناسبه وتستل من واقعه وبما أن واقعه محال على العقل البشري أن يدركها بوسائله الوجودية فبقى الأمر من غير تحديد، وبقت صورة العدم في الذهن مجرد صورة لا وجودية لا يمكن لا إثباتها ولا نستطيع نفيها، لأنها أصلا منفية بقياستنا للأشياء الوجودية، المطلق يعاني نفس الإشكالية ويخضع لنفس المنطق لأننا لا نملك أن نميزه خارج الوجود المحدود الذي نعيشه أو نتماهى معه، ولو أردنا أن نحدد للمطلق صورة علينا أن نخرج من محدوديتنا وهذا يستوجب منا أما أن نكون جزء من المطلق أو مطلق أخر، وحيث أن المطلق واحد لا يتعدد وأن المطلق كلي لا يتجزأ أصبح سعينا فيه مثل محاولة العيش في العدم حتى نستطيع أن نعط صورة حسية عنه.
هذه الأوهام العقلية ليست عيبا ولا نقصا في قدرة العقل على التجسيد بل أحدى وسائله العملية للوصول لقضايا إشكالية أحادية الجانب لا تفهم إلا بوجود قرين أو ضد نوعي، فالمسألة إذن مسألة تسخيرية توظيفية هدفها الكشف على واقع أستندنا أبتدأ به على أنه ثنيوي، والحقيقة أنه حتى الثنوية وهم أخر لوصف حالة واحدة تتحرك ضمن قانون واحد بمظاهر متعددة، أبتدع العقل لها الحدين لينجح في تقسيم الحركة الوجودية للأشياء إلى التميز البسيط بين النقيض ونقيضه، ولكن من خلال أعطاء هذه التحولات الجارية في الوجود صفتين أما وأما، دون أن يحدد أن الأما والأما هما واحد متحول غير مستقل بذاته، فمثلا الحرارة في الأجسام ليست حالة مستقرة ومنفصلة قائمة بذاتها لذاتها لتكون ندا للبرودة التي هي من المفترض أن تكون مناقضة لها، ولكن كلاهما ناتج عن حركة العامة وسرعة هذه الحركة وتفاعلاتها الذاتية، فالبرودة والحرارة في الأجسام حالة مؤقتة وغير أصيلة وطارئة نتيجة تبدل في وضع المادة نفسها.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخيارات المفتوحة والأحتمالات المغلقة ح2
- الأحتمالات المفتوحة والخيارات المغلقة.
- طعم الرمان _ فصل من روايتي (النرجس والرمان)
- الحضارة والزمن
- في الأنتظار ليلة سماوية
- الأمل حين يتأخر _فصل من روايتي (النرجس والرمان).
- تجديد بيت أبو رمانة _ فصل من روايتي (النرجس والرمان).
- عصافير شجرة الرمان _فصل من روايتي (النرجس والرمان)
- يوم الحصاد _ فصل من روايتي (النرجس والرمان).
- تمدد الجذور _فصل من روايتي (النرجس والرمان).
- رمان حلو ... رمان حامض _ فصل من روايتي (النرجس والرمان)
- تجمع النوارس _فصل من روايتي (النرجس والرمان)
- عش الطائر الغريب _ فصل من روايتي (النرجس والرمان)
- العراق ساحة الصراع القادمة بين إيران وأعدائها ح1
- زهر النرجس والجلنار _ فصل من روايتي (النرجس والرمان)
- ربيع النرجس والرمان _ فصل من روايتي (النرجس والرمان)
- الإيمان الممدوح والتدين المذموم
- البديل الممتهج لإدارة الأصلاح والتغيير في العراق
- العلمانية وموقف الرفض المسبق للأفكار المنافسة
- أهمية مشروع الدين وأرتباطه بالتحولات الزمنية الكونية


المزيد.....




- أطلقوا 41 رصاصة.. كاميرا ترصد سيدة تنجو من الموت في غرفتها أ ...
- إسرائيل.. اعتراض -هدف مشبوه- أطلق من جنوب لبنان (صور + فيدي ...
- ستوكهولم تعترف بتجنيد سفارة كييف المرتزقة في السويد
- إسرائيل -تتخذ خطوات فعلية- لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم ...
- الثقب الأسود الهائل في درب التبانة مزنّر بمجالات مغناطيسية ق ...
- فرنسا ـ تبني قرار يندد بـ -القمع الدامي والقاتل- لجزائريين ب ...
- الجمعية الوطنية الفرنسية تتبنى قرارا يندد بـ -القمع الدامي و ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن أخفت عن روسيا معلومات عن هجوم -كروكو ...
- الجيش الإسرائيلي: القضاء على 200 مسلح في منطقة مستشفى الشفاء ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 11 ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - أوهام العقل البشري